المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الشرق الأوسط > الداخلُ التركيُ بعد سقوطِ بشار الأسد
الداخلُ التركيُ بعد سقوطِ بشار الأسد
- يناير 11, 2025
- Posted by: hossam ahmed
- Category: تقارير وملفات وحدة الشرق الأوسط
لا توجد تعليقات
إعداد/ هنا داود
باحث مساعد في برنامج دراسات الدول التركية
مع سقوطِ نظام بشار الأسد، ازدادتْ احتمالاتُ تعزيز تركيا لنفوذها في رسْمِ مستقبل سوريا، وهو ما سينعكسُ بشكلٍ مباشرٍ على الداخل التركي، هذا التحولُ يحملُ جوانبَ إيجابيةً وأخرى سلبيةً، مما يجعله موضوعًا بالغ الأهمية لفهم تداعيات السياسة الخارجية التركية على القضايا المحلية.
جوانبُ ستعودُ بالإيجابِ على الداخل التركي:
على الجانب السياسي
بعد سقوطِ نظام بشار الأسد ونجاحِ المعارضةِ السورية المدعومة من تركيا في الإطاحة بالنظام، يمكنُ القولُ إن سياساتِ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية تجاه الأزمة السورية أثبتت فعاليتها، حيث إن دعم أنقرة للمعارضة السورية، سواء سياسيًا أو عسكريًا، أسهم في ترجيحِِ كفتها ضد النظام، مما منحَ تركيا نفوذًا استراتيجيًا في سوريا وجعلها لاعبًا رئيسيًا في إعادةِ تشكيلِ مستقبلِ البلاد، هذا النجاحُ يعززُ مكانةَ حزبِ العدالة والتنمية داخليًا، حيث يمكن أن يُترجمَ إلى دعمٍ شعبيٍ أوسع إذا تحققَ استقرارٌ في سوريا وأُتيحت الظروف لعودةِ اللاجئين السوريين إلى وطنهم، فيما يعني تعزيز شعبية أردوغان في المشهد التركي لا سيَّما أنه من المتوقعِ أن تتضاعفَ نجاحاتُ حزبهِ في المرحلة المقبلة في حال استطاعَ تثبيتَ نفوذ الفصائل الموالية لأنقرة في سوريا.
كما أن إعادةَ اللاجئين إلى سوريا بكرامةٍ وأمان ستكون إنجازًا سياسيًا واجتماعيًا يُحسب للحكومة التركية، حيث يخففُ من الضغطِ على البنية التحتية والخدمات العامة ويستجيبُ لتطلعات قطاعاتٍ واسعةٍ من الشعب التركي التي طالبتْ بحل لهذه القضية، في هذا السياق، ستفقدُ أحزابُ المعارضة التركية واحدةً من أبرز أوراقها الانتخابية، وهي انتقادُ سياساتِ أردوغان المتعلقة باللاجئين، حيث إن سقوطَ النظام السوري وتجاوزَ أزمة اللاجئين قد يضعُ المعارضةَ في موقفٍ أضعف، حيث لم تعدْ قادرةً على توظيف هذه القضية لتوجيه اللوم إلى الحكومة.
وعلى الرغم من ذلك مازالت تتباين آراءُ أحزاب المعارضة التي يرى بعضها أن في سقوطِ نظام بشار الأسد تهديدًا لاستقرارِ المنطقة قد يؤدي إلى تقسيم سوريا إلى دويلاتٍ متناحرةٍ، مما يخلقُ حالةً من الفوضى التي قد تمتدُ إلى تركيا، ولكن في اعتقادي أن الورقةَ الانتخابيةَ التي كانت أكثر تأثيرًا على الشعب التركي هي أزمة اللاجئين وفي حالِ استقرار الوضعِ في سوريا سيضعف موقف المعارضة في مقابل الحكومة التركية بشأن هذا الملف[1]، كما نجدُ معارضةَ التيار الكردي بارزةً في هذا الصددِ بخاصة لحزب الديمقراطية ومساواة الشعوب والذي لم يتخذْ فقط موقفًا معارضًا من عملية “ردع العدوان” بل اتهمَ الحكومةَ التركيةَ بدعمها للتنظيمات الإرهابية في سوريا وأن ذلك سيتسببُ بلا شكٍ في تعميق الفوضى والاضطرابات فلا شك من أن سقوطَ النظام في سوريا أربك اتجاهاتِ المعارضة التركية ولكن الفائز الأكبر هو الحزب الحاكم وسياساته.
إعادةُ ترسيمِ الحدود البحرية بين تركيا وسوريا
صرّحَ وزير النقل والبنية التحتية التركي عبد القادر أورال أوغلو، نهاية شهر ديسمبر الماضي، بشأن استعداد بلاده للتفاوض مع سوريا حول ترسيمِ الحدودِ البحريةِ في شرق البحر المتوسط مما سيتيحُ للبلدين توسيعَ وتقاسمَ مناطق التنقيب عن النفط، وعلى الرغم من عدم صدور أي ردٍ رسميٍ من الجانب السوري وأن هذه الخطوة ستمثلُ تهديدًا للتوازنات الإقليمية القائمة في شرق البحر المتوسط إلا أنه في حال حدوثها ربما في المستقبل ستعودُ على تركيا بمكاسبَ واضحةٍ ناهيك عن النفوذ الواسع الذي ستكسبه في المنطقة بل مكاسب أخرى في الداخل التركي منها توسيعُ مناطقِها الاقتصادية الخالصة في شرقِ البحر المتوسط، ما يعززُ قدرتَها على التنقيب عن النفط والغاز، وهذا التطورُ سيشكلُ دفعةً قويةً لاقتصاد تركيا، خاصة مع ارتفاع الطلب المحلي على الطاقة وتزايد أهمية تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتعزيز أمن الطاقة وتقليل المخاوف حول حقوق جمهورية شمال قبرص التركية في مناطق شرق المتوسط.
ولكن المعارضة التركية قد تتخذُ موقفًا مزدوجاً في التعامل مع هذا التطور، فمن ناحية، أي نجاح للحكومة في ملف ترسيم الحدود البحرية سيضعُ المعارضةَ في موقفٍ حرجٍ، حيث ستظهرُ الحكومةُ كطرفٍ قوي يدافع عن المصالح الوطنية، ومن ناحيةٍ أخرى، المعارضة قد تنتقدُ الحكومةَ إذا لم تحققْ التفاهماتُ مع سوريا مكاسبَ ملموسةً أو إذا قوبلت بمقاومة دولية.
المشاركةُ في إعادةِ الإعمار
إعادةُ إعمارِ سوريا تمثلُ فرصة اقتصادية كبيرة لتركيا، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تواجهها البلاد من تضخمِ وضعفِ العملة الوطنية، تُعتبرُ مشاركةُ الشركات التركية في مشاريعِ إعادة الإعمار وسيلةً لتحفيز الاقتصاد التركي من خلال فتح أسواقٍ جديدةٍ في قطاعات البناء، البنية التحتية، والخدمات اللوجستية، الشركات التركية، خصوصًا تلك التي تمتلكُ الخبراتِ في تنفيذ مشاريعَ ضخمةٍ ومعقدة، ستستفيد بشكلٍ ملحوظٍ من هذه الفرص، مما سيساهم في استعادةِ الثقة في الاقتصاد التركي، كما أن الدعم المالي والضريبي الذي قد تقدمهُ الحكومةُ التركيةُ لهذه الشركات يمكن أن يعززَ القدرةَ التنافسيةَ لتركيا في السوق السورية، مما يعززُ من مكانتها كداعمٍ رئيسيٍ للاستقرار الإقليمي، هذه التسهيلاتُ قد تشملُ توفيرَ قروضٍ ميسرةٍ، تخفيضاتٍ ضريبيةً، وضمانات حماية من المخاطر السياسية والاقتصادية، ما يجعلُ تركيا أكثرَ جاذبيةً للاستثمار في هذا المجال، علاوة على ذلك ستسهم عملية إعادة الإعمار في تحسين مستوى صادرات تركيا إلى سوريا، من المواد الخام والبضائع اللازمة لعملية الإعمار، مما يعزز حركة التجارة بين البلدين ويوفر فرصًا اقتصادية جديدة للقطاع الخاص التركي.
وقد تؤدي عمليةُ إعادةِ إعمار سوريا إلى تغييراتٍ اجتماعيةٍ كبيرةٍ في تركيا، خاصة فيما يتعلقُ بقضية اللاجئين السوريين، إذا نجحت عملية الإعمار في سوريا، فقد تساهم في تحفيز عودة اللاجئين إلى بلادهم، مما سيسهمُ في تخفيفِ الضغط الاجتماعي والاقتصادي الناتج عن وجود هؤلاء اللاجئين في تركيا، ومع ذلك، لا تخلو هذه العودة من تحدياتٍ، حيث قد يتطلبُ الأمرُ توفيرَ فرص عمل وإعادة تأهيل اللاجئين في سوريا، مما يفتح المجال أمام تحدياتٍ اجتماعيةٍ جديدةٍ في كلا البلدين.
من جانب آخر، ستكونُ إعادةُ إعمارِ سوريا عاملاً مؤثرًا على السياسة الداخلية التركية، إذا تمكنت الحكومة التركية من استثمار الفرص الاقتصادية التي تتيحها هذه العملية، فمن المحتمل أن تعززَ مكانةُ حزبِ العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة، نجاح المشاريع التركية في إعادة الإعمار قد يُحسنُ صورةَ الحكومةِ أمام الشعب التركي، خصوصًا في ظل الأزمات الاقتصادية المستمرة في الداخل، مما يساهم في تعزيز الاستقرار السياسي الداخلي.
كما أنه على الجانبِ الأمنيِ، إعادةُ الإعمارِ ستساعدُ في تعزيز استقرار المناطق الحدودية بين تركيا وسوريا، مما يقللُ من المخاطرِ الأمنيةِ الناتجةِ عن تسلل الجماعات الإرهابية أو اندلاع اشتباكات، حيث إن استقرارَ الحدودِ سيُعزز الشعور بالأمان بين السكان، خاصةً في المناطق الجنوبية من تركيا، وسيدعم سياسات الحكومة الأمنية على المدى الطويل.
عودةُ اللاجئين السوريين
عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم سيكون لها تأثيراتٌ إيجابيةٌ واسعةٌ على الاقتصاد التركي، وتحديدًا في مجالات محددة مثل تقليص التضخم وتخفيف الضغط على سوق العقارات، وانخفاض معدلات التضخم، يرجع هذا إلى أن الطلبَ على بعض السلع والخدمات سيقلُ نتيجةً لانخفاضِ عدد السكان، مما يُسهمُ في تقليص الضغوط التضخمية في الأسواق المحلية، خاصة في السلع الاستهلاكية التي كان اللاجئون السوريون يشكلون جزءًا كبيرًا من مستهلكيها، وهو ما يساهم في تقليل أسعارها.
فيما يتعلق بقطاع العقارات، من المحتمل أن تشهدَ أسعارُ الإيجارات تراجعًا ملحوظًا نتيجة لمغادرة عددٍ كبيرٍ من السوريين الذين يُعتبرون من أكبر مستأجري المنازل في تركيا، مما سيقللُ من الطلب على الوحدات السكنية ويُسهم في استقرار الأسعار في هذا القطاع، سيكون هذا مفيدًا بشكلٍ خاصٍ للمواطنين الأتراك الذين يعانون من ارتفاع أسعار الإيجارات، حيث يمكن أن يساعدَ هذا التراجعُ في تحسين قدرتهم على تأمين سكنٍ بأسعارٍ معقولةٍ.[2]
عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم ستخفف من الضغوط على الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم والإسكان، خاصةً في المناطق التي شهدت تركزًا كبيرًا للاجئين، هذا التحولُ قد يُقلل من التوترات الاجتماعية بين المواطنين الأتراك واللاجئين، مما يُساهمُ في تعزيز الاستقرار المجتمعي. بالإضافة إلى ذلك، استعادة الموارد والخدمات التي تأثرت بالأزمة السورية قد يحسن من مستوى حياة المواطنين الأتراك.
تعزيزُ أمنِ الطاقة ورفعُ الاستقلالية
بعدَ سقوط نظام الأسد عادتْ مرةً أخرى فكرةُ إحياء مشروع خط الغاز مع تركيا وقطر وصولاً إلى أوروبا الذي برزَ عام 2009 محولاً سوريا لممرٍ استراتيجيٍ لنقل الطاقة من الشرق الأوسط لأوروبا[3]، الآن وبعد وجود سوريا الجديدة مع النفوذ التركي فيها وعلاقاته مع الجهات الفاعلة فيها، ربما يكونُ الوضعُ مؤهلاً للقيام بهذا المشروع في ظل الأوضاع الإقليمية خاصةً بعد الحرب الروسية-الأوكرانية رغم وجودِ عقباتٍ اقتصاديةٍ وسياسية، وفي حالة الاتفاق على إحياء هذا المشروع لن تعودَ المكاسبُ لسوريا فقط بل لأطرافٍ عدةٍ وأهمها تركيا حيث تستطيعُ تحقيقَ مستوى عال من الاستقرار السياسي والاقتصادي على المستوى الداخلي حيث سيؤدي المشروع إلى توفيرِ فرصِ عملٍ ضخمةٍ خلال مراحل الإنشاء والتشغيل، مما سيدعم قطاعي البناء والصناعة في تركيا، كما سيساهمُ في زيادةِ عائداتِ تركيا من عبور الطاقة، وبالتالي تحسين ميزان المدفوعات وتقليل عجز الحساب الجاري، بالإضافة إلى ذلك، قد يسهمُ الخط في خفضِ تكاليف الطاقة داخل تركيا، مما يعزز من تنافسية الصناعات المحلية.
كما سيكونُ مرورُ خط الأنابيب عبر سوريا فرصةً لتركيا لإعادة صياغة دورها في الملف السوري، من خلال تقديم الدعم للمشروع، قد تسعى تركيا إلى لَعبِ دورِ الوسيطِ مع الفاعلين المحليين والإقليميين، ما يعزز من نفوذها السياسي في سوريا ويمنحُها قدرةً أكبر على التأثير في التسوية المستقبلية للأزمة السورية مما سيعززُ من الاستقرار الداخلي إزاء نجاحات الحكومة التركية وقدرتها على إدارة الوضع خارجيًا وداخليًا بالتبعية.
جوانبُ ربما ستعودُ سلبًا على الجانب التركي:
التأثيرات المحتملة على الأجور والعمالة
هناك بعضُ التأثيراتِ السلبية المحتملة لعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم على سوق العمل التركي، حقيقة أن العديدَ من القطاعات الاقتصادية التركية تعتمدُ بشكلٍ كبيرٍ على العمالة السورية، سواء كانت العمالةُ المباشرةُ في مجال البناء، الزراعة، أو الخدمات، أو من خلال العمالة الفنية التي تساهمُ في تحقيق الإنتاجية في بعض الصناعات، ومن المتوقع أن يؤديَ نقْصُ هذه العمالة والتي تعملُ بأجورٍ منخفضةٍ وبدونِ أيةِ ضماناتٍ اجتماعيةٍ، نتيجةً لعودة اللاجئين إلى سوريا، إلى حدوث آثارٍ اقتصاديةٍ سلبية في تركيا على مستوى الأجور وتكاليف الإنتاج.
نظرًا للأعداد الكبيرة التي تمثلُ جزءًا ملحوظًا من القوى العاملة التركية. في الوقت الراهن، يعيش في تركيا أقلُ من ثلاثة ملايين سوري، منهم لاجئون ومقيمون، ويشكلون نحو 3% من إجمالي القوى العاملة في البلاد، هذه الفئة تمثلُ ركيزةً هامةً في العديد من القطاعات الاقتصادية، خاصةً في مجالاتٍ مثل الزراعة والبناء والخدمات، التي تعتمدُ بشكلٍ كبيرٍ على العمالة السورية، لذا المتوقع أن يترتبَ على ذلك نقصٌ كبيرٌ في اليد العاملة في بعض القطاعات التي تعتمدُ على الأيدي العاملة السورية، خصوصًا في المجالات التي تتميزُ بوجود نقصٍ في العمالة الفنية والمتخصصة، مثل قطاع البناء، والزراعة، والخدمات، هذا النقص قد يؤدي إلى زيادةِ الطلبِ على العمالة المحلية، مما سيرفعُ من الأجور.
الزيادة في الأجور ستكونُ مفيدةً للعاملين المحليين، لكنها في نفس الوقت ستترجمُ إلى زيادة في تكاليف الإنتاج بالنسبة للمؤسسات والشركات، هذه الزيادة ستؤدي إلى ارتفاعِ الأسعارِ في السوق المحلي، سواء على مستوى السلع الاستهلاكية أو على مستوى الصادرات التركية، مما قد يقللُ من قدرةِ الشركات التركية على التنافس في الأسواق الدولية، إضافةً إلى ذلك، فإن الشركات التي كانت تعتمدُ على العمالة السورية ذات التكلفة المنخفضة قد تجدُ صعوبةً في التكيف مع هذه التغيرات.
تعزيزُ الشعورِ القومي بين الأكراد في تركيا
في حالةِ طلب الأكراد في سوريا إقامة نظام فيدرالي، فإن هذا الموضوع سيحملُ تبعاتٍ سياسيةً معقدةً، ليس فقط على سوريا، بل على تركيا أيضًا، على الرغم من رفض هذا الطرح من قِبلِ احمد الشرع وعددٍ من القوى الإقليمية والدولية، وصعوبة تنفيذه في الوقت الراهن نتيجة للتحديات السياسية والأمنية المتعددة، فإن هذه الأفكار قد تجدُ صدىً بين الأكراد في تركيا، في ظل الأوضاع السياسية المعقّدةِ في المنطقة، لأنه قد يؤدي هذا إلى تعزيز الشعور القومي الكردي في تركيا وزيادة التوترات مع الحكومة التركية، التي ترفضُ أيَّ مطالبَ مماثلةٍ في الداخل وتعتبرها تهديدًا لوحدةِ البلاد، ويمكنُ أن تتأثرَ السياسةُ الداخليةُ التركيةُ بتصاعد المطالب الكردية التي قد تنشأُ نتيجةً لهذه المطالب في سوريا، فالمسائل المتعلقة بالحقوق الثقافية واللغوية قد تصبحُ جزءًا من النقاش السياسي في تركيا، خاصة في ظلِ وجودِ أحزابٍ كرديةٍ داخل البرلمان التركي.
في ختام هذا التحليل، يتضحُ أن سقوطَ نظام بشار الأسد يحملُ في طياته العديدَ من التداعيات على الداخل التركي، تتراوحُ بين الفرص والتحديات، فمن الجانب الإيجابي، يمكن أن تسهمَ الأحداثُ في تعزيز النفوذ السياسي والاقتصادي لحكومةِ حزبِ العدالة والتنمية، إذ سيُنظرُ إلى النجاحاتِ في سوريا كإثباتٍ على فعالية سياسات أردوغان الخارجية، مما يعزز مكانته على الصعيد الداخلي ويُقوّي الدعمَ الشعبي لحزبه، خاصةً مع تحقيق إنجازات مثل إعادة اللاجئين وتحسين الاقتصاد عبر المشاركة في إعادة إعمار سوريا وتعزيز أمن الطاقة.
عودة اللاجئين السوريين، وإن كانتْ خطوةً إيجابيةً على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، قد تُحدثُ تحدياتٍ تتعلقُ بتكيفِ سوق العمل مع نقْصِ العمالة السورية التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الاقتصاد التركي، خاصةً في القطاعات التي تعتمدُ على العمالةِ ذاتِ التكلفةِ المنخفضة، هذا التغيرُ قد يؤدي إلى ارتفاعِ تكاليف الإنتاج والأسعار، ما يتطلبُ من الحكومة استراتيجيةً لإدارةِ هذه التَبعاتِ وتحقيق توازن بين مصالحِ العمالةِ المحليةِ ومتطلبات السوق.
على الجانب السياسي، قد يؤدي تصاعدُ النزعةِ القومية الكردية، الناتجة عن تداعيات الوضع في سوريا، إلى تعقيد الأوضاع الداخلية في تركيا، حيث تواجهُ الحكومةُ تحدياتٍ مستمرةً تتعلق بالقضية الكردية، هذه المسألة قد تصبح أكثر حساسية في حال حدوث تغيرات سياسية في سوريا تؤثر على التوازنات الإقليمية.
في المجمل، بينما تبدو الحكومة التركية قادرةً على استثمار التغيرات الإقليمية لتعزيز موقعها الداخلي، فإن النجاحَ في مواجهة التحديات المرتبطة بهذه التحولاتِ سيعتمدُ على قدرتها على إدارةِ الأزمات بفعالية ومرونة، التوازن بين تحقيق المكاسب الاقتصادية والسياسية والحفاظ على الاستقرار الداخلي سيكونُ العاملَ الحاسمَ في تحديدِ تأثير هذه التطورات على مستقبل تركيا الداخلي.
المصادر:
[1] إسماعيل درويش، كيف تعاطت المعارضة التركية مع سقوط الأسد؟، اندبندنت عربية، 11 ديسمبر 2024، كيف تعاطت المعارضة التركية مع سقوط الأسد؟ | اندبندنت عربية، 4 يناير 2025
[2] إسماعيل دروريش، تأثير عودة السوريين في الاقتصاد التركي… إيجابيات وسلبيات، اندبندنت عربية، 13 ديسمبر 2024، تأثير عودة السوريين في الاقتصاد التركي… إيجابيات وسلبيات | اندبندنت عربية، الدخول 4 يناير 2025
[3] ” هل تعيد سوريا إحياء مشروع خط الغاز مع تركيا وقطر وصولاً إلى أوروبا؟” الشرق، 2 يناير 2025 ، هل تعيد سوريا الجديدة إحياء خط للغاز مع قطر وتركيا؟ | اقتصاد الشرق مع بلومبرغ، الدخول 7 يناير 2025.