التطويــقُ الزاحــف نحو “بـاماكـو”: مــآلاتُ التصعيـد العملياتـي لتنظـيم “القاعــدة” في مالـــي

إعــداد: فــداء منصــور

باحــث فـي برنامــج الأمـن والإرهــاب

تشهدُ دولةُ مالي تطورًا إستراتيجيًا بالغ الخطورة منذُ شهر سيبتمر من العام الجاري من قِبَلِ تنظيم “القاعدة”، لاسيِّما وأنها تواجه بالفعل أزماتٍ أمنيةً واقتصاديةً حادةً ومتلاحقةً تهدّد بانهيارها، حيثُ تتسارع ملامح سيناريو سياسيٍ وأمنيٍ جديد يتمثّل في اقتراب جماعة “نُصرة الإسلام والمسلمين” – أكبر فصيل مرتبط بتنظيم “القاعدة” في غرب أفريقيا — بخطى ثابتة من العاصمة المالية “باماكو”، مما أثار تخوفاتٍ من تحوّل مالي إلى “جمهوريةٍ إسلاميةٍ متطرفة” مشابهةٍ لحكم طالبان في أفغانستان؛ وذلك باتباعها تكنيك الحصار الخانق أو المتدرّج على الموارد الاقتصادية دون الدخول في مواجهاتٍ عسكريةٍ مباشرةٍ، وذلك بترْك الأزمات تتعاظم حتى يصبحَ السقوطُ نتيجةً طبيعيةً للشلل الكامل، بالإضافة لشلِّ حركة قوات الجيش المالي نحو القيام بهجماتٍ مضادة ضد تلك الجماعة المتشددة؛ فالعاصمة المكتظة بالسكان ستكلفهم خسائر فادحة، في حين يحقق الحصار نتائج أسرع وبكُلفةٍ أقل، والهدفُ هو إنهيارُ النظام تلقائيًا وإحكام السيطرة عليه. في ضوء تلك التطورات، تبدو مالي اليوم أمام مفترق طرقٍ تاريخيٍ؛ فإما أن تنجحَ الدولة في كبْح التمدد الجهادي عبر مقاربة أمنية وسياسية متوازنة، أو أن تتحول “باماكو” إلى أول عاصمةٍ إفريقيةٍ تقع فعليًا تحت سلطة تنظيم “القاعدة” الإرهابي، وتكون بؤرة التهديد الأكبر لجيرانها من الدول الهشة والتي تقع أغلبيتها ضمن نفوذ التنظيم.

وعليه، فإن زحْفَ القاعدة نحو “باماكو” هو نتيجةٌ تفاعليةٌ بين هشاشة الدولة المالية وسوء إدارة التدخلات الدولية، مما جعل البيئة الأمنية والسياسية مهيأةً لتحوُّل الجماعة إلى فاعلٍ مهيمنٍ في معادلة القوة الإقليمية من قلب أفريقيا. من هذا المنطلق، يُثار تساؤلٌ رئيسيٌ مُفاداه: ما الإنعكاسات الأمنية والإقليمية لتحركات تنظيم “القاعدة” التصعيدية نحو “باماكو” على بنية الدولة المالية واستقرار منظومة الأمن في الساحل الإفريقي ودول الجوار المالي؟

تحــولات المشهــد الأمنــي والعملياتــي الراهــن فــي مالــي

تجدر الإشارة إلى أن مناطق سيطرةِ تنظيم “القاعدة” ونشاط عملياته تركّزت في مناطق شمال ووسط مالي منذ عام 2017، تحديدًا في “موبتي وسيغو وتمبكتو”، حيثُ تتحمل الجماعة مسؤولية ما يُقدّر بنحو 64% من الأحداث العنيفة في منطقة الساحل منذ عام ذلك العام. فبالرغم من شنِّ الجماعة سلسلةً من الهجمات المنسقة في جميع أنحاء مالي في الأشهر الأخيرة،[1] إلا أن جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” حققت في السنوات الأخيرة تقدمًا ملحوظًا في جنوب مالي، بما في ذلك منطقتي “سيكاسو وكوليكورو” المجاورتين للعاصمة المالية “باماكو”. في هذا السياق، وعلى مدى الشهرين الماضيين، وجّهت الجماعة تركيزها نحو منطقة “كايس” الحدودية مع السنغال، في خطوةٍ تُنذرُ بأنها لا تعمل على توسيع نطاقها الجغرافي فحسب، بل وتهدد أيضًا بتطويق “باماكو”؛ حيثُ صعَّدت جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” هجماتها على إمدادات الوقود بنصْب كمائن لشاحنات نقل الوقود على الطرق الرئيسية التي تربط بين مالي وساحل العاج، والسنغال، وغينيا، وموريتانيا، من أهمها ممرُ داكار – باماكو التي تعتمد عليه اعتمادًا كبيرًا لاستيراد السلع الأساسية، حيثُ يعدُ أول ممرٍ يسيطر عليه تنظيم “القاعدة” في أوائل سيبتمبر الماضي باختطاف ستةِ سائقي شاحنات سنغاليين. والجدير بالذكر أن السنغال تصدر ما يقرب من 60% من منتجاتها النفطية إلى مالي، وهو ما يُمثل أكثر من 20% من تجارتها الخارجية،[2] وما يقرب من 95% من وقودها من السنغال وساحل العاج المجاورتين لها.[3] في غضون ذلك، يُغلق ممر الدار البيضاء – نواكشوط – باماكو، إذ تُحاصر الجماعات المسلحة منطقة “كايس”، والتي تمثّلُ مركزاً لوجستياً تتلاقى فيه طرق التجارة الدولية وتُنتج حوالي 80% من إنتاج الذهب في مالي، ومنطقة “نيورو دو ساحل” والتي تقع على الطريق الرئيسي الذي يربط مالي بموريتانيا، وتقول التقارير إن المسلحين أقاموا نقاطَ تفتيشٍ لتقييد تدفّق السلع، وفرْضِ ضرائب على التجار.

كما استولت الجماعة على بنى تحتية للجيش، واعتدت على مصانعَ ومناجمَ مملوكةٍ لأجانب، كما اختطفت مواطنين أجانب طلبًا للفدية. في إطارٍ متصل، فقد أعلنت الجماعة في بيان لها أن هدفها من هذا الحصار هو “هؤلاء اللصوص الذين في السلطة”؛ أي المجلس العسكري الحاكم، كما اتهمتهم بإضطهاد الماليين، علاوًة على تصريحات زعيم جماعة نُصرة الإسلام والمسلمين “أبو حذيفة البامباري” في مقطع فيديو له أنهم لن يسمحوا حتى بقطرةٍ واحدةٍ من الوقود بالدخول ردًا على حظر الحكومة العسكرية بيع الوقود في المناطق الريفية المسيطرة عليها؛ مما يشير ذلك إلى اعتمادها على إنهاكِ النظام من الداخل ونُشوب حراكٍ اجتماعيٍ بانقلابٍ ثالثٍ محتملٍ خلال الخمس سنوات والسادس منذ الإستقلال عام 1960.

ويُستدل على ذلك حادثِ منتصف شهر سيبتمبر، حيثُ هاجم التنظيم المسلح قافلةً تضم أكثر من 100 شاحنة وقود، وأشعلوا النار في نصفها – وفقًا لبيانات موقع الأحداث والصراعات المسلحة (ACLED) – واستولوا على كمياتٍ كبيرةٍ من أسلحة القوات المالية، كما أظهروا قدرتهم على استخدام الطائرات بدون طيار.[4] والجدير بالذكر أن الجيش المالي يؤمّنُ وصولَ صهاريج الوقود من مؤانئ غرب أفريقيا، بينما التنظيم ينجح في الاستيلاء عليها.

عوامل مكَّنت التنظيم من حصار “باماكو”: وتتمثل في التوترات الداخلية في صفوف الجيش المالي خاصًة بين العقداء الخمسة الذين نفذوا الإنقلاب الأول، حيثُ اعتقلت السلطات المالية في العاشر من أغسطس الماضي من العام الجاري ما يقرب من 50 جندي ومسؤولٍ عسكريٍ بتهمة التآمر للإطاحة بالمجلس العسكري الحاكم؛[5] جاء ذلك بعد قرار تمديد ولاية الحاكم العسكري “أسيمي غويتا” في الرابع من يوليو الماضي من العام الحالي إلى خمسِ سنواتٍ قابلةٍ للتجديد من دون إجراء انتخاباتٍ ودون تحديد سقفٍ زمنيٍ واضحٍ، مما أدّى إلى عجْزِ القوات المسلحة المالية وضعْفِ قدراتها الاستخباراتية أمام تنامي قدرات التنظيمات الجهادية على تنفيذ عملياتٍ منسقةٍ ومتزامنةٍ. بالإضافة إلى تصاعد العنف الانفصالي في شمال مالي مع تجدّد تمرد الأزواد مطلع العام؛ حيثُ نفذت “جبهة تحرير أزواد” كمينًا محكمًا ضد قافلةٍ تضمُّ قوات الجيش المالي وعناصر “الفيلق الإفريقي” الروسية. فعلى الجانب الآخر، إستغل التنظيم تراجع مستوى الدعم الروسي العسكري المباشر، سواء على صعيد الإسناد القتالي أم على مستوى الإمداد بالمعدات والتدريبًة مقارنةً بمراحله الأولى المتمثّلةِ في “فاغنر”. كما برزت أزمةٌ متصاعدةٌ بين حكومة مالي وعددٍ من شركات التعدين العالمية خاصًة في قطاع الذهب – أحد أعمدة الاقتصاد المالي – فضلًا عن تعليق فرنسا تعاونها مع مالي في مجال مكافحة الإرهاب.

صدى التصعيد القائم: أولًا داخليًا: ترتّب على تلك الهجمات ارتفاعٌ ملحوظٌ في أسعار الوقود؛ حيثُ بلغ سعر لتر البنزين الواحد في السوق السوداء من 725 فرنك أفريقي (1,10 يورو) إلى 2000 فرنك أفريقي (3 يورو)،[6] مما أدى ذلك إلى إغلاق المدارس حتى 9 نوفمبر، وتعطيل حركة النقل في العاصمة، كما تسببت في تقليص عدد ساعات التزويد بالكهرباء من 19 ساعات إلى 6 ساعة فقط – وفقًا لشركة “إينرجي دو مالي” – ثانيًا خارجيًا: وتتجسّد في إجلاء رعايا الولايات المتحدة، وألمانيا، وإيطاليا، وأستراليا، وبرطانيا، كما أغلقت مالي حدودها مع موريتانيا؛ متهمًة إياها بعدم اتخاذ تدابير كافية لمنع هذه الجماعات من عبور الحدود، وهو ما نفته السلطات الموريتانية مرارًا. بالإضافة للقاء الوفد الروسي بالرئيس المالي والتوعد بوصول إمداداتِ الوقود والحبوب والأسمدة.

خريطة توضِّح مناطق التقدم العملياتي لجماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” المحيطة بالعاصمة “باماكو”

موقف الجيش المالي: في البداية قلل الجيش المالي من أهمية الحصار؛ حيثُ وصفها بأنها “حربٌ إعلاميةٌ تنظمها وسائل إعلامٍ أجنبية”، وأصرَّ على أن اللقطات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي للمركبات المحاصرة على ممر داكار – باماكو أنه يعود تاريخها إلى شهر أبريل، ولا علاقة له بما يُسمى بالحصار. وقال المتحدث باسم الجيش إنه “لم يتمّْ رصْد أي انقطاعٍ منهجيٍ للنقل في غرب مالي، وأن التحدي الحقيقي الذي يواجه الناس في منطقة كايس هو موسم الأمطار وليس تصرفات الجماعات الإرهابية”. كما وصف العقيد “ديمبيلي” تزايد نشاط جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بأنه “الأنفاسُ الأخيرة لعدوٍ مُحاصرٍ ومُنسحب”، وهي عبارةٌ كثيرًا ما يرددها المسؤولون الماليون منذ سيطرةِ المجلس العسكري على السلطة في عام 2020.

المسارات المحتملة للسياق

في ضوء التطورات المتسارعة وتعقّد المشهد الراهن في دولة مالي، تبرز الحاجة إلى استشراف المسارات المستقبلية المحتملة، التي قد يتجّهُ إليها المشهدُ خلال المرحلة القادمة، وتتمثل في الاحتمالات الآتية :-

السيناريـــو الأول: سقــوط “باماكــــو” والإنهيــار السريــع للدولــة

يستندُ هذا السيناريو على الضغوط الأمنية والعسكرية المتصاعدة، والاختراق التدريجي الناجم عن تشديد الحصار العملياتي على العاصمة “باماكو”، مما يُفضي  إلى إنهاكِ  الدولة المالية ومؤسساتها، وانهيار قدرة الجيش على الدفاع عن العاصمة، وبالتالي استغلالُ تنظيم “القاعدة” التقدم نحو العاصمة بصورةٍ سريعةٍ، هذا التطورُ سيُشكل تحولًا خطيرًا في توازنات القوة داخل مالي، وقد يُدخل البلاد في مرحلةٍ من الفوضى الشاملة تُهدد بانهيارِ الدولة المركزية وتمدّدِ الإرهاب نحو دول الجوار؛ فقد يكون هناك تأثيرُ الدومينو مع حكومات الدول المجاورة لمالي في المنطقة، بما في ذلك في بوركينا فاسو والنيجر، وتزايد المخاوف من أن الزخم سيدفع الجهاديين إلى جميع أنحاء الساحل الغربي لأفريقيا. في ضوء ذلك، تستلهمُ جماعةُ “نصرة الإسلام والمسلمين” تجربةَ طالبان في كابل، وتعتبرُ أنها خريطةُ طريقٍ نحو السيطرة الكاملة على الحكم، حيثُ أجمع المحللون بأن “كل يومٍ يمر مع استمرار الحصار، يقترب النظام في باماكو خطوةً إضافيةً من الانهيار”، وأضاف وزير مالي سابق “لا أريد المبالغة، لكن البلاد تنهار أمام أعيننا، قبل نهاية ديسمبر المقبل سيقعُ انقلابٌ في منطقة الساحل”، فإذا حدث ذلك، فسيحقق تنظيم “القاعدة” ما لم يحققه من قبل، وهو التحولُ من شبكةٍ إرهابيةٍ خفيةٍ إلى حاكم دولةٍ مُعترفٍ بها، ومن شأن هذه اللحظة أن تُعيد صياغةَ استراتيجياتِ مكافحة الإرهاب العالمية، وتُمثل فصلاً جديدًا وخطيرًا في الحروب الحديثة.

تداعيات السيناريو: زيادةُ نشاط وعزيمة فروع تنظيم “القاعدة” في المناطق والدول المجاورة لمالي لاسيِّما دول الساحل خاصًة بوركينا فاسو؛ لأنها أيضًا تواجه خطر التقدم العملياتي للتنظيم مؤخرًا؛ حيثُ سيطرت جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” على بلدة “بانيكايا” المركز العسكري الرئيسي شمال شرق العاصمة واغادوغو، فمنذ منتصف 2025 صعَّدت الجماعة هجماتها في المنطقة بهدف عزلْها عن خطوط الإمداد الحكومية، مما يُنذرُ بالخطر الذي يواجهُ دولَ غرب إفريقيا خلال الأشهر القادمة. فوفقًا لصحيفة “وول ستريت جورنال”: “فإن هناك احتماليةَ فرْضِ القاعدة السيطرةَ على بوركينا فاسو ومالي، ولكن مالي أولًا لأنها الأكثر عرضة للإنهيار”. وعليه، قد نرى تأثير الدومينو الذي شهدناه بين 2020 و2023.

تحديات السيناريو: في حال سيطرت جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” على دولة مالي فستواجهُ بعض المخاطر المتعلقة بعلاقتها بالأزواد شمال مالي التي تسعى هي الأخرى لفصْلِ شمال مالي عن الدولة، هذا بالإضافة لمواجهاتٍ مع الميليشيات المحلية التابعة للجيش المالي. بجانب ذلك، ستزدادُ احتماليةُ حدّة التنافس مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في بسط النفوذ، مما يجعل ذلك مالي بؤرة الإرهاب العالمية الجديدة.

وتأسيسًا على ما سبق، فالسيناريو الأول هو أسرعُ وأخطرُ لكنه يعتمد على انفجارٍ مفاجئٍ ناتجٍ عن ضعف الجيش أو انقسامٍ داخل السلطة وتراجع قوة تحالف دول الساحل مع روسيا، إذ يعتمد حدوث السيناريو في حال سيطرت الجماعة على بلدة “كاتي” – المعقل العسكري الأكبر للجيش المالي في “باماكو” – خلال الأيام القليلة المقبلة.

السيناريـــو الثانـي: الاستنــزاف المطـوَّل فتكون دولة مُنهكـة لكن بلا سقوط كامل

ويستندُ السيناريو على مواصلة التنظيم سياسة “التطويق الزاحف” عبر تعطيل الإمدادات ولكن بشكلٍ متقطّعٍ، والقيام بالعمليات المحدودة قرب المحاور الرئيسية المؤدية للعاصمة، ويحافظ الجيش المالي على الجانب الآخر على مناطق سيطرته الأساسية في “باماكو” من خلال الحشد، والإجراءات الأمنية، أو عبر دعمٍ لوجستيٍ دبلوماسيٍ خارجىٍ؛ فتستمر حالة عدم الاستقرار والاختناق الاقتصادي دون سقوطٍ كاملٍ، مما يؤدي لتَدهورٍ معيشيٍ وبطيءٍ في الأداء الحكومي مع استمرار الحكومة في بقاءٍ ظاهريٍ.

وتأسيسًا على ذلك، يبين السيناريو الثاني أن تنظيم “القاعدة” بدأ باضطرابٍ تكتيكيٍ قد يتطورُ إلى حصارٍ طويلِ الأمد، مما يؤدي إلى تآكل الثقة في مؤسسات الدولة المالية وكشف هشاشتها، وبالتالي يصبحُ هناك تدهورٌ مطوَّلٌ يجعل الدولة منهكةً لكن لا يُسقطها فورًا.

ختامًا:

فإن سيطرة تنظيم “القاعدة” على العاصمة المالية “باماكو”، سيكون بمثابةِ تحوّلٍ تاريخيٍ في الإرهاب العالمي؛ فلأول مرة منذ إنشائه يمكن له أن يتحكمَ في دولةٍ ذات سيادة بشكلٍ مباشر، وهذا من شأنه أن يمنحَها شرعيةً جديدةً، وإمكانية الوصول إلى الموارد، وقاعدة لتخطيط العمليات الدولية. فبالنسبة للقاعدة، سيكون هذا النصر رمزيًا أكثر منه إقليميًا، سيبعث برسالةٍ إلى أنصارها حول العالم مفادها أن الجماعةَ قادرةٌ على التطور من التمرد إلى الحكم – وهو أمرٌ حققته “داعش” لفترةٍ وجيزةٍ خلال سيطرتها على أجزاء من العراق وسوريا – لكن ستتجاوز التداعيات غرب أفريقيا بكثير؛ فإذا سيطرت الجماعة على مالي قد تُشجع الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل والشرق الأوسط والقرن الأفريقي، كما وقد تواجه دول مجاورة مثل النيجر، وبوركينا فاسو، وبنين –التي تشهدُ تقدّماً عملياتياً ملحوظاً خلال الأشهر الأخيرة هي الأخرى – حركات تمرد مماثلة قد تنتشر بسرعة إذا نجح تنظيم “القاعدة” في إقامة نظامٍ فاعلٍ في “باماكو”، ويخشى المجتمع الدولي من أن يؤدي ذلك إلى موجةٍ جديدةٍ من الهجرة، وانهيارٍ اقتصاديٍ، وعدم استقرارٍ إقليميٍ، مما يُفسد ذلك جهود مكافحة الإرهاب، أو قد يتكييف مع وجود التنظيم كسياسة أمر واقع.

المصادر:

[1]– Tessa Devereaux, “Why an armed group linked to al-Qaida is gaining ground in Mali”, the conversation, 31 October 2025. Look at

[2]–  Rama Yade and Hussein Ba, “Mali has not just plunged into crisis. It has been unraveling for years”, Atlantic Council, 31 October 2025. Look at

[3]– “Mali on the Brink of Collapse as Jihadists Threaten to Overrun the Country”, The Soufan Center, 2 November 2025. Look at

[4]– Tim Lister, “Jihadi fighters affiliated with al Qaeda close in on Mali’s capital, as instability grows across Sahel region”, CNN, 2 November 2025. Look at

[5]– د.أحمد أمل، ” ستة متغيرات مفسرة: ما وراء المحاولة الانقلابية في مالي”، مركز المستقبل للدراسات، 19 أغسطس 2025. على الرابط الآتي

[6]– الشيخ محمد، “تنظيم «القاعدة» يضيّق الخناق على عاصمة مالي”، صحيفة الشرق الأوسط، 31 أكتوبر 2025. على الرابط الآتي