تُمثِّلُ الانتخابات إحْدَى الركائز الأساسية لتعزيز الديمقراطية والحُكْم الرشيد في الدول الأفريقية، وتُعدُّ العملية الانتخابية أداةً جوهريةً للتعبير عن إرادة الشعوب وتحديد الشرعية السياسية للأنظمة الحاكمة، وقد شهدت الدولُ الأفريقيةُ في العقود الأخيرة تقدُّمًا ملحوظًا في مجال تعزيز الممارسات الديمقراطية؛ حيث ساهمت الإصلاحات السياسية والتشريعات الانتخابية في تحسين معايير النزاهة والمصداقية، إلَّا أن الانتخابات في بعض دول القارة لا تزال تعاني من ظاهرة التلاعُب الانتخابي، وانعدام الثقة بين الفاعلين السياسيِّين؛ ما يؤدي بدوره إلى اندلاع أزمات سياسية قد تهدد الاستقرار الإقليمي، وشهدت أفريقيا في عام ٢٠٢٤، إجراء ١٤ عملية انتخابية، تنوَّعت ما بين الرئاسية والتشريعية والعامة.
دوافع اللجوء لإجراء الانتخابات
تتنوَّعُ دوافع الدول الأفريقية بشأن إجراء عملية الانتخابات، سواء الرئاسية أو التشريعية، وتتمحور تلك الدوافع حول:
أ- تعزيز الشرعية السياسية:تسعى الأنظمة الحاكمة إلى تعزيز شرعيتها أمام المجتمع الدولي والإقليمي، من خلال إجراء انتخابات تُظهر التزامها بالمبادئ الديمقراطية؛ حيث شهدت القارة الأفريقية في التسعينيات تحوُّلًا نحو الديمقراطية الليبرالية والتعدُّدية الحزبية؛ ما ساهم في انتقال السلطة إلى الزعامات المدنية.
ب- تحقيق التداول السِّلْمي للسلطة: تُعدُّ الانتخابات أداةً لتحقيق انتقال سَلِسٍ للسلطة؛ ما يُجنِّبُ البلاد مخاطر الانقلابات أو الصراعات المسلحة، ففي عام 2024، شهدت أفريقيا جدولًا انتخابيًّا مُتعدِّدًا يُوفِّرُ فُرَصًا لتعزيز التعدُّدية الحزبية والعودة إلى الدستورية بعد الانقلابات.
ت- تعزيز الوحدة الوطنية:تهدف الانتخابات إلى تعزيز الوحدة الوطنية، من خلال إدماج مختلف المكونات الاجتماعية والسياسية في العملية الديمقراطية، إضافةً إلى أن الانتخابات تعتبر وسيلةً لإعادة بناء المؤسسات السياسية وضمان مشاركة جميع الأطراف، خاصَّةً في أعقاب الحروب الأهلية أو النزاعات الداخلية.
ج- الامتثال للمعايير الدولية: تواجه العديد من الدول الأفريقية ضغوطًا من المجتمع الدولي لتبنِّي أنظمةٍ سياسيةٍ ديمقراطيةٍ، مقابل الحصول على مساعدات تنموية واقتصادية، فقد فرضت الدول الغربية في التسعينيات، الديمقراطية على كثيرٍ من الدول الأفريقية كشرطٍ للحصول على المساعدات؛ ما أدَّى إلى تبنِّي النظام التعدُّدِي في تلك الدول.
تبرز هذه الدوافع أهمية الانتخابات كأداةٍ سياسيةٍ واجتماعيةٍ في أفريقيا، إلى جانب اعتبارها طوْق النجاة بالنسبة لبعض الدول، التي تعاني من الفوضى السياسية والأمنية، أو وسيلة لتضييق الفجوة بين فئات المجتمع المختلفة، وتقليل حِدَّة الانقسامات الداخلية.[1]
الانتخابات في دول أفريقيا
شهد عام ٢٠٢٤، إجراء ١٤ دولةً، عملية الانتخابات، منهم “تشاد ورواندا والجزائر وتونس وموزمبيق وغانا وجنوب أفريقيا وموريتانيا وجزر القمر وإثيوبيا والسنغال وناميبيا وإثيوبيا وموريشيوس”، وقد أثَّرت تلك الانتخابات في إعادة هيكلة المشهد السياسي في الدول الأفريقية، ويرجع ذلك إلى الصراعات والتحالفات التي صاحبت عمليات الانتخاب، فضْلًا عن المشاحنات بين المعارضة والموالاة، وهي ما أفرزت نقاط التحوُّل، التي تسبَّبت في ذلك التغيير السياسي.
غانا:
اتسمت الفترة الأخيرة قبْل الانتخابات الرئاسية في غانا بالاستقرار نِسْبِيًّا، ولكن هناك عددًا من القضايا التي شغلت المواطنين، مثل التعليم والرعاية الصحية والبطالة والبِنْيَة التحتِيَّة والملف الاقتصادي؛ حيث شهدت غانا حالة من عدم الاستقرار بشأن تلك الملفات، خاصَّةً أزمة الديون التي تُمثِّلُ واحدةً من أكبر التحدِّيات التي تواجه البلاد، وتمَّ إجراء الانتخابات الرئاسية في البلاد، ٧ ديسمبر ٢٠٢٤، التاريخ الذي يُعدُّ واحدًا من أهم المحطَّات السياسية في تاريخها.
دارت عملية الانتخابات الرئاسية في غانا على صفيحٍ ساخنٍ، واشتدَّت المنافسة؛ إذ وصلت إلى أقصى مراحلها احتدامًا، تحديدًا بين “جون ماهاما” مرشح حزب المؤتمر الوطني الديمقراطي (الحزب المعارض)، و “محمدو بوميا” مرشح حزب المؤتمر الوطني الجديد، وانتهت الانتخابات بفوْز “جون ماهاما” وتولِّيه رئاسة غانا، بعد خسارته في انتخابات ٢٠٢٠، أمام “أكوفو أدو”، وأراد المواطنون من تلك الانتخابات، تحقيق تغييرٍ حقيقيٍّ ملموسٍ، بشأن القضايا التي تمَّ طرْحُها، إضافةً للوصول إلى مكاسب الديمقراطية التي يطمحون إليها.[2]
جنوب أفريقيا:
كان هناك حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، قبل إجراء الانتخابات العامة بجنوب أفريقيا؛ حيث ارتفعت مُعدَّلات الجريمة؛ الأمر الذي أفقد المواطنين ثقتهم بقدرة الحكومة على توفير الأمن، علاوةً على ذلك اندلاع الاحتجاجات في بعض المناطق، تعبيرًا عن الاستياء من تردِّي الخدمات العامة والفساد؛ ما أدَّى إلى مواجهات مع قوات الأمن من حين لآخر، أمَّا من الناحية الاجتماعية، تفاقمت مُعدَّلات البطالة، خاصَّةً بين الشباب، وزادت نسبة الفقر؛ ما أثَّر على الاستقرار الاجتماعي وزاد من الضغوط على الحكومة، إلى جانب استمرار أزمة انقطاع التيار الكهربائي؛ الأمر الذي أثَّر سلبًا على اقتصاد الدولة والحياة اليومية للمواطنين.
كان هناك تراجعٌ في شعبية حزب المؤتمر الوطني الأفريقي؛ إذ إنه هيْمَنَتْ هذا الحزب على سياسة جنوب أفريقيا، منذ عام ١٩٩٤، ولكن هذا التراجُع جاء نتيجة تفاقم المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تمَّ ذكرها، وجاء ذلك مع صعود أحزاب المعارضة التي استغلَّت تراجُع شعبية حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، واستفادت من ذلك في حملاتها الانتخابية، وزيادة نشاطاتها السياسية؛ ما جعل عملية الانتخابات أكثر تنافسيةً، ومثَّلت أكبر تحدٍّ لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، منذ انهيار نظام الفصْل العنصري في تسعينيات القرن الماضي، وفي ٢٩ مايو ٢٠٢٤، تمَّ إجراء الانتخابات العامة بجنوب أفريقيا، وانتهت بهزيمة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، الذي كان لا يقبلُ المنافسة، وتمَّ تشكيل حكومة ائتلافية؛ بسبب عدم حصول أيِّ حزبٍ على الأغلبية الكافية، التي تُمكِّنُهُ من تشكيل الحكومة. [3]
السنغال:
شهدت الفترة الأخيرة من ولاية الرئيس “ماكي سال”، تصاعُد التوتُّرات وزعزعة محاولات الدولة في تحقيق الديمقراطية، إضافةً إلى الاضطرابات بين السلطتيْن التنفيذية والتشريعية؛ بسبب محاولات “سال” لتأجيل الانتخابات الرئاسية، إلى ديسمبر ٢٠٢٤؛ حتى تتاحَ له الفرصة بتمديد فترة ولايته، والحصول على فترة ولاية ثالثة؛ ما يحْظُرُه الدستور، واحتجَّ عليه زعماء المعارضة بالبرلمان، إلى جانب تنظيم المواطنون لمسيرات احتجاج للتعبير عن غضبهم بشأن هذا التأجيل، وبناءً على ذلك، عَدَلَ الرئيس عن قراره، عقب سلسلةٍ من الاحتجاجات والاعتقالات وأعمال العنف والقمْع ضِدَّ المعارضين.
تمَّ إجراء الانتخابات، في ٢٤ مارس ٢٠٢٤، وأُعلنت نتائج الانتخابات، بفوْز “باسيرو ديوماي فاي”، الذي يُعدُّ أصغر رئيس جمهورية منتخب في أفريقيا، ويتضح من ذلك، أن السنغال قد مرَّت بحالةٍ من عدم الاستقرار السياسي والأمني في الفترة الأخيرة من حُكْم الرئيس السنغالي “سال”، فكان اللجوء للانتخابات، ما هو إلَّا طوْق النجاة بالنسبة للمواطنين للتخلُّص من فساد النظام الحاكم، وسيطرته على الحُكْم، وإفساح الطريق أمام تحقيق الديمقراطية بالبلاد.[4]
الانتخابات والتغيير
تسعى الدول الأفريقية من خلال إجراء الانتخابات الرئاسية أو التشريعية إلى تحقيق الديمقراطية، وإحداث تغييرٍ حقيقيٍّ، من ناحية الحدِّ من انتشار الفساد، ومن ناحيةٍ أُخرى، تقويض هيْمَنة النُّظُم المستبدة على السلطة، إلى جانب التصدِّي للعديد من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، كالبطالة والهجرة غير الشرعية والفقر والتعليم والبِنْيَة التحتِيَّة، علاوةً على ذلك، ملف الصحة، وغيرها من الأزمات التي تعاني منها الشعوب الأفريقية، ولكن هل الانتخابات تُمثِّلُ طوْق النجاة بالنسبة للدول الأفريقية؟، هل إجراء الانتخابات وتغيير نظام الحُكْم هو الحلُّ الأمثلُ لكل الأزمات؟ بالتأكيد عملية الانتخابات وحدها لا تضمن بالضرورة تحقيق الديمقراطية، أو حلّ الأزمات التي تواجه دول القارة.
هناك العديُد من العوامل التي تُحدِّدُ مدى نجاح العملية الانتخابية في تحسين الأوضاع السياسية والأمنية، إضافةً إلى تحقيق التحوُّل الديمقراطي، مثل شفافية ونزاهة الانتخابات، والتحقُّق من خلوّها من أعمال التزوير، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى مدى استقلالية الهيئة المُشْرِفَة على الانتخابات؛ لضمان عدم تلاعُب أو تدخُّل أيٍّ من الأطراف السياسية بالنتائج، ومن أهمِّ عوامل نجاح الانتخابات، هو النجاح في تصفية النزاعات والانقسامات التي صاحبتها، ومن ناحيةٍ أُخرى، يجب أن يكون هناك وعيٌ مجتمعيٌّ للمواطنين بأهمية المشاركة الانتخابية، وإدراكهم بدورهم المجتمعي في التغيير، وعدم الاتكّال على الولاءات القبليَّة أو السعْي وراء تحقيق مصالح شخصية.[5]
فقد حقَّقت عددٌ من الدول أغراضها من إجراء الانتخابات، مثل “تونس”، التي أجرت انتخابات في أعقاب الثورة التونسية، التي أدَّت إلى إسقاط نظام زين العابدين بن علي، ولعبت انتخابات ٢٠١١، دورًا محوريًّا في إعادة تشكيل المشهد السياسي، وتمَّ إجراء تلك الانتخابات؛ لاختيار المجلس الوطني التأسيسي، الذي قام بصياغة دستورٍ جديدٍ، كما أسَّسَ للانتقال الديمقراطي، وشهدت تونس عددًا من الانتخابات التشريعية والرئاسية (2014، 2019)، أظهرت تناوبًا سِلْمِيًّا على السلطة؛ ما يُعدُّ مؤشرًا على تحقيق التحوُّل الديمقراطي، خاصَّةً عقب تلك المرحلة السياسية والأمنيَّة الحَرِجَة.[6]
أمَّا ليبيا؛ فهي ليست من الدول التي تبرز فعالية الانتخابات في تحقيق الاستقرار والتحوُّل الديمقراطي، فالوضْع السياسي والأمني في ليبيا مرتبطٌ بشكلٍ كبيرٍ بالانتخابات، والمساعي السياسية لحلِّ الأزمة المستمرة، منذ عام 2011، ولكنها لم تكن دائمًا وسيلةً لتحقيق ذلك؛ بسبب الانقسامات السياسية والنزاعات المسلحة؛ حيث تمَّ إجراء عِدَّة عمليات انتخابية، إلى جانب أن مصير أغلبها كان التأجيل، فهي لم تنجح بالأساس في إعادة بناء المؤسسات الليبية، ولا تزال معاناة ليبيا من الانقسامات الداخلية، إضافةً إلى عدم استقرار الأوضاع الأمنية، منذ الثورة الليبية حتى الآن.[7]
الانتخابات وفُرَص تحقيق الديمقراطية
الانتخابات في أفريقيا ليست مُجرَّد تحدٍّ، إنَّما تُمثِّلُ فرصةً حقيقيةً لتعزيز الاستقرار السياسي والاجتماعي، وتحقيق الديمقراطية، ومن هذه الفُرَص:
أ- تعزيز الشرعية السياسية؛ حيث تمنح الانتخابات الحكومات والقيادات السياسية شرعيةً مستمدَّةً من إرادة الشعب؛ ما يُعزِّزُ من مكانتها المحلية والدولية.
ب- تعزيز العدالة الاجتماعية؛إذ تتيح الانتخابات فرصةً لتمثيل الأقليات والمهمشين، وضمان سماع أصواتهم في السياسات الوطنية؛ ما يُحقِّقُ قدْرًا أكبر من العدالة الاجتماعية.
ت- تمكين الشباب والنساء؛فالانتخابات تُعدُّ فرصةً لتشجيع الشباب والنساء على المشاركة في الحياة السياسية، سواء كمرشحين أو ناخبين؛ ما يُعزِّزُ تمثيلهم، ويُضيفُ رُؤَىً وأفكارًا جديدةً إلى مراكز صُنْع القرار.
ج- تشجيع الحوار الوطني؛حيث يتمُّ توفير منصَّة للحوار بين مختلف القُوَى السياسية والمجتمعية؛ ما يُسْهِمُ في حلِّ النزاعات، وإيجاد حلولٍ وسط تجمُّعٍ بين الأطراف المختلفة.
الانتخابات ليست مُجرَّد عملية اختيار للقادة، بل هي فرصةٌ إستراتيجيةٌ لبناء مستقبل أكثر ازدهارًا واستقرارًا في أفريقيا، إذا ما تمَّ التعامُل معها بشكلٍ جادٍّ ومسؤولٍ.[8]
التحديات التي تواجه الانتخابات في دول أفريقيا
هناك العديد من التحديات التي تعوق عملية الانتخابات في دول أفريقيا، وتعرقل التحوُّل الديمقراطي بالبلاد، منها:
أ- انتشار النزاعات المسلحة والحروب الأهلية في بعض الدول يعوق تنظيم عملية الانتخابات بأمان، كما أن استشراء الجماعات الإرهابية والهجمات التي تشنُّها على مراكز الاقتراع، تُثير مخاوف المواطنين تجاه المشاركة الانتخابية.
ب- الأُمِّيَّة السياسية وقِلَّة الوعْي السياسي لدى شريحةٍ كبيرةٍ من المواطنين، يؤدي إلى سهولة التأثير عليهم بمعلوماتٍ مغلوطةٍ، وإقناعهم بوعودٍ غير واقعيةٍ.
ت- التهميش السياسي واستبعاد فئاتٍ معيَّنةٍ من العملية الانتخابية في بعض الدول، بجانب حرمانهم من حقوقهم السياسية؛ ما يجعل هناك حالةً من الغُبْن، من الممكن أن تظهر بعد انقضاء الانتخابات في صورة هجماتٍ مسلحةٍ، تُثِيرُ البلبلة والفوضى السياسية في البلاد .
ج- استشراء الفساد والرشوة، كما يتمُّ شراء الأصوات من الناخبين، إضافةً إلى التلاعُب بصناديق الاقتراع، إلى جانب ضعْف الرقابة على العملية الانتخابية.
د- التدخُّلات الخارجية؛ حيث تقوم القُوَى الدولية بالتدخُّل؛ لدعم مرشحين أو أحزاب مُعيَّنَة تخدم مصالحها؛ ما يُؤثِّرُ على سيادة الدول واستقلالية الانتخابات.
و- غياب المؤسسات المستقلة؛ حيث تضعف استقلالية الهيئات المشرفة على الانتخابات، مثل لجان الانتخابات أو القضاء؛ ما يؤدي إلى افتقار العملية الانتخابية لنزاهتها، بجانب خضوعها لتأثير الأحزاب أو السلطات التنفيذية.[9]
الخاتمة:
تُعدُّ عملية الانتخابات عاملًا حاسمًا لتحقيق التغيير، وتعزيز الاستقرار السياسي وترسيخ دعائم الديمقراطية، ولكن نجاح الانتخابات في تحقيق أهدافها يتوقف على الالتزام بالمبادئ الديمقراطية، وعوامل أُخرى، مثل الشفافية والمساواة وسيادة القانون، وأثبتت الدراسة، أن الانتخابات لم تُحقِّقْ نجاحًا في كل الدول، ففي بعض الحالات حققت الدولة أهدافها في التحول الديمقراطي، والبعض الآخر فشلت فشلًا ذريعًا في إحداث أيِّ تغييرٍ، بل خلَّفَتْ آثارًا سلبيةً؛ فمستقبل الديمقراطية في أفريقيا يعتمد على الإرادة السياسية، بجانب الوعْي المجتمعي، فضْلًا عن التعاون الإقليمي والدولي لدعم العمليات الانتخابية وضمان احترام نتائجها.
التوصيات
هناك مجموعةٌ من التوصيات لزيادة كفاءة وفعالية عملية الانتخابات، وتعزيز نزاهتها، ورفْع وعْي وثقة المواطنين نحوها:
1- تحسين الإطار القانوني والتنظيمي، من خلال وضْع قوانين انتخابية واضحة وعادلة، وتتسم تلك القوانين بالوضوح والشمولية، وغير قابلةٍ للتفسير المتعدد، كما يتمُّ تحديد آليات فرْز الأصوات، مع ضمان التوزيع العادل للدوائر الانتخابية، بالإضافة إلى تعزيز الشفافية، وتوفير مراقبين محليِّين ودوليِّين طوال مراحل العملية الانتخابية.
2- مشاركة وتوعية المواطنين، من خلال عمل حملات توعية فعَّالة، تهدف إلى تعليم المواطنين حول أهمية الانتخابات وحقوقهم في المشاركة، كما يشمل شرْح كيفية التصويت، وتعريف الناخبين بالمرشحين وبرامجهم، وتعزيز فهمهم للإجراءات الانتخابية، إلى جانب ضمان مشاركة جميع شرائح المجتمع في العملية الانتخابية؛ بما في ذلك النساء والشباب والأشخاص ذوو الإعاقة والفئات المهمشة.
3- استقلالية الهيئة المشرفة على الانتخابات، ويتم ذلك عن طريق إنشاء هيئة مستقلة لإدارة الانتخابات، تكون مسئولة عن الإدارة بشكل مستقل تمامًا عن السلطة التنفيذية أو أي حزب سياسي لضمان الحياد والنزاهة، مع إصدار قوانين تحمي هذه الهيئة من التدخلات؛ لضمان إدارة الانتخابات بطريقة حيادية ومنصفة، على أن يكون للهيئة صلاحيات واسعة وتوجيه مستقل.
فزيادة فعالية وكفاءة الانتخابات ليس مهمة الحكومة فقط، ولكنه يتطلب جهدًا جماعيًا من جميع الأطراف المعنية من الحكومة والأحزاب السياسية، إلى جانب المجتمع المدني والناخبين أنفسهم.
[2] ريهام عبد الله، ٥ قضايا رئيسية تشغل بال مواطنى غانا قبل الانتخابات الرئاسية.. اشتداد السباق الرئاسى بين بوميا وماهاما.. قضايا البطالة والتعليم والاقتصاد والبنية التحتية والرعاية الصحية تؤرق المواطنين.. والتصويت 7 ديسمبر، اليوم السابع، ١٢ نوفمبر ٢٠٢٤، https://tinyurl.com/52dvff4a.
آنا فاسرفال، الانتخابات في غانا..هل تظل البلاد “منارة للديمقراطية” في منطقة غير مستقرة؟، قراءات أفريقية، ٥ ديسمبر ٢٠٢٤، https://shorturl.at/xVZCw .
[3] ليث مشتاق، جنوب أفريقيا تقترع.. كيف تقدم الأحزاب الرئيسية نفسها للناخبين؟، الجزيرة نت، ٣ مايو ٢٠٢٤، https://shorturl.at/L6jGI .
اختبار الديمقراطية: ماذا تحمل انتخابات جنوب أفريقيا في مايو 2024؟، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، ٢٨ إبريل ٢٠٢٤، https://shorturl.at/feld1 .
[4] محمد عبد الكريم، عين على أفريقيا (4-7 يناير 2025م): أفريقيا بين سجل الديمقراطية 2024م وتطلعات الصين 2025، قراءات أفريقية، ٨ يناير ٢٠٢٤، https://tinyurl.com/367fxv5w .
