المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > الدراسات الأمنية والإرهاب > انعكاساتٌ مكثفة: اشتداد الهجمات المسلحة قبيل قمة شنغهاي للتعاون فى إسلام آباد
انعكاساتٌ مكثفة: اشتداد الهجمات المسلحة قبيل قمة شنغهاي للتعاون فى إسلام آباد
- أكتوبر 15, 2024
- Posted by: hossam ahmed
- Category: الدراسات الأمنية والإرهاب تقارير وملفات
لا توجد تعليقات
إعداد/ جميلة حسين محمد
منسق برنامج الإرهاب والتطرف
أثارت مؤخراً مجموعةٌ من الهجمات الإرهابية والمسلحة التى تشنُّها الجماعات الإرهابية مثل “حركة طالبان باكستان” أو الحركات الانفصالية مثل “جيش تحرير بلوشستان” القلق الأمنى وزعزعةَ الاستقرار فى باكستان وتحديداً فى الأقاليمِ الحدوديةِ كإقليم “بلوشستان” و”خيبر بختونخوا”، ناهيك عن الضغط على أجهزة الأمن الباكستانية من أجل اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لمواجهة تلك الأوضاع الهشّة فى البلاد لاسيما وأن تلك العمليات تستهدفُ أهدافاً ومشاريعَ تابعةً للشركاء الإقليمين لإسلام آباد، وما يؤجّج تحديات السلطات الباكستانية تنامى تلك الهجمات فى سياق استقبال البلاد لقمة “منظمة شنغهاي للتعاون” بدورتها الـ23 لرؤساء حكومات الدول الأعضاء، وتنامى التساؤلات حول مدى يقظة الحكومة وقدرتها على حماية ذلك الحدث ورفع حالة التأهب الأمنى فى البلاد.
سلسلةُ هجمات متتالية:
تنوعتْ العملياتُ الإرهابية والمسلحة التى تمَّ إطلاقها مَطلَع هذا الشهر من حيث المهاجمين والمستهدفين من تلك الهجمات والأثر المترتب عليها والتى طالت بشكل أساسى إقليم “بلوشستان” الواقع جنوب غرب البلاد، وفيما يلى استعراض لتلك العمليات:
الهجومُ الانتحارى الواقعُ بالقرب من مطار فى مدينة”كراتشى” فى اليوم السابع من الشهر الحالى استهدف قافلة مهندسين صينيين تابعيين لمشروع “بورت قاسم”، وترتب عليه قتل حوالى 3 صينيين وإصابة 17 أخرين، وقد أعلن “جيش تحرير بلوشستان” مسؤوليته عن هذا الهجوم، وهى جماعة انفصالية مسلحة تطالبُ بحكمٍ ذاتى و تدعو إلى استقلال الإقليم عن باكستان، والمدرجة على القائمة الخاصة بالإرهابيين العالميين من جانب وزارة الخارجية الأمريكية، وكثفت فى السنوات الأخيرة هجماتها فى الإقليم الغنى بالموارد لاسيما ضد الشركات الاستثمارية الأجنبية الصينية.[1]
الهجوم الذى استهدفَ عمالَ منجم الفحم مساء اليوم العاشر من الشهر الحالى فى منطقة “دوكى” التابعة لمدينة “كويتا”، من خلال إطلاق مسلحين لصواريخ وقنابل يدوية، أسفرت عن وفاة 20 عامل وإصابة 7 أخرين، ناهيك عن إلحاق بعض الأضرار بالمعدات، وكان أغلب الضحايا من سكان الإقليم وأخرين من الأفغان. وعلى الرغم من عدم إعلان أى جماعة مسؤوليتها عن الهجوم إلا أن أصابعَ الاتهام تُشيرُ إلى “جيش تحرير بلوشستان” كمشتبهٍ رئيسى[2].
عمليةُ إطلاق النار فى اليوم الثانى عشر من الشهر الحالى والواقعة فى منطقة “كورام” بإقليم خيبر بختونخوا على الحدود مع أفغانستان، وتسببت فى سقوط 11 مدنيا وإصابة 6 آخرين وأُرجعَ ذلك الهجوم إلى الاشتباكات الطائفية التى تنشأ بين الأغلبية السنية والأقلية الشيعية ، وتعمل على تأجيجها الفصائل المسلحة والمقاتلين الانفصاليين[3].
ناهيك عن الهجمات الأوسع نطاقاً فى شهر أغسطس الماضى والتى طالت مراكزَ شرطة وخطوطَ سكك حديد ومركبات على طريق سريع في الإقليم ، وأسفرت عن وفاة أكثر من 70 شخصا، كما أعلن جيش تحرير بلوشستان مسؤوليته عن تلك الهجمات [4].
جبهات عديدة:
استضافة قمة “منظمة شنغهاى للتعاون”:
تستعدُ إسلام آباد اليوم لاستقبال القمة فى دورتها ال23 على مستوى رؤساء حكومات الدول ولمدة يومين، والجدير بالذكر أن تلك المنظمة أسستها كلٌ من روسيا والصين من أجل مواجهة التكتلات الغربية مثل حلف الناتو، وتضم فى عضويتها كلا من “باكستان والهند وإيران وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان وبيلاروسيا” فضلاً عن 16 دولة أخرى كعضو مراقب. وسيمثل فى تلك القمة الدول الأعضاء فى المنظمة رؤساء وزراء كلٍ من الدول سالفة الذكر ما عدا إيران والهند سيمثل عنهما النائب الأول للرئيس الإيرانى، ووزير الخارجية الهندى، وتهدف إلى مناقشة أبرز القضايا الإقليمية بجانب تعزيز التعاون الدول الأعضاء في مختلف المجالات[5].
وفى خضمّ ذلك الاستعداد تأتى الهجمات الإرهابية المتواصلة للضغط على السلطات الباكستانية التى تحمل فعاليات القمة كما يترآى للبعض أهميةً كبيرة بالنسبة لنجاح الدبلوماسية الباكستانية على المستوى الإقليمى والاستراتيجى بالتعاون مع الشركاء الدوليين كالصين بعيداً عن الهيمنة الغربية، والتى تركّز أجندتها على القضايا التجارية والإنسانية والثقافية من أجل الدفع بعجلة النمو الاقتصادي وتوسيع القدرات الإنتاجية وكذلك العمل على رفع صادراتها، وعلى صعيدٍ آخر يساعد تركيز المنظمة على مكافحة الإرهاب باكستان من أجل معالجة القضايا الداخلية على المستوى السياسى والأمنى [6].
مجابهةٌ أمنية مشددة:
وتشيرُ التهديدات المتتالية إلى الخطر الذى تواجهه القوات الباكستانية مع الاستهدافات المتكررة لقوات الأمن والمدنيين وكذلك المشروعات الصينية والمواطنين الصينيين العاملين فى باكستان، الأمر الذى ترتب عليه تحركات حتمية من الجانب الباكستانى لمكافحة الإرهاب لضمان سلامة المواطنين والمؤسسات والمشروعات الصينية ناهيك عن تأمين فعاليات القمة وتعزيز الإجراءات الأمنية لضمان سلامة الزعماء الدوليين فى البلاد، وعليه اعتمدت وزارة الداخلية الباكستانية خطةً أمنية مفصّلة وتدابير صارمة لذلك الحدث تضمنت نشر آلاف من قوات الجيش والشرطة الباكستانية ووحدات الحرس وكذلك فيلق الحدود فى العاصمة طوال مدة القمة، كما تستمر عملياتها فى “بلوشستان” لمكافحة تمرد الحركات الانفصالية.[7]
بجانب إطلاق قوانين جديدة تحدُّ من المظاهرات والاحتجاجات فى العاصمة بعد محاولة حزب المعارضة “حزب حركة الإنصاف الباكستانية” بتنظيم مظاهرة فى إسلام آباد واعتقال السلطات للعديد من أنصار الحزب وزعيمه المسجون (عمران خان)، وإغلاق مكاتب الخطوط الجوية الباكستانية لحين انتهاء القمة، ناهيك عن الإعلان عن عطلة رسمية لمدة 3 أيام بدأت من أمس الاثنين مدينتى “إسلام آباد” و”روالبندى” بجانب إغلاق الطرق للحدِّ من الحركة وتأمين المنطقة التى تستضيف القمة[8].
عقباتٌ سياسية:
وعلى الصعيد السياسى تواجه باكستان أزمةً واضطراباً منذ إقالة حكومة (عمران خان) والتحديات التى تواجهها الحكومة الجديدة بقيادة (شهباز شريف) لاسيما مع قوى المعارضة وأنصار خان الذى ترتب على إقالته احتجاجاتٌ واسعة النطاق واضطرابات مدنية مطالبة بإطلاق سراح خان وإعادته إلى منصبه مرةً أخرى أو إجراء انتخابات مبكرة بتشكيل حكومة بديلة عن الحكومة القائمة التى تشكلت بعد انتخابات فبراير الماضية التى وصفت بأنها مُزورةٌ وغير شرعية[9].
وفى كثيرٍ من الأحيان تحولت تلك الاحتجاجات إلى اشتباكات بين أنصار خان وقوات الأمن الباكستانية وكان أخرها يوم 6 أكتوبر الحالى ووفقاً لتصريحات وزارة الداخلية الباكستانية اسفرت تلك الاشتباكات عن إصابة 80 عنصرا من أفراد الأمن، الأمر الذى يزيد من الفوضى وعدم الاستقرار الداخلى للبلاد، ناهيك عن انشغال الحكومة بالأزمةِ السياسية الجارية على حساب التركيز على القضايا الأمنية .[10]
تداعيات الزخم الإرهابى:
عرقلة المشروعات الصينية :
تشكّل باكستان حجرَ الزاوية في نَهْجِ الصين تجاه جنوب آسيا، الأمر الذى يجعل بكين شريكاً اقتصادياً رئيسياً لإسلام آباد وتستثمر ما يفوق 60 مليار دولار موجَّهين لمشروعات البنية التحتية مثل شبكات الطرق ومحطات توليد الكهرباء، وكذلك مشروعات الطاقة المرتبطة بمبادرة “الحزام والطريق” الصينية[11]. وتستهدفُ العمليات المسلحة فى إقليم بلوشستان بشكلٍ أساسى كما سلف الذكر المشروعات الصينية والمهندسين والعمال الصينين، وينعكس الخطر الحالى الذى تواجهه بكين فى إقليم بلوشستان الباكستاني ذي النزعة الانفصالية الذى يقعُ ضمن المساحة الأكبر لإنشاء “الممر الاقتصادى” وكذلك ميناء “جوادور” حيث يعارض المتمردين الانفصاليين فى الإقليم إكمال تلك الخطط الصينية لحين الحصول على استقلال الإقليم رافضين أى مفاوضات مع الحكومة الباكستانية، ومطالبين من العمال الصينيين مغادرة الإقليم لتجنّب التعرّض للاعتداء، مع استمرارهم فى شنِّ أعمالٍ عنيفةٍ ضد قوات الأمن الباكستانية وتهديد المشاريع التنموية الصينية فى الإقليم، وواحدة من تداعيات تلك التهديدات تأجيل البلدان بدء الرحلات الجوية فى مطار تمَّ تدشينه فى الإقليم بتمويلٍ صينى لإجراء مراجعة أمنية وفقاً لتصريحات مسؤولين تابع لقطاع الطيران الباكستانى[12].
الأمر الذى يدفع الصين نحو تعزيز التدابير الأمنية والتعاون فى مكافحة الإرهاب لاسيما عبر منظمة شنغهاى لضمان أمن مواطنيها واستثماراتها الذى يشكّل أولويةً قصوى، فضلاً عن محاولات كلٍ من الصين وباكستان لإجراء محادثات من أجل تدشين جبهة موحّدة لمحاربة الإرهاب ومواجهة التهديدات الإرهابية والعنيفة فى الإقليم والتى تهددُ مصالحَ بكين المتعددة[13].
توتر أمنى فى الإقليم :
عَقبَ الهجوم المسلح الذى استهدف عمال المنجم فى منطقة “دوكى” بإقليم بلوشستان نظّمَ مدنيون مظاهرةً واسعة احتجاجاً على تلك العملية الدموية مطالبين السلطات بتحقيق العدالة للضحايا، واتخاذ إجراءٍ سريع ضد المهاجمين، وعلى صعيدٍ آخر قامَ أصحاب المحال التجارية بإغلاق متاجرهم وأعلنوا إضراباً شاملاً لمدة يوم ضد ذلك الهجوم، وعادة ما يدفع زيادة معدلات العنف فى البلاد وتزايد التمرد بالمواطنين الباكستانيين للخروج في مظاهرات ضد العنف والإرهاب واستياءاً من الوضع الأمني، ويمثل بدوره الرأى العام المحلى حالة من الضغط على الحكومة الباكستانية[14].
التأثير على الاسثمار الأجنبى: