المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > الدراسات الأمنية والإرهاب > بوكو حرام وداعش في غربِ أفريقيا: صراعُ الهيمنة الإقليمية وأثرهُ على الأمن الإقليمي
بوكو حرام وداعش في غربِ أفريقيا: صراعُ الهيمنة الإقليمية وأثرهُ على الأمن الإقليمي
- مارس 8, 2025
- Posted by: Maram Akram
- Category: الدراسات الأمنية والإرهاب تقارير وملفات
لا توجد تعليقات

إعداد: إلهام النجار
باحث مساعد في برنامج الإرهاب والتطرف
مُقدمة:
تشهدُ مِنطقةُ بُحيرة تشاد تصاعدًا مُستمرًا في الصراع بين جماعة “بوكو حرام” وتنظيم “داعش في غرب أفريقيا” (ISWAP)، مما أدّى إلى تداعياتٍ خطيرةٍ على الأمن والاستقرار في المنطقة، يعودُ هذا الصراعُ إلى عوامل مُتعددة، منها الخلافاتُ الأيديولوجيةُ، والتنافس على النفوذ والموارد، بالإضافة إلى الانقسامات الداخلية بين الفصيلين، وقد أسفرَ هذا النزاعُ عن موجةٍ من العُنفِ شملتْ هجماتٍ مسلحةً وعملياتٍ إرهابيةً استهدفت القوات العسكرية والمدنيين على حدٍ سواء، كما يشهدُ شمالُ شرق نيجيريا تصاعدًا في حِدة المعارك بين فصيلين من جماعة “بوكو حرام”: الأول يبايع تنظيم “داعش” ويُعرف بـ”ولاية غرب إفريقيا”، والثاني يحتفظُ بولائه لتنظيم “القاعدة”، كما بدأ هذا الصراعُ المُسلحُ في عام 2016 بسبب خلافاتٍ عقائديةٍ وسياسيةٍ بين الفصيلين، وتحول إلى حرب مفتوحة على النفوذ والسيطرة في المنطقة، والجدير بالذكر أن جماعةَ بوكو حرام تأسست في نيجيريا عام 2002، وسعتْ إلى إقامةِ دولةٍ إسلاميةٍ ورفضِ التعليمِ الغربي، وفي عام 2015، أعلنتْ الجماعةُ مبايعتها لتنظيم داعش، مما أدّى إلى انقسامٍ داخليٍ وظهورِ فصيلٍ يُعرفُ باسم “ولاية غرب إفريقيا” التابعة لداعش.[1]
يهدف هذا التقرير إلى تحليلِ أسبابِ تصاعدِ المواجهات بين الفصيلين، مع تسليط الضوء على الانقسامات الداخلية والصراع على الموارد والهيمنة الإقليمية، كما يناقشُ التقريرُ التداعياتِ الأمنيةَ والإنسانيةَ والاقتصاديةَ للصراع، بالإضافة إلى استعراض السيناريوهات المستقبلية المحتملة بناءً على تطورات الوضع الميداني.
أولًا: أسبابُ النزاعِ
شهدت منطقة شمال شرق نيجيريا تصاعدًا في الصراع بين جماعة “بوكو حرام” وتنظيم “داعش” (ولاية غرب إفريقيا) نتيجة لعدة عوامل رئيسية:
الاختلافاتُ الأيديولوجيةُ والتكتيكيةُ:
تُعد الاختلافاتُ الأيديولوجيةُ والتكتيكيةُ أحدَ الدوافع الرئيسية للصراع بين جماعة “بوكو حرام” وتنظيم “داعش” في غرب إفريقيا، ويمكن تلخيص هذه الاختلافات فيما يلي:
التفسيرُ المتشددُ للعقيدة:
تتبنّى جماعة “بوكو حرام” بقيادة أبو بكر شيكاو تفسيرًا أكثر تشددًا، حيث يرى أن جميع من يخالفه، حتى المسلمين، يعتبرون “مرتدين” ويجبُ استهدافهم،وفي المقابل، يتبعُ تنظيم “داعش – ولاية غرب إفريقيا” نهجًا أقل تطرفًا في التعامل مع السكان المحليين المسلمين، إذ يركز على كسب دعمهم بدلاً من استهدافهم.
استراتيجيةً العمليات العسكرية:
يميل فصيل “داعش – ولاية غرب أفريقيا” إلى تنفيذِ عملياتٍ عسكريةٍ موجهةٍ ضد القوات الحكومية والبنية التحتية، مع محاولة تجنب استهداف المسلمين المحليين لكسْب الدعم الشعبي، أما “بوكو حرام”، فتعتمد تكتيك الهجمات العشوائية ضد المدنيين، بمن فيهم المسلمون، مما أدى إلى فقدانها الكثير من التأييد الشعبي.
التعاملُ مع السكان المحليين:
يفرض “داعش – ولاية غرب أفريقيا” ضرائب على القرى الخاضعة لسيطرته لكنه يوفرُ خدماتٍ أساسيةً مثل الأمن والغذاء، وهو ما يجعله أكثر قبولًا لدى بعض المجتمعات المحلية، في المقابل، يركّزُ فصيلُ شيكاو على القمعِ الوحشي، بما في ذلك تنفيذُ الإعداماتِ الجماعيةِ، واستخدامُ النساء والأطفال في العمليات الانتحارية، ونتج عن هذا التباين في الفكر والاستراتيجية اندلاعُ صراعاتٍ عنيفةٍ بين الفصيلين، حيث يسعى كلٌ منهما إلى فرض سيطرته على مناطق النفوذ، خاصة في شمال شرق نيجيريا ومنطقة بحيرة تشاد، وتصاعدت المواجهات المسلحة بينهما، لا سيَّما بعد مَقتلِ أبو بكر شيكاو عام 2021، حيث استولى تنظيم “داعش” على العديد من معاقله.
الصراعُ على النفوذِ والموارد:
يسعى كلٌ من الفصيلين للسيطرة على المناطق الغنية بالموارد في شمال شرق نيجيريا، خاصةً في حوض بحيرة تشاد، لتعزيز قوتهما وتمويل عملياتهما، وذلك من خلال:
الصراعُ على السيطرةِ الجغرافية:
منذُ انشقاقِ تنظيم “داعش – ولاية غرب أفريقيا” عن “بوكو حرام” في عام 2016، باتت هناك منافسةٌ شرسةٌ على الأراضي، خاصةً في المناطق الغنية بالموارد مثل ولايات بورنو ويوبي وأداماوا في نيجيريا، إضافةً إلى بعض المناطق في تشاد والنيجر والكاميرون، وبعد مقتل زعيم بوكو حرام أبو بكر شيكاو في 2021، تمكن تنظيم “داعش – ولاية غرب إفريقيا” من الاستيلاء على معاقل بوكو حرام في غابة سامبيسا، ما عزز موقفه كأكبر قوة إرهابية في المنطقة.
التنافسُ على الموارد الاقتصادية
يعتمدُ كلٌ من “بوكو حرام” و”داعش – ولاية غرب أفريقيا” على الابتزازِ وفرْضِ الضرائبِ على المجتمعات المحلية والتجار كوسيلةٍ للتمويل، كما أن تنظيمَ “داعش – ولاية غرب أفريقيا” أكثر تنظيمًا في إدارة الضرائب، حيث يفرضُ رسومًا على المزارعين والصيادين والتجار، مقابل “الحماية”، بينما تعتمد “بوكو حرام” على النهب والسلب، كما وتعد منطقة بحيرة تشاد غنية بالموارد مثل الأسماك، ويعد الصيد مصدر دخل رئيسي لكلا الفصيلين.[2]
تجنيدُ المقاتلين وبسط النفوذ الاجتماعي:
يعتمدُ كلا من التنظيمين على التجنيد القسري للمقاتلين، حيث يتنافسان على استقطابِ الشبابِ المحليين عبر تقديمِ الأموالِ أو التهديدِ بالعنف، وتنظيم “داعش – ولاية غرب إفريقيا” يستخدمُ استراتيجيةَ الاحتواء، حيث يسعى لكسْبِ تأييدِ المجتمعات المحلية من خلال تقديم بعض الخدمات، بينما “بوكو حرام” أكثر عنفًا تجاه السكان المحليين، ما أدى إلى نفور بعضهم وانضمامهم للفصيل المنافس.
التصعيدُ العسكريُ بين الفصيلين:
شهدتْ الفترةُ الأخيرةُ مواجهاتٍ دمويةً بين الجماعتين، خاصةً في مناطق غابة سامبيسا وجزر بحيرة تشاد، حيث تحاول “بوكو حرام” استعادة معاقلها من “داعش”، كما أن القواتِ النيجيريةَ وحلفاءَها يستغلون هذا الصراعَ الداخلي لتنفيذِ عملياتٍ عسكريةٍ تستهدف التنظيمين، مما زاد من الضغط العسكري عليهما[3] ،كما أن المعاركَ التي دارتْ داخل غابة سامبيسا بولاية بورنو الواقعة أقصى شمال شرقي نيجيريا، أسفرتْ عن مقتل ما لا يقل عن 9 مقاتلين من جماعة «بوكو حرام»، بينهم قيادات بارزة، ومن أشهرهم المدعو أميرول بوما، كبير صانعي القنابل في التنظيم، ومن جانبهِ شنٌَ الجيشُ النيجيريُ هجومًا عسكريًا على مواقعَ تابعةٍ لجماعة “بوكو حرام”؛ أسفر عن مقتلِ عددٍ من قيادات التنظيم الإرهابي، وفق ما أكدتْ مصادرِ أمنيةٌ واستخباراتيةٌ، تحدثت عن معارك عنيفة اندلعت الأربعاء الماضي بين الطرفين، واستمرت ساعات عدة، وعلى صعيد آخر، شنّ مسلحون يُشتبه في انتمائهم إلى جماعة “بوكو حرام” هجومًا على مركزٍ للشرطة في مالاري بولاية بورنو، لكن قوات الأمن تصدّت لهم بسرعة، وقالت مصادرُ أمنيةٌ محليةٌ إن الهجومَ وقعَ في نحو الساعة الواحدة بعد منتصف ليل الأربعاء الماضي ، حين حاول المسلحون اقتحام مركز الشرطة، لكنّ فريقاً مشتركاً من ضباط الشرطة والجنود تمكّن من التغلب عليهم في اشتباك عنيف.[4]
وعليه، فإن الصراعَ بين الفصيلين لم يَعُد مجردَ خلافٍ أيديولوجيٍ فقط، بل أصبح صراعًا على البقاء والسيطرة على الموارد الحيوية، وأن المواجهات بينهما تؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، حيث يُجبرُ السكان المحليون على دفْعِ الإتاوات أو الفرار من مناطق القتال، كلما ضعُف أحد الفصيلين، زادتْ قوةُ الآخر، مما يجعل المنطقة في حالة عدم استقرار دائم.
الانقساماتُ الداخليةُ:
أدتْ الخلافاتُ حول القيادة والاستراتيجيات إلى انقساماتٍ داخليةٍ، مما زاد من حِدة الصراع بين الفصيلين، كما شهدت جماعة “بوكو حرام” انقساماتٍ داخليةً أثرت على نشاطها في منطقة بحيرة تشاد، وأبرز هذه الانقسامات كان في عام 2016 عندما عُزل زعيم الجماعة، أبو بكر شيكاو، من قِبل تنظيم “داعش” الذي أعلن ولاية غرب إفريقيا (ISWAP) وعيَّن أبو مصعب البرناوي قائدًا لها، و رفض شيكاو هذا القرار[5]، مما أدى إلى انشقاق الجماعة إلى فصيلين رئيسيين:
-
فصيلِ أبو بكر شيكاو: استمر في عملياته المستقلة، مع التركيز على الهجمات العنيفة ضد المدنيين والقوات الحكومية.
-
ولايةُ غربِ إفريقيا (ISWAP): اتّبعَ هذا الفصيلُ استراتيجياتٍ مختلفة، محاولًا كسب دعم السكان المحليين من خلال تقديم الخدمات الأساسية وتجنب استهداف المسلمين المحليين.[6]
هذه الانقسامات أثرت على ديناميكيات الصراع في منطقة بحيرة تشاد، حيث تنافس الفصيلان على النفوذ والموارد، مما أدى إلى تصاعد العنف وعدم الاستقرار في المنطقة.
التنافسُ على الهيمنةِ الإقليمية:
التنافس بين “بوكو حرام” و”داعش في غرب أفريقيا” (ISWAP) على النفوذ في منطقة بحيرة تشاد له آثارٌ مُدمرةٌ على المنطقة وسكانها، فمن حيث الصراع على النفوذ، تسعى كل من “بوكو حرام” وISWAP إلى توسيع نفوذها وسيطرتها في المنطقة، مما يؤدي إلى اشتباكاتٍ مباشرةٍ، أيضًا هناك تنافسٌ أيديولوجيٌ وتحولٌ إلى صراعٍ على الأرضِ، حيث بدأ الأمر بخلافاتٍ في العقيدة، لكنه تطور إلى صراع أوسع للسيطرة على الموارد والأراضي، بالإضافة إلى زعزعة الاستقرار المستمرة، وهجمات مثل تلك التي وقعت في عام 2015 تُظهر استمرارَ الجماعاتِ في محاولاتها لفرْضِ سيطرتها، مما يُزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة، وأخيرًا تحديات العمليات العسكرية، فعلى الرغم من الجهود العسكرية التي تبذلها القوات التشادية، لا تزال “بوكو حرام” قادرةً على إحداثِ الفوضى، مما يشير إلى الحاجة إلى استراتيجيات أكثر فعالية.[7]
هذه العواملُ مجتمعةٌ أدت إلى تصاعدِ الصراعِ بين “بوكو حرام” وتنظيم “داعش” في شمال شرق نيجيريا، مما زاد من تعقيد الوضع الأمني والإنساني في المنطقة.
ثانيًا: تداعياتٌ قائمةٌ
أسفر الصراعُ المستمرُ بين جماعة “بوكو حرام” وتنظيم “داعش في غرب إفريقيا” (ISWAP) في منطقة بحيرة تشاد عن تداعيات أمنية وإنسانية خطيرة، مما أثّر بشكلٍ كبيرٍ على استقرار وأمن الدول المحيطة بالبُحيرة، ومن أبرز هذه التداعيات:
التداعياتُ الأمنيةُ:
حيث أدى توسّعُ رقعةِ العُنف إلى التنافس بين “بوكو حرام” و”داعش” و زيادة الهجمات المسلحة في نيجيريا وتشاد، مما زاد من حالة عدم الاستقرار في المنطقة، [8] بالإضافة إلى استهداف القوات العسكرية، حيث شنّتْ الجماعاتُ المسلحةُ هجماتٍ متكررةً على القواعد العسكرية، مما أدى إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة. [9]
التداعياتُ الإنسانيةُ:
أدت العمليات العسكرية والهجمات الإرهابية إلى نزوح آلاف المدنيين من مناطقهم، مما خلقَ أزمةً إنسانيةً تتطلبُ تدخلاتٍ عاجلةً، وانعدام الأمن الغذائي، حيث تسببت النزاعات في تعطيل الأنشطة الزراعية والصيد، مما أدى إلى نقص حاد في الموارد الغذائية للسكان المحليين.[10]
التداعياتُ الاقتصاديةُ:
أدّتْ الهجماتُ إلى تدمير المنشآت الحيوية ، تدمير البنية التحتية ، مما أثر سلبًا على الاقتصاد المحلي وزاد من معاناة السكان، كما أدى انعدام الأمن إلى تقليص حركة التجارة بين دول المنطقة، مما أثر على سبل العيش للسكان المحليين.
التداعياتُ الاجتماعيةُ:
أدى النزوحُ الجماعيُ إلى ضغوطٍ على المجتمعات المُضيفة، مما زادَ من التوترات الاجتماعية، أيضًا تجنيد الأطفال، حيث استغلت الجماعات المسلحة الفوضى لتجنيد الأطفال والشباب في صفوفها، مما يُشكّلُ تهديدًا لمستقبل الأجيال القادمة.
ثالثًا: انعكاساتُ الصراعِ بين بوكو حرام وداعش على الأمن الإقليمي والدولي
يؤثرُ الصراعُ بين جماعة “بوكو حرام” وتنظيم “داعش في غرب إفريقيا” (ISWAP) ليس فقط على منطقة بحيرة تشاد بل يمتدُ تأثيرهُ إلى الأمن الإقليمي والدولي، فمع تصاعد العنف بين الفصيلين، ازداد مستوى التهديدات الإرهابية، مما دفع الدول الإقليمية والمجتمع الدولي إلى تكثيف الجهود لمواجهة هذه الجماعات المسلحة، ويمكن تلخيص انعكاسات هذا الصراع على المستويين الإقليمي والدولي في النقاط التالية:
الانعكاساتُ على الأمن الإقليمي
-
تصاعدُ العملياتِ الإرهابية في دول غرب ووسط أفريقيا، حيث إنه مع استمرار القتال بين بوكو حرام وداعش، شهدت نيجيريا وتشاد والنيجر والكاميرون تصاعدًا في الهجمات الإرهابية، التي استهدفت قوات الأمن والمدنيين، وتُشير تقاريرُ الأممِ المتحدة إلى أن الهجمات الإرهابية في منطقة بحيرة تشاد قد زادت بنسبة 30% منذ عام 2021 بسبب التنافس بين الفصيلين.[11]
-
ضعْفُ سيطرةِ الحكوماتِ الإقليمية على المناطق الحدودية، تؤدي المواجهات المستمرة إلى إضعافِ قدرةِ الحكوماتِ المحلية على فرْضِ الأمنِ، مما يسمح بانتشار الجماعات الإرهابية إلى مناطق جديدة، على سبيل المثال، سجلت تقارير الاستخبارات العسكرية الكاميرونية زيادةً في تسللِ المسلحين إلى المناطق الشمالية للبلاد.
-
زيادةُ أعداد اللاجئين والنازحين، حيث أدى القتال بين الفصيلين إلى نزوح أكثر من 3 ملايين شخص في منطقة بحيرة تشاد، مما تسببَ في أزماتٍ إنسانيةٍ حادةٍ وأثار توترات اجتماعية في الدول المضيفة، وازدياد تدفقات اللاجئين نحو تشاد والنيجر يضعف استقرار هذه الدول التي تعاني أصلًا من تحديات تنموية وأمنية.
-
استنزافُ المواردِ الأمنيةِ والعسكرية للدول المتضررة، يفرضُ استمرارُ الصراع ضغطًا كبيرًا على الحكومات الإقليمية، مما يجعلها تخصصُ ميزانياتٍ إضافيةً لمكافحةِ الإرهاب بدلاً من الاستثمار في التنمية والاقتصاد، وفي نيجيريا، تُنفق الحكومة حوالي 2.6 مليار دولار سنويًا على العمليات العسكرية لمواجهة الجماعات الإرهابية.[12]
الانعكاساتُ على الأمن الدولي
-
تحول المنطقة إلى ملاذٍ آمنٍ للجماعات الإرهابية، واستمرار القتال بين بوكو حرام وداعش قد يخلقُ فراغًا أمنيًا في بعض المناطق، مما يمكّن الجماعاتِ الإرهابيةً الأخرى من التمددِ واستخدام المنطقة كنقطةِ انطلاقٍ لهجمات عابرة للحدود، فعلى سبيل المثال، حذّرت تقارير الاستخبارات الفرنسية من أن الصراع في بحيرة تشاد قد يؤدي إلى تعزيز الروابط بين جماعات متطرفة في منطقة الساحل والصحراء الكبرى .
-
تهديدُ المصالحِ الاقتصاديةِ والشركات الأجنبية في إفريقيا، استهدفت الجماعات الإرهابية منشآتٍ نفطيةً ومشاريعَ استثماريةً في نيجيريا والنيجر، مما أدى إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية، تقرير البنك الدولي (2023) أشار إلى أن تصاعد العنف في نيجيريا أدى إلى انخفاضِ الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 40% خلال السنوات الخمس الماضية.
-
تزايدُ خطرِ الهجماتِ الإرهابيةِ على المستوى الدولي، مع انتشار أيديولوجية داعش في غرب إفريقيا، هناك مخاوف من تسلل مقاتلين من المنطقة إلى أوروبا والشرق الأوسط لتنفيذِ عملياتٍ إرهابيةٍ، وفي 2022، اعتقلت السُلطات الإسبانية مجموعة مرتبطة بداعش كانت تضم أفرادًا قدموا من نيجيريا عبر ليبيا.
-
تعزيزُ التدخلِ العسكري الغربي في إفريقيا، أدى تصاعدُ التهديدات الإرهابية إلى زيادةِ التواجدِ العسكري الأمريكي والفرنسي في غرب إفريقيا، حيث أطلقت الولايات المتحدة برامجَ تدريبٍ ودعمٍ للقوات الإقليمية مثل “القوة المشتركة متعددة الجنسيات ” (MNJTF).[13] كما أن تقارير وزارة الدفاع الأمريكية (2023) أشارت إلى زيادة العمليات الاستخباراتية والمراقبة الجوية في منطقة الساحل لدعم الحكومات الإقليمية ضد الجماعات الإرهابية.
مُجمل القول: يعكسُ الصراعُ بين بوكو حرام وداعش في بُحيرة تشاد تحديًا أمنيًا معقدًا، حيث يؤثر بشكلٍ مباشرٍ على استقرار الدول الإقليمية، ويهدد الأمن الدولي من خلال زيادة النشاط الإرهابي وانتشار الفوضى، وبينما تتخذُ الدولُ المتضررة إجراءاتٍ عسكريةً وأمنيةً لمحاربة الجماعات المسلحة، فإن الحل طويل الأمد يتطلب نهجًا شاملاً يشمل التنمية الاقتصادية، وتحسين الحوكمة، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب ومنع انتشاره عالميًا.
رابعًا: مآلاتٌ مستقبليةٌ
في ضوء الصراع المستمر بين جماعة “بوكو حرام” وتنظيم “داعش في غرب إفريقيا” (ISWAP) في منطقة بُحيرة تشاد، يمكن استشراف عدة سيناريوهات مستقبلية مُحتملة:
-
استمرارُ الصراعِ وتصاعدُ العنف: قد يستمر التنافس بين الفصيلين على النفوذ والموارد، مما يؤدي إلى زيادة الهجمات المسلحة وتصاعد العنف في المنطقة، هذا السيناريو قد يُفاقم الأوضاع الأمنية والإنسانية، ويُزيد من مُعاناة السُكان المحليين.
-
تحالفٌ مُحتملٌ بين الفصيلين: بالرغم من الخلافات الأيديولوجية والتكتيكية، قد تدفعُ الضغوطُ الخارجيةُ كلا الفصيلين إلى تشكيل تحالف تكتيكي لمواجهة القوات الحكومية والتحالفات الإقليمية، هذا التحالف قد يزيدُ من قوةِ الجماعاتِ المسلحة ويعقّد جهود مكافحة الإرهاب.
-
انشقاقاتٌ داخليةٌ وتفكك الفصيلين: قد يؤدي استمرار الخلافات والضغوط العسكرية إلى انشقاقاتٍ داخليةٍ في صفوف الفصيلين، مما يضعف قدراتهما العملياتية ويؤدي إلى تراجع نفوذهما في المنطقة.
-
تعزيزُ التعاونِ الإقليميِ والدولي: قد تُثمر الجهود المشتركة بين دول المنطقة والمجتمع الدولي في تعزيز القدرات العسكرية والأمنية، مما يساهم في تقليص نفوذ الجماعات المسلحة واستعادة الاستقرار في منطقة بحيرة تشاد.