إعداد : حسناء تمام
فى أواخر نوفمبر، قُصفت ناقلة نفط مملوكة لإسرائيل، بطائرةٍ مُسيَّرةٍ فى بحر العرب، والسفينة مملوكة لشركة XT Holdings، وهى شركة إسرائيلية، وقال مسؤولون إسرائيليون: إن إيران هى من نفَّذت الهجوم، ووافق جيك سوليفان، مستشار الأمن القومى الأمريكى على ذلك.
وبالرغم من عدم وجود إصابات، ومحدودية الخسائر، فى بحر العرب، لكن الواقعة تشير إلى أن الهدوء فى الأعمال العدائية بين القوى المتنافسة فى الشرق الأوسط قد انتهى، وفى ضوء تجدُّد هذه الأعمال، نسلط الضوء على أبرز التواجدات البحرية فى منطقة بحر العرب، وأهدافها، ودورها فى حالة التنافُس “الإقليمى – البحرى”.
أولًا: تواجُدٌ دولى.. بأهداف متعددة
يبدأ بحر العرب من خليج عدن غربًا إلى خليج عمان شرقًا، وصولًا إلى مضيق هرمز، فى إطار الامتداد الطبيعى للمحيط الهندى..[1]، ويتنوع التواجد العسكرى البحرى الأجنبى فى منطقة بحر العرب، والخليج العربى، ما بين قوات تتبع الولايات المتحدة، وأهم ما يمثلها فى هذه المنطقة، حاملتىْ طائرات، إحداهما: مقاتلة، والأُخرى: هيلكوبتر، متواجدتيْن فى المنطقة بشكلٍ دائمٍ، فضلًا عن التواجد بالعديد من القواعد بالنقاط العسكرية لـ”دول منطقة الخليج، وحلف الناتو”، التى يمثلها العديد من الوحدات البحرية المختلفة، كما تتعدد الأهداف التى تتبنَّاها القوى الأجنبية المتواجدة، وتتعارض على نحوٍ كبيرٍ، بالشكل الذى يجعل بحر العرب مساحة نفوذٍ بحرىٍّ –بالأساس- بين القوى الدولية، نشير إلى أبرز هذه القوى، و أهدافها، فيما يلى:
حماية الملاحة الدولية: حيث اقترحت الولايات، فى يوليو 2019، إنشاء تحالفٍ، ينص على أن يُؤَمّنَّ كُلُّ بلدٍ مرافقةً عسكريةً لسفنه، بدعم الجيش الأمريكى، الذى سيتولَّى الرقابة الجوية فى المنطقة، وقيادة العمليات، ونسَّقت معها دول إقليمية وغير إقليمية، وبالفعل، توصَّلت الولايات المتحدة لحشْد الدعم لخطتها فى تشكيل قوة “بحرية – دولية”.
ونجحت فى تشكيل فريق عملٍ جديدٍ متعدد الجنسيات لمنطقة البحر الأحمر؛ لزيادة التنسيق مع القوات “البحرية – الإقليمية”، والردع ضد الأنشطة غير القانونية؛ حيث يشكِّل التهريب والهجمات الصاروخية مصدر قلقٍ كبيرٍ للتجارة العالمية، وللقوات الأمريكية تواجُدٌ متنوعٌ فى المنطقة.
وبحسب صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، في تقريرٍ لها، صدر فى يناير 2022، أن تقريرًا سريًّا للأمم المتحدة، خَلُصَ إلى أن آلاف قاذفات الصواريخ والرشاشات وبنادق القناصة، وغيرها من الأسلحة التى صادرتها “البحرية – الأمريكية”، بالأشهر الأخيرة، فى بحر العرب، قد يكون مصدرها ميناء واحد فى إيران.
الاستخدام الإيرانى للموقف فى ملفات متعددة: إذ تحرص إيران على التواجد فى مياه بحر العرب؛ لاستخدامها فى مجابهة أىِّ تهديدات تتعرض لها من قِبَلِ الوحدات البحرية الأجنية المختلفة، المتواجدة فى بحر العرب والخليج، وذلك من خلال تنفيذ العديد من المناورات البحرية، والاستفادة من هذه الجاهزية.
من جهةٍ أُخرى، يتم استخدامها فى الضغط على الملف النووى، كشف موقع”أكسيوس” الأمريكى، فى 23 مارس 2022، أن المسؤولين الإيرانيين رفضوا الالتزام علنًا بخفْض التصعيد فى المنطقة، وهو شرط أمريكى؛ لإزالة الحرس الثورى الإيرانى من قائمة الإرهاب؛ ما يعنى أن هناك ارتباطًا بين العمل بالملف الإيرانى النووى فى التوصل للتسوية، وبين التصعيد فى بحر العرب، وعلاقة عكسية بين الأمريْن.
ومن سبتمبر 2015، وحتى يونيو 2022، نفَّذت القوات البحرية الدولية ما لا يقل عن 12 اعتراضًا بحريًّا لشحنات الأسلحة الإيرانية، التى يُعتقد أنها كانت متجهةً إلى الحوثيين فى اليمن[2].
تطلُّعات إسرائيلية: يردُّ الجانب الإيرانى: بأن تواجده؛ هدفه: هو مجابهة أىِّ تحرُّكاتٍ إسرائيليةٍ محتملةٍ فى المنطقة، ومن هذه المحاولات، سعى الأمين العام لمجلس الأمن الوطنى الأعلى فى إيران، على شمخانى، تحميل وجود إسرائيل – من خلال قطع بحرية وإن كانت تجارية- مسؤولية المشاكل البحرية الأخيرة، وذلك فى شهر أغسطس الماضى، وفى أعقاب الهجوم على الناقلة ميرسر ستريت، التى تديرها إسرائيل فى بحر العرب، قبالة ساحل عمان.
كما اتهم المسؤولون الإيرانيون الولايات المتحدة وحلفاءها، باختلاق “حوادث” بحرية غير حقيقية، وفى الوقت ذاته، تزايدت تصريحات إسرائيل، عن مشاركتها فى مناورات بحرية، وفى يونيو السابق، كشفت إسرائيل مؤخرًا، عن مشاركة قطع بحرية وغواصة فى المناورات بالبحر الأحمر، لكن يؤكد مختصون فى ردٍّ على هذه الأطروحة بالجزْم، بأنه لا تواجد بحرى إسرائيلى فى منطقة بحر العرب، سوى بصورة مراقب[3].
القوة الأوروبية لمكافحة القرصنة:[4] يشارك فى هذه العملية ثمانى دول أوروبية، هى “ألمانيا، وبلجيكا، وفرنسا، واليونان، وهولندا، وبريطانيا، والسويد”، وقد حلّت هذه العملية – التى أطلق عليها اسم “يوناف فود أتلانتا”- منذ 8 ديسمبر 2008، محل العملية التى قام بها حلف شمال الأطلسى “الناتو” منذ نهاية شهر أكتوبر 2008، وترتكز مهمتها، على القيام بحراسة السفن التجارية، وتنظيم دوريات فى بحر العرب، وخليج عدن، ومياه المحيط الهندى، القريبة من السواحل الصومالية، فى منطقة، تبْلُغ مساحتها الإجمالية، مليون كم، وذلك بتصريحٍ من الصومال، التى سمحت لسفن الاتحاد الأوروبى بمحاربة القراصنة، قبالة سواحلها.
وأهم ما يُذكر فى تنوُّع التواجد، القوة البحرية المشتركة “CMF” ، هو تحالف دائم لقوات متعددة الجنسيات، ملتزم بدعم النظام الدولى، المستند إلى القواعد، من خلال مكافحة الجهات الفاعلة غير المشروعة، والتى لا تمثل أى دولة فى أعالى البحار؛ لتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار.
والتى تتكون من قوة العمل المشتركة 150 (CTF-150) – المختصة الأمن البحرى ومكافحة الارهاب، بجانب قوة العمل المشتركة 151 (CTF-151) – المعنية بمكافحة القرصنة، وقوة العمل المشتركة 152 (CTF-152) – المعنية بالتعاون الأمنى فى الخليج العربى، وقوة العمل المشتركة 153 (CTF-153) – التعاون الأمنى فى البحر الأحمر وخليج عدن (بقيادة مصر، وقد تشكَّلت فى أبريل 2022)
ثانيًا: الباب الخلفى للضغط الإيرانى من أجل التسوية
مما سبق نلاحظ، أن بحر العرب هو مساحة لاستعراض النفوذ، وحماية المصالح من ناحيةٍ أُخرى، ومن ثمَّ فالتواجد فيه بحدِّ ذاته، ورقة مناورة، يستخدمها الأطراف؛ من أجل الضغط لخدمة مواقفهم ومصالحهم، والفاعل الحقيقى فى هذه المساحة هو المصلحة؛ ما يجعلها منطقة نفوذٍ تنافسيةٍ، وهو التنافس الذى قد يؤدى إلى التصادُم بين الفاعلين من وقتٍ لآخرٍ.
وبالنظر إلى تواجد القوى الدولية المختلفة فيه، نجد أن هذا يدفع إيران لتتحرك بالقيام بأعمال عدائية، تجاه هذه الدول؛ لتحفيز تواجدها، وتنشيط المناورات بمثل هذا التواجد فى المنطقة؛ لكوْنها تحديًا أساسيًّا لإيران؛ لأنها مجابهة لمضيق هرمز، ومجابهة للحدود الإيرانى؛ ما يمثل تهديدًا عسكريًّا دائمًا، يتطلب عملًا عسكريًّا نوعيًّا كل فترة؛ لإثبات قدرتها على مجابهة تلك التحديات، فى كافة الأحوال؛ لذا من المتوقع، أنه مع تزايد حِدَّة التوتُّر “الإيرانى – الإسرائيلى الأمريكى”، أن يصاحبه زيادة فى عدد الهجمات المتبادلة.
المصادر :
[1] https://alislah-ye.net/news_details.php?sid=825&lng=arabic
[4] http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Siasia2/QrsnaBhria/sec11.doc_cvt.htm