المقالات
تداعياتُ تجنيدِ الجماعات الإرهابية لقبائل الفولانى فى غرب أفريقيا
- ديسمبر 8, 2024
- Posted by: hossam ahmed
- Category: الدراسات الأمنية والإرهاب تقارير وملفات
إعداد/ إلهام النجار
باحث مساعد في برنامج الإرهاب والتطرف
تشهدُ منطقةُ غرب أفريقيا مُنذ سنوات تصاعدًا في الأنشطة الإرهابية، وذلك بالتزامن مع تنامي ظاهرة تجنيدِ الجماعاتِ المُسلحة لعناصر من قبائل الفولانى، وتُعرف هذه القبائل بانتشارها الواسع عبر بلدان غرب أفريقيا، وبتاريخها الاجتماعي والثقافي المُميز الذي يجعلها هدفًا جذابًا لهذه الجماعات، مستغلةً الظروفَ الاقتصاديةَ والسياسية والاجتماعية التي تعيشها هذه القبائل لتجنيدِ أفرادها، مما يُعزز من انتشارِ وتوسّع الجماعات الإرهابية في المنطقة، والفولانيون هم أقلية عِرقية من البدو تُعد 30 مليون نسمة ويتركزون بشكل رئيسي في دول مالي والنيجر والسنغال والسودان وغيرها، ويعملون في الزراعة ورعيِ المواشي وهو أمر يُسهلُ في كثيرٍ من الأحيان استهدافهم من قِبل الجماعات الإرهابية التي تنشطُ في المنطقة، وتؤجج التغيرات المُناخية من وضع تلك القبائل الذين يجدون أنفسهم أمام معادلة صعبة تدفعهم بسرعة نحو الجماعات الإرهابية[1].
أولًا: أسبابُ استهدافِ الجماعات الإرهابية لقبائل الفولانى:
تلعبُ العواملُ الاقتصادية والاجتماعية دورًا حاسمًا في استهداف الجماعات الإرهابية لقبائل الفولانى في غرب إفريقيا، التي تُعاني من التهميشِ الاقتصادي والافتقار إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة، مما يجعلُ أفرادها عُرضةً للتجنيد من قِبل الجماعات المُسلحة التي تستغلُ هذه الأوضاع لتقديم وعودٍ بتحسين أوضاعهم المعيشية، ومن أبرز هذه الأسباب كالتالي:
-
الحرمانُ الاقتصاديُ والاجتماعي:
يعيشُ العديدُ من أفراد الفولانى في ظروفٍ اقتصاديةٍ صعبة بسبب اعتمادهم على الرعي المُتنقل، وهو نشاطٌ يتعرض للتهديد نتيجة تغيُر المُناخ، ونقصِ الموارد، والتنافس على الأراضي، والفقر المستشري بينهم يدفع الشباب إلى البحث عن مصادر بديلة للدخل، مما يجعلهم عُرضةً للإغراءات المالية التي تُقدمها الجماعات الإرهابية.[2] وكذلك التهميش الاجتماعي والسياسي حيث تُعاني هذه المجتمعات من الإقصاءِ من مراكزِ صُنعِ القرار على المستويين المحلي والوطني، ضعف التمثيل السياسي يجعلُ مطالبهَم واحتياجاتهم غير مُلباه، مما يُعزز الشعورَ بالظلم والاغتراب ويزيدُ من احتمال انضمامهم للجماعات الإرهابية التي تُقدِم نفسَها كبديلٍ للدولة[3]، بالإضافة إلى ضعف البنية التحتية والخدمات العامة حيثُ المناطق التي تسكنُها قبائلُ الفولان غالبًا ما تكون مُهملةً من قِبل الحكومات، كما تُعاني من غياب المدارس والمستشفيات والمرافق الأساسية، هذا الإهمال يخلقُ فجوةً تستغلها الجماعاتُ الإرهابيةُ من خلال توفير خدمات محدودة أو الوعود بها لكسب ولاء المجتمعات المحلية[4] ، أيضًا التنافس على الموارد الطبيعية من أهم الأسباب، ونتيجةً لتغيُرِ المُناخ وزيادةِ الضغط السكاني أصبح الرُعاةُ من الفولانى في مواجهةٍ متكررةٍ مع المزارعين المستقرين، ومن ثم تؤدي هذه الصراعات إلى تفاقم الشعور بالاضطهاد، مما يجعلُ الجماعاتِ الإرهابية حليفًا مُغريًا للفولان لتوفير الحماية أو الانتقام.[5]
-
الصراعاتُ المحليةُ على الموارد:
يتسببُ التنافسُ على المراعي والمياه بين الفولانين والجماعات الزراعية المستقرة في خلْقِ توترات، مما يجعلُ أفرادَ الفولان يشعرون بالاضطهاد ويبحثون عن وسائل للدفاع عن أنفسهم، وهو ما تستغلهُ الجماعاتُ الإرهابية، ويعتمدُ نمطُ حياة الفولانى بشكلٍ كبيرٍ على الرعي والتنقل، مما يجعلهم في مواجهةٍ دائمةٍ مع المزارعين المستقرين والجماعات السكانية الأخرى على الموارد مثل المياه والأراضي الزراعية ، وتغير المناخ ونقص الموارد الطبيعية أديا إلى تدهورِ الأراضي الزراعية وتراجعِ توافر المياه والمراعي في العديد من مناطق غرب أفريقيا، مما زادَ من التنافس بين الرعاة والمزارعين، غالبًا ما يُتهم الفولان بتدميرِ الأراضي الزراعية أثناء تنقلهم، مما يؤدي إلى صراعاتٍ عنيفة.[6]
-
الدوافعُ الأيديولوجيةُ والدينية:
تعتمدُ بعضُ الجماعات الإرهابية، مثل “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” و”جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، على خطابٍ دينيٍ للتأثير على مجتمعات مثل الفولانى، خاصةً في ظل ضعفِ المؤسساتِ الدينية المحلية، يُعرف الفولان بأنهم مسلمون في الغالب، لكنهم يتبعون تقاليدَ إسلاميةً محليةً متنوعة، تسعى الجماعات الإرهابية إلى استغلال هذه الخلفية الدينية لتجنيدِ أفراد الفولان تحت شعارات “الجهاد”، مُستخدِمة خطابًا أيديولوجيًا ودينيًا يهدفُ إلى كسْبِ ولائهم وإدماجهم في حركاتها المُسلحة، ومن أبرز العوامل المرتبطة بالدوافع الأيديولوجية والدينية: التلاعب بالمظلومية الدينية[7]، وأيضًا استغلال غياب التعليم الديني الصحيح في المناطق الريفيةِ حيث تنتشرُ تلك القبائل، يكون التعليم الرسمي (وخاصة الديني) ضعيفًا، مما يترك المجالَ مفتوحًا للجماعات الإرهابية لنشر تفسيراتٍ متشددةٍ للإسلام تستهدفُ المجتمعات المحلية[8]. أيضّا استخدام خطاب الجهاد حيث تدّعي الجماعاتُ الإرهابيةُ، مثل “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، أن نشاطَها العسكري يهدفُ إلى إقامة “حكم إسلامي” يتماشى مع الشريعة، هذه الدعوات تستهدفُ تلك العناصر الذين يشعرون بالإقصاءِ أو التهميش، مما يجعلهم أكثر تقبلًا لهذه الأفكار.[9] وتعزيز الهوية الإسلامية العابرة للحدود حيث تعملُ الجماعات الإرهابية على استغلال الطبيعةِ العابر للحدود لقبائل الفولانى من أجل نشر أيديولوجياتها ويتم تصوير هذه القبائل كجزءٍ من “أُمة إسلامية” واحدة تحتاجُ إلى الوحدة لمواجهة “الظلم” الذي يُمارس ضدها.[10]
-
غيابُ الدولةِ وضعفُ الحوكمة:
تعاني الدول التي ينتشرُ فيها الفولانى من ضعفِ السُلطة المركزية في المناطق الريفية، مما يجعلها بيئةً ملائمةً لنفوذ الجماعات الإرهابية التي تُقدمُ نفسهَا كبديلٍ للدولة، ويُعد غياب الدولة وضعفُ الحوكمة من العوامل الرئيسية التي تُسهمُ في استهداف الجماعات الإرهابية لهم، عندما تفشلُ الدول في توفيرِ الخدمات الأساسية، وحفظِ الأمن، وإدارة النزاعات المحلية، تنشأ فراغاتٌ في السُلطة تستغلها الجماعاتُ الإرهابيةُ للتمدد، كما أن هذه القبائل التي تعيشُ في مناطقَ نائيةٍ غالبًا، تكون في طليعة المتأثرين بضعف الحوكمة، مما يجعلها فريسةً سهلةً لهذه الجماعات.[11]
ثانيًا : استراتيجيات التجنيد:
تعتمدُ الجماعاتُ الإرهابيةُ في غرب أفريقيا على استراتيجيات متعددةٍ لتجنيدِ أفراد من قبائل الفولانى، مستفيدة من الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تجعل هذه القبائل عُرضةً للتجنيد، تتمثل هذه الاستراتيجيات في استغلالِ التوترات العِرقية، واستخدام الأيديولوجيا الدينية، وتقديمِ الإغراءات الاقتصادية، والتلاعب بالنزاعات المحلية، ويمكنُ توضيح هذه الاستراتيجيات كالآتي:
استغلال الفقر والتهميش الاقتصادي:
تُقدمُ الجماعاتُ الإرهابيةُ رواتبَ أو مساعداتٍ ماليةً للأفراد مقابل انضمامهم، مستغلةً الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها قبائل الفولان، وتوفير فرص معيشية بديلة حيث تَعِدُ الجماعاتُ الإرهابيةُ الشبابَ من الفولانى بوظائفَ ودخولٍ ثابتة، خاصةً في ظل نُدرةِ الفُرص الاقتصادية في مناطقهم.[12] وكذلك استخدامُ الأيديولوجيا الدينية، حيث تعتمد الجماعاتُ الإرهابيةُ على دعاةٍ متشددين لترويج أيديولوجيات دينيةٍ تبررُ العنف، مع التركيز على شعارات “الدفاع عن الإسلام” و”الجهاد”، واستغلال الأمية الدينية حيث تستغلُ الجماعاتُ ضعفَ المعرفة الدينية لدى بعض أفراد الفولانى للتأثير عليهم وإقناعهم بضرورة الانضمام إلى صفوفها.[13]
التلاعبُ بالصراعاتِ العِرقية والمحلية:
تحاولُ التنظيماتُ الإرهابيةُ تقديمَ نفسها كحامٍ لقبائل الفولانى في مواجهة الصراعات مع المجتمعات الزراعية، مما يُسهلُ كسْبَ دعم الفولانى، وكذلك الاستفادة من المظلوميات العِرقية حيث تُروجُ الجماعاتُ لفكرةِ أن الفولانى يتعرضون للتمييز والتهميش من قبلِ الحكومات والمجتمعات الأخرى، مما يُعزز مشاعر الغضب والرغبة في الانتقام.[14]
توفيرُ الحماية والأمن:
حيثُ إنه في ظل غيابِ الدولة وضعفِ الأمن في مناطق الفولان، تُقدم الجماعاتُ الإرهابيةُ نفسها كقوةٍ توفرُ الحماية وحل النزاعات كبديل للدولة، وخلق تحالفات محلية تعمل الجماعات الإرهابية على بناء تحالفاتٍ مع قادةٍ محليين في قبائل الفولان لتعزيز نفوذها وضمان ولاء السكان.[15]
استخدامُ شبكاتِ التواصل الاجتماعي والإعلام :
تعتمدُ الجماعاتُ الإرهابيةُ على وسائل التواصل الاجتماعي لنشرِ مقاطع فيديو وخطابات تروجُ لأفكارها وتستهدفُ الشباب، بما في ذلك أفراد الفولانى، والتواصل المباشر مع الشباب حيث تُنشئ الجماعاتُ شبكاتِ تجنيد محليةٍ تعتمد على أفراد من الفولان أنفسهم للتواصل مع أقرانهم.[16]
التجنيدُ عبر الترهيب والإكراه:
حيث تُجبرُ الجماعاتُ الإرهابيةُ الأفرادَ أحيانًا على الانضمام إليها عبر تهديد حياتهم أو حياة عائلاتهم واستغلال ضعفِ الأجهزةِ الأمنية يؤدي ضعْفُ وجودِ القوات الحكومية في مناطق تلك القبائل إلى تسهيلِ عملياتِ التجنيد القسري.[17]وتقديم الخدمات الاجتماعية، حيث تُقدم الجماعاتُ الإرهابيةُ خدماتٍ أساسيةً للمجتمعات التي تعاني من غياب الدولة، مما يعززُ قبولَ السكان لها كبناء المدارس والعيادات.[18]
ثالثَا: آثارُ التجنيدِ على المنطقة:
يُعدُ تجنيدُ الجماعاتِ الإرهابية لقبائل الفولان في غرب إفريقيا تحديًا أمنيًا وإنسانيًا له تأثيراتٌ بعيدةُ المدى على المنطقة، يتسبب هذا التجنيد في تفاقمِ الصراعات العرقية، وزعزعة الاستقرار الإقليمي، وإضعافِ التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مما يعمّقُ أزماتِ المنطقة ويهددُ السلْمَ والأمنَ الدوليين ومن أبرز هذه الاثار :
1- تصاعدُ العنفِ والنزاعات المسلحة ومنها:
أدى تجنيدُ الفولان إلى تعزيزِ قدرات الجماعات الإرهابية في شنِّ هجماتٍ واسعةِ النطاق على المجتمعات المحلية والبنى التحتية[19] وتصاعد الصراعات العرقية حيث يُنظرُ إلى تجنيد الفولان على أنه انحيازٌ عِرقيٌ، مما يؤدي إلى زيادةِ التوترات بين الفولان والجماعات الأخرى، مثل المزارعين المستقرين.[20]
2- تفاقمُ الأزماتِ الإنسانية:
تؤدي الهجماتُ المرتبطةُ بتجنيدِ الفولان إلى تهجير السكان من المناطق المتأثرة وزيادة النزوح الداخلي ، مما يخلقُ أزمةً إنسانيةً ضخمةً تتضمنُ نقصَ الغذاء، والمأوى، والخدمات الصحية[21] وارتفاع معدلات الفقر والجوع حيث يؤدي النزوحُ والتوتراتُ إلى تعطيل النشاط الزراعي والرعوي، مما يزيد من معدلاتِ الفقر والجوع في المجتمعات المحلية، وكذلك إضعافُ سُلطة الدولة ومؤسساتها، حيث يُنظرُ إلى فشلِ الحكومات في احتواء الجماعات الإرهابية أو تقديم الحماية للمجتمعات على أنه دليلٌ على ضعفها، وتآكل الثقة في الحكومات، مما يُزيدُ من عُزلةِ السكان المحليين ويعمقُ الشعور بالإحباط[22]، واستنزاف الموارد الأمنية، تُضطر الدولُ إلى توجيهِ مواردَ كبيرةٍ لمواجهة الإرهاب على حساب تقديم الخدمات الاجتماعية والتنموية، بالإضافة إلى الإضرار بالتنمية الاقتصادية، حيث ينتجُ عن النزاعاتِ المسلحةِ تعطيلُ الأسواقِ والأنشطةِ التجارية والاقتصادية، خاصةً في المناطق الحدودية التي تعتمدُ على التجارة العابرة للحدود، وكذلك انخفاضُ الاستثمارات، حيث يؤثرُ عدم الاستقرار في ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، مما يؤدي إلى تراجع الاستثمارات في القطاعات الحيوية مثل الزراعة والطاقة.[23]
3- تعزيزُ الشبكاتِ الإجراميةِ العابرة للحدود:
يساهمُ تجنيدُ الفولانين في تعزيز الشبكات الإرهابية المتصلةِ بتهريبِ الأسلحة والمخدرات والبشر، مما يزيدُ من تعقيد الأوضاع الأمنية في المنطقة.[24] وتفاقم الأزمات الإقليمية والدولية حيث يجعلُ تجنيدُ عناصر تلك القبائل الجماعات الإرهابية أكثرَ قدرةً على تنفيذ هجماتٍ تتجاوزُ الحدودَ الوطنية، مما يُشكل خطرًا على الأمن الدولي و إضعاف التعاون الإقليمي حيث تساهمُ الهجماتُ الإرهابية في تعقيد العلاقات بين الدول المجاورة، خاصةً عندما تتهمُ بعضُها البعض بالتقصير في منْعِ التهريب أو تجنيد الأفراد عبر الحدود.[25]
رابعًا: تحدياتٌ قائمةٌ
تجنيدُ الجماعاتِ الإرهابيةِ لقبائل الفولانى يشكلُ تحديًا متعددَ الأبعاد، حيث تستغل هذه الجماعات الفجواتِ السياسيةَ والاجتماعية والاقتصادية لإقناع الأفراد بالانضمام إليها، وفيما يلي أبرز التحديات:
1- التهميشُ الاجتماعيُ والاقتصادي:
تُعاني قبائلُ الفولان من التهميش في العديدِ من الدولِ الإفريقية، مما يجعلها أكثرَ عُرضةً للاستغلال من قِبلِ الجماعات الإرهابية، وكذلك الفقرُ وقلةُ الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية يجعلُ الأفرادَ يبحثون عن مصادرَ بديلةٍ للدخل والاستقرار، وهذا يُسهّل هذا الوضعَ عمليةُ التجنيد، حيث تقدم الجماعات الإرهابية وعودًا بحياة أفضل أو أيديولوجيات تمنح شعورًا بالهوية والانتماء.[26]
2- ضعْفُ الأجهزةِ الأمنيةِ:
تعيشُ قبائلُ الفولانى في المناطق الريفية حيث غالبًا ما تكونُ بعيدةً عن سيطرة الدولة، ونقصِ الموارد والتدريب لدى قوات الأمن يجعلها غيرَ قادرةٍ على حماية السكان المحليين ويتركُ ذلك فراغًا أمنيًا تستغله الجماعات الإرهابية لتوسيعِ نفوذها، بالإضافة إلى الأيديولوجيات المتطرفة: حيث تستغل الجماعاتُ الإرهابيةُ الدينَ لإقناع الأفراد بأفكارٍ متطرفةٍ، ويتم استهدافُ المجتمعات الفقيرة ثقافيًا أو تلك التي لديها إحساسٌ بالاضطهاد، ويجذبُ الأفرادَ الذين يشعرون بالغربة عن النظام السياسي والاجتماعي.[27]
3- ضعفُ التنسيق الإقليمي والدولي:
تعوقُ قلةُ التنسيق بين الدول الإفريقية، خصوصًا في منطقة الساحل وغرب إفريقيا، والتباين في الأولويات بين الحكومات الوطنية والمؤسسات الدولية، من مواجهةِ هذه التحديات بشكلٍ فعال واستغلال التنقل التقليدي، حيث الفولان مجموعةٌ رعويةٌ تقليديًا، مما يجعلها متنقلةً باستمرار عبر الحدود، والجماعات الإرهابية تستغلُ هذه الحركة غير المنظمة لتهريبِ الأسلحةِ والمجندين، ويزيد من صعوبة مراقبة وتحجيم نشاط الجماعات الإرهابية.[28]
ختامًا: يُمكن القولُ إن ظاهرةَ تجنيد الجماعات الإرهابية لأفرادٍ من قبائل الفولانى ليست مجردَ مشكلةٍ أمنية، بل تعكس أزماتٍ هيكليةً عميقةً تتعلقُ بالتنمية والعدالة الاجتماعية، ومن هُنا، فإن حلَ المشكلة يتطلب جهودًا شاملة تجمع بين الإصلاح السياسي، التنموي، والأمني، ويمثل الاستثمارُ في تحسين حياة السكان وبناءِ السلام المحلي حجر الزاوية في أي استراتيجية فعالةٍ لمواجهةِ التطرفِ العنيف في غرب إفريقيا، وفي حال عدم انتباه الحكومات والتواصل مع الفولانيين فإن ذلك سيدفعهم للانتماءِ والانضمام للجماعات الإرهابية بما يُشكّلُ قنابلَ موقوتةً على المجتمعات الأفريقية، وأن تجنيدَ الفولانيين سيزيدُ من متاعب دول المنطقة الأمنية نظرًا لهشاشةِ الوضع في ظل وجود جماعاتٍ إرهابيةٍ متنافسةٍ مثل داعش والقاعدة وعددٍ من الجماعات المُسلحة الأخرى.
المصادر:
[1] الحيدري، صغير،”التهميش يدفع شباب “الفولان” الأفريقي إلى جماعات الإرهاب”،إندبندنت عربية، تم النشر بتاريخ 16 نوفمبر 2024، متاح على الرابط التالي: https://www.independentarabia.com/node/612121/
[2] Sangare, B. (2019). Fulani people and Jihadism in Sahel and West African countries. Foundation Pour La Recherche Strategique.Avaliable on:https://www.frstrategie.org/sites/default/files/documents/programmes/observatoire-du-monde-arabo-musulman-et-du-sahel/publications/en/201911.pdf
[3] International Crisis Group (2021), “The Fulani Factor in West Africa’s Conflict Zones”.
[4] Boutellis, A., & Mahmoud, Y. (2017). Investing in peace to prevent violent extremism in the Sahel-Sahara Region. Journal of Peacebuilding & Development, 12(2), 80-84.
[5] Sule, P. E. (2023). Pastoralism, Farmer-Herder Conflicts, and Banditry in the Western Sahel. In Banditry and Security Crisis in Nigeria (pp. 19-35). Routledge.
[6] UNEP (2021), “Climate Change and Resource Conflicts in the Sahel”.
[7] Cline, L. E. (2023). Jihadist movements in the Sahel: Rise of the Fulani?. Terrorism and political violence, 35(1), 175-191.
[8] Diallo, Amadou (2020), “Religious Radicalization in West Africa: A Case Study of Fulani Communities”.
[9] International Crisis Group (2021), “The Fulani Factor in West Africa’s Conflict Zones”.
[10] Lecocq, Baz (2021), “Transnational Islam and Jihad in the Sahel: Fulani Perspectives”.
[11] OECD (2021), “Preventing Violent Extremism in the Sahel Region: Governance and Development Challenges”.
[12] Haruna, A. I. (2022). The Rising Trends of Violent Extremism in West Africa: A Threat to Regional Security. Uluslararası İlişkiler Çalışmaları Dergisi, 2(2), 111-131.
[13] Finkel, S. E., McCauley, J. F., Neureiter, M., & Belasco, C. A. (2021). Community violence and support for violent extremism: Evidence from the Sahel. Political Psychology, 42(1), 143-161.
[14] Alemu, M. (2018). Violence, insecurity and marginality in pastoralist spaces: the Horn of Africa and the Sahel regions. The Strategic Review for Southern Africa, 40(2).
[15] Tombong, J. (2023). Analysis of the Gaps and Vulnerabilities in the Fight Against Terrorism in the Ecowas Region (Doctoral dissertation, Cavendish University Uganda).
[16] Human Rights Watch (2023), “Online Radicalization and Recruitment in Sahel Communities”.
[17] Niang, A. (2014). Ransoming, compensatory violence, and humanitarianism in the Sahel. Alternatives, 39(4), 231-251.
[18] Agbiboa, D. E. (2013). Armed groups, arms proliferations and the amnesty program in the Niger Delta, Nigeria. Journal of Third World Studies, 30(2), 39-63.
[19] Hassan, H. A. (2020). A new hotbed for extremism? Jihadism and collective insecurity in the Sahel. Asian Journal of Peacebuilding.Available on:https://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=3752833
[20] International Crisis Group (2021), “The Fulani Factor in West Africa’s Conflict Zones”.
[21] UNHCR (2022), “Displacement Trends in the Sahel: Impact of Violent Extremism on Local Communities”.
[22] World Bank (2022), “Governance Challenges in West Africa: The Role of Violent Extremism”.
[23] Debrah, R. I. C. H. M. O. N. D. (2021). An Assessment of The Socio-Economic Effects of Terrorism in the Sahel Region of West Africa (Doctoral dissertation, University Of Ghana).Available on:https://www.researchgate.net/profile/Richmond-Debrah/publication/369618747_
[24] ESSIEN, F. (2024). TRANSNATIONAL SECURITY CHALLENGES IN WEST AFRICA AND REGIONAL SECURITY. A Publication of Department of Peace Studies and Conflict Resolution Faculty of Social Sciences National Open University of Nigeria, 306.
[25] African Union (2021), “Regional Implications of Jihadist Recruitment in West Africa”.
[26] International Crisis Group. (2022). “Fulani Herder Conflicts and Jihadist Recruitment”. Available at: International Crisis Group.
[27] Benjaminsen, T. A., & Ba, B. (2019). “Fulani Herdsmen and Farmer Conflicts in the Sahel: Root Causes and Potential Solutions”. Journal of Peace Research, 56(6), 759-774.
[28] Lacher, W. (2020). “Driving Factors of Recruitment in Armed Groups: The Case of the Fulani in the Sahel”. African Studies Review, 63(4), 89-112.