أصبحتْ الآثارُ المترتّبةُ على تغيّر المناخ جليّةً في منطقة الخليج. إذ تشهد المنطقة، والتي هي في الأساس من المناطق الأكثر جفافًا وسخونةً في العالم، إرتفاعًا في درجات الحرارة بمعدل يساوي ضعف المتوسّط العالميّ، وبناءً على ذلك، بدأتْ حكومات الدول الخليجية تُدرك أنّ الإستراتيجياتِ المُخصصة أو الأحادية الجانب ليست كافيةً لمُعالجةِ هذه الأزمات البيئية المتصاعدة والعابرة للحدود، بل تحتاج إلى جهود متضافرة وتعاون فعّال، غير أنّ تحقيق هذا التحول يتطلّب تخطّيَ الانقسامات الجيوسياسية العميقة، وهو ما دفعَ دولَ الخليج العربية إلى التفاعل مع القوى العالمية في إطار الجهود الدولية لمكافحة تغيّر المناخ، فالدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي قد صادقت على الاتفاقيات الدولية مثل “اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ” و”اتفاق باريس للمناخ”، كما وضعت أهدافًا طموحة للوصول إلى “صافي الانبعاثات الصفرية” بحلول مُنتصف القرن الحالي.
أولًا: آثارُ تغيّرِ المُناخ على دول مجلس التعاون الخليجي
سجلّ عددٌ من بلدان المنطقة درجاتِ حرارة قياسية مثيرةً للقلق في السنوات الأخيرة، غالبًا ما تتجاوز الـ50 درجة مئويةً في أشهر الصيف[1]، علاوةً على ذلك، تشهد المنطقة تراجعًا في الهطولات المطرية السنوية، غير أنها في الوقت نفسه تعاني من زيادةٍ في تكرار الفيضانات، وتظهر تداعيات تغيّرِ المناخ على منطقة الخليج العربي من خلال ما يلي:
1- تزايدُ الظواهرِ الجوية المتطرفة في دول الخليج:تعاني منطقةُ الخليج العربي من تزايدٍ مستمرٍ للظواهر الجوية المتطرفة مثل العواصف الترابية والأعاصير، إضافةً إلى الفيضانات المفاجئة التي تعرضت لها بعضُ الدول في المنطقة خلال السنوات الماضية، على سبيل المثال، تعرضت سلطنة عمان في أكتوبر 2021 لإعصار شاهين الذي خلّفَ فيضاناتٍ وانهياراتٍ أرضيةً أودت بحياة العديد من الأشخاص ونزوح مئات آخرين[2]، وبالنظر إلى التوقعات المستقبلية،من المُتوقع أن تشهدَ المنطقةُ ارتفاعًا في درجات الحرارة بمعدل يتراوح بين 1 إلى 2 درجة مئوية بحلول عام 2050 [3] ، ومع نهاية القرن من المتوقّعِ أن يرتفعَ هذا المعدلُ ليصلَ إلى 4-6 درجات مئوية[4]، كما أظهرتٌ دراسةٌ أُجريتْ عام 2018 أن ارتفاعَ درجات الحرارة بمقدار 3 درجات مئوية يمكن أن يتسببَ في خسائرَ كبيرةٍ في الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي، تتراوح بين 0.2% و 0.5% انخفاض سنوي بعد عام 2027، وبين 1.5% و 3% بداية من عام 2067 [5]، ووفقًا للتوقعات المتعلقة بموجات الحرارة المستقبلية، ستكون هذه المناطق مُهددةً بمستوى غير مسبوق من الحرارة في العقود القادمة، فمن المُحتمل أن يصلَ عددُ الوفيات بسبب موجات الحر إلى 15 ألف حالة سنويًا بحلول خمسينيات القرن الحالي، مُقارنةً بـ 5 آلاف حالة في بداية القرن.[6]
2- الأمنُ المائيُ والغذائيُ تحت الضغط:تُعد إمدادات المياه واحدةً من أكبر القضايا التي تواجهُ دولَ مجلس التعاون الخليجي نظرًا لقلة موارد المياه العذبة في المنطقة وارتفاعِ مُعدلات التبخر، تعتمدُ المنطقةُ بشكلٍ كبيرٍ على المياه الجوفية، سواء السطحية أو العميقة، لتلبية احتياجاتها الأساسية، ولكن تراجع مُعدلات هطول الأمطار خلال السنوات الأخيرة قد قلل من إمكانيةِ الاعتماد على هذه الخزانات، بالإضافة إلى ذلك، أصبحت تحليةُ المياه هي الحلَ البديل؛ حيث كانت مياه البحر المحلاة توفر نحو 20% من احتياجات المياه في 2021 [7]، لكن عملية تحلية المياه تتطلبُ مواردَ طاقة ضخمة، مما يُزيد من الانبعاثات الكربونية ويُعرض الموارد المالية لدول الخليج للمزيد من الضغوط.
3- تأثيرُ موجاتِ الحرارة على النشاط الاقتصادي: إن خطرَ موجاتِ الحرارة المُتزايدة يشكل تهديدًا مُباشرًا على اقتصاديات دولِ مجلس التعاون الخليجي، خاصةً فيما يتعلق بإنتاجية العمالة المهاجرة والقطاع الصناعي، فمن المُتوقّع أن ترتفعَ درجاتُ الحرارة في المنطقة إلى مستوياتٍ قد تتجاوزُ 60 درجةً مئويةً في الصيف بحلول عام 2050 [8]، مما سيؤثر بشكل كبير على العمل في الأماكن المفتوحة مثل البناء والإنشاءات، يُشكل هذا الضغط تحديًا إضافيًا في ظل الاعتماد الكبير على العمالة الخارجية لتنفيذ مشاريع البنية التحتية الكبرى، ويرتبط ذلك بمخاطرَ اقتصاديةٍ كبيرةٍ، حيث من المتوقع أن تتسبب هذه الموجات في تقليص النشاط الاقتصادي في المنطقة، ومن المُمكن أن تتراوحَ الخسائرُ في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 8% بحلول عام 2050 نتيجة للحرارة الشديدة[9]، وقد بدأت تلك التأثيرات بالظهور فعلاً، حيث سجلت تقارير عن مؤتمر كوب 28 في دبي عام 2023 درجات حرارة تفوق الـ 42 درجة مئوية[10]، مما يُؤثر سلبًا على سلامةِ وصحةِ العمال الذين يعملون في الهواء الطلق، من ناحيةٍ أخرى، يرتبطُ ارتفاعُ درجاتِ الحرارة في الصيف بتزايد الضغوط على شبكة الطاقة، بما في ذلك توفير الكهرباء لاستخدام أنظمة التكييف والتبريد، وهو ما أدى إلى مشاكل في إمدادات الطاقة على مستوى الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة، وأدى هذا إلى اضطراباتٍ اجتماعيةٍ في بعض الدول مثل العراق، وهو سيناريو مرشح للتكرار في دول مجلس التعاون الخليجي.
4-تأثيرُ ارتفاعِ مستوى سطح البحر وعواصف المحيطات على البنية التحتية الساحلية:يُعد ارتفاعُ مستوى سطح البحر وتزايدُ عواصف المحيطات من أخطر التحديات التي تُواجه دول مجلس التعاون الخليجي في ظل تغير المناخ، حيث تأثرتْ عدةُ مناطقَ ساحليةٍ بهذه الظاهرة بشكلٍ مباشر، كما بحلول عام 2050، يُتوقع أن تشهدَ المدنُ الساحليةُ في السعودية مثل الدمام وجدة فيضاناتٍ منتظمةً نتيجةَ ارتفاع مستوى سطح البحر، وحسب الدراسات، فإن مستوى البحر قد يرتفع بمقدار متر واحد بحلول عام 2100 [11]، مما سيؤثر على بنية الساحل الخليجي. المملكة العربية السعودية استثمرت بشكلٍ كبيرٍ في تطويرِ مشاريعَ سياحيةٍ على سواحلها، ومع ذلك، سيؤدي ارتفاع مستوى البحر إلى غمر 350 ميلاً مربعًا من السواحل السعودية على البحر الأحمر وحوالي 240 ميلاً مربعًا على خليجها العربي[12]، في نفس السياق، ستخسرُ الإماراتُ وقطر مساحات كبيرة من الأراضي الساحلية، مما يهددُ القطاعَ السياحيَ والمشاريع الاقتصادية الضخمة في هذه المناطق.
ثانيًا: كيف تتعاملُ دولُ الخليج مع ملف المناخ؟
خلقَ تغيّرُ المناخ تحدّياتٍ فريدةً من نوعها لدول الخليج العربية، واستجابةً لذلك، اتّخذت حكومات منطقة الخليج خطوات كبيرة من أجل التعامل مع هذا الملف:
1- مشروعاتُ الطاقة المتجددة في دول الخليج:تُعد دولُ الخليج العربي من بين الأكثر طموحًا في تحقيق الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة، حيث وضعت المملكة العربية السعودية هدفاً طموحاً بتوليد 50% من طاقتها من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 [13]، من جانبها، تسعى دولة الإمارات إلى توليد 44% من طاقتها من مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2050 [14]، بينما تتمسكُ دولٌ أخرى مثل سلطنة عمان والكويت وقطر بنسب تهدف إلى إنتاج 30%، 15% و 20% على التوالي بحلول عام 2030[15]، وتُعد الإمارات نموذجًا في هذا المجال من خلال مشروعاتٍ ضخمةٍ للطاقة الشمسية، بما في ذلك “مجمّع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية” الذي يولّد 5 آلاف ميجاوات، ومحطة “نور أبوظبي” التي تُعد من بين أكبر المحطات الكهروضوئية في العالم، وتشملُ مشروعاتُ الطاقةِ المتجددةِ الأخرى في الإمارات أيضًا مدينة مصدر، والتي تُعد أحد أرقى المجتمعات الحضرية المستدامة على مستوى العالم[16]، وتسهم في التحول إلى تقنيات الطاقة النظيفة، المملكة العربية السعودية كذلك تُسهم بفاعليةٍ في هذا المجال من خلال الإعلان عن مشروعات جديدة للطاقة المتجددة في 2022، تشمل ثلاثة مشروعات لطاقة الرياح بقدرة 1800 ميجاوات في مدن مثل ينبع والغاط، بالإضافة إلى مشروعات للطاقة الشمسية في الحناكية وطبرجل، وفي قطر، تمَّ إطلاقُ محطةٍ كبيرةٍ للطاقة الشمسية في الخرسعة بقدرة 800 ميجاوات تزامنًا مع استضافة كأس العالم 2022 [17]، مما يُعكس التوجه الجاد نحو تأكيد التزامهم في تبني مشاريع طاقة نظيفة ومتجددة.
2- تقنيةُ احتجاز الكربون وتخزينه: تُسهم تقنيةُ احتجاز الكربون وتخزينه بشكلٍ كبير في تحقيقِ أهدافِ الانتقال إلى عالم خالٍ من الوقود الأحفوري وتقليل الانبعاثات الكربونية، إدراكًا لأهمية هذه التقنية، تعملُ دول الخليج على تطوير قدراتها في هذا المجال، إذ تسعى المملكة العربية السعودية لزيادةِ قدرتها على احتجاز وتخزين الكربون إلى 44 مليون طن سنويًا بحلول عام 2035[18]، في إطار استراتيجيتها للطاقة النظيفة، وأما في الإمارات، فإن شركةَ بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) تهدفُ إلى زيادةِ قدرةِ احتجاز ثاني أكسيد الكربون لاستخدامه في مصانع معالجة الغاز الطبيعي. كما تستفيدُ مشروعاتُ الاحتجاز والتخزين في منطقة الخليج من البنية التحتية المتطورة فيها، حيث تُعد المنطقة موطنًا لأكبر المشروعات العالمية في هذا المجال، والتي تُشكل نحو 10% من الحجم العالمي لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون.[19]
3- البُنى المؤسسية لإدارة العمل المناخي: عززت حكومات دول الخليج مُؤسساتها المعنية بالعمل المُناخي من خلال إنشاء كياناتٍ مُتخصصةٍ لمتابعةِ العمل المناخي وحمايته، ما يُظهرُ التزاماً كبيراً لتحقيق الأهداف البيئية، في الكويت، على سبيل المثال، تتولى الهيئة العامة للبيئة رئاسةَ اللجنة الوطنية المعنية بالأوزون والتغير المناخي، بينما يتولى المجلس الأعلى للبيئة في البحرين مسئولية اللجنة الوطنية لتغير المناخ، في الإمارات، تم تأسيس مجلس الإمارات للتغير المناخي والبيئة في عام 2016 بهدفِ رفعِ مشاركةِ القطاع الخاص في جهود مواجهة التغير المناخي[20]، وقد أطلقت الدولة أيضًا مُؤسسة زايد الدولية للبيئة لدعم مبادرات التوعية البيئية، في قطر، تم إنشاء وزارة البيئة والتغير المناخي في عام 2021 ضمن جهود الحكومة لمعالجة قضايا المناخ على مستوى إقليمي ودولي[21]، كما تمَّ تبنّي خطة وطنية لتوجيه عمليات صُنع القرار في هذا الصدد، يأتي كل ذلك لتأكيد على تكامل أطر العمل المناخي والتخطيط السليم للانتقال نحو الحياد المناخي.
4- المُبادراتُ الخضراءُ الطموحةُ في دول الخليج: أطلقتْ دول الخليج عددًا من المُبادرات الخضراء التي تركز على تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة، في الإمارات، أُعلن عن “المبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050” لتكونَ أولَ دولةٍ في المنطقة تُعلنُ عن هدفِ تحقيقِ الحياد المناخي [22]، المملكة العربية السعودية أيضًا أطلقت “مبادرة السعودية الخضراء” [23] في عام 2021 التي تسعى إلى تحقيقِ أهدافٍ بيئيةٍ طموحةٍ تشمل تقليل الانبعاثات الكربونية، وزراعة ملايين الأشجار وحماية البيئة البرية والبحرية. على جانب آخر، البحرين تستهدف الوصول إلى “الحياد الصفري” من الانبعاثات الكربونية بحلول العام 2060 [24] في حين أعلنت عن “خطة التشجير” ومبادرة المدن الخضراء، كما تشاركُ دولُ الخليج بفاعليةٍ في تعزيز دور منتدى “الحياد الصفري للمُنتجين”، الذي يضمُ أبرزَ منتجي النفط والغاز في العالم، حيث يسعى المنتدى إلى تعزيزِ الاقتصاد الدائري للكربون وتطويرِ تقنياتٍ جديدةٍ لخفض الانبعاثات وتحقيق صافي الانبعاثات الصفري على مستوى عالمي بحلول 2050.[25]
5- التعاونُ الإقليميُ في مجال المناخ: دول الخليج تعملُ على تعزيزِ التعاون الإقليمي في مجال المناخ من خلالِ مبادراتٍ إقليميةٍ مبتكرةٍ تُسهمُ في تعزيز التوجه نحو العمل المناخي الجماعي في الشرق الأوسط، أبرز تلك المبادرات “مبادرة الشرق الأوسط الخضراء”، التي تم إطلاقها في قمة أكتوبر 2021 [26]والتي هدفت إلى جعْلِ دولِ المنطقة أكثر فعالية في مواجهات آثار التغير المناخي، تتضمنُ المبادرةُ هدفًا طموحًا بزراعة 50 مليار شجرة في المنطقة وتقليل انبعاثات الكربون الناتجة عن النفط بنسبة 60% [27]، وقد أتاحَ هذا الحوارُ الإقليمي الفريد لدولِ الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فرصة أكبر للتعاون المشترك وتعزيز أهداف التنمية المستدامة ورفع كفاءة أنظمة الطاقة الخضراء في المنطقة.
ثالثًا: التقييمُ والاستنتاجات
تشهدُ دولُ مجلس التعاون الخليجي تغيراتٍ ملحوظةً في إدراكها لأهمية مُواجهة تغير المناخ، وذلك في سياق تحديات داخلية وخارجية مُتزايدة، على الرغم من اعتماد اقتصادات دول الخليج بشكل أساسي على عائدات النفط والغاز، فقد بدأت العديد من هذه الدول بتنفيذ سياسات للتحول نحو التنويع الاقتصادي والمُساهمة في الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ، ولكن لا تزال هذه الجهود تواجهُ قيودًا ناجمةً عن الاعتماد الكلي على الوقود الأحفوري، وتنافس الأولويات الاقتصادية، وغياب رؤيةٍ مُوحدة على مستوى الإقليم، ويظهر ذلك من خلال ما يلي:
1- غيابُ التنسيقِ على المستوى الكلي: الهيكلية المؤسسية الحالية في دول مجلس التعاون الخليجي غالبًا ما تُلقي بعبء سياسات تغيّرِ المُناخِ على وزارات أو هيئات منفردة، دون أن يتمَ إشراكُ القطاعات الاقتصادية الأخرى أو دمج الجهود البيئية في خطط التنمية الوطنية، كما أن الافتقارَ إلى نظامٍ مؤسسيٍ موحدٍ للإشراف على تنفيذ المبادرات البيئية يُعوقُ فرصَ تعزيز التعاون الفعّال بين الدول الأعضاء. غياب جهة تنسيق إقليمية قوية يجعل المبادرات المتعلقة بتغير المناخ هامشية وغير مُتجانسة، حيث يتم تطبيقها على أساس كل حالة على حدة بدلاً من العمل وفق خطط مُترابطة طويلة الأمد.
2- التوتراتُ الإقليميةُ عائق أمام التعاون:حيث بالرغم من وضوح الحاجة إلى التعاون الإقليمي بين دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أن هذه الحكومات لا تزالُ تواجهُ صعوباتٍ في تحقيقه نتيجة للتوترات السياسية الإقليمية والمنافسة بين القوى العالمية، كما يؤثّر بروزُ صراعاتٍ جديدةٍ وعودة صراعات قديمة في وتيرة التعاون والالتزامات، ورغم إطلاق العديد من المبادرات المهمة التي تقودها دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أن هذه الجهود غالبًا ما تأتي مبعثرةً وتركز على مصالح ضيقة، متعمدةً استثناء بلدان أخرى في المنطقة من إطار التعاون مثل العراق وأيضًا اليمن.
3- اختلافُ أبعادِ السياسات البيئية من دولة لأخرى:حيث تختلفُ سياساتُ المُناخِ في دول الخليج إذ يرتبطُ بعضها بصورةٍ مباشرة بالتحولات في استراتيجيات التنويع الاقتصادي، فعلى سبيل المثال، تأتي رؤية السعودية 2030 كإطار عمل لتعزيز الاستدامة في المملكة، بينما تعتمدُ قطر والإمارات نهجًا يتضمن مزيجًا من الطاقة النظيفة والبنية التحتية المستدامة، ولكن تتفق جمعيها في تحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحالي.
يُتوقع على المدى المتوسط، أن دولَ الخليج ستواجهُ ضرورةَ إيجاد حلول مبتكرة للتوفيق بين تعظيم العائدات من قطاع الطاقة التقليدي وخفض الانبعاثات، حيث قد يؤدي التوجهُ العالميُ نحو تسعير الكربون وفرْضِ لوائح بيئية صارمة إلى تقليل الطلب على النفط والغاز، مما سيدفعُ دولَ الخليج إلى تبنّي استراتيجياتٍ منخفضة الكربون تسعى للتكيف مع التحولات الهيكلية، ومن الأهمية بمكان أن تُركّز دول الخليج على إنشاء إطار عملٍ إقليميٍ، يكون بمنزلة آلية موحدة للتخطيط والمراقبة. يتيح هذا الإطارُ للدولِ تبادل المعلومات والخبرات، وتحقيق تضافر الجهود في مواجهة التحديات البيئية المشتركة مثل ندرة المياه وارتفاع درجات الحرارة.
ختامًا:
يُعد التعاونُ الإقليميُ شرطًا أساسيًا لنجاح الجهود المناخية، سواء على المستوى البيئي أو الاقتصادي، هذا التعاون من شأنه أن يوفرَ تعزيز الابتكار والاستدامة في السياسات المناخية الفرصة لتحويل المنطقة إلى لاعبٍ رئيسيٍ في مكافحة تغيّرِ المناخ على الصعيد العالمي، مع تعزيز قدرتها على تحقيقِ أهدافِ التنميةِ المستدامةِ.
المصادر:
[1] دراسة: يمكن خفض الحرارة بمدينة الرياض 4.5 درجات، الجزيرة نت، تاريخ النشر: ٢١ فبراير ٢٠٢٤، متاح على الرابط: https://linksshortcut.com/FwJhN
[2] لقطات صادمة لما تركه وراءه إعصار شاهين..11 قضوا في عمان، العربية، تاريخ النشر: ٥ أكتوبر ٢٠٢١، متاح على الرابط: https://linksshortcut.com/EKlla
[3] أحمد صوان، خطوة نحو الكارثة.. حرارة الأرض ترتفع أكثر من 1.5 مئوية في 2024، القاهرة الإخبارية، تاريخ النشر: ١١ يناير ٢٠٢٥، متاح على الرابط: https://linksshortcut.com/XvXUy
[5] Kompas, T., Pham, V.H. and Che, T.N., 2018. The effects of climate change on GDP by country and the global economic gains from complying with the Paris climate accord. Earth’s Future, 6(8), pp.1153-1173, available at: https://agupubs.onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1029/2018EF000922
[13] أهداف طموحة وخطوات واسعة نحو التحول الطاقي في السعودية، العربية، تاريخ النشر: ١٣ فبراير ٢٠٢٤، متاح على الرابط: https://linksshortcut.com/HpLWh
[14] التعافي الأخضر: ما بين تحديات تغيُّر المناخ والسياسات الخضراء الطمُوحة لدول الخليج، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، تاريخ النشر: ٨ ديسمبر ٢٠٢٣، متاح على الرابط: https://linksshortcut.com/qCBuN
[18] أومود شكري، السعودية تؤدي دورًا رياديًا في الحوار العالمي لاحتجاز الكربون، الطاقة، تاريخ النشر: ٢٠ نوفمبر ٢٠٢٣، متاح على الرابط: https://linksshortcut.com/jKLJf
[19] “أدنوك” الإماراتية تستثمر في مشروع ضخم لالتقاط الكربون، سكاي نيوز العربية، تاريخ النشر: ٦ سبتمبر ٢٠٢٣، متاح على الرابط: https://linksshortcut.com/PJDOs
[22] الطاقة والبنية التحتية” تدعم تحالف الموانئ العالمية للهيدروجين لتمكين التحول في قطاع الطاقة بالإمارات، وكالة أنباء الإمارات، تاريخ النشر: ٢٣ يناير ٢٠٢٢، متاح على الرابط: https://www.wam.ae/ar/details/1395303013981
