المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الشرق الأوسط > الحديث عن زيارة محتملة لولي العهد السعودي إلى إيران… السياق والدلالات
الحديث عن زيارة محتملة لولي العهد السعودي إلى إيران… السياق والدلالات
- مايو 26, 2024
- Posted by: hossam ahmed
- Category: تقارير وملفات وحدة الشرق الأوسط
لا توجد تعليقات
إعداد: شيماء عبد الحميد
أُثيرت في الساعات القليلة الماضية أنباءً عن زيارة محتملة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى إيران؛ وذلك وفقًا لما أعلنته وكالة الأنباء الإيرانية إرنا يوم 25 مايو الجاري، حيث أفادت الوكالة بأن ولي العهد السعودي أجرى اتصالًا هاتفيًا مساء يوم الـ24 من مايو، بالرئيس الإيراني المؤقت محمد مخبر، أعرب خلالها عن تعازيه في وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي، ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، مشيدًا بما وصلت إليه العلاقات الثنائية بين البلدين من تطور على عدة أصعدة، ومؤكدًا أهمية مواصلة تعزيز التعاون بينهما[1].
كما أوضحت الوكالة الإيرانية أن مخبر وجه دعوة إلى الأمير محمد بن سلمان لزيارة إيران، مشيرة إلى أن ولي العهد السعودي قبل الدعوة الرسمية لزيارة طهران.
ويبدو أن هذه الزيارة، في حال حدوثها، ستكون حدثًا هامًا ومحوريًا سواء في مستقبل العلاقات الخليجية الإيرانية، أو في معطيات إقليم الشرق الأوسط بأكمله، والتي من أهمها ماهية العلاقة بين طهران وجوارها العربي، خاصةً في ضوء الصراع الراهن الذي تشهده المنطقة.
السياق الراهن للزيارة المحتملة:
لا شك أن الحديث عن الزيارة المحتملة لولي العهد السعودي إلى إيران، تأتي في لحظة شديدة الحساسية سواء بالنسبة لأوضاع المنطقة، أو بالنسبة للداخل الإيراني المرتبك بوفاة الرئيس إبراهيم رئيسي، ومن أبرز ملامح السياق المتزامن لهذه الزيارة:
1- توسع عمليات الحوثي وانتقالها للبحر المتوسط؛ في ضوء استمرار هجمات جماعة الحوثي على السفن المارة في مياه البحر الأحمر قبالة سواحل اليمن منذ 19 نوفمبر 2023، تحت شعار التضامن مع الفلسطينيين في قطاع غزة، أعلنت الجماعة في أوائل مايو الجاري عن المرحلة الرابعة من التصعيد البحري، موضحة أنها ستمتد إلى البحر الأبيض المتوسط، الذي يقع على بعد حوالي 1770 كيلومترًا من أقرب منطقة في اليمن.
وبالفعل أعلن المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثي اليمنية يحيى سريع يوم 24 مايو، أن الجماعة استهدفت السفينة “يانيس” في البحر الأحمر و”إسيكس” في البحر المتوسط و”إم.إس.سي ألكساندرا” في بحر العرب[2].
ولا شك أن هذا التطور من شأنه أن يفاقم أعباء التجارة الدولية في ممرات المنطقة، والتأثير سلبًا على تكاليف الشحن البحري وأسعار النفط، فضلًا عن فتح جبهة جديدة للصراع في منطقة تتمركز فيها قوات أمريكية مما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الحالية وزعزعة استقرار الإقليم، إلى جانب زيادة تأزيم الملف اليمني، الذي يُعد من أبرز الملفات التي تهم المملكة.
2- استعداد إيران للانتخابات الرئاسية القادمة؛ فإذا حدثت هذه الزيارة بالفعل، فأنها ستأتي في وقت تستعد فيه طهران لمرحلة ما بعد إبراهيم رئيسي، حيث أعلنت لجنة الانتخابات في إيران، بدء تسجيل المرشحين للانتخابات الرئاسية اعتبارًا من الـ30 من مايو الجاري، والذي يستمر حتى 3 يونيو المقبل، ثم يبدأ مجلس صيانة الدستور عملية مراجعة تأهل المرشحين خلال 7 أيام، وسيتم في الـ11 من يونيو إعلان أسماء المرشحين ونشرها من قبل وزارة الداخلية[3].
كما أوضحت اللجنة أن الحملات الانتخابية للمرشحين ستبدأ في الفترة من 12 يونيو وحتى 26 يونيو، وفي 27 يونيو يبدأ الصمت الانتخابي لتجرى الانتخابات في 28 يونيو، وإذا تم تمديد الانتخابات إلى الجولة الثانية، فإن الـ5 من يوليو 2024، سيشهد الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية.
3- حضور خليجي لافت في مراسم عزاء إبراهيم رئيسي؛ ففي مشهد يدل على التحسن الذي شهدته العلاقات بين طهران وجوارها الخليجي، برز حضور لافت للوفود الخليجية التي شاركت في عزاء الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، إذ حضر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى جانب وزراء خارجية باقي دول مجلس التعاون، حتى البحرين التي لا تزال في حالة قطيعة دبلوماسية مع إيران[4].
4- استمرار الحرب الإسرائيلية في غزة؛ والتي شاركت فيها أذرع إيران بشكل مباشر، سواء حزب الله اللبناني أو جماعة الحوثي أو المليشيات المدعومة إيرانيًا في سوريا والعراق، مما أدى إلى انتقال الصراع الإيراني الإسرائيلي إلى العلن بصورة مباشرة، بعد سنوات من حرب الظل التي دارت بين الجانبين، وخاصةً بعد الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية بسوريا، وبالطبع كل ذلك يحمل في طياته مخاطر أمنية جمة للأمن القومي للدول الخليجية، وذلك بحكم التقارب الجغرافي بين دول الخليج وإيران، فضلًا عن التواجد العسكري لطهران في مياه الخليج العربي التي تمس بصورة مباشرة مصالح الدول الخليجية.
ماذا ستعني الزيارة في حال حدوثها؟:
يبدو أن الدول الخليجية وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، بدأت تدرك أن التوافق مع طهران واستئناف العلاقات معها، أفضل كثيرًا من قطيعتها، وذلك لأن المشهد الإقليمي الراهن يدل على أن الفواعل من غير الدول التي تديرها إيران بشكل كبير، باتت ترسم ملامح الشرق الأوسط، ولذلك يجب التنسيق مع إيران لضمان عدم التصعيد في المنطقة.
كما أن التصعيد الحالي ينعكس بشكل كبير على الملف اليمني، والذي تحاول المملكة إغلاقه وتسويته في ضوء سياسة تصفير المشكلات، والتي تتبعها الرياض حتى يكون هناك بيئة إقليمية مواتية للمشروعات التنموية التي تريد السعودية تنفيذها في إطار رؤية المملكة 2030، بما في ذلك المنطقة الحضرية الجديدة نيوم شمال غرب منطقة تبوك، بالإضافة إلى المشروع الإنمائي السياحي المسمى “البحر الأحمر الدولية”.
ولذلك تأتي زيارة ولي العهد السعودي المحتملة في هذا التوقيت الحرج، لتؤكد أن المملكة حريصة على التمسك بما شهدته العلاقات بين البلدين من تحسن ملحوظ خلال الفترة الماضية، وذلك في أعقاب الاتفاق السعودي الإيراني لعودة العلاقات الدبلوماسية والذي تم بوساطة الصين في مارس 2023، وأنها على استعداد لاستكمال هذه المسيرة في عهد الرئيس الإيراني القادم أيًا كان شخصه، وذلك نظرًا للتأثير الإيجابي لهذا التحسن على استقرار المنطقة بشكل عام، وملف الحوثيين واليمن بشكل خاص.
ويتضح الحرص السعودي على هذا الأمر، في التفاعل السريع مع أنباء سقوط طائرة رئيسي، فما أن أعلنت طهران عن اختفاء مروحية رئيسها، حتى سارعت دول الخليج إلى إعلان استعدادها لمد يد العون، إذ صرحت وزارة الخارجية السعودية في بيان لها بأن “الرياض مستعدة لتقديم ما تحتاجه الشقيقة إيران من مساعدة في عمليات البحث عن الرئيس ومرافقيه”، وفور إعلان السلطات الإيرانية تأكيد وفاة رئيسي، سارعت المملكة وباقي الدول الخليجية بنعيه وإعراب التضامن مع طهران وشعبها.
وانعكس الأمر كذلك في مستوى الحضور السعودي بجنازة إبراهيم رئيسي، حيث شارك وفد رفيع المستوى شمل كلا من: وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، والسفير السعودي لدى إيران عبد الله بن سعود العنزي، وكذلك مستشار الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، الأمير منصور بن متعب بن عبد العزيز.
وهذا الحضور السعودي بل والخليجي اللافت في جنازة رئيسي، يؤكد على تمسك المملكة ودول الخليج العربي بالمضي قدمًا نحو تبريد الخلافات ومد المزيد من جسور التواصل مع إيران، ويعد كذلك إشارة من السعودية على الاتجاه صوب البناء على ما تم تحقيقه من بناء للثقة خلال العام الماضي.
وإجمالًا؛ لقد تلاقت رؤية المملكة العربية السعودية بشأن تسوية الخلافات وتصفيرها، مع سياسة دول الجوار التي كانت من أبرز ملامح سياسة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي الخارجية، وقد أفضى هذا التلاقي إلى نوع من التنسيق والتفاهم بين الدولتين، اللتان يحاولان الحفاظ على ما حققاه في علاقاتهما حتى الآن، نظرًا لعديد من التطورات التي تفرض عليهما التنسيق المشترك، سواء كانت على المستوى الداخلي بالنسبة لطهران، أو على المستوى الإقليمي والدولي بالنسبة للرياض.
المصادر:
[1] ولي العهد السعودي يقبل دعوة رئيس الجمهورية بالوكالة لزيارة ايران، وكالة الأنباء الإيرانية، 25/5/2024، متاح على الرابط: https://ar.irna.ir/news/85488788/%D9%88%D9%84%D9%8A-
[2] الحوثي: إحدى عملياتنا هذا الأسبوع استهدفت البحر المتوسط، سكاي نيوز عربية، 23/5/2024، متاح على الرابط: https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1716209-
[3] إيران تعلن بدء تسجيل المرشحين للانتخابات الرئاسية المبكرة، صحيفة الشروق المصرية، 25/5/2024، متاح على الرابط: https://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=25052024&id=f005568a-
[4] الخليج وإيران بعد “رئيسي”.. “دبلوماسية العزاء” تعكس نبض العلاقات، صحيفة الشرق القطرية، 23/5/2024، متاح على الرابط: https://asharq.com/politics/89168/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D9%8