تُمثِّلُ عودةُ دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بعْد فوْزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، في ٦ نوفمبر ٢٠٢٤ مُنْعَطَفًا بالغ الأهمية في مسار العلاقات «السعودية – الأمريكية»، لا سيما في ظِلِّ الظروف الإقليمية والدولية المُعقَّدة التي تمُرُّ بها المنطقة؛ حيث قُوبِلَ هذا الحَدَثُ بترحيبٍ من القيادة السعودية؛ إذ أعرب كُلٌّ من العاهل السعودي “الملك سلمان بن عبد العزيز” و”ولي العهد الأمير محمد بن سلمان” عن تفاؤلهما بمستقبل الشراكة الإستراتيجية بين البلديْن[1]، فقد كانت فترة ترامب السابقة في الرئاسة شاهدًا على تعاونٍ مُكثَّفٍ بين الرياض وواشنطن في المجالات الأمنية والاقتصادية، والجدير بالذكر ، أنه في الولاية الأولى لترامب اتَّخَذَ الرياض كأول زيارةٍ خارجيةٍ له كرئيس في عام ٢٠١٧، كما أنه من المتوقع أن يكرر ذلك بأن يجعل الرياض ضِمْنَ أهمِّ محطَّات زياراته أيضًا في الولاية الثانية؛ إذ قدَّمت الولايات المتحدة دعْمًا واضحًا للمملكة في مواجهة التحديات الأمنية المتنامية، وعلى رأسها النفوذ الإيراني المتصاعد في المنطقة، كما عكست السياسات الأمريكية في تلك الفترة توافُقًا عميقًا مع التطلُّعات السعودية لتحقيق الاستقرار الإقليمي؛ ما ساهم في تقوية هذا التحالُف التقليدي، ومع عودة ترامب تتصاعد التساؤُلات حول مدى تأثير ولايته الجديدة على المعادلات الإقليمية، وعلى الجهود السعودية الطموحة نحْو تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفْق رُؤْية المملكة لعام ٢٠٣٠، فضلًا عن الدور المتوقع للولايات المتحدة في دعْم استقرار المنطقة في مواجهة التحديات الجيوسياسية الراهنة.
أولًا: التعاون الاقتصادي بين السعودية وإدارة ترامب
تفتح عودةُ دونالد ترامب إلى البيت الأبيض آفاقًا جديدةً للتعاون الاقتصادي بين السعودية وإدارته، خاصَّةً في القطاعات التي تهم الاقتصاد السعودي بشكلٍ أساسيٍّ، فقد تميَّزت فترة ترامب الرئاسية السابقة بسياساتٍ داعمةٍ لقطاع الوقود الأحفوري وتخفيف القيود التنظيمية، وهو ما يتماشى مع مصالح السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، التي تعتمد على النفط كأحد ركائز اقتصاداتها، ويُتوقع أن تستمر هذه السياسات في حال عودته؛ ما قد يُعزِّزُ التعاون بين البلديْن في مجالات النفط والطاقة، وذلك على النحْو الآتي:
1- دعْم سياسات خفْض الضرائب والتشجيع على الاستثمار:يعتبر دعْم إدارة ترامب لأجندة خفْض الضرائب على الشركات عاملًا مهمًا في خلْق بيئةٍ استثماريةٍ مشجعةٍ، وهو ما ينسجم مع الأهداف الاقتصادية للمملكة العربية السعودية، فقد عَمَدَتْ ولايته السابقة إلى تخفيف القيود الضريبية على الشركات؛ ما أدى إلى خلْق بيئةٍ مواتيةٍ لزيادة الاستثمارات الأجنبية، وفي مقدمتها الاستثمارات السعودية في السوق الأمريكي[2]؛ حيث سياسات خفْض الضرائب لم تقتصر على تحفيز الشركات المحلية في الولايات المتحدة فحسب، بل شجَّعت أيضًا الدول الأخرى، بما في ذلك السعودية، على تعزيز استثماراتها في الأسواق الأمريكية، ومن المتوقع أن تكون هذه السياسات أكثر ملاءمةً للاقتصاد السعودي، في الوقت الذي تحاول فيه المملكة تنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط، من خلال استثمارات في قطاع الطاقة الأمريكي وغيره من القطاعات الحيوية.
2- تعزيز التبادل التجاري بين السعودية والولايات المتحدة: لقد شَهِدَتْ العلاقاتُ الاقتصاديةُ بين السعودية والولايات المتحدة تحسُّنًا ملحوظًا خلال فترة ترامب؛ إذ ارتفع حجم التبادُل التجاري بين البلديْن بشكلٍ متسارعٍ في عام ٢٠١٨، بلغ التبادُل التجاري بين البلديْن ٣٧ مليار دولار، منها ٢٤ مليار دولار صادرات السعودية إلى الولايات المتحدة مقابل واردات بقيمة ١٣ مليار دولار؛ أيْ أن الميزان التجاري يصُبُّ في صالح الرياض[3]، هذه الزيادة تعكس استجابةً إيجابيةً من السوق السعودي تجاه السياسات الاقتصادية لإدارة ترامب.
3- تحفيز الاستثمارات عبْر خفْض أسعار الفائدة: من أهمِّ السياسات التي قد تعود مع إدارة ترامب هي الضغط على الاحتياطي الفيدرالي لخفْض أسعار الفائدة، وهي خطوةٌ من شأنها تحفيز تدفُّق الاستثمارات الدولية؛ في حال استمرار هذا التوجُّه، فإن خفْض أسعار الفائدة سيساهم في تسهيل الاقتراض على الشركات والمستثمرين[4]؛ ما يفتح المجال أمام المزيد من الاستثمارات السعودية في قطاعاتٍ متنوعةٍ داخل الولايات المتحدة، وبالنظر إلى أن الاقتصاد العالمي يعتمد بشكلٍ رئيسيٍّ على الدولار الأمريكي؛ ما يعادل ٦٠% من حركة التجارة العالمية[5]، فإن تأثير خفْض الفائدة قد يكون له نتائج إيجابية كبيرة على الاقتصاد السعودي، كما ستتمكَّنُ الشركات السعودية من الاستفادة من ظروفٍ اقتصاديةٍ مواتيةٍ تؤدي إلى تدفُّق المزيد من رؤوس الأموال؛ ما يساهم في تحقيق أهداف المملكة التنموية على المدى البعيد.
4- دعْم صناعة النفط والوقود الأحفوري: تتسم سياسات ترامب الاقتصادية بدعمها لصناعة النفط والوقود الأحفوري، وهو ما يُعدُّ ذا أهميةٍ خاصَّةٍ بالنسبة للسعودية. ففي الوقت الذي تواجه فيه الدول الخليجية تحديات مرتبطة بتقليل الاعتماد على النفط وتحقيق التنوُّع الاقتصادي، تجد السعودية في سياسات ترامب فُرْصةً لتعزيز مكانتها كأكبر مُصدِّرٍ للنفط في العالم، من المتوقع أن تستفيد المملكة من دعْم ترامب لقطاع النفط الأمريكي، بما في ذلك التشجيع على زيادة الإنتاج وتحرير القطاع النفطي[6]؛ ما يساهم في تحقيق التوازُن في أسواق النفط العالمية، هذا التعاون المتبادل في مجال الطاقة يمكن أن يُعزِّزَ من الاستثمارات السعودية في القطاع النفطي الأمريكي، بما يعود بالفائدة على الطرفيْن، ويُساهم في استقرار السوق العالمية للطاقة.
5- تلاقي الرُّؤَى بضرورة استقرار الاقتصاد العالمي: تتفق رؤية ترامب كرجل اقتصادٍ مع تطلُّعات المملكة الاقتصادية وفْق رؤية ٢٠٣٠؛ حيث يسعى كُلٌّ منهما إلى تحقيق النمو وتعزيز الأمن الاقتصادي، ومن خلال سياساته التي تُركِّزُ على تخفيض الضرائب ودعْم صناعة النفط، يُسْهِمُ ترامب في تعزيز الاستقرار الاقتصادي العالمي، وهو ما قد يُسْهِمُ في تحقيق المصالح الاقتصادية للمملكة، باعتبارها لاعبًا رئيسيًّا في أسواق النفط العالمية؛ حيث إن العمل على تهدئة الأزمات الدولية، مثل الحرب «الروسية – الأوكرانية»، خاصَّةً تلك التي تُؤَثِّرُ على أسواق الطاقة في الشرق الأوسط، يُمكن أن تُقلِّلَ من التوتُّرات الاقتصادية؛ ما يُوفِّرُ بيئةً أكثر استقرارًا لاستثمارات السعودية الخارجية، ويُعزِّز قدرتها على تحقيق أهدافها الإستراتيجية.
ثانيًا: العلاقات الأمنية بين السعودية وإدارة ترامب
في عهْد الرئيس دونالد ترامب، اتَّسَمَتْ العلاقات الدفاعية والأمنية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية بتركيزٍ عالٍ على التعاون الإستراتيجي المباشر؛ حيث كانت المملكة أوَّل محطَّةٍ خارجيةٍ للرئيس، وهو ما عكس السعودية كشريكٍ أساسيٍّ لسياسة ترامب في الشرق الأوسط، خاصَّةً مع انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني عام ٢٠١٨ وفرْضه سياسة “الضغط الأقصى” [7]عبْر عقوباتٍ اقتصاديةٍ صارمةٍ، وهو ما وجد صدىً لدى الرياض التي كانت ترى في إيران تهديدًا إقليميًّا خطيرًا، كما دعمت إدارة ترامب مبيعات الأسلحة للمملكة ضِمْنَ شراكةٍ أوسعَ لتحقيق الاستقرار في المنطقة، ولعل توقيع صفقة الأسلحة الضخمة في ٢٠ مايو ٢٠١٧، بقيمة ١١٠ مليارات دولا، والتي عرفت بـ”صفقة الأسلحة التاريخية” [8]، كان أبرز تعبير عن هذا التحالُف، تضمَّنت الصفقة تقديم طائرات حربية وصواريخ متقدمة ومعدات دفاعية وأنظمة أمنية، إلى جانب التعاون في التدريب العسكري وتعزيز القدرات الدفاعية للمملكة، كما تمَّ الاتفاق على حِزْمة متابعة بقيمة تصل إلى 350 مليار دولار[9]، شَمِلَتْ الدعم اللوجستي والتِّقَنِي المستمر للجيش السعودي؛ ما جعل المملكة ركيزةً أساسيةً في إستراتيجية ترامب لاحتواء التهديدات الإقليمية.
أما في عهد الرئيس جو بايدن؛ فقد شَهِدَتْ العلاقات الدفاعية والأمنية بين البلديْن تحوُّلات ملحوظة؛ حيث أعلن بايدن رغبته منذ البداية في “استعادة القيادة الأمريكية” بعد سياسة “أمريكا أولًا” التي تبنَّاها ترامب؛ ما دفعه إلى إعادة تقييم العلاقات الدفاعية مع السعودية، شَمِلَ ذلك وقْف بيْع الأسلحة الهجومية في بداية ولايته عام ٢٠٢١ ، كجزءٍ من توجُّهه لضبْط استخدام القوة العسكرية [10]، وهو ما اعتُبرَ تحوُّلًا جِذْرِيًّا عن النَّهْج السابق، ومع ذلك، وقُبَيْلَ انتهاء فترته، أعادت إدارة بايدن النظر في سياستها تجاه السعودية، وقرَّرت رفْع الحظْر عن بيْع الأسلحة الهجومية[11]؛ إدراكًا منها لأهمية السعودية كحليفٍ إستراتيجيٍّ في منطقة تتسم بالتوتُّرات المستمرة، ورغبةً في تحسين صورة إدارة بايدن قُبَيْلَ انتهاء فترة ولايته.
وبالنظر إلى عودة ترامب إلى الحكم في ٢٠ يناير ٢٠٢٥، يُتوقع أن يسعى إلى تعزيز العلاقات الدفاعية والأمنية مع السعودية، مستأنفًا سلسلةً من صفقات الأسلحة الكُبْرَى، التي تمَّ التأسيس لها خلال ولايته الأُولى، على غرار صفقة الأسلحة التاريخية، والتي تشمل توريد أنظمة تسليح متقدمة، ودعم القدرات الدفاعية للمملكة، سيأتي هذا في إطار إستراتيجية تهدف إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي وتعزيز التوازن الأمني في مواجهة التحديات الإقليمية، خصوصًا تلك المرتبطة بملف إيران، كما أنه ومن المتوقع أن تكون السعودية في موقع الأولوية للوصول إلى البرنامج الأمريكي للمواد الدفاعية الزائدة ” EDA ” وهو ما يتيح للمملكة إمكانية شراء مُعدَّات دفاعية فائضة بأسعار مخفضة [12]؛ ما يُعزِّزُ قدرتها على تحديث منظوماتها الدفاعية بتكاليف مناسبة، كما أن السعودية قد تكون مُؤَهَّلَةً لاستضافة مخزونٍ احتياطي الحرب الأمريكي، وهي خطوةٌ إستراتيجية من شأنها تعزيز التعاون العسكري بين البلديْن، وإبراز السعودية كشريكٍ دفاعيٍّ أساسيٍّ في المنطقة.
ثالثًا: العلاقات «السعودية – الصينية» بعد عودة ترامب
تُعدُّ الصين اليوم طَرَفًا رئيسيًّا في معادلة القُوَى الدولية، باعتبارها المرتبة الثانية كأكبر اقتصادٍ في العالم، ونظرًا لأهمية منطقة الخليج العربي الإستراتيجية، تُولِي الصين اهتمامًا بالغًا للمملكة العربية السعودية؛ حيث تنظر الصين إلى المملكة كعنصرٍ مِحْوَرِيٍّ في مبادرة “الحزام والطريق” [13]، التي تهدف إلى إنشاء شبكة طُرُقٍ بريةٍ وبحريةٍ وسككٍ حديديةٍ تربط الصين بآسيا الوسطى والشرق الأوسط وأوروبا؛ سعيًا لتعزيز التجارة وفتْح أسواق خارجية أمام المنتجات الصينية، هذا الدور يعكس طموح الصين للعب دوْرٍ أكبرَ في الشرق الأوسط، إلى جانب الحفاظ على أمنها الطَّاقِّي والانفتاح على أسواق استثمارية واعدة، واستقطاب الاستثمارات السعودية.
ومع ذلك، فإن عودة دونالد ترامب إلى السلطة قد تدفع المملكة لإعادة تقييم علاقاتها مع الصين، ففي فترة رئاسة ترامب الأولى، لم يُشكِّل التقارُب «السعودي – الصيني» تحوُّلًا جِذْرِيًّا في السياسة الخارجية السعودية بقدْر ما كان ردّ فِعْل على سياسات الإدارة الأمريكية الحالية تحت رئاسة جو بايدن؛ حيث إن علاقة المملكة بالصين كانت – إلى حدٍّ كبيرٍ – تعبيرًا عن استياء الرياض من نهْج بايدن [14]، أكثر منها تحوُّلًا إستراتيجيًّا عميقًا، وهذا يعني أن عودة ترامب قد تدفع السعودية إلى العودة لتقاليدها في تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، مع الأخْذ في الاعتبار التوازُنات الإستراتيجية المتغيرة.
لكن تجدر الإشارة إلى أن عودة ترامب قد تؤدي إلى تفاقُم التوتُّرات بين الولايات المتحدة والصين، ما يُلقي بظلاله على دول الشرق الأوسط والخليج؛ حيث من المحتمل أن تُمارس إدارة ترامب ضغوطًا على دول المنطقة؛ لتقليل اعتمادها على بكين، وتطوير علاقاتها مع الولايات المتحدة، في هذا السياق، قد تضطر السعودية إلى إعادة ترتيب سياساتها الخارجية بشكلٍ أكثرَ توازُنًا؛ حيث ستستمر في تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع الصين من جهةٍ، مع دعْم تحالُفاتها الأمنية التقليدية مع واشنطن من جهةٍ أُخرى.
بالمُحَصِّلَة، يتوقع أن تَشْهَدَ العلاقات «السعودية – الصينية» إعادة تشكيلٍ في ظِلِّ عودة ترامب، متأثرةً بالتنافُس المتزايد بين واشنطن وبكين والتغيُّرات في التوازُنات الإقليمية والدولية، وبينما قد تسعى الرياض إلى استثمار العلاقات الوثيقة مع واشنطن، إلَّا أنها ستظل حريصةً على تبنِّي إستراتيجيات متوازنة تُمَكِّنُها من مواجهة التحديات الناتجة عن تنافُس القُوَى الكُبْرَى.
رابعًا: مستقبل مسار التطبيع بين السعودية وإسرائيل
بعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، من المتوقع أن يشْهَدَ مسار التطبيع بين السعودية وإسرائيل تحوُّلًا جوهريًّا، يتمثَّلُ في تعزيز الجهود الرامية إلى توسيع اتفاقيات إبراهام؛ لكي تشمل أيضًا الرياض، وعلى الرغم من التحديات التي سوف تواجه هذا الملف، فإن إدارة ترامب ستعمل بشكلٍ مُكثَّفٍ على تسريع هذه العملية؛ حيث من المتوقع أن يسعى ترامب إلى إحياء عملية السلام بين الإسرائيليِّين والفلسطينيِّين، ولكن هذه المرَّة بأسلوبٍ مختلفٍ، والذي من المُحتمل أن يتمثَّلَ في فرْض تسويةٍ فلسطينيةٍ منزوعة السلاح[15]، من خلال أن تكون السلطة الفلسطينية هي الطرف الأكثر تأثُّرًا في هذه المقاربة، على أن يتضمن هذا المُقترح دولةً فلسطينيةً محدودة السيادة تحت ضماناتٍ أمنيةٍ إسرائيليةٍ، كما يُتوقع أن يدعم البيت الأبيض مشاريع ضخمة لتحفيز الاقتصاد الفلسطيني، مِثْل ضخِّ استثمارات بمقدار ٥٠ مليار دولار؛ لتحويل الضفة الغربية وغزة إلى مراكز مالية وتجارية إقليمية، مِثْل هذا التوجُّه قد يُواجه بمقاومة من قِبَلِ الفلسطينييِّن وبعض القُوَى الإقليمية، لكنه يعكس رُؤْية ترامب التي تُركِّزُ على الرَّبْط بين السلام والاقتصاد في الشرق الأوسط.
على الجانب الآخر، ستكون هناك جهود كبيرة لإرساء تعاون دفاعي بين الرياض وواشنطن، بما في ذلك صفقات سلاح جديدة وتعزيز التعاون في مجال الطاقة النووية المدنية، على أن تنظر السعودية في ملف التطبيع مع إسرائيل، وهي خطوةٌ تَلْقَى قبُولًا في واشنطن، إلا أن الرياض ستشترط في المقابل حلَّ الدولتيْن كشرطٍ أساسيٍّ لتحقيق هذا التطبيع، والإصرار على تحقيق تطلُّعات الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وهذا ما أكَّدته السعودية مِرَارًا، بما في ذلك مبادرة “التحالُف العالمي” الذي أطلقته من أجل حلِّ الدولتيْن، هذه الدوّامة السياسية بين واشنطن والرياض حوْل ربْطِ التطبيع بحلِّ الدولتيْن قد تُشكِّلُ عائقًا أمام التقدُّم السريع في هذه المسألة، وبالتالي يمكن القول: إن تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل بعد عودة ترامب سيعتمد بشكلٍ كبيرٍ على تحوُّلاتٍ في المشهد السياسي، لا سيما التوازُن بين المطالب الإسرائيلية والفلسطينية، ومن المرجح أن ترامب سيظلُّ مُتَمَسِّكًا بمقاربته “من السلام إلى الازدهار”، لكن نجاح هذه الإستراتيجية سيكون مرتبطًا بتوافُقات إقليمية مُعقَّدة؛ ما قد يُعيقُ في بعض الأحيان سرعة التنفيذ.
ختامًا:
من المتوقع أن تَشْهَدَ العلاقات «السعودية – الأمريكية» فترةً من التحوُّلات الإستراتيجية بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض؛ حيث سيُعزِّزُ التعاون الاقتصادي والأمني بين البلديْن مع التركيز على مجالات الطاقة والدفاع، كما أن الرياض ستوازن علاقاتها مع بكين بعد عودة ترامب، ولكن ستظلُّ مسألة التطبيع مع إسرائيل حجر الزاوية في هذه العلاقات؛ حيث سيواصل ترامب الضغط على الرياض لتحقيق هذا الهدف، في حين ستتمسَّكُ السعودية بشروطها المتعلقة بحلِّ الدولتيْن، وهو ما يُمْكِنُ إجمالُه في أن مستقبل هذه العلاقات سيتوقف على قُدْرة الإدارة الأمريكية على التوصُّل إلى صيغة توازُنٍ بين المصالح الأمنية والاقتصادية للطرفيْن، بالإضافة إلى تحقيق تقدُّمٍ ملموسٍ في معالجة القضايا الإقليمية الشائكة.
المصادر:
[1] الملك سلمان وولي العهد يهنئان ترمب بفوزه في الانتخابات الأميركية، العربية، تاريخ النشر: ٦ نوفمبر ٢٠٢٤، متاح على الرابط: https://linksshortcut.com/cJfQm
[3] الميزان التجاري لـ5 دول عربية مع الولايات المتحدة خاسر باستثناء دولة واحدة، RT Arabic ، تاريخ النشر: ١٠ يوليو ٢٠١٩، متاح على الرابط: https://linksshortcut.com/vuzXm
[4] ما هي سياسة ترامب حيال الفدرالي الأميركي وخفض الفائدة؟، CNBCعربية، تاريخ النشر: ٩ أغسطس ٢٠٢٤، متاح على الرابط: https://linksshortcut.com/oszOC
[8] رحاب الزيادي، العلاقات الأمريكية السعودية: توتر مؤقت أم تحول استراتيجي؟، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، تاريخ النشر: ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٢، متاح على الرابط: https://ecss.com.eg/30939/
[10] مايسة مرزوق، العلاقات الأمريكية -السعودية في ظل إدارة بايدن : معضلة تحقيق التوازن بين المبادئ والمصالح، المركز الديمقراطي العربي، تاريخ النشر: ١٥ أبريل ٢٠٢١، متاح على الرابط: https://democraticac.de/?p=74069
[11] رويترز: إدارة بايدن رفعت حظر بيع الأسلحة الهجومية إلى السعودية، العربية، تاريخ النشر: ٩ أغسطس ٢٠٢٤، متاح على الرابط: https://linksshortcut.com/MxtDM
[13] به زبان فارسي، التنافُس الأمريكي-الصيني وانعكاساته على منطقة الشرق الأوسط، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، تاريخ النشر: ٢٢ أبريل ٢٠٢١، متاح على الرابط: https://linksshortcut.com/boPSA
[14] طاهر هاني، الانتخابات الرئاسية الأمريكية: ماذا عن الشرق الأوسط ومنطقة الخليج لو عاد ترامب إلى البيت الأبيض؟، France 24 ، تاريخ النشر: ١٦ يناير ٢٠٢٤، متاح على الرابط التالي: https://linksshortcut.com/BQlnE
[15] عمر طاشبينار، إحياء الواقعية الجاكسونية: ملامح سياسة ترمب الخارجية في ولايته الرئاسية الثانية، مركز الإمارات للدراسات، تاريخ النشر: ٦ نوفمبر ٢٠٢٤، متاح على الرابط: https://epcenter.ae/3Nj0oIa
