المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الشرق الأوسط > تأتى فى سياق مضطرب… قراءة فى انتخابات إيران الرئاسية المرتقبة
تأتى فى سياق مضطرب… قراءة فى انتخابات إيران الرئاسية المرتقبة
- يونيو 26, 2024
- Posted by: hossam ahmed
- Category: تقارير وملفات وحدة الشرق الأوسط
لا توجد تعليقات
إعداد: شيماء عبد الحميد
يبدو أن إيران تجاوزت ملف وفاة “إبراهيم رئيسى” سريعًا، حيث تستعد طهران لاختيار الرئيس التاسع فى تاريخ الجمهورية الإسلامية يوم 28 يونيو الجارى، وذلك خلال انتخابات رئاسية مبكرة، ولا شك أن هذه الانتخابات تقع محل اهتمام من قبل مختلف القوى الإقليمية والدولية، نظرًا لأنها تأتى فى سياق مضطرب سواء كان داخليًا أو خارجيًا:
نظرة على قائمة المرشحين:
أعلنت وزارة الداخلية الإيرانية، يوم 9 يونيو 2024، أن مجلس صيانة الدستور أقر بأهلية 6 مرشحين لخوض السباق الرئاسى، تم اختيارهم من بين 80 طلبًا للترشح للانتخابات الرئاسية؛ وهم[1]:
رئيس مجلس الشورى الحالى محمد باقر قاليباف؛ وهو أصولى تقليدى.
الأمين العام السابق لمجلس الأمن القومى الإيرانى وعضو مجمع تشخيص مصلحة النظام سعيد جليلى؛ وهو محافظ متشدد.
عمدة طهران على رضا زاكانى؛ وهو محافظ متشدد أيضًا.
نائب مدينة تبريز فى البرلمان مسعود بزشكيان؛ وهو المرشح الإصلاحى الوحيد.
وزير العدل الأسبق مصطفى بور محمدى؛ وهو من المحافظين المعتدلين.
النائب البرلمانى السابق والرئيس المحافظ المُتشدد لمؤسسة الشهداء والمحاربين القدامى أمير حسين قاضى زاده هاشمى؛ وهو من الأصوليين.
ومن المقرر أن تدخل إيران فترة الصمت الانتخابى صباح 27 يونيو الجارى، قبل بدء التصويت بطريقة الانتخاب المباشر فى اليوم التالى، فيما تقرر موعد جولة الإعادة فى الجمعة التالية الموافقة 5 يوليو المقبل؛ حال لم يفز أى من المرشحين بالأغلبية المطلوبة، وذلك وفقًا للمادة “13” من قانون الانتخابات الرئاسية.
وبالنظر فى قائمة المرشحين وانتماءاتهم السياسية، فإن هناك مجموعة من الملاحظات التى تعبر عن السباق الانتخابى الإيرانى المرتقب؛ وأهمها[2]:
سيطرة للمحافظين على قائمة المرشحين؛ حيث ينتمى 5 من أصل المرشحين الـ6 للرئاسة إلى التيار المحافظ، وخاصةً جبهة الصمود التى تُعتبر أكثر الأحزاب المحافظة تشددًا والتى تستحوذ على غالبية مقاعد البرلمان، وبالتأكيد أن هذا يتوافق مع رغبة المرشد “على خامنئى” فى الحفاظ على السلطة فى يد المحافظين، نظرًا لحساسية المشهد الداخلى والإقليمى الذى تشهده الجمهورية الإسلامية فى طهران، واحتمالية أن تشهد الفترة الرئاسية الجديدة، اختيار المرشد الثالث فى تاريخ نظام ولاية الفقيه، ولا شك أن هذا الأمر يستوجب أن يكون الرئيس أصولى، بما يتماشى مع اتجاه خامنئى.
استبعاد متعمد للمعتدلين والإصلاحيين؛ فمجلس صيانة الدستور الذى يتولى سلطة النظر فى أهلية المرشحين للانتخابات، استبعد الإصلاحيين البارزين فى الداخل الإيرانى، حتى لا يكون وجودهم فى السباق الانتخابى مؤثرًا على حظوظ التيار المحافظ، ولذلك أقر بعدم أهلية طلبات الترشح لكل من: رئيس مجلس الشورى الأسبق “على لاريجانى”، ونائب الرئيس الإيرانى الأسبق حسن روحانى، وإسحاق جاهنجيرى، والرئيس الأسبق محمود أحمدى نجاد، والذى اُستبعد أيضًا فى انتخابات 2017 و2021.
مسعود بزشيكان هو الحصان الأسود للتيار الإصلاحى؛ فعلى الرغم من الحرص على استبعاد الشخصيات المعتدلة والإصلاحية المعروفة والتى لها ثقل من السباق الانتخابى، إلا أنه برز اسم “مسعود بزشكيان” ليكون الحصان الأسود فى رهان التيار الإصلاحى الأخير فى الانتخابات المرتقبة، حيث يتوقع البعض أن يكون منافسًا شرسًا للتيار المحافظ، وذلك نظرًا لأنه هو من أب تركى وأم كردية، كما يتولى منصب نائب مدينة تبريز، عاصمة محافظة أذربيجان الشرقية، ذات الأغلبية الأذرية فى إيران، وهو ما يمكنه أن يحصل على تأييد الأقليات الإيرانية وعلى رأسهم الأقلية الأذرية التى تمثل 20% من الشعب الإيرانى، يُضاف إلى ذلك أن جميع الجبهات الإصلاحية أعلنت دعمها وتأييدها له فى الانتخابات، فضلًا عن دعم وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، المُلقب بـ”مهندس الاتفاق النووى”، لبزشكيان والذى بدوره اختار ظريف ليكون مستشارًا له فى السياسة الخارجية.
غياب الشخصية التوافقية عن التيار المحافظ؛ حيث يُعد كل من جليلى وقاليباف المرشحان الأقوى لدى التيار الأصولى، وهو ما يعنى أن أصوات المحافظين قد تنقسم بين أكثر من مرشح، وهو ما يقلل من الكتلة التصويتية للتيار الأصولى لصالح الإصلاحيين، وهذا يختلف عن انتخابات 2021، والتى شهدت انسحاب جميع الأصوليين والتوافق على شخص “إبراهيم رئيسى” ليكون ممثل التيار الوحيد فى الانتخابات، مما أدى إلى حصوله على جميع أصوات المحافظين من الشعب الإيرانى، وتوليه السلطة بسهولة، ولكن يبدو أن جليلى وباقر قاليباف غير مستعدين للإقدام على ذلك، إلا إذا جاء أمر من المرشد باتباع نفس الأسلوب قبيل يوم 28 يونيو وهو الموعد المقرر للانتخابات، حتى يضمن بقاء الحكم فى يد الأصوليين.
توقعات بنسب مشاركة متدنية؛ من المتوقع أن تكون المشاركة فى الانتخابات الرئاسية القادمة متدنية، وذلك استنادًا على استمرار انخفاض نسب المشاركة فى الانتخابات خلال السنوات القليلة الماضية؛ حيث شهدت انتخابات عام 2021، نسبة مشاركة هى الأقل بواقع 49%، كما أن انتخابات مجلسى الشورى وخبراء القيادة التى أُجريت فى مارس الماضى، شهدتا أيضًا أقل نسبة مشاركة بواقع 41% فقط، وهى الأدنى منذ الثورة الإسلامية فى طهران، وبالتالى يُتوقع مشاركة ضعيفة وخاصةً فى ضوء حالة النفور التى تولدت لدى الشعب بعد ما ارتكبه النظام الإيرانى من جرائم واعتقالات على إثر الاحتجاجات التى قامت بعد مقتل الفتاة الكردية “مهسا أمينى”.
جولة إعادة محتملة؛ فى ضوء توقع مشاركة شعبية ضعيفة فى الانتخابات، ومع غياب الشخصية التوافقية عن التيار الأصولى حتى الآن، واحتمال أن تنقسم الأصوات بينهم، فمن المرجح ألا يحصل أحد المرشحين على الأغلبية المطلوبة، وبالتالى يتم اللجوء إلى جولة إعادة.
تحديات الرئيس القادم:
تأتى الانتخابات الإيرانية المرتقبة فى وقت تواجه فيه طهران مجموعة معقدة من الضغوط الداخلية والخارجية، والتى سيكون على الرئيس القادم أن يتعامل معها ويحدد آليات معالجتها؛ وأهمها[3]:
الأزمة الاقتصادية الطاحنة فى البلاد؛ تتزايد الأوضاع الاقتصادية والمعيشية فى إيران سوءًا، خاصةً مع استمرار العقوبات الأمريكية الواقعة عليها وبالأخص المرتبطة منها بالنفط وصادراته، ولذلك سيكون الملف الاقتصادى من الملفات الرئيسة التى يجب أن تحظى باهتمام الرئيس القادم، وهو ما يدركه المرشحون الـ6، وقد انعكس ذلك فى تعهداتهم جميعًا للشعب الإيرانى بإنعاش الاقتصاد المتدهور.
تأزم الملف النووى؛ حيث توقفت المفاوضات بشأن إحياء الاتفاق النووى، مع استمرار طهران فى سياسة تخفيض الالتزام ببنود الاتفاق، إلى جانب التصعيد الأوروبى الأخير ضد البرنامج النووى الإيرانى، وذلك بإحالة مشروع قرار يدينها إلى مجلس محافظى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبالفعل أيد المجلس القرار يوم 7 يونيو الجارى، بأغلبية 20 صوتًا مقابل اعتراض صوتين وامتناع 12 عن التصويت، ولذلك سيكون هذا الملف هو صاحب الأولوية فى اهتمامات الرئيس القادم، وقد انعكس ذلك فى الحملات الدعائية للمرشحين الـ6.
احتدام الوضع الإقليمى؛ وذلك على خلفية حرب غزة المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023، والتى أدت تبعاتها إلى وصول الوضع إلى حد تبادل الهجمات الصاروخية بين إيران وإسرائيل بشكل علنى ومباشر للمرة الأولى، إلى جانب مخاطر توسع الحرب بين تل أبيب وحزب الله اللبنانى، فضلًا عن استمرار الضربات الأمريكية البريطانية على مواقع جماعة الحوثى اليمنية، والأمريكية الإسرائيلية على مواقع المليشيات الإيرانية فى العراق وسوريا، أى أن أذرع طهران فى المنطقة تواجه مأزقًا حقيقيًا، قد يهدد مشروعها الإقليمى، وبالطبع سيكون الرئيس القادم معنى بالتعامل مع هذا الخطر، والذى قد يصل إلى مزيد من التدهور.
مأزق ملف خلافة المرشد؛ وهذا يُعتبر أكبر وأهم تحدٍ قد يواجه النظام الإيرانى، لأنه يهدد استمرارية نظام ولاية الفقيه الذى خلقته الثورة الإسلامية فى عام 1979، وقد عمقت وفاة “إبراهيم رئيسى” المفاجأة، من تأزم هذا الملف، لأن رئيسى كان المرشح الأبرز والأكثر حظًا ليخلف على خامنئى فى منصب المرشد الأعلى، ولذلك لا شك أن تحديد هوية المرشد القادم ستكون أكثر الملفات احتدامًا فى عهد الرئيس المقبل.