المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الشرق الأوسط > بوادر انفراجة… هل تعود العلاقات الدبلوماسية بين البحرين وإيران؟
بوادر انفراجة… هل تعود العلاقات الدبلوماسية بين البحرين وإيران؟
- يونيو 16, 2024
- Posted by: hossam ahmed
- Category: تقارير وملفات وحدة الشرق الأوسط
لا توجد تعليقات
إعداد: شيماء عبد الحميد
فى خطوة جديدة بمسار تحسن العلاقات الإيرانية الخليجية، صرح رئيس الشؤون السياسية فى مكتب الرئاسة الإيرانية محمد جمشيدى، يوم 7 يونيو الجارى، بأن مملكة البحرين طالبت عبر روسيا باستعادة العلاقات مع طهران بعد سنوات من التوترات بين البلدين، وهو الأمر الذى يثير كثير من التساؤلات حول إمكانية عودة العلاقات بين الجانبين، وانعكاس ذلك على الملفات الخلافية العالقة بينهما وكيفية معالجتها[1].
بوادر انفراجة:
يأتى التصريح الإيرانى بعد عدد من المؤشرات التى توحى باحتمال أن يكون هناك انفراجة قريبة بين البحرين وإيران؛ ومن هذه المعطيات[2]:
1- الحضور البحرينى فى جنازة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسى؛ حيث كان لافتًا رسالة التعزية التى جاءت من الملك حمد بن عيسى آل خليفة مباشرةً، والذى أعرب فيها عن خالص التعازى والمواساة للمرشد الأعلى على خامنئى والشعب الإيرانى، إلى جانب مشاركة وزير الخارجية البحرينى عبد اللطيف بن راشد الزيانى فى مراسم تكريم الرئيس إبراهيم رئيسى، وذلك خلال زيارته الأولى إلى طهران منذ 13 عامًا.
2- تصريح الملك البحرينى باستعداد بلاده لتطبيع العلاقات مع إيران؛ حيث صرح الملك حمد بن عيسى يوم 23 مايو الماضى، وخلال اجتماع له مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى موسكو، بأنه “لا يوجد سبب لتأجيل استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البحرين وإيران”، مؤكدًا تطلع المملكة إلى تحسين علاقاتها مع طهران، فى إطار حرص المنامة على اتباع سياسة حسن الجوار، وإيجاد علاقات طبيعية بين الدولتين، وقد لاقت هذه التصريحات ترحيبًا من الجانب الإيرانى.
3- ترحيب المنامة باتفاق عودة العلاقات بين السعودية وإيران؛ إذ أعربت وزارة الخارجية البحرينية عن أملها فى أن يشكل الاتفاق خطوة إيجابية على طريق حل الخلافات وإنهاء النزاعات الإقليمية كافة بالحوار والطرق الدبلوماسية، وإقامة العلاقات الدولية على أسس من التفاهم والاحترام المتبادل وحسن الجوار وعدم التدخل فى شؤون الدول الأخرى.
كما أنه وبعد أيام قليلة من عودة العلاقات بين الرياض وطهران، التقی رئيس مجلس النواب البحرينى أحمد بن سلمان المسلم، وفدًا برلمانيًا إيرانيًا، حيث أعلن الاتحاد البرلمانى الدولى فى المنامة، عن بدء المفاوضات بين البحرين وإيران من أجل استئناف رحلات طائرات الركاب بين البلدين.
4- إعفاء البحرينيين من تأشيرة دخول إيران؛ حيث أعلنت طهران فى ديسمبر 2023، أن البحرين ستكون من بين 33 دولة لم يعد مواطنوها بحاجة إلى تأشيرة لدخول إيران، وذلك ضمن جهود توسيع العلاقات والتعاون بين البلدين، وخاصةً فى مجال تعزيز العلاقات بين الشعوب.
5- وساطة عُمانية لتحسين العلاقات بين طهران والمنامة؛ حيث لعبت السلطنة دورًا مهمًا فى محاولة إنهاء المشاكل والخلافات بين دول الخليج وإيران، إذ قام السلطان هيثم بن طارق بزيارة إلى إيران فى مايو 2023، وخلالها طرح على الجانب الإيرانى ضرورة تصفير الأزمات مع الدول المحيطة، وفى المقدمة البحرين ومصر.
عوامل محفزة لاستئناف العلاقات:
تشهد الفترة الراهنة مجموعة من العوامل والمحددات التى قد تكون محفزة لفكرة استئناف العلاقات الدبلوماسية بين طهران والمنامة؛ ومنها[3]:
1- التحسن الملحوظ فى العلاقات الخليجية الإيرانية؛ لقد شهد عهد الرئيس الراحل إبراهيم رئيسى تحسنًا لافتًا للنظر فى علاقات طهران مع جوارها الخليجى، حيث أعادت العلاقات مع السعودية، فيما حافظت على استقرار علاقاتها مع كل من الكويت والإمارات وقطر وعُمان.
وقد انعكست التهدئة التى شهدتها العلاقات الخليجية الإيرانية على بعض المواقف الأخيرة، مثل ظهور دبلوماسية الأزمات والتى تمثلت فى التفاعل السريع من جانب دول مجلس التعاون الخليجى مع نبأ سقوط طائرة الرئيس الإيرانى الراحل، وعرضها لمساعدة طهران فى عمليات البحث والإنقاذ، إلى جانب المشاركة الخليجية الواسعة فى جنازة إبراهيم رئيسى، حيث حضور الأمير القطرى ووزراء باقى دول الخليج العربى.
يُضاف إلى ذلك؛ الحديث عن قبول ولى العهد السعودى محمد بن سلمان، دعوة رسمية لزيارة إيران، وتأكيد القمة العربية التى عُقدت بالبحرين فى مايو الماضى، على أنه لا مشكلات فى العلاقات مع طهران، فضلًا عن التزام دول الخليج الحياد فى مسألة التصعيد الإيرانى الإسرائيلى.
وتعزز كل هذه المعطيات من فرص استئناف العلاقات البحرينية الإيرانية، والبناء على ما تحقق من تفاهمات، لتعزيز العلاقات بين الجانبين، بما يسهم فى دعم أمن واستقرار المنطقة.
2- وجود روابط تاريخية وثقافية وجغرافية بين الدولتين؛ حيث إن الجغرافيا السياسية والروابط التاريخية والثقافية المشتركة، تفرض تعزيز المسارات الدبلوماسية والعلاقات الطبيعية بين إيران وجوارها الخليجى، فالتوافق والسلام مكسب لجميع الأطراف.
3- الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؛ والتى أظهرت الدور الرئيسى الذى تلعبه إيران فى معادلات توازن واستقرار منطقة الشرق الأوسط، من خلال أذرعها المتواجدة فى عدد من دول الإقليم، والتى باتت بشكل أو بآخر متحكمة فى إيقاع التصعيد الجارى، ومن ثم؛ أيقنت دول الخليج العربى أنه لا مفر من التنسيق والتفاهم مع طهران، نظرًا لأن القطيعة قد تؤدى إلى مزيد من تدهور الأوضاع، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا للمصالح الخليجية سواء الأمنية أو السياسية أو الاقتصادية، فضلًا عن ضياع فرصة التعاون من أجل تهدئة المنطقة التى تشهد الآن أول صدام علنى ومباشر بين إيران وإسرائيل.
معوقات فى طريق عودةالعلاقات:
تتمتع العلاقات البحرينية الإيرانية بخصوصية ووضع مختلف عن باقى العلاقات الخليجية مع طهران، حيث يوجد بين إيران والمنامة تاريخ من التوتر فى علاقاتهما، نظرًا لعدد من القضايا الخلافية؛ منها[4]:
1- ملف الشيعة فى البحرين؛ وهو من الملفات التى كان لها تأثير ودور كبير فى توتر العلاقات بين البحرين وإيران؛ حيث مع قيام الثورة الإسلامية فى طهران، تبنى النظام الإيرانى الجديد مبدأ تصدير الثورة وخاصةً للدول التى يوجد بها الطائفة الشيعية، مثل البحرين، بغرض إقامة حكومات إسلامية شيعية فى هذه الدول، على غرار نظام ولاية الفقيه الذى نشأ فى إيران عقب الثورة، وهو ما اعتبرته المملكة تدخلًا فى شؤونها الداخلية؛ حيث:
-
قام المرشد الإيرانى على خامنئى فى مناسبات عديدة بتصنيف شعب البحرين مع الفلسطينيين واليمنيين على أنهم مسلمون مضطهدون يستحقون دعم إيران وتدخلها، وفى 2015، استدعت المنامة السفير الإيرانى اعتراضًا على تصريحات للمرشد دعا فيها إلى “نصرة المظلومين فى البحرين”.
-
دعمت إيران عددًا من التنظيمات الشيعية المعارضة للحكم القائم فى البحرين، والتى تصنفها المنامة على أنها منظمات إرهابية، مثل تنظيم سرايا الأشتر وجمعية الوفاق الوطنى الإسلامية.
-
استقبلت إيران عديد من شخصيات المعارضة البحرينية وكانت موطنًا لهم، مثل رجل الدين الشيعي عيسى قاسم، إلى جانب شخصيات تطالب بالتغيير العنيف فى المملكة، مثل رجل الدين المتطرف مرتضى السندى، أحد رموز حزب الوفاء الإسلامى، الذى يروج علنًا لاستخدام السلاح فى خطاباته.
-
وصل التوتر بين البلدين إلى ذروته فى عام 2011؛ عندما اندلعت احتجاجات فى المملكة على هامش ما عُرف فى هذا الوقت بـ”ثورات الربيع العربى”، حيث طالب المتظاهرون الذين كان معظمهم من الطائفة الشيعية البحرينية، بالتغيير السياسى الذى وصل أحيانًا إلى تغيير النظام الملكى القائم فى المنامة، وقد ألقت البحرين باللوم على إيران فى تأجيج هذه الاضطرابات.
-
انتقد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية حينها ناصر كنعانى، أوضاع السجناء فى المملكة، مطالبًا المنامة بسرعة التحرك الفورى والبت فى مطالبهم، فيما سارعت الخارجية البحرينية بالرد على هذه التصريحات معربة عن استنكارها الشديد لها، حيث أصدرت بيانًا فى 5 أغسطس 2023، أكدت فيه أن ذلك يُعتبر تدخلًا فى الشؤون الداخلية للبحرين، مشددة على ضرورة احترام مبادئ ميثاق الأمم المتحدة التى تدعو إلى حسن الجوار، وعدم التدخل فى الشؤون الداخلية للدول.
2- تاريخ من الخلاف الطويل؛ شهدت العلاقات البحرينية الإيرانية تاريخًا طويلًا من العداء؛ حيث عقب وصول مؤسس الثورة الإسلامية “روح الله الخمينى” إلى السلطة فى طهران، أعلنت البحرين فى نهاية عام 1981 إحباط محاولة انقلاب مسلح مدعومة من إيران، نفذته “الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين”.
وفى عام 1996، أعلنت البحرين أنها كشفت تنظيمًا سريًا باسم حزب الله البحرينى، والذى حاول الانقلاب مرة أخرى للإطاحة بنظام الحكم وذلك بالتعاون مع طهران، وعلى خلفية ذلك؛ استدعت سفيرها لدى طهران، وخفضت تمثيلها الدبلوماسى بالعاصمة الإيرانية إلى قائم بالأعمال.
واستمرت العلاقات بين الدولتين فى التدهور حتى عام 2016، عندما قطعت البحرين علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، بعد قرار مماثل من السعودية، وذلك ردًا على هجوم على سفارة الرياض لدى طهران وقنصليتها بمدينة مشهد من قبل إيرانيين محتجين.
وفى يونيو 2020، قضت المحكمة الكبرى الجنائية فى البحرين بسجن وتغريم 3 مسؤولين و4 بنوك بأكثر من 185 مليون دولار، ومصادرة 2.5 مليون دولار؛ بعد إدانتهم بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، خدمةً للمصالح الإيرانية.
3- استمرار المشروع الإقليمى الإيرانى؛ حيث إن توطيد العلاقات بين طهران ودول الخليج العربى يتطلب التزام إيران بمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل فى الشؤون الداخلية للدول الأخرى، واتباع سياسة الحوار لحل الخلافات، ولكن حتى الآن أذرع إيران فى المنطقة تمارس نشاطها فى الإقليم، مما يجعلها محط خلاف مع دول الجوار الخليجى، إلى جانب التصعيد المستمر بين طهران وتل أبيب.
وينعكس استمرار مخاوف الدول الخليجية من أنشطة إيران الإقليمية فى البيان الختامى الصادر عن المجلس الوزارى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بدورته الـ160، والذى عُقد فى العاصمة القطرية الدوحة يوم 9 يونيو الجارى، حيث أكدت دول المجلس:
-
مواقفها وقراراتها الثابتة بشأن العلاقات مع إيران، مشددة على ضرورة التزام طهران بالأسس والمبادئ الأساسية المبنية على ميثاق الأمم المتحدة ومواثيق القانون الدولى، ومبادئ حسن الجوار، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل فى الشؤون الداخلية، وحل الخلافات بالطرق السلمية، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها، ونبذ الطائفية.
-
أهمية الإسراع نحو التوصل إلى تفاهمات بناءة بين إيران والدول المعنية حول الملف النووى من أجل الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة.
-
استعداد دول المجلس للتعاون والتعامل بشكل فعال مع الملف النووى الإيرانى ومشاركتها فى جميع المفاوضات والمباحثات والاجتماعات الإقليمية والدولية بهذا الشأن، على أن تشمل هذه المفاوضات بالإضافة للبرنامج النووى الإيرانى، كافة القضايا والشواغل الأمنية لدول الخليج العربية، بما فى ذلك الصواريخ الباليستية والكروز والطائرات المسيرة وسلامة الملاحة الدولية والمنشآت النفطية.