المقالات
العلاقات “المصرية – الكينية”: نموذج استراتيجي للتكامل الأفريقي والتعاون التنموي
- سبتمبر 29, 2025
- Posted by: ahmed
- Category: تقارير وملفات وحدة الدراسات الأفريقية

إعداد/ منة صلاح
باحثة في وحدة الشؤون الأفريقية
تُعَدُّ العلاقاتُ “المصرية – الكينية” نموذجًا مهمًا للتعاون الإقليمي الذي يجمع بين البعد الاستراتيجي والبُعْد التنموي؛ حيث اكتسبت هذه العلاقات زَخَمًا مُتجدِّدًا خلال العقود الأخيرة، مع تزايُد التحديات الإقليمية والدولية التي تواجه البلدين، فقد استطاعت القاهرة ونيروبي أن ترْسُمَا مسارًا يقوم على التفاهُم المتبادل والمصالح المشتركة، مستندًا إلى روابط دبلوماسية راسخة تجاوزت ستة عقود، كما أن الموقع الجغرافي المتميز لكلا البلدين – فمصر تُمثِّلُ بوَّابة المتوسط والعالم العربي، في حين تُعَدُّ كينيا محورًا تجاريًّا رئيسيًّا في شرق القارة – أضفى على هذه العلاقات طابعًا استراتيجيًّا يجعلها أكثر من مجرد علاقات ثنائية، بل ركيزةً من ركائز التوازن الإقليمي وتعزيز التكامل الأفريقي.
أولًا: الجذور التاريخية الراسخة للعلاقات المصرية الكينية
ترتبط مصر وكينيا بعلاقات تاريخية وثيقة، تأسَّسَتْ قبْل استقلال كينيا؛ حيث لعبت مصر دورًا محوريًّا في دعْم نضال الشعب الكيني ضد الاحتلال البريطاني، ففي عهد الرئيس جمال عبد الناصر، قادت القاهرة حملةً إعلاميةً ودبلوماسيةً مساندةً لحركة “الماو ماو” وثورتها، وأطلقت إذاعة “صوت أفريقيا” أول إذاعة تبثُّ باللغة السواحيلية من دولة أفريقية لدعْم القضية الكينية، كما استضافت مصر العديد من المناضلين الكينيين وقدَّمت لهم الدعم السياسي واللوجستي، بالإضافة إلى فتْح مكاتب للأحزاب السياسية الكينية في القاهرة؛ الأمر الذي ساهم في تعزيز فُرَص استقلال كينيا في عام 1963.
ومع إعلان استقلال كينيا وتأسيسها جمهورية عام 1964، بدأت العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين بافتتاح كينيا لسفارتها في القاهرة، وأظهر الرئيس عبد الناصر إعجابه بكفاح الكينيين، وأكَّدَ على التعاون مع كينيا لتعزيز القوى الأفريقية وتنمية موارد القارة، وفي ذلك العام أيضًا، استضافت مصر مؤتمر القمة الأفريقية الثاني، وجرى الاتفاق على تعاونٍ عسكريٍّ لتدريب الجيش الكيني الوطني؛ حيث تمَّ إرسال خبراء وضباط مصريين لتدريب القوات الكينية ودعْم بناء الجيش الوطني، وسط رغبة كينيا بالتخلُّص من النفوذ البريطاني.
وعلى مرِّ العقود، استمرت مصر وكينيا في توسيع التعاون المشترك في مختلف المجالات، بما في ذلك مشروع “الهيدروميت” المشترك لدراسة الموارد المائية في حوض نهر النيل، كما تنامت العلاقات الأمنية والسياسية مع تعرُّض القارة لتحديات إقليمية ودولية، ومنذ تولِّي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر، شهدت علاقات البلدين زَخَمًا جديدًا بتأكيد التعاون الدفاعي وزيارات تاريخية إلى نيروبي، تعكس تطلُّعات مشتركة لتعزيز الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة، مستفيدةً من الموقع الجغرافي الاستراتيجي لكلا البلدين في شرق أفريقيا والبحر المتوسط[1].
ثانيًا: الركائز الأساسية للشراكة الاستراتيجية والتعاون بين البلدين
التعاون الدبلوماسى والسياسى:
تتمتع مصر وكينيا بعلاقات دبلوماسية متينة؛ حيث توجد سفارة لكل منهما في عاصمة الأخرى، وتجرى زيارات رسمية مستمرة بين المسؤولين لتعزيز التعاون الثنائي، وقد أشار الرئيس الكيني في زيارته الأخيرة إلى التقدُّم الملحوظ في تقوية الروابط الدبلوماسية بين القاهرة ونيروبي، خاصَّةً من خلال توقيع اتفاقيات مشتركة في مجالات، مثل “التدريب الدبلوماسي”، كما تعكس هذه العلاقات فهْم البلدين المشترك للتحديات المُعقَّدة التي تواجه القارة الأفريقية، في ظِلِّ نظامٍ عالميٍّ متغيِّرٍ، يتميز بتصاعُد الاستقطاب بين القوى الكبرى، بجانب الفُرَص الكبيرة التي توفرها الثروات الطبيعية والمقاييس التنموية الواعدة في أفريقيا.
وفي سياق تعزيز هذه العلاقة، اتفقت مصر وكينيا على تكثيف التنسيق والتشاور المنتظم، بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، مع التأكيد على ضرورة مضاعفة الجهود لتقوية دور الاتحاد الأفريقي ورفْع كفاءته في مواجهة التحديات التي تواجه القارة، كما جدَّدَ البلدان التزامهما بالتعاون مع الدول الأعضاء التي تتشارك الرُّؤَى لتقوية منظومة الاتحاد بكل أشكالها، داعين إلى دفْع الإصلاحات اللازمة لتعزيز قدرة المنظمة على تحقيق التكامل والتنمية المستدامة في أفريقيا.
وبالإضافة إلى ذلك، اتفق الطرفان على عقْد مشاورات دورية وعلى المستوى المناسب لمتابعة تنفيذ الشراكة الاستراتيجية بينهما وتقييم مدى تحقيق أهداف التعاون المشترك بشكلٍ منتظمٍ وفعَّالٍ؛ مما يعكس حِرْص مصر وكينيا على تطوير علاقاتهما السياسية والدبلوماسية، بما يتوافق مع التحديات والفُرَص الحالية في المنطقة والعالم[2].
التعاون الاقتصادى والتجارى:
تجمُّع الكوميسا:
تُعَدُّ عضويةُ مصرَ وكينيا في تجمُّع الكوميسا (السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا) عنصرًا رئيسيًّا في تعزيز التكامل الاقتصادي بين الطرفين، وقد تأسَّسَ الكوميسا في عام 1994؛ بهدف إنشاء منطقة تجارة حرة بين الدول الأعضاء، وتطوَّر ليصبح اتحادًا جمركيًّا ثُمَّ سوقًا مشتركةً، وانضمت مصر إلى الكوميسا في يونيو 1998، وبدأ تطبيق الإعفاءات الجمركية على واردات الدول الأعضاء في 1999؛ بناء على مبدأ المعاملة بالمِثْل مصحوبًا بشهادة المنشأ، ووقَّعَتْ في أكتوبر 2000 تسع دول بينها “مصر وكينيا” على اتفاقية تأسيس منطقة التجارة الحرة بينهم؛ مما يوفر إعفاءً كاملًا من الرسوم الجمركية على الواردات المصحوبة بشهادات المنشأ، ويعكس الكوميسا التزام الدول الأعضاء بتعزيز التعاون الاقتصادي لتحقيق التنمية المستدامة.
اللجنة المشتركة بين البلدين:
تَمَّ تأسيس اللجنة المشتركة “المصرية – الكينية” في ديسمبر 2016؛ لتكون منصَّةً لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية وتتضمن وزراء ومسؤولين من كلا البلدين، وتشكَّلَتْ مجموعات عمل لتعزيز التبادل التجاري والاستثمارات في قطاعات الهندسة والبتروكيماويات والزراعة والصحة والطاقة والأغذية، ومن الإنجازات المشتركة: التبرُّع بوحدة معمل متنقلة لمعالجة فيروس سي ومشاريع طاقة شمسية وتعاون زراعي في زراعة الذرة الصفراء والصويا والأرز، ويتمُّ عقْد اجتماعات رُبْع سنوية لمتابعة المشاريع، وتَمَّ إنشاء مخازن ومنشآت صناعية في المناطق التجارية الحيوية؛ لتسهيل صادرات السلع.
التبادل التجاري:
تشهدُ التجارة بين مصر وكينيا تحوُّلات مستمرة؛ حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 567 مليون دولار في عام 2024، مقابل 638 مليون دولار في 2023، وفْقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وبلغت صادرات مصر إلى كينيا نحو 307 ملايين دولار في 2024، بينما بلغت الواردات المصرية من كينيا 260 مليون دولار، وتشمل الصادرات المصرية إلى كينيا منتجات، مثل “الورق والأجهزة الكهربائية ومحضرات غذائية ولدائن وحديد وصلب”، أمَّا الواردات من كينيا، فتركَّزَتْ على “البُّن والشاي والبهارات والفواكه والورق”[3].
الاستثمار:
تشهدُ الاستثمارات المتبادلة بين مصر وكينيا نُمُوًّا ملحوظًا؛ حيث تحتلُّ مصر المركز الـ24 في قائمة المستثمرين بالسوق الكيني بقيمة استثمارات تصل إلى 36.6 مليون دولار، في حين تحتلُّ كينيا المرتبة 80 في السوق المصرية.
أحد أبرز الاستثمارات المصرية في كينيا هي شركة “سيتادل كابيتال” التي تملك 85% من أسهم شركة “Rift Valley Railways” المشغلة لخطوط السكك الحديدية، وتسعى الدولتان أيضًا لتعزيز التعاون الصناعي في قطاعات الإنتاج الزراعي والحيواني، إلى جانب تسهيل إجراءات تسجيل الأدوية وتخفيض تكاليفها[4].
التعاون في ملف المياه:
تعمل مصر وكينيا معًا على تطوير إدارة الموارد المائية في المنطقة، لا سيما في مجالات السدود وأنظمة الري الحديثة؛ حيث تُمثِّلُ مياه نهر النيل الرابط الأساسي بينهم، وتُعَدُّ كينيا عضوًا فاعلًا في مبادرة حوض النيل؛ ما يجعل لها علاقات تعاون مباشرة مع مصر في قضايا إدارة المياه، ويشمل هذا التعاون مواجهة تحديات زيادة السكان وتزايُد الطَّلَب على المياه وتأثيرات التغيُّر المناخي، واتفق البلدان على ضرورة التعاون الثنائي والإقليمي؛ لتلبية الاحتياجات الحيوية المتعلقة بالمياه وتأمين إمدادات مستدامة للزراعة وإنتاج الغذاء وصيانة النظام البيئي.
وتعاني مصر من أزمات مائية حادَّة؛ بسبب اعتمادها الكبير على نهر النيل الذي يوفر حوالي 98% من احتياجاتها المائية؛ حيث تواجه عجْزًا يُقدَّرُ بـ 55% وتحت خطِّ الفقر المائي العالمي، وفي هذا السياق، شدَّدَ الرئيس المصري على أهمية التنسيق الإيجابي مع دول حوض النيل؛ بما يضمن عدم الإضرار بأيِّ طَرَفٍ، وأكَّدَتْ مصر حِرْصها على دعم التنمية القانونية والتنموية لمباشرة المشروعات التي تعود بالنَّفْع على جميع دول الحوض.
ومن ناحيةٍ أخرى، تتعاون مصر وكينيا في مشاريع ملموسة لتنمية الموارد المائية، منها مذكرة تفاهم وقّعت عام 2016، شملت تطوير سدود لتجميع المياه وحفْر آبار جوفية وتطبيق نُظُم ريٍّ حديثةٍ في الزراعة، كما تدعم مصر تدريب الكوادر الفنية الكينية داخل مصر وخارجها؛ لتطوير مهارات الإدارة المائية، ووقَّعت مصر وكينيا عدَدًا من الاتفاقيات لحفْر وتجهيز مئات الآبار؛ لتوفير مياه الشرب للمناطق القاحلة في كينيا، وهو دعْمٌ مهمٌ يعكسُ عُمْق الشراكة التنموية بين البلدين في القطاع المائي.
وتُجسِّدُ هذه الشراكة في إطار مبادرات متعددة على المستوييْن الثنائي والإقليمي؛ حيث يلتزم البلدان بالتشاور الدوري لتعزيز التعاون في قطاع المياه، مع التزام واضح بالقانون الدولي ومبادئ عدم الإضرار؛ لضمان الأمن المائي والتنمية المستدامة لكل دول حوض النيل، كما تسعى مصر من خلال رئاستها لمجلس وزراء المياه الأفارقة إلى تعميق وتعزيز هذا التعاون على مستوى القارة الأفريقية بأكملها.
التعاون الأمنى والعسكرى:
يدخل التحرُّك المصري المتنامي في المجال الأمني والعسكري ضمن الاستراتيجية الكبرى لمصر، التي تهدف إلى تحقيق الأمن والاستقرار في أفريقيا، وخصوصًا في منطقة حوض النيل والقرن الأفريقي، ويعكس هذا النَّهْج رُؤْية مصر في تعزيز السلام الإقليمي، من خلال شراكات أمنية قوية مع دول، مثل “كينيا”، خاصَّةً في مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة.
ويُوجد تعاونٌ متزايدٌ بين مصر وكينيا في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة؛ نظرًا لتصاعُد التهديدات الأمنية في القارة الأفريقية، وناقش الرئيسان المصري والكيني التطوُّرات المرتبطة بمنطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، مؤكدين خطورة التهديدات الأمنية الناتجة عن العدوان الإسرائيلي على غزة، وضرورة تعزيز التعاون المشترك لوضْع حلولٍ جِدِّيَّةٍ للأزمات الإقليمية، مثل “الصراع في السودان”[5].
وأكَّدَ الطرفان، أن التعاون الأمني يُشكِّلُ ركيزةً أساسيةً في شراكتهما الاستراتيجية، وتَمَّ الاتفاق على تبادُل الخبرات في مناهج شاملة تُغطِّي الجوانب العسكرية والأمنية والفكرية والبيئية والتنموية، مع التزامٍ بتوسيع التعاون في مجال مكافحة الإرهاب لتعزيز الجهود الإقليمية، كما تَمَّ التأكيد على الحاجة لوضْع خططٍ شاملةٍ للتعامل مع خطر الإرهاب المتنامِي في أفريقيا.
ويواجه البلدان تحديات مشتركة؛ بسبب الهجمات الإرهابية التي تستهدف أهدافًا مدنيةً وعسكريةً على يد تنظيمات متطرفة، خاصَّةً في كينيا، وقد شدَّدَ الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس كينياتا في لقاءات سابقة، على أهمية تفعيل التعاون الأمني لمواجهة هذا التحدِّي، كما أبرز السيسي دور الأزهر الشريف في نشْر التعاليم الإسلامية الصحيحة ومحاربة الفكر المتطرف، مُرَحِّبًا بتدريب الأئمة والدعاة الكينيين من قِبَلِ الأزهر.
التعاون الثقافى والتعليمى:
يتميز التعاون الثقافي والتعليمى بين مصر وكينيا بتاريخٍ طويلٍ من التبادل الذي جمع شعبيهما عبْر الأجيال، ويعتبر التعليم والبحث العلمي عامليْن أساسييْن في توسيع الشراكة بين البلدين.
جدَّدَتْ الحكومتان التزامهما بمواصلة دعْم التعاون في مجالات تطوير الفنون، إقامة الفعاليات الثقافية والحفاظ على التراث المشترك، كما ركَّزت الاتفاقيات على استكشاف فُرَصٍ أوسعَ للتعاون في التعليم العالي، من خلال منح دراسية وبرامج تبادل الخبرات بين المؤسسات التعليمية، إلى جانب تطوير مناهج تعليمية حديثة تلبي احتياجات الشعوب، وتُمثِّلُ جهود بناء القدرات البشرية والمؤسسية نقطةً محوريةً في استراتيجية الشراكة؛ حيث تدعمت كينيا ببرامج الوكالة المصرية للشراكة؛ من أجل التنمية ومركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وبناء السلام[6].
التعاون البيئي:
تعترف مصر وكينيا، بأن التغيُّر المناخي يُشكِّلُ تهديدًا عالميًّا يطال أفريقيا بدرجةٍ أكبرَ من أيِّ منطقة أخرى؛ ما يتطلب حلولًا دوليةً وإقليميةً مُنَسَّقةً.
ويُشدِّدُ البلدان على الحاجة الماسَّة إلى تكثيف التعاون المشترك لمواجهة التحديات البيئية، خصوصًا في قطاعات الزراعة والأمن الغذائي، التي تعتبر الأكثر تأثُّرًا بالأزمة المناخية، كما يحثُّانِ على إصلاح النظام العالمي لتمويل المناخ؛ ليكون أكثر ابتكارًا وعدْلاً واستجابةً للكثير من المُعوِّقَات التي تواجه الدول النامية، مثل “ديونها الثقيلة”. تعاون مصر وكينيا في هذا المجال يهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة وحماية البيئة؛ بما يضمن رفاهية شعوب القارَّة.
ثالثًا: التحديات والآمال المشتركة بين البلدين
تتمتع مصر وكينيا بمكانةٍ بارزةٍ على الصعيد القارِّي، وتربطهما علاقات تاريخية طويلة من الاحترام المتبادل؛ حيث تُقدِّرُ كينيا الدور المصري خلال فترة نضالها ضد الاستعمار، وتواجه الدولتان تحديات اقتصادية كبيرة، خاصَّةً فيما يتعلق بقضايا المياه؛ حيث أرجأت كينيا التوقيع على اتفاقية مياه حوض النيل “عنتيبي” مع حِرْصها على عدم الإضرار بمصالح مصر، ورغم هذه التحديات يسعى البلدان لتعزيز الشراكة في مجالات التعاون العسكري والتجاري والثقافي، وتستمرُّ مساهمات مصر في دعْم بناء الجيش الكيني، بالإضافة إلى وجود اتفاق تعاونٍ عسكريٍّ بين البلديْن في 2021.
وعلى الرغم من الزَّخَمِ السياسي والعسكري، لا يزال التبادل التجاري محدودًا إلى حدٍّ ما، ويرجع ذلك إلى هيْمنة نَمَط الاستهلاك المحلي، وهو ما يسعى الطرفان لتجاوُزِه من خلال تعزيز التكامل الاقتصادي، والاستفادة من مزايا الأسواق المشتركة، وتُعَدُّ مصر ثاني أكبر مستورد للشاي من كينيا، التي تُمثِّلُ شريكًا تجاريًّا مهمًا ضمن تجمُّع الكوميسا، ويواجه التبادل التجاري بعض التقلُّبات؛ بسبب نقْص السيولة الدولارية؛ مما يؤكد أهمية تأسيس منصَّات تبادلية لتباحُر السِّلَع بين البلدين، وتتمتع كل دولة بميزتها الاقتصادية الخاصَّة؛ إذ توفر كينيا واردات مهمة من اللحوم والسلع الغذائية، بينما تميَّزَتْ مصر في مجالات التكنولوجيا والمواد الهندسية والدوائية[7].
ختامًا:
تُمثِّلُ العلاقاتُ “المصرية – الكينية” نموذجًا متميزًا للتعاون الإقليمي، الذي يجمع بين الأبعاد الاستراتيجية والتنموية؛ حيث استندت على روابط تاريخية قوية من الدعم المتبادل والتفاهُم عبْر ستة عقود، وتمكَّنَتْ مصر وكينيا من تعزيز علاقاتهما لتشمل مجالات “سياسية واقتصادية وأمنية وثقافية” متشعبة، مستفيدتيْن من الموقع الجغرافي الاستراتيجي لكُلٍّ منهما ودورهما المحوري في القارة الأفريقية، وعلى الرَّغْم من التحديات المتعددة، خاصَّةً الاقتصادية والإقليمية، تظَلُّ العلاقات بين البلدين ركيزةً أساسيةً لتعزيز الأمن والاستقرار والتنمية الشاملة في المنطقة، مع آمال كبيرة في تعميق التكامل والتعاون على مختلف المستويات.
ويعكس هذا النموذج من الشراكة قوة الإرادة السياسية والرَّغْبة المشتركة في بناء مستقبلٍ أفضلَ لشعوبهما، ويؤكد أهمية استمرار الجهود نحْوَ رفْع حجم التبادل التجاري وتطوير المشروعات المشتركة وتحقيق استثمارات مستدامة تحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في أفريقيا، ويظَلُّ الحوار والتنسيق المستمر بين مصر وكينيا سبيلًا فعَّالًا لتجاوز الخلافات وحلّ القضايا الإقليمية المتشابكة؛ مما يُعزِّزُ من دورهما كقوتيْن أفريقيتيْن فاعلتيْن في مسيرة التكامل والتنمية القارِّيَّة.
المصادر:
[1] علي فوزي، بعد اتصال الرئيس اليوم.. ما لا تعرفه عن تاريخ العلاقات المصرية الكينية، بوابة الفجر الإلكترونية، 08/مارس/2023.
https://www.elfagr.org/4637111
[2] طه العومي، القاهرة ونيروبي تتفقان على إنشاء مجلس أعمال مصري – كيني بهدف تعزيز الروابط الثنائية، القاهرة الإخبارية، ٢٩ يناير ٢٠٢٥.
[3] كريم قنديل، «مصر وكينيا» شراكة استراتيجية تصل إلى 567 مليون دولار في التبادل التجاري لعام 2024، إيجي إن، 06 فبراير 2025.
[4] مصر وكينيا: علاقات تاريخية وثيقة وتعاون متنامٍ، حركة ناصر الشبابية، أكتوبر 18, 2024.
https://www.nasseryouthmovement.net/ar/Egypt-Kenya
[5] نورا على معروف، مصر وكينيا..محددات تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة، السياسة الدولية، 2-2-2025.
https://www.siyassa.org.eg/News/21954.aspx
[6] العلاقات بين مصر وجمهورية كينيا، مصر وأفريقيا، 25 أغسطس, 2019.
[7] حامد فتحي، ما هي دلالات الشراكة الاستراتيجية بين مصر وكينيا؟، جيسكا، 19 فبراير, 2025.
https://www.geeska.com/ar/ma-hy-dlalat-alshrakt-alastratyjyt-byn-msr-wkynya