المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > الدراسات الأمنية والإرهاب > التقرير ُالختاميُ لسلسلة موضوعاتٍ عن التطرف والإرهاب
التقرير ُالختاميُ لسلسلة موضوعاتٍ عن التطرف والإرهاب
- أكتوبر 1, 2025
- Posted by: Maram Akram
- Category: إصدارات دورية الدراسات الأمنية والإرهاب
لا توجد تعليقات

إعداد: إلهام النجار
باحث في برنامج الأمن والإرهاب
لم يعدْ الإرهابُ في وقتنا الراهن مُجرد حوادث متفرقة من العنف السياسي، بل أصبح ظاهرةً مُركّبةً مُتشابكةَ الجذور والتجليات، تُعيد إنتاج نفسها باستمرار عبر التاريخ وتتكيف مع السياقات المتغيرة، إنه ظاهرةٌ تعكس أزمات المجتمعات الحديثة بقدر ما تكشف عن هشاشة المنظومات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، فمنذ بداياته التاريخية المبكرة، وصولًا إلى أشكاله الرقمية العابرة للحدود، ظل التطرف يتغذى على الفقر والتهميش، ويستمد شرعيته الزائفة من أيديولوجياتٍ مغلقةٍ، ويستثمر في التقنيات الحديثة لبناء شبكات تأثير واسعة وفعّالة، لقد جاءت سلسلة التقارير هذه لتُضيء هذه الجوانب من زوايا مختلفة: بدءًا من البحث في الجذور التاريخية، ومرورًا بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، ووصولًا إلى تأثير التعليم والدعاية والفضاء الرقمي، وانتهاءً باستعراض التجارب الدولية في المكافحة والوقاية، إن هذا التقرير الختامي لا يقتصر على تلخيص ما سبق عرضه، بل يسعى إلى صياغة رؤيةٍ تركيبيةٍ أوسع تدمج بين النتائج وتربط بين الخيوط، بما يمنح القارئ تصورًا متكاملاً عن طبيعة الظاهرة وتعقيداتها.
إن ما يميز هذه المقاربة هو أنها تكشف أن الإرهاب ليس قدرًا محتومًا، بل ظاهرة يمكن الحدُّ منها عبر استراتيجياتٍ شاملةٍ تُوازن بين الأمن والتنمية، بين الردع الوقتي والوقاية المستدامة، وبين حماية الدولة وتعزيز مناعة المجتمع، ومن ثَم، يأتي هذا التقرير ليكونَ بمثابة محطةٍ ختاميةٍ ومرجعيةٍ تحليليةٍ، تؤكد أن المواجهة الفاعلة للتطرف والإرهاب تبدأ من الفهم العميق، وتستند إلى بناء مجتمعٍ واعٍ، متماسكٍ، قادرٍ على إفشال خطاب الكراهية وحماية قيم العيش المشترك.
وفي سياقٍ متصل، يمثّل التطرف والإرهاب أحد أكثر الظواهر إلحاحًا وخطورةً في عالمنا المعاصر، حيث لم يعد يقتصر على كونه تهديدًا أمنيًا تقليديًا، بل تحول إلى مُعضلةٍ بنيوية تمسُّ الأمن القومي للدول، والاستقرار المجتمعي، والنمو الاقتصادي، بل وتمتد إلى القيم الإنسانية الجامعة، كما إن التطرف ليس مجرد فِعلٍ فرديٍ مُنعزل، وإنما هو نتاجٌ لتشابكٍ مُعقّد بين عوامل تاريخيةٍ وسياسيةٍ واقتصاديةٍ وثقافيةٍ ونفسيةٍ، جعلت من الظاهرة منظومة متكاملة تُعيد إنتاج ذاتها بوسائل وأساليب متجددة، ولعل فهْمَ الظاهرة لا يتحقق فقط من خلال متابعة تجلياتها العنيفة الراهنة، بل يتطلب الغوص في سياقاتها التاريخية والبحث في العوامل المُحفّزة التي تدفع الأفراد والجماعات إلى تبنّي خطاب العنف، كما أن رصْدَ الأبعاد الأيديولوجية والدينية والسياسية يظل شرطًا لفهم كيفية تحول الأفكار إلى ممارسات، وكيفية استغلال التكنولوجيا الحديثة في نشر التطرف وتوسيع دوائره، وفي المقابل، تكشف التجارب الدولية أن المعالجة الأمنية وحدها لم تعدْ كافيةً، بل باتت المقاربات الشاملة – التي تجمع بين الوقاية الفكرية، والإصلاح الثقافي والتعليمي، والإدماج الاجتماعي والاقتصادي – أكثر قدرةً على خلْقِ مناعةٍ مجتمعيةٍ ضد الفكر المتطرف.
ومن هُنا، يأتي التقرير الثاني عشر ليعرضَ ما تمَّ تناوله على مدار أحد عشر شهرًا، وتوضيح أبرز مداخل تحليل الظاهرة من جذورها التاريخية، والعوامل الاقتصادية والاجتماعية التي تُغذّيها، إلى دور الأيديولوجيات والفضاء الرقمي والدعاية النفسية، مرورًا بانعكاساتها على التنمية والوعي الجمعي، وصولًا إلى آليات الإدماج وإعادة التأهيل، وتحولات الإسلام السياسي، وأخيرًا استعراض التجارب الدولية الناجحة في المكافحة والوقاية، والهدفُ هو تقديمُ قراءةٍ تحليليةٍ شاملةٍ تعكسُ الطبيعةَ المركّبةَ للتطرف والإرهاب، وتؤكد أن التصدي له يتطلب رؤيةً استراتيجيةً متعددة الأبعاد، تُراعي الترابط بين الأمني والفكري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي.
التقرير الأول بعنوان: سياقاتٌ تاريخيةٌ: متى وكيف ظهر التطرف والإرهاب؟
والذي يُقدم عرضًا شاملًا عن السياقات التاريخية لنشوء الأفكار المتطرفة والتي أدت إلى الإرهاب، وكذلك فَهْم الخلفيات التاريخية للتطرف وتحليله بشكلٍ أعمق، وتوضيح العلاقة بين التطرف والإرهاب، فالتطرف آفةُ عصرنا لما يُسببه من آثارٍ سلبيةٍ في المجتمعات بشكلٍ عام، وهو اللبِنَةُ الأولى للإرهاب، لأن الإرهابَ يلتزمُ بعقيدةٍ تنحرف عن الطريق الصحيح، ويُصاحب تمسّكه بهذه العقيدة مع قناعته التامة بأنه دائمًا على حق وأن من حوله على خطأ وأن هذا الخطأ يجبُ تصحيحه بكل الجهود الممكنة، ويستخدمُ الإرهابي كلماتٍ تتوافق مع أهوائه وميوله الفكرية، وإذا لم يستجبْ من حوله لدعوته وأفكاره، فإنه يبدأ بالانتقال إلى المستوى الثاني، الذي يتضمن الجمع بين هذا التفكير المتطرف والعمل العنيف لفرض أفكاره فوق الآخرين، وتُعتبر مُشكلة التطرف والإرهاب من أخطر المشكلات التي تواجهها المجتمعات المختلفة في العالم، سواء كانت تعتنقُ الإسلام أو المسيحية أو أي دينٍ آخر وينعكس ذلك في البِنية الاجتماعية للمجتمع ويكون له تأثيرٌ قويٌ وسلبيٌ على العلاقات، والمشكلات الإنسانية والاجتماعية والسلوكية بين فئات وطوائف المجتمع والعديد من المجتمعات، ويرجع ظهور الإرهاب إلى جذورٍ تاريخيةٍ قديمةٍ ارتبطت بالسُلطة والدين والصراع على النفوذ، فمن الحركات المتطرفة في أوروبا بالعصور الوسطى، إلى جماعات الحشاشين في المشرق الإسلامي، وصولًا إلى الموجات الحديثة المرتبطة بحركات التحرر أو الجماعات العقائدية؛ نرى أن الإرهاب ليس وليدَ عصرٍ بعينه، بل ظاهرة تتجدد بتغير الظروف، وعليه، فإن الإطار التاريخي يساعد على فهم كيف تطور من مجرد “أداة للعنف” إلى “ظاهرة عالمية عابرة للحدود”.
التقرير الثاني بعنوان: عوامل محفّزة: تأثير العوامل الاقتصادية والاجتماعية في دفْعِ الأفراد نحو التطرف والإرهاب
والذي يُقدم عرضًا شاملًا عن أسباب ودوافع الإرهاب، وتأثير الفقر والبطالة على الميل نحو التطرف والإرهاب، وأيضًا توضيح دور عدم المساواة والتهميش الاجتماعي وأثره في تعزيز التطرف والإرهاب، ناهيك عن استراتيجيات المواجهة، حيث تُعتبر قضايا التطرف والإرهاب من أكثر الموضوعات التي تشغلُ الحكومات والمجتمعات على الصعيد العالمي، كما تتنوعُ أسباب انجراف الأفراد نحو التطرف والإرهاب، ولكن العوامل الاقتصادية والاجتماعية، مثل الفقر، البطالة، التهميش، وعدم المساواة، تُعَدُّ من أهم العواملِ المُحفّزة، ويلعب الحرمان الاقتصادي، البطالة، التهميش الاجتماعي، وضعْفُ العدالة في توزيع الموارد دورًا كبيرًا في دفع الأفراد للانخراط في دوائر التطرف، كما أن الفقر ليس وحده المحرك، بل أيضًا فقدان الأمل والإقصاء المجتمعي، فالمناطق المهمّشةُ والفقيرةُ عادة ما تكون بيئةً خصبةً لتجنيد الشباب، ومن هُنا، يظهر الإرهاب كنِتاجٍ لأزمةٍ اجتماعيةٍ واقتصاديةٍ عميقةٍ.
التقرير الثالث بعنوان: تأثير الأيديولوجيات السياسية والدينية على ممارسة العنف والتطرف
والذي يُقدم عرضًا شاملًا عن الأيديولوجياتِ السياسيةِ ودورها في تبرير العنف وكذلك الأيديولوجيات الدينية وأيضًا توضيح تأثير العنف المُبرر دينيًا على المجتمع، ورصْد أبرز التوصيات لمكافحة تبرير هذا العنف، وكذلك العلاقة بين الأيديولوجيات المتطرفة والإرهاب، حيث تُشير الأيديولوجيا المتطرفةُ إلى مجموعةٍ من المعتقدات أو المبادئ التي تتسمُ بالتطرف، والتي غالبًا ما تتطلبُ إجراءاتٍ عنيفةً لتحقيق أهدافٍ سياسيةٍ أو دينيةٍ أو اجتماعيةٍ مُحددة، كما أن الفكرَ المتطرفَ في الجماعات الإسلامية ظاهرةٌ معقّدةٌ ومتعددةُ الأوجْه، وتُعدّ الأيديولوجيات سواء كانت دينيةً أو سياسيةً، أدواتٍ قوية للتأثير على المجتمعات وتحفيز الأفراد نحو أفعال مُحددة، ومع ذلك، يمكن أن تُستخدمَ أيضًا لتبرير العنف والتطرف من خلال خلْقِ مبرراتٍ أخلاقية، اجتماعية، أو سياسية، وفي هذا السياق، يتمُّ توظيف النصوص الدينية أو المبادئ السياسية لتغذيةِ أفكار الكراهية والصراعات، مما يجعل العنف يبدو مشروعًا بل ومطلوبًا، كما تشكّل هذه الأيديولوجيات إطارًا يبرر العنف، سواء كانت دينيةً أو سياسيةً، إذ يتمُّ استخدام النصوص وتأويلها لخدمة أهداف سياسية، أو تبرير أعمال العنف باعتبارها “جهادًا” أو “مقاومة”، كما تستغل بعض الحركات السياسية المتطرفة الدين أو القومية لبناء هويةٍ متماسكةٍ ضد “الآخر”، مما يُعزز ثقافة العنف والاستقطاب.
التقرير الرابع بعنوان: التهديد الرقمي: كيف تستغل الجماعات الإرهابية الانترنت لتحقيق أهدافها
والذي يُقدم عرضًا شاملًا عن أساليب الجماعات الإرهابية في استغلال الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، مع التركيز على أهدافها المختلفة مثل التجنيد والترويج لأيديولوجياتها، كما يتمُّ عرْضُ أثر هذا النشاط الرقْمي على الأمن الدولي، وإلقاء الضوء على جهود الحكومات والمؤسسات الدولية في التصدي لهذه التهديدات، بهدف تقديم رؤيةٍ شاملةٍ لمواجهة الإرهاب الرقْمي وحماية الفضاء الإلكتروني من استغلاله لأغراضٍ متطرفةٍ، في العصرِ الرقمي، أصبحٕ الإنترنت ووسائلُ التواصل الاجتماعي أدواتٍ فعَّالةً في نشر المعلومات والأفكار على نطاق واسع، وقد استغلت الجماعات المتطرفة هذه المنصات لتحقيق أهدافها الإيديولوجية والتجنيد، حيث يتمثلُ خطرُ هذا الاستغلال في مدى سهولة الوصول إلى الأفراد في جميع أنحاء العالم، مما يسمحُ بتوسيع نطاق تأثيرها بطُرقٍ لم تكنْ ممكنةً من قبل، وبــدأ العالــم وقادته يُدركـــون تهديداتِ الإرهاب والتطرف علـى نحـوٍ كبيــرٍ، عــلاوةً علــى ذلــك، عــرف العالــم أيضـًـا أن أعضــاء التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، يستخدمون تقنياتٍ عاليــةَ الدِقـة والتطــوير فــي التخطيط والتنفيذ لعملياتهم الإرهابية، وبعـد تشكيلِ تنظيـم الدولـة الإسلامية فـي العراق وسوريا “داعـش”، أصبحـت التهديداتُ الإرهابيةُ أكثـر خطـورةً، حيـث يتّسـم هـذا التنظيـمُ بدرجـةٍ عاليـةٍ مـن النظـام، ويسـتخدم تكنولوجيـا متقدمـةً فـي أنشطته، بمـا فـي ذلـك منصـات الإنترنـت المختلفـة، ومـن خلال منصات التواصـل الاجتماعـي تقـومُ الجماعاتُ الإرهابيةُ والمتطرفةُ بالترويج والدعاية لأفكارها الأيديولوجية، وتجنيد الأعضاء الجُدد وتدريبهم، و التواصـل مـع الأتباع والمؤيدين الجهات المانحة، ولذلـك يتـمُ التعامـلُ مـع مِثـل هـذه الجماعـات باعتبارها إرهابـًا “غير تقليدي”، أو يتمُّ توصيفُها مـن خلال مفهـوم الإرهـاب الجديـد، كما أن الفضاء الرقمي منح الجماعات الإرهابية قدرةً هائلةً على الانتشار والتجنيد، وأصبح الإنترنت منصةً لتبادل الأيديولوجيات، وتدريبِ الأفراد، التخطيط للهجمات، وجمْعِ التمويل عبر العملات المشفرة، كما خلق الإعلام الرقمي “إرهابًا عابرًا للفضاء الإلكتروني”، مما يزيد من صعوبة السيطرة عليه.
التقرير الخامس: التلاعبُ النفسيُ والدعاية المتطرفة: كيف يتمُّ استقطاب الافراد نفسيا
والذي يًقدم عرضًا شاملًا عن الخصائص النفسية التي تساهمُ في جذْبِ الأفراد إلى التطرف والإرهاب، مع تسليط الضوء على التحديات المرتبطة باكتشاف هذه العوامل مبكرًا، بالإضافة إلى استراتيجيات المعالجة والوقاية، كما يركزُ التقرير على تحليلِ العوامل النفسية وتقديمِِ حلولٍ علميةٍ وعمليةٍ للحدِّ من تأثيرها، مما يُسهم في تعزيز الأمن والاستقرار المجتمعي، ويُعدُّ التطرفُ والإرهابُ من أكثر الظواهر تهديدًا لأمن واستقرار المجتمعات، حيث تتجذر هذه الظاهرة في مجموعةٍ مُعقّدة من العوامل السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، ومع ذلك، تلعبُ العواملُ النفسيةُ دورًا حاسمًا في دفع الأفراد نحو تبنّي الفكر المتطرف والانخراط في سلوكياتٍ عنيفةٍ، فالشعورُ بالعزلةِ الاجتماعية، والإحباط،ُ وفقدانُ الهويةِ، والرغبةُ في تحقيق الانتماء، كلها عواملُ نفسية تُهيئ الأفراد ليكونوا أكثر عُرضة للتأثر بالدعاية المتطرفة والانضمام إلى الجماعات الإرهابية، كما أن الاستغلالَ النفسيَ عبر وسائل الإعلام والدعاية الموجهة يُسهم بشكل كبير في إعادة تشكيل الأفكار والمعتقدات، مما يعزز من احتمالية التحول نحو التطرف، كما تستغل الجماعات المتطرفة ضعْفَ الفرد وحاجتَه للانتماء والهوية، عبر خطابٍ عاطفيٍ ودعايةٍ مركّزة، يتمُّ التأثير على وعي الأفراد، وتغيير صورتهم عن العالم، وإقناعهم بجدوى “التضحية”، و تعتمد هذه الجماعات على أساليب تشبه تقنيات غسْلِ الدماغ، حيث يتمُّ عزلُ الفرد عن محيطه الطبيعي وإغراقه بسرديات مؤدلجة.
التقرير السادس: الإرهابُ والتنميةُ الاقتصادية : كيف تعيق الهجمات الإرهابية النمو والاستقرار؟
يقدم تحليلَ تأثيرِ الإرهابِ على الاقتصاد والتنمية من خلال دراسة أبرز النماذج العالمية المتضررة، مثل نيجيريا، العراق، سوريا، أفغانستان، مصر، والصومال، كما يتمُّ استعراض آثاره على مختلف القطاعات الاقتصادية، بالإضافة إلى تسليط الضوء على بعض الاستراتيجيات الممكنة للتخفيف من التأثيرات السلبية للإرهاب، وتعزيز الاستقرار والتنمية في الدول المتضررة، يُعد الإرهابُ من أخطرِ التحدياتِ التي تواجهُ الاقتصادَ والتنميةَ في العصر الحديث، حيث يترك تأثيراتٍ مدمّرةً على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للدول المتضررة، فالهجمات الإرهابية تؤدي إلى تراجع معدلات النمو، وانخفاض الاستثمار الأجنبي والمحلي، تدهور قطاع السياحة، وارتفاع تكاليف الأمن والدفاع، كما يُساهم الإرهاب في تفاقم الفقر والبطالة، وكذلك يُعرقل جهود التنمية المستدامة من خلال تدمير البنية التحتية والخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة، كما أن الهجماتِ الإرهابيةَ لا تقتصر آثارها على الأرواح والبنية التحتية، بل تعيق التنمية الاقتصادية على المدى الطويل، فهي تؤدي إلى هروب الاستثمارات، انهيارِ السياحة، تعطيلِ المشروعات، وارتفاع تكاليف الأمن، وبهذا تصبح المجتمعاتُ عالقةً في دائرة الإرهاب الذي يؤدي إلى ضعْفِ التنمية، وضعْفِ التنمية يعزّز الإرهاب.
التقرير السابع: تحولات الوعي الجمعي : دور التعليم والثقافة في كسر دوائر التطرف والإرهاب
يناقش التقرير العلاقة بين التعليم والثقافة من جهة، وبين ظاهرة التطرف والإرهاب من جهةٍ أخرى، مُستعرضًا محاور مثل العلاقةِ بين الجهل والتطرف، دورِ ِبناء الهوية المتعددة، أهمية تحفيز الخيال والانفتاح، تعزيز الذاكرة الجماعية، ومواجهة الأُمية والفقر المعرفي كمدخلاتٍ أساسيةٍ للوقاية، ويُختتم التقرير بجملةٍ من التوصيات العملية الرامية إلى تفعيل دور التعليم والثقافة في تعزيز مجتمعات أكثر مناعةً، وأكثر قدرةً على مقاومة خطابات العنف والإقصاء، حيث يمثّل التطرف العنيف والإرهاب أحدَ أبرز التهديدات التي تواجه المجتمعات المعاصرة، بما يحمله من تداعياتٍ أمنيةٍ، وسياسيةٍ، واقتصاديةٍ، وثقافيةٍ عميقةٍ، وعلى الرغم من تعدّد مقاربات التصدي لهذه الظاهرة، إلا أن التجربةَ التاريخيةَ والبحث الأكاديمي أظهرا أن المعالجة الأمنية وحدها غير كافية، ما لم تواكبها جهود وقائية عميقة تُعنى بجذور التطرف ومسبباته البنيوية، وفي هذا السياق، تبرز أهمية التعليم والثقافة كخطين دفاعيين أساسيين ضد انتشار الفكر المتطرف، فالتعليم الذي يُعزز قيمَ التفكير النقدي، والتسامح، والمواطنة العالمية، يُعدّ أداةً استراتيجيةً لبناء أفراد محصّنين ضد خطابات الكراهية والعنف، كما أن الثقافة، بما تحمله من رواياتٍ متعددةٍ وأشكالٍ إبداعيةٍ متنوعة، تُسهم في تنمية الخيال الأخلاقي والانفتاح على الآخر، مما يُقلل من قابلية التجنيد والاستقطاب، كما أن التعليم والثقافة يمثّلان خط الدفاع الأول ضد التطرف، فغيابُ الوعي النقدي والثقافة التعددية يجعل الأفراد عُرضة للخطاب المتطرف، بالمقابل، الاستثمار في التعليم القائم على قيم التسامح، واحترام التنوع، وبناء المناعة الفكرية، يُسهم في تحصين المجتمع من خطاب الكراهية.
التقرير الثامن: إدماجُ ما بعد التطرف: آليات المتابعة المستدامة وتقوية المناعة الفكرية
يهدف التقرير الثامن إلى تقديم تصوّرٍ متكاملٍ لبرامج إعادة التأهيل الفكري والنفسي والاجتماعي، ويستندُ إلى نماذجَ وتجاربَ دوليةٍ ناجحةٍ، ويقترح محاور عمل قابلة للتطبيق ضمن السياقات الوطنية، بما يُسهم في بناء بيئةٍ أكثر أمانًا وتسامحًا واستقرارًا
حيث يمثّلُ التطرفُ العنيفُ والإرهابُ أحدَ أبرز التهديدات التي تواجه المجتمعات المعاصرة، بما يحملهُ من تداعياتٍ أمنيةٍ، وسياسيةٍ، واقتصاديةٍ، وثقافيةٍ عميقةٍ، وعلى الرغم من تعدد مقاربات التصدي لهذه الظاهرة، إلا أن التجربةَ التاريخيةَ والبحث الأكاديمي أظهرا أن المعالجة الأمنية وحدها غير كافية، ما لم تواكبْها جهودٌ وقائيةٌ عميقةٌ تُعنى بجذور التطرف ومسبباته البنيوية، وفي هذا السياق، لم تعدْ المواجهةُ الأمنيةُ الأحاديةُ كافية، بل أصبحت الحاجةُ مُلحّةً إلى تعاونٍ دوليٍ مُنظّمٍ يشمل تبادل المعلومات الاستخباراتية، تنسيق التشريعات، وتوحيد الجهود الوقائية، بما يعزز قدرة الدول على التصدي للتهديدات الإرهابية بشكل شامل ومستدام، وعليه، لا بد من تبنّي استراتيجياتٍ موازيةٍ تقوم على برامج إعادة تأهيل المتطرفين وإعادة إدماجهم في المجتمع، خاصةً أولئك العائدين من مناطق الصراع أو من تأثروا بالأيديولوجيات المتطرفة داخل بلدانهم، وتشكل هذه البرامج اليوم جزءًا جوهريًا من الجهود العالمية لمكافحة الإرهاب، عبر مداخل نفسيةٍ، دينيةٍ، تعليميةٍ، واجتماعية، تهدف إلى تفكيك البنية الفكرية للتطرف، ومنع الانتكاس، وتعزيز السلْمِ المجتمعي، وأن مكافحة الإرهاب لا تتوقف عند إلقاء السلاح، فهناك حاجةٌ إلى برامج لإعادة دمج الأفراد الذين تخلّوا عن العنف، كما تشمل هذه البرامج إعادة التأهيل النفسي، توفير فرص عمل، بناء هوية بديلة إيجابية، وضمان متابعة مستدامة تحول دون العودة مجددًا إلى دوائر التطرف.
التقرير التاسع: التعاونُ الدوليُ في مكافحةِ التطرفِ والإرهاب : من تَبادلِ المعلوماتِ إلى بناءِ القدرات
يُناقش التقرير التاسع، تسليطَ الضوء على الأبعاد المختلفة لهذا التعاون، من خلال تحليلِ دورِ تنسيقِ السياساتِ والتشريعات، والتعاون الأمني والاستخباراتي، وقواعد البيانات المشتركة، ومراكز التنسيق الإقليمي، ونُظمِ الإنذار المبكر، وصولاً إلى أهمية الشراكات الدولية في تعزيز القدرات الوطنية لمكافحة الإرهاب، لتقديمِ رؤيةٍ تحليليةٍ شاملةٍ وواقعيةٍ حول سُبل مواجهة هذا الخطر العالمي المشترك، حيث أنه في ظلِّ تصاعدِ التهديدات الإرهابية وتحوّلها إلى ظاهرةٍ عابرةٍ للحدودِ والجغرافيا، باتتْ مكافحةُ الإرهاب والتطرف العنيف من أبرز التحديات التي تواجه المجتمع الدولي، ليس فقط من الناحية الأمنية، بل أيضًا من حيث استقرار الدول وتماسك مجتمعاتها، فالجماعات الإرهابية أصبحت توظفُ التكنولوجيا الحديثة، وتستغلُ الفجواتِ الأمنيةَ ، والصراعاتِ الإقليميةَ، والهشاشةَ الاجتماعيةَ لنشر فكرها المتطرف وتنفيذ عملياتها المدمرة، وأمام هذا الواقع المعقّد، لم يعدْ بإمكانِ أي دولةٍ أن تواجهَ هذه التحديات منفردةً ، بل أصبحت الحاجةُ ملحّةً لتعزيز التعاون الدولي والإقليمي، وتكثيفِ تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتنسيق السياسات الأمنية والتشريعية، وبناءِ نُظمِ إنذارٍ مبكرٍ، إلى جانب الاستفادة من الشراكات الدولية في دعم قدرات الدول محليًا.
ويركّز التقرير على مستويين رئيسيين للتعاون الدولي:
تبادل المعلومات: يُعدّ حجر الزاوية في مواجهة التنظيمات الإرهابية، حيث يساعد على كشف الشبكات العابرة للحدود، وتعقب مصادر التمويل، والتنبؤ بالهجمات قبل وقوعها، كما يعرض التقرير تجارب بعض الدول والمنظمات الإقليمية (مثل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة) في بناء قواعد بيانات مشتركة ومراكز إنذار مبكر.
بناء القدرات: يتناول التقرير أهمية دعم الدول ذات القدرات المحدودة عبر التدريب، ونقل الخبرات، وتطوير الأُطر القانونية والمؤسسية، كما يُبرز دور الشراكات الدولية في تعزيز جاهزية الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، وربطها بأبعاد تنموية كالتعليم ومكافحة الفقر، لقطع الطريق أمام تغذية بيئات التطرف.