المقالات
بلينكن إلى الصين.. هل من جديد؟
- أبريل 28, 2024
- Posted by: Maram Akram
- Category: تقارير وملفات وحدة الشؤون الدولية
إعداد: مصطفى مقلد
مقدمة:
فى أجواء تلبدت بالتوترات واتسمت فيها العلاقات بالبرود، زار وزير الخارجية الأمريكي الصين فى رحلة استغرقت ثلاثة أيام، وحاول إظهار الود على أمل أن تكون الزيارة محطة فى مسار تحسين العلاقات الذى بدأ نوفمبر الماضى بلقاء بايدن وبينج على هامش قمة أبيك فى سان فرانسيسكو، واستهل بلينكن زيارته بجولة في شنغهاي “المركز المالى للصين” وحضور مباراة في كرة السلة بين فريقين يضمان في صفوفهما لاعبين أميركيين، فى إشارة لمحاولة تدفئة العلاقات، وأجرى محادثات بشأن قضايا خلافية مع الرئيس الصينى ووزير الخارجية.
من جهته، شجع الرئيس الصينى لدفع العلاقات تحت شعار “شريكين لا خصمين”، واقترح ثلاثة مبادئ أساسية في شأن العلاقات الثنائية وهي “الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين”، فى لافتة “تنتقد” التعامل الأمريكى مع الصين، حيث تزامنت الزيارة مع موافقة مجلس النواب الأمريكي على حزمة مساعدات لحلفاء الولايات المتحدة تشمل “تايوان”، وتوقيع بايدن على مشروع قانون لحظر “تيك توك” في الولايات المتحدة في حال لم تبع شركة “بايت دانس” الصينية المالكة للتطبيق أصولها في الولايات المتحدة خلال فترة تترواح بين تسعة أشهر و12 شهراً[1].
ملفات الحوار:
قال وانغ لبلينكن في مستهل جلستهما الافتتاحية إن “السفينة العملاقة” للعلاقات الصينية – الأميركية قد استقرت منذ لقاء الرئيسين نوفمبر الماضى، لكن عوامل سلبية في العلاقات لا تزال تتزايد وتتراكم، موضحاً أن العلاقات تواجه كل أنواع الصعوبات، “فقد تعرضت حقوق الصين المشروعة في مجال التنمية للقمع بلا مبرر، ويتم التشكيك في مصالحنا الأساسية”[2]، في إشارة واضحة إلى ضوابط التصدير الأمريكية وغيرها من الإجراءات التي تقول بكين إنها تهدف إلى الحد من نموها الاقتصادي[3].
وطرح بلينكن مسألة مخاوف بلاده من دعم الصين للجيش الروسي، وهي واحدة من قضايا عدة تهدد تحسن العلاقات، حيث يحذر مسؤولون أميركيون من أن شركات صينية قد ساعدت قطاع تصنيع الأسلحة الروسي ما أسهم في تعزيز قدرات الجيش الروسى خلال الحرب، وترفض بكين تلك الاتهامات وتقول إن مسار التجارة الطبيعية بينها وبين روسيا لا يجب عرقلته أو تقييده، وفي حين ركزت زيارة يلين على “القدرات الانتاجية الفائضة للصين” وهي القضية التي ينظر إليها المحللون الصينيون باعتبارها ذريعة جديدة لوقف النمو الاقتصادي الصيني، ركزت زيارة بلينكن على مطالبة بكين بوقف تصدير المواد ذات الاستخدام المزدوج إلى روسيا.
وكان قد صرح بلينكن بعد اجتماع مجموعة السبع في إيطاليا: “عندما يتعلق الأمر بالقاعدة الصناعية الدفاعية الروسية، فإن المساهم الرئيسي في هذه اللحظة هو الصين”، كذلك صرح في تقرير وزارة الخارجية السنوي عن حقوق الإنسان الذي يوثق الانتهاكات المسجلة في أنحاء العالم خلال السنة السابقة، “إن بكين تواصل ارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية ضد “الإيغور” وأقليات مسلمة أخرى في إقليم شينجيانغ بغرب الصين”، وهو ما ترك انطباع لدى الصين بأن الولايات المتحدة لا تُظهر القدر الكافى من حسن النية لدفع التعاون الثنائى قدما.
وقالت يون سون من مركز “ستيمسون” لدراسات الشؤون الخارجية في واشنطن، أن الصين تشك في إمكانية بدء تعاون اقتصادي جديد مع الولايات المتحدة، خصوصاً في عام الانتخابات، وقالت إن القادة الصينيين “ليس لديهم القدرة للاتفاق على بدء شراكة مع الولايات المتحدة وهى تهاجمهم”، ويمكن رؤية ذلك بسهولة، فشهر أبريل الجارى كان شاهدا على حماسة الولايات المتحدة تجاه توثيق التحالفات فى شرق آسيا فى خطوة لمواجهة النفوذ الصينى، فالقمة الثلاثية التى جمعت أمريكا واليابان والفلبين كانت العلامة الأبرز على ذلك المسار مؤخرا.
كما ناقش الطرفان قضيتي تايوان وبحر الصين الجنوبي، وشكاوى الولايات المتحدة من الطاقة الإنتاجية الصناعية الزائدة للصين والاتصالات العسكرية بين الجيشين والذكاء الاصطناعي، لكن المحللون الصينيون لا يرون مكاسب تذكر من زيارة بلينكن[4].
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن الحكومة الأمريكية تعمل على فرض عقوبات تستهدف بعض البنوك الصينية بعد شكوك حول تمكينها التجارة مع روسيا وتدعم جهودها الحربية ضد أوكرانيا[5]، حيث باتت واشنطن تعتقد أن بيع الصين المواد ذات الاستخدام المزدوج مثل الرقائق – والتي لها استخدامات مدنية وعسكرية – ساعدت في دعم صناعة الأسلحة الروسية. وأضاف التقرير نقلاً عن مسؤولين أمريكيين لم يذكر أسماءهم، أن مسودة العقوبات، التي تهدد بقطع البنوك المستهدفة عن النظام المالي العالمي، هي “خيار تصعيدي” لن يستخدم إلا في حالة فشل الجهود الدبلوماسية لحل المشكلة.
وتهدد تداعيات هذه العقوبات المؤسسات المستهدفة بعرقلة الوصول إلى الدولار الأمريكي، مما يحد من قدرتها المالية ويؤثر على إنخراطها فى التجارة العالمية، وربما يؤدي إلى تضرر عملائها، بجانب تهديد التعافي الاقتصادي البطيء في الصين بعد الوباء والديون المتصاعدة.
ختاما، على الرغم من أن الزيارة الحالية هي الزيارة الوحيدة التي يقوم بها مسؤول أمريكي كبير والتي قيل صراحة أنها تأتي “بناء على دعوة” من نظيره الصيني، لكن الموقف الحالى يعكس هشاشة التفاهمات وعدم الجدية فى إصلاح العلاقات من خلال إزالة الشكوك والمخاوف منذ اجتماع بايدن وشي في نوفمبر، ويشير ذلك إلى أن أشهر التواصل الدبلوماسي المكثف رفيع المستوى التي أجرتها إدارة بايدن مع بكين فشلت في تغيير سلوك بكين بشكل هادف، أو الوصول لنقطة توازن جديدة.
المصادر:
[1] بلينكن يدعو من شنغهاي بلاده والصين إلى إدارة خلافاتهما بمسؤولية.. https://2u.pw/X3l6a3gQ
2 الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة.. https://2u.pw/vFZsWFsT
3 China warns U.S. of ‘downward spiral’ as Antony Blinken meets with Xi Jinping https://2u.pw/b82jSqQf
4 Chinese Analysts See Little Gain From Blinken’s Visit.. https://2u.pw/QJubW7im
5 U.S. Is Preparing To Sanction Chinese Banks Supporting Russia.. https://2u.pw/aQCNuyzf