المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الشؤون الدولية > كاراكاس في مفترق طريق: دوافع التصعيد الأمريكي في فنزويلا والسيناريوهات المحتملة
كاراكاس في مفترق طريق: دوافع التصعيد الأمريكي في فنزويلا والسيناريوهات المحتملة
- ديسمبر 5, 2025
- Posted by: Maram Akram
- Category: تقارير وملفات وحدة الشؤون الدولية
لا توجد تعليقات

إعداد: أكرم السيد
باحث مساعد في وحدة الشؤون الدولية
تشهد العلاقات بين الولايات المتحدة وفنزويلا مرحلة حادة من التوترات، حيث تمثل امتدادًا لصراع طويل الأمد حول النفوذ السياسي والاقتصادي في المنطقة. وجاء التصعيد الأخير في ظل سياسة أمريكية تعتمد على مزيج من الضغط العسكري والتهديد بمزيدٍ منه في محاولة لإجبار النظام الفنزويلي على التراجع عن مواقفه أو إعادة تشكيل المشهد الداخلي وفق مصالح واشنطن. في الوقت ذاته، تحاول كاراكاس بقيادة نيكولاس مادورو الموازنة بين مواجهة الضغوط الخارجية والحفاظ على استقرارها الداخلي، معتمدة على خطاب شعبي وتصريحات رمزية، وفي الوقت نفسه تظل تحركاتها العملية محدودة أمام القوة الأمريكية المتفوقة. في هذا السياق، فإن ثمة حاجة إلى تحليل التصعيد الأمريكي تجاه فنزويلا، بدءًا بالتصعيد العسكري المتزايد وصولا إلى سيناريوهات المرحلة المقبلة، في السياق التالي:-
أولًا: تكثيف التواجد الأمريكي في المنطقة
شهدت الأسابيع الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في النشاط العسكري الأمريكي داخل البحر الكاريبي وحوله، وهو تصعيد يعكس تحوّلًا واضحًا في طريقة تعامل واشنطن مع الأزمة الفنزويلية. فبدلًا من الاكتفاء بالضغط السياسي أو العقوبات الاقتصادية، اتجهت الإدارة الأمريكية إلى استخدام أدوات الردع المباشر ومراكمة القوة بالقرب من السواحل الفنزويلية، في محاولة لإرسال رسالة ردع لحكومة مادورو، وهذا التطور الأكثر وضوحًا يظهر اليوم كأحد أهم ملامح التوتر المتصاعد بين البلدين. في السياق التالي يمكن رصد أهم مظاهر هذا التصعيد:-
1- التطورات العسكرية العامة
بدأت واشنطن خلال الفترة الأخيرة في إعادة تقييم حضورها العسكري في الكاريبي، وزيادة وتيرة الدوريات الجوية والبحرية، ونشر قدرات استخباراتية إضافية في محيط فنزويلا. وهذه التحركات جاءت تحت مبررات متعددة -أمنية وسياسية- لكنها تُقرأ بوضوح كجزء من استراتيجية أوسع لإبقاء فنزويلا تحت ضغط دائم، ومنع أي تحرك إقليمي قد يغير من توازنات القوى داخل أمريكا اللاتينية.
2- الحشود الأمريكية في البحر الكاريبي
شهدت المنطقة البحرية الممتدة بين كولومبيا، والجزر الكاريبية، والساحل الفنزويلي زيادة في التمركز العسكري الأمريكي. وقد شمل ذلك قطع بحرية إضافية، سفن مراقبة، ووحدات خفر السواحل الأمريكية، وهو ما عزز من قدرة واشنطن على متابعة التحركات البحرية الفنزويلية[1]، خصوصًا تلك المتعلقة بالتهريب أو النشاطات شبه العسكرية.و هذه الحشود لم تكن مجرد انتشار روتيني، بل جاءت بوضوح في سياق تحسين القدرة على الردع وفق التعبيرات الأمريكية الرسمية، وهو الأمر الذي رفع منسوب التوتر وفتح الباب أمام احتمالات الاحتكاك المباشر.
3- إطلاق عملية الرمح الجنوبي
أطلقت الولايات المتحدة خلال هذه المرحلة عملية أمنية واسعة حملت أطلق عليها “الرمح الجنوبي” ركزت على مكافحة المخدرات في الكاريبي، وهي العمليات التي دأبت واشنطن على استخدامها كغطاء عسكري يبرر وجودًا قتاليًا بالقرب من فنزويلا. حيث شملت العملية تعزيزًا لحضور المدمرات البحرية، وزيادة التنسيق مع بعض الدول الحليفة في المنطقة، ورفع مستوى الجاهزية الاستخباراتية.
وعلى الرغم من الطابع الرسمي الذي قُدمت به العملية، فإن توقيتها ومسرح تنفيذها جعلاها مرتبطة بشكل مباشر بصاعد التوتر مع حكومة مادورو[2].
4- الضربات العسكرية المتواصلة
شهدت المنطقة بعض الاحتكاكات التي تضمنت اعتراض سفن يشتبه في مشاركتها في تهريب المخدرات، إضافة إلى عمليات استهداف مركبات بحرية يعتقد أنها تعمل لصالح شبكات غير شرعية. ورغم أن هذه العمليات لم تُعلن كلها بالتفصيل، فإنها شكلت رسالة واضحة بأن واشنطن لن تتردد في تنفيذ ضربات محسوبة إذا رأت ذلك ضروريًا لحماية وجودها في المنطقة.
وخلال هذه الاشتباكات، أُعلن في مناسبات مختلفة عن سقوط عدد من القتلى والمصابين، وهو ما زاد من حساسية المشهد وأعاد فتح النقاش حول شرعية هذا المستوى من التدخل العسكري[3].
5- تفويض الاستخبارات بعمليات داخل فنزويلا
صرح ترامب رسميًا أنه منح أجهزة الاستخبارات تفويضًا للقيام بعمليات سرية داخل فنزويلا، ولفت إلى أن من بين الخيارات قيد الدراسة ضرب منشآت مرتبطة بكارتيلات المخدرات، وربما عمليات برية[4]. وهذا الإعلان يشير بوضوح إلى أن الإجراء العسكري لم يعد حكراً على البحر بل يمكن أن يتوسع ليشمل أراضي فنزويلا نفسها، وهو ما يرفع من مستوى التصعيد إلى ما يشبه التحضير لتدخل مباشر.
ثانيًا: تعزيز فكرة القضاء على المخدرات كسبب وحيد للتصعيد
اعتمدت الولايات المتحدة في خطابها الرسمي على رواية مفادها أن التصعيد ضد فنزويلا يرتبط مباشرة بملف مكافحة تهريب المخدرات، وأن فنزويلا -بحسب وصف واشنطن- تحولت إلى مركز لوجستي رئيسي لشبكات التهريب العابرة للحدود. ورغم أن هذا الملف ليس جديدًا في العلاقات الثنائية بينهما، فإن إعادة تضخيمه في هذه المرحلة تحديدًا يثير علامات استفهام حول مصداقية هذا التبرير.
إذ تجدر الإشارة أن الولايات المتحدة على مدار عقود واجهت تحديات كبيرة على صعيد التهريب من دول كبرى مثل كولومبيا والمكسيك، لكنها لم تلجأ تجاهها إلى نفس مستوى التصعيد العسكري أو السياسي أو الخطاب العدائي الذي تستخدمه اليوم ضد كاراكاس.
بالإضافة إلى ما تقدم، تتناقض هذه الرواية كذلك مع حجم التحركات الميدانية والدعوى لإغلاق المجال الجوي لفنزويلا[5]، إذ لا يتناسب نشر حاملات طائرات وإعطاء صلاحيات موسعة للاستخبارات وتنفيذ ضربات بحرية مع عملية “مكافحة تهريب” يمكن التعامل معها عبر التعاون الأمني أو تعزيز جهود الرقابة، كما أن اللغة السياسية للأجندة الأميركية تتجاوز تمامًا مفردات الحرب على المخدرات، وتذهب ضمنيا نحو إسقاط النظام أو منع مادورو من الاستمرار، وهو ما يعكس أن التبرير المعلن لا يُعبر إلا عن جزء صغير من الأجندة الحقيقية.
وإذا ما وضعنا هذه المؤشرات جنبًا إلى جنب، يصبح من الواضح أن واشنطن تستخدم ملف المخدرات كمدخل سياسي مقبول جماهيريًا، لكنه ليس السبب الجوهري وراء حجم التصعيد.
وهذا يقود إلى البحث عن دوافع أعمق وأكثر أهمية لواشنطن، كاالنفط الفنزويلي، والصراع على النفوذ مع إيران داخل النطاق الجغرافي الذي تعتبره واشنطن حديقتها الخلفية، وهو ما يمكن تناوله في السياق التالي:-
النفط الفنزويلي
يمثل النفط الفنزويلي محورًا استراتيجيًا بالغ الحساسية في تفسير السلوك الأميركي. حيث تمتلك فنزويلا أكبر احتياطي نفطي مؤكد في العالم. وفي ظل التوترات العالمية على سوق الطاقة، تعتبر واشنطن هذا الاحتياطي مصدر قوة محتملة لأي حكومة تمنحه لخصوم الولايات المتحدة أو توظفه في تحالفات اقتصادية مضادة.
وكما هو معروف تعد واشنطن تاريخيًا لاعبًا هاما في مصادر الطاقة[6]، وتعتبر أن أي دولة تمتلك هذا الحجم من الموارد ولا تمتلك علاقات جيدة معها فإن ذلك يشكل مصدر تهديد طويل المدى.
حيث أن النظام الفنزويلي بما يمتلكه من علاقات مع روسيا والصين يعد قادرًا، إذا استعاد قطاعه النفطي عافيته، على ضخ كميات كبيرة في السوق يمكن أن تعيد رسم خريطة أسعار النفط العالمي.
وعلى هذا الأساس، يصبح من المنطقي أن تلجأ واشنطن إلى إجراءات تتجاوز مجرد العقوبات الاقتصادية أو الضغط الدبلوماسي، وصولًا إلى الحشد العسكري وتفويض العمليات الاستخبارية، لأن عرقلة دولة نفطية خارج السيطرة الأميركية وتمتلك علاقات جيدة مع منافسي واشنطن، يعد هدفًا بنيويًا لا يقل أهمية عن أي تهديد أمني آخر.
التحركات الإيرانية داخل فنزويلا
يعد التغلغل الإيراني داخل المجال الحيوي الأميركي عبر فنزويلا من أحد مسببات التوتر، حيث تعتبر العلاقات بين طهران وكاراكاس ليست مجرد تعاون عابر، بل تعد أحد أكثر مسارات التعاون الاستراتيجي تحديًا لواشنطن في نصف الكرة الغربي. حيث وجدت إيران في فنزويلا شريكا سياسيًا مستعدًا لفتح أبواب الطاقة والتعاون بشتى صوره أمامها، مما منح طهران موطئ قدم قرب المياه الأميركية، إذ شمل تعاون البلدين تبادل الدعم اللوجستي، وتفعيل خطوط جوية وبحرية، وتوفير خبراء إيرانيين لإعادة تشغيل بعض مصافي النفط الفنزويلية التي تعاني من العقوبات. ومن الناحية الرمزية، فإن وجود إيران في الحديقة الخلفية لواشنطن يعتبر اختراقًا مباشرًا لمفهوم الأمن القومي الأميركي، وتهديدًا سياسيًا قبل أن يكون عسكريًا.حيث ترى واشنطن أن أي تقارب بين فنزويلا وإيران لا يمكن عزله عن الصراعات الأوسع في الشرق الأوسط، وأن طهران تستخدم كاراكاس كنقطة تمركز سياسية واقتصادية تهدف إلى كسر طوق العقوبات، وتصدير نموذج من التعاون مع دول مناوئة للولايات المتحدة.
كما أن التواجد الإيراني يمنح فنزويلا مظلة سياسية تعقد أي محاولة أميركية لإسقاط النظام أو خلق عزلة كاملة حوله[7]. ومن هذا المنظور، فإن التصعيد الأميركي لا يبدو مرتبطًا بالمخدرات فحسب، بل بمحاولة منع إيران من اكتساب نفوذ استراتيجي في منطقة تعتبرها واشنطن محظورة على القوى المنافسة. ومع تعزيز العلاقات بين الدولتين، يصبح المبرر الأميركي حول كارتلات المخدرات مجرد واجهة لاعتبارات جيوسياسية أعمق تتعلق بالسيطرة على المجال الاقليمي وموازين القوى الدولية.
ثالثًا: تحركات فنزويلا
على الرغم من حدة الخطاب الأميركي وتصاعد التهديدات العسكرية والسياسية، فإن تحركات فنزويلا على الجانب الآخر بدت محدودة، بل ويمكن القول إنها أقرب إلى ردود فعل خطابية أكثر منها إجراءات فعلية قادرة على تغيير موازين القوة، حيث أن النظام الفنزويلي اكتفى بإطلاق سلسلة من التصريحات التي تندرج في إطار الخطاب الشعبوي التعبوي، من قبيل التأكيد على الصمود ورفض الاستسلام[8]. لكن هذه اللغة التي تتكرر مع كل موجة ضغط خارجي لا تترافق مع قدرات عسكرية أو تحالفات حقيقية تمكنه من مواجهة أي تدخل أميركي إن حدث.
حيث لا تمتلك فنزويلا الوسائل الفعلية للتصدي لعمل عسكري أميركي، سواء على مستوى الجيش، أو حتى على مستوى الاقتصادي المتردي. وعليه، تبدو تصريحات مادورو حول حماية السيادة مجرد محاولة لرفع الروح المعنوية داخليًا، وليست تعبيرًا عن قدرة ميدانية حقيقية.
على صعيد آخر، فإن الرهان الفنزويلي على الدعم الخارجي، وبشكل خاص من روسيا والصين، يعكس هو الآخر سوء تقدير للواقع الجيوسياسي. فعلى الرغم من أن موسكو وبكين ترتبطان بعلاقات اقتصادية وسياسية مع كاراكاس، وأن كلا البلدين قدما في السابق دعمًا تقنيًا أو تمويلًا محدودًا للالتفاف على العقوبات، لكن تحويل هذا الدعم إلى تدخل مباشر لحماية النظام الفنزويلي من مواجهة مع الولايات المتحدة هو أمر غير وارد عمليًا. فعلى المستوى الروسي، يمكن القول أنها لا تمتلك الرغبة في الدخول في صدام مباشر مع واشنطن على بعد آلاف الكيلومترات من مجالها الحيوي، خصوصًا في ظل انشغالها بصراعات أكثر أهمية في محيطها الأوروبي والآسيوي. أما الصين، فرغم أهميتها الاقتصادية لفنزويلا، فإن سياستها الخارجية تقوم على مبدأ تجنب المواجهة العسكرية وتحييد الصدامات الكبرى التي قد تؤثر على تجارتها العالمية.
حيث لن تخاطر هي الأخرى بعلاقاتها الضخمة مع الولايات المتحدة أو أسواقها العملاقة من أجل الدفاع عن نظام هش في بلد يعاني من انهيار اقتصادي.
وعليه، فإن الاعتماد على حماية روسية أو صينية هو رهان غير واقعي،حيث لن يتجاوز الدعم المحتمل حدود المساندة السياسية الرمزية أو مساعدات اقتصادية محدودة لاحتواء آثار العقوبات، لكنه لن يصل أبدًا إلى مستوى يمنع أو يعرقل تدخلاً عسكريًا أميركيًا إذا تم اتخاذ القرار في واشنطن.
رابعًا: استمرار قنوات الحوار
على الرغم من موجات التصعيد الأمريكي المتلاحقة ضد فنزويلا، سواء عبر التواجد العسكري المكثف أو العقوبات الاقتصادية أو الاتهامات المباشرة لنظام مادورو بالضلوع في شبكات تهريب المخدرات، فإن واشنطن لم تغلق باب الحوار بالكامل.
كما أن هذا التوازي بين التصعيد من جهة والإبقاء على خطوط اتصال مفتوحة من جهة أخرى، يعكس واحدة من أكثر السمات تكرارًا في السياسة الخارجية الأميركية وتحديدا في إدارة ترامب.
وفي الحالة الفنزويلية، قد برز هذا الاتجاه بوضوح في المكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو. حيث أنه على الرغم من التصعيد اللفظي والعسكري والسياسي، سمحت واشنطن بإجراء هذا التواصل المباشر، وهو ما يثير بالتبعية تساؤلات حول ما إذا كان ذلك يمثل بداية لمسار تفاوضي من عدمه.
لكن بالنظر إلى ما صدر عقب المكالمة ،سواء من تصريحات ترامب الموجزة أو التقارير التي تناولت موضوع المكالمة، فإنه ذلك يشير بوضوح إلى أن الاتصال لم يحمل أي مؤشرات على حدوث اختراق سياسي أو انفتاح محتمل[9]، كما تناولت بعض التقارير أنه تم طرح فكرة الخروج الآمن لمادورو من السلطة[10]. حيث إن صح هذا الشرط فهو يعني أن المكالمة لم تكن حوارًا بقدر ما كانت إعادة تأكيد لموقف أمريكي صارم، وبالتالي لا تمثل نقطة تحول أو بداية لتسوية. يمكن القول إن المكالمة كانت وسيلة لإظهار أن واشنطن لا تزال تملك أوراقًا متعددة، وأنها تدير الأزمة عبر مزيج من التصعيد العسكري والدبلوماسية الشكلية التي تُبقي الباب مفتوحًا فقط حتى لا تظهر الولايات المتحدة وكأنّها ترفض أي قنوات للحوار.
خامسًا: السيناريوهات المحتملة للتصعيد الأمريكي تجاه فنزويلا
يمكن تصور عدة سيناريوهات مستقبلية، تختلف في درجة العنف والأهداف، حيث تعكس مدى قدرة واشنطن على فرض إرادتها مقابل هشاشة موقف كاراكاس. كما أن تحليل هذه السيناريوهات يستند إلى ما هو معروف عن القدرة العسكرية الأميركية، استراتيجيات إدارة ترامب، ومواقف النظام الفنزويلي.
السيناريو الأول: التدخل العسكري المباشر
لا يزال أحد الاحتمالات التي يمكن تصورها في ظل التصعيد الأمريكي المتواصل هو تدخل عسكري واسع ضد فنزويلا لإسقاط النظام أو إجباره على تغيير سياساته. ومع ذلك، فإن هذا السيناريو يبدو ضعيفًا لعدة أسباب، يأتي في مقدمتها سياسة إدارة ترامب التي ترفض الانخراط في حروب طويلة النفس، خوفًا من التأثير على شرعية الإدارة داخليًا ومعارضة الرأي العام للانخراط العسكري المكلف. كما أن التدخل المباشر يواجه تحديات لوجسيتية ضخمة بسبب تعقيدات العمليات البرية -التي سبق وأن لوح بها ترامب[11]– في بلد يمتلك جيشًا ولو محدود القدرة بالنسبة للولايات المتحدة لكنه متمرس على الأرض. وعليه، فإن السيناريو الكامل لإسقاط النظام عبر قوة عسكرية شاملة يظل غير مرجح، ويعتبر الخيار الأقل احتمالًا بين السيناريوهات المطروحة.
السيناريو الثاني: الضربات المحدودة والضغط الانتقائي
يمكن اعتبار ما يمكن وصفه بالضربات العسكرية المحدودة أو العمليات المستهدفة لتحقيق أهداف محددة، أو لممارسة ضغط مباشر على النظام الفنزويلي للرضوخ هي السيناريو الأكثر ترجيحًا. في هذا الإطار، قد تشمل العمليات ضرب منشآت استراتيجية، قوافل تهريب المخدرات المزعومة، أو نقاط ضعف الجيش الفنزويلي بهدف إظهار قدرة واشنطن على التأثير دون الدخول في صراع طويل. وهذا السيناريو يحقق بدوره ممارسة ضغط على مادورو -أو حتى إسقاطه- دون تحمل تكاليف الحرب الطويلة أو فتح جبهة صعبة في القارة الأميركية.
السيناريو الثالث: اتفاقية خروج آمن لمادورو