المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الشرق الأوسط > تقدير موقف > التصعيدُ العسكريُ بين الهند وباكستان: المخاطرُ والسيناريوهاتُ المستقبليةُ
التصعيدُ العسكريُ بين الهند وباكستان: المخاطرُ والسيناريوهاتُ المستقبليةُ
- مايو 9, 2025
- Posted by: Maram Akram
- Category: تقارير وملفات تقدير موقف وحدة الشرق الأوسط
لا توجد تعليقات

إعداد: إسراء عادل
باحث مساعد في وحدة الشؤون الدولية
على وقْعِ تصاعدٍ طالَ أمدُه من التوتراتِ الحدوديةِ، شهدت العلاقات الهندية–الباكستانية موجةَ تصعيدٍ جديدةٍ في وقتٍ بالغِ الحساسيةِ إقليمياً ودولياً، حيث نفذت الهند في السابع من مايو 2025 هجوماً عسكرياً استهدف مواقع داخل باكستان والشطر الباكستاني من كشمير، وذلك في أعقاب الهجوم المسلح على منطقة باهالجام السياحية في الجزء الخاضع لسيطرة نيودلهي من إقليم كشمير في 22 أبريل الماضي. ومع تَصاعدِ حدّةِ الخطابِ السياسيِ وتبادلِ الاتهاماتِ بين الطرفين، دخلتْ الأزمةُ الحاليةُ مرحلةً أكثر تعقيداً تنذر بزعزعة الاستقرار في منطقة جنوب آسيا، وتثير مخاوف من انزلاق الوضع نحو مواجهات أوسع. وتزداد خطورة المشهد في ظل غياب مسارات دبلوماسية فعالة، وتشابك الحسابات الإقليمية والدولية، لا سيما فيما يتعلق بإقليم كشمير.
وفي هذا السياق، يبقى السؤال الرئيسي: ما هي دلالات التصعيد العسكري الأخير بين الهند وباكستان، وما السيناريوهات المحتملة لمستقبل العلاقة بين البلدين في ظل المعطيات الإقليمية والدولية الراهنة؟
أولًا: خلفيةُ التصعيدِ العسكريِ بين الهند وباكستان
بعد مرور أسبوعين على الهجوم المسلح الذي استهدف منطقة باهالجام السياحية في الشطر الهندي من إقليم كشمير، وأودى بحياة 26 شخصاً معظمهم من السياح الهنود، وجّهتْ السلطاتُ الهنديةُ أصابعَ الاتهامِ إلى جماعاتٍ مسلحةٍ تنشطُ من الأراضي الباكستانية، وهو ما نفته إسلام آباد بشكل قاطع، متهمةً نيودلهي بافتعال التصعيد لأغراضٍ سياسيةٍ داخليةٍ. وبينما قررت الهند طرد الدبلوماسيين الباكستانيين، وإغلاق معبر حدودي رئيسي بين البلدين وتعليق العمل باتفاقية نهر السند التي تنظم عملية تقاسم المياه بين الدولتين، قامت باكستان أيضاً بطرد دبلوماسيين هنود، فضلاً عن إغلاق الحدود والمجال الجوي أمام الطائرات الهندية وتعليق التجارة مع نيودلهي.[1]
وفي 7 مايو 2025، نفذتْ الهندُ هجوماً عسكرياً انتقامياً ضمن عملية أطلقت عليها اسم “سيندور”، استهدفت خلالها تسعةَ مواقع في باكستان وجامو وكشمير، وأعلنت القوات المسلحة الهندية أن الأهداف لم تشملْ منشآتٍ عسكريةً باكستانيةً، بل ركزت على مواقع تابعة لجماعات مسلحة مسؤولة عن الهجوم الإرهابي. وفي المقابل توعدت إسلام آباد بالرد، وأعلنت إسقاط خمس طائرات هندية بينها واحدة في منطقة باثيندا واثنتان في الجزء الهندي من كشمير، مضيفه أن الهجومَ الهنديَ أدّى إلى مَقتلِ 26 مدنياً وإصابة 46 آخرين، إضافة إلى استهداف مسجد باهاوالبور الذي أسفر عن مقتل 13 شخصاً بينهم نساء وأطفال.[2]
وفي إطار التصعيد المتبادل، دعت إسلام أباد لجنة الأمن القومي لاجتماع عاجل، أعلن خلاله مجلس الوزراء الباكستاني أن الهجماتِ الصاروخيةَ الهنديةَ على الأراضي الباكستانية تُعدُ عملاً حربياً، وكلّفَ الجيشَ بالرد. واستدعت الخارجية الباكستانية القائم بالأعمال الهندي في إسلام آباد، لتسليمه مذكرة احتجاج شديدة اللهجة على خلفية الضربات الهندية التي اعتبرتها انتهاكا صارخاً لسيادة باكستان ووحدة أراضيها، مؤكدةً أن هذا التصرفَ يتعارضُ مع ميثاقِ الأممِ المتحدةِ والقانون الدولي والأعراف المستقرة في العلاقات بين الدول.[3]
ثانيًا: ردودُ الفعلِ الدوليةِ إزاء الضربات الهندية على باكستان
توالتْ ردودُ الفعلِ الدولية والإقليمية عقب الضربات العسكرية المتبادلة بين نيودلهي وإسلام آباد على طول حدودهما المتنازع عليها، وكان أبرزها ما يلي:
-
الأمم المتحدة: أعربَ الأمينُ العامُ للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش” عن قلقه العميق من تطور الأوضاع، مؤكداً أن العالم لا يحتملُ نُشوبَ مواجهةٍ عسكريةٍ بين قوتين نوويتين في جنوب آسيا، وداعياً إلى العودة العاجلة للمسارات الدبلوماسية.
-
الولايات المتحدة: حثّتْ الولايات المتحدة الطرفين على الحفاظ على قنوات الاتصال المفتوحة، مطالبةً بضبطِ النفس وتفادي أية خطوات أحادية قد تؤدي إلى تفاقم التوتر. كما صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “بأن الضرباتِ الهنديةَ ضد باكستان بأنها مُخزيةٌ، معرباً عن أمله في وقف القتال بين البلدين بشكل عاجل”.
-
بريطانيا: أعلنتْ الحكومة البريطانية استعدادها للَعبِ دورٍ في تهدئةِ التوتر المتصاعد بين الهند وباكستان جراء القصف المتبادل، وهو ما أكده وزير التجارة البريطاني جوناثان رينولدز إن بلادَه مستعدةٌ وقادرةٌ على دعم أي جهود تهدف إلى تفعيل الحوار وخفض التصعيد بين الطرفين.
-
روسيا: أعربتْ موسكو أيضاً عن قلقها البالغ إزاء تلك الهجمات العسكرية المتبادلة، ودعتْ الخارجيةُ الروسيةُ الطرفين إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، محذرةً من خطورةِ انزلاقِ الأوضاع نحو مزيدٍ من التدهور، وشددت على أهمية اللجوء إلى الوسائل السلمية والدبلوماسية لحل الخلافات عبر الحوار وتفادي أي خطوات تهدد الاستقرار الإقليمي.
-
الصين: عبرت الخارجية الصينية عن أسفها إزاء الغارات الهندية على الأراضي الباكستانية، ودعت كلاً من نيودلهي وإسلام آباد إلى إعطاء الأولوية للسلام والاستقرار، وتجنّبِ الإجراءاتِ التي قد تزيدُ من تعقيدِ الأزمة. كما شددت بكين على رفضها كافة أشكال الإرهاب، مشيرةً إلى ضرورة معالجة الخلافات ضمن إطار من التفاهم وضبط النفس.
-
إيران: دعتْ طهران الطرفين إلى وقْفِ الأعمال العدائية بشكلٍ فوريٍ، محذّرةً من العواقب الإقليمية لأي انزلاقٍ إضافيٍ في الصراع. وأشارت طهران إلى أنها سبق أن عرضت الوساطة بين الجانبين، وأرسلت وزير خارجيتها في زيارة دبلوماسية إلى العاصمتين الشهر الماضي سعياً لاحتواء التوتر، مؤكدةً حرصهَا على أمن المنطقة واستقرارها، نظراً لموقعها الجغرافي المجاور لباكستان وعلاقاتها المتوازنة مع كلا الطرفين.[4]
-
تركيا: أدانتْ وزارةُ الخارجية التركية الهجومَ العسكريَ الذي شنّتهُ الهند على باكستان، وشددت على أن تلك الضربات قد تؤجج من خطر اندلاع حرب شاملة.
-
إسرائيل: أكد سفير إسرائيل لدى الهند على دعمِ بلادهِ الكاملِ للهند في الدفاع عن نفسها، مشيراً إلى أن نيودلهي تدرك جيداً أنها تستطيع الاعتماد على تل أبيب في مثل هذه الظروف.[5]
-
الإمارات العربية المتحدة: دعا وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، كلاً من الهند وباكستان إلى ضبطِ النفسِ والتهدئةِ، وتفادي المزيد من التصعيد الذي قد يهددُ السِلمَ الإقليميَ والدوليَ. مؤكداً أن “الاستماع إلى الأصوات التي تدعو إلى الحوار والتفاهم هو أمرٌ بالغُ الأهميةِ لتجنّبِ التصعيد العسكري، وترسيخ الاستقرار في منطقة جنوب آسيا، وتجنيب المنطقة عوامل التوتر”.[6]
-
مصر: أعربتْ وزارة الخارجية المصرية عن قلقِها البالغِ إزاء التطورات الأخيرة بين الهند وباكستان، مشددةً على ضرورة تكثيف الجهود لتحقيق التهدئة وتجنّبِ تصعيدِ الأوضاع، وذلك من أجل منْعِ انزلاقِ المنطقة إلى مزيد من التوترات.