إعداد: رضوى الشريف
أعلنت «المملكة العربية السعودية، وإيران» اليوم، الجمعة، استئناف علاقاتهما الدبلوماسية التي كانت مقطوعةً منذ عام 2016، إثْر مفاوضات استضافتها الصين، في خطوةٍ قد تنطوي عليها تغيُّرات إقليميةٍ دبلوماسيةٍ كُبْرى.
وجاء في بيانٍ، نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس)، ووكالة أنباء “إرنا” الإيرانية الرسمية، أنه إثْر مباحثات “تم توصل «المملكة العربية السعودية، والجمهورية الإسلامية الإيرانية» إلى اتفاقٍ، يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، وإعادة فتْح سفارتيْهما والممثلين لهما، خلال مُدَّةٍ أقصاها شهران”.
ويأتي الاتفاق على إعادة العلاقات بين «طهران، والرياض» في خِضَمِّ محاولات دبلوماسية؛ لترسيخ الاستقرار في المنطقة؛ حيث رحّب وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، الخميس الماضي، في «دمشق» بانفتاح دولٍ عربيةٍ على سوريا، بعد الزلزال الدامي، الذي ضربها بشكلٍ متزامنٍ مع تركيا.
لا شك بأن خطوة التطبيع «السعودي – الإيراني»، بوساطة «بيكين»، ستنعكس على استقرار المنطقة، وأبسط الأُسُس لاستعادة العلاقات بين الطرفيْن، هو السعي للهدوء بينهما؛ فالعلاقات الاقتصادية بينهما ليست قوية، ولا يوجد استثمارات تجمعهما، كما هو الحال بين «الإمارات، وإيران».
بالنسبة للسعودية: فلا شك بأن «الرياض» بحاجةٍ لهذا الهدوء، خاصة أنها تقوم بتنفيذ مشاريع ضخمة، بحاجة إلى بيئةٍ آمنةٍ؛ لذلك من غير مصلحتها التصادُم مع إيران، وهذا أهم هدفٍ لـ«الرياض» من استعادة العلاقة مع «طهران»، إضافةً للتخلُّص من التهديد الإيراني في الدول العربية.
وبالنسبة لإيران: فلا يمكن فصْل الأجندة السياسية لـ«طهران» حاليًا عن الأزمة العميقة التي تعيشها، في ظلِّ استمرار موجةٍ جديدةٍ، ليست الأولى من احتجاجات شعبية واسعة، يقابلها “عُنْف مُفْرِط”، من جانب السلطات؛ ما ولَّد موجة غضبٍ عالميٍّ من النظام الإيراني، وترجمته ضربات متتالية في شكل عقوبات «أوروبية، وأمريكية».
كما أن التحوُّل في معسكر حلفاء إيران الدوليين، مثل روسيا المتورطة في صراعٍ عسكريٍّ طويل الأَمَد، والصين التي قرَّرت ألا تضع كامل أوراقها في السلَّة الإيرانية، وتتفهَّم المخاوف العربية من أنشطة إيران الإقليمية، ودفْعها باتجاه إقليم مضطرب، يدفع «طهران» للبحث عن علاقات جيدة، وتصفير مشاكلها في الإقليم.
بالتالي، فإن جُزْءًا من توجه إيران – الآن- إلى الانفتاح على العالم العربي في ذلك الوقت، يأتي في إطار أسباب عديدةٍ، أهمها؛ خسارتها لموقعها الدولي؛ نتيجةً لسياستها القمعية، ووجود سخط «شعبي – أوروبي» ضدها.
أما إسرائيل: فستكون هي أكثر المتضررين من التقارُب «السعودي – الإيراني» في حال نجاحه؛ حيث حاولت «تل أبيب» مرارًا وتكرارًا، تشكيل تحالُف و«ناتو شرق أوسطي»، تكون المملكة أحد ركائزه؛ لمجابهة «طهران».
في المجمل:
من المهم الإشارة إلى وجود متغيِّرات جذرية في سياسة الصين الخارجية تجاه المنطقة؛ ما سيمثل ضربةً قويةً للولايات المتحدة الأمريكية – الحليف الإستراتيجي لدول الخليج- إذ تهدف التحرُّكات الصينية، في مرحلتها الأولى، إلى تهيئة الأرضية لعقْد لقاءٍ بيْن وزيريْ خارجية «إيران، والسعودية»، على أن تقوم «بكين»، في المرحلة الثانية، بدعوة باقي دول «مجلس التعاون الخليجي» إلى قمة «خليجية – إيرانية» في الصين، بعد التوصُّل إلى صيغة تفاهُم بين «طهران، والرياض».
في هذا الإطار، ستحضر الملفات الإقليمية المشتركة، وخصوصًا الملف اليمني، في جولات التفاوض القادمة؛ حيث تشترط «الرياض» لتطبيع العلاقة مع «طهران»، احترام الأخيرة لسيادة السعودية، والكفّ عن تهديد أمنها الداخلي، والحدّ من التدخُّلات الإيرانية في المنطقة، فيما يظهر أن إيران غير مستعدة للتنازل عمَّا تراه مكاسب لها في المنطقة، وتضغط نحو الاعتراف بالوقائع على الأرض، ويدل على ذلك، استمرار تهريب الأسلحة الإيرانية إلى اليمن.
لذلك يظلُّ السؤال المتكرر في كل فرصةٍ يتداول فيها الإعلام، حدوث انفراجةٍ في العلاقات «السعودية – الإيرانية»، هل سيساعد تطبيع العلاقات بين البلديْن على إنهاء الحرب في اليمن؟
لا شك بأن تطبيع العلاقات بين «السعودية، وإيران» تطوُّرٌ مهمٌّ في المنطقة، وسيكون – لو صَمَدَ لفترةٍ طويلةٍ- بمثابة تحوُّلٍ كبيرٍ في المعادلة «الأمنية، والسياسية» بالشرق الأوسط، ولكن تظل تلك الخطوة مرهونةً، في حال أن كانت إيران جادة، وتملك الإرادة السياسية؛ لتفعيل هذا التطبيع، باحترام سيادة الدول، وعدم التدخُّل في شؤونها الداخلية.