المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > الدراسات الأمنية والإرهاب > استهدافُ قادةِ التنظيماتِ الإرهابيةِ: بين النجاحِ التكتيكيِ والتحدياتِ الاستراتيجية
استهدافُ قادةِ التنظيماتِ الإرهابيةِ: بين النجاحِ التكتيكيِ والتحدياتِ الاستراتيجية
- مارس 21, 2025
- Posted by: Maram Akram
- Category: الدراسات الأمنية والإرهاب تقارير وملفات
لا توجد تعليقات

إعداد: آية أشرف
باحث في وحدة الإرهاب والتطرف
أعلنتْ القيادةُ المركزيةُ الأمريكيةُ “سنتكوم” في الثالثَ عشرَ من مارس الجاري عن تنفيذِ غارةٍ جويةٍ دقيقةٍ بالتعاون مع الأجهزة الأمنية العراقية استهدفت “عبد الله مكي مصلح الرفيعي” المكنى “بأبو خديجة” الرجل الثاني في تنظيم “الدولة الإسلامية” والمصنّف دولياً بإنه أحدُ أخطرِ الإرهابين في العراق وعلى مستوى العالم؛ فهو المسئولُ بشكلٍ أساسيٍ عن العملياتِ الخارجيةِ للتنظيم في منطقة العراق وسوريا وتركيا والشام عموماً ويشغل مناصب جوهرية في التنظيم أهمها والي سوريا والعراق فضلاً عن كونه قائدَ العلمياتِ واللوجستياتِ والتخطيطِ على المستوى الدولي للتنظيم كما يشغلُ منصبَ أمير اللجنة المفوضة وهي أعلى هئية لاتخاذ القرار في التنظيم وهو الموكول إليه إدارة عمليات تمويل التنظيم([1]).
تأتي عملية استهداف “الرفيعي” ضمنَ استراتيجيةٍ أوسع ينتهجُها التحالفُ الدوليُ والحكوماتُ المحليةُ ضد التنظيمات والجماعات الإرهابية المختلفة على مستوى العالم لا سيَّما في الشرق الأوسط وأفريقيا تقوم على استهداف قادة هذه التنظيمات باعتبارهم العقول الدمبرة والمديرة للنشاط الإرهابي للخلايا الأصغر، وعليه يحاول هذا التقرير تقييم الأثر الفعلي لهذه الاستراتيجية ما بين المكاسب التي تحققها والتحديات التي تنتج عنها.
أبرزُ الاستهدافاتِ
تعدُ استراتيجيةُ استهدافِ قادةِ التنظيماتِ الإهابيةِ أو ما يُعرفُ “بقطع الرؤوس” بالقتل أو الإعتقال من أبرز الآليات المستخدمة في مكافحةِ خطرِ التنظيماتِ الإرهابية وتحظىَ بإهتمامٍ كبيرٍ من قِبلِ القوى الدولية والإقليميةِ المنخرطةِ في أنشطة مكافحة الإرهاب، وبالرغم من الجدل الواسع حول مدى فعاليتها لا سيما على المدى الطويل مازتلت هذه القوى تلجأُ إليها في بعض الأحيان، وقد بدأتْ هذه الإستراتيجيةُ في التبلورِ بشكلٍ كبيرٍ في أعقابِ أحداثِ الحادي عشر من سيتمبر 2001م وما تبعهَا من عملياتٍ إرهابيةٍ مؤثرةٍ كان لها صدى دوليٌ وإقليميٌ وأصبحت ردَّ فعلٍ عالمي من الدولِ المستهدفةِ بالإرهاب تجاه هذه التنظميات وقادتها وذلك أنطلاقاً من فكرةِ أن إبعادَ هؤلاء القادة سيجعل التنظيمَ أقلَ قدرةٍ على التخطيطِ والتنفيذِ للعمليات الإرهابية، وفي الآونة الأخيرة عادت هذه الاستراتيجية بقوة بعد سلسلة الاستهدافات الواسعة التي تشنها القواتُ الدوليةُ والإقليميةُ والمحليةُ ضد التنظيمات الإرهابية في المناطق التي تشهدُ تواجداً كثيفاـ وذا ثِقَلٍ قياديٍ لهذه الجماعات كالعراق وسوريا واليمن والصومال، إذ شهدت الفترة من أواخر 2024م وحتى الربع الأول من 2025م تمَّ تصفيةُ عددٍ كبيرٍ من قادة هذه التنظيمات على اختلاف مراتبهم القيادية واختلاف التنظيمات التي يتنمون إليها.
ولعل أبرز هؤلاء القادة:
-
“أبو يوسف” قائدُ تنظيمِ الدولةِ الإسلامية “داعش” في منطقة “دير الزور” السورية ([2]).
-
“عيلوا إسحاق” المسؤول المالي لحركة الشباب في الصومال ([3]).
-
“محمد ميري” مسؤولُ إدارةِ العمليات في حركة الشباب الصومالية ([4]).
-
وهو “أحمد أغ ديتا” الزعيمُ المحلُي “لداعش” في الصحراء الكبرى والمسؤول عن شبكة علاقاته المالية واللوجستية وعمليات التجنيد في منطقة “ليباتكو غورما” ([5]).
-
“آزاد شاخي” أميرُ تنظيم “داعش” في منطقة “كردستان” العراقية([6]).
-
“جاسم المزروعي” وكنيته “أبو عبد القادر” ولي تنظيم “داعش” في العراق ([7]).
-
“أبو عمر القرشي” والى “داعش” في منطقة “صلاح الدين” العراقية ([8]).
-
“محمود علي حسين” مسؤول الاستطلاع وجمع المعلومات وتنسيق زراعة الألغام ومسوحات المعسكرات للعمليات المستقبلية في حركة الشباب الصومالية ([9]).
-
” محمد شيخ” المسؤول المالي لحركة الشباب في إقليم “غلغدود” الصومالي “([10]).
-
“مروان بسام عبد الرؤوف” أحدُ كبارِ قادةِ تنظيم “حراس الدين” في سوريا والمسوؤل عن الإشراف العملياتي واللوجستي في الأرضي السورية )[11] (.
-
“محمد يوسف ضياء تالاي” القائد العسكري في تنظيم “حراس الدين” التابع لتنزيم القاعدة العالمي([12]) .
-
ابو الحارث العراقي” مسؤول كالتجهيز للهجمات والعمليات وملف الوافدين وعمليات الأغتيال في “داعش” العراق ([13]).
-
“أبو ذر الفقار” المكلفُ بالعملِ ضمن (صنف الدفاع الجوي) التابع “لداعش” والمسؤول عن محاولات التصدي لطائرات القوات الأمنية في فرع التنظيم في العراق ([14]).
-
“محمد سالم باحميش” المكنى بـ “أبو يوسف الحضرمي” أحد أهم قادة تنظيم “القاعدة” فرع جزيرة العرب([15]).
-
“أبو عاصم الصنعاني” قياديٌ بارزٌ في تنظيم ” القاعدة” فرع جزيرة العرب ([16]) .
-
“عطا الشامي” المسؤول الأول عن ملف الاغتيالات لدى تنظيم “داعش” في محافظة “درعا” السورية ([17]).
-
“أميرول بوما” كبيرُ صانعي القنابل في تنظيم “بوكو حرام”([18]).
-
“عبد الله مكي مصلح الرفيعي” الرجلُ الثاني في تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة الشام.
-
“أم الحسين” التي تم اعتقالها في العراق وهي قياديةِ في تنظيم الدول في العراق وزوجة “عبد الله مكي مصلح الرفاعي” ([19] ).
بالإضافةِ إلى قادةٍ آخرين في الصفوف الأولى في هذه التنظيمات كمسؤولِ الكفالات في “داعش” في محافظة “نينوى” العراقية([20])، والمسؤول العسكري العام “لداعش” في جنوب العراق([21])،ونائب والي العراق ووالي الأنبار وأمير التصنيع والتطوير والملف الكيميائي في “لداعش” في العراق، ومسؤول التواصل والملف الاقتصادي والأموال لولاية الأنبار([22])، والقيادي الداعشي ” أبو صفية العراقي” ([23])، والقيادي في حركة الشباب “آدم رابي عبد الله” ([24])، و “عبدالرحمن الليبي” و”فضل الليبي”([25]) و”أحمد أبو شامي” و “جعفر التركي” ذو الأصول التركية و “محمد الجدوع” و”محمد إبراهيم الذيبان” و” أبو مصعب” و” وسيم تحسين بيرقدار” ([26]) الجهاديين في “حراس الدين”، فضلاً عن إسقاطِ الهيكلِِ العامِ لما يُعرفُ بهيئة “فكاك الأسرى” التابعةِ لتنظيم “داعش” داخل السجون العراقية بواسطة قوات هيئة الحشد الشعبي العراقية ([27])، و” أبو جوار ” المعاون الإداري “لداعش” في كركوك و” أبو مصعب” أمير قطاع الرشاد في كركوك و”أبو حذيفة” إعلامي التنظيم([28])، وعددٌ من قادةِ السريا في حركة الشباب الصومالية منهم “حسن غوري” المسؤول عن دعمِ العملياتٍ في الحركة والقيادي “طاهر بحسدي” ” والقيادي المسؤول عن المركبات والقيادي “خالد جيس”، والقياديُ المسؤولُ عن تجنيدِ الميليشيات والجانب المالي في “داعش فرع الصومال” ([29])، و”يوسف دغناس” ([30])، و”أبو عكرمة” القيادي في “بوكو حرام”([31] )، ” ومحمد بن صالح المغي” المعروف بـ”أبي علي الديسي” و”عمار بن صالح العولقي ” المسؤوليْين عن تأمينِ تنقّل قياداتِ وعناصر “القاعدة” فرع جزيرة العرب في الأراضي اليمنية ([32]).
استهدافُ قادةِ الإرهاب: نتائجُ متباينة وتأثيرات مشروطة
على الرغم من الأثرِ الواسعِ لإستراتيحيةِ استهدافِ قادة التنظيمات الإرهابية إلا أن الأدلةَ التجريبيةَ تؤكد أن فعاليةَ هذه الأداة تظلُ متباينةً إلى حدٍ كبيرٍ بل وقد تؤتي نتائج عكسية وتعتمدُ على عددِ من المؤشراتِ التي يجبُ تواجدها حتى تُحققَ هذه الآلية نتائجها المرجوة وهي تقليصُ قدرةِ التنظيماتِ الإرهابيةِ على المدى القصير لحين تبنّي نهجٍ أكثر شمولية يستهدفُ تجفيفَ منابعها واستئصال جذورها على المدى الطويل، وعليه فإن العديدَ من الأدبيات الخاصة بإستراتيجات مكافحة الإرهاب تؤكد أن هذه الآلية قد تكونُ حلاً فعالاً في ظل ظروفٍ ومُعطياتٍ معينةٍ لا سيَّما تلك المرتبطة بنقطة تصعيد عنيفة في فترة زمنية محددة ، ففي ظرف كهذا تنجح الحملات العسكرية ضد قادة التنظيمات الإرهابية بشكل كبير في تقليصِ حدةِ النشاط الإرهابي في هذه الفترة بعد تشتيت كيان هذه التنظيمات باستهداف قادتها مما يمهدُ لهزيمتها أو إضعافها مستقبلاً في حال بناء استراتيجيةٍ فعالةٍ ومتكاملةٍ بناءً على النتائج التي تمَّ تحقيقها من علميات استهداف القادة ([33])، وبناء عليه يُثار عددٌ من الأسئلة أهمها: هل يُسفر اغتيالُ القادةِ عن نتائجَ إيجابيةٍ واضحةٍ تتجاوزُ ما هو متوقّعٌ وبديهي، وهل يضعفُ هذا التوجّه التنظيماتِ الإرهابيةَ أم يؤدي إلى زوالها أم يرتد عكسياً لجعلها أكثر عنفاً وتطرفاً، وللإجابة على هذه الإسلئة لابد من تحديد المؤشرات التي يجبُ توافرها كي تحققَ هذه الإستراتيجيةُ نتائجها، وتدور هذه المؤشرات حول هيكل التنظيم المستهدف ودرجة المؤسسية والمركزية التي يعتمد عليها، وهنا تنقسم التنظيمات إلى تنصنيفين أساسين([34]):
التنظمياتُ ذاتُ السلطةِ المركزية
هذا التصنيفُ من التنظيماتِ الإهابيةِ يعتمدُ على شخص أمير التنظيم ويستمدُ التعليمات منه بشكل مباشر وتُجمع تحت سلطته كافة مهام الإدارة والتخطيط واللوجستيات، فيتسم بالإعتماد على الشخصية الكاريزمية للقائد وبالتالي بنية مؤسسية ضعيفة غير قادرة على التخطيط أو اتخاذ القرار بدون وجوده، ويتمثّلُ ذلك النوعُ بشكلٍ كبيرٍ في تنظيمِ القاعدةِ ومركزيته حول شخصية عددٍ من قادتهِ لا سيَّما شخصية “أسامة بن لادن” ، وإن كان التنظيمُ استطاعَ تجاوزَ هذه النقطة الحرجة من مسيرته بقيادة أخرى إلا أنه مما لا شك فيه أن تصفيةَ “بن لادن” أنعكستْ بشكلٍ كبيرٍ على أهدافِ التنظيم فتحولت من الأهداف الدولية التي تستهدف “العدو البعيد” متمثلاً في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أهدافٍ إقليميةٍ، علاوة على ذلك شهدَ التنظيمُ انقساماتٍ جذريةٍ ومؤثرةٍ في فترة ما بعد “بن لادن”، إلا أنه بشكلٍ مجملٍ اغتيال قادة “القاعدة” _وعلى الرغم من كونه تنظيماً يعرف في الأدبيات المعنية بدراسات التنظيمات الإرهابية وهياكلها بأنه تنظيمٌ ذو قيادةٍ مركزيةٍ إلى حدٍ بعيد_ تمكن من تدراك النقاط التي تم استهدافُ فيها قادتهِ على المستوى طويل المدى بل وتوسع في مناطق نفوذ جديدة، لكن الجدير بالذكر أن هذا التداركُ كان على مدى طويل كما سبق الإشارة إلية يتطلبُ استراتيجيةَ إحلالٍ وترتيبٍ وتجنيدٍ جديدةٍ من قِبلِ التنظيم للتعافي من الآثارِ السلبيةِ قصيرة المدى التي ترتب على تصفيه قادته.
التنظيماتُ ذاتُ السلطة المؤسسية
يظهرُ هذا التصنيف من خلال التنظيمات التي تمتلكُ هياكلَ مؤسسيةً قويةً تعتمدُ على مبادئ اللامركزية المرنة في إدارة الهيكل العام للتنظيم من خلال شبكة من القادة ذوي الثقل القادرين على اتخاذِ القراراتِ المستقلةِ عن الهيكل الرئيسي للتنظيم لكنها تدورُ في فلكٍ متسقٍ مع الأهدافه العامة، وتديرُ هذه التنظيمات شبكةً عالميةً من الخلايا المنتشرة بشكلٍ استراتيجيٍ في مناطقَ محوريةٍ على مستوى العالم ويعد تنظيم “الدولة الإسلامية” من أبرز التنظيمات في إطار هذا التصنيف، تتميرُ هذه التنظيماتُ بسرعةِ التعافي من الضربات التي تسهدفُ قادتها أو مصادرَ تمويلها المادي أو العسكري أو اللوجستي لذلك لا تجدي استراتيجة “قطع الرؤوس” نفعاً ملحوظاً في إطار هذا الهيكل المرن.
والجدير بالذكر أنه برغم من هذا التنصنيف فإن معظمَ التنظيماتِ أصبحتْ تعتمدُ حالياً على نهْجٍ أكثر مركزيةً ومرونةً في هياكلها ليساعدها ذلك على الإنتشار والتوسع ويتيحُ لها قدرةً أكبر لإدارة خلاياها في مناطق مختلفة من العالم، هذه اللامركزية أسفرت عن انتشار ظواهر أخرى مركبة كظاهرة ” الذئاب المنفردة” التي توسعتْ بشكلٍ كبيرٍ في الآونة الأخيرة لاسيَّما في أوروبا وآسيا وأمريكا وهي مناطقُ بعيدةٌ كل البعد عن مراكز ومعاقل الإرهاب في الشرق الأوسط وأفريقيا ولعل هذا الظهور “للذئاب المنفردة” جاء بنسبةٍ كبيرةٍ كردِ فعلٍ من التنظيمات الإرهابية على استهدف قادتها وذلك في سبيل سعي هذه التنظيمات إلى التغيير من تكتيكاتها واستراتيجياتها لتصبحَ أكثرَ فعاليةً وتأثيراً وعنفاً مستغلةًً في ذلك التطورات التكنولوجية الحديثة، وبالإضافة إلى هيكلية التنظيم ودورها الحاسم في تحديد فعالية استراتيجة استهداف قادة لمكافحة الخطر الإرهابي الممتد، فإن هناك مؤشراتٍ أخرى تلعبُ أدواراً حاسمةً إيضاً، كعمر التنظيم، إذ تؤدي هذه الاستراتيجية إلى نتائج أكثر حسماً مع التنظيمات الجديدة أو تلك التي في طور النشأة حيث أكدت عددٌ من الإحصائيات أن التنظيماتِ التي تفقد قادتها في السنة الأولى من النشأة تكون أكثرَ عرضةً للإنهيار بثماني مرات مقارنةً بتلك التي لم تتعرض لاستهداف قادتها في بداية تكوينها، وتتناقص هذه الفعالية تدريجياً حتى تصلَ لنسبة 50% بعد مرور عشر سنوات، وقد تنعدمُ تمامًا بعد عشرين عامًا ، كذلك الصفة الإيدلوجية والفكرية التي تتبناها التنظيمات فكلما كانت هذه الإيدلوجيةُ متشعبةً بدرجةٍ كبيرةٍ بين عناصر التنظيم كلما كان تأثّرُ التنظيمِ بإبعاد قادته أقل([35]).
وبغض النظر عن النتائجِ التي تحققها هذه الإستراتيجية على المدى البعيد والقصير فإن هذه الآلية تُحدثُ تأثيراتٍ بشكلٍ ما أو آخر على التنظيمات الإرهابية لا سيما على مستوى سياساتٍ وأهدافٍ وديناميكيات التنظيم خاصة على المستوى الداخلي، ويظهر ذلك في تحولات في الاستراتيجيات التي يتبناها التنظيم، كالتحول التكتيكي من العمليات الكبرى إلى عملياتٍ صغيرةٍ أكثر دقة وتأثيراًفي مناطق متفرقة، هذا التحولُ ينعكسُ سلباً على جهود مكافحة الإرهاب إذ يشتتها بين هذه العمليات الصغير بعد أن كان التركيزُ منصباً على توقّعِ عملياتٍ كبيرةٍ مركزةٍ في مناطقَ معينةٍ، أو تحول على المستوى العملياتي، فقد تنخفض القدرة العملياتية للتنظيمات من حيث الجودة والتسليح والتخطيط وفي هذه الحالة قد يلجأُ التنظيمُ إلى أسلوبِ “الذئاب المنفرد” والعمليات الإنتحارية، وفي حال استغلالِ هذا الضعف لصالح جهودِ مكافحةِ الإرهابِ من خلال عملياتٍ أخرى موسعةٍ بالتوازي مع نهْجٍ اجتماعيٍ فكريٍ إصلاحيٍ يمكن أن تحقق هذه الجهود نتائج فعالة بدرجة ملموسة، وفي كل الأحول يحدث تحول سياسي من خلال إزاحة القادة وتولي قادة جدد وقد تلجاً بعض التنظيمات لأسلوب أكثر مرونة وأقل هرمية لتفادي هذا الأثر السلبي ولكن بشكلٍ عامٍ يحدثُ تشتتٌ وقتيٌ في الهيكل العام للتنظيم إذا تمَّ استغلاله سيعزز من مخرجات عملية تصفيه القائد ([36]).
الأبعادُ الجيوسياسيةُ والتحولات الإقليمية
يؤدي استهدافُ قادةِ التنظيمات الإرهابيةِ إلى عددٍ من التحولات المحورية على مستوى مناطق الصراع؛ لكونها تحمل أبعاداً جيوسياسيةً تتجاوزُ الهدفَ المرجو منها والذي يدور حول مكافحة النشاط الإرهابي في هذه المناطق، ويظهرُ ذلك بشكلٍ واضحٍ في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بإعتبارهم الساحتين الأبرز على الصعيد العالمي فيما يتعلق بالصراع والأزمات الأمنية والجيوسياسية، ولعل أبرزَ هذه الأبعادِ والتحولاتِ هي التغيرُ الجذريُ الذي يحدثُ في خارطة الإرهاب العالمي بعد استهداف القادة والذي ينحو في الغالب إلى نحو أكثر عنفاً وتطرفاً فضلا عن مزيدٍ من التعقيدِ والتصعيدِ في الأزمات والتحديات الأمنية الأخرى التي ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بالتهديد الإرهابي، فضلاً عن البعد الإنساني الذي يتأثرُ بشكلٍ كبيرٍ بهذه الفوضى والعنف التي تعزز من تنامي تهديدات وتحديات عابرة للحدود، وتغذي الظروف المحلية المتأزمة أمنياً وسياسياً وإجتماعياً واقتصادياً ، لذلك فإن سياسيةَ استهدافِ القادةِ على الرغم من كونها تمثل انتصارات تكتيكية فهي:
-
تَحدُ من قدرةِ التنظيماتِ على تنفيذ هجمات كبيرة موسعة.
-
تًحدثُ إرباكاً وتشتيتاً في هيكل القيادة.
-
تجبرُ التنظيمَ على تبنّي نهجٍ أكثر حذراً.
الإ أنها في الوقت ذاته تحمل في طياتها العديد من التحديات الإستراتيجية:
-
زيادةُ حدةِ العنف والنشاط الإرهابي.
-
زيادةُ الانتشارِ الإرهابيِ في مناطق مختلفة.
-
توسيع دائرة التجنيد لاستبادل القادة والعناصر المستهدفة.
-
المنافسة على النفوذ بين أعضاء التنظيم بعد انهيار القيادة المركزية.