التداعيات المحتملة لمقتل أيمن الظواهري على القاعدة وداعش
إعداد: مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية
حملت عملية اغتيال “الظواهري” العديد من الدلالات اللافتة، سواءً على مستوى حالة الهشاشة والضعف التي يعاني منها التنظيم في الفترات الأخيرة، أو على مستوى احتمالية لعب حركة طالبان لدور في العملية، فضلاً عن أنها ستحمل العديد من الارتدادات والتداعيات المهمة سواءً على مستوى البناء الداخلي والنشاط العملياتي له، أو على مستوى علاقته بالعديد من الأطراف، وهي التداعيات التي يمكن تناولها على النحو التالي:
أولاً- تأزم قاعدي داخلي وصدام محتمل مع طالبان
يعاني تنظيم القاعدة في السنوات الأخيرة من تراجع لجاذبيته وحضوره في المشهد الجهادي العالمي، في مقابل صعود تنظيم داعش الذي تصدر المشهد في مرحلة ما بعد 2011، وقد كانت أزمة القيادة التي يعاني منها تنظيم القاعدة، في قلب المسببات التي أوصلته إلى هذه الحالة، فمنذ اغتيال “بن لادن” في 2011، بدأت أزمة القيادة في التفاقم خصوصًا في السنوات الأخيرة، وذلك بسبب اعتبارين رئيسين الأول يتمثل في غياب “الكاريزما” عن الظواهري وعدم قدرته على تأدية الدور المحوري الذي كان يقوم به “بن لادن”، خصوصًا مع أمراض الشيخوخة التي أصابته في السنوات الأخيرة، والثاني يرتبط بتصاعد استهداف قادة التنظيم من الجيل المؤسس أو “حراس التنظيم”، إلى الحد الذي أوجد “محدودية” على مستوى الخيارات البديلة للظواهري، في هذا السياق يُرجح أن تؤدي عملية اغتيال “الظواهري” إلى تفاقم الأزمات البنوية والداخلية للتنظيم، خصوصاً مع تأثيرها المحتمل على معنويات مقاتلي التنظيم، على الأقل في الفرع المركزي.
وفي السياق ذاته يُرجح أن تدفع عملية اغتيال “الظواهري” باتجاه حدوث صدام بين القاعدة وحركة طالبان، وذلك في ضوء النظر إلى طالبان على أنها متورطة في عملية اغتيال “الظواهري”، خصوصًا وأن “الظواهري” كان يقيم في منزل تابع لأحد كبار مساعدي وزير داخلية حكومة طالبان، ما يعني أنه كان في حماية الحركة، ويُرجح صحة هذه الفرضية وجود خلافات داخل طالبان حول المقاربة الأمثل للتعامل مع تنظيم القاعدة، إذ يقول الجناح السياسي داخل الحركة بضرورة قطع العلاقات مع القاعدة، فيما يتبنى الجناح العسكري الذي تعبر عنه شبكة حقاني، رؤية تقوم على ضرورة استمرار التعاون مع القاعدة، لكن حتى مع افتراض عدم ضلوع الحركة بدور في عملية اغتيال “الظواهري” إلا أنها ستُتهم من قبل تنظيم القاعدة بالتقصير في حمايته، وهي اعتبارات تدفع في مجملها باتجاه حدوث صدام بين الطرفين.
سعي داعشي للاستفادة من مقتل “الظواهري”
أشارت تقارير إلى ضلوع تنظيم داعش بدور في عملية اغتيال “الظواهري” على اعتبار أنه المستفيد الأكبر من هذه العملية، وأشارت التقارير إلى أن “شهاب المهاجر” زعيم داعش خراسان، أرسل منذ عام 2020 “خطاب ولاء إلى الظواهري ملوثاً بمواد كيميائية يمكن من خلالها تعقُّب قائد القاعدة”. ووفقاً لهذه التقارير التي نشرها موقع “أخبار الآن”، فإن “الظواهري” فور تلقيه هذه الرسالة “أدرك أن الولايات المتحدة حددت موقعه، وبدأت تحاول استهدافه”؛ ما دفعه إلى تغيير مكان إقامته. وتعكس هذه الفرضية، خصوصاً حال صحتها، إدراك داعش وجود أوجه استفادة متعددة من الإطاحة بـ”الظواهري”.
ويتجسد مسعى داعش للاستفادة من عملية اغتيال “الظواهري” في ضوء بعض المؤشرات، فعقب العملية العسكرية شهدت العاصمة كابول انفجاراً كبيراً استهدف تجمعاً شيعياً لطائفة الهزارة احتفالاً بيوم عاشوراء؛ ما أدى إلى مقتل ثمانية أشخاص، فيما أعلن التنظيم في مجلة النبأ الخاصة به عن تبنيه الحادث. وفي سياق متصل، أعلن في يوم 8 أغسطس 2022 عن اغتيال “عمر خالد الخراساني” زعيم تنظيم طالبان باكستان، إثر تفجير لغم أرضي في سيارته، أثناء وجوده في الأراضي الأفغانية، وبشكل عام سوف يسعى تنظيم داعش إلى استغلال مقتل “الظواهري” من أجل تعزيز حضوره في أفغانستان خصوصاً مع النشاط الكبير لـ “ولاية خراسان”، كذلك يراهن التنظيم على الانعكاسات السلبية للعملية على قواعد ومقاتلي تنظيم القاعدة ما قد يدفع بعض هؤلاء إلى مبايعة داعش، فضلاً عن أن التنظيم من مصلحته حدوث صدام بين القاعدة وطالبان.