المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الشرق الأوسط > دعوة أمريكية للتفاوض: إيران بين الاتفاق تحت ضغط أو مواجهة الخيار العسكري
دعوة أمريكية للتفاوض: إيران بين الاتفاق تحت ضغط أو مواجهة الخيار العسكري
- مارس 17, 2025
- Posted by: Maram Akram
- Category: تقارير وملفات وحدة الشرق الأوسط
لا توجد تعليقات

إعداد: شيماء عبد الحميد
باحثة متخصصة في شؤون الشرق الأوسط
عاد ملفُ البرنامج النووي الإيراني إلى الواجهةِ مُجدَّدًا خلال الأيام القليلة الماضية، وذلك على خلفية إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، توجيه دعوة إلى إيران؛ من أجل التفاوض حول مصير الاتفاق النووي، الذي أوشك على الانتهاء في أكتوبر 2025، فيما ردَّت طهران برفض مبدأ التفاوض تحت الضغط الأمريكي، وهو الأمر الذي أثار قلقًا إقليميًّا ودوليًّا، خاصَّةً مع تلويح واشنطن باللجوء إلى الخيار العسكري في حال فشل الحل الدبلوماسي:
أولًا: الرئيس الأمريكي يدعو طهران للتفاوض
بدأ السِّجَال الأمريكي الإيراني حول مستقبل الاتفاق النووي الإيراني، بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال مقابلة مع “فوكس بيزنس” يوم 7 مارس 2025، أنه أرسل خطابًا إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، يحثُّهُ فيه على التفاوض بشأن الاتفاق، مؤكِّدًا أن “شيئًا ما سيحدث مع إيران قريبًا، ونأمل في اتفاق سلام يمنع طهران من امتلاك سلاح نووي”.[1]
وأشار ترامب – كذلك – إلى أنه “هناك طريقتان للتعامل مع إيران؛ عسكريًّا، أو من خلال إبرام اتفاق”، مشدِّدًا على أنه “إذا كان علينا اللجوء للخيار العسكري؛ فسيكون الأمر مريعًا جدًا لهم”.
وفي الـ8 من مارس الجاري، أعاد البيت الأبيض التأكيد على دعوة الرئيس ترامب للتفاوض على اتفاق نووي؛ حيث صرَّح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض براين هيوز، قائلًا: “نأمل أن يضع النظام الإيراني شعبه ومصالحه فوق الإرهاب”.
موقف إيراني رافض:
– المرشد علي خامنئي؛ أكَّد أن طهران لن تتفاوض تحت الضغط الأمريكي، مشيرًا إلى أن العرْض الذي تقدمت به واشنطن لبدْء المفاوضات يهدف إلى فرْض رغباتها، موضحًا الآتي[2]:
-
إصرار بعض الحكومات المستبدة على المفاوضات، ليس من أجل حلِّ القضايا، بل من أجل الهيمنة.
-
التفاوض تحت الضغط ليس سوى إملاءات أمريكية، تهدف إلى فرض شروط غير مقبولة على إيران، ليس فقط في القضايا النووية، ولكن أيضًا في مجالات القدرات الدفاعية والنفوذ الإقليمي.
-
إيران لن تقبل أبدًا بتحجيم برنامجها الصاروخي، وهذا أمر غير قابل للنقاش.
– وزير الخارجية عباس عراقجي؛ أكَّد أن بلاده لن تُجري مفاوضات مباشرة بشأن برنامجها النووي مع الولايات المتحدة؛ ما دام الرئيس دونالد ترامب يواصل سياسة الضغوط القصوى، مشدِّدًا على أنه لا يمكن تدمير البرنامج النووي الإيراني من خلال العمليات العسكرية، مضيفًا أن “أي عمل ضد إيران سوف يتبعه عمل مماثل ضد إسرائيل”.[3]
– رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف؛ أكَّد يوم 9 مارس، أن إيران لن تتفاوض تحت أيِّ ضغوط أمريكية، واصفًا دعوة ترامب للحوار بأنها “خدعة سياسية”، تهدف إلى نزْع سلاح إيران تحت غطاء “تفاوض شكلي”، موضحًا التالي[4]:
-
أي تفاوض يتمُّ تحت التهديد، وبجدول أعمال يسعى إلى فرض مطالب جديدة مقابل رفع العقوبات، لن يؤدي إلى أي نتائج إيجابية، بل سيكون مجرد محاولة لإذلال الشعب الإيراني.
-
لا تنتظر طهران رسائل من الولايات المتحدة، بل تركز على تعزيز قدراتها الداخلية، وتوسيع علاقاتها الخارجية لتقليل تأثير العقوبات.
– الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان؛ أكَّد يوم 11 مارس الجاري، أن بلاده لن تتفاوض مع الولايات المتحدة تحت التهديد؛ لأن هذا أمر غير مقبول من قبل طهران.[5]
ثانيًا: السياق ودلالات التوقيت
يأتي الجدل المُثار حاليًا بشأن مستقبل ملف الأزمة النووية الإيرانية في توقيتٍ حسَّاسٍ للغاية، وسياق إقليمي ودولي ضاغط، يزيد من تعقيد الملف وخطورة تطوراته التي لا شكَّ أنها ستنعكس سلبًا ليس فقط على الأمن القومي الإيراني، بل على أمن واستقرار المنطقة بأكملها، ومن أبرز ملامح هذا السياق:
1- عودة سياسة الضغوط القصوى على إيران؛ أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرْض سياسة الضغط الأقصى على طهران بعد تولِّيه الرئاسة الأمريكية، في يناير الماضي، وخاصَّةً فيما يخُصُّ حظْر صادراتها النفطية تمامًا، وعزلها عن الاقتصاد العالمي؛ بهدف حرمان طهران من عائدات النفط وزيادة العِبْء الاقتصادي، ومن ثمَّ؛ إبطاء تطويرها لبرنامجها النووي.
وآخر القرارات الأمريكية في هذا الشأن؛ رفْض الإدارة الأمريكية تجديد الإعفاء الممنوح للعراق، والذي كان يسمح لبغداد باستيراد الغاز الإيراني، والذي انتهى رسميًّا في 8 مارس 2025، وقد أوضحت الخارجية الأمريكية، أن القرار يهدف إلى ضمان عدم السماح لإيران بأيِّ قدْر من المتنفس الاقتصادي أو المالي.[6]
2- تمسُّك إسرائيل بالخيار العسكري ضد البرنامج النووي الإيراني؛ تصاعدت التهديدات الإسرائيلية بشنِّ ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية بعد تولِّي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه، مطلع العام الحالي، ومن المؤشرات الدالة على ذلك[7]:
-
صرَّح وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، بأن الخيار العسكري قد يكون ضروريًّا لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، خاصَّةً وأن طهران قامت بتخصيب ما يكفي من اليورانيوم لصنع عدة قنابل نووية، وهذا تطوُّرٌ سيكون له تأثير مزعزِع للاستقرار بشكلٍ كبيرٍ في الشرق الأوسط.
-
نفَّذ سلاح الجو الإسرائيلي خلال الآونة الأخيرة، عمليات إنزال لقوات الجيش التي تحتلُّ قمم جبل الشيخ السوري، في إطار تدريبات على عمليات حربية متوقعة في إيران، وذلك نظرًا للتشابه الجغرافي بين المنطقتين.
-
أكَّد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجديد إيال زامير، بأن بلاده تستعدُّ لمواجهة محتملة مع إيران، خلال النصف الأول من العام 2025.
-
دعا 77 جنرالًا وأدميرالًا أمريكيًّا سابقًا، يوم 5 مارس الجاري، الرئيس ترامب على دعْم أي عمل عسكري إسرائيلي ضد إيران، محذرين من أن طهران تقترب من امتلاك القدرة على إنتاج أسلحة نووية.
3- زيادة المخزون الإيراني من اليورانيوم المُخصَّب؛ أعرب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، يوم 3 مارس الجاري، عن قلقه البالغ إزاء توسُّع البرنامج النووي الإيراني، مشيرًا إلى التالي[8]:
-
زادت طهران من كمية اليورانيوم المُخصَّب بنسبة 60% إلى 275 كيلوجرامًا، مقارنةً بـ182 كيلوجرامًا في نوفمبر الماضي؛ ما يجعل إيران هي الدولة الوحيدة غير الحائزة للأسلحة النووية التي تصل إلى هذا المستوى من التخصيب.
-
تمتلك إيران الآن ستة أضعاف الكمية التي تعدها الوكالة كمية كبيرة من اليورانيوم عالي التخصيب، وهي الكمية التي يُمكن استخدامها في تصنيع أسلحة نووية، كما أن إجمالي مخزون إيران من اليورانيوم المُخصَّب يتجاوز الحدَّ المسموح به في الاتفاق النووي بمقدار 40 مرةً.
-
مخزون إيران من اليورانيوم المُخصَّب بنسبة 60%، يعادل ست قنابل نووية إذا رُفعت درجة نقاء اليورانيوم لـ90%، وهي النسبة اللازمة لصُنْع سلاح نووي.
-
تواصل طهران رفض التعاون الكامل مع الوكالة، بما في ذلك رفض إعادة تعيين المفتشين ذوي الخبرة، ورفض تطبيق البروتوكول الإضافي الذي كان يمنح الوكالة الوصول إلى مواقع حيوية؛ ما يضعف الشفافية في البرنامج النووي الإيراني.
-
الوكالة الدولية غير قادرة حاليًا على التحقُّق من أن أنشطة إيران النووية تقتصر على الأغراض السِّلْمية.
4- تهديد إيران بتقييد عمل الوكالة والخروج من معاهدة الانتشار النووي، مع عودة الضغوط الغربية على إيران فيما يخُصُّ برنامجها النووي، لوح البرلمان الإيراني بتشريع قوانين من شأنها فرْض مزيدٍ من القيود على مهمة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذا لاحظ سلوكًا يتعارض مع المصالح الإيرانية[9]، وإلى جانب ذلك؛ هدَّدت طهران أكثر من مرة بالخروج من معاهدة حظْر الانتشار النووي “NPT”، وكذلك بتغيير عقيدتها النووية؛ في حال تعرَّضت منشآتها النووية إلى هجوم.
وردًّا على التهديدات الإيرانية؛ أعربت فرنسا وألمانيا وبريطانيا في بيانٍ مشتركٍ، عن قلقها البالغ إزاء تهديدات إيران بالانسحاب من معاهدة حظْر الانتشار النووي، مؤكدةً أن ذلك يُشكِّلُ تهديدًا كبيرًا للنظام الدولي الذي يعتمد على هذه المعاهدة للحدِّ من انتشار الأسلحة.[10]
كما أكَّدت الدول الثلاث، التزامها بالعمل نحو حل دبلوماسي للأزمة، فيما طالبت المجتمع الدولي، بأن يظل متحدًا وحازمًا في مواجهة التهديدات النووية الإيرانية، داعيةً إلى منع إيران من تطوير أسلحة نووية.
5- تأهُّب عسكري إيراني لسيناريو الهجوم على منشآتها النووية؛ تتزايد المؤشرات التي تدل على أن إيران تستعد لحرب محتملة، خاصَّةً مع تهديد واشنطن وتل أبيب باستهداف برنامجها النووي، ومنها: مضاعفة ميزانيتها العسكرية ثلاث مرات، التسارُع المحموم في التسليح والتصنيع العسكري، لا سيما الصواريخ الباليستية والمسيرات والقاذفات، التدريبات العسكرية المكثفة والمناورات المستمرة، تعهد طهران بتنفيذ “الوعد الصادق 3” قريبًا، وتعزيز الدفاعات حول مواقعها النووية والصاروخية الرئيسية؛ بما في ذلك نشْر مزيدٍ من أجهزة إطلاق أنظمة الدفاع الجوي.
وجدير بالذكر، أن ميزانية إيران لعام 2025، تكشف عن تخصيص 420 ألف برميل نفط يوميًّا للجيش؛ ما يعادل 24% من إجمالي الصادرات، بقيمة تُقدر بـ11 مليار يورو، مقارنةً بـ4 مليارات يورو فقط في 2024؛ أيْ زيادة ثلاثية في المخصصات العسكرية الإيرانية.[11]
6- عقْد مناورات بحرية مشتركة بين إيران وروسيا والصين؛ في وقتٍ لوَّحت إسرائيل والولايات المتحدة باللجوء إلى الخيار العسكري وضرْب المنشآت النووية الإيرانية، انطلقت مناورات “حزام الأمن 2025” البحرية المشتركة بين إيران وروسيا والصين، في ميناء جابهار بجنوب شرق طهران، يوم 10 مارس الجاري.[12]
ووفقًا لوزارة الدفاع الصينية، فقد شملت المناورات ضرب أهداف بحرية، وعمليات صعود وتفتيش، وسيطرة على الأضرار، بالإضافة إلى عمليات البحث والإنقاذ المشتركة، كما تدربت السفن الحربية المشاركة على إطلاق نيران المدفعية على أهدافٍ تحاكي قوارب مسيرة وطائرات مسيرة لعدوٍ وهميٍّ بخليج عمان.[13]
7- وساطة روسية لحلِّ الخلاف النووي؛ تشهد العلاقات “الروسية – الأمريكية” نوعًا من التحسُّن والتهدئة منذ تولِّي ترامب الرئاسة الأمريكية، في يناير الماضي، وهو ما ساعد على أن تعرض روسيا وساطتها بين الولايات المتحدة وإيران، مؤكدةً عزْمها بذْل كل الجهود الممكنة لتسهيل التوصل إلى حلٍّ سلميٍّ للخلاف القائم بشأن برنامج طهران النووي.[14]
8- اجتماع ثلاثي في الصين لبحث النووي الإيراني؛ في ظل الجدل المتسارع حول مصير الاتفاق النووي، استضافت العاصمة الصينية بكين، يوم 14 مارس الجاري، اجتماعًا ثلاثيًّا بين الصين وروسيا وإيران على مستوى نواب وزراء خارجية الدول الثلاث؛ لبحث تطورات برنامج طهران النووي، وقد أكَّد الاجتماع على[15]:
-
ضرورة رفع العقوبات الأحادية غير المشروعة عن إيران، وتنسيق الإجراءات الرامية إلى خفْض التوترات حول البرنامج النووي الإيراني، والتأكيد على عدم جواز التهديدات واستخدام القوة العسكرية ضد منشآت الطاقة النووية الإيرانية.
-
دفْع تسوية سياسية محتملة مع الإدارة الأمريكية، على ضوء إعلان واشنطن استعدادها لإطلاق مسار تفاوضي، وفي إطار الاقتراح الروسي للوساطة في ملف النووي الإيراني.
-
ضرورة إيجاد حلول تفاوضية مستدامة طويلة الأمد، مبنِيَّة على الاعتبارات المتبادلة والتوازن الموثوق لمصالح الأطراف كافَّة.
9- التهديد بآلية “سناب باك” خلال اجتماع لمجلس الأمن؛ عقد مجلس الأمن اجتماعًا مغلقًا، يوم 12 مارس الجاري، لبحث زيادة مخزون إيران من اليورانيوم المُخصَّب إلى ما يقرب من درجة صنع الأسلحة، وذلك بدعوة من 6 دول أعضاء؛ وهم: “فرنسا واليونان وبنما وكوريا الجنوبية وبريطانيا والولايات المتحدة”.[16]
وخلال الاجتماع، حذَّرت بريطانيا من أنها قد تفعل آلية “سناب باك” لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران إذا لزم الأمر؛ لمنعها من الحصول على سلاح نووي، فيما اتهمت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة، الولايات المتحدة، بمحاولة استخدام مجلس الأمن كأداة لتصعيد الحرب الاقتصادية ضد طهران، مؤكدةً أنه “يجب رفْض هذا الانتهاك الخطير؛ حفاظًا على مصداقية المجلس”.
ثالثًا: إيران بين خياريْن كلاهما مُرٌّ
يبدو أن السياق الإقليمي والدولي الراهن، والذي يضع مزيدًا من الضغوط على النظام الإيراني، فيما يخُصُّ تحديد موقفه من الدعوة الأمريكية للتفاوض حول مستقبل الاتفاق النووي الإيراني، الذي تنتهي مدته في أكتوبر المقبل، أن طهران تقف بين سيناريوهيْن كلاهما صعْبٌ ومُكْلِفٌ بالنسبة لها؛ وهما:
1- قبول التفاوض تحت الضغط؛ يرى هذا السيناريو، أن طهران رغم ما أبْدته من رفْض لفكرة التفاوض تحت ضغط، إلا أنها في النهاية ستقبل بإجراء مفاوضات سرية غير مباشرة مع الولايات المتحدة؛ بغرض التوصُّل إلى اتفاق مؤقت يكون بديلًا للاتفاق النووي الحالي، ويقوم هذا الرأي على مجموعة من المُعطيات، منها:
-
حالة الضعف غير المسبوق التي تعتري إيران حاليًا، وذلك على ضوء الخسائر التي تعرَّضت لها أذرعها في المنطقة، والضربات المؤثرة التي شنَّتها إسرائيل عليها في العام الماضي، وهذا الأمر قد يدفعها إلى قبول خيار التفاوض بدلًا من التصعيد العسكري.
-
عدم قدرتها على اللعب بورقة المِلَاحة الدولية في المنطقة، والتي دائمًا ما لجأت إليها إيران كلما تعقَّدت مفاوضاتها النووية مع الولايات المتحدة؛ نظرًا للضربات الأمريكية التي تشهدها الآن جماعة الحوثي اليمنية.
-
فقدان إيران الموقف الأوروبي السابق، والذي كان يرفض التصعيد الأمريكي ضد طهران ويدعو إلى الخيار الدبلوماسي، وذلك على خلفية تدهور العلاقات “الإيرانية – الأوروبية” في أعقاب قيام إيران بتقديم دعمٍ عسكريٍّ لروسيا في حربها على أوكرانيا.
-
الوساطة التي تقودها موسكو لتقريب وجهات النظر بين إيران والولايات المتحدة؛ ما قد يعزز فُرَص قبول طهران بخيار التفاوض.
-
الوضع الاقتصادي الكارثي الذي تعاني منه إيران؛ نظرًا للعقوبات الأمريكية المفروضة عليها، وبالتالي؛ قد تضطر طهران بقبول خيار التفاوض، حتى ولو تمَّ تحت ضغط؛ من أجل التوصُّل لاتفاق قبْل أكتوبر 2025؛ حيث موعد انتهاء الاتفاق النووي، وإلا قد تواجه إيران معضلة حادَّة للغاية مع عودة العقوبات الأممية عليها.
2- اللجوء إلى خيار التصعيد العسكري؛ يرى هذا السيناريو، أن الحلَّ العسكري هو الأكثر فعالية وضرورة الآن لمعالجة الأزمة النووية الإيرانية، وخاصَّةً في ظل التطور الكبير الذي شهده البرنامج النووي الإيراني منذ الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، في 2018، ويقوم هذا الرأي على مجموعة من المعطيات؛ منها:
-
يتمتع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ولايته الثانية، بقدرٍ كبيرٍ من الحرية في التعامل مع إيران؛ إذ ليس لديه ضغوط من داخل إدارته بشأن قراراته؛ حيث أعضاء إدارته الجديدة موالون تمامًا له؛ ما يعني أن لديه مساحةً أكبر بشأن القيام بما يريده تجاه طهران، حتى ولو وصل الأمر إلى الخيار العسكري.
-
الجهود المُكثَّفة التي تبذلها تل أبيب؛ من أجل إقناع ترامب بتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران؛ استغلالًا لحالة الضعف التي تعاني منها طهران حاليًا، خاصَّةً وأن الضربات الإسرائيلية عليها أضرَّت كثيرًا بقدراتها الدفاعية؛ ما يُمثِّلُ فرصةً للمضي قدمًا في الحلِّ العسكري.
-
غياب الثقة بين الولايات المتحدة وإيران، وخاصَّةً وأن إدارة ترامب سبق لها وأن انسحبت من الاتفاق النووي، المُبْرَم عام في 2015، ومن ثمَّ؛ تعتقد طهران أن واشنطن لن تلتزم بأيِّ اتفاق سيتمُّ التوصُّل إليه، وهذا قد يدفعها إلى التمسُّك برفض التفاوض واللجوء إلى التصعيد العسكري.
رابعًا: ملاحظات ختامية
– يبدو أن عام 2025، سيكون عام الحسْم لملف البرنامج النووي الإيراني، خاصَّةً وأنه عام انتهاء الاتفاق النووي، هذا إلى جانب التوسُّع الكبير الذي يشهده البرنامج الإيراني، سواء في كمية المخزون من اليورانيوم المُخصَّب، أو الإمكانات المتقدمة التي باتت تملكها طهران في مجال التكنولوجيا النووية؛ ما يجعل هذا الملف على رأس الأولويات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط خلال الـ100 يوم الأولى من رئاسته.
– تُعتبر الدعوة التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي وضعت إيران بين قبول التفاوض تحت الضغط أو مواجهة خطر التصعيد العسكري ضد منشآتها النووية، مجرد مناورة سياسية؛ نظرًا لصعوبة التوصُّل إلى اتفاق في القريب العاجل، وهو ما تدركه واشنطن جيِّدًا، ولذلك أطلق ترامب هذه الدعوة وهو يعلم أن إيران لن تقبل بها، وبالتالي؛ إظهارها أمام المجتمع الدولي على أنها الطرف الرافض للتفاوض والحل الدبلوماسي لأزمة برنامجها النووي.
– الخيار العسكري هو سيناريو مستبعدٌ في الوقت الراهن؛ نظرًا لعدة أسباب، من بينها:
-
المنشآت النووية الإيرانية محصنة بشكلٍ كبيرٍ، وبعضها مبنِيٌّ تحت الأرض في مواقع شديدة التحصين، وبالتالي؛ فإن استهدافها أمرٌ ليس يسيرًا، بل يحتاج دعمًا عسكريًّا متطورًا؛ نظرًا لتعقيد هذه المواقع.
-
النتائج المترتبة على توجيه ضربة عسكرية للبرنامج النووي الإيراني، ستنال من أمن واستقرار الشرق الأوسط بأكمله، وتبعاتها ستكون كارثية على الجميع، وهو ما أكَّده رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية محمد باقري، يوم 19 فبراير الماضي، مُصرِّحًا بأنه “إذا تهدَّدَ أمن إيران، فسيتهدد أمن منطقة الشرق الأوسط، ولن يشهد المسببون بذلك وحماتهم هدوءًا”.