المقالات
العربُ يتجهون شرقاً شراكةٌ عربيةٌ صينيةٌ تُناصرُ القضيةَ الفلسطينيةَ
- يونيو 1, 2024
- Posted by: hossam ahmed
- Category: تقارير وملفات وحدة الشؤون الدولية
إعداد: إسراء عادل
الباحثة في شؤون الشرق الأوسط
معَ تسارعِ الأحداثِ العالميةِ خلالَ السنواتِ الماضيةِ، وما خلفتهُ من أزماتٍ أثرتْ في اقتصادِ الدولِ، وفي ظلِ ما يشهدهُ الشرقُ الأوسطُ من تغيراتٍ جيوسياسيةٍ كبرى لم يسبقْ لها مثيلٌ منذ قرنٍ، اتجهَ القادةُ العربُ إلى الصينِ في زيارةٍ بدعوةٍ من الرئيسِ الصيني لبحثِ سبلِ تعزيزِ الشراكةِ الصينيةِ العربيةِ، ولحضورِ الدورةِ العاشرةِ للاجتماعِ الوزاريِ لمنتدى التعاون الصيني العربي الذي استضافتهُ العاصمةُ الصينيةُ بكين في 30 مايو الجاري، تزامناً مع الذكرى الـ20 لتأسيسهِ، إذ يحضرُ القمةَ قادةُ الصينِ ومصرَ والإماراتِ والبحرين وتونس، للتنسيقِ بينَ مختلفِ الأطرافِ بشأنِ القضايا الإقليميةِ الساخنةِ، التي تشهدُها منطقةُ الشرقِ الأوسطِ على مدارِ الأشهرِ الماضيةِ، وخاصةً الحربَ الإسرائيليةَ على قطاعِ غزةَ وسُبل إنهائِها، ولتوسيعِ آفاقِ التعاونِ بينَ الصينِ والدول العربية بما يضمنُ المصالحَ المشتركةَ ويحققُ الأمنَ والاستقرارَ.
ظروفٌ استثنائيةٌ وتوقيتٌ حساس:
تأتي الزيارةُ في ظلِ ظروفٍ استثنائيةٍ حرجةٍ، وتوقيتٍ حساسٍ وبالغِ الأهميةِ، تشهدُ فيه المنطقةُ العربيةُ والعالمُ العديدَ من التحدياتِ الجيوسياسيةِ والاقتصادية والأمنية، حيثُ تتزامنُ الزيارةُ معَ الأزماتِ والصراعاتِ الإقليميةِ والدوليةِ، والتي يأتي في مقدمتهِا الحربُ الإسرائيليةُ المحتدمةُ على قطاعِ غزةَ ضدَ المدنيينَ الأبرياءِ، وتداعياتِها الأمنيةِ والسياسيةِ والإنسانيةِ على المستويينِ الإقليميِ والدوليِ، فضلاً عن العملياتِ الإسرائيليةِ في رفح التي تُعدُ آخرَ ملجأٍ لسكانِ غزة، خاصةً بعدما أخفقتْ كلُ الضغوطِ الإقليميةِ والدوليةِ في التأثيرِ على الجانبِ الإسرائيلِي والإدارةِ الأمريكيةِ التي تدعمهُ لإجبارهِ على التراجع عن الجرائمِ التي تحدثُ في غزةَ وإلزامهِ بقراراتِ وقفِ إطلاقِ النارِ، كما تأتي الزيارةُ في وقتٍ يشهدُ فيه العالمُ تغيراتٍ اقتصادية كبيرة، مما يجعلهُا فرصةً هامةً لمناقشةِ عددٍ من المشاريعِ الاقتصاديةِ والاستثمارية الكبرى، وتبزغُ أهميةُ تلكَ الزيارةِ في وقتٍ تحتلُ فيه العلاقاتُ العربيةُ الصينيةُ مكانة مهمة على الساحة الدولية، إذ تجمعُ بين الطرفينِ مصالحُ استراتيجيةٌ واقتصاديةٌ وثقافيةٌ متنوعةٌ.
دلالاتُ وأبعادُ زيارةِ القادةِ العرب إلى الصين:
تحملُ الزيارةُ في طياتِها أبعاداً تتعلقُ برغبةِ الصين في الحفاظ على علاقاتِها الوديةُ بالدولِ العربيةِ، كما تُعدُ زيارةُ القادةِ العربِ كرسالةٓ لتأكيدِ العملِ على تعزيزِ العلاقاتِ العربيةُ مع الصين، التي تسعى في المقابلِ للانخراطِ بشكلٍ أكبرَ معَ القضايا السياسيةِ الخاصةِ بمنطقةِ الشرقِ الأوسطِ، فمن شأنِ تلك الزيارةِ التباحثُ حولَ التعاونِ الصينيِ – العربي، والمساهمةُ في تعزيز ودفع العلاقات إلى مستوياتٍ أعلى بما يخدمُ المصالحَ المشتركةَ ويعززُ الاستقرارَ والازدهارَ في المنطقة، وسط مجموعةٍ من القضايا والملفاتِ ذاتِ الاهتمامِ المشتركِ، علاوةً على المشاريعِ الرئيسيةِ التي تجمعُ الجانبَ العربي والصيني، ويعكسُ الحضورُ العربيُ الرفيعُ للاجتماعِ العاشرِ من المنتدى الصينيِ العربي مستوىَ الشراكةِ المتنامي بينَ الصينِ والدولِ العربية في السنواتِ الأخيرةِ، كما يُعد حضور القادة العرب بمثابةِ رسالةٍ للدولِ الغربية، تعكسَ تطورَ العلاقاتِ العربيةَ مع القوى الشرقيةِ مثلَ الصين وروسيا، في ظلِ احترامِ تلكَ الدولِ ميثاقَ الأممِ المتحدةِ وحقوقَ الشعوبِ في تقريرِ مصيرِها وعدمِ التدخلِ في شؤونِ الآخرينَ، على عكسِ السياسةِ الغربيةِ القائمةِ على الازدواجيةِ.
وعلى الجانبِ الآخرِ، تهدفُ الزيارةُ أيضاً إلى البحثِ عن حلٍ فوريٍ شاملٍ وعادلٍ للقضيةِ الفلسطينيةِ خاصةً بعد فشلِ الولاياتِ المتحدةِ والغرب في ممارسةِ ضغوطاتٍ حقيقةٍ على الاحتلالِ الإسرائيلي، فزيارةُ القادةِ العربِ إلى الصين تُعد مؤشراً هاماً لإثباتِ وجودٍ ثقلٍ عربيٍ قوي يدفعُ في اتجاهِ وقفِ الهجمةِ الإسرائيليةِ الشرسةِ على قطاعِ غزةَ عامة ورفح خاصةً. وفي السياقِ ذاته يبدو أن الصينَ لديَها رغبةً في الدخولِ على خطِ الوساطةِ والمساعدةِ في اتخاذِ قراراتٍ عادلةٍ وعاجلة لحفظِ السلمِ والأمن في الشرقِ الأوسطِ، خصوصاً أن مواقفَ الصين تجاهَ القضيةِ الفلسطينيةِ متزنة وتدعمُ الحقوقَ العربيةَ المشروعةَ، كما أن الثقلَ الدوليَ للصين، بوصفِها ثاني أكبر اقتصادٍ في العالمِ، يدعمُ دورَها في قضايا السلمِ والأمنِ بالمنطقةِ، وبالتاليِ فإن الصينَ تسعى للعبِ دورٍ سياسيٍ في شؤونِ دولِ الشرقِ الأوسطِ.
مسارُ العلاقاتِ الصينيةِ – العربيةِ:
تمتدُ العلاقاتُ العربيةُ – الصينيةُ بجذورِها في أعماقِ التاريخِ، وتعودُ العلاقاتُ بينَ العالمِ العربيِ والصين إلى طريقِ الحريرِ القديمِ، حيث كانت البضائعُ والأفكارُ تتبادلُ عبرَ هذا الممرِ التجاري الحيوي، وفي العصرِ الحديثِ شهدتْ العلاقاتُ العربيةُ الصينيةُ تحولاتٍ جيوسياسيةً وجيواستراتيجيةً بالغةَ الأهميةِ ونمواً ملحوظاً منذ تأسيسِ جمهوريةِ الصين الشعبية، وتعززتْ أكثرَ بعد انطلاقِ سياسةِ الإصلاحِ والانفتاحِ في الصينِ في أواخرِ السبعينياتِ، وبالتالي يرتبطُ الجانبانٍ بعلاقاتٍ وديةٍ ومتناغمةٍ تاريخياً تستمرُ إلى يومنا هذا، حيث تقومُ هذه العلاقاتُ على مبادئِ الاحترامِ وعدمِ التدخلِ في الشؤونِ الداخليةِ أو السياساتِ الخارجيةِ، وقد عززَ الجانبان الحوارَ والتبادلاتِ والتعلمِ المتبادلِ، واحترما دائماً للنظامِ الاجتماعيِ للطرفِ الآخرِ، ومسار التنمية بغضِ النظرِ عن الاختلافاتِ في الأيديولوجيا.[1]
فعلى الصعيدِِ الاقتصاديِِ، نجدُ أنَّ العلاقاتِ الاقتصاديةَ العربيةَ الصينيةَ تتمتعُ بآفاقٍ واسعةٍ للتطورِ في المستقبلِ، مدفوعة برغبةٍ مشتركةٍ في تعزيزِ التعاونِ الاقتصاديِ والتجاريِ والثقافي، فقد شهدتْ العلاقاتُ الاقتصاديةُ والتجاريةُ بينَ الجانبينِ نمواً مطرداً حتى أصبحتْ الصينُ الشريكَ التجاريَ الأكبرَ لعديدٍ من الدولِ العربيةِ، وبالتالي فإن جوهرَ العلاقات الاقتصادية بين الجانبين كان وسيظلُ يتمحورُ حولَ تعزيزِ التعاونِ في مجالِ الطاقةِ، فالحاجةُ المتزايدةُ للصينِ على مواردِ الطاقةِ وحاجة الدول العربية للحصولِ على دخلٍ مستقرٍ من الطاقةِ وتأمينِ إمكانياتٍ استثماريةٍ جديدةٍ، دفع الجانبان إلى الحفاظ على تلك العلاقاتِ حتي شملتْ تصديرَ النفطِ والغازِ من الدولِ العربيةِ إلى الصين، واستيراد المنتجات الإلكترونية والميكانيكية وغيرها من الصين من قبلِ الدولِ العربية، كما تسعى الصينُ لتعزيزِ استثماراتِها في البنيةِ التحتيةِ في الدولِ العربيةِ من خلال مبادرة “الحزام والطريق” التي تهدف إلى إعادة إحياء طريق الحرير براً وبحراً، فضلاً عن توقيعِ العديدِ من الاتفاقياتِ بين الجانبينِ لتطويرِ مشاريع مشتركة في مجالِ الطاقةِ المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مما يسهمُ في تنويعِ مصادرِ الطاقةِ وتعزيزِ الاستدامةِ، وتتعاونُ الصينُ والدولُ العربيةُ أيضاً في مجالاتِ التكنولوجيا والابتكارِ، حيثُ تقدمُ الصين خبراتها في مجالاتِ الاتصالاتِ وتقنيةِ المعلوماتِ إلى الدولِ العربية، وتم في هذا السياقِ توقيعُ عددٍ من الاتفاقياتِ لإنشاءِ مناطقَ اقتصاديةٍ خاصة، وتطويرِ البنيةِ التحتيةِ الرقميةِ، وتعزيزِ التعاونِ في مجالِ الذكاءِ الاصطناعيِ والتكنولوجيا الحيويةِ.[2]
وعلى الصعيدِ السياسيِ، ترتبطُ الصينُ بعلاقاتٍ سياسيةٍ ودبلوماسيةٍ وطيدةٍ مع الدولِ العربيةِ، مما يُضفي عليها طابعَ الخصوصيةِ والتميزِ والرقي، فالجوانبُ السياسيةُ لها دورٌ فعالٌ في تشكيلِ مستقبلِ العلاقاتِ الصينيةِ العربيةِ، كما يؤثرُ مستوى الانخراطِ الصينيِ النشطِ في القضايا العربيةِ على درجةِ انبعاثِ السياسةِ الخارجيِة الصينيةِ، ولكن في سياقٍ إقليميٍ وعالميٍ جديدٍ، ففي ظلِ الاضطراباتِ السياسيةِ المعقدة يتوقعُ العربُ أن تلعبَ الصينُ دوراً مساعداً في حلِ الأزماتِ، وبالتالي يبدو أن الصين تسعي إلى تعزيزِ ودعمِ التعاونِ السياسيِ والاقتصاديِ مع الدولِ العربيةِ، فضلاً عن تحسينِ البيئةِ الدوليةِ للجانبينِ، والمساعدةِ مع المجتمعِ الدوليِ في إرساءِ وتعزيزِ الاستقرارِ والسلامِ والأمنِ في المنطقةِ.[3]
وفي السياقِ ذاتهِ، عقدَ الرئيسُ الصينيُ اجتماعاتٍ منفردةً مع كلٍ من القادةِ العربِ على حدا، من شأنِها تعزيزُ العلاقاتِ الصينيةِ العربيةِ وتوسيعُ آفاقِ التعاونِ الثنائيِ بين الجانبِ العربي والصيني ليصلَ إلى شراكاتٍ استراتيجيةٍ شاملةٍ في مختلفِ المجالاتِ، وتجدرُ الإشارةُ هنا إلى هيمنةِ القضيةِ الفلسطينية على جزءٍ كبيرٍ من المباحثاتِ بين الجانبين، وفيما يلي أبرزُ ما جاءَ في تلكَ الاجتماعات:
أولاً: القمة الصينية – المصرية
شهدتْ العلاقاتُ المصريةُ – الصينيةُ تطوراً مستمراً في كافة المجالات على مدى العقودِ الماضية، وقد أثبتتْ هذه العلاقاتُ قدرتَها على مواكبةِ التحولاتِ الدوليةِ والإقليميةِ، كما انتهجتْ الدولتان سياسات متوافقة من حيث السعي والعمل من أجلِ السلامِ في كافةِ أرجاءِ العالمِ والدعوةِ إلى ديمقراطيةِ العلاقاتِ الدوليةِ وإقامةِ نظامٍ دوليٍ سياسيٍ واقتصاديٍ منصف وعادل قائم على احترامِ خصوصيةِ كلِ دولةٍ، وفي هذا السياقِ عُقدتْ القمةُ الصينيةُ – المصريةُ، الأربعاء 29 مايو، وذلكَ خلالَ عقدِ جلسة مباحثاتٍ هامةٍ بين الرئيسِ الصينيِ شي جين بينغ، والرئيسِ المصريِ عبد الفتاح السيسي، على مستوى القمةِ بقصرِ الشعبِ الرئاسيِ بالعاصمةِ الصينيةِ بكين، وتناولتْ القمةُ سبلَ تعزيزِ العلاقاتِ الثنائية وفتح آفاق أوسع للتعاون في مختلفِ المجالاتِ، تزامناً مع الذكرى العاشرةِ لترفيعِ العلاقاتِ بين البلدينِ إلى مستوى الشراكةِ الاستراتيجيةِ الشاملةِ، كما بحثَ الزعيمانِ خلالَ القمةِ مختلفَ القضايا الإقليميةِ والدوليةِ محلَ الاهتمامِ المشتركِ، وعلى رأسِها الحربُ في غزة، وسبلُ استعادةُ الاستقرارِ في المنطقة، بما يحققُ تطلعاتِ شعوبهِا نحوَ السلامِ والأمن والتنمية، وقد شهدَ الرئيسان عقبَ ذلك مراسمَ توقيعِ عددٓ من اتفاقياتِ التعاونِ بين البلدين، من بينها خطةُ التطويرِ المشتركِ لمبادرةِ الحزامِ والطريقِ، وتعزيزُ التعاونِ في مجالِ الابتكارِ التكنولوجي وتكنولوجيا الاتصالاتِ، وعددٍ من مجالاتِ التعاونِ الأخرى.
وفيما يتعلقُ بالقضيةِ الفلسطينيةِ، فقد شددَ الرئيسُ السيسي على ضرورةِ وقفِ الحربِ في غزة، مؤكداً الخطورةَ البالغةَ للعملياتِ العسكريةِ الإسرائيليةِ في رفح الفلسطينيةِ، على الأصعدةِ الإنسانية والأمنية والسياسية، وما تسفرُ عنهُ من مآسيِ إنسانيةٍ وسقوطِ ضحايا، وآخرُها القصفُ المتعمدُ لمخيمِ للنازحين الذي نتجتْ عنه كارثةٌ إنسانيةٌ مفجعةٌ، ومن جانبِه أشادَ الرئيسُ الصينيُ بدورِ مصرَ المحوريِ وجهودِها الدؤوبةِ للتهدئةِ وإنفاذِ المساعداتِ الإنسانيةِ، واتفقَ الرئيسان على ضرورةِ وقفِ إطلاقِ النار فوراً، ورفضِ التهجيِر القسريِ للفلسطينيين خارجَ أراضيهِم، مؤكدين أن تطبيقَ حلِ الدولتينِ هو الضامنُ الرئيسُ لاستعادةِ الاستقرارِ وإرساءِ السلمِ والأمنِ الإقليميين، كما ناقشَ الجانبان الأوضاعَ في القارةِ الأفريقيةِ، وسبلَ تعزيزِ التعاونِ بين البلدين بما يدعمُ جهودَ القارةِ التنموية، حيثُ حرصَ الرئيسُ السيسي على تأكيدِ الأولويةِ القصوى لضمانِ الأمنِ المائيِ المصريِ.[4]
وبناءً على ما سبقَ، فمن المرجحُ أن تُسهمَ زيارةُ الرئيسِ السيسي إلى الصين في تقويةِ الثقةِ المتبادلةِ بين البلدينِ، وتعززَ من التعاونِ الثنائيِ والعملِ المشتركِ في مجالاتِ الاقتصادِ والتجارةِ والاستثمار والبنيةِ التحتيةِ والزراعةِ وغيرِها، خاصةً في وقتٍ يشهدُ فيه العالمُ تغيراتٍ جيوسياسيةٍ مضطربةٍ، الأمر الذي يجعلُ الصينَ ومصر تواجهان فرصاً وتحدياتٍ هائلةً، لذلك يتعينُ على كلٍ منهما دعمَ الأخرِ فيما يتعلقُ بالمصالحِ الأساسيةِ، وبما يضمنُ تحقيقَ السلامِ والاستقرارَ في المنطقةِ والعالم.
ثانياً: القمة الصينية – التونسية
التقى الرئيسُ التونسيُ قيس سعيد، الخميس 30 مايو، برئيسِ الوزراءِ الصينيِ لي كيانغ، وذلك على هامشِ أعمالِ الدورةِ العاشرةِ للاجتماعِ الوزاريِ لمنتدى التعاونِ العربي الصيني المنعقد بالعاصمةِ الصينيةِ بكين، وتزامنتْ الزيارةُ مع الذكرى الـ60 لإقامةِ العلاقاتِ الدبلوماسيةِ بين الصين وتونس، فعلى مدارِ الـ60 عاماً الماضية، حافظتْ العلاقاتُ الصينيةُ-التونسيةُ على تنمية سليمة ومطردة، وجرى خلالَ اللقاءِ بحثُ علاقاتِ التعاونِ بين البلدينِ، والسبل الكفيلة بتعزيزِها من أجلِ المصلحةِ المشتركةِ للبلدين والشعبين، وفي السياقِ ذاته، أكدَ الرئيسُ التونسي قيس سعيد، خلالَ المباحثاتِ، على عمقِ العلاقاتِ مع الصين منذُ القدمِ، مشيراً إلى طريقِ الحريرِ وما حققهُ من تلاقٍ ثقافيٍ وفكريٍ ساهمَ في تعزيزِ العلاقاتِ التجاريةِ بين الدولِ العربية والصين، مبرزاً موقعَ تونس في دعمِ تلك الروابط التجارية، كما شددَ أيضاً على حرصِ بلادهِ على تكثيفِ العملِ المشتركِ، والتنسيق من أجلِ استشرافِ فرصِ تعاونٍ جديدةٍ بين البلدين، وإطلاقِ مشاريعَ وشراكاتٍ استراتيجيةٍ في القريبِ العاجلِ، في قطاعاتٍ ذاتِ أولويةٍ قصوى؛ من بينها الصحةُ والنقلُ البريُ والجويُ والبنية التحتية، إلى جانبِ السياحةِ والمنشآتِ الرياضيةِ. ومن جانبهِ جددَ رئيسُ وزراءِ الصين التأكيدَ على استعدادٍ بلادهِ لترجمةِ الصداقةِ التاريخيةِ مع تونس إلى فرصِ تعاونٓ جديدةٍ، في إطارٍ ثنائيِ أو ضمن مختلفِ المبادرات التي أطلقتَها الصين، كما أكدَ مواصلةَ تنفيذَ المشاريعِ التنمويةِ مع تشجيعِ المؤسساتِ الصينية على الاستثمار في تونس، ونقل الخبرة والتجربة، إضافةً إلى تعزيزِ التبادلِ التجاري، وتشجيع الصادرات التونسية نحو السوقِ الصينيةِ، وفتحِ خطٍ جويٍ مباشرٍ بين البلدين، وتشجيعِ السياحِ الصينيين على اختيارِ تونس وجهة سياحية، فضلاً عن مواصلةُ التعاونِ في مجالاتِ الاقتصادِ الأخضرِ، والتعليمِ العاليِ، والصحةِ والشبابِ.[5]
ثالثاً: القمةُ الصينيةُ – الإماراتيةُ
تُمثلُ زيارةُ الشيخِ محمد بن زايد آل نهيان، رئيسُ دولةِ الأمارات، إلى جمهوريةِ الصين الشعبية، إضافةً نوعيةً لمسارِ العلاقاتِ التاريخيةِ بين البلدين الصديقينِ، التي وصلتْ إلى مستوى الشراكةِ الاستراتيجيةِ الراسخةِ على مختلفِ الصعدِ، وفي كافةِ المجالاتِ، وتعدُ الزيارةُ محطةً بارزةً في مسارِ تعزيزِ التنميةِ والازدهارِ المستدامِ لكلا البلدينِ الصديقين، والارتقاء بمستوى العلاقاتِ الثنائيِة ومساراتِ التعاونِ والعملِ المشتركِ بينهما في المجالاتِ الاقتصاديةِ، والتنمويةِ، والثقافيةِ، وغيرها.
وفي هذا السياقِ، بحثَ رئيسُ دولةِ الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والرئيسُ الصين، شي جين بينغ، الخميسَ 30 مايو، مختلفَ أوجهِ العلاقاتِ الثنائيةِ والعمل المشترك من أجلِ تعزيزِها وتوسيعِ آفاقِها في ظلِ الشراكةِ الإستراتيجيةِ الشاملةِ بين البلدينِ، وجاءَ ذلك خلالَ جلسةِ المباحثاتِ التي عقدَها الجانبان في قاعة الشعب الكبرى في العاصمةِ بكين، وأكدَ الجانبان خلال المباحثات، أن الذكرىَ الأربعين لإقامةِ العلاقاتِ الدبلوماسيةِ بين الإماراتِ والصين التي تحلُ العامَ الجاري، تمثلُ مناسبة للاعتزازِ بالتطورِ الكبيرِ الذي شهدتهُ هذه العلاقات على مدى العقود الماضية، ليس فقط في المجالاتِ السياسيةِ والتنمويةِ وإنما كذلك على المستوياتِ الثقافيةِ والتعليميةِ والعلمية وغيرها، والحرص على مواصلةِ العملِ المشترك من أجلِ مستقبلٍ أكثرَ حيوية وتطوراً لهذه العلاقات خلال السنواتِ المقبلةِ، ووقع الرئيسان خلالَ المباحثاتِ مجموعةً من الاتفاقياتِ ومذكراتٍ شملتْ العديدَ من مجالاتِ التعاون بين البلدين، كان أبرزُها التعاونَ حولَ الاستخداماتِ السلميةِ للطاقةِ النوويةِ، والتعاون في بناءِ الحزامِ والطريقِ، والعلوم والتكنولوجيا، وقطاعِ السياحة، ومجالِ التنميةِ الخضراء، والملكيةِ الفكرية، والقطاعِ الصحي، ومجالِ التعليمُ، ومجال الإحصاء، والقطاعِ الثقافي.
وتبادلَ الجانبان وجهاتِ النظرُ حولَ عددٍ من القضايا والمستجداتِ الإقليميةِ والدوليةِ ذاتِ الاهتمامِ المشتركِ، وأهميةَ العملِ على ترسيخِ السلامِ والاستقرارِ في العالمِ وتسويةَ الصراعاتِ من خلالِ الحوارِ والقنواتِ الدبلوماسيةِ، مؤكدين أهميةَ العملِ الجماعيِ الدوليِ في مواجهةِ التحدياتِ العالميةِ المشتركةِ، كما شددَ الجانبان على أهميةُ تعزيزِ التعاونِ والتنسيقِ ضمنَ أُطرِ العملِ الدوليُ المشتركةِ التي تجمعُ البلدين، بما يعززُ مصالحَهما المتبادلةَ ويدعمُ السلامَ والتنميةَ والازدهار في العالم.
وفيما يتعلقُ بالقضيةِ الفلسطينيةِ، أكدَ الجانبان على ضرورةِ العملِ من أجلِ الوقفِ الفوريِ لإطلاقِ النارِ في قطاعِ غزة وضمانِ الحمايةِ للمدنيين فيه وتوفيرِ المساعداتِ الإنسانيةِ الكافيةِ والآمنة والمستدامة لهم، إضافة إلى منع توسع الصراع في المنطقة بما يهددُ الأمنَ والاستقرار الإقليميين، وإيجادَ أفقٍ للسلامِ الدائم والشاملِ القائمِ على حلِ الدولتينِ، وقراراتِ الشرعيةِ الدولية، كما شددَ الرئيسان على دعمهِما لكلِ الجهودِ والتحركاتِ الإقليميةِ والدوليةِ الهادفةِ إلى تحقيقِ التهدئةِ في المنطقةِ، وتفاديِ المزيدِ من التوتر والصراع فيها.[6]
وبناءً على ما سبقَ، فإن دولتي الإماراتِ والصين تلعبان دوراً محورياً ورئيسياً في تعزيزِ الاستقرارِ والأمنُ والتنمية المستدامة على المستويين الإقليمي والدولي، ولذلك فالتعاون الثنائي بينهما لا يصبُ فقط في صالحِ البلدينِ، لكن يلقي بظلالهِ أيضاً على المنطقة، بل العالم بأكملهِ لينثرَ ثمارَه على جميعِ المجالاتِ من بينها الطاقة المتجددة والتكنولوجيا والاقتصاد والتجارة، ويبنى درعا حصيناً لمواجهة التحديات العالمية مثل التغيرِ المناخيِ والأمن الغذائي والأزمات الاقتصادية.
رابعاً: القمة الصينية – البحرينية
توجهَ ملكُ البحرينِ، حمد بن عيسى آل خليفة، إلى بكينِ، الأربعاءَ 29 مايو، في مستهلِ زيارتهِ بدعوةٍ من الرئيسِ الصينيِ للمشاركةِ في الجلسةِ الافتتاحيةِ لمنتدىَ التعاونِ الصينيِ العربيِ الذي عقدَ في بكين، وتكتسبُ الزيارةُ التي تعدُ ثاني زيارةِ رسميةِ لجلالتهِ إلى الصينِ، أهميةً سياسيةً كبيرةً من حيثُ التوقيتِ والنتائجِ المنشودةِ منها، حيثُ تأتِي الزيارةُ امتداداً لتحركاتٍ دبلوماسيةٍ وسياسيةٍ مكثفةٍ يقودُها العاهلُ البحرينيُ نحو الشرقِ، بهدفِ توسيعِ آفاقِ التعاونِ البحرينيِ مع أقطابِ العالمِ الجددِ في آسيا والتي يأتيِ في مقدمتهِا الصينُ واليابانُ وكوريا الجنوبية والهندُ وغيرُها من الاقتصاداتِ الناشئةِ، لتعظيمِ الاستفادةِ من تجاربِها التنمويةِ، ومما لا شكَ فيهِ أن الهدفَ الأكبرَ من تلكَ الزيارةِ أيضاً، هو استكمالُ الحشدِ الدوليِ لدعمِ مبادرةِ مملكةِ البحرينِ للسلامِ التي أعلنَ عنها جلالةُ الملكِ في القمةِ العربيةِ الـ33 «قمة البحرين»، وذلكَ بعدَ الحصولِ علي دعمِ روسيا خلالَ زيارتهِ إلى موسكو الأسبوعِ الماضيِ ومباحثاتهِ المثمرةِ مع الرئيسِ فلاديمير بوتين، كمَا تأتيِ الزيارةُ في إطارِ رؤيةٍ حكيمةٍ لملكِ البحرينِ بأهميةِ تنويعِ شبكةِ علاقاتِ البحرينِ بينَ الشرقِ والغربِ وتمتينِ تحالفاتهِا معَ كلِ دولِ العالمِ وبالأخصِ الدولِ العظمي والدولِ الاقتصاديةِ الكبريَ، وتعتبرُ الصينُ علي رأسِ هذهِ الدولِ في ظلِ ما يربطُ بينَ البلدينِ من علاقاتٍ تاريخيةٍ واقتصاديةٍ قديمةٍ، فقد شهدتْ تلكَ العلاقاتُ في السنواتِ الماضيةِ تنامياً واسعاً تعددتْ مجالاتهُ وتنوعتْ، بفضلِ حرصِ واهتمامِ القيادتينِ الحكيمتينِ، والتواصلِ المستمرِ بينَ العاهلِ البحرينيِ والرئيسِ الصينيِ، والذي كانَ آخرُه القمةَ البحرينيةَ الصينيةَ التي عقدتْ بينَ الملكِ والرئيسِ الصينيِ في الرياضِ عامَ 2022م، بمناسبةِ مشاركتهِما في القمةِ العربيةِ الصينيةِ التي استضافتَها المملكةُ العربيةُ السعوديةُ الشقيقةُ. وفي السياقِ ذاتهِ، تناولَ الاجتماعُ الذي عُقدَ بين الرئيسِ الصينيِ والعاهلِ البحرينيِ، سُبل تعزيزِ علاقاتِ الصداقةِ المتميزةِ بينَ البلدينِ والتعاونِ الثنائيِ في مختلفِ مجالاتهِ السياسيةِ والاقتصاديةِ والتجاريةِ والاستثماريةِ والتنمويةِ، وفتحِ آفاقٍ أشملَ من التعاونِ بالتوقيعِ على عددٍ من مذكراتِ التفاهمِ والاتفاقاتِ لتعزيزِ التعاونِ المشتركِ في العديدِ من المجالاتِ الحيويةِ، بالإضافةِ إلى مناقشةِ تطوراتِ الأوضاعِ الراهنةِ على الساحةِ الدوليةِ، والتحدياتِ الإقليميةِ والدوليةِ، وتطوراتِ الحربِ في قطاعِ غزة والجهودِ العربيةِ والدوليةِ التي تبذلُ على كافةِ المستويات لوقفِ إطلاقِ النارِ وحمايةِ المدنيين، وتداعياتِ الحربِ على الأوضاعِ الإنسانيةِ للسكانِ المدنيين.[7]
وبناءً على ما سبقَ، يبدو أن العاهلَ البحرينَي في زيارتهِ إلى الصين، إنما يعبرُ عن تطلعٍ بحريني للبناءِ على هذا المستوى الوثيقِ والمتميزِ من العلاقاتِ والتعاونِ المشتركِ بين مملكةِ البحرين وجمهورية الصين الشعبية في مختلف المجالات، كما يحملُ جلالتهُ طموحاً عربياً لإنجاحِ المساعيِ والجهودِ الراميةِ لاستتبابِ الأمنِ والاستقرارِ والرخاءِ والازدهارِ في الشرق الأوسط والعالم بأسرهِ، وبالتالِي، فمن المرجح أن تسهمَ الزيارةُ الحاليةُ للملكِ حمد بن عيسى آل خليفة إلى الصين، في فتحِ أفاقٍ جديدةٍ من التعاونِ البناءِ والمثمرِ في جميعِ المجالاتِ، فضلا عن التوصلِ إلى تفاهماتٍ ورؤىً موحدةٍ إزاء الوضعِ في غزةَ ومجملِ التحدياتِ الإقليميةِ والدولية.
منتدى التعاونِ الصينيِ العربيِ:
استضافتْ العاصمةُ الصينيةُ بكين، الاجتماعَ الوزاريَ العاشرَ لمنتدىَ التعاونِ الصينيِ العربيِ، في 30 مايو 2024، وترأسَ الاجتماعَ وزيرُ الخارجيةِ الصينيِ وانغ يى ونظيرهُ الموريتانيُ محمد سالم ولد مرزوق، وحضرَ الاجتماعَ مسؤولونَ من 22 دولةً عربيةً، ومن بينِ هؤلاءِ الرئيسُ المصريُ عبد الفتاح السيسي، وملكُ البحريِن حمد بن عيسى آل خليفة، والرئيسُ التونسيُ قيس سعيد، ورئيس الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وحضرَ المنتدىَ وزراءُ خارجيةِ السعوديةِ واليمنِ والسودانِ وسوريا والعراقِ والجزائرِ والمغرب، كما شاركَ في الاجتماعِ وزيرُ الدولةِ القطريِ بوزارةِ الخارجيةِ محمد بن عبد العزيز الخليفي، ورئيسُ وزراءِ الحكومةِ الليبيةِ عبدالحميد محمد الدبيبة، ومثلَ لبنانَ في المنتدى الأمينُ العامُ لوزارةِ الخارجيةِ هاني الشميتلي، وكانَ من بينِ الحضورِ أيضاً الأمينُ العامُ لجامعةِ الدولِ العربيةِ أحمد أبو الغيط.[8]
ويُعد المنتدى بمثابةِ منصةٍ لتعزيزِ العلاقاتِ الثنائيةِ بين الدولِ العربيةِ والصين، وتعميقِ التفاهم المتبادل والتعاون الاستراتيجي بين الجانبين، فعلى مدار العشرينَ عاماً الماضيةِ، أسهم المنتدى في تعميقِ هذا التعاونِ في العديدِ من المجالاتِ عبر تدشينِ آلياتٍ متنوعةٍ ساعدتْ على تحقيقِ هذا الهدفِ، إذ يُشكلُ التعاونُ العربيُ الصيني في إطارِ المنتدى واحداً من أبرزِ وأنجحِ تجاربِ التعاونِ عبر الإقليمي.
ملفات شائكةٌ على جدولِ المنتدى:
تصدرتْ الحربُ الإسرائيليةُ على غزةَ، ملفاتِ المنتدى الصينيِ العربيِ، حيثُ دعَا المنتدى إلى وقفِ إطلاقِ النارِ في قطاعِ غزةَ، وضمانِ إيصالِ المساعداتِ الإنسانيةِ، ومعارضةِ التهجيرِ القسريِ للشعبِ الفلسطينيِ، ودعمِ عضويةِ فلسطينَ الكاملةِ في الأممِ المتحدةِ والعملِ على التوصلِ إلى تسويةٍ عاجلةٍ للقضيةِ الفلسطينيةِ على أساسِ حلِ الدولتينِ، وفي السياقِ ذاتهِ، أعلنَ الرئيسُ شي أيضاً أنَّ الصينَ ستقدمُ 500 مليونَ يوان (69 مليون دولار) كمساعداتٍ إنسانيةٍ لغزةَ، كمَا تعهدَ بالتبرعِ بمبلغِ 3 ملايين دولارٍ لوكالةِ غوثِ وتشغيلِ اللاجئينَ التابعةِ للأممِ المتحدةِ، ودعَا الرئيسُ الصينيُ، خلالَ جلسةِ الافتتاحِ، إلى عقدِ مؤتمرِ سلامٍ دوليٍ واسعِ النطاقِ لحلِ النزاعِ بينَ إسرائيلَ والفلسطينيينَ، محذراً من أنَّ “العدالةَ في الشرقِ الأوسطِ لا يمكنُ أن تغيبَ للأبدِ”.
وعلى الجانبِ الآخرِ، تمحورَ المنتدى أيضاً حولَ سُبلِ تعزيزِ أفقِ التعاونِ بينَ الصينِ والدولِ العربيةِ، حيثُ أكدَ الرئيسُ الصينيُ حرصَ بكينِ على التضامنِ والتآزرِ معَ الجانبِ العربيِ لبناءِ العلاقاتِ الصينيةِ العربيةِ كنموذجٍ يُحتذىَ بهِ لصيانةِ السلامِ والاستقرارِ في العالمِ، وأعلنَ أيضاً عن استضافةِ القمةِ الثانيةِ بينَ الصينِ والدولِ العربيةِ في عامِ 2026، قائلاً إن بلادَه والدولَ العربيةَ سيبنيانِ “إطاراً أكثرَ توازناً للعلاقاتِ الاقتصاديةِ والتجاريةِ التي تعودُ بالنفعِ على الجانبينِ”، كما تمَّ التأكيدُ على المواقفِ المشتركةِ بينَ الصينِ والدولِ العربيةِ لحلِ الأزماتِ الإقليميةِ ومعالجةِ جهودِ مكافحةِ الإرهابِ وقضايا حقوقِ الإنسانِ وتغيرِ المناخِ وكذلك الذكاءُ الاصطناعُي، ووضعتْ خطةُ تنفيذِ العملِ إطاراً لتعزيزِ العلاقاتِ والتعاونِ الصينيِ العربي في مختلفِ المجالاتِ، بمَا في ذلكَ الاقتصادُ والسياسةُ والبنيةُ التحتيةُ والطيرانُ، على مدىَ العامينِ المقبلينِ.
واختُتمَ منتدى التعاونِ الصينيِ العربيِ في بكين، بإعلانِ ثلاثةِ وثائقَ رسميةٍ، الأولى: “مشروعُ بكينَ” الذي يستعرضُ سُبلَ تعزيزِ بناءِ المجتمعِ الصينيِ العربيِ وتعزيزِ التعاونِ الثنائِي بينَ الجانبينِ، والثانيةُ: “مشروعُ البرنامجِ التنفيذيِ لمنتدىَ التعاونِ العربيِ الصينيِ (2026-2024)”، والثالثةُ: تتعلقُ بموقفٍ صينيٍ عربيٍ موحدٍ تجاهَ القضيةِ الفلسطينيةِ.
كما جاءَ في البيانِ الختاميِ للاجتماعِ الوزاريِ العاشرِ لمنتدى التعاونِ الصينيِ العربيُ، أن جلستيِ الاجتماعِ بالإضافةِ إلى الجلسةِ الافتتاحيةِ تناولتْ مباحثاتٍ معمقةً باتجاهِ تنفيذِ مخرجاتِ القمةِ الصينيةِ العربيةِ الأولي التي عُقدتْ في الرياضِ عامَ 2022، وأعلنَ البيانُ عقدَ القمةِ بشكلٍ دوريٍ، إذ ستعقدُ الثانيةُ في الصينِ في عامِ 2026، والثالثةُ في الكويتِ في 2030.
ختاماً يمكنُ القولُ، إنَّ العلاقاتِ العربيةَ – الصينيةَ توفرُ فرصاً هائلةً للتعاونِ المشتركِ في مجالاتٍ متعددةٍ وعلى كافةِ الأصعدةِ، وخلالَ السنواتِ الأخيرةِ، شهدتْ الصينُ نمواً اقتصادياً هائلاً وتعزيزًا لدورِها على الساحةِ الدوليةِ، بينما برزت الدول العربية بوصفِها مركزاً مهماً للاستثمارِ والتجارةِ، وتعكسُ العلاقاتُ العربيةُ الصينيةُ هذه التطوراتِ المتسارعةَ، مع استمرارِ تعزيزِ التبادلِ التجاريِ والاستثماريِ بين الطرفينَ، فالدولُ العربيةُ لا تنظرُ للصينِ كشريكٍ اقتصاديٍ فحسبْ، وإنما أيضاً كتجربةٍ رائدةٍ في العديدِ من المجالاتِ، وبالتاليِ تعكسُ مشاركةُ القادةِ العربِ بفعالياتِ المؤتمِر الوزاريِ العاشرِ لمنتديَ التعاونِ الصينيِ العربيِ، وجودَ رغبةٍ مشتركةٍ في دفعِ العلاقاتِ العربيةِ الصينيةِ إلى مرحلةٍ جديدةٍ من التعاونِ والتضامنِ، لا سيَّما في ظلِ ما يحيطُ بالمنطقةِ العربية منْ تهديداتٍ متفاقمةٍ ناتجةٍ عن استمرارِ الحربِ الإسرائيليةِ على قطاعِ غزةَ. وعلى الجانبِ الأخرِ، يبدو أن الصين تسعَي أيضاً إلى بناءِ شراكاتٍ استراتيجيةٍ شاملةٍ مع الدول العربية، خاصةً في ظلِّ تنامِى المنافسةِ الأمريكية الصينية، الأمر الذي يمكنُها من تحقيقِ رؤيتِها الهادفةِ لنظامٍ عالميٍ جديدٍ متعددِ الأقطابِ بعيداً عن الهيمنةِ الأمريكيةِ والغربيةِ المقيدةِ للنفوذِ الصينيِ.
المصادر:
[1] أحمد محمد، العلاقات العربية الصينية.. ماض مشرق ومستقبل واعد، CGNT عربي، 5 سبتمبر 2022، متاح على الرابط: https://2u.pw/GvYn3X9F
[2] سكاي نيوز عربية، زيارة 4 قادة عرب إلى الصين.. ما الأهداف والتوقعات؟، 2 مايو 2024، متاح على الرابط: https://2u.pw/gVu7AkET
[3] د/ الصادق الفقيه، العلاقات العربية الصينية: رؤية مستقبلية، صحيفة أراء حول الخليج، 31 ديسمبر 2018، متاح على الرابط: https://2u.pw/vL7Ivi1W
[4] الهيئة العامة للاستعلامات، زيارة الرئيس السيسي إلى جمهورية الصين الشعبية، 29 مايو 2024، متاح على الرابط: https://2u.pw/I3zafxDA
[5] الشرق، قيس سعيّد ورئيس وزراء الصين يبحثان تعزيز التعاون الثنائي، 30 مايو 2024، متاح على الرابط: https://2u.pw/zqjHBA1T
[6] الإمارات اليوم، رئيس الدولة: 40 عاماً من العلاقات بين الإمارات والصين ونمضي معاً نحو نقلات نوعية جديدة، 30 مايو 2024، متاح على الرابط: https://2u.pw/EcGw6U9O
[7] وكالة أنباء البحرين، زيارة جلالة الملك المعظم إلى الصين الشعبية.. مرحلة جديدة في مسيرة العلاقات الوثيقة بين البلدين، 28 مايو 2024، متاح على الرابط: https://2u.pw/k1V8VRLI
[8] Beatrice Farhat, China’s largest Arab summit wraps with ‘Beijing declaration’: What we know, May 30, 2024, Al-Monitor, available at: https://2u.pw/1JP1eaJd