إعداد
حسناء تمام كمال | رابعة نور الدين وزير |
مقدمة
في 15 يونيو الجاري، عُقِدَ اجتماع غير عادي لوزراء الخارجية العرب تحت مظلة الجامعة العربية، بمبادرة (مصرية – سودانية)، بالعاصمة القطرية “الدوحة”، بشأن توحيد الرؤى بين مصر والسودان، فيما يخص موقف البلدين من عملية الملء من الجانب الإثيوبي، وكيف سيؤثر سلبًا عليهما؟
وللتأكيد على أهمية توحيد الجهود على الأصعدة الإقليمية والقارية والدولية؛ لحثِّ إثيوبيا على العودة إلى مائدة المفاوضات بحسن نية؛ للوصول إلى اتفاق عادل وشامل، يحافظ على مصالح ثلاثتهم، مع الحصول على تأييد عربي، يتجاوز مجرد التصريحات والبيانات، بل الحصول على موقف ثابت قوى ورسمي، يدعم حق الدولتين.
أتى الاجتماع بعد فشل مفاوضات (كينيا – كينشاسا) أبريل الماضي، والتي كان يُعوَّلُ عليها بشكل كبير، كخطوة أخيرة في مسار التفاوضات الخاصة بسد النهضة، لكن لم تُفْضِ إلى اتفاق حول إعادة إطلاق المفاوضات؛ حيث رفضت إثيوبيا المقترح الذي قدمه السودان وأيدته مصر، بتشكيل رباعية دولية، تقودها جمهورية الكونغو الديمقراطية – التي ترأس الاتحاد الأفريقي – للتوسط بين الدول الثلاث.
وفيما يخصُّ مخرجات المؤتمر المرتبطة بقضية “السد الإثيوبي”، يمكننا الوقوف على عدة مخرجات هامة، كما يلي: تكمن جدوى هذا الاجتماع في دعم الموقفين المصري والسوداني، ويفتح المجال أمامهما لاستخدام خيارات أُخرى، خصوصًا بعد تفانيهم في إيجاد حلول دبلوماسية تضمن حق كل الأطراف، دون ظلم أو إجحاف، كما أنه يمثل تحركًا عربيًّا رسميًا، يؤكد على أهمية القضية، وأنها قضية أمن عربي وأفريقي أيضًا.
وفي إطار حديثنا عن اجتماع وزراء الخارجية العرب؛ لدعم الموقف المصري والسوداني، في قضية “السد الإثيوبي” اعتبر البعض، أن هذا الاجتماع بمثابة حشد (عربي – عربي) إزاء أطراف أفريقية، غير أن وجهة النظر هذه تتجاهل تاريخ ومسار العلاقات العربية الأفريقية، ومحفزاتها وطبيعتها، وخصوصًا في أوقات الأزمات، وفي هذا الصدد، يمكننا المرور على العلاقات العربية الأفريقية؛ للتأكيد على مدى الارتباط بين هذه الكتلة المتقاربة جغرافيًّا وثقافيًّا وغيرها، وما ترتب على ذلك من علاقات، أو تعاون ثنائي ومتعدد الأطراف، أو التعاون تحت مظلة مؤسسات إقليمية أو دولية، التي تضم دولًا من المجموعتين؛ لنستدل من هذا السياق على مدى صحة أو خطأ هذا الطرح..
أًولًا: العلاقات العربية الأفريقية قبل الاستعمار
يعتبر التعاون العربي الأفريقي واحدًا من أقدم تجارب التعاون حول العالم؛ حيث يتجاوز حدود التقارب الجغرافي والاشتراك في بعض الحدود البحرية أو غيرها من الحدود الحيوية، بل يتعداها إلى الروابط الثقافية والحضارية والتجارية، التي لها امتدادات عميقة في تاريخهم، وقد دعم القتال المشترك ضد الاستعمار هذه العلاقات في العصر الحديث، إضافةً إلى تشابه الرؤى فيما بعد الاستعمار، حول الاتجاه نحو البناء والتنمية.
ترجع جذور التعاون العربي الأفريقي إلى ما قبل ظهور الإسلام؛ حيث عاشت العديد من القبائل وسط العرب، وانصهرت واندمجت فيهم؛ حيث كان الأحباش يفدون إلى شبه الجزيرة العربية؛ لأسباب متعددة، مثل التجارة وغيرها، وتأثروا كثيرًا بالثقافة العربية، كما أنهم شاركوا في غزو الحبشة لليمن، وبعد ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي، ازداد التواصل بين العرب والأفارقة؛ لأنه أمدَّهم بسياج ديني، تمكنوا خلاله، للخروج من شبه الجزيرة إلى أفريقيا؛ لنشر تعاليم الدين الجديد، وهو ما أدى بالتبعية إلى زيادة الروابط بين المجموعتين، وبدأت تزداد العلاقات التجارية والمصاهرة والهجرات البشرية.
(أ)تعدد قنوات التواصل العربية الأفريقية:
ويمكننا القول: إن العلاقات التاريخية في هذه الفترة، مرت من عدة قنوات رئيسية، بدأت من الحبشة وشرق أفريقيا؛ حيث كانت القبلة الأولى للمسلمين؛ لنشر تعاليم الدين الجديد، وفيها أقاموا العديد من المراكز التجارية، وعقدوا العديد من الشراكات، وكانت الوفود العربية تأتي بكثرة إلى هذه المنطقة، في ظل حالة من التناغم بينهم، ومن الساحل الشرقي استطاعت الوفود العربية التوغل إلى منطقة البحيرات الإستوائية: (تنزانيا – كينيا – أوغندا – رواندا –بوروندي – الكونغو)، وحققت نفوذًا كبيرًا فيها.
أما القناة الثانية، فكانت الغرب والشمال الأفريقي؛ حيث كان للعرب دورًا فاعلًا في هذه المنطقة، من خلال الحركات التجارية التي أسست أربع طرق تجارية، من شمال أفريقيا إلى غربها ووسطها، أولها ربط ليبيا وتونس ببحيرة تشاد، ثانيها ربط تونس ببلاد الهوسا، ثالثها ربط الجزائر بأواسط نهر النيجر، وأخيرًا المغرب الأقصى بأعالي نهر النيجر، ولم تقتصر العلاقات على هذا الجانب فقط، بل قامت العديد من الممالك الإسلامية التي تعاقبت على حكم المنطقة في الفترة من القرن الثالث عشر حتى القرن السابع عشر، ومنها: (مملكة مالي- إمارات الهوسا- وصنغاي).
أما القناة الأخيرة، فكانت مصر والسودان، فقد كانت مصر من أهم وأول الدول الأفريقية تمثلًا للثقافة الإسلامية والعربية، ومن خلالها، تعززت وتغلغلت العديد من القيم العربية، بحكم موقعها الجغرافي؛ ما جعلها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بأفريقيا، وكان لعلاقاتها التجارية أثر كبير في تعميق الارتباط والتعاون، وانتقلت العديد من المؤثرات العربية والإسلامية من مصر إلى السودان، عبر البحر الأحمر.
وعليه، يمكننا القول: إن الفترة التي سبقت الاستعمار، كانت العلاقات العربية الأفريقية مزدهرةً، وتميزت أيضًا بالانفتاح والانصهار فيما بينها.
(ب) أثر الاستعمار على العلاقات العربية الأفريقية:
لقد أثَّر الاستعمار سلبًا على العلاقات بين أفريقيا والعرب؛ حيث كانت الدول الاستعمارية تتبع سياسات؛ هدفها الفصل الثقافي بين المجموعتين فمثلًا: بريطانيا اتبعت سياسة (اللاتعريب) في جنوب السودان، وغيرها من السياسات التي جعلت دول المنطقة العربية والأفريقية بالكامل تنكفئ على ذاتها خلال فترة الاستعمار التي بدأت أواخر القرن الخامس عشر وحتى منتصف القرن العشرين.
وقد أثَّر الاستعمار تأثيرًا عميقًا عليهما، فعلى سبيل المثال: ضعفت منطقة حوض البحر المتوسط، واستولى البرتغاليون عليها، وعلى مراكز التجارة في منطقة شرق أفريقيا، كما حجَّم الاستعمار البريطاني التقدم المصري الجنوبي، و استولى البلجيكيون على منطقة حوض الكونغو، وقضت إيطاليا على حركة التجارة بين ليبيا والقارة الأفريقية، كما حاولت فرنسا دمج الشمال الأفريقي في الثقافة الأوروبية الفرنسية، وقد أدَّى الاستعمار إلى تفكيك التجانس والترابط بين العرب وأفريقيا، من خلال فرض سياسات تستهدف فصلهم وجعلهم تحت مظلته.
ثانيًا: العلاقات العربية الأفريقية فترة ما بعد الاستعمار
في مطلع الخمسينيات من القرن العشرين، حصلت العديد من الدول العربية على استقلالها، ومن ثَمَّ تنامت العلاقات وسط حالة من التضامن والتنسيق بين الدول العربية والأفريقية، في عدد من القضايا مثل: (مكافحة الاستعمار، الدعم السياسي لحركات التحرر)، وجدير بالذكر، أن مصر كانت أول دولة تساند حركات التحرر الأفريقية ماديًّا وعسكريًّا ودبلوماسيًّا وإعلاميًّا، ليس هذا وحسب، بل شمل هذا التضامن المطالبة بحقوق هذه الشعوب في الاستقلال بالمحافل الدولية؛ ما ترتب عليه إصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار رقم (1514) سبتمبر 1960، الخاص بمنح الدول حقها في التحرر من الاستعمار.
وفي حرب عام 1973، أعربت حكومات الدول الأفريقية ومنظمة الوحدة الأفريقية، عن تضامنها الكامل مع الدول العربية، وتمَّ قطع العلاقات مع إسرائيل، من قِبَلِ 29 دولة أفريقية، وبعدها تعمَّقت العلاقات بين الجامعة العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية –الاتحاد الأفريقي حاليًا- وتمَّ عمل لجنة سباعية؛ لبحث تأثير حظر البترول على الدول الأفريقية، وتم تشكيل لجنة لبحث سبل التعاون الاقتصاد.
وفي مطلع الثمانينيات، حلَّ على العلاقات العربية الأفريقية بعض الشوائب التي أضعفت التعاون فيما بينهم؛ بسبب الاتفاقية التي وُقِّعَتْ بين مصر وإسرائيل، ومن ثَمَّ تغير النظام العالمي، وبداية انكفاء الدول العربية على ذاتها، بعد خروجها من ربقة الاستعمار ومحاولة الإصلاح، إضافةً إلى تغير توجهات معظمهم في اتباع أي المعسكرين – الشرقي أم الغربي – كل هذه العوامل أضعفت التعاون بينهم، ولكن سرعان ما تم تدارك هذا الأمر في القمة العربية، التي عقدت في عمان 2001، والتي دعت إلى إحياء التعاون العربي الأفريقي، في ظل التحديات والمخاطر المشتركة.
ثالثًا: التعاون في بناء السدود والخزانات:-
بتوقيع اتفاقية 1949، بين دول حوض النيل، شهدنا تعاونًا مصريًّا كبيرًا، في الموافقة على تنفيذ مشروعات تخدم بعض دول الحوض داخليًّا، ومنها: تخزين بعيد المدى في كل من :(البحيرات الإستوائية)، و (بحيرة تانا) بإثيوبيا؛ للوقاية من الفيضان، و اتفاق بين مصر وأوغندا على بناء سد (أوين) على مخرج بحيرة فيكتوريا، كما شهدت اتفاق مصر والسودان على بناء خزان (مروى) عند الشلال الرابع؛ لدرء الفيضان، واقتسام الدولتين فائدة التخزين، و إنشاء قناطر على شلالات (أوين) عند مخرج بحيرة فيكتوريا؛ لتوليد الكهرباء؛ لخدمة أوغندا، وأتاح الاتفاق لمصر والسودان استخدام بحيرة فيكتوريا كخزان طبيعي.
من ناحية أخرى، وفي عام 1959، اقترحت مصر إنشاء مشروع قناة (جونجلي)؛ بهدف استغلال المياه الضائعة في الأنهار (بحر الغزال الزراف السوباط)، وتوزيع الإيراد مناصفةً بينهما، وهو مشروع قناة (جونجلي) طولها 300 كم؛ لتصريف المياه، منطقة السدود جنوب السودان إلى بحر الجبل وبحر الغزال الزراف السوباط، ويتم من خلالها حفظ 42 مليار متر مكعب، توقف العمل بها؛ بسبب الحروب، وعدم الاستقرار في جنوب السودان، وكانت مصر على استعداد لتنفيذ هذا المشروع.
بالرغم من وجود أزمة سد النهضة إلا أن مصر وافقت على الدخول في مناقصة لبناء سد في تنزانيا في عام 2019، بدأ وزير الكهرباء والطاقة المتجددة في مصر (محمد شاكر) مع وزير الطاقة التنزاني (ميدار موتوجلو كاليماني) تنفيذ سد (روفيجي) أكبر سد في تنزانيا، وتولَّت شركة المقاولون العرب المصرية تصميم وبناء السد.
يعد سد (روفيجي) الأكبر من نوعه في تنزانيا؛ إذ يبلغ ارتفاع السد 134 مترًا، وطول بحيرته 100 كم، ومساحة بحيرة التخزين 1350 كم2، والسعة التخزينية 34 مليار متر مكعب، ويُقام على ضفاف نهر الروفيجي، وهو نهر داخلي طوله 600 كيلومتر، ويجري في النهر من 10 إلى 58 مليار متر مكعب من المياه سنويًّا، بتكلفة 2.9 مليار دولار، فيما يصل عدد العاملين فيه إلى نحو 5 آلاف شخص، بين مهندسين وعمال.
وسد روفيجي، يخدم بشكل كامل الداخل التنزاني، ولم يكن السد الأول الذي تتولى مصر تنفيذه لخدمة إحدى الدول الأفريقية، دون أن يكون لها مصالح مشتركة في هذا السد، بالتجربة المصرية في هذا الصدد تقترب من قرن كامل.
إن الوجود المصري التاريخي العميق والفعلي والمتنوع بين دول حوض النيل، يؤكد أن مصر لم تدَّخر أيَّ مجهود في مساعدة أيٍّ من دول حوض النيل في إقامة مشروعات تكون ذات عائد داخلي فقط، وهذا مثبت بالأفعال، كما أنه اتجاه تاريخي ليس حديثًا.
رابعًا: المغرب العربي وأفريقيا:
تنوعت علاقات دول المغرب العربي مع أفريقيا على فترات زمنية، وخصوصًا، دولتي (المغرب وليبيا)، لم ترتبط تلك العلاقة بتوجه عربي، وإنما من واقع الالتقاء في عدد من الملفات، وبحكم الجوار أو تشارك جوانب من الهوية الأفريقية، وفيما يلي نشير إلى المحطات الرئيسية في تاريخ علاقة دول المغرب العربي مع دول الجوار الأفريقي.
(أ) المغرب:
بالرغم من انسحاب المغرب العربي من منظمة الوحدة الأفريقية عام 1984؛ بسبب قبول عضوية جبهة (البوليساريو) فيها، واستمرار هذا الغياب لما يزيد عن ثلاثين عامًا، إلا أن هذا الغياب لم يكن له أيّ تأثير على العلاقات المغربية الأفريقية، سواءً في فترة الانسحاب أو العودة.
العلاقات بين المغرب وتشاد تنمو منذ العام 2013، عندما أرست الرباط لأول مرة وجودًا دبلوماسيًّا في نجامينا، كما يُشكّل التعاون الأمني الثنائي أحد الجوانب المهمة في هذه العلاقات، كذلك عملت الدولتان على تعزيز التعاون بينهما في مجالات أُخرى، آخرها، ندرة المياه والصرف الصحي والإدارة، وجمعت المغرب علاقات قوية مع بوركينا فاسو، فقد وقَّع البلدان عشرات الاتفاقيات الثنائية، والمغرب مستثمِر ناشط في قطاعَي المصارف والاتصالات السلكية واللاسلكية في بوركينا فاسو.
وعلى المستوى الأمني، أعلن وزير الخارجية المغربي (ناصر بوريطة)، في سبتمبر 2017، أن المغرب سيساعد مجموعة (دول الساحل الخمس)، على إدارة الأمن الحدودي، وقطعَ وعدًا بالمساعدة على التصدّي للتعاليم الإسلامية المتشدّدة في المنطقة بصورة عامة.
وفي يونيو 2018، تعهّد المغرب بدعم القوى المشتركة لمجموعة دول الساحل الخمس، التي تُركِّز عملياتها على مكافحة الإرهاب، وتعتزم المغرب إتاحة الوصول إلى خبراتها في الكهرباء وإدارة المياه من خلال الوكالتَين الأبرز المملوكتَين من الدولة المغربية والمتخصّصتَين في الطاقة المتجددة؛ لتأمين التيار الكهربائي لدول الساحل، التي تعاني من نقص في هذا المجال.
(ب) ليبيا:
تحركت ليبيا خطوات واسعة في توحيد العمل العربي الأفريقي، من خلال التنظيمات المختلفة، ومنها الآتي:
تكتل الساحل والصحراء (س.ص)
بدعوة من الرئيس الأسبق معمر القذافي، تأسس في 4 فبراير 1998 تجمع دول الساحل والصحراء أو (س. ص) بطرابلس في ليبيا، ويضم حاليًّا في عضويته دولتين أفريقيتين، وهو أكبر تجمع اقتصادي في أفريقيا، عُقِدَ إثر مؤتمر القمة الذي شارك فيه رؤساء دول كل من : (مالي، تشاد، النيجر، السودان ومندوب عن رئيس بوركينا فاسو)، بناءً على مبادرة من الرئيس الليبي آنذاك معمر القذافي، و يسعى تجمع دول الساحل والصحراء (س.ص) إلى إقامة اتحاد اقتصادي شامل، وفقًا لاستراتيجية، تنفـذ من خلال مخطط تنموي متكامل مع مخططات التنمية الوطنية للدول الأعضاء، وتشمل الاستثمار في الميادين الزراعية والصناعية والاجتماعية والثقافية وميادين الطاقة.
إزالة كافة المشكلات التي تحُول دون وحدة الدول الأعضاء عن طريق اتخاذ الإجراءات اللازمة؛ لضمان تيسير تحرك الأشخاص ورؤوس الأموال ومصالح مواطني الدول الأعضاء، حرية الإقامة والعمل والتملك وممارسة النشاط الاقتصادي، حرية تنقل البضائع والسلع ذات المنشأ الوطني والخدمات.
أما عن عضوية مصر لهذا التجمع، فقد استكملت إجراءاتها الدستورية؛ لانضمامها إليه 2001، و إن كانت موجودة كعضو مراقب منذ 1998، ومنذ عام 2006، بدأ الحديث عن إمكانية انطلاق منطقة تجارة حرة منذ 2006، إلا أن هذا الإعلان لم يصاحبه خطة واضحة محددة الالتزامات.
مجهودات في الحفاظ على عضوية الدول الأفريقية في منظمة الوحدة الأفريقية: من ناحية أُخرى، ساعد معمر القذافي في استمرار عمل منظمة الوحدة الأفريقية، ففي ستينات القرن الماضي، عجز عدد من الدول الأفريقية عن دفع الاشتراكات السنوية للمنظمة، وكانوا مهددين بسحب عضويتهم، غير أنه بالتعاون بين الرئيس المصري جمال عبد الناصر والرئيس الليبي معمر القذافي، تم دفع هذه المستحقات بدلًا منهم؛ رغبةً في استمرار عمل المنظمة.
خامسًا: حضور للخليج العربي في دعم حل أزمات القرن الأفريقي.
تربط دول الخليج العربي تجاور جغرافي مع القارة الأفريقية، وخصوصًا دول القرن الأفريقي، وهو ما ساعد على توطيد العلاقة بين دول الخليج وأفريقيا عمومًا، ودول الخليج العربي، وخصوصًا الإمارات والسعودية، في أزمات أفريقيا بشكل عام والقرن الأفريقي بشكل خاص.
أولًا: الدور السعودي
برز الوجود السعودي بشكل كبير من خلال المساعدات الإنسانية التي قدمتها السعودية للصومال في الحرب الأهلية وحالة فراغ السلطة التي عانى منها الصومال في الفترة من 1990 وحتى عام 1993، وفي عام 2006، تبرعت المملكة العربية السعودية بعشرة ملايين دولار؛ لدعم جهود برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة في القرن الأفريقي؛ حيث قارب المخزون الغذائي لنحو 6 ملايين شخص على النفاد في ست دول؛ بسبب مواسم الجفاف الشديد المتعاقبة، وهو التبرع الذي وُصِف بالأضخم وقتها وفقًا لبرنامج الأغذية.
استفاد من هذا التبرع (الصومال وجيبوتي وإثيوبيا وكينيا ورواندا وتنـزانيا)، ووُزع على عدد كبير من الرعاة الرُّحَّلِ الذين فقدوا معظم قطعان ماشيتهم، وباتوا يواجهون شبح المجاعة في منطقة القرن الأفريقي، وتأتي المساهمة السعودية في وقت يواجه فيه برنامج الأغذية العالمي عجزًا في تمويل عملياته الإنسانية في القرن الأفريقي، بلغ حوالي 200 مليون دولار.
ثانيًا: الدور الإماراتي
من ناحية أُخرى، وبالنسبة للتوزيع الجغرافي للمساعدات الإماراتية لعام 2015، حصلت قارة أفريقيا على النصيب الأكبر بما قيمته 25.11 مليار درهم مقارنة بـ14.67مليار درهم في العام 2014
وكانت الإمارات دشَّنت في عام 2009، حملة (لأجلك يا صومال)؛ بهدف جمع تبرعات لتنفيذ أعمال إغاثية في الداخل الصومالي، والتي بدأت منذ عام 2009، وبلغت قيمة المساعدات الإغاثية منذ عام 1993 وحتى نهاية 2016، نحو 95.8 مليون درهم، فيما بلغت قيمة المشاريع 82.6 مليون درهم، ومشاريع رمضان والأضاحي 19.5 مليون درهم، والمشاريع الخاصة بكفالة الأيتام 78.8 مليون درهم، والمساعدات الإنسانية 10.6 ملايين درهم.
بلغ إجمالي المساعدات التي قدَّمتها الإمارات للصومال منذ العام 2009 وحتى نهاية 2016 نحو 941 مليونًا و810 آلاف درهم، وفقًا لتقرير المساعدات الخارجية لدولة الإمارات، التي أعلنت عنها وزارة الخارجية والتعاون الدولي، أضاف عليها 165 مليون درهم في عام 2017
الخاتمة والتوصيات
في إطار القراءة في المحطات الهامة في تاريخ العلاقات بين الدول العربية والأفريقية، وبالرغم من مرور العلاقات العربية الأفريقية بمراحل ومحطات هامة جدًّا بالنسبة لكليهما، فهذا لا يعطي نظرة تشاؤمية تغلّب الصراع على التعاون في مستقبل العلاقات بين الجانبين؛ لأن هذه الدول مازال لديها القدرة على التنسيق والتعاون والتشارك في كثير من المجالات، متجاوزين بذلك كل العقبات، وما خلَّفه الاستعمار والفترات الصعبة في تاريخها، لحاضر ومستقبل يحمل الكثير من التفاهم والتعاون.
كما أن القول: بأن هناك حشد (عربي – عربي) إزاء حشد (أفريقي – أفريقي)، هو قول منزوع من السياق التاريخي للعلاقات العربية الأفريقية، وقراءة سطحية، وكذلك منزوع من السياق المكون للهوية العربية لدول الشمال الأفريقي، وهي دول عربية أفريقية.
ولم تحاول أيّ من الدول العربية الحشد في الأزمات بالصف العربي في مواجهة الصف الأفريقي، بل إن الدول العربية، سواءً أفريقية أو أسيوية أو خليجية، لديها ميول أفريقية بقوة، ونستدل على ذلك من تجربة تكتل الساحل والصحراء، محاولة الجامعة الدول العربية التدخل لحل أزمة الصومال، في مؤتمرات نيروبي الدوريت (2002-2004)، وبالرغم من أن الميثاق الذي خرج منه أعطى تكتل الإيجاد صفة المراقب، وكذلك الاتحاد الأفريقي، دون الجامعة العربية، إلا أن ذلك لم يغير من مسار التعاون، وعليه، يمكننا وضع بعض عدد من التوصيات منها الآتي:
- تسليط الضوء على طبيعة وتاريخ العلاقات العربية الإفريقية.
- تفعيل التعاون بين الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي.
- توسيع التمثيل الدبلوماسي ليشمل جميع الدول الإفريقية والعربية معًا؛ لضمان مستوى من الحضور والتنسيق بين الحكومات، وتحقيق الأهداف المشتركة وحناية الأمن القومي للجميع.
- تشجيع إنشاء وإطلاق مبادرات عربية أفريقية من أجل دعم التعاون على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وما يترتب عليها من تطوير حجم التعاون في هذا المجال، ودعم الاقتصاديات، والاستثمارات.
- تعظيم الاستفادة من المؤسسات والهيئات الأفروعربية سواء المحلية أو الإقليمية؛ لدعم التقارب بين هذه الدول
- يوصي بأن يتعامل الإعلام مع أزمة سد النهضة باعتباره أزمة متأزم، يجب السعي إلى حلها كافة الأطراف ذوي القدرة على ذلك، وعلى رأسهم الدول العربية والأفريقية.
- عدم تمييع محاولات دول المصب باستئناف المفاوضات وحل الأزمة أو إفراغ تلك المحاولات من هدفها.