اجتمعَ وزراءُ خارجية مجموعة السبع – يومي الاثنين والثلاثاء – قرب روما لإجراء محادثات تركزُ على النزاع في الشرق الأوسط بهدفِ دعمِ الجهودِ الرامية للتوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار في غزة ولبنان، ودعمِ المبادراتِ الهادفةِ لدعمِ السكان وإيجاد أفقٍ سياسي يعيدُ الاستقرارَ للمنطقة[1]، وضمت المباحثاتُ جلسةً حواريةً موسّعةً مع وزراء من السعودية ومصر والأردن والإمارات وقطر بمشاركة الأمين العام لجامعة الدول العربية، وجاءت تلك الجلسةُ بعد خمسةِ أيامٍ على استخدام الولايات المتحدة حق “الفيتو” في مجلس الأمن ضد مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة.
وناقشََ الاجتماعُ كذلك مذكراتِ الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدوليةِ بحق “نتنياهو” و”غالانت”، وخلال اليوم الأول من الاجتماع، أعلنَ وزيرُ الخارجيةِ الإيطالي “أنطونيو تاياني” أن دولَ “مجموعة السبع” تسعى اتخاذِ موقفٍ موحدٍ في شأن أمر الاعتقال، في ضوء رفضِ الولايات المتحدة قرار المحكمة الذي وصفه جو بايدن بأنه “شائن”، وتباينِ مواقف الدول الأوروبية، وبالفعل جاء البيانُ الختاميُ للاجتماعِ ليقولَ إن دولَ المجموعةِ ستلتزمُ بقرار المحكمة، وعليه قال وزير الخارجية الإيطالي أنتوني تاياني: “توصلنا إلى موقفٍ مشتركٍ، وهذا ما طلبناه، إنه طلبٌ إيطالي وكان هناك تجاوبٌ من الأعضاء الآخرين في مجموعة السبع”، مع الإقرار بأنه “يتعيّن التفاوض مع نتانياهو من أجل التوصل إلى السلام في لبنان وفي فلسطين[2]، وغداة الإعلان، قال وزير الخارجية الفرنسي إن “بعض القادة” قد يتمتعون بـ”الحصانة” وفق نظام روما في تعليقه حول احتمال اعتقال نتانياهو في فرنسا.
وخلال اليوم الثاني تمَّ مناقشةُ الحرب في أوكرانيا، والوضعِ في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بحضور وزراء من دولٍ آسيوية عدة، بجانب متابعةِ الأزمات المستمرة في هايتي والسودان وفنزويلا.[3]
واستكمالا لتعهّد زعماء مجموعة الدول السبع الكبرى في 16 نوفمبر، بمواصلة فرض تدابيرَ عقابيةٍ ضد روسيا، وافقت دولُ مجموعة السبع على إقراض أوكرانيا 50 مليار دولار، عبر استخدامِ الأرباح من الأصول الروسية المجمدة لتعزيز الدعم لكييف، ومن المقررِ أن تبدأَ المساعداتُ الجديدة في الوصول لأوكرانيا بحلول نهاية العام[4]، وأعلنت الحكومة البريطانية – الإثنين- فرْضَ عقوباتٍ على 30 سفينة إضافية من “الأسطول الشبح” الذي يسمح لروسيا بتصدير نفطها وغازها من خلال التحايل على العقوبات الغربية.[5]
مشاركةٌ مصريةٌ ملفتة:
خلال اجتماع مجموعة السبع، تناولَ وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، العدوان الإسرائيلي المستمرَ على قطاع غزة، مشيراً إلى الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للقانون الدولي على مدار أكثر من عام، وما نتج عن ذلك من كارثةٍ إنسانيةٍ غير مسبوقة في المنطقة، واستنكرَ محاولاتٍ إسرائيل تهجير الفلسطينيين وتقويضَ عمل الوكالات الأممية، وعلى رأسها وكالة «أونروا»، وأوضح إدانتهُ لمواصلةِ التوسع الاستيطاني ودعوات ضمّ أجزاء من الضفة الغربية، وأكد الوزير على ضرورة التوصل إلى وقفٍ فوري لإطلاق النار، وضمان النفاذ الكامل للمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة دون أية عراقيل من الجانب الإسرائيلي.
كما تطرقَ الوزيرُ عبد العاطي للتطورات في لبنان، واستعرض مُحدداتٍ الموقف المصري التي تستند إلى ضرورةِ التوصل لوقفٍ فوري لإطلاق النار، وتوقف إسرائيل عن انتهاك السيادة اللبنانية، وتنفيذِ قرارِ مجلس الأمن رقم “1701” بكل عناصره ودون انتقائية، وتمكين المؤسسات اللبنانية وفي مقدمتها الجيش اللبناني، مندداً في هذا السياق باستهداف إسرائيل قوات «يونيفيل» الذي يُعدُ انتهاكاً للقانون الدولي، وهو ما يأتي تأكيدا للبيان الختامي للقمة العربية الإسلامية الاستثنائية في الرياض و زيارته للبنان التي تَلتْ تلك القمة، منوهاً إلى المؤتمر الوزاري الذى تستضيفهُ القاهرةُ في 2 ديسمبر المقبل لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة.[6]
وزير الخارجية المصري يصافح وزير الخارجية الإيطالي
أبرزُ ما جاء في البيان الختامي:
أعرب وزراء خارجية مجموعة السبع عن تأييدهم لوقف فوري لإطلاق النار في لبنان، وأدانوا بشدة الهجوم الأخير الذي استهدف قوة (اليونيفيل) في لبنان، وفي هذا السياق، أكد وزيرُ الخارجية الفرنسي “جان نويل بارو” خلال مؤتمر صحفي، أهميةَ العمل على تحقيقِ سلامٍ عادلٍ ودائم في لبنان يضمن الأمنَ الإقليميَ وسيادةَ البلاد وسلامتها، وعودة النازحين إلى ديارهم، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية دون تأخير.
وفي سياقٍ متصلٍ، طالبَ وزراءُ المجموعة “إسرائيل” بتسهيلِ توصيل المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في قطاع غزة بعد أن أدّى الوضعُ في غزة إلى مستوياتٍ غير مسبوقةٍ من انعدام الأمن الغذائي، مما أثر على جزءٍ كبير من السكان، وخاصة في الشمال، معبرين عن دعمهم لوكالةِ الأمم المتحدة لغَوثِ وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، ودورها الحيوي
في الأراضي الفلسطينية المحتلة. [7]
كما تناول “البيان الختامي” التدهورَ المستمر في الوضعِ الأمنيِ بالضفةِ الغربية، ودعا إسرائيل إلى الامتناع عن الإدلاء بتصريحاتٍ من شأنها تأجيجُ الانقسام وإضعافُ فرصِ تحقيقِ حل الدولتين، ورفضِ التوسع الإسرائيلي في المستوطنات، بجانبِ رفض إضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية، علاوةً على رفْضٍ أي محاولات لضمِّ أجزاءٍ جديدة من الضفة الغربية، كما أدانَ تصاعدَ العنف من قبلِ المستوطنين المتطرفين ضد الفلسطينيين.
وأكدَ على أهميةِ الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي في الضفة الغربية باعتباره عاملاً أساسياً للأمن الإقليمي. وفي هذا السياق، حثّ البيان السلطات الإسرائيلية على الإفراج عن عائداتِ المقاصةِ المحتجزة، وإلغاء الإجراءات التي تزيدُ من تدهور الوضع الاقتصادي، وتعزيزِ علاقاتِ المراسلة المصرفية مع المؤسسات المالية الفلسطينية.
وفيما يخصُ الملفَ النوويَ الإيرانيَ، أكد البيان على جهوده لمنْعِ إيران من تطوير أو حيازة سلاحٍ نووي، بالتنسيق مع “شركاء دوليين آخرين”، مع اعتبارِ المسار الدبلوماسي هو أفضلُ طريقٍ لحل ذلك الملف، ودعا إيرانَ لوقْفِ الأنشطة النووية التي لا يُوجدُ لها مبررٌ مدنيٌ موثوق وأن تتعاونَ مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية دون مزيدٍ من التأخير لتنفيذ اتفاق الضمانات الملزم قانونًا والالتزامات بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231 لعام (2015) بالكامل.
وحول هجماتِ الحوثيين ضد السفن التجارية العابرة للبحر الأحمر وخليج عدن، اعتبرَ بيانُ المجموعة أن هذه الهجمات انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، وأشار لخطورة تداعيات الأزمة في البحر الأحمر على عملية السلام في اليمن التي بشأنها دعا جميعُ الأطراف وخاصةً الحوثيين، إلى استئناف المفاوضات بطريقةٍ مسؤولةٍ وبنّاءةٍ، بما يتماشى مع المسارِ الذي تيسره الأمم المتحدة والذي تم التوصل إليه في ديسمبر 2023.
وفيما يتعلق بالسودان، اعتبرتْ مجموعة السبع أن الانخراطَ في مفاوضات تهدف إلى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار بات أمرا ضروريا، بجانب حماية المدنيين دون شروطٍ مسبقةٍ، وتنفيذ الأطراف المتحاربة التزاماتها بموجب إعلان جدة، عبر إنشاءِ آليةٍ قويةٍ وشفافة للرصد والتحقق لحماية المدنيين، وتوقف جميع الجهات الفاعلة الخارجية عن تأجيج الصراع، بما يتماشى مع الالتزامات التي تمَّ التعهد بها في إعلان المبادئ المعتمد في مؤتمر باريس، واحترام حظْرِ الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على دارفور. [8]
كذلك أعربتْ مجموعةُ السبع عن قلقها العميق إزاء قيام كوريا الشمالية بإرسال قوات إلى روسيا، معتبرةً أن هذا الدعم يشكّل تصعيداً خطيراً للنزاع، قد يؤدي إلى عواقبَ وخيمةٍ على الأمن في كل من أوروبا ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، كما حذّرتْ من احتمالية نقل أي تقنيات نووية أو متعلقة بالصواريخ الباليستية إلى كوريا الشمالية، في انتهاكٍ واضح لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، وأكد الوزراء التزامهم بالتعاون مع الشركاء لصياغة ردٍّ موحدٍ على هذه التطورات.[9]
وزير الخارجية المصري يصافح وزير الخارجية الإيطالي