إعداد: أحمد محمد فهمي
مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية في شهر مايو المقبل بعد تقديم موعدها من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بسبب تزامن العطلة الصيفية والأعياد الدينية مع المواعيد التي كانت مقررة للانتخابات في شهر يونيو، يسعى الرئيس التركي أردوغان إلى تمديد حكمه المستمر لأكثر من عشرين عامًا، وسط تحديات وأزمات داخلية وخارجية، تجعل الطريق إلى قصر “بيشتبيه” ليس سهلًا كما كان في الاستحقاقات الانتخابية الماضية.
وتنبع أهمية الانتخابات المقبلة، من كونها تأتي في ظروف قد تكون الأصعب على حزب العدالة والتنمية الحاكم ورئيسه أردوغان، بعد تراجع أسهمه في الداخل التركي، بسبب تداعيات السياسات الداخلية والخارجية لأردوغان والتي أثرت إلى حد كبير على المواطن التركي، كذلك فإن المعارضة التركية قد تغيرت عن السنوات السابقة، فقد تشكلت العديد من التحالفات الانتخابية والتي تضم إلى جانب أحزاب المعارضة المعروفة كحزب الشعب الجمهوري، أحزاب انشق أعضاؤها من الحزب الحاكم نفسه، وأبرزها حزب المستقبل للرئيس السابق لحزب العدالة والتنمية أحمد داود أوغلو، وحزب الديمقراطية والتقدم لمهندس النهضة الاقتصادية على باباجان، كما تشكل تحالف بين الأحزاب الكردية وهو ما قد يوحد الكتلة التصويتية للأكراد تجاه دور جديد وفعال إزاء القضايا الكردية وتطلعاتها.
وعلى صعيد الانتخابات الرئاسية، برز في هذا السباق لمنافسة الرئيس الحالي أردوغان، عدد من الشخصيات التي صارت مؤثرة في الحياة السياسية التركية، وأبرزها أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول، ومحرم اينجه المرشح السابق في انتخابات 2018، مع احتمالية تقديم المعارضة التركية لمرشح واحد للسباق الرئاسي، يوحد كافة الأصوات المعارضة لاستمرار نظام الحكم الحالي.
بالتالى فإن هذه الانتخابات تشكل تحديًا كبيرًا واختبارًا صعبًا لحزب العدالة والتنمية، في ظل خروج استطلاعات الرأي بالعديد من النتائج والإحصاءات التي تكشف تعدد سيناريوهات الانتخابات القادمة، وأنها قد تحمل مفاجآت قد تفضي إلى إعادة تشكيل الحياة السياسية التركية.
أولاً: خارطة الإنتخابات التركية:
- أبرز المرشحين المحتملين للإنتخابات الرئاسية
1- رجب طيب أردوغان، الرئيس التركي الحالى ورئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم:
صعد إلى السلطة عام 2002، بعد تشكيل حزب العدالة والتنمية عام 2001، وتولى رئاسة الوزراء لمدة 11 سنة، ثم ترشح للانتخابات الرئاسية وفاز بها عام 2014، وكان وقتها ذلك المنصب شرفي وفقًا للدستور التركي، وبعد المحاولة الانقلابية الفاشلة عام 2016، دعا إلى تعديل دستوري عام 2017 ليحول نظام الحكم من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي وهو ما تكلل بالنجاح، واستطاع بعدها أن يفوز بالانتخابات الرئاسية عام 2018.
وفي شهر يونيو الماضي، أعلن الرئيس التركي نيته الترشح في الانتخابات الرئاسية، وأن حملته الانتخابية ستكون آخر مرة له كمرشح للمنصب، داعيًا الناخبين الأتراك إلى دعمه للمرة الأخيرة قبل تسليم السلطة إلى سياسيين أصغر سنًا.
2- كمال كليتشدار أوغلو، زعيم المعارضة ورئيس حزب الشعب الجمهورى:
رئيس أكبر أحزاب المعارضة، بدأ نشاطه السياسي عام 2002 بانضمامه إلى حزب الشعب الجمهوري الذي يعبر عن أفكار مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك، إلى أن وصل لرئاسة الحزب عام 2010، خاض انتخابات البرلمان التركي في نوفمبر 2002 ثم في أغسطس 2007، وفاز بعضوية البرلمان في الدائرة الثانية في إسطنبول، كما شارك الحزب بقيادته – مع حزب الحركة القومية المعارض آنذاك، وحاليًا متحالف مع حزب العدالة والتنمية الحاكم – في ترشيح أكمل الدين إحسان أوغلو للمنافسة في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في أغسطس 2014 للمرة الأولى بطريقة التصويت المباشر، لكنه خسر أمام مرشح حزب العدالة والتنمية والرئيس الحالى أردوغان.
له مواقف مناهضة بشدة لحزب العدالة والتنمية وحكوماته المتعاقبة، منها معارضته للسياسة الخارجية التركية ضد دول المنطقة وأبرزها مصر وسوريا، كما ينتمى إلى الطائفة العلوية، وهو ما يعول عليه لربح أصواتهم في الانتخابات.
لدى كليتشدار أوغلو، رغبة قوية للترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فهو زعيم أقوى حزب معارض للرئيس التركي، ولدى حزبه شعبية واسعة بين الأتراك خصوصًا بين الكماليين، وذلك على الرغم من اعتراض أطراف داخل حزبه وأحزاب مشاركة له في تحالف الأمة كحزب الجيد على ذلك، إذ يرى هؤلاء أن فرصته في منافسة أردوغان أضعف من فرص مرشحين آخرين من المعارضة، وأنه بإصراره على ترشيح نفسه يغامر بإفشال المعارضة وإعادة انتخاب أردوغان.
3- محرم اينجه، رئيس حزب البلد:
سياسي تركي، كان ينتمي لحزب الشعب الجمهوري، وكان نائبًا عن مدينة يالوفا، انفصل بعدها عن الحزب انفصل بعدها عن الحزب وقام بتأسيس حزبه الحالي حزب البلد، وذلك بعد بعد خلافاته المتعددة مع زعيم الحزب كمال كليتشدار أوغلو، خسر اينجه الانتخابات الرئاسية عام 2018 عندما ترشح أمام الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، بعدما حصل على من 30% من أصوات الناخبين الأتراك.
يصنف على أنه من العلمانيين المعتدلين، فبالرغم من إيمانه بالمبادئ الكمالية، إلا أنه كان مدافعًا عن الحق في ارتداء الحجاب وذلك خلال فترة حظر الحجاب في تركيا، ويعتبر من أشد المعارضين لتواجد اللاجئين السوريين في تركيا وقد أشار إلى أنه في حال فوز حزبه في الانتخابات المقبلة، فإنه سيعمل أولًا “على إغلاق الحدود مع سوريا، وثانيًا سنقبض عليهم واحدا تلو الآخر في الشوارع، وسنرسلهم”، مشددًا على ضرورة إغلاق الحدود التركية أمامهم.
4- أحمد داود أوغلو، رئيس حزب المستقبل:
ترأس ثلاثة حكومات متتالية، وقبلها كان وزيرًا للخارجية أثناء وجوده داخل حزب العدالة والتنمية، وكان رئيسًا لحزب العدالة والتنمية خلفًا لأردوغان الذي انتخب رئيسًا في 2014، فضلًا عن عضوية البرلمان في ثلاثة فترات تشريعية، وبعد خلافه مع الرئيس أردوغان، استقال من رئاسة الحزب في مايو 2016، وبقي نائبًا في البرلمان حتي عام 2018، وكان من أشد الرافضين للتعديل الدستورى الذي حول النظام البرلماني الى النظام الرئاسى في 2017، ثم أسس لاحقًا حزب المستقبل في ديسمبر 2019، وهو معارضًا للنظام الرئاسي وللرئيس الحالى أردوغان، أعلن داود أوغلو عن إمكانية ترشحه للرئاسة، إلا إذا كان هناك اتفاق بين الأطراف، فهو مستعد لمناقشته.
5- على باباجان، رئيس حزب الديمقراطية والتقدم:
تولى منصب وزير الخارجية ثم منصب وزير الاقتصاد إلى عام 2015 أثناء وجوده داخل حزب العدالة والتنمية، وله بصمة كبيرة في الإنجازات الاقتصادية وكان يلقب بصانع النهضة الاقتصادية التركية، وكان نائبًا بالبرلمان في 4 فترات تشريعية، وقد استقال من الحزب 2019، وأعلن في العام التالي 2020 تأسيس حزب الديقراطية والتقدم، وانتقد سياسة الحكومة الحالية، والأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي وصلت إليها تركيا، تحت قيادة حزب العدالة والتنمية، أعلن عزمه على الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة في البلاد، في حال لم يتم العثور على مرشح من قبل الطاولة السداسية.
6- ميرال أكشينار، رئيسة حزب الجيد:
تولت منصب وزيرة الداخلية عام 1996، كما شاركت في تأسيس حزب العدالة والتنمية الحاكم، إلا أنها تركت الحزب، وانضمت إلى حزب الحركة القومية لاحقًا، والذي تركته أيضًا بعد خلافها مع رئيس الحزب دولت بهتشلي، حول تأييد الحزب لتحويل النظام السياسي في تركيا إلى النظام الرئاسي والوقوف إلى جانب الرئيس التركي أردوغان، ثم أسست حزب الجيد عام 2017.
طالما رددت أنها لن تترشح للانتخابات الرئاسية – كما في عام 2018 – لرغبتها في أن تكون “رئيسة الوزراء في ظل النظام البرلماني المقبل”، لكن ثمة أحاديث باحتمال ترشحها بعد تراجع فرص كمال كليتشدار أوغلو، مرشحًا توافقيًا أو باسم حزبها.
7- أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول، وعضو حزب الشعب الجمهوري:
ينتمي إلى حزب الشعب الجمهوري الذي انضم إليه عام 2008، وقد استطاع في الانتخابات المحلية عام 2018، الفوز برئاسة بلدية إسطنبول، بعدما استطاع هزيمة بن علي يلدريم مرشح حزب العدالة والتنمية ورئيس البرلمان التركي سابقا.
وفي ديسمبر الماضي، أصدرت محكمة تركية حكماً عليه بالسجن مدة سنتين و7 أشهر مع الحرمان من الحقوق السياسية، بتهمة إهانة القضاء، وبالرغم من أن الحكم لا يزال يحتاج الى تاكيد المحاكم العليا، إلا أن الحكم الصادر له أبعادٌ وتداعيات سياسية واضحة، ذلك أن إمام أوغلو يعتبر أحد المرشحين المحتملين لمنافسة أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
لكن ترشح أكرم إمام أوغلو، يصطدم بمعارضة رئيس حزبه كمال كليتشدار أوغلو، إذا يرى نفسه الأحق في الترشح للانتخابات الرئاسية بما يملكه من صلاحيات داخل الحزب، لكن تعالت أصوات كثيرة محسوبة على المعارضة وعلى رأسها حزب الجيد، تنادي بضرورة ترشيح إمام أوغلو مقابل أردوغان، بعدِّه أقدر من رئيس حزبه على المنافسة الحقيقية وفرص فوزه أعلى، ومن المتوقع أن تعمل استطلاعات الرأي على تعزيز هذه الفكرة في المدى المنظور.
8- منصور يافاش، رئيس بلدية أنقرة، وعضو حزب الشعب الجمهوري:
بدأ حياته السياسية في حزب الحركة القومية، لكن في عام 2013 انضم إلى حزب الشعب الجمهوري، وبعدها ترشح في الانتخابات المحلية في مايو 2014 في أنقرة لكنه خسرها أمام مرشح الحزب الحاكم، وأتهم الحزب الحاكم وقتها بأنه قد تلاعب في النتائج، وترشح مرة أخرى في مارس 2019، واستطاع كسب رئاسة بلدية أنقرة بعدما كانت في حوزة العدالة والتنمية قرابة عقدين من الزمن.
بعد حادثة حي “آلتين داغ” في أنقرة، والتي شهدت وقائع دامية ضد السوريين في أنقرة، ليلة 11 أغسطس 2021، طالب يافاش حكومة بلاده بوضع خطة عمل طارئة لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، تم طرح اسمه علي الطاولة السادسة لإمكانية ترشحه لإنتخابات الرئاسة.
9- لطفي سافاش، رئيس بلدية هاتاي، وعضو حزب الشعب الجمهوري:
عضو في حزب الشعب الجمهوري ورئيس بلدية هاتاى منذ مارس 2014، وانتخب رئيسًا لبلدية أنطاكيا في عام 2009 عن حزب العدالة والتنمية الذى كان عضوًا به، ثم استقال منه وانضم إلى حزب الشعب الجمهوري عام 2014.أشارت بعض الدوائر في حزب الشعب الجمهوري، عن إمكانية ترشيحه من الحزب ليكون مرشحًا مشتركًا للطاولة السداسية، كونه شخصية تعرف بالدولة، ويمكنها الحصول على أصوات المحافظين كونه انتقل من حزب العدالة والتنمية إلى حزب الشعب الجمهوري، وفاز برئاسة بلدية هاتاي لفترتين متتاليتين، وقد يكون بمثابة “الرئيس الرمزي”.
وقد أشار سافاش لاحقًا فى إحدى البرامج التلفزيونية بانه إذا لم يكن كليتشدار أوغلو المرشح الرئاسي، فانه يرغب في أن يكون المرشح، مشيرًا أن من يصدر القرار هي الطاولة السداسية وليس لطفي سافاش.
أبرز التحالفات الإنتخابية:
التحالف الأول: تحالف الشعب:
والذي يضم حزب العدالة والتنمية تحت رئاسة رجب طيب أردوغان، وحزب الحركة القومية تحت رئاسة دولت بهتشلي، تشكل التحالف عام 2018، بعد الرؤى المشتركة بين الحزبين على تحويل نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة، وهو ما تحقق في التعديل الدستوري عام 2017، ثم تشكل التحالف لاحقًا وخاض الانتخابات في 2018 التي حظى فيها بأغلبية مقاعد البرلمان بواقع 53.7% ومقعد الرئاسة عندما فاز مرشحه رجب طيب أردوغان بالانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى بحصوله على 52.5% من الأصوات، وحكم التحالف البلاد منذ ذلك الحين.
كما خاض التحالف الانتخابات المحلية في مارس 2019 بقوائم منفصلة، تنافس خلالها الحزبان في بعض الولايات، في حين ترك حزب الحركة القومية المنافسة في الولايات الرئيسية لشريكه حزب العدالة والتنمية، والتي خسر الأخير فيها عدة ولايات مهمة منها العاصمة أنقرة وكذلك إسطنبول لصالح تحالف الأمة المعارض، ويدخل التحالف الانتخابات المقبلة، بعد ترشيح أردوغان لنفسه مرشحًا عن التحالف، وهو ما يؤيده شريكه زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشلي.
وللتحالف رؤى مشتركة إزاء العديد من القضايا منها محاربة حزب العمال الكردستاني وحركة فتح الله غولن والتخلي عن بعض الأطروحات الليبرالية، والتوافق حول البعد القومي للأمة التركية في كافة السياسات الداخلية والخارجية.
التحالف الثاني: تحالف الأمة:
يضم التحالف زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، وزعيمة حزب الجيد ميرال أكشينار، ورئيس حزب السعادة تمل كاراملا أوغلو، ورئيس حزب الديمقراطية والتقدم علي باباجان، ورئيس حزب المستقبل أحمد داود أوغلو، ورئيس الحزب الديمقراطي جول تكين أويصال.
يُعرف التحالف أيضًا إعلاميًا بــــــ”الطاولة السداسية”، وهو تحالف سياسي يضم ستة أحزاب تركية معارضة من خلفيات مختلفة، تأسس في فبراير 2022 على وقع التحضيرات لانتخابات 2023 الحاسمة، ويُعد امتدادًا لتحالف الأمة الذي تشكل سابقًا بين حزبي الشعب الجمهوري والجيد قبل الانتخابات العامة 2019، يهدف التحالف إلى العودة بالبلاد من النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني.
وفي فبراير 2022 اجتمع قادة التحالف وأصدروا بيانًا سياسيًا أعلن فيه القادة السياسيون الستة اتفاقهم على السعى إلى إنشاء نظام برلماني معزز في البلاد، وستكون سلطات الرئيس أقل مما كانت عليه في ظل النظام البرلماني السابق مع تحديد الفترة الرئاسية بولاية واحدة مدتها سبع سنوات دون إمكانية إعادة انتخابه، مع عدم تمكنه من إعلان حالة الطوارئ دون موافقة البرلمان، كما تعهدوا بتحسين العلاقات التركية مع أوروبا، وأعلنوا عن نيتهم في الدفع بمرشح واحد للانتخابات الرئاسية المقبلة.
التحالف الثالث: تحالف العمل والحرية:
وهو تحالف يضم ستة أحزاب وتنظيمات كردية ذات توجهات يسارية، ويضم حزب الشعوب الديمقراطي، وحزب العمال، وحزب الحركة العمالية، وحزب العمل، وحزب الحرية الاجتماعي، واتحاد المجالس الاشتراكية، وقد تشكل التحالف ردًا على عدم ضم التحالف السداسي المعارض بقيادة حزب الشعب الجمهوري، لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي.
ودعا حزب الشعوب الديمقراطي لبعض الأحزاب والتنظيمات الكردية للاجتماع في مبنى رئاسة حزب العمال التركي في مدينة إسطنبول، والذي توصل إلى تشكيل تحالف انتخابي بينهم وأعلنوا اعتزامهم الدفع بمرشح لخوض الانتخابات الرئاسية.
التحالف الرابع: تحالف علي مبادئ أتاتورك (لم يتم اختيار الاسم الرسمي بعد):
يضم التحالف والذي يرتكز على مبادئ الجمهورية التركية ومؤسسها مصطفى كمال أتاتورك، حزب البلد الذي يترأسه المرشح الرئاسي السابق محرم إينجه، وحزب النصر اليميني برئاسة أوميت أوزداغ، وحزب العدالة برئاسة وداد أوز، وحزب اليمين برئاسة رفعت سردار أوغلو.
وأعلن التحالف أنه سيكون متوافقًا مع قوانين تأسيس تركيا وفلسفة حزب الاستقلال وأتاتورك والجمهورية، ولن يضم التحالف من يعارضون أتاتورك والعلمانية، مشددين بأن هدفهم هو إعادة تركيا إلى قوانين تأسيسها، ورفع العلم من حيث سقط، تمامًا كما تأسست الجمهورية.
وعلى الرغم من أن التحالف لا يحظى بثقل في الشارع التركي، لكنها محاولة تقلل من فرص المعارضة للالتفاف خلف مرشح “رئاسي مشترك” ينافس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالانتخابات المقبلة، وستسهم في تشتيت أصواتها.
أبرز ملامح المشهد الإنتخابي المنتظر:
مفاجآت نتائج استطلاعات الرأي:
تشير نتائج استطلاعات الرأي الحالية، إلى صعوبة حسم الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى، بالرغم من تعدد مرشحي المعارضة أمام الرئيس أردوغان، لكن من المتوقع في حالة الوصول إلى الجولة الثانية، أن تتوحد جهود كافة تحالفات المعارضة لدعم المرشح أمام الرئيس أردوغان، خاصة في ظل تعدد السيناريوهات أمام المعارضة وجاهزيتهم لتفويت كل الفرض أمام مرشح تحالف الشعب.
كما كشف استطلاع للرأي أجراه “المونيتور” بين 30 أغسطس و30 نوفمبر الماضي، أن هناك تنافسًا محتدمًا بين تحالفي الشعب والأمة، حيث تبين أن تحالف الأمة المعارض سيحصل على 36% من الأصوات مقابل حصول تحالف الشعب الحاكم على 32% من الأصوات.
تأثير السياسات والدعاية الأردوغانية:
أدت سياسات الحزب الحاكم ورئيسها أردوغان، خاصة علي الصعيد الداخلي إلى حالة من السخط لدى الشعب التركي، فالوضع الاقتصادي السيئ وموجات التضخم وأزمة البطالة وأزمة سعر الصرف وكذلك تداعيات الأزمات الإقليمية والتي أدارتها تركيا بحسابات خاطئة مثل الملف السوري وملف شرق المتوسط، والدولية كتداعيات وباء كورونا، سوف يكون لها أثر كبير على الناخب التركي.
لكن هناك مساعي للرئيس التركي من أجل إحداث تأثير على الناخبين لإعادة ترتيب المشهد لصالح تحالف الشعب، فقام أردوغان في الفترة الأخيرة على صعيد السياسة الخارجية بالسعي لإنهاء ملفات المصالحة مع الدول العربية وإسرائيل وأرمينيا، وكذلك قاد تركيا للقيام بدور مهم في الأزمة الأوكرانية في ملفات تبادل الأسرى ورعايته للمحادثات الثنائية بين روسيا وأوكرانيا وتصدير الحبوب ومشروع نقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر تركيا وغيرها، وعلى الصعيد الداخلي اتخذت حكومته عدة خطوات منها تقديم المساعدات الحكومية للأسر والشركات الصغيرة، وإلغاء ما قيمته 1.61 مليار دولار أمريكي من ديون الطلاب وغرامات فيروس كورونا وفواتير المرافق غير المدفوعة.
حسابات وأزمات المعارضة:
تدخل المعارضة التركية هذه الانتخابات بتحالفات أقوى وتنظيم أفضل من الانتخابات السابقة، على الرغم من وجود ثلاثة تحالفات تقف أمام تحالف الشعب الحاكم، إلا أن تحالف الأمة يعتبر الأوسع شعبية والأفضل انتشارًا بين صفوف تحالفات المعارضة، خاصة بعد ضم الأحزاب المحافظة وعلى رأسها أحزاب السعادة والمستقبل والديمقراطية والتقدم، وهو ما قد يوفر للمعارضة أصوات الناخبين المحافظين الناقمين على الحزب الحاكم.
كما أنه بعد النجاح الذي حققه تحالف الأمة في الانتخابات المحلية لعام 2019، وسيطرته على الولايات الكبرى، بدأ التحالف يأمل الفوز في الانتخابات العامة المقبلة، مستغلًا في ذلك وضع الشارع التركي السلبي تجاه سياسات الحزب الحاكم، ومحاولة البحث عن قوى جديدة تعيد ترتيب الأوضاع الداخلية بحيث تراعي أولويات المواطن التركي وخاصة تحسين أوضاعه الاقتصادية، بالتالى يسعى التحالف إلى إيجاد تفاهمات مشتركة بين الرؤى والأيدلوجيات المختلفة لأعضائه للدفع بمرشح واحد يوحد جهود المعارضة في الانتخابات الرئاسية، كذلك توحيد القوائم البرلمانية.
لكن على الرغم من تلك الطموحات إلا أن التحالف لم يحسم حتى الآن مرشحه للرئاسة، في ظل خلافات أعضائه، فرئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو يرفض الدفع بأحد أعضاء حزبه مثل أكرم إمام أوغلو، أو منصور يافاش، أو لطفي سافاش، ويريد أن يترشح بنفسه كونه زعيم المعارضة وأكبر أحزابها، إلا أن رغبات كليتشدار أوغلو تصطدم برفض أكبر شركائه وهو حزب الجيد، لأنهم يرونه غير جدير للترشح، ولن يستطيع إقناع الناخب التركي، وهو ما قد يؤدي بالنهاية إلى تفكك التحالف وترشيح كل أو بعض أعضائه في الانتخابات الرئاسية.
تكتيكات التحالف الحاكم:
بعد قيام أردوغان بتقديم موعد الانتخابات من شهر يونيو إلى مايو القادم، كشف محللون أن أحد أهداف أردوغان من وراء ذلك، هو أن الدستور الحالي يمنع ترشيح الرئيس لأكثر من دورتين، لكن في حال أجريت الانتخابات قبل موعدها يمكن للرئيس الفائز مرتين بالرئاسة المشاركة في الانتخابات للمرة الثالثة، ولهذا السبب لجأ تحالف الشعب الحاكم إلى إجراء الانتخابات قبل يونيو.
كذلك قد قام الائتلاف الحاكم بفضل أغلبيته في البرلمان بتعديل في النظام الانتخابي بحيث يفرز المقاطعات الأقل كثافة سكانية أكبر عدد ممكن من النواب، حيث يتمتع تحالف الشعب بالقوة، في حين أن المدن الكبرى حيث المعارضة قوية، تفرز أقل عدد ممكن من النواب، وهذا يعطي تحالف الشعب فرصة الفوز بالأغلبية في البرلمان، وهذا لأن أردوغان يعلم بأن المدن الكبرى هي قاعدة تصويتية لحزب الشعب الجمهوري، لكن المقاطعات الريفية فهي كتلة تصويتية للحزب الحاكم.
قضية اللاجئين السوريين:
للأسف صار وجود اللاجئين السوريين في تركيا، من أبزر الموضوعات المطروحة في الدعاية الانتخابية لكافة الأحزاب المشاركة في الانتخابات، فالكل يتوافق حول ضرورة خروج اللاجئين لكن كلٌ حسب طريقته، فحزب العدالة والتنمية الحاكم يحاول اقناع النظام السوري بالمصالحة والذي يتضمن إعادة اللاجئين لسوريا وتوطينهم، وهناك أحزاب أخرى تريد التفاوض مع سوريا حول آليات عودة كافة اللاجئين لها دون الاكثرات بما قد ينتظرهم عند عودتهم، وأخيرًا الأحزاب العلمانية المتشددة والتي تريد القبض على السوريين وترحليهم فورًا وبشكل سريع إلى بلادهم مع غلق الحدود أمام عودتهم للأبد.
وختامًا:
على الرغم من أن نتائج استطلاعات الرأي تظهر مدي صعوبة الاستحقاقات الانتخابية المقبلة على الرئيس التركي أردوغان وتحالفه الانتخابي، إلا أنه لا تزال هناك الكثير من المفاجآت التي قد تغير مجرى الأمور، وذلك في ظل الكثير من العوامل من أهمها عدم تقديم المعارضة لمرشح لها في الانتخابات، والتي أشارت إلى أنها سوف تكشف عنه في فبراير المقبل.
لكن من المؤكد أنه إذا حدثت مفاجآت في نتائج الانتخابات التركية، فإن نتائجها سوف تتعدى مجرد إعادة المشهد السياسي التركي فحسب، بل سيكون لها تداعيات جيوسياسية واقتصادية سوف تعيد تشكيل الخارطة السياسية في المنطقة.
وسؤال المستقبل أنه في حال فوز المعارضة، ما موقف المؤسسات العميقة التي بناها أردوغان طيلة تواجده علي رأس السلطة؟ وكيف سيكون تعامل قوى المعارضة معها؟ والأهم ما هو مصير الملفات الإقليمية والدولية التي اضطلعت بها تركيا خلال السنوات والفترات الأخيرة؟
كل تلك الأسئلة وغيرها سوف تظهر أجوبتها حتمًا بعد فرز صناديق الاقتراع ومعرفة تطلعات الشعب التركي ورغباته.
المصادر:
“3 أسباب تدفع تركيا لتقديم موعد الانتخابات الرئاسية والنيابية”، العربية.نت، 14/1/2023، متاح على: https://bit.ly/3D8n0q6
سعيد الحاج، “الانتخابات التركية.. رهانات أردوغان مقابل رهانات المعارضة”، الجزيرة نت، 20/10/2022، متاح على: https://bit.ly/3iWpPDH
تورغوت اوغلو، “إذا لم تحسم الانتخابات التركية في الجولة الأولى قد تخسر المعارضة”، إندبندنت عربية، 31/8/2022، متاح على: https://bit.ly/3whMjCh
“تحالف الشعب.. تكتل حزبي حول نظام الحكم في تركيا من برلماني إلى رئاسي”، الجزيرة نت، 8/12/2022، متاح على: https://bit.ly/3kxz6T5
“تكتل سياسي تركي يضم 6 أحزاب معارضة- تحالف “الطاولة السداسية”.. تأسيسه وأبرز محطاته”، الجزيرة نت، 26/12/2022، متاح على: https://bit.ly/3XvGxIX
“تركيا: تحالف جديد لخوض انتخابات 2023 على «مبادئ أتاتورك»”، صحيفة الشرق الأوسط، 4/12/2022، متاح على: https://bit.ly/3kBat87
سعيد الحاج، “محاكمة رئيس بلدية إسطنبول بين القانوني والسياسي”، الجزيرة نت، 25/12/2022، متاح على: https://bit.ly/3ZSbxEL
سعيد الحاج، “هل يفوز أردوغان في الانتخابات المقبلة؟”، الجزيرة نت، 21/12/2022، متاح على: https://bit.ly/3QZSDrr
“لمواجهة أردوغان في انتخابات الرئاسة.. من هم المتنافسون على مرشح “الطاولة السداسية” للمعارضة التركية؟”، الجزيرة نت، 4/11/2022، متاح على: https://bit.ly/3kBrW0h
Bobby Ghosh, “The World’s Most Important Election in 2023 Will Be in Turkey”, Washington post, 9/1/2023, Available: https://wapo.st/3wmH0Bu
Istar Gozaydin, Ahmet Erdi Ozturk, “Who can defeat Erdogan?”, eKathimerini, 30/12/2022, Available: https://bit.ly/3Xvmt9O
Al-Monitor/Premise poll finds tight race for Erdogan in Turkey’s elections”, Al-Monitor, 7/12/2022, Available: https://bit.ly/3iTO8Cj
Andrew Wilks, “Third alliance enters the fray ahead of Turkish elections”, Al-Monitor, 26/9/2022, Available: https://bit.ly/3ZW5eQm
Turkish Govt Forgives Debts Ahead of Crucial Election”, Balkan insight, 4/11/2022, Available: https://bit.ly/3ZLYLrg
Nazlan Ertan, “Turkey’s opposition unites in advance of 2023 elections”, Al-Monitor, 1/3/2022, Available: https://bit.ly/3H2upIs