تُشكِّلُ العلاقاتُ بين المغرب والولايات المتحدة نموذجًا فريدًا في السَّاحة الدولية؛ حيث تمتدُّ جذورها لعقود من التعاون الوثيق، عبر مجالات متنوعة، ومع تسلُّم دونالد ترامب الرئاسة الأمريكية، في عام 2017، شهدت هذه العلاقاتُ تحوُّلًا ملحوظًا، تجلَّى في تعزيز الشراكة الإستراتيجية بشكلٍ خاصٍّ على الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية، وكان القرار التاريخي لإدارة ترامب، في ديسمبر 2020، بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء المغربية نقطةَ تحوُّلٍ رئيسيةٍ، عزَّزت تلك العلاقات وكرَّست مكانةَ المغرب كشريكٍ إستراتيجيٍ مهمٍ لواشنطن في شمال أفريقيا.
وبعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض، منذ يناير 2025، تُثار التساؤولات حول مستقبل هذه العلاقات، وما يمكن أن تحمله من فرص جديدة للمغرب، الذي يسعى لتعزيز شراكته مع الولايات المتحدة واستغلال الزَّخَم السياسي الناتج عن هذه العودة، سواء كان ذلك يعكس تعزيزًا للتعاون الاقتصادي أو تدعيمًا للتنسيق الأمني والدفاعي بين الدولتيْن.
العلاقات “المغربية – الأمريكية” إبان الولاية الأولى لترامب
أولًا: على الصعيد السياسي والدبلوماسي:
ساهمت الأحداث السياسية والدبلوماسية خلال فترة ولاية ترامب الأولى في تعزيز العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، وأبرزت أهمية الشراكة الإستراتيجية بين البلديْن عبر عدة مجالات كما يتضح في النقاط الآتية:
الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية: في 10 ديسمبر 2020، أعلن الرئيس ترامب عن اعتراف الولايات المتحدة بسيطرة المغرب على الصحراء الغربية، واصفًا هذا الإنجاز بـ “التاريخي”، وقد ساهم هذا القرار بشكلٍ كبيرٍ في تغيير السياسة الأمريكية تجاه النزاع القائم حول المنطقة، وعزَّز من موقف المغرب دوليًّا، وقد اعتبره العديد بمثابة “إغلاق للملف” من قِبَلِ القوى الكبرى؛ مما نال ترحيبًا واسعًا داخل العاصمة المغربية.
تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل: تزامن إعلان الاعتراف الأمريكي مع قرار المغرب استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل؛ لتصبح المملكة رابع دولة عربية تقدم على تطبيع علاقاتها مع تل أبيب بعد الإمارات والبحرين والسودان. جاء ذلك بوساطةٍ أمريكيةٍ؛ مما أضاف أبعادًا إستراتيجية جديدة للتعاون بين الأطراف الثلاثة؛ المغرب والولايات المتحدة وإسرائيل، وقد أكسبت هذه الاتفاقيات المغرب دورًا محوريًّا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو ما يعكس تحوُّلًا ملحوظًا في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة[1].
ثانيًا: على المستوى الاقتصادي
شهد التعاون الاقتصادي بين الدولتين نموًّا ملحوظًا مستندًا إلى اتفاقية التجارة الحرة، التي وُقعت عام 2006، وهي الوحيدة من نوعها التي تربط واشنطن بدولة أفريقية، إلا أن حجم التبادلات التجارية شهد تراجعًا ليصل إلى 5.44 مليار دولار عام 2018، مقارنة بحوالي 3.3 مليارات دولار، أيْ حوالي 29 مليار درهم، بحلول عام 2020؛ نتيجة الركود الاقتصادي العالمي الناجم عن أزمة “كورونا”، وسجَّل عجز تجاري لصالح الولايات المتحدة قدره نحو 1.26 مليار دولار.[2]
خلال الولاية الأولى لترامب، تعرَّض الاستثمار الأمريكي في المغرب لتعزيزٍ ملحوظٍ، لا سيما في مجالات الطاقة المتجددة والبنية التحتية، ومن أبرز الأمثلة على ذلك، استثمارات شركة “جنرال إلكتريك” في مشاريع طاقة الرياح بالمغرب؛ مما ساعد على ترسيخ مكانة المغرب كمركز رئيسي للطاقة المتجددة بالمنطقة.
إضافةً إلى ذلك، تم تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدولتين، من خلال مبادرات مثل “مؤسسة تحدي الألفية”؛ حيث أبرم كل من المغرب والولايات المتحدة اتفاقية برنامج “الميثاق الثاني” بقيمة 450 مليون دولار، عام 2015، واستمر تنفيذه طوال فترة ترامب؛ بهدف الدفع بالنمو الاقتصادي وتحسين بيئة الأعمال في المغرب، وفي سياق توطيد هذا التعاون وتوضيح الآفاق الإيجابية للبلديْن عبر مختلف المجالات، استضافت مدينة مراكش قمة الأعمال (الولايات المتحدة – أفريقيا) عام 2020، التي جمعت بين المستثمرين وأهمِّ الشخصيات الفاعلة في عالم الأعمال من كلا الجانبين.
الشراكة في مجال الطاقة: وصفت وزارة الخارجية الأمريكية المغرب عام 2018، بأنه “شريك مثالي في الأمن الطاقي”، مشيرةً إلى التعاون القائم في مجالات الغاز الطبيعي وكفاءة الطاقة والطاقة المتجددة وفرص الاستثمار الخاصة بالقطاع، وقد دعمت عدة وكالات أمريكية مثل مؤسسة تحدِّي الألفية (MCC) ووكالة التجارة والتنمية الأمريكية USTDA)) مشاريع الطاقة الشمسية المغربية كإحدى أكبر مشاريع الطاقة الشمسية عالميًّا، مثل مجمع نور ورزازات، كذلك قدمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدوليةUSAID) ) مساعداتها لتعزيز كفاءة استخدام الطاقة بالمجالات الصناعية وتحفيز الاستثمارات للطاقة المتجددة خلال تلك الفترة.
وفي عام 2019، قام المغرب بتوقيع اتفاق لاستيراد الغاز الطبيعي المسال الأمريكي؛ إذ سعت إدارة ترامب إلى تعزيز صادرات الغاز للسوق الأفريقية وكان المغرب بين الدول المستوردة، علاوةً على ذلك، قدمت وزارة الطاقة الأمريكية DOE)) دعمًا تقنيًّا للمغرب؛ بهدف تطوير محطَّات استقبال الغاز المسال وتحسين البنية التحتية ذات الصلة بهذا القطاع.[3]
ثالثًا: على الصعيد الأمني والعسكري
شهد التعاون الأمني والعسكري بين الولايات المتحدة والمغرب تطوُّرات ملموسة تجسدت في عدة محاور رئيسية: فقد وقَّع الطرفان اتفاقية تعاون دفاعي جديدة، بتاريخ 2 أكتوبر 2020، تضمنت “خارطة طريق للتعاون الدفاعي”، تمتدُّ لعشر سنوات (2020-2030)، وتمَّ تصميمها لتدعيم الشراكة الإستراتيجية بينهما وتعزيز القدرات العسكرية المغربية.[4]
بالإضافة لذلك، احتضن المغرب النسخة السابعة عشر من المناورات العسكرية السنوية “الأسد الأفريقي” بالتعاون مع القيادة الأمريكية وهي الأكبر بالقارة الأفريقية، يعكس هذا الحدث عُمْق العلاقة العسكرية القائمة بين البلدين، وكذلك اجتماع فريق العمل المعني بمكافحة الإرهاب ضمن مؤتمر وارسو المزمع عقده مارس المقبل.[5]
وفقًا لتقرير صادر عن وزارة التجارة الأمريكية، بلغت قيمة الصفقات العسكرية التي تمَّ إبرامها بين المغرب والولايات المتحدة خلال تلك الفترة حوالي 8.5 مليار دولار،[6] مع وجود صفقات أخرى قيْد التفاوض والتنفيذ، ومن أبرز هذه الاتفاقات، شراء المغرب لـ25 طائرةً مقاتلةً من نوع F-16 Viper وتحديث 23 طائرة F-16 قائمة بالفعل، بالإضافة إلى اقتناء 36 مروحية هجومية من طراز AH-64 Apache، كما تمَّ التوصُّل إلى اتفاق لتزويد المغرب بأنظمة صواريخ دفاعية، مثل “باتريوت” وأنظمة مضادة للدروع، فضلًا عن التعاون المشترك في مكافحة الإرهاب؛ حيث يُعتبر المغرب شريكًا إستراتيجيًّا للولايات المتحدة في شمال أفريقيا.[7]
دوافع مشتركة ومصالح متبادلة
تُظهر العلاقات بين المغرب والولايات المتحدة تشابُهًا في كيفية معالجة الطرفين للقضايا التي يطرحها النظام الدولي؛ وذلك نتيجة لتوافق النظام الملكي المغربي مع التوجُّه العام لمصالح الولايات المتحدة السياسية والاقتصادية في كل من المنطقة العربية وأفريقيا، ورغم أن لكل من الرئيس ترامب والعاهل المغربي محمد السادس دوافع مختلفة، إلا أن هذه الدوافع تلتقي في عدة مجالات رئيسية تدعم استمرار هذا التعاون.
أولًا: دوافع الولايات المتحدة تحت قيادة ترامب
زيادة النفوذ الأمريكي في شمال أفريقيا: تعتبر إدارة ترامب أن المغرب يعد حليفًا إستراتيجيًّا مهمًا في شمال أفريقيا، خصوصًا مع المنافسة المتزايدة مع الصين وروسيا على التأثير داخل القارة، كما يُنظر إلى المغرب كبوابة اقتصادية نحو أفريقيا؛ مما يتماشى مع رؤية ترامب لتعزيز المصالح التجارية الأمريكية، ويتضمن ذلك الرباط كشريكٍ بارزٍ في قطاع الطاقات المتجددة؛ مما يتيح أمام الشركات الأمريكية فرص استثمار كبيرة، خاصَّةً بمشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. بالإضافة إلى ذلك، يتمُّ تعزيز صادرات الغاز الطبيعي الأمريكي للمغرب كجزء من خطط واشنطن للحدِّ من اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية.
دعم اتفاقيات “أبراهام” والتقارب بين العالم العربي وإسرائيل: إن استمرار العلاقات القوية بين الرباط وواشنطن يعزز المساعي الأمريكية لدعم التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، فقد ساهم نجاح إدارة ترامب خلال ولايته الأولى بجذب المغرب للانضمام إلى اتفاقيات أبراهام مقابل اعتراف الإدارة بسيادة المملكة على الصحراء الغربية؛ لذا فإن العلاقة “المغربية – الأمريكية” تستمر جزئيًّا؛ لضمان دوام هذا الاتفاق ودعمه للتطبيع “العربي – الإسرائيلي”.
إضافةً إلى ذلك، أنه رغم تطبيع العلاقة بين الرباط وتل أبيب، يستمر المغرب بلعب دور بارز في دعم القضية الفلسطينية برئاسة العاهل المغربي للجنة القدس؛ وهذا النجاح يتيح لواشنطن فرصةً لاستغلاله لتعزيز الحوار بين إسرائيل والفلسطينيِّين، عبر وسيط عربي يرتبط جيِّدًا بكلا الجانبين، وسط الأحداث الأخيرة السريعة والمتلاحقة.
مواجهة النفوذ الصيني والروسي في المنطقة: يُعدُّ المغرب محورًا رئيسيًّا لمكافحة التوسُّع المتزايد للصين (الخصم الأكبر للولايات المتحدة) في أفريقيا، خاصَّةً مع زيادة الاستثمارات الصينية في قطاع البنية التحتية والاتصالات، فقد تمكَّنت الشركات الصينية من الفوز بعقود تبلغ قيمتها 56.2 مليون دولار؛ لتزويد المغرب بمكونات أساسية، تهدف إلى توسيع شبكة السكك الحديدية عالية السرعة، علاوةً على ذلك، أثبتت الصين قدرتها على أن تصبح المورد الثالث للمغرب، متجاوزةً فرنسا بين عاميْ 2020 و2021؛ حيث بلغ حجم التبادل التجاري نحو 8 مليارات دولار، بحلول العام 2023. وبالتالي، فإن تعزيز نفوذ الصين في المغرب قد يعيق التأثير الأمريكي بالمنطقة ويؤثر سلبًا على المصالح الأمريكية، ويساهم أيضًا بتغيير ديناميكيات العلاقات “المغربية – الأمريكية”.[8]
بالإضافة إلى ذلك، فإن تأمين دعْم المغرب لسياسات الولايات المتحدة ضمن المؤسسات الدولية، يُعزِّزُ بشكلٍ كبيرٍ الموقف الأمريكي فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية.
ثانيًا: الدوافع المغربية
تعزيز الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء (الهدف الرئيسي): فكما ذكرنا سلفًا، كانت إدارة ترامب هي الأولى بين الحكومات الأمريكية التي تعترف رسميًّا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، في عام 2020، ومن ثمَّ، فإن أيَّ تراجع محتمل عن هذا القرار مع تغيير السياسة الأمريكية في المستقبل يدفع المغرب لتقوية علاقاته مع واشنطن للحفاظ على دعمها، وقد أسفر هذا الاعتراف عن تأييد دولٍ أخرى لموقفها بشأن الصحراء، مثل فرنسا؛ مما شجع المزيد من الدول على فتح قنصليات لها في مدن مغربية، مثل العيون والداخلة؛ لذلك، تدرك القيادة المغربية أن الحفاظ على علاقات جيدة مع واشنطن يُمكِّنُها من تعزيز هذا الزَّخَم الدبلوماسي وتحقيق فوائد اقتصادية وعسكرية.
التوسُّع الاقتصادي في أفريقيا عبر التعاون الأمريكي: رغم الوزن السياسي والاقتصادي للرباط في المنطقة، تسعى للمساهمة كمركز اقتصادي إقليمي داخل القارة الأفريقية؛ حيث تعتبر الولايات المتحدة شريكًا محوريًّا لتحقيق هذا الطموح، كما أن استمرار العلاقات المتينة مع واشنطن يعزز وضْع المغرب كوجهةٍ رئيسيةٍ للاستثمار بشمال أفريقيا، ويعطي فرصة لتعزيز اتفاقيات التجارة الحرة معها؛ مما يتيح المزيد من الفرص التجارية.
الاستفادة من التنافس بين أمريكا والصين وروسيا: فمع زيادة التوتر بين الولايات المتحدة وكلٍّ من الصين وروسيا حول النفوذ في الشرق الأوسط وأفريقيا، يمكن للمغرب استغلال مكانته كحليف إستراتيجي لواشنطن؛ للحصول على امتيازات اقتصادية وعسكرية مقابل الحدِّ من نفوذ بكين وموسكو بالمنطقة.
آفاق الشراكة الإستراتيجية بين الرباط وواشنطن بعد فوز ترامب بولاية ثانية
مع عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة، يُتوقع أن تشهد العلاقات “المغربية – الأمريكية” تغييرات مهمة في عدة مجالات:
في المجال السياسي والدبلوماسي:من المتوقع ان تكون ولاية ترامب الثانية فرصةً لتعميق علاقات التعاون بين المغرب والولايات المتحدة؛ إذ يُتوقع أن يعزز ترامب قراره باعترافه بسيادة المغرب على الصحراء بشكلٍ أكثر رسمية، بالعمل بجهود وزير خارجيته ومساعديه، مثل ماركو روبيو وغيرهم، الذين يعملون حاليًا على تصنيف البوليساريو ضمن أوائل التنظيمات الإرهابية بحسب القوائم الأمريكية،[9] كما يمكن اتخاذ خطوات إضافية؛ لتشجيع دول أخرى للاعتراف بالتصنيف نفسه، أو حثّ دول أخرى على الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء، وربما الذهاب إلى ما هو أبعد؛ حيث إقرار التصفية النهائية لملف النزاع عبر الضغط؛ لتسريع الحل النهائي لهذه القضية وإخراجها من اللجنة الرابعة للأمم المتحدة، هذه الخطوات تأتي انطلاقًا من فهْم ترامب العميق للدور الإستراتيجي الذي تلعبه المملكة إقليميًّا وقاريًّا، بالإضافة إلى ذلك، ستظل الإدارة الأمريكية الجديدة تركز على المصالح الدائمة مع الدول العالمية المختلفة؛ مما يجعل الشراكة مع المغرب مميزة كحليف قوي خارج نطاق حلف شمال الأطلسي عبر استمرار التعاون لمكافحة الإرهاب بالمنطقة وأكبر المناورات العسكرية سنويًّا وغيرها من المشاريع الاستثمارية الكبرى، خصوصًا بشمال الصحراء المغربية.
على الصعيد الاقتصادي: تطرح التساؤلات حول مستقبل العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والمغرب، خصوصًا في ضوء تصريحات ترامب المستمرة التي تدل على ميل نحو السياسات الحمائية التي قد تؤثر على اتفاقيات التجارة الحرة؛ فبالنسبة للمغرب، يبدو أن مثل هذه السياسات يمكن أن تؤدي إلى تأثيرات سلبية على الروابط الاقتصادية بين الدولتيْن، فسبق لترامب أن أعرب خلال فترة حكمه الأولى، عن تحفُّظاته تجاه العديد من اتفاقيات التجارة الحرة؛ حيث انسحب من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، واعتبر اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا) “كارثة”، ومن ثمَّ فمن المحتمل أن يسعى ترامب لإعادة التفاوض أو حتى إلغاء بعض الاتفاقيات التجارية الحالية؛ بما فيها تلك الموقعة مع المغرب؛ مما قد يترتب عليه فرض رسوم جمركية أعلى على الصادرات المغربية إلى الولايات المتحدة، ويُقلِّص تنافسية المنتجات المغربية في السوق الأمريكية.
علاوةً على ذلك، من الممكن أن تتأثر الاستثمارات الأمريكية في المغرب إذا قررت الشركات إعادة تقييم إستراتيجياتها الاستثمارية؛ نتيجة التغيرات المرتقبة في السياسات التجارية.
في الجهة المقابلة، قد يجتهد المغرب لتنويع شراكاته التجارية وتعزيز علاقاته مع دول أخرى؛ بهدف تقليل الاعتماد على السوق الأمريكية. كما يمكن أن يعمل أيضًا لتعزيز التكامل الاقتصادي مع الدول الأفريقية والأوروبية؛ لمواجهة التحديات المحتملة وغير المتوقعة الناجمة عن السياسة الأمريكية الجديدة بقيادة ترامب.
على الصعيد العسكري: من المهم التنويه إلى أنه بالرغم من إعلان ترامب مؤخرًا عن تقليص المساعدات العسكرية لمجموعة من الدول، وإثارة التساؤلات حول وضْع دول أخرى، مثل المغرب، إلا أنه لم يتم الإشارة مباشرةً إلى المغرب كواحدة من الدول المحرومة من الدعم العسكري، ومن الممكن أن يكون تأثير هذا القرار على المغرب محدودًا نسبيًّا، وذلك نظرًا لطبيعة التعاون العسكري القائم بين البلدين الذي يرتكز أساسًا على العقود التجارية والتدريبات المشتركة بدلًا من المساعدات المباشرة؛ لذلك، يُتوقع استمرار العلاقات الدفاعية بين الرباط وواشنطن، وقد تأخذ أشكالًا جديدة تشمل توقيع اتفاقيات أمنية وعسكرية متنوعة؛ إذ يسعى المغرب لتعزيز قدراته الدفاعية في ظل التوترات الإقليمية المستمرة مع جبهة البوليساريو وقضية الصحراء، كما قد تركز هذه الاتفاقيات على تبادل التكنولوجيا العسكرية وتعزييز التعاون في التصنيع الدفاعي المحلي، وقد تتضمن أيضًا صفقات جديدة لشراء نظم دفاع متطورة.
في الختام:
يمكن القول: إنه بعد عودة دونالد ترامب للرئاسة الأمريكية، من المتوقع أن تستمر العلاقات “المغربية – الأمريكية” في النمو، مستندةً إلى الأسس القوية التي تأسست خلال فترة ولايته الأولى، ومن المرجح أن يشهد التعاون بين البلدين تعزيزًا شاملًا، خصوصًا فيما يتعلق بالجوانب العسكرية والأمنية، لا سيما مع متابعة تنفيذ اتفاقية التعاون الدفاعي الممتدة حتى عام 2030، كما سيظل ملف الصحراء المغربية محوريًّا ضمن علاقات الولايات المتحدة والمغرب، وقد يشهد تقدُّمًا ملحوظًا نحو تسوية نهائية لقضية الصحراء المغربية، ومع ذلك تظلُّ التحوُّلات العالمية والاقليمية والمتغيرات السياسية داخل واشنطن والمنطقة عوامل مؤثرة، قد تضع تحديات جديدة أمام هذه العلاقة؛ مما يجعل المرحلة المقبلة أساسية لتشكيل ملامح التعاون المستقبلي بين البلديْن.
المصادر:
[1] الإعلان الثلاثي الأميركي – المغربي – الإسرائيلي: دوافعه ومستقبله، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ديسمبر 2020.
