المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الشؤون الدولية > آلية أممية للتعاون المائي العابر للحدود: مقترح لتأطير النزاعات المائية ضمن تنظيم دولي ملزم وعادل
آلية أممية للتعاون المائي العابر للحدود: مقترح لتأطير النزاعات المائية ضمن تنظيم دولي ملزم وعادل
- يوليو 16, 2025
- Posted by: Maram Akram
- Category: تقارير وملفات وحدة الشؤون الدولية
لا توجد تعليقات

إعداد: مصطفى مقلد
مقدمة:
في ضوءِ تَزايدِ حدّة النزاعات المائية العابرة للحدود، وارتباطها المتصاعد بقضايا السلْمِ الإقليمي والتنمية المستدامة، تكشفُ التجربةُ المصريةُ في أزمة السد الإثيوبي عن فراغٍ مؤسسيٍ دوليٍ بالغ الخطورة، يتمثّلُ في غيابِ جهةٍ أمميةٍ دائمةٍ وملزمةٍ لتسوية هذه النزاعات. ويقترح هذا التقرير تصورًا عمليًا تقوده مصر لتأسيس آليةٍ أمميةٍ تحت مظلة الجمعية العامة للأمم المتحدة تُعنى بتسوية النزاعات المائية على أسس قانونيةٍ و تنمويةٍ متوازنةٍ.
الفجوة بين التنظيم الدولي والواقع العملي
رغمَ وجودِ قواعدَ عرفْيةٍ واتفاقياتٍ دوليةٍ تُنظّم استخدام المجاري المائية الدولية، وعلى رأسها اتفاقيةُ الأمم المتحدة لعام 1997 بشأن الاستخدامات غير الملاحية، فإن التطبيق العملي لهذه المبادئ يواجهُ تحدياتٍ متزايدةً، خاصةً في ظل غياب آلية أممية دائمة تُعنى بتسوية النزاعات المائية أو بترجمة هذه القواعد إلى أدوات تنفيذية ملزمة.
ويُظهر الواقع أن هذه الفجوة القانونية باتت تُنتج تكلفة سياسية متزايدة. ففي أحدث تحديث لقاعدة بيانات Water Conflict Chronology الصادرة عن Pacific Institute، تم توثيق أكثر من 1,900 حالة نزاع واحتكاك حول المياه منذ عام 2000، منها 347 حالة عنف مرتبطة بالمياه في عام 2023 وحده، بزيادة قدرها 50% مقارنة بعام 2022، وارتفاع بنحو 150% مقارنة بعام 2000.[1]
ورغم هذا التصاعد في التوترات، لا تزال المعالجة المؤسسية للنزاعات المائية تعاني من تشتت واضح، حيث تفتقر المنظومة الدولية إلى بنية متكاملة تنسّق بين المسارات القانونية والفنية والتمويلية. ويُكرّس هذا الانفصال حالة من العجز الدولي عن الاستجابة المبكرة للنزاعات، ويُبرز الحاجة المُلحّة إلى آلية أممية موحدة تسد هذا الفراغ وتعيد هندسة الحوكمة المائية العابرة للحدود على أسس أكثر تماسكًا وإنصافًا.
دعوة لتأسيس آلية أممية للتعاون المائي العابر للحدود:
وفي ضوء هذا القصور القانوني والمؤسسي المتراكم، تبرز الحاجة إلى إنشاء آلية دائمة ضمن منظومة الأمم المتحدة، تُعنى حصريًا بالتعامل مع النزاعات المائية العابرة للحدود. ويستند المقترح المصري إلى رؤية واقعية تقوم على:
التسوية السياسية والقانونية للنزاعات المائية.
التنسيق الوقائي مع مجلس الأمن الدولي حين تتحول النزاعات المائية إلى تهديدات للاستقرار.
ربط التمويل بالتقييم الموضوعي.