المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الشرق الأوسط > أوراق بحثية > تصريحات إيجابية متبادلة بين الجانبين… هل يتم تطبيع العلاقات التركية السورية؟
تصريحات إيجابية متبادلة بين الجانبين… هل يتم تطبيع العلاقات التركية السورية؟
- يوليو 13, 2024
- Posted by: Maram Akram
- Category: أوراق بحثية تقارير وملفات وحدة الشرق الأوسط
لا توجد تعليقات
إعداد: شيماء عبد الحميد
عاد ملفُّ التقارُب «السوري – التركي» إلى الواجهة من جديدٍ في الآونة الأخيرة، وذلك في أعقاب تصريحات متبادلة بين الدولتيْن، تؤكد استعداد قيادتهما لتطبيع العلاقات بينهما، إلى جانب الحديث عن وساطة عراقية وروسية لتجاوز الخلافات ودعم عودة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل عام 2011، وغيرها من المؤشرات الدَّالة على احتمالية تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة؛ ما أثار تساؤلات عِدَّة حول دوافع البلديْن لإحداث اختراقٍ في هذا الشأن، وفرص نجاح هذا الاختراق، وكيفية تأثيره على سوريان خاصَّةً منطقة الشمال السوري.
أولًا: مؤشرات التقارب «السوري – التركي»
قادت روسيا وساطةً نَشِطَةً بين سوريا وتركيا، شملت لقاءات جمعت بين مسؤولي الأمن والدفاع والخارجية في الدولتيْن، ولكن هذه الوساطة تجمَّدت منذ يونيو عام 2023، على خلفية تمسُّك النظام السوري بانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية أولًا، قبل أيِّ تطبيع في العلاقات بين الدولتيْن، وهو الأمر الذي رفضته أنقرة في حينه، ولكن بعد مرور أكثر من عام على تجميد هذا المسار، عاد الحديث مُجدَّدًا عن استئناف مفاوضات التطبيع، استنادًا على مجموعة من المؤشرات، أهمها ما يلي[1]:
– تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ والذي صرَّح يوم 28 يونيو 2024، بأنه “لا يُوجد أيُّ سببٍ يمنع إقامة علاقات بين تركيا وسوريا؛ لذا سنعمل معًا على تطوير العلاقات مع سوريا، تمامًا كما فعلنا في الماضي، فقد سبق أن التقيْنا في الماضي مع السيد الأسد، حتى على المستوى العائلي، ولا يُوجد ما يدعو إلى الحديث بأن ذلك لا يمكن أن يقع غدًا”، وكذلك في السابع من يوليو الجاري، أعلن الرئيس التركي، أنه “قد يدعو الرئيس السوري بشار الأسد، إلى تركيا في أيِّ وقتٍ”.
– تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد؛ والذي صرح خلال لقائه بالمبعوث الخاص للرئيس الروسي ألكسندر لافرنتييف، في دمشق، يوم 26 يونيو 2024، بأن “سوريا منفتحة على جميع المبادرات المرتبطة بالعلاقة مع تركيا، والمستندة إلى سيادة الدولة السورية على كامل أراضيها من جهة، ومحاربة كل أشكال الإرهاب وتنظيماته من جهةٍ أُخرى”.
– الكشف عن وساطة عراقية بين الدولتيْن؛ بعد زيارة الرئيس التركي إلى العراق في أبريل الماضي، وما تلاها من زيارة رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض إلى دمشق، ولقاؤه مع الرئيس السوري، أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في بداية يونيو الماضي، عن بدْء وساطة عراقية لتقريب وجهات النظر بين سوريا وتركيا، ومحاولة إنهاء القطيعة بينهما.
وفي هذا الشأن؛ أكدت صحيفة الوطن السورية، يوم 30 يونيو الماضي، أن العاصمة العراقية بغداد، ستستضيف اجتماعًا «سوري – تركي»، سيكون بمثابة بداية لعملية تفاوُض طويلة، قد تُفْضي إلى تفاهمات سياسية وميدانية بين الدولتيْن؛ حيث من المتوقع أن يخرج اللقاء بتعهُّدٍ واضحٍ وصريحٍ وعلنيٍّ من الجانب التركي، بالانسحاب من كامل الأراضي السورية، وفْق أجندة مُحدَّدة زمنيًّا.
– الحديث عن عقْد لقاء أمني مشترك في قاعدة حميميم الروسية بسوريا؛ حيث أفادت صحيفة أيدنلك التركية بعقْد لقاءٍ عسكريٍّ رفيع المستوى بين سوريا وتركيا، برعاية روسية، في قاعدة حميميم العسكرية، الواقعة في محافظة اللاذقية السورية، يوم 11 يونيو الماضي؛ حيث ركَّزت المحادثات على التطوُّرات الأخيرة في إدلب والمناطق المحيطة بها.
– الإعلان عن قُرْب إعادة فتح معبر “أبو الزندين”؛ والذي يربط بين منطقة النفوذ التركي في شمال سوريا، ومناطق النظام السوري في ريف حلب الشمالي الشرقي، فضلًا عن انسحاب بعض الوحدات العسكرية التركية، وإعادة تمركزها قُرْب الحدود.
ثانيًا: دوافع وأهداف الدولتين لتطبيع العلاقات
تعود رغبة سوريا وتركيا في تطبيع العلاقات بينهما وتجاوز الخلافات القائمة في هذا التوقيت، إلى مجموعة من الدوافع والأهداف، يمكن إجمالها فيما يلي[2]:
أ. بالنسبة للجانب التركي:
– مواجهة الخطر الكردي المشترك؛ جاء إعلان مناطق الإدارة الذاتية الكردية في الشمال السوري؛ حيث تتمركز قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، عن تخطيطها لإجراء انتخابات محلية في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، والتي كان من المقرر إبرامها في يونيو الماضي، ولكن بسبب الرفض التركي وبعض الضغوطات الأمريكية، تمَّ تأجيلها لأغسطس المقبل، بمثابة ناقوس خطر لكُلٍّ من سوريا وتركيا، اللتان اعتبرتا الخطر الكردي تحديًا مشتركًا، يجب التصدِّي له، من خلال التنسيق بينهما؛ حيث:
تتعامل أنقرة، مع قوات قسد على أنها امتداد لحزب العمال الكردستاني، والذي ينشط في مناطق الجنوب التركي وعلى الحدود «السورية – التركية»، وتعتبره تركيا منظمةً إرهابيةً؛ نظرًا لأغراضه الانفصالية، وبالتالي ترفض تركيا أيَّ حديث عن قيام دولة كردية ذات إدارة ذاتية في الشمال الشرقي السوري، باعتبارها عاملًا مُهدِّدًا للأمن القومي التركي ووحدة وسلامة الدولة التركية.
ولذلك؛ تعتبر تركيا، أن أيَّ انتخابات في مناطق شمال شرقي سوريا، قد تُعطي شرعيةً سياسيةً وشعبيةً لـقوات “قسد”؛ ما يفرض لها وجودًا سياسيًّا شرعيًّا قائمًا على إرادة شعبية؛ وبالتالي قد تتحول هذه القوات من كوْنها مجرد ميليشيا عسكرية تسيطر على بعض الأماكن في الشمال والشمال الشرقي لسوريا، إلى سلطة سياسية مفوضة شعبيًّا.
كما أن تحوُّل قوات سوريا الديمقراطية إلى سلطةٍ سياسيةٍ، قد يعرقل ويحُدُّ من جهود تركيا لمكافحتها؛ حيث دائمًا ما برَّرت أنقرة عملياتها العسكرية ضد هذه القوات بأنها ميليشيا عسكرية غير نظامية ولا تمثل الشعب السوري، أما بعد هذه الانتخابات ستتلاشى هذه المبرِّرات؛ إذ ستحصل “قسد” على شرعيةٍ شعبيةٍ، قد تُعقِّدُ من قدرة تركيا على شنِّ هجوم عسكري عليها.
ومن هنا؛ جاء الإعلان عن هذه الانتخابات ليكون مُحرِّكًا للتقارب «السوري – التركي»، على اعتبار أن الخطر الانفصالي الذي يُشكِّلُه الأكراد، هو خطر مشترك لوحدة سوريا وتركيا، وبالتالي لا مانع من إقامة تحالف أمني يجمع الدولتيْن، للتنسيق والتحرُّك معًا ضد قوات “قسد” في الشمال السوري، واستغلال انشغال الولايات المتحدة، الداعم الرئيسي لقوات “قسد”، بالانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبل، للانتهاء من ملف التهديد الكردي بالاتفاق بين دمشق وأنقرة.
ويبدو أن قوات سوريا الديمقراطية أدركت هذا الخطر؛ لذا سارعت برفض أيِّ تقارب «سوري – تركي»، مؤكدةً في بيانً لها، أن “هذه المصالحة – وإن تمَّت – هي مؤامرة كبيرة ضد الشعب السوري بكل أطيافه؛ فأي اتفاق مع الدولة التركية هو ضد مصلحة السوريين عامَّةً، وهو تكريسٌ للتقسيم وتآمر على وحدة سوريا وشعبها، ولن يحقق هذا الاتفاق أيّ نتائج إيجابية، بل سيؤدي لتأزيم الواقع السوري، ونشر مزيد من الفوضى”.
– التحرُّر من ملف اللاجئين بعد تسييسه من جانب المعارضة؛ بات ملف اللاجئين السوريين في تركيا، والبالغ عددهم ما يقرب من 3.5 مليون لاجئ، وسياسة الباب المفتوح التي اتبعها الرئيس التركي بحقهم، ورقةً أساسيةً في يد المعارضة التركية لمهاجمة الرئيس أردوغان، من خلال الزعم بأن اللاجئين السوريين هم السبب الرئيسي في الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها أنقرة.
ونتيجةً لتسييس هذا الملف، بات هناك حالة من الرفض والعداء للسوريين المتواجدين في تركيا، ونادت الغالبية العظمى من الأتراك بترحيلهم، وفي ضوء ذلك؛ شهدت بعض المدن التركية وخاصةً قيصرى في مطلع يوليو الجاري، أعمال عنف ضد السوريين وممتلكاتهم، وردًا على ذلك؛ شهد الشمال السوري احتجاجات وأعمال عنف وإطلاق رصاص واعتداءات في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات التركية؛ ما أدى إلى مقتل سبعة أشخاص، وكذلك أعلن زعيم المعارضة التركية، ورئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل، استعداده لزيارة العاصمة السورية دمشق؛ من أجل اللقاء مع الرئيس بشار الأسد، وحلّ مشكلة اللاجئين.
وتحت هذا الضغط من قِبَلِ المعارضة التركية والرأي العام، وفي ضوء الخسارة التي تعرَّض لهذا حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية التي جرت في أبريل الماضي، تسعى تركيا إلى تسوية ملف اللاجئين، وإعادتهم إلى الأراضي السورية مُجدَّدًا، وتدرك أنها لن تستطع تحقيق ذلك إلا من خلال تطبيع العلاقات مع النظام السوري، ولهذا تبذل أنقرة قصارى جهدها لإدراك هذه الغاية، التي باتت مسألةً يتنافس النظام التركي مع المعارضة على تسويتها؛ نظرًا لكونها قضية شعبية بالنسبة للأتراك حاليًا.
– مواكبة التطوُّرات الإقليمية الحالية؛ حيث أوضحت حرب غزة أن محور المقاومة وفواعله من أذرع إيران، يلعب دورًا مهمًا في معادلة الإقليم الأمنية، خاصةً فيما يخُصُّ الأمن البحري لمنطقة الشرق الأوسط، والذي يُمثِّلُ أهمية استراتيجية واقتصادية لأنقرة وتجارتها، ولذلك رأت تركيا، أنه يجب تغيير موقفها من هذا المحور، وخصوصًا سوريا التي تُعتبر مُكوِّنًا أساسيًّا فيه.
– العوائد الاقتصادية المتوقعة من تطبيع العلاقات؛ يعاني الاقتصاد التركي من عدة ضغوطات في الوقت الراهن؛ إذ تستمر قيمة الليرة التركية في الهبوط، كما تزداد معدلات التضخم باستمرار، ولذلك تسعى أنقرة إلى الاستفادة من تطبيع العلاقات مع سوريا في تحقيق بعض المكاسب الاقتصادية.
وذلك من خلال تحوُّل دمشق إلى بوابة رئيسية للمنتجات والتجارة التركية إلى المنطقة العربية، وخاصةً دول الخليج العربي، وتوفير طريقٍ بريٍّ يصل بين أنقرة والشرق الأوسط بتكلفة أقل، عبر المرور بأراضي سوريا والأردن، بالإضافة إلى الاستفادة من عملية إعادة الإعمار، والتعاون في مجالات التنقيب واستخراج الغاز الطبيعي والنفط في شرق المتوسط.
– الاستفادة من النَّهْج التصالحي السائد في المنطقة؛ حيث يبدو أن تركيا تخلَّت عن فكرة “سوريا دون بشار الأسد”، وأدركت أنه لا مفر من إقامة علاقات طبيعية مع النظام السوري، وذلك بعد عودة سوريا إلى الجامعة العربية وحضورها القمتيْن العربيتيْن، في الرياض عام 2023، وفي المنامة في مايو 2024، إلى جانب إعلان اتفاق المصالحة بين طهران والرياض، والانفتاح العربي على دمشق وإيران، ولذلك لم يعُدْ أمام تركيا إلا الانضمام والتفاعل مع هذه التحوُّلات الإقليمية، حتى تضمن بقاءها كفاعلٍ مؤثرٍ في المنطقة.
ب. بالنسبة للجانب السوري:
– استعادة السيطرة على الشمال السوري؛ حيث يسعى النظام السوري إلى فرض سيطرته على كامل أراضي البلاد، وخاصةً مناطق الشمال سواء الغربي؛ حيث تسيطر المعارضة المدعومة من تركيا وقواتها، أو الشرقي؛ حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية فيما يُعرف بمناطق الإدارة الذاتية الكردية، وفي الحالتيْن تدرك دمشق أنه يجب التنسيق مع تركيا أولًا.
– كسب مزيدٍ من الشرعية وكسْر العُزْلة الدولية؛ حيث إن عودة العلاقات «السورية – التركية» واستقبال الرئيس الأسد في أنقرة كما دعا أردوغان، يُعزِّزُ الاعتراف بشرعية النظام السوري وكسْر عزلته الدولية، وتقوية موقفه في مواجهة المعارضة، خاصَّةً أن تركيا كانت الدولة الإقليمية الوحيدة التي دعمتها.
ثالثًا: عقبات تواجه مسار التقارب «السوري – التركي»
رغم رغبة الدولتيْن في عودة العلاقات بينهما وتطبيعها، إلا أن مسار هذه العودة يقف أمامه مجموعة من التحديات والعقبات المُعقَّدة والمتشابكة، ومن أهمها[3]:
1- صعوبة انسحاب تركيا من سوريا في الوقت الراهن؛ لأن هذا الانسحاب قد يُحْدِثُ فراغًا أمنيًّا، يصعب على الجيش السوري التعامل معه حاليًا، وهو ما من شأنه أن يعظم الخطر الكردي المتمثل في قوة قوات قسد، وبالتالي تهديد الأمن القومي التركي بشكلٍ كبيرٍ؛ لذلك تتمسك تركيا بعدم انسحاب قواتها من الشمال السوري، إلا بعد تحقيق تقدُّمٍ ملموسٍ في ملف التسوية السياسية للأوضاع السورية، وملف عودة اللاجئين، فضلًا عن تحييد الخطر الكردي وضمان أمن الحدود التركية.
وفي ضوْء هذه الشروط، يبدو أن التطبيع «السوري – التركي» في حال حدوثه بالفعل، لن يؤثر على الأوضاع في الشمال بشكلٍ كبيرٍ؛ لأنه سيكون تطبيعًا قائمًا على تقارُبٍ سياسيٍّ بين النظاميْن، وليس قائمًا على تفاهماتٍ حقيقيةٍ تُغيِّرُ من الأوضاع الميدانية في البلاد.
وحتى في حال الاتفاق على الانسحاب التركي من الأراضي السورية، سيتم ذلك وفْق ضمانات تحمي حدود تركيا، وتوفر لها حق التدخُّل عند الضرورة، مثل تعديل اتفاقية أضنة لعام 1998، ومدّ مسافة المنطقة الآمنة التي تسمح بدخول القوات التركية، من 5 إلى 30 أو 40 كيلومترًا.
2- صعوبة تطبيق سيناريو التحالف «السوري – التركي» ضد قوات “قسد” الكردية؛ نظرًا لوجود مجموعة من الأسباب التي قد تدفع النظام السوري إلى تجنُّب مواجهة قوات سوريا الديمقراطية؛ منها:
الأوضاع العسكرية والاقتصادية المُتردِّية للنظام السوري، والتي لا تسمح له بفتْح جبهة جديدة مع قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكيًّا.
انشغال روسيا بحربها في أوكرانيا، وانشغال الميليشيات الإيرانية بحرب غزة، إلى جانب تعرُّض الأخيرة لمجموعة من الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت الكثير من القيادات الإيرانية في سوريا، كُلُّ ذلك أضعف من قدرة الجيش السوري على مواجهة قوات “قسد”.
فتح جبهة جديدة ضد “قسد”، قد يزيد الأوضاع الأمنية في سوريا تدهورًا، وقد يتحول الأمر إلى حربٍ أهليةٍ مشابهةٍ للحرب التي اشتعلت بعد أحداث عام 2011، وهذا قد يُعيد القطيعة العربية والإقليمية مع النظام السوري مُجدَّدًا، وخسارة كل ما تحقَّق في هذا الشأن.
النظام السوري يستفيد من وجود قوات “قسد” كورقة ضغط لدفع تركيا لتقديم التنازلات لدمشق؛ لذا ليس من مصلحة دمشق مجابهة قوات سوريا الديمقراطية قبْل إنهاء الوجود التركي في الداخل السوري.
3- استمرار التدخُّلات الإقليمية والدولية في الشؤون السورية؛ حيث باتت سوريا ساحةً للتنافس والحرب بالوكالة بين مختلف القوى الإقليمية والدولية؛ فهناك وجود ومصالح لكلٍّ من إيران وروسيا وإسرائيل والولايات المتحدة في الداخل السوري، وبالتالي؛ لا يمكن تحقيق اختراقٍ حقيقيٍّ في ملف التقارب «السوري – التركي»، وإيجاد تسوية شاملة للأزمة السورية، إلا من خلال تسوية توافقية تشترك فيها كُلُّ الأطراف الفاعلة في المشهد السوري، بما فيها المعارضة وقوات “قسد”.
4- بقاء المعارضة المسلحة؛ لا شكَّ أن الحديث عن تطبيع العلاقات «السورية – التركية»، يثير حفيظة كُلٍّ من المعارضة وقوات سوريا الديمقراطية، وكلاهما لديه من الأسلحة والقوة ما يكفي ليكون عقبةً في مسار عودة العلاقات بين أنقرة ودمشق؛ حيث بخلاف الوجود العسكري الإيراني والروسي والأمريكي في سوريا، حافظت المعارضة وقوات “قسد” وتركيا على وجودٍ عسكريٍّ كبيرٍ، خاصةً في منطقة الشمال؛ حيث:
بلغ عدد المواقع العسكرية التركية في سوريا خلال الفترة بين منتصف عامي 2023 و2024، 126 موقعًا؛ حيث تشمل هذه المواقع 12 قاعدةً و114 نقطةً، يقع غالبيتها في محافظة حلب، التي يوجد فيها 58 موقعًا، في حين يوجد 51 موقعًا في إدلب، و10 في الرّقة، و4 في الحسكة، وموقعان في اللاذقية، وموقع واحد في حماة.
يتكون الجيش الوطني السوري، التابع لوزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، من ثلاثة فيالق ينضوي تحتها 26 فصيلًا، وجبهة التحرير مشكلة 15 فصيلًا، ويتراوح عدد الجيش الوطني السوري ما بين 70 و90 ألف مقاتل، غالبيتهم من العرب ثم التركمان وعشرات الأفراد من الكرد.
يُضاف إلى ذلك؛ هناك مجموعة من الفصائل المسلحة المختلفة، مثل: “فصائل أحرار الشام، وأحرار الشرقية، وفيلق الشام، وفرقة حمزة، وفرقة السلطان مراد”، إلى جانب فرقة سليمان شاه المعروفة بـ”العمشات”.