المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الشرق الأوسط > أوراق بحثية > العلاقاتُ المصريةُ–الهنديةُ: دراسة في التوازنات الجيوسياسية في إطار التعاون جنوب–جنوب
العلاقاتُ المصريةُ–الهنديةُ: دراسة في التوازنات الجيوسياسية في إطار التعاون جنوب–جنوب
- أكتوبر 27, 2025
- Posted by: Maram Akram
- Category: أوراق بحثية تقارير وملفات وحدة الشؤون الدولية وحدة الشرق الأوسط
 لا توجد تعليقات 

إعداد: دينا دومه
باحث مساعد في وحدة شؤون الشرق الأوسط
تُمثّل العلاقاتُ المصرية–الهندية نموذجًا مُتجددًا لعلاقات الدول الصاعدة التي تسعى إلى إعادةِ صياغةِ موقعها في النظام الدولي عبر تفعيل أدوات القوة الذكية ومفاهيمِ التعاون جنوب–جنوب كآلياتٍ لتحقيق التنمية المستقلة وتعزيز المكانة الجيوسياسية، فالعلاقةُ بين القاهرة ونيودلهي ليست وليدةَ التحولاتِ الراهنةِ، بل تمتد جذورها إلى مرحلةٍ مُبكرةٍ من التاريخ المعاصر حين التقت الرؤى السياسية لكلاهما في إطار حركة عدم الانحياز، كاستجابةٍ فكريةٍ وسياسيةٍ لمحاولات الهيمنة الثنائية في حقبة الحرب الباردة، غير أنّ المُتغيرات العالمية الراهنة أعادت تشكيل بنية العلاقات الدولية على نحوٍ جعل من التنسيق بين دول الجنوب ليس خيارًا تكميليًا، بل ضرورةً استراتيجية لمواجهة اختلال موازين القوة التقليدية.
وفي هذا السياق، جاءت الزيارة الرسمية التي قام بها وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج “بدر عبد العاطي” إلى نيودلهي، ولقاؤه برئيس الوزراء الهندي “ناريندرا مودي” يوم الجمعة المُوافق 17 أكتوبر 2025، وذلك في إطار الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي، إضافةً إلى منْحِ “قلادة النيل العظمى” لرئيس الوزراء مودي تقديرًا لدوره في دعم تلك العلاقات خاصةً مع احتفال البلدين العام الجاري بالذكرى السبعين لتوقيع اتفاقية الصداقة المصرية-الهندية، كما نقلَ الوزيرُ رسالةً خطيةً من الرئيس “عبد الفتاح السيسي” تناولت آفاق تطوير العلاقات بين البلدين وسبلَ الارتقاء بها في مجالات الاستثمار والتجارة والدفاع والتكنولوجيا، وتقديم التهنئة لرئيس وزراء الهند بمُناسبة قرب تولّي الهند رئاسةَ مجموعة بريكس العام القادم 2026، ليُكرّسَ بذلك مرحلةً جديدةً من العلاقات المصرية–الهندية تقوم على التحول من التعاون الثنائي التقليدي إلى شراكةٍ استراتيجيةٍ شاملة.[1]
يكتسبُ هذا التقارب بُعدًا مُضاعفًا مع انطلاق الحوار الاستراتيجي المصري–الهندي وارتفاع مُستوى التنسيق بين البلدين داخل الأطر متعددة الأطراف، وعلى رأسها مجموعة “بريكس”، حيث تستعدُ القاهرة لاستضافة الدورة الثامنة من اللجنة المصرية-الهندية المُشتركة في النصف الأول من عام 2026، ومن هذا المُنطلق، تسعى هذه الورقة البحثية إلى تحليلِ التوازنات الجيوسياسية التي تحكمُ مسارَ العلاقات المصرية–الهندية، من خلال تناول مُحدّداتِ التعاون بينهم، ورصْدِ أنماط التعاون القائمة والمُحتملة بين البلدين في إطار التعاون جنوب–جنوب، كما تهدف إلى إبراز الكيفية التي يُمكن أن تتحولَ بها هذه العلاقة من شراكةٍ ثنائيةٍ ذات طابعٍ اقتصاديٍ–تجاريٍ إلى نموذجٍ مُتكاملٍ للشراكات الاستراتيجية بين دول الجنوب، بما يعيد بناء التوازنات الإقليمية والدولية على أسس أكثر عدالة وشمولية.
أولًا: أبعاد ومُرتكزات العلاقات المصرية-الهندية
تُجسّد العلاقاتُ المصرية–الهندية نموذجًا متميزًا لتفاعل حضارتين عريقتين أسهمتا في تشكيل مسار التاريخ الإنساني، وانتقلت روابطهما من التواصل الحضاري القديم إلى شراكةٍ استراتيجيةٍ حديثةٍ، فمنذ الإشارات بالتقارب الفكري بين “المهاتما غاندي” و”سعد زغلول” في كفاحهما من أجل التحرر الوطني، وصولًا إلى الصداقة الوثيقة التي جمعت عبد الناصر ونهرو وتُوّجت بتوقيع معاهدة الصداقة عام 1955 [2]، ولقد تطورت في العقود الأخيرة لتصبحَ شراكةً استراتيجيةً شاملةً ما يجعل العلاقات المصرية–الهندية اليوم أحد أبرز النماذج في التفاعل بين دول الجنوب الساعية إلى تنميةٍ مُستقلةٍ وموقعٍ فاعل في النظام الدولي المُتعدد الأقطاب، وفيما يلي أهم الأبعاد الاستراتيجية والمُرتكزات الحاكمة في العلاقات المصرية-الهندية:
أ- البُعد السياسي
1- جذور العلاقات السياسية وتأسيس الروابط الدبلوماسية: تُعد العلاقاتُ السياسيةُ بين مصر والهند من أقدم العلاقات التي جمعت بين دولتين في الجنوب العالمي، وذلك حين تواصلت الحضارتان عبر طرق التجارة والمعرفة في العصور الفرعونية والهندية القديمة. إلا أنّ الإطار المؤسسي الحديث لهذه العلاقات بدأ في 18 أغسطس 1947، عقب استقلال الهند مباشرة، حين أُعلن عن إقامة العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة ونيودلهي على مستوى السفراء، لتكونَ مصرُ من أوائل الدول التي اعترفت بالهند المستقلة، في إشارةٍ رمزيةٍ إلى التقارب التاريخي والسياسي بين الشعبين[3]. منذ البدايات الأولى، تميّزت هذه العلاقات بتقارب الرؤى والمواقف في المحافل الدولية، ولا سيَّما خلال مرحلة التحرّر الوطني في منتصف القرن العشرين، حيث شكّل كلٌّ من “جمال عبد الناصر” و”جواهر لال نهرو” ركنين أساسيين في بناء حركة التحرّر العالمية، وتأسيس حركة عدم الانحياز عام 1961. هذه الحركةُ جسّدت رؤيةً مشتركةً لسياسةٍ خارجيةٍ مستقلةٍ عن الاستقطابات الدولية في زمن الحرب الباردة، قائمةٍ على مبادئ السلم، واحترام سيادة الدول، وحقِّ الشعوب في تقرير مصيرها، وهي المبادئ ذاتها التي ما زالت تشكل الإطار المرجعي للعلاقات المصرية–الهندية حتى اليوم.
2- العلاقات السياسية خلال حقبة ما بعد الحرب الباردة: شهدتْ مرحلة الثمانينيات والتسعينيات نقلةً نوعيةً في العلاقات السياسية بين البلدين، إذ تكثّفت الزيارات المتبادلة على أعلى المستويات. فقد قام الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك بزياراتٍ رسميةٍ إلى الهند في أعوام 1982 و1983 و2008، أسفرت عن توقيعِ عددٍ من الاتفاقيات في مجالات التعاون الاقتصادي والثقافي والعسكري. وفي المقابل، زار عدة رؤساء وزراء هنود القاهرة، من أبرزهم راجيف غاندي (1985)، وناراسيما راو (1995)، وإندر كومار غوجرال (1997)، مما أسّس لمرحلةٍ من الاستقرار في التفاهم السياسي بين الجانبين. وفي أعقاب انتهاء الحرب الباردة وبروز النظام الدولي الأحادي القطبية[4]، حرصت القاهرة ونيودلهي على التمسّكِ بمبادئ حركة عدم الانحياز وتطويرها بما يتناسب مع المتغيرات الجديدة، إذ اتخذ البلدان مواقفَ متقاربةً تجاه قضايا الأمن الإقليمي، والإصلاح المؤسسي في الأمم المتحدة.
3- مرحلة ما بعد 2013 وبروز شراكة مُتجددة: مع تولّي الرئيس “عبد الفتاح السيسي” الحكم عام 2014، دخلت العلاقات الثنائية مرحلةً جديدةً من الانفتاح المتبادل، حيث حرص الجانبان على الارتقاء بالتعاون إلى مستوى أوسع وأكثر شمولًا. ففي يناير 2015 شارك الرئيس السيسي في القمة الهندية–الإفريقية في نيودلهي[5]، مؤكدًا رؤيةَ مصر لتعزيز التعاون مع قوى آسيا الصاعدة. كما قام بزيارةٍ رسميةٍ إلى الهند في سبتمبر 2016، أعقبتها زيارةٌ أخرى في يناير 2023 بدعوةٍ من رئيس الوزراء ناريندرا مودي كضيف شرف لاحتفالات اليوم الجمهوري للهند، في إشارةٍ رمزيةٍ إلى عُمق الاحترام المتبادل ومتانة العلاقات بين البلدين.
4- التحول نحو الشراكة الاستراتيجية الشاملة: جاءت زيارة رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى القاهرة في يونيو 2023 لتُمثّل لحظةً فارقةً في تاريخ العلاقات السياسية بين مصر والهند. فقد أعلنَ الطرفان خلال الزيارة ترقيةَ العلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، كما منح الرئيس السيسي رئيس الوزراء مودي وسام النيل، أرفع وسامٍ مدنيٍ مصريٍ[6]، تقديرًا لدوره في توطيد أواصر التعاون، وهو ما أضفى بُعدًا رمزيًا على هذه المرحلة الجديدة من العلاقات. وأكد الجانبان خلال المحادثات على التزامهما بمبادئ الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتنسيق المواقف في القضايا الإقليمية والعالمية.
5- الآليات المؤسسية للتعاون السياسي: يستندُ الحوارُ السياسي المصري–الهندي إلى مجموعةٍ من الآليات المؤسسية المنتظمة التي تهدف إلى ضمان استمرارية التنسيق بين البلدين على مُختلف المستويات، ومن أبرز هذه الآليات اجتماعاتُ التشاورِ السياسي بين وزارتي الخارجية، والتي عُقدت جولتها الثالثةَ عشرةَ في نيودلهي في ديسمبر 2024 [7]، بالإضافة إلى اللجنة المشتركة على مستوى وزراء الخارجية التي انعقدت آخر مرة في 2018. وتعمل اللجنة الدفاعية المشتركة – التي عُقدت دورتها العاشرة في يوليو 2024 – على تطويرِ أُطرِ التعاون العسكري والتكنولوجي، في حين تُسهم اللجان الاقتصادية والفنية المشتركة، مثل لجنة التجارة المشتركة ومجلس الأعمال المشترك، في دعم التكامل بين الرؤى السياسية والاقتصادية. كما تعقدُ مجموعاتُ العمل المُتخصصة اجتماعاتٍ منتظمةً في مجالات مكافحة الإرهاب، والطاقة المتجددة، والصحة، والتكنولوجيا الحيوية، مما يعكس شموليةَ التعاون السياسي وتداخله مع بقية الأبعاد التنموية.
6- التنسيق في القضايا الإقليمية والدولية : تشهدُ المرحلةُ الراهنةُ تناميًا في التنسيق السياسي بين القاهرة ونيودلهي في مواجهة القضايا الإقليمية والعالمية، إذ يتبنى البلدان مواقف مُتقاربةً تجاه قضايا الإرهاب، وإصلاح النظام الدولي، وتفعيل دور الجنوب العالمي. فقد جرى تنسيقٌ واضحٌ في مواقفهما داخل الأمم المتحدة، ومجموعة العشرين، وحركة عدم الانحياز، حيث شدّد الجانبان على ضرورة إعطاء الأولوية لقضايا التنمية، والأمنِ الغذائي، والتحول الأخضر، بما يخدم مصالح الدول النامية. كما تبادل القادة في السنوات الأخيرة اتصالاتٍ ومشاوراتٍ منتظمةً حول القضايا الأمنية الراهنة، من أبرزها الاتصالُ الهاتفيُ بين الرئيس السيسي ورئيس الوزراء مودي في أكتوبر 2023 في أعقاب اندلاع الحرب الإسرائيلية في غزة [8]، بالإضافة إلى مشاركة الهند في قمة شرم الشيخ للسلام لتوقيع اتفاقِ وقْفِ إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في أكتوبر 2025، على الجانب الآخر، في أبريل 2025 أكدت مصر تضامنها الكامل مع الهند في مواجهة الإرهاب عقب الهجوم الإرهابي في كشمير[9]، وأخيرًا الترحيب المصري بالهدنة واتفاق وقْفِ إطلاق النار بين الهند وباكستان في مايو 2025 وذلك بعد نجاح جهود الوساطة من الولايات المتحدة الأمريكية.
ب- البُعد الاقتصادي والتجاري
1- أهمية مصر في العلاقات الاقتصادية مع الهند: تُعدّ مصر منذ زمنٍ طويل أحد أهم الشركاء التجاريين للهند في القارة الأفريقية، حيث دخل اتفاق التجارة الثنائية بين الهند ومصر حيّز التنفيذ في مارس عام 1978، وهو اتفاقٌ يقوم على مبدأ الدولة الأولى بالرعاية MFN الذي يُعدّ أساسًا من أسس التعاون التجاري الدولي، إذ يضمنُ المساواةَ في المعاملة التجارية بين البلدين دون تمييزٍ. هذا الاتفاقُ شكّل الإطارَ القانونيَ الذي نُظمت في ظله العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين على مدى العقود الماضية، وأسهمَ في بناء قاعدةٍ متينةٍ من التفاهم والتبادل الاقتصادي المتنامي بين القاهرة ونيودلهي.[10]
2- تطور حجم التجارة الثنائية بين البلدين: شهدت العلاقات التجارية بين مصر والهند نموًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة. فقد بلغ حجم التجارة الثنائية ذروته في السنة المالية 2021–2022، مسجلًا 7.26 مليار دولار أمريكي، وهو ما يمثّل زيادةً بنسبة 75% وفقًا لبياناتِ مديرية الإحصاءات التجارية والهندسة الصناعية DGCIS في الهند. أما وفقًا لإحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري CAPMAS ، فقد احتلت الهند المرتبة السادسة بين أهم الشركاء التجاريين لمصر خلال السنة المالية 2024–2025، إذ بلغ إجمالي حجم التجارة الثنائية 5.2 مليار دولار أمريكي، منها 3.84 مليار دولار صادرات هندية إلى مصر، مقابل 1.3 مليار دولار واردات هندية من مصر.[11]ويعكسُ هذا التطورُ الديناميكي في حجم التبادل التجاري مدى تنوّعِ القاعدة الاقتصادية التي تربط بين الجانبين، فضلًا عن تزايد الانفتاح الهندي على السوق المصرية باعتبارها بوابةً استراتيجيةً نحو الأسواق الإفريقية والعربية.
3- الاستثمارات الهندية في السوق المصرية: تُعدّ الاستثماراتُ الهندية في مصر أحد أهم ركائز العلاقات الاقتصادية بين الجانبين. إذ تعمل في مصر نحو 55 شركةً هنديةً في قطاعاتٍ متنوعةٍ تشملُ الصناعاتِ الكيماوية، والأدوية، والطاقة، وقد تجاوزت الاستثمارات الهندية المباشرة في مصر 4 مليارات دولار أمريكي، مما وفّر حوالي 38 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة للمواطنين المصريين. كما توجد استثماراتٌ هنديةٌ جديدةٌ قيْدَ التنفيذ تُقدّر قيمتها بنحو 700 إلى 800 مليون دولار أمريكي .وخلال السنة المالية 2023–2024، استقطبت مصر استثماراتٍ هنديةً جديدةً تجاوزت 175 مليون دولار أمريكي. ومن أبرز النماذج على التعاون في هذا المجال [12]:
- شركة Tech Mahindra الهندية، التي أنشأت في ديسمبر 2022 أول مركز عالمي لتقديم الخدماتGlobal Delivery Center في مصر، بهدف دعم عملياتها في الشرق الأوسط وإفريقيا.[13]
- وفي مارس 2023، أطلقت مصر بالتعاون مع معهد سيروم الهندي أول خط إنتاجٍ محليٍ للقاحات التهاب الكبد “بي” واللقاحات الخماسية بطاقة إنتاجية تصل إلى 100 مليون جرعة سنويًا .[14]
- وفي قطاع الطاقة، وقّعت شركتا ReNew وOCIOR مذكرات تفاهم مع الحكومة المصرية بقيمة 8 مليارات و4 مليارات دولار أمريكي على التوالي لإنشاء محطات لإنتاج الهيدروجين الأخضر، في إطار دعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر.
4- المعارض والفعاليات التجارية المشتركة: تُعد المشاركةُ الهنديةُ في المعارض المصرية مؤشّرًا قويًا على حيوية العلاقات الاقتصادية الثنائية .ففي ديسمبر 2024، شاركت 45 شركةً هنديةً في معرض “فود أفريكا القاهرة 2024″، حيث عرضت منتجاتها من الأرز البسمتي، والتوابل، والمنتجات الزراعية المصنعة .كما شاركت شركاتٌ هنديةٌ أخرى تحت رعاية المؤسسة الوطنية للصناعات الصغيرة NSIC في معرض تراثنا للحرف اليدوية الذي نظمته وكالة تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر MSMEDA المصرية، وهو ما يعكس اهتمام الهند بدعم الصناعات الصغيرة والحرفية المصرية. وفي مارس 2025، شاركت 45 شركة هندية في معرض الهند–إفريقيا لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات India-Africa ICT Expo الذي عُقد خلال الفترة من 6 إلى 7 أبريل 2025 بمشاركةِ شركاتٍ مصريةٍ وإفريقيةٍ أخرى[15]. وقد شهد هذا الحدث مشاركة 20 شركة ناشئة هندية عرضت أحدث ابتكاراتها التقنية في مجالات الذكاء الصناعي والحلول الرقمية. وفي أبريل 2025، زارتْ بعثةٌ هنديةٌ متخصصةٌ في صناعة الأسمدة مصر لتعزيز التعاون في مجال تجارة الأسمدة والاستثمارات الزراعية، بما يخدم مصلحة الأمن الغذائي لكلا البلدين.[16]
5- آليات التعاون التجاري والمؤسسي: تتجلّى قوة العلاقات الاقتصادية بين البلدين في تعدد الآليات الثنائية التي وُضعت لتطوير وتنظيم التعاون التجاري والاقتصادي. ومن أبرز هذه الآليات[17]:
- اللجنةُ المشتركةُ للتجارة JTC التي تُعنى بمتابعة تنفيذ الاتفاقات التجارية وتقييم العقبات القائمة.
- مجلسُ الأعمال المشترك JBC الذي يجمع بين ممثلي مجتمع الأعمال من كلا البلدين لبحْثِ فرص الاستثمار والتعاون المشترك.
- فرقُ العمل المشتركة Joint Working Groups التي تُعنى ببحث ملفات محددة كالصناعات التحويلية أو الطاقة أو التكنولوجيا.
- كما تعمل السفارة الهندية في القاهرة على تسهيل الاتصالات بين رجال الأعمال وتنظيم المنتديات والفعاليات الاقتصادية التي تُعزّز فرص الشراكةِ التجاريةِ. وقد ساهمت هذه الجهود في تشجيع مئات الشركاتِ الهنديةِ على زيارة مصر والمشاركة في معارض التجارة الدولية .وبفضل الجهود المشتركة لإزالة العوائق غير الجمركية، أُدرجت الهند ضمن قائمة الدول المعتمدة لتوريد القمح إلى مصر، وهو إنجازٌ يعكس الثقةَ المتبادلة في المعايير التجارية والزراعية لكلا البلدين.
6- مشروعات التعاون الفني وبناء القدرات: تمتدُ العلاقاتُ المصرية–الهندية إلى مجالات التعاون التنموي ونقْلٌ المعرفة. وتشمل برامج المساعدات والمنْحُ عددًا من المشروعات التنموية المشتركة، من بينها:
- مشروع الطب والتعليم عن بُعدٍ في جامعة الإسكندرية، الذي مكّن من تبادل الخبرات الأكاديمية والطبية.
- مشروعُ الطاقة الشمسية في قرية العجاوين، الذي وفّر حلولًا مستدامة للإضاءة في المناطق الريفية.
- كما أن مركز تكنولوجيا المعلومات بجامعة الأزهر CEIT الذي افتُتح في فبراير 2019، يُعدّ من أبرز إنجازات التعاون في مجال التعليم التقني، حيث درّب حتى الآن أكثر من 1500 طالبٍ مصريٍ على مهارات الحوسبة الحديثة. وتُجرى حاليًا مفاوضاتٌ بين مركز تطوير الحوسبة المتقدمة في الهندC-DAC ودار الإفتاء المصرية لإنشاء مركزِ تميّزٍ في تكنولوجيا المعلومات داخل دار الإفتاء، بما يُسهم في رقمنة الفتاوى والخدمات الدينية.[18]
جـ – البعد العسكري والأمني
1- طبيعة العلاقات الدفاعية بين البلدين: تتمتعُ مصر والهند بعلاقاتٍ دفاعيةٍ ودّيةٍ ومتينةٍ. وبعد فترة انقطاعٍ قصيرةٍ بسبب جائحة كوفيد-19، شهدت العلاقات العسكرية بين البلدين نشاطًا ملحوظًا منذ يونيو 2021، حيث زارت مصر العديد من الوفود الدفاعية، بما في ذلك عبور الطائرات والسفن الحربية الهندية. وقد قام رئيس أركان القوات الجوية الهندية، المارشال الجوي في. آر. تشودهاري، بزيارةٍ رسميةٍ إلى مصر في نوفمبر 2021، تلاها وفدٌ مصريٌ برئاسة قائد القوات الجوية المصرية المارشال الجوي عباس حلمي، الذي زار الهند في يوليو 2022، في إطار تبادل الزيارات العسكرية رفيعة المستوى، كما في سبتمبر 2022، قام وزير الدفاع الهندي راجناث سينغ بزيارة إلى مصر، حيث التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأجرى مباحثاتٍ ثنائيةً مع وزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول محمد زكي .وخلال الزيارة، تمَّ توقيع مذكرة تفاهمٍ حول التعاون الدفاعي، والتي تُعدّ محطةً بارزةً في العلاقات الثنائية بين البلدين[19]. وفي مايو 2023، زار رئيس أركان الجيش الهندي، الفريق مانوج باندي، مصر[20]، بينما قام وكيل وزارة الدفاع للإنتاج الهندية بزيارة أخرى إلى القاهرة في أبريل 2025، برفقة رؤساء شركات هندية كبرى هي: شركةُ الصناعات الجوية الهندية HAL وشركةُ بهارات دايناميكس المحدودة BDL وشركةُ بهارات إلكترونيكس المحدودة BEL بهدف دفع التعاون الصناعي الدفاعي الثنائي إلى الأمام.[21]
2- اللجنة الدفاعية المشتركة JDC : والتي تُحدَّد معظم التعاون الدفاعي الحالي بين مصر والهند من خلال أنشطة اللجنة الدفاعية المشتركة JDC التي أُنشئت عام 2006. ومنذ ذلك الحين، عُقدت تسعة اجتماعاتٍ بالتناوب في كلا البلدين، أعقبتها فعالياتُ تبادلٍ عسكريٍ مختلفة. وقد عُقد الاجتماع التاسع للجنة في القاهرة في نوفمبر 2019، بينما انعقد الاجتماع العاشر في نيودلهي خلال الفترة من 29 يوليو إلى 2 أغسطس 2024، مما يعكس انتظام التواصل المؤسسي بين وزارتي الدفاع في البلدين.[22]
3- التدريبات والمناورات العسكرية الثنائية: شهدت العلاقات العسكرية بين مصر والهند قفزةً نوعيةً في مجال المناورات والتدريبات المشتركة، وذلك على النحو الآتي[23]:
- ففي أكتوبر 2021، أُقيم أول تدريبٍ جويٍ تكتيكيٍ مشتركٍ بين القوات الجوية للبلدين تحت اسم “محارب الصحراء Desert Warrior في القاهرة.
- وفي يونيو–يوليو 2022، شارك سرْبٌ من سلاح الجو الهندي (يضم ثلاث طائرات Su-30MKI وطائرتي نقل C-17) للمرة الأولى في برنامج القيادة التكتيكية TLP الذي نظمته القوات الجوية المصرية.
- وفي 8 مايو 2023، أُجريت مناورةٌ جويةٌ مشتركةٌ بين القوات الجوية المصرية والهندية في إحدى القواعد المصرية لتعزيز التعاون العسكري بينهما.
- كما شاركت الهند لأول مرة في التمرين الثلاثي “برايت ستار 2023” Bright Star- الذي استضافته مصر بقيادة القيادة المركزية الأمريكية CENTCOM والجيش المصري في أغسطس 2023.
- وفي الفترة من 21 إلى 26 يونيو 2024، أُجري تدريبٌ جويٌ ثنائيٌ بمشاركة أربع طائرات رافال تابعة لسلاح الجو الهندي في مصر. وشاركت القوات الجوية للبلدين أيضًا في النسخة الثامنة من برنامج القيادة التكتيكية لعام 2024 في قاعدة القاهرة غرب الجوية.
- أما في المجال البحري، فقد شاركت القوات البحرية المصرية في التمرين البحري الدولي “ميلان 2024” MILAN الذي نظمته البحرية الهندية في فبراير 2024.
- وفي فبراير 2025، أُقيمت النسخة الثالثة من تدريب “إعصار Cyclone بين قوات العمليات الخاصة في البلدين.- كما شارك وفدٌ مصريٌ رسميٌ في معرض “أيرو–إنديا 2025” Aero India 2025 خلال فبراير 2025، ما يؤكد استمرار التنسيق العسكري الوثيق بين الجانبين.[24]
