المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > الدراسات الأمنية والإرهاب > الزيتـــون بين الهويـة والأمـن: سياســات الإقتـلاع كآليـة استعماريـة إسرائيليـة
الزيتـــون بين الهويـة والأمـن: سياســات الإقتـلاع كآليـة استعماريـة إسرائيليـة
- سبتمبر 15, 2025
- Posted by: Maram Akram
- Category: الدراسات الأمنية والإرهاب تقارير وملفات
لا توجد تعليقات

إعــداد: فــداء منصــور
باحــث في برنامـج الأمـن والإرهــاب
لطالما شكَّل شجر الزيتون رمزًا للارتباطِ العميق بين الفلسطينيين وأرضهم، ليس فقط من الناحية الاقتصادية، بل كعنصرٍ جوهريٍ في الهوية الثقافية والوطنية الفلسطينية، الممتد جذوره في الأرض منذُ آلاف السنين، فمع بداية الاحتلال الإسرائيلي أصبحَ استهدافُ أشجارِ الزيتون هدفًا مُمنهجًا في إطار السياسات الاستعمارية الإسرائيلية الرامية إلى تفكيك علاقة الفلسطيني بأرضه وتاريخه. في إطار ذلك، تصاعدت وتيرة اقتلاع أشجار الزيتون في الأراضي الفلسطينية المحتلة عقب السابع من أكتوبر 2023 إلى حدٍ غير مسبوقٍ؛ بهدفِ السيطرة على الأرض، وتفريغها من سكانها الأصليين، إذ تداخلت اعتباراتُ “الأمن الإسرائيلي” مع سياسات العقاب الجماعي، وتوسيع المجال الحيوي للمستوطنات، ما أفضى إلى تكثيفِ الهجماتِ الاستيطانيةِ المنظَّمة ضد حقول الزيتون في الضفة الغربية. في ضوء ذلك، تبرز قريتا “المنيا” جنوب شرق بيت لحم، وقرية “المغير” شمال شرق رام الله كنموذجين واضحين لهذه الاستراتيجية؛ حيثُ لم يكنْ اقتلاعُ الأشجار فعلًا عدائيًا عشوائيًا، بل خطوةً مدروسةً تهدف إلى التهجير، وخلْقِ نطاقاتٍ عازلةٍ تُعزِّز السيطرة الأمنية للمستوطنين والجيش الإسرائيلي، ويأتي ذلك ضمن المخطط الإستيطاني الذي أُعلن عنه باسم “مشروع E1“.
وعليه، ترتكزُ هذه الورقة على تحليلِ سياسات اقتلاعِ أشجار الزيتون ليس فقط كجريمةٍ بيئيةٍ، بل كأداةٍ استعماريةٍ وظيفتها إعادةُ تشكيل الجغرافيا والهوية، وذلك من خلال عدسة “البعد الأمني” الذي تتخذهُ إسرائيل ذريعةً لتبرير هذه السياسات. ويأتي ذلك ضمن سياقٍ أوسع من الإجراءات التي تهدف إلى إعادة هندسة الجغرافيا الفلسطينية، وتجريد الفلسطينيين من أدوات الصمود والانتماءِ، عبر الربط بين السيطرة على الأرض وتقويض ركائز الهوية الوطنية.
أولًا:- الرمزيــة الثقافيـة والسياسيـة لشجــرة الزيتــون الفلسطينيـة
تجدرُ الإشارةُ إلى أن شجرةَ الزيتون ليست مجردَ موردٍ زراعيٍ، بل أيضًا رمزٌ تاريخيٌ وثقافي يعكس صلة الفلسطيني العميقة بأرضه وهويته، غير أن استهدافها من قِبلِ السياسات الإسرائيلية حوَّلها إلى أداةِ صراعٍ أمنيٍ ورمزيٍ يهدف إلى تفكيك هذه العلاقة وتجريد المكان من معناه الوطني الأصلي، وعليه تعني شجرة الزيتون:-
بالنسبة لفلسطين: بأنها تُمثِّل رمزًا للصمود والانتماء؛ فشجرة الزيتون تُعتبر شجرةَ الأجداد، متوارثة عبر أجيال، وبعضها يزيد عمره عن ألفي عام، ما يجعلها رمزًا للتجذُّر التاريخي في الأرض، كما أنها رمزٌ للهوية الوطنية؛[1] حيثُ ارتبطَ الزيتون بالأغاني الشعبية، بالأمثال، وحتى في الفنون التشكيلية الفلسطينية. أضف إلى ذلك، أنها رمزٌ للنضال السياسي؛ حيثُ أصبحَ موسمُ قطْفِ الزيتون مشهدًا من مشاهد التلاحم الشعبي في مواجهة الإستيطان، وكثير من المنظمات الحقوقية الفلسطينية والدولية تربط بين قطْفِ الزيتون وحقّ تقرير المصير.
بالنسبة لإسرائيل: تعتبر شجرة الزيتون تهديدًا غير مباشرٍ لمشروعها الاستيطانيِ، إذ تعمل على إعادة إنتاج الرمزيةِ لمصلحةِ المشروع الصهيوني؛ عن طريق محاولة توظيف زراعة وغرس أشجار مثل الصنوبر من خلال الصندوق القومي اليهودي، كأداةٍ لطمْسِ المشهد الفلسطيني، واستبدالِ الرموزِ البيئية الفلسطينية برموزٍ صهيونيةٍ جديدةٍ. في هذا السياق، يُمثِّل الزيتون بالنسبة لإسرائيل رمزاً “مُسيَّساً” يربط الفلسطيني بجذور تاريخية في الأرض، وهذا يتعارض مع روايتها عن “أرض بلا شعب”. لذلك، إقتلاع الزيتون يُعَدُّ أداةً لتفريغ الأرض من ذاكرة سكانها الأصليين.
ثانيًـــا:- سياســات الإقتــلاع المُمنهج كــأداة استعماريــة
تتجلّى سياسةُ اقتلاعِ أشجار الزيتون كإحدى أبرز أدوات المشروع الاستعماري الإسرائيلي، حيثُ تتحول من مجرد اعتداءٍ بيئيٍ إلى آليةٍ بنيويةٍ لإعادة هندسة الجغرافيا الفلسطينية، وفرْضِ واقعٍ استيطانيٍ جديدٍ يقوم على إقصاء السكان الأصليين وتفكيك رموز وجودهم التاريخي، إحدى أبرز تلك المشاريع:-
مشروع E1: وهو مخططٌ إسرائيليٌ يقع بين مستوطنتي “معاليه أدوميم وبسجات زئيف” في المناطق المصنّفة (ج) الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية؛ يهدف لفصل شمال الضفة الغربية المحتلة عن جنوبها، ويُعدُ المخططُ جزءًا من استراتيجيةِ التوسّع الاستيطانيِ الإسرائيلي التي تهدف إلى فرض السيطرة على القدس ومنْعِ تأسيس دولةٍ فلسطينيةٍ متصلةٍ جغرافيًا؛ وذلك لربط مستوطنة “معاليه أدوميم” بمدينة القدس المحتلة وفصْلِها عن محيطها الفلسطيني.[2] والجدير بالذكر، فقد بدأت فكرة المخطط في بداية تسعينيات القرن العشرين، حيثُ عرضَ “أرييل شارون” وزير الإسكان حينئذٍ خطةً استيطانيةً، وذلك لتوسيع المستوطنة عبر بناء وحداتٍ سكنيةٍ والعديدِ من الفنادق والمناطق الصناعية، بما يُعزّزُ الهيمنةَ الإسرائيليةَ على القدس. وفي عام 1992 جمدت حكومة “رابين” الخطة بسببِ انطلاقِ مفاوضاتِ أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية، ومن ثَمّ أُعيد إحياء المشروع مرةً أخرى بإعلان وزير المالية الإسرائيلي المتطرف “بتسلئيل سموتريتش” في 14 أغسطس من العام الجاري بتنفيذ المخطط.
في إطار ذلك، بدأ الجيش الإسرائيلي باقتحامِ قرى الضفة الغربية من بينها قريةُ “المغير” شمال شرق رام الله وسط الضفة الغربية ضمن عملياتِ تجريفٍ واسعةٍ، استهدفت ملايين الأشجار الفلسطينية، خاصةً أشجارَ الزيتون، والتي أُبيدت بدوافعَ عقائديةٍ وذرائعَ أمنيةٍ. في هذا الإطار، يُفيد تقرير شهر أغسطس 2025 لهيئة مقاومة الجدار والإستيطان الفلسطينية بأن إعتداءات المستوطنين وبمساعدة جيش الاحتلال استهدفتْ الأشجارَ والمزروعاتِ الفلسطينيةَ، إذ بلغت 68 عمليةَ اعتداءٍ استهدفت أشجار الزيتون،[3] حيثُ تسببت في اقتلاع وتخريب وتسميم 11 ألفا و700 شجرةً في الضفة المحتلة خلال شهر أغسطس فقط، منها 11 ألفا و599 شجرة زيتون، أغلبها بمحافظة رام الله والبيرة (10 آلاف و81 شجرة) ونابلس (658 شجرة) وجنين (400 شجرة) ثم سلفيت (221 شجرة) وبيت لحم (140 شجرة) – أُنظر الرسم البياني التالي –
شكل بياني يوضِّح استهدافَ الاحتلال الإسرائيلي للأشجار في الضفة المحتلة في الفترة (2017 – أغسطس 2025)[4]
المصدر: هيئة مقاومة الجدار والإستيطان
أساليب تدمير شجر الزيتون: منذُ السابع من أكتوبر، ازدادتْ مساعي المستوطنين إلى استهدافِ وتدمير الآلات الزراعية، وأنابيب الري، وخزانات المياه بشكلٍ مباشرٍ، ويبدو أن المستوطنين كانوا يساعدون الجيش في تنفيذ هذه المهام، بارتداء زيهم العسكريِ الاحتياطيِ وينفّذون هذه الهجمات بشكلٍ مباشرٍ. أضف إلى ذلك، إطلاق سراح المواشي الكبيرة التي أدّت إلى تدمير الأشجار والمحاصيل أثناء سيرها، على عكس قطعان الأغنام والماعز، يؤدي ذلك بصورةٍ أسرع إلى الرعي الجائر، وينتجُ عنه فقدان الغطاء السطحي، مما يتيح التعرية، وبالتالي تفاقم التصحر في جميع أنحاء الضفة الغربية.[5]هذا بالإضافة إلى استغلالِ موسم قطْفِ الزيتون لاقتلاع الأشجار، وتخريبها أو حرقها أو سرقتها، كما يرهبون المزارعين الفلسطينيين ويعتدون عليهم جسديًا.
ثالثًــــا:- الدوافــع الإسرائيليــة تجـاه سياسـة اقتـلاع أشجــار الزيتــون
تتجاوزُ سياسةُ اقتلاع أشجار الزيتون الطابع العدائي المباشر، لتكشفَ عن منظومة دوافع مركَّبة تتداخلُ فيها الاعتباراتُ الأمنيةُ بالاستيطانية والاقتصادية والهوياتية، بما يجعلُ استهدافها غرضًا لاستراتيجيةٍ أوسع تهدف إلى تفريغ الأرض من أصحابها وإعادة تشكيل المجال الحيوي الفلسطيني بما يخدمُ المشروعَ الاستعماريَ الإسرائيليَ، أبرزها ما يلي:-
الـدوافـــــع الأمنيــــــــة
تأمين المسارات والطرق الإستيطانية: في كثيرٍ من الحالات تُستخدمُ أشجار الزيتون الواقعةُ قرب المستوطنات أو الطرق التي يستخدمها المستوطنون، كمصدرِ تهديدٍ محتملٍ – حسب الخطاب الإسرائيلي – سواء لأنه يمكن أن يتمَّ الاختباءُ وراء الأشجار أو استخدامها في تسلل أو إلقاء حجارة، أو لأنها تسمحُ للرصد من نقاطٍ مرتفعةٍ أو تغطية للنشاط الفلسطيني. ومن هذا المنظور، يُنظر إلى وجوب اقتلاع هذه الأشجار كإجراءٍ وقائٍي يهدف إلى إزالة ما يُصوَّر على أنه مخاطرُ أمنيةٌ محتملةٌ.[6] في هذا السياق، برّر الهجوم الإسرائيلي على الأشجار في قرية “المغير” ووضعها تحت الحصار بقول مستوطنٍ إسرائيليٍ أنه تعرَّض لإطلاق نارٍ في المنطقة.
تفكيك القدرة على المقاومة: فمن المنظورِ الأمنيِ الإسرائيلي، إقتلاع الأشجار يُستخدمُ كنوعٍ من الردع أو العقابِ الجماعيِ لأيةِ نشاطاتٍ مقاومة، سواء كانت رمْيَ حجارةٍ، مظاهراتٍ، أو حتى مجرد وجود فلسطيني قوي في أراضٍ مجاورة للمستوطنات، كما أن إزالةَ الأشجار تعني أيضًا إزالة مصدر الدخل، وبالتالي تقليل الإستقرار المجتمعي، ما قد يُقلِّص قدرةَ المجتمعات المحلية على المقاومة أو الاصطدام. على الجانب الآخر، يُذكر أن الهجماتِ على الزيتون تزايدتْ كجزءٍ من استهدافِ البُنى الزراعية الفلسطينية التي تُعتبر مكونًا ووسيلةَ صمودٍ، ما يجعل اقتلاعها خطوةً أمنيةً بالأساس.
الدوافـــع الاقتصاديـــة
إضعافُ الاقتصاد الزراعي الفلسطيني: إذ يعتمد ما بين 80 ألف – 100 ألف أسرة فلسطينية بشكلٍ مباشرٍ على قطاع الزيتون كمصدرِ دخلٍ رئيسيٍ، حيثُ إن أكثرَ من 45% من الأراضي الزراعية الفلسطينية مزروعةٌ بالزيتون، ويتركّز معظمُ إنتاجه في الضفة الغربية، التي تُنتج 95% من إجمالي الإنتاج الفلسطيني من الزيتون، بينما يُنتج 5% فقط في غزة،[7] وبالتالي يُعزّز اقتلاعهُ وتجريف الأرض من التبعية الاقتصادية لإسرائيل، إذ يخدمُ ذلك السيطرة الأمنية والسياسية.
الاستفادة من الأرضي: فالأراضي التي تُقتلع منها الأشجار غالبًا يعادُ توظيفها لصالح مشاريع إسرائيلية، سواء بتوسيع المستوطنات، أو إنشاء مزارع إستيطانية، أو تحويلها لمناطق عسكرية أو سياحية.
دوافع رمزية وهوياتية: وذلك بالعمل على تقويض الرابط الثقافي والتاريخي بين الفلسطيني وأرضه بمحوِ المعالم الطبيعية التي تجسِّد الوجودَ الفلسطيني، فشجرةُ الزيتون تُعتبر أيقونةً للنضال الفلسطيني، واقتلاعها يُراد به تقويضُ الرمزيةِ التي تجعل الفلسطيني يرى في أرضه امتدادًا لكيانه ووجوده، كما أن اقتلاعَ الأشجار يهدف إلى إضعاف العلاقة العاطفية والثقافية التي تربط الأجيال الفلسطينية بالأرض، وبالتالي تفريغ المكان من معناه التاريخي والوجداني.
تأسيسًا على ما سبق، يُمكن القول أنه منذ عام 1967 لا تزالُ إسرائيل تُنفِّذ نفس خطط تهجير السكان الفلسطينيين من قرى ومدن الضفة الغربية، حيثُ إن ما يجري الآن هو مجردُ عمليةِ تهجيرٍ متواصلةٍ للفلسطينيين، وبالتالي فإنها ليست عمليةً إسرائيليةً جديدةً، ولكنها ازدادت توحشًا في ظل الأحداث الإقليمية الأخيرة الناجمة عن أحداث السابع من أكتوبر مستغلًة ذلك في فرض مشروعها الاستيطاني التوسعي ومحوِ فكرةِ إقامة دولةٍ فلسطينيةٍ.
رابعًــــا:- التداعيــات الأمنيــة المترتبــة
ثمة مجموعة تداعيات ناجمة عن سياسات اقتلاع أشجار الزيتون المستخدمة كأداةٍ لفرض السيطرة الإسرائيلية، أبرزها:-
تداعياتٌ على الأمن الغذائي والاقتصادي الفلسطيني: حيثُ يُعَدّ موسمُ قطْف الزيتون حدثًا اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا هامًا للفلسطينيين، وبالتالي يواجهون صعوبةً في الوصول للأشجار المعزولة؛ نظرًا لتواجدها ضمن مناطق متعددة كخلفِ الجدار الفاصل في الضفة الغربية، والتي تسمى “منطقة التماس”، وعلى حدود الجدار على مسافة 150 مترًا تقريبًا، وبالقرب من المستوطنات، حيثُ كانت الأذوناتُ العسكريةُ المجدولة – المشار إليها باسم “التنسيق المسبق” – مطلوبةً تقليديًا. والجدير بالذكر، أن السلطات الإسرائيلية في السنوات السابقة كانت تشترط على المزارعين ما يُسمى “التنسيق المسبق”؛ وهو في الواقعِ تصريحٌ عسكريٌ إسرائيليٌ مُجدولٌ، للوصول إلى أراضيهم في مناطق مُحددة. في سياقٍ متصل، جاء موسم عام 2023، بإلغاء السلطات الإسرائيلية جميع هذه الموافقات تقريبًا، مما منع المزارعين فعليًا من الوصول إلى أراضيهم، وظلت البواباتُ الزراعيةُ على طول جدار الضفة الغربية مغلقةً بشكلٍ شبه كامل، وبالتالي أصبحَ موسمُ قطْفِ الزيتون لعام 2023 صعبًا للغاية على المزارعين الفلسطينيين في الضفة الغربية؛ حيثُ تزامن موسم قطف الزيتون الذي صادف بين شهري سبتمبر ونوفمبر، مع تصاعد الأعمال العدائية في قطاع غزة. خلال تلك الفترة، واجه الفلسطينيون في جميع أنحاء الضفة الغربية تصاعدًا في القيود على الحركة وعنفًا من جانب القوات الإسرائيلية والمستوطنين الإسرائيليين، وظلت أكثر من 96,000 دونم[8] من الأراضي المزروعة بالزيتون في جميع أنحاء الضفة الغربية دون حصادٍ بعد موسم 2023، بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة.
وبناءًا على ذلك، تبرزُ التداعياتُ على قطاع الأمن الغذائي بتكبيد المزارعون الفلسطينيون خسارة إجمالية تُقدر بأكثر من 1200 طن متري من زيت الزيتون في موسم عام 2023، مما أدّى إلى خسائرَ ماليةٍ بلغت 10 ملايين دولار أمريكي.[9] وكان التأثير مرتفعًا بشكلٍ خاصٍ في المحافظات الشمالية، طولكرم وقلقيلية ونابلس. في سياقٍ متصلٍ، ضاعفَ المستوطنون الإسرائيليون هجماتِهم على مزارعي الزيتون في الضفة الغربية ثلاث مرات خلال موسم حصاد عام 2024، مما أدى إلى إتلاف 3100 شجرة، وقد أدى تقييد الوصول إلى أراضيهم إلى خسارة المزارعين الفلسطينيين 1365 طنًا من الزيت – وفقًا لوزارة الزراعة الفلسطينية – ووفق ما قاله المتحدث باسم وزارة الزراعة الفلسطينية “محمود فطافطة” أنه تمَّ تدميرُ حوالي 74% من مساحة الزيتون المزروعة، أي ما يعادلُ خسارة حوالي 2,290,000 شجرة زيتون.[10] بالإضافة إلى تقليص عدد معاصر الزيتون في قطاع غزة من 37 إلى أربعة فقط.
تداعياتٌ اجتماعية: وتتمثَّل في زيادة وتيرة العنف والحرمان من الأراضي؛ فوفقًا لمكتب الشؤون الإنسانية فقد سجّل 260 حادثةَ عنفٍ مرتبطة بقطف الزيتون من قِبَل مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية خلال شهري أكتوبر ونوفمبر 2024، مما أثّر على 89 تجمعًا فلسطينيًا. في هذا الإطار، فالعشرات إن لم يكنْ المئات، من المجتمعات معرضةٌ فجأة لخطر النزوح، بينما في بعض الأماكن يبلغ عدد النازحين بالفعل آلالاف، مما يُؤدي التناقص السريع في الوصول إلى الأراضي والمياه والدخل إلى تآكل قدرة الناس على إعالة أنفسهم وأسرهم.