المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > الدراسات الأمنية والإرهاب > بنين تدخلُ دائرةَ الخطرِ: قراءةٌ في الهجومِ الدمويِ على قواتِ الجيشِ شمالِ البلادِ
بنين تدخلُ دائرةَ الخطرِ: قراءةٌ في الهجومِ الدمويِ على قواتِ الجيشِ شمالِ البلادِ
- أبريل 22, 2025
- Posted by: Maram Akram
- Category: الدراسات الأمنية والإرهاب تقارير وملفات
لا توجد تعليقات

إعداد: إلهام النجار
باحث مساعد في برنامج الإرهاب والتطرف
في تصعيدٍ خطيرٍ للتهديداتِ الإرهابيةِ في منطقةِ الساحلِ الكبرى، قُتلَ ثمانيةُ جنودٍ من الجيش البنيني في هجوم مسلح نفذته جماعة إرهابية على مواقع للجيش داخل متنزه “دبليو” الوطني الواقع شمال البلاد، خلال شهر أبريل الجاري 2025، ويُعد هذا الهجومُ امتدادًا لسلسلةٍ من الاعتداءات الدامية التي تستهدف هذه المنطقة الحدودية الحساسة المتاخمة لكلٍّ من بوركينا فاسو والنيجر، حيث أصبحتْ الحافةُ الشماليةُ من بنين ساحةَ مواجهةٍ ناشئةٍ بين القوات النظامية والجماعات المسلحة المتطرفة المنتمية لتنظيمي القاعدة وداعش، حيث يُبرزُ هذا الاعتداء تنامي التهديدات الأمنية التي تتعرض لها دولة بنين، والتي لطالما اعتُبرت حتى وقتٍ قريبٍ واحدةً من أكثر دول غرب إفريقيا استقرارًا، كما يعكس الانتقال الجغرافي للعنف الإرهابي من منطقة الساحل نحو الجنوب، في سياق توسع الجماعات الجهادية وتأقلمها مع التحولات العسكرية والسياسية في المنطقة.
أولًا: أهميةُ متنزهِ “دبليو” الوطني
يقعُ المتنزهُ في قلبِ “النقطة الثلاثية” بين بنين والنيجر وبوركينا فاسو، ما يمنحه طابعًا جيوستراتيجيًا حساسًا، وقد استغلت الجماعات المسلحة هذه الطبيعة الجغرافية لصالحها، إذ يسمح لها التنقل السريع عبر الحدود، والاحتماء بغابات كثيفة تُصعّب عمليات الرصد والمراقبة من قِبل القوات الأمنية، كما أصبحَ المتنزّهُ في السنوات الأخيرة ممرًا محتملاً للأسلحة والمهربين، وأحيانًا مسرحًا لعملياتِ ابتزازِ السكان المحليين من قِبلِ جماعاتٍ مسلحةٍ، وتنفيذ هجمات مفاجئة على قوات الأمن[1] ، وتُعدّ السيطرة على أجزاءٍ من متنزهِ “دبليو” رسالةً رمزيةً تسعى الجماعاتُ المسلحةُ من خلالها إلى تحدي سيادة الدولة في مناطق الأطراف، وإبراز ضعف السلطات في حماية حدودها ومواردها الطبيعية، كما أن الاعتداءاتِ المتكررةَ على عناصر الجيش أو حراس الغابات في المنطقة تهدفُ إلى إضعافِ هيبةِ الدولةِ، وفرْضِ واقعٍ أمنيٍ موازٍ، كما حدث في مناطق من مالي والنيجر سابقًا.
ثانيًا: تفاصيلُ الهجومٓ
في يوم الخميس الموافق 17 من أبريل الجاري، حدثَ تفجيرُ عبوةٍ ناسفةٍ، تلاه هجومٌ بأسلحةٍ خفيفةٍ من عناصر يرجعُ انتماؤهم لـ جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، في موقع عسكري ضمن “عملية مرصاد” في متنزه “دبليو”، وكان عدد القتلى 8 جنود من الجيش البنيني ونتجَ عنه انسحابٌ تكتيكيٌ للقواتِ البنينية، ثم تنفيذُ هجومٍ مضادٍ بدعمٍ جويٍ[2] ، والجدير بالذِكر أنه منذ عام 2019، توسّعت جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” (المرتبطة بالقاعدة)، إلى مناطق شمال بنين، كما استغلت الجماعات المتطرفة الفراغ الأمني في بوركينا فاسو بعد تدهور الوضع الأمني هناك لتوسيع نفوذها إلى الجنوب، حيث أصبحَ متنزهُ “دبليو” وما يجاوره من أراضٍ جزءًا من “مثلث الخطر الحدودي” الذي تتكرر فيه العمليات الإرهابية.[3]
ثالثًا: دلالاتُ الهجومٓ
يشير الهجوم في متنزه “دبليو” الوطني إلى:
-
تصاعدِ قدراتِ الجماعاتِ الإرهابيةِ في تنفيذِ عملياتٍ نوعيةٍ ضد جيوش نظامية في مناطق محمية.
-
فَشلٍ استخباراتيٍ محتملٍ من الجانب البنيني أو ضعف تغطية الاستطلاع في المنطقة الحدودية الثلاثية.
-
اختبارٍ للقدرةِ القتاليةِ البنينيةِ ولقوةِ الانتشار السريع التي أنشأتها الحكومة ضمن خطة “مرصاد” الدفاعية.
كما تُعرف المنطقة الحدودية المشتركة بين بنين والنيجر وبوركينا فاسو باسم “النقطة الثلاثية” كبيئة جيوأمنية هشة وتتميز بـ:
-
وُعورةِ التضاريسِ وكثافةِ الغاباتِ مما يوفّر ملاذات طبيعية للمسلحين.
-
ضعْفِ التنسيقِ الأمنيِ الحدودي في أعقاب الانسحابات السياسية من الجماعات الإقليمية مثل “إيكواس”.
-
تداخلٍ سكانيٍ عابرٍ للحدود يعقّد جهود التمييز بين المدنيين والمقاتلين.[4]