المقالات
اجتماعات «خليجية – إيرانية» في الدوحة… أين تقف دول الخليج العربي من التصعيد بين طهران وإسرائيل؟
- أكتوبر 6, 2024
- Posted by: hossam ahmed
- Category: تقارير وملفات وحدة الشرق الأوسط
إعداد: شيماء عبد الحميد
باحثة في وحدة شؤون الشرق الأوسط
في وقتٍ تشهد فيه المنطقة تصعيد تصعيدًا وخاصةً على الجبهة اللبنانية الجنوبية حيث الضربات والاشتباكات المُكثَّفة بين حزب الله اللبناني والجيش الإسرائيلي، وفي غداة الهجوم الصاروخي الإيراني على الأراضي الإسرائيلية، قام الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بزيارة عملٍ رسميةٍ إلى قطر يوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024، تلبيةً لدعوة الأمير تميم بن حمد آل ثاني، لتكون هذه أول زيارة يقوم بها بزشكيان إلى دولة خليجية منذ توليه رئاسة إيران في يوليو الماضي[1].
ويبدو من السياق الإقليمي الراهن، وتوقيت الزيارة الحساس، أنها تحمل الكثير من الرسائل والتساؤلات حول موقف الدول الخليجية من التصعيد الإيراني الإسرائيلي، وكيفية التعامل مع الرد الإسرائيلي المنتظر على هجوم طهران الصاروخي في الأول من أكتوبر الجاري، ويبقى السؤال الأهم؛ هل تكون هناك وساطة قطرية تنهي حالة الصراع المحتدمة بين الدولتين، باعتبار أن الدوحة باتت وسيط مقبول وموثوق في الوقت الحالي؟:
أولًا: فعاليات ومُخْرَجات الزيارة
استغرقت زيارة بزشكيان إلى العاصمة القطرية الدوحة يومين، عقد خلالها الرئيس الإيراني لقاءً رسميًا مع الأمير تميم بن حمد، كما حضر القمة الثالثة لمنتدى التعاون الآسيوي، إلى جانب عقد مجموعة من الاجتماعات الثنائية مع بعض المسؤولين الخليجيين؛ حيث:
1- جلسة مباحثات «إيرانية – قطرية» تنتهي بتوقيع اتفاقيات؛ عقد الأمير تميم بن حمد والرئيس مسعود بزشكيان، جلسة مباحثات رسمية في قصر لوسيل يوم 2 أكتوبر الجاري، جرى خلالها بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، والسبل الكفيلة بدعمها وتطويرها في مختلف مجالات التعاون، بالإضافة إلى مناقشة أبرز المستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، لا سيما تطورات الأوضاع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان.
أ. تصريحات مشتركة؛ عقد الجانبان في ختام الجلسة، مؤتمرًا صحافيًا أكدا فيه على التالي[2]:
-
طُلب من إيران التريث في الرَّدِّ على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران؛ لإعطاء فرصة للمفاوضات، ولكن إسرائيل دفعت للرَّدِّ بعد تصعيد الوضع في لبنان، واستمرار الاعتداءات في غزة.
-
طهران مستعدة للرَّدِّ بشكل أقوى وأشدّ إذا ردَّت إسرائيل على هجوم طهران بالصواريخ في الأول من أكتوبر.
-
تأتي زيارة الرئيس الإيراني لقطر في إطار تعزيز العلاقات بين البلديْن، فهي تعكس الرغبة المشتركة للدولتين في مواصلة توطيد علاقات التعاون البناء على كافة المستويات.
-
الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة ولبنان، تضع المنطقة برمتها على حافة الهاوية، وتؤدي إلى توسعة دائرة العنف فيها.
-
تواصل قطر مساعيها في جهود الوساطة لإنهاء الحرب في غزة، وإطلاق سراح الرهائن والمعتقلين، برغم التعقيدات الناتجة عن التصعيد العسكري الإسرائيلي.
-
حلّ الدولتيْن وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود العام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، هو مفتاح الحلِّ للسلام في المنطقة.
-
تدعو قطر المجتمع الدولي للتحرُّك العاجل لإلزام إسرائيل بوقْف عدوانها الغاشم على قطاع غزة ولبنان.
ب. اتفاقيات ومذكرات تفاهم؛ وقعت قطر وإيران 6 وثائق ومذكرات تفاهُم، بشأن التعاون في مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية والثقافية والتعليمية والرياضية؛ حيث جرى التوقيع على إعلان مشترك بشأن تعزيز التعاون الثقافي، وعلى البرنامج التنفيذي الثاني لاتفاقية التعاون الثقافي والفني للأعوام 2024 و2025 و2026، وعلى البرنامج التنفيذي الرابع لاتفاق التعاون التربوي والعلمي للأعوام 2024 – 2025، و2025 – 2026، و 2026 – 2027، وعلى البرنامج التنفيذي لاتفاق التعاون في مجال الشباب والرياضة للعامين 2025-[3]2026.
كما جرى التوقيع على مذكرة تفاهم لمشروع تطوير ميناء دير بإيران، وعلى بروتوكول تعاون في مجال صحة ورفاهية الحيوان وتجارة الحيوانات الحية.
2- لقاءات إيرانية ثنائية خلال الزيارة؛ التقى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يوم 2 أكتوبر، كُلًّا من وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، ووفدًا من حركة المقاومة الإسلامية حماس، وذلك في اجتماعين منفصلين بالعاصمة القطرية؛ حيث[4]:
أ. اللقاء مع بن فرحان؛ بحث الرئيس الإيراني ووزير الخارجية السعودي مستجدات الأوضاع التي تشهدها المنطقة والعالم، وقد أعرب بزشكيان خلال اللقاء عن ارتياحه للعلاقات المتنامية بين إيران والسعودية، مؤكدًا حرص بلاده على توسيع التعاون في كافَّة المجالات، ونبذ الخلافات في الرأي بين الرياض وطهران، داعيًا للمزيد من التقارب والتعاون.
ومن جانبه؛ أكَّد بن فرحان على عزم بلاده على توسيع العلاقات مع إيران، مشيرًا إلى أن المملكة عازمة على طيِّ صفحة الخلافات بين البلدين إلى الأبد، والعمل على تسوية القضايا وتوسيع العلاقات فيما بينهما، مشددًا على ثقة السعودية في سيطرة طهران على الظروف الراهنة، وكذلك الاضطلاع بدور على طريق إرساء الاستقرار والسلام في المنطقة.
ب. اللقاء مع وفد حركة حماس؛ أكَّد الرئيس الإيراني خلال لقائه مع وفد من حركة حماس، أن استمرار جرائم إسرائيل، دفع القوات المسلحة الإيرانية لتوجيه ردٍّ حاسمٍ ضدها، مُشدِّدًا على أنه إذا ارتكبت تل أبيب أيَّ خطأ آخر، فسيُواجه بردٍّ أكثر تدميرًا وقوةً.
3- انعقاد القمة الثالثة لحوار التعاون الآسيوي بمشاركة الرئيس الإيراني؛ انطلقت أعمال القمة في العاصمة القطرية الدوحة يوم 3 أكتوبر الجاري، بمشاركة وفود دولية عديدة؛ بينهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ورئيس طاجيكستان إمام علي رحمان، وولي عهد الكويت صباح خالد الحمد الصباح، ونائب رئيس دولة الإمارات منصور بن زايد آل نهيان، ورئيسة وزراء تايلاند، وقد هيْمنت تطوُّرات الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، والتصعيد الإقليمي على القمة؛ وقد انعكس ذلك على كلمات المشاركين، والتي من أبرزها[5]:
أ. أمير قطر تميم بن حمد؛ أوضح أن قطر سبق وأن حذَّرَتْ من عواقب عدم محاسبة إسرائيل على ما ارتكبته من جرائم ضد الإنسانية، مُشدِّدًا على أن الأمن لن يتحقق دون تحقيق السلام العادل بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، مؤكدًا على التالي:
-
ستظل الدوحة داعمة للشعب الفلسطيني في حصوله على حقوقه المشروعة.
-
يشهد العالم تصاعدًا خطيرًا في الحرب التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة، وما يتعرضون إليه من استهداف المدنيين العزل بالقصف المتواصل الذي أدى إلى قتل عشرات الآلاف من الضحايا الأبرياء أطفالًا ونساءً ورجالًا، فاق عددهم الـ41 ألف شهيد.
-
لقد أصبح واضحًا أن ما يجري هو عمليات إبادة جماعية، إضافة إلى تحويل قطاع غزة لمنطقة غير صالحة للعيش الإنساني تمهيدًا للتهجير.
-
تدين قطر الغارات الجوية والعمليات العسكرية المتصاعدة التي شنتها القوات الإسرائيلية على لبنان.
-
تستغل إسرائيل العجز الدولي لتطبيق مخططاتها في توسيع الاستيطان بالضفة الغربية تمهيدًا لضمها، أو ضم أجزاء منها على الأقل.
ب. الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان؛ أكَّد دعم بلاده للمقاومة الفلسطينية، مشيرًا إلى أن طهران ستدعم فصائل المقاومة حتى تحرير فلسطين، لأن ذلك واجب عليها.
ج. وزير الخارجية السعوي فيصل بن فرحان؛ أكَّد أن استمرار العدوان والانتهاكات في المنطقة يعرقل حركة التجارة الدولية، ويزيد من التوترات السياسية التي تهدد تدفق الاستثمارات والتعاون الاقتصادي بين دول المنطقة والعالم، داعيًا بقية دول العالم على أن تحذو حذو دول منتدى التعاون الآسيوي، والانضمام إلى التحالف الدولي لتنفيذ حلِّ الدولتين.
د. الرئيس الفلسطيني محمود عباس؛ أوضح أن المنطقة تواجه مخاطر كبيرة بسبب إصرار إسرائيل على نهج العدوان والعُنْف، مشيرًا إلى أن السلام والتسامح لا يمكن أن يتعايشا مع الاحتلال، وحرب الإبادة، والتمييز العنصري، والتطهير العرقي، والقهر والظلم، ومنع الشعب الفلسطيني من تحقيق تطلعاته إلى الحرية والاستقلال، مطالبًا المجتمع الدولي بالتدخُّل العاجل لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان.
4- اجتماع خليجي – إيراني» على هامش القمة؛ أعلن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم محمد البديوي، أن وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي عقدوا اجتماعًا مع نظيرهم الإيراني عباس عراقجي، يوم 3 أكتوبر الجاري في العاصمة القطرية الدوحة، والذي جاء على هامش قمة حوار التعاون الآسيوي “ACD”.[6]
وقد ناقش الاجتماع التصعيد الإسرائيلي الأخير في الأراضي الفلسطينية ولبنان، وتداعياته الخطيرة على السلام والأمن الإقليميين والدوليين، حيث أكد مجلس التعاون أهمية خفض التصعيد والتحلي بأقصى درجات ضبط النفس وتجنيب المنطقة مزيدًا من عدم الاستقرار، كما أكد أهمية استمرار التواصل الثنائي بين دول المجلس وإيران للوصول إلى تفاهمات تهدف إلى خلق بيئة إيجابية تسهم في تعزيز العلاقات.
ثانيًا؛ أين تقف دول الخليج العربي من التصعيد «الإيراني – الإسرائيلي» الراهن:
إسرائيل وإيران الآن أقرب من أيِّ وقتٍ مضى إلى فتْح جبهة جديدة وأكثر خطورة في الحرب التي اجتاحت الشرق الأوسط، ولا شك أن دول الخليج العربية ستكون أكثر الدول تأثرًا من اندلاع أي مواجهة مباشرة بين طهران وتل أبيب، بحكم الجوار الجغرافي ومصالح هذه الدول الحيوية بالإقليم، ومن هنا كان من الضروري إلقاء الضوء على مواقف دول مجلس التعاون الخليجي من التصعيد الحالي بين إيران وإسرائيل:
لقد اجتمعت المواقف الخليجية من الحرب الراهنة على أمريْن؛ المطالبة بإنشاء دولة فلسطينية مستقلة، باعتبار ذلك هو السبيل الوحيد للاستقرار الإقليمي، ومعارضة المزيد من التصعيد الإسرائيلي في غزة ولبنان؛ لأن دول الخليج العربي تُدْرِكُ تمامًا أن هذا الصراع مُضِرٌّ بأعمالها ومصالحها، وأن اتساع رُقْعة هذا الصراع سيكون لها تَبِعَات كارثية على مختلف الأصعدة؛ حيث:
1- على الصعيد السياسي؛ لا شك أن توسع الصراع الإيراني الإسرائيلي سينعكس سلبًا على التحسن الملحوظ الذي شهدته العلاقات السياسية الإيرانية الخليجية مؤخرًا، والذي تكلل بعودة العلاقات بين السعودية وطهران بوساطة صينية في 2023.[7]
إلى جانب ذلك؛ قد يؤي التمادي الإسرائيلي ضد إيران وأذرعها في المنطقة، إلى تراجع النفوذ الإيراني على المدى البعيد وخلق فراغ استراتيجي في المنطقة، ستحاول إسرائيل ملؤه بالتأكيد، وبالتالي اختلال توازن القوى الحالي لصالح تل أبيب، وهو أمر لن ترحب به الدول الخليجية؛ حتى لا تسيطر إسرائيل على المنطقة، وحتى لا يتم إعادة هيكلة الشرق الأوسط بتوازن إقليمي جديد قائم على هيمنة إسرائيلية كاملة.
2- على الصعيد الاقتصادي؛ أفادت تقارير وتصريحات عدة، من بينها تصريح للرئيس الأمريكي جو بايدن في 3 أكتوبر الجاري، أن الرد الإسرائيلي على هجوم طهران الصاروخي سيستهدف بنسبة كبيرة البينة التحتية النفطية لإيران، بينما في المقابل؛ هدد نائب القائد العام للحرس الثوري بأن قواته قد تستهدف البنية التحتية الإسرائيلية في حال إقدام تل أبيب على فعل مماثل تجاه مصافي النفط الإيرانية.
وفي السياق ذاته؛ هددت كتائب حزب الله العراقية، بفقدان العالم أكثر من 12 مليون برميل نفط يوميًا، ما إن تبدأ حرب طاقة في الخليج العربي، ومن جانبه؛ شدد المتحدث باسم كتائب سيد الشهداء العراقية كاظم الفرطوسي، على أنه “يمكن التهديد بملف الطاقة، كما فعلت روسيا حين قلبت سوق الغاز العالمية في حرب أوكرانيا، فإذا لم ترتدع إسرائيل؛ فستذهب المقاومة الإسلامية بعيدًا، وسيكون ملف الطاقة هو الفيصل”[8].
ولا شك أن كل هذه المخاطر والتهديدات، تنعكس سلبًا على استقرار أسواق الطاقة الدولية، والتي تؤثر بشكل كبير للغاية على الاقتصادات الخليجية، وهذا يتضح من تفاعل الأسواق مع الهجوم الإيراني الأخير؛ حيث[9]:
-
ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بنحو 5% بعد الهجوم الذي بدأ عند 75.45 دولار للبرميل، وبلغت التداولات عند 74.74 دولار للبرميل.
-
لم يكن الذهب ببعيد عن المشهد؛ فقد قفز يوم الهجوم بأكثر من 1%، إلى 2661.63 دولار، كما سجل أعلى مستوى على الإطلاق عند 2685.42 دولار يوم 3 أكتوبر الجاري.
يُضاف إلى ذلك؛ أن أي تأثير على البنية التحتية للغاز في إسرائيل نتيجة لصراع أوسع نطاقًا مع إيران، قد يجبر إسرائيل على الاحتفاظ بكميات كبيرة من الغاز لتلبية احتياجاتها المحلية، ومن ثم التأثير على كمية الغاز المصدرة إلى بعض الدول مثل الأردن ومصر، إلى جانب ارتفاع أسعار الغاز نتيجة نقص المعروض.
وبما أن الأسواق مرتبطة ببعضها البعض؛ فارتفاع أسعار الطاقة سيؤدي بالتأكيد إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وبالتالي زيادة معدلات التضخم.
3- على الصعيد الأمني؛ تخشى الدول الخليجية أن تمتد نيران التصعيد الإيراني الإسرائيلي إليها، خاصةً إذا زادت وتيرة الضربات المتبادلة بين جماعة الحوثي اليمنية وإسرائيل، ويزداد الأمر خطورة مع وجود العديد من القواعد العسكرية الأمريكية في الدول الخليجية، والتي قد تكون أهدافًا محتملة لأذرع إيران في المنطقة.[10]
يُضاف إلى ذلك؛ الانعكاسات الأمنية الخطيرة على استقرار حركة التجارة العالمية في الممرات البحرية الاستراتيجية في منطقة الخليج العربي، والتي يمر عبرها حجم كبير من مصادر الطاقة، مثل مضيق هرمز، والذي تتحكم به إيران بحكم الموقع الجغرافي، وباب المندب، حيث الحوثي في اليمن، مما قد يؤثر سلبًا بشكل مباشر على اقتصاديات العالم وليس دول المنطقة فقط[11].
وبناءً على ما سبق؛ أرادت دول الخليج من اجتماعها مع إيران في هذا التوقيت الحرج، أن تطمئن طهران إلى حيادها في الصراع الحالي، إدراكًا من دول مجلس التعاون الخليجي أن محاولة استبعاد طهران من أي ترتيب أمني أقليمي، لن يؤدي في النهاية إلى أي استقرار.
ثالثًا؛ هل تلعب قطر دور الوسيط بين إيران وإسرائيل؟:
إن تزامن زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى الدوحة مع تأهب المنطقة استعدادًا للرد الإسرائيلي على الهجوم الصاروخي الذي نفذته طهران على أراضي تل أبيب، يطرح تساؤلًا هامًا حول ما إذا كانت الزيارة تحمل طلبًا إيرانيًا أن تتوسط قطر في الصراع الدائر بينها وبين إسرائيل.
وقد دعم هذا الطرح، الدبلوماسية القطرية النشطة ودور الوساطة الذي تلعبه الدوحة بين إسرائيل والولايات المتحدة وحركة حماس للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين، فضلًا عن أن قطر تُعتبر الوسيط المفضل لدى طهران، حيث لعبت الدوحة دور الوسيط بين طهران وواشنطن في المفاوضات التي انتهت بتوقيع الاتفاق النووي في 2015، وكذلك الأمر فيما يخص اتفاق تبادل السجناء الذي جرى بين إيران والولايات المتحدة في 2023.
واتساقًا مع هذه المعطيات؛ أفادت تقارير لوكالة رويترز، نقلًا عن مصادر وصفتها بالمطلعة، أن زيارة بزشكيان إلى قطر تتضمن عدة دلالات في هذا الشأن؛ من أهمها[12]:
-
تُعتبر الزيارة جزء من الديبلوماسية الوقائية الإيرانية، حيث تسعى طهران لتوظيف القوة الناعمة القطرية كوسيط إقليمي لتخفيف التصعيد.
-
يحاول بزشكيان التواصل مع الولايات المتحدة عبر قطر، للتقليل من حجم الهجوم الإسرائيلي المرجح ردًا على الضربات الإيرانية، والذي أفادت تقارير عدة أنه قد يستهدف منشآت طهران النووية أو النفطية.
-
ترسل طهران رسالة إلى الولايات المتحدة عبر قطر، تؤكد فيها انتهاء مرحلة ضبط النفس، لأنه بات لا يؤمن متطلبات الأمن القومي الإيراني، كما تؤكد الرسالة أن أي هجوم إسرائيلي سيُقابل برد غير تقليدي يشمل البنى التحتية الإسرائيلية.
وبناءً عليه؛ أكدت مصادر أن الجانب الإيراني وافق على اقتراح لتلعب قطر دور الوسيط بين طهران واشنطن، وقد أبدى بزشكيان استعداده للتعاون مع المساعي التي تبذلها الدوحة لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان، مؤكدًا أن إيران تدعم أي حل سلمي للحرب.[13]
وإجمالًا؛ يبدو من الحراك الخليجي الإيراني الذي شهدته زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى الدوحة، أن الدول الخليجية تحاول النأي بنفسها عن أي صراع قد يضعها في صدام مع طهران أو إسرائيل، إدراكًا منها أن تأييدها لطرف على حساب الآخر، سيضر بمصالحها الحيوية في المنطقة ضررًا كبيرًا، أما من جهة طهران؛ فقد أراد بزشكيان كسب وساطة قطرية قد يعول عليها حين يشتد عليه الخناق في نهاية المطاف.
المصادر:
[1] الرئيس الإيراني يزور قطر غداً ويبحث مع الشيخ تميم أوضاع غزة ولبنان، الشرق الأوسط، 1/10/2024، متاح على الرابط: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84
[2] أمير قطر ورئيس إيران يحذران من عواقب التصعيد الإسرائيلي، الجزيرة القطرية، 2/10/2024، متاح على الرابط: https://www.ajnet.me/news/2024/10/2/%D8%A7%D9%84%D8%B1%
[3] على هامش زيارة الرئيس الإيراني..قطر وإيران تعززان التعاون في عدد من المجالات، وكالة الأنباء القطرية، 2/10/2024، متاح على الرابط: https://www.qna.org.qa/ar-QA/News-Area/News/2024-10/02/0137-%D8%B9
[4] بزشكيان يلتقي بالدوحة وزير الخارجية السعودي ووفدا من حماس، الجزيرة القطرية، 3/10/2024، متاح على الرابط:
https://www.ajnet.me/news/2024/10/3/%D8%A8%D8%B2%D8%B4%
[5] السعودية تدعو دول العالم للانضمام إلى تحالف «حلّ الدولتين»، الشرق الأوسط، 3/10/2024، متاح على الرابط: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84
[6] اجتماع وزاري خليجي – إيراني… وتشديد على خفض التصعيد، الشرق الأوسط، 3/10/2024، متاح على الرابط: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9
[7] باتريك وينتور، حسابات الربح والخسارة لدول الخليج والمنطقة من مواجهة إيران- إسرائيل، الجارديان، القدس العربي، 4/10/2024، متاح على الرابط: https://www.alquds.co.uk/%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%A7%D8%B1
[8] فصائل عراقية تتوعد بـ«حرب الطاقة» في الخليج العربي، الشرق الأوسط، 4/10/2024، متاح على الرابط: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%
[9] كيف يؤثر التصعيد بين إيران وإسرائيل على الأسواق؟، سكاي نيوز عربية، 2/10/2024، متاح على الرابط: https://www.skynewsarabia.com/amp/business/1745623-%D9%8A
[10] على مرمى حجر من إسرائيل وإيران…تسعى دول الخليج جاهدة لنزع فتيل الحرب في المنطقة، مونت كارلو الدولية، 16/4/2024، متاح على الرابط: https://www.mc-doualiya.com/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1
[11] جاسم محمد، عوامل توسع رقعة الحروب وانعكاساتها على أمن الخليج العربي، المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات، 12/1/2024، متاح على الرابط: https://www.europarabct.com/%D8%A3%D9%85%D9%86-%D8%AF%
[12] وساطة قطرية لتربيد أجواء المنطقة، جريدة السياسة الكويتية، 4/10/2024، متاح على الرابط: https://alseyassah.com/article/420680/%D9%88%D8%B3%D8%A7
[13] اجتماع خليجي – إيراني يبحث التهديدات بقصف منشآت النفط، الجريدة الكويتية، 4/10/2024، متاح على الرابط: https://www.aljarida.com/article/76854