حسين المبيض
جاءت زيارة وزير الخارجية الأمريكي «أنتوني بلينكن» للقارة الأفريقية، في السابع من أغسطس الجاري، لتبدأ في جنوب أفريقيا، ومن ثمَّ «جمهورية الكونغو الديمقراطية، ورواندا»، وتأتي الزيارة في أعقاب إعلان إدارة «بايدن»، عن قمة «قادة الولايات المتحدة، وأفريقيا»، المقرر انعقادها، في ديسمبر 2022، في «واشنطن»، وتأتي الزيارة في إطار انخراط الولايات المتحدة في بناء العلاقات مع الدول الأفريقية، في وقتٍ تتشكل فيه الضغوط «الاقتصادية، والسياسية» من صدامات؛ ناتجةٍ عن الأزمات المتلاحقة، من «جائحة كورونا» إلى تداعيات «الأزمة الأوكرانية» على «أمن الطاقة، والغذاء»؛ لذلك فإن السياق الدولي في لحظةٍ فريدةٍ، تدفع العديد من الدول إلى مرحلة إعادة ترتيب الأولويات، وبالمثل، فإن تحرُّكات الولايات المتحدة الأخيرة، تفيد برغبةٍ في التقارُب من دول القارة الأفريقية، ومن ذلك المنطلق، كانت زيارة «بلينكن» الأخيرة، هي المنصة التي تم من خلالها، الإعلان عن «إستراتيجية الولايات المتحدة تجاه دول جنوب صحراء أفريقيا»؛ لذا سنحاول خلال السطور التالية، «استبيان نهج، وأهم معطيات، ونقائص الإستراتيجية الأمريكية “الجديدة”»، في السياق الدولي المتأزِّم.
نهج جديد
تبدأ «إستراتيجية الولايات المتحدة تجاه دول جنوب صحراء أفريقيا»، برسْم صورةٍ لقارةٍ أفريقيةٍ، ذات أهمية عالمية متزايدة، بالإضافة إلى كوْنها من الركائز الأساسية لقيادة الجهود العالمية، في مواجهة التحديات الحالية، بما في ذلك: «الجهود المبذولة لإنهاء جائحة كورونا؛ معالجة أزمة المناخ؛ عكس المد العالمي للتراجع الديمقراطي؛ معالجة انعدام الأمن الغذائي العالمي؛ تعزيز نظام دولي منفتح ومستقر؛ تشكيل قواعد العالم بشأن القضايا الحيوية، مثل “التجارة، والإنترنت، والتكنولوجيات الناشئة”؛ ومواجهة تهديد الإرهاب والنزاع والجريمة عبر الوطنية».
بالإضافة إلى ذلك، تختلف الإستراتيجية عما سبقها في الاعتراف بالقارة الأفريقية؛ كوْنها الأسرع نموًّا؛ لتكون موطنًا لـ«25٪» من سكان العالم، بحلول عام 2050، وهي قارةٌ بها كتلة تصويت كبيرة في الأمم المتحدة، بنسبة «28٪»، كما أنها واحدة من أكبر التكتلات التجارية في العالم؛ حيث تقع على طول خطوط الاتصال والتجارة البحرية الرئيسية؛ بالإضافة إلى احتوائها على ثروات كبيرة من الموارد الطبيعية، وبنسبه «30٪» من المعادن الإستراتيجية في العالم، والتي تُعدُّ من أُسُس صناعات العالم الحديث؛ لذلك فإن اللغة المستخدمة، ومن ثمَّ نهْج إستراتيجية الولايات المتحدة هي لغة الشراكة مع الدول الأفريقية، التي تهدف إلى تعزيز قدرات أفريقيا في حل المشكلات العالمية.
أهم مُعْطَيات الإستراتيجية
من الناحية العملية، تحدد الإستراتيجية الأمريكية أربعة أهداف رئيسية، والتي تتضمن «التكيُّف المناخي، وجهود الانتعاش الاقتصادي بعد الوباء»، إلى جانب الأهداف المستمرة طويلة الأمد، وهي «تعزيز الانفتاح والشفافية في الحكم والديمقراطية»، بالإضافة إلى «الأولويات الأمنية»، ويتم العمل تجاه تحقيق تلك الأهداف، من خلال الشراكة في مبادرات جديدة، أو سابقة يتم تطويرها، وتشمل الآتي:
1- تجديد جهود الدبلوماسية العامة: ويتم ذلك، بتمكين السفراء والمسؤولين الأمريكيين في التواصل العميق مع الجماهير الأفريقية، من خلال أدوات الدبلوماسية العامة، بالإضافة إلى زيادة الجهود؛ لضمان توافر الموارد «البشرية، والمالية»، الكافية؛ لـ«تخطيط، وتنظيم، وتنفيذ» برامج التبادل الثقافي.
2- دعم التنمية المستدامة: والذي يتطلب مساعدة البلدان الأفريقية، في التغلُّب على التداعيات «الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية» لـ«جائحة كورونا»، والحدّ من المخاطر المستقبلية، من خلال تعزيز مرونة الدولة والمؤسسات، ويتم ذلك، من خلال تطوير التواصل مع «الحكومات، والهيئات الإقليمية»، بما في ذلك الاتحاد الأفريقي، بالإضافة إلى تشجيع الشركات الأمريكية على زيادة استثماراتها وشراكاتها؛ لدعم نهج التنمية المستدامة بيئيًّا، وتعزيز الأمن الغذائي، وبناء الإدماج الاجتماعي، والمساواة بين الجنسيْن، التي تقلل من الهشاشة، وتحدُّ من الصراعات.
3- تطوير أدوات الدفاع الأمريكية: ويتم ذلك من خلال مراجعة وإعادة الاستثمار في أدوات التعامل مع الجيوش الأفريقية، وخاصةً البرامج التي تدعم بناء القدرات المؤسسية، ومكافحة الفساد، وتعزيز إصلاحات قطاع الأمن، بالإضافة إلى تعزيز قدرة الشركاء الأفارقة، في تحقيق الأمن الإقليمي، ومكافحة الإرهاب، كما ستعمل وزارة الدفاع الأمريكية أيضًا، على كشف وإبراز مخاطر الأنشطة «الصينية، والروسية» السلبية في أفريقيا.
4- تعزيز العلاقات التجارية: والذي يتطلب الاستفادة من البرامج والسياسات الحالية؛ لزيادة «الاستثمار الأمريكي، والتجارة» مع أفريقيا، والعمل مع الشركاء الأفارقة؛ لتسهيل «التجارة، والسفر» المشروعيْن، مع تبادل المعلومات؛ لتأمين حدود الدول الأفريقية.
5- قيادة التحوُّل الرقمي: يتطلب العمل على تعزيز نظام بيئي رقمي، مبني على الإنترنت المفتوح والآمن، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، عبر دول جنوب صحراء أفريقيا، من خلال تفعيل دور الشركات الأمريكية، في بناء الكابلات البحرية، وزيادة عدد مراكز البيانات، والاستثمار في الأعمال التجارية الأفريقية، بالإضافة إلى ذلك، تقوم كُلٌّ من «وزارة الخارجية، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية»، بالاستفادة بشكلٍ متبادلٍ من المؤسسات الأكاديمية الأمريكية، والقطاع الخاص، في تمكين الشباب الأفريقي، من الوصول إلى مجموعةٍ واسعةٍ من «المهارات، والمعرفة»، من خلال «توفير دورات على مستوى البكالوريوس، والدورات عبر الإنترنت» في مجالات «العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات».
6- إعادة التوازُن نحو المراكز الحضرية: مساعدة المدن الأفريقية، على التخطيط لنموها في القطاعات الحيوية، مثل «الوصول إلى الطاقة، وتغيُّر المناخ، والتكيُّف، والنقل، وإدارة “المياه، والنفايات”».
بالإضافة إلى الأهداف والمبادرات التي تحققها خلال الخمس سنوات القادمة، تحذر الوثيقة الرسمية لإستراتيجية الولايات المتحدة أيضًا، من التدخل «الصيني، والروسي» في أفريقيا، في محاولةٍ للتمييز بين نهجهم وبين نهج الولايات المتحدة، وتؤكد أن الصين تستغل أفريقيا، من خلال تعزيز مصالحها «التجارية، والجيوسياسية»، مع تقويض الشفافية والانفتاح، وتحدي القانون الدولي، أما بالنسبة لروسيا، فهي تنظر إلى المنطقة، على أنها ملعب لشركاتها العسكرية الخاصة، والتي – غالبًا – ما تؤجج عدم الاستقرار؛ من أجل المنفعة «الإستراتيجية، والمالية»، كما تنص الوثيقة أيضًا، على أن روسيا تستخدم علاقاتها «الأمنية، والاقتصادية»، فضلًا عن المعلومات المُضلِّلة؛ لكسب الدعم الأفريقي لغزوها لـ«أوكرانيا»، وانتهاكات حقوق الإنسان.
تقييم الإستراتيجية
بشكلٍ عامٍ، فإن إستراتيجية الولايات المتحدة تجاه دول جنوب صحراء أفريقيا، هي مزيجٌ من «السياسات المستمرة طويلة الأمد، والسياسات الجديدة»، وفي كلا الحالتيْن، مطالب التصميم، وإعادة التصميم بما يتماشى مع السياق الأفريقي الحالي، في مواجهة التحديات «الداخلية، والدولية»، ومع ذلك، فإن الأهداف الأربعة، تُجسِّد إلى حدٍّ كبيرٍ، استمرارية السياسات التي تبنتها الإدارات الأمريكية السابقة؛ ما دفع المراقبين للتصريح، بأن التغيير المنصوص عليه في الإستراتيجية، هو في اللغة المستخدمة، وليس في المضمون، وبالفعل، من الممكن النظر إلى استخدام اللغة في كُلٍّ من الإستراتيجية، وخطاب «بلينكن» في مقولته: «أمريكا لن تُمْلِي على أفريقيا ما يجب فعله»، كمحاولةٍ للإيحاء بأن الإستراتيجية تهدف إلى شراكةٍ على قدم المساواة، في مواجهة التحديات المشتركة ومعالجتها، ومع ذلك، سيكشف المستقبل القريب، ما إذا كانت هناك فجوة حقيقية بين «الوعد، والتنفيذ»، كما هو الحال غالبًا، أو إذا كانت الإستراتيجية «الجديدة»، ستمنح أفريقيا الوكالة اللازمة؛ لتحقيق التغيُّر الإيجابي في قضاياها.
تستمر الإستراتيجية الأمريكية أيضًا، في الترسيم المُرْبِك للقارة الأفريقية، فمن خلال تصميم إستراتيجية أمريكية تجاه دول جنوب صحراء أفريقيا، فإنها تُقسِّم الدول «الخمس والخمسين» في القارة الأفريقية إلى مجموعتيْن، واضعة شمال أفريقيا في فئةٍ مختلفةٍ، ومع ذلك، فإن الإدارة الأمريكية تجمع كُلًّا من «موريتانيا، وجيبوتي» في دول جنوب الصحراء، في حين أن لـ«موريتانيا» أوجه تشابه «اجتماعية، وثقافية» مع «الجزائر، والمغرب» أكثر من أيِّ بلدٍ في الجنوب الأفريقي، وبالمثل، فإن «جيبوتي» تحتسبها الإدارة الأمريكية من دول جنوب الصحراء، بالرغم من التعامُل معها إداريًّا كجزءٍ من منطقة «الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا» في «البنك الدولي، وجامعة الدول العربية».
لذلك، من الضروري لإستراتيجية الولايات المتحدة، أن تحاول التعامُل مع أفريقيا، كما تفعل مؤسساتها مع «الاتحاد الأفريقي، وبنك التنمية الأفريقي»، بالإضافة إلى ذلك، كان من الممكن أن تدفع الإستراتيجية الأمريكية نحو التعامُل مع أفريقيا جغرافيًّا بشكلٍ أكثر ديناميكية، من خلال استخدام عدسة قارية على التجارة، وعدسة شبه إقليمية – «وسط، شرق، شمال، غرب» – حول الهجرة داخل القارة، والبنية التحتية للنقل، وقضايا الأمن، والتعامل على المستوى الفردي في الانتخابات ومشاريع الطاقة.
من الواضح أيضًا، بأن الإستراتيجية المتعلقة بـ«تجديد» جهود الدبلوماسية العامة والتبادل الثقافي، لا تتطرق إلى «تطوير، ومعالجة» نظام تأشيرات الولايات المتحدة لغير المهاجرين المُعقَّد، في حين تواجه أوقات معالجة تأشيرات غير المهاجرين للطلاب والزُّوَّار والسائحين والشركات الصغيرة تراكمًا هائلًا؛ بسبب تغيُّر السياسات المحلية، ووباء «فيروس كورونا»، والجمود البيروقراطي، بالإضافة إلى تفاوت أوقات الانتظار للتقديم؛ للحصول على تأشيرة الزيارة، والتي تتجاوز السنتيْن في بعض البلدان.
وفي الأخير، لم تتطرق الإستراتيجية الأمريكية إلى معالجة القضايا المزمنة، والصراعات في منطقة «الساحل، وغرب أفريقيا»؛ الناجمة عن الإرهاب، بالإضافة إلى ذلك، لا تحدد الإستراتيجية بين السياسات التي تهدف إلى مواجهة النشاط غير القانوني لروسيا، والتنافُس مع النشاط التجاري الصيني؛ لذلك تفتقر الإستراتيجية إلى الركيزة، التي من شأنها، أن تُحدِّدَ للقادة الأفارقة، أن العمل مع «واشنطن» أفضل من العمل مع «بكين، أو موسكو».
توقيت ودلالة الإستراتيجية
غالبًا ما يُنظر إلى جولة «بلينكن» الأفريقية الأخيرة، وتوقيت إصدار الإستراتيجية الأمريكية تجاه أفريقيا، من منظورٍ أوسع، كجزءٍ من الجهود «الأمريكية، والأوروبية» الأكبر، في مواجهة النفوذ الروسي في القارة الأفريقية، في الواقع، تشير الزيارات الرسمية الأخيرة، إلى أن «القوى الغربية، وروسيا» تتنافسان؛ من أجل الحفاظ على علاقات وطيدة، وعلاقات اقتصادية، مع شركائها الإستراتيجيين في أفريقيا، وشملت هذه الزيارات، زيارة وزير الخارجية الروسي «سيرجي لافروف» إلى «مصر، وأوغندا، وإثيوبيا، وجمهورية الكونغو»؛ في خطوةٍ لحشد الدعم السياسي، مع تعزيز العلاقات الاقتصادية، كما قام الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» بزيارة «الكاميرون، وبنين، وغينيا بيساو»؛ بهدف تجديد علاقات فرنسا مع القارة الأفريقية، كما شرعت رئيسة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية «سامانثا باور» وسفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة «ليندا توماس جرينفيلد» في جولات خاصة بهما في أفريقيا؛ لتحقيق هذا التقارُب الإستراتيجي، والذي يشير إليه المحللون بصورةٍ عامةٍ «مواقف الحرب الباردة»؛ حيث تُوجد أفريقيا في قلْب هذه المنافسة العالمية في فرْض النفوذ.
استمرار السباق تجاه أفريقيا
تجْدُر الإشارة، بأن الولايات المتحدة في وضْعٍ جيدٍ لبناء علاقات أقوى في أفريقيا، ويرجع ذلك؛ لامتلاكها «ميزانية كبيرة، وبنية تحتية عسكرية واسعة النطاق»، كما أنه ليس لدى الولايات المتحدة تاريخ استعماري في أفريقيا، ومع ذلك، فعلى مدار السنوات الماضية، لم تحقق الإدارات الأمريكية السابقة سوى القليل؛ لتعزيز السياسة «الأمريكية – الأفريقية» والعلاقات الدبلوماسية، من عدم تحرُّك إدارة «أوباما» بشكلٍ مؤثرٍ، إلى عدم اهتمام إدارة «ترامب» بأفريقيا، فعلى سبيل المثال، لم يشرع الرئيس السابق «ترامب» في زيارةٍ إلى أيِّ دولةٍ أفريقيةٍ، خلال فترة ولايته، وبالتالي، استغلت كُلٌّ من «الصين، وروسيا» الغياب الأمريكي، في ترسيخ وجودهم في القارة الأفريقية، فمن ناحيةٍ، أقامت الصين علاقات اقتصادية كبيرة، متجاوزة الولايات المتحدة، كأكبر شريكٍ تجاريٍ لأفريقيا، بحلول عام 2009، وبإجمالي تجارة، بقيمة «254 مليار دولار»، في عام 2021، مع كوْن الصين أكبر مستثمر في القارة، باستثمارات وصلت إلى «70 مليار دولار» في السنوات الخمس الماضية، وعلى الرغم من ذلك، يشير المراقبون – غالبًا – إلى هذا، على أنه وضع أفريقيا بين خيار «الفقر، وشراك الديون».
أما بالنسبة لروسيا، فقد أقامت علاقات عسكرية واسعة على مرِّ السنين، من خلال عقود التسلُّح مع الدول الأفريقية، بالإضافة إلى تورُّط مرتزقتها «مجموعة فاغنر»، في قتال عدَّة صراعات أفريقية، أبرزها، في «مالي، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وليبيا»، وبالتالي، فإنه في الفترة الأخيرة، بعد أن خرجت روسيا عن النَّسَق الدولي، من خلال غزْوها للأراضي الأوكرانية، والتسبُّب في أزمةٍ عالميةٍ، فتجد نفسها اليوم في عُزْلةٍ من المجتمع الدولي؛ لذلك تحاول جاهدةً في تعزيز علاقتها مع حلفائها والشركاء الإستراتيجيين، بما في ذلك القارة الأفريقية، فربما حقَّق النفوذ الروسي امتناع 17 دولة أفريقية، من أصل 35، عن التصويت على قرار الأمم المتحدة، الذي يدين الغزو الروسي لأوكرانيا، في مطلع شهر مارس، كما يمكن رؤية زيارة «لافروف» الأخيرة، من منظور الحملة الروسية، التي تعمل على مواجهة اللوْم الغربي لروسيا، في أزمة «الغذاء، والطاقة» العالمية المتزايدة، كما يجزم الخبراء، بأن روسيا ستدفع روايتها الخاصة، عن سبب الحرب في أوكرانيا، وستستخدم الزيارة؛ لإظهار أنه مازال لديها أصدقاء.
في الختام: من المنظور الجيوسياسي، تحاول الولايات المتحدة اللحاق بـ«الصين، وروسيا»، ويبقى السؤال، ما مدى رغبة وسرعة الولايات المتحدة في سدِّ الفجوة؟ وللزيارات الأخيرة أهمية في تنشيط العلاقات «الأمريكية – الأفريقية»، ولكن في نهاية المطاف، يعتمد ذلك التقارُب في الجزء الأكبر، على توظيف إدارة «بايدن» للإستراتيجية الأمريكية، تجاه دول القارة الأفريقية، وما تقوم به بمواءمة الأهداف والوسائل بشكلٍ ملموسٍ؛ لاتخاذ الإجراءات، وتنفيذ هذه الإستراتيجية؛ من أجل المنافع المتبادلة، طويلة الأجل لـ«أفريقيا، والولايات المتحدة»، كما أن المحدد الرئيسي للنجاح، سيكون مقدار التمويل، الذي تخصصه إدارة «بايدن» لتنفيذ الإستراتيجية؛ لذا لدى إدارة «بايدن» العديد من الفُرص؛ لتحقيق مكاسب سريعة، خلال الأشهر القليلة المقبلة، مثل «تصفية التأشيرات المتراكمة لغير المهاجرين، توفير استثمارات حقيقية في أفريقيا؛ لتكون بديلًا أكثر أمانًا من تلك التي تنفذها “الصين، وروسيا”، وحشد الحلفاء الأوروبيين نحو سياسات مناخية عالمية أكثر إنصافًا لأفريقيا في قمة COP27 المقبلة في مصر»، والمتبقي الآن، هو أن تراقب «الدول الأفريقية، وحلفاء الولايات المتحدة، وشركاء التنمية، وأصحاب المصلحة الآخرون» كيفية تنفيذ هذه الرؤية.