رابعة نورالدين وزير
لطالما تمتعت أفريقيا بمكانة مهمة على مر العصور، ولطالما اهتمت بها مختلف القوى العالمية في كل زمان؛ لما تمتلكه من إمكانيات جغرافية وبشرية ومادية وغيرها، ولكن مؤخرًا، بدأت الأنظار تتجه أكثر لأفريقيا، خاصةً مع صعود إدارة “بايدن”، والتي حوَّلت اهتمام الولايات المتحدة بشكل نسبي من أفريقيا إلى آسيا؛ لخلق نقاط تمركز في مواجهة الصين؛ ما فتح المجال أمام باقي دول العالم، سواء (منفردة أو في تكتلات)، من خلال تبنِّي آليةٍ جديدةٍ، تتمثل في القمم رفيعة المستوى، وهي الآلية التي بزغت منذ ما يقرب من عقدين، ومازالت تكتسب زخمًا واسعًا، بما في ذلك الدول ذات النفوذ التقليدي في أفريقيا، والتي تحاول إعادة صياغة علاقتها مع دول القارة، وعلى رأسها، دول الاتحاد الأوروبي.
فقد اجتمع رؤساء الدول والحكومات الأوروبية والأفريقية في “بروكسل” يومي (17 و18 فبراير)؛ لحضور القمة السادسة للاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، والتي عقدت هذا العام تحت عنوان “إفريقيا وأوروبا: قارتان برؤية مشتركة حتى ٢٠٣٠”، وذلك بعد تأجيلها عدة مرات؛ بسبب (وباء كوفيد-19)؛ حيث عقدت في دورتها الخامسة، في نوفمبر 2017، في أبيدجان، وكان من المقرر عقدها في عام 2020.
وعليه، فسنحاول في هذه الورقة الوقوف على فرص أوروبا في القارة الأفريقية، في ضوء القمة (الأوروبية – الأفريقية)، وأهم مخرجاتها، وهل يمكن البناء عليها فيما يتعلق بدعم خطط التنمية المستدامة في أفريقيا؟ وما هي إمكانية تحقيق ما انتهت إليه القمة؟
أولًا: لمحةٌ على تاريخ وتطور العلاقات (الأفريقية – الأوروبية)
يعتبر الاتحاد الأوروبي من أبرز الشركاء الدوليين للقارة الأفريقية، خاصةً إذا ما تحدثنا عن مجال التعاون الاقتصادي وحفظ السلام، إضافةً لكونه أكبر مستثمر مباشر في أفريقيا، إلا أن العلاقة بين القارتين اتسمت لعدة عقود باعتماد الدول الأفريقية على تمويل المانحين من الدول الأوروبية الغنية، فضلًا عن العلاقات التجارية بين الجانبين.
ولا تخلو العلاقة بين القارتين من فترات فتور، أو صعود قوى عالمية أخرى على الساحة الأفريقية؛ نتيجةً للتنافس العالمي على القارة الأفريقية، ولكن كما سبقت الإشارة، ومع تراجع الدور الأمريكي في القارة، وبروز فاعلين جُدُد على الساحة، وهنا يمكننا التركيز على مفهوم (المصلحة الوطنية)، بوصفها دافعًا وهدفًا مباشرًا للسلوك السياسي، والاهتمام المتبادل بين الطرفين؛ برغم الاختلاف الإدراكي المسجّل بينهما، وهذا على النحو الآتي:
بالنسبة للاتحاد الأوروبي: تكمن مصلحته في التصدي ومواجهة التنافس الآسيوي، خاصّةً الصيني، فالصين تمثّل ثالث أكبر شريكٍ لأفريقيا، أضف إلى ذلك، الرغبة في فتح الأسواق الأفريقية أمام المنتجات الأوروبية، خصوصًا أنّ حجم السوق الأفريقية يزيد عن 20% من إجمالي السوق العالمية، كذلك التصدي للاهتمام الأمريكي بأفريقيا، من جهةٍ أخرى: فإنّ إقرار الاتحاد الأوروبي بناءَ سياسةٍ خارجية وأمنية مشتركة ودعمها؛ لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الربط بين القوة الاقتصادية الأوروبية، والبعد السياسي لهذه التجربة الوحدوية الرائدة؛ ما يساعد في معرفة المصالح الأوروبية في القارة الأفريقية، والتي تتلخص في الآتي: البحث عن أسواقٍ لتصريف المنتجات الأوروبية، والحصول على المواد الأولية، وكذا الوصول إلى الموارد الطبيعية الإستراتيجية التي تمتلكها أفريقيا، واستغلال المواد الخام التي تزخر بها، ولاسيما (النفط، اليورانيوم، الذهب، الماس).
أما بالنسبة للطرف الأفريقي: فتكمن مصلحته في سعيْ الدول الأفريقية، بعد استقلالها، إلى البحث عن المعونة والخبرة الأوروبية؛ للقيام بإصلاحات اقتصادية واجتماعية وسياسية، ومطالبة الأوروبيين بإلغاء ديوﻧﻬا الخارجية، أو إلغاء جزءٍ منها، هذه الأخيرة، كونها العائق أمام تحقيق تنمية شاملة، وحلّ النزاعات القائمة، وكذا محاربة الفقر والبطالة والأمراض الفتاكة، فنجد من بين دوافع اهتمام الطرف الأفريقي بالاتحاد الأوروبي: الرغبة في جذب الاستثمارات الأوروبية إلى أراضيه، وعدم اقتصارها على قطاع التعدين، والرغبة في فتح الأسواق الأوروبية الكبيرة أمام المنتجات الأفريقية، عن طريق الحصول على تسهيلات تجارية واقتصادية، وتنويع علاقات الدول الأفريقية الخارجية وتوسيعها، بالرغم من تأكيد خبراء الاقتصاد لاتهاماتهم الموجهة للاتحاد الأوروبي: (بأنه لا يمضي قُدمًا في علاقاته الاقتصادية بأفريقيا نحو علاقات متكافئة؛ وذلك حتى تستمر القارة الأفريقية منتجًا للمواد الأولية).
حجم العلاقات الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وأفريقيا
وفقًا لبيان صادر عن مفوضية الاتحاد الأوروبي في 2022، يبلغ حجم الاستثمارات الأوروبية 125 مليار يورو، ويتوقع أن تصل إلى 150 مليار يورو في القارة، بحلول عام 2027، كجزءٍ من البوابة العالمية للاتحاد الأوروبي، 4 مليار دولار إجمالي حجم الواردات الأوروبية من الدول الأفريقية، خلال 2020، كما وصلت قيمة الصادرات الأوروبية إلى الدول الأفريقية في 140 مليار دولار عام 2020؛ لذا تحاول هذه القمة إعادة تشكيل العلاقة بين المنظمتين الدوليتين، وتحويلها من علاقة (مانح – متلقي)، إلى شراكة تكافلية بين أنداد، تضمن لأفريقيا صفقات عادلة مع جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي.
ظروف عقد القمة
أتى توقيت انطلاق القمة في ظل ظروف داخلية وخارجية، على مستويات عدة؛ منها المستوى الأمني والاقتصادي، تعاني منها معظم دول القارة؛ بسبب تداعيات وباء كورونا على دول القارة الأفريقية، ونقص إمدادات اللقاحات، إضافةً إلى الانقلابات العسكرية، والتوترات السياسية التي عانت منها بعض الدول، خلال العام الماضي، فضلًا عن أزمة الإرهاب التي تسيطر على منطقة الساحل وغرب أفريقيا، وانسحاب فرنسا من مالي، إلى جانب الكوارث المناخية التي أَلَمَّتْ بمنطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي؛ ما جعل قادة الدول الأفريقية يتجهون إلى بروكسل، محملين بعدد من القضايا الملحة؛ آملين في تحقيق مكاسب تنم عن شراكة حقيقية مع دول الاتحاد الأوروبي، خاصةً أن كل التهديدات التي تواجه القارة الأفريقية لن تقف تداعيتها عند حدود دولها، وإنما تمثل تهديدًا مشتركًا للدول الأوروبية.
ثانيًا: هل تتضمن أجندة القمة ملفات ترضي تطلعات الدول الأفريقية المشاركة؟
في ضوء آمال الدول الأفريقية، فقد تتضمن الأجندة الاستجابة لهذه التطلعات، تضمنت أجندة القمة (الأوروبية – الأفريقية) عددًا من الملفات، على رأسها: (تمويل النمو، والنظم الصحية، وإنتاج اللقاحات، وكذا الزراعة، والتنمية المستدامة، والتعليم، والثقافة والتدريب المهني، والهجرة، والتنقل)، بجانب دعم القطاع الخاص والتكامل الاقتصادي، فضلًا عن السلام والأمن والحكم، انتهاءً بتغيُّر المناخ، وتحول الطاقة، والتحول الرقمي.
ومن جانبها، فإن دول الاتحاد الأوروبي كانت حريصةً على تبنِّي رؤيةٍ مشتركةٍ مع أفريقيا لعام 2030، وفقًا لأولويات الاتحادين، ولكن من وجهة نظر أوروبية بعض الشيء، ويتضح ذلك من المنحنى التي اتخذته القضايا محل الاهتمام المشترك؛ حيث برز عددٌ من الموضوعات أكثر من غيرها، وسيطرت على النقاشات (الأوروبية – الأفريقية)، أبرزها؛ (إنتاج اللقاحات المضادة لفيروس كورونا- التغير المناخي والتحول الأخضر- المخاوف الأمنية الناجمة عن انسحاب فرنسا من مالي- قضية الهجرة)، وقد جاءت في سياقٍ، أدى لاتخاذ بعض القرارات كما يلي:
اللقاحات
كانت قضية اللقاحات أحد أهم القضايا التي طرحت خلال القمة؛ حيث عبَّر قادة الدول الأفريقية، عن تضررهم من نظام توزيع اللقاحات، الذي ترتب عليه، أن ما يزيد عن 70% من الأوروبيين قد تلقوا لقاحاتهم، في حين لم يتلقَ في القارة الأفريقية سوى 11%، ويرجع ذلك إلى إصرار عددٍ من دول الاتحاد الأوروبي على رفض التنازل عن حقوق الملكية الفكرية على لقاحات (كوفيد-19)، بينما تحاول أفريقيا الضغط؛ من أجل الحصول على إعفاءٍ مؤقتٍ من براءات الاختراع؛ للسماح بإنتاج لقاحات عامة، إضافةً إلى اكتنازهم اللقاحات أثناء الأزمة، وتقديم عملية تلقيح مواطنيهم أولًا، قبل إعطاء اللقاحات لباقي دول العالم النَّامي، حتى حصل أكثر من نصف سكان أوروبا على جرعات منشطة، فيما لا يزال حوالي 85% من سكان القارة لم يحصلوا على أي جرعةٍ من اللقاح؛ ما أدى على اضطرار الدول الأوروبية لوعد الدول الأفريقية بتقديم 450 مليون جرعة، بحلول منتصف العام الحالي، وهو يعتبر خطوة مهمة، إضافةً إلى الموافقة بأن أول المتلقين للتكنولوجيا اللازمة، ست دول أفريقية؛ لإنتاج لقاحات mRNA في القارة، وهي المرحلة الثانية بعد إنشاء مركز نقل تكنولوجيا mRNA في جنوب أفريقيا، والذي حقَّق إنجازًا مهمًا.
الفراغ الأمني الناجم عن الانسحاب الفرنسي من مالي
كما سبقت الإشارة إلى أن توقيت القمة أتى في ظل مخاوف أمنية تعجُّ بالقارة، تتمثل في انتشار الجماعات الإرهابية، والصراعات في العديد من دول القارة، وسلسلة من الأحداث السياسية التي تثير المزيد من المخاوف، وكان من بينها، الانسحاب الفرنسي من مالي، وفي إطار دعم الاتحاد الأوروبي لعمليات حفظ السلام في القارة، من خلال تقديم المساعدات المالية والعسكرية؛ حيث تشير الإحصائيات إلى أن مرفق السلام الأفريقي، التابع للاتحاد الأوروبي، قدَّم مساعدات للدول الأفريقية، بقيمة 2.4 مليار يورو، في الفترة بين 2004 حتى 2019.
فقد أدى قرار فرنسا بسحب قواتها من منطقة الساحل الأفريقي، إلى وضع الملف الأمني في أفريقيا على رأس المناقشات الدائرة في القمة؛ لما له من تداعيات كبرى على الدول الأفريقية والأوروبية أيضًا؛ حيث سيكون لسحب القوات الفرنسية عواقب على العديد من الجهات الفاعلة الأخرى المُشاركة في مالي، بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي، كما يخشى دبلوماسيون من أن يؤدي خروج 2400 جندي فرنسي من مالي، التي تعد لعدد من التنظيمات المسلحة والجماعات الإرهابية، إلى تفاقم أعمال العنف في منطقة الساحل، ويعطي زخمًا جديدًا للهجرة من غرب أفريقيا إلى أوروبا، كما أنه يهدد عمليات التعدين الدولية والاستقرار لشركاء فرنسيين إستراتيجيين، مثل (السنغال، وساحل العاج)، وعلى الرغم من ذلك، فلم تأتِ القمة بجديد في هذا الملف، رغم خطورته، خاصةً على القوات التابعة للأمم المتحدة، والمعروفة باسم قوات “مينوسما”، والتي ستتعقَّد مهام عملها بشكل كبير بعد خروج فرنسا، حيث إن القوات الفرنسية قادرة بالضغط على بعض الجماعات المسلحة، من خلال القوات الجوية.
الهجرة غير الشرعية
بالنظر إلى حجم المهاجرين الأفارقه إلى أوروبا، وفقًا لإحصائيات البنك الدولي 2021، يقدر عددهم 11 مليون مهاجر، وبالنظر إلى الموارد المخصصة لهذا العدد، والتي تبلغ 1.8 مليار يورو، خصصت لصندوق الطوارئ، والذي تم إنشاؤه بعد قمة (مالطا)، في عام 2015؛ بهدف معالجة أسباب الهجرة، خاصةً مع دخول ما يقرب من 30 مليون أفريقي إلى سوق العمل، كل عام، كما يتوقع البنك الدولي، وصول هذا العدد إلى 86 مليون أفريقي، بحلول عام 2050؛ ما يعني أن الدول الأوروبية بالفعل أمام مأزق، ولم تتمكن من معالجته خلال فاعليات القمة، لاسيما الاتفاق على تنشيط عمل فريق العمل الثلاثي المشترك بين الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، الذي تم إنشاؤه من قِبَلِ الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، في نوفمبر 2017.
التغيرات المناخية والتحول نحو الأخضر
تعتبر قضية التغيرات المناخية من أهم القضايا، التي تثير مخاوف العديد من الدول في الوقت الحالي، وهذا يرجع إلى كارثية نتائجها على البشر، وعلى الموارد؛ ما دفع العديد من الدول لتبنِّي أجندةٍ تنطوي على ضرورة التحول نحو الاقتصاد الأخضر، وكان من بينهم، الاتحاد الأوروبي، وذلك من خلال تبنِّي طرقٍ جديدةٍ لدعم اقتصاد منخفض الكربون، والانتقال إلى مستقبل أخضر، من خلال جَعْلِ أوروبا كتلةً محايدةً مناخيًّا، بحلول عام 2050؛ ما سيتطلب إمدادًا ضخمًا ومتنوعًا ومستدامًا من المعادن الأرضية والمواد الخام اللازمة للإنتاج الأخضر، وأبرزها معادن (النحاس، والنيكل، والكوبالت، والليثيوم)، التي يوجد العديد منها في أفريقيا.
فاعليات على هامش القمة.. هل ستأتي بجديد؟
عقدت على هامش القمة، العديد من الفاعليات؛ بهدف وضع آليات حقيقة؛ لدعم التعاون والشراكة بين الاتحادين، وكان من بينها:
– اجتماع مبادرة القرن الأفريقي: عُقد الاجتماع الوزاري الحادي عشر لمبادرة القرن الأفريقي (HoAI)؛ بهدف دراسة الوضع في منطقة القرن الأفريقي، والوقوف على أهم سُبُل الدعم للدول التي تعاني من مشكلات داخلية في هذه المنطقة المهمة من القارة.
– إطلاق أسبوع أفريقيا أوروبا: نظَّم الاتحاد الأوروبي النسخة الأولى من أسبوع (أفريقيا – أوروبا)، خلال الفترة من (14 حتى 18 فبراير)، على هامش القمة (الأوروبية – الأفريقية)؛ لتعزيز الروابط بين شعوب القارتين، والجمع بين (الشباب، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص من أفريقيا وأوروبا)؛ لمناقشة جوانب الشراكة بين أفريقيا والاتحاد الأوروبي.
وبعد استعراض أهم الملفات والفاعليات التي أُقيمت ضمن القمة، خلال هذه الدورة، ننتقل لأهم النتائج، وتقييم المخرجات الخاصة بالقمة في السطور التالية:
ثالثًا: حصاد القمة (الأفريقية – الأوروبية)
بعد فعاليات مزدحمة، ونقاشات مطولة، خرجت القمة (الأوروبية – الأفريقية) بعددٍ من النتائج والمبادرات، التي كان معظمها معروفًا بالفعل في وقت سابق قبل القمة، التي شهدت فقط الإطلاق الرسمي لهذه المبادرات، وتمثَّلت أبرز نتائج القمة في:
هل الحصاد يليق بالتوقعات؟
– خصصت المفوضية 294.2 مليون يورو كتمويل إنساني؛ لمساعدة الفئات الضعيفة من السكان في شرق وجنوب أفريقيا في عام 2022، على أن يتم تخصيص تمويل المشاريع لعددٍ من الدول، من بينها (النيجر، ونيجيريا، وأوغندا، وبوروندي)؛ لإعانة المواطنين المتضررين من أخطار التغيُّر المناخي، ولدعم وتحسين وضع اللاجئين.
– بجانب المساعدات الإنسانية الطارئة، وعد بنك الاستثمار الأوروبي، بتوفير ما لا يقل عن 500 مليون يورو؛ لتعزيز أنظمة الصحة الأفريقية كجزء من الشراكة مع منظمة الصحة العالمية والمفوضية الأوروبية، فضلًا عن التعهدات سابقة الذكر، فيما يخص توزيع اللقاحات.
– في ضوء نتائج الجائحة (كوفيد-19) على الاقتصاديات الأفريقية، دعم قادة الاتحاد الأوروبي مطالب الدول الأفريقية، بإعادة توجيه المخصصات الجديدة لحقوق السحب، ودعوا إلى تقديم مساهمات طوعية؛ من أجل تحقيق الطموح العالمي الإجمالي، المتمثل في دعم سيولة، بقيمة 100 مليار دولار أمريكي على الأقل، للبلدان الأكثر احتياجًا، ورحَّبوا بمبلغ 55 مليار دولار أمريكي، الذي تم التعهد به بالفعل من المخصصات الجديدة لحقوق السحب الخاصة (SDRs)، بما في ذلك 13 مليار دولار أمريكي من دول الاتحاد الأوروبي، كما شجَّعوا المزيد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، على المساهمة في هذا الجهد العالمي.
– يعد كلٌّ من الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، متواصلين معًا؛ لمعالجة جميع جوانب الهجرة والتنقل، بما يتماشى مع الكفاءات الوطنية، بطريقة متكاملة وشاملة ومتوازنة؛ بهدف منع الهجرة غير النظامية، وتعزيز التعاون ضد التهريب والاتجار بالبشر.
– وفيما يخص إنشاء صندوق خاص بالتنمية، ويكون تحت إدارة مشتركة، فقد رفض ممثلو الاتحاد الأوروبي هذه الفكرة؛ معللين ذلك، بعدم وجود حاجة لإقامة صناديق منفصلة، وأن إقامة هذا الصندوق، من شأنه تقليص حجم الدعم المالي المخصص للتنمية في أفريقيا.
تقييم مخرجات القمة (الأفريقية – الأوروبية) 2022
يلاحظ على القمة (الأفريقية – الأوروبية)، أنها كانت في جملتها، تنطوي على نتائج صورية، لا ترضي تطلعات الدول الأفريقية، كما يلاحظ على الإعلان المشترك بنهاية القمة، أنه احتوى على شعارات وأهداف عامة، كما يلاحظ على مخرجات القمة أيضًا، أنها كانت متواضعةً في بعض الموضوعات، مثل التغيُّر المناخي، والمساعدات الإنسانية، ونقل تكنولوجيا تصنيع اللقاحات.
هل تتمكن أوروبا من حيازة نفوذ في القارة الأفريقية؟
من خلال ما سبق طرحه، يمكننا الوقوف على مجموعة من المعطيات فيما يتعلق بمحاولة أوروبا لإعادة بلورة علاقاتها بأفريقيا، معتمدةً في ذلك، على أدوات جديدة، تتمثل في القمم رفيعة المستوى، وتحاول من خلال ذلك، منافسة الوجود الصيني، الذي أصبح يتمتع بحضورٍ وقبولٍ في القارة، خاصةً أنه لا يوجد تاريخ استعماري مشترك؛ حيث تمركزت الصين في أفريقيا بالتوازي مع تراجع الحضور الأوروبي التقليدي، ومَرَدُّ ذلك إلى عوامل عدة، أهمها، أن أوروبا لم تؤسس لعلاقات شراكةٍ حقيقيةٍ، تعمل على تبادُل تجاري مطرّد، ولم تقُم باستثمارات لتنمية البُنَى التحتية في أفريقيا، بعكس ما اعتمدته الصين، واختلفت الإستراتيجية المعتمدة من قِبَلِ الصين عن السياسة الاقتصادية الأوروبية؛ ما رجح الكفة لمصلحتها.
وهذا لا ينفي إمكانية أن تلعب القارة الأوروبية دورًا في أفريقيا، مع سنوح الفرصة، خاصةً في ظلِّ تراجُع حجم الوجود الأمريكي في القارة، ولكن دورها لن يصل إلى درجة وحجم الوجود الصيني والروسي؛ لارتباطها بتاريخ استعماري في الذاكرة الأفريقية.