أستاذ القانون الدولي، وعضو الهيئة الاستشارية لمركز شاف
وفقًا للقانون الدولي، يحق للدول ذات السيادة إبرام معاهدات حدودية في أي وقت، بما في ذلك أثناء النزاعات المسلحة أو الفترات الانتقالية، بشرط أن تكون ممثلة بممثلين شرعيين، ويتم احترام مبدأ السيادة وعدم التدخل. ومع ذلك، تثار عدة تساؤلات حول شرعية وعدالة هذه المعاهدات، خاصة إذا كانت الدولة الموقعة تمر بظروف استثنائية تجعلها في موقف ضعف.
تنظم اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 العلاقات التعاقدية بين الدول، حيث تضع شروطًا لصحة المعاهدات. تنص الاتفاقية على أن تكون الدولة قادرة قانونيًا وسياسيًا على إبرام المعاهدات، وأن يتم التوقيع عن طريق ممثلين مخولين. كما تشترط الاتفاقية أن تكون المعاهدة خالية من العيوب التي قد تؤدي إلى بطلانها، مثل الإكراه على الدولة الموقعة أو استغلال ظروف استثنائية تجعل التوقيع غير متوازن.
أثناء النزاعات المسلحة أو الفترات الانتقالية، قد تكون الدولة في موقف ضعف أو تحت ضغط عسكري أو سياسي، مما يجعل إبرام معاهدات تعيين الحدود عرضة للنقد والاعتراض بناءً على مبدأ عدم استخدام القوة ومبدأ المساواة بين الأطراف.
في الفترات الانتقالية، تكون الدول غالبًا تحت إدارة مؤقتة أو حكومة غير مكتملة الصلاحيات، مثل حكومة تسيير الأعمال، كما هو الحال في سوريا حاليًا. هذه الحكومات تكون محدودة في صلاحياتها ومقيدة بمسؤوليات الحفاظ على استمرارية الدولة فقط، دون اتخاذ قرارات استراتيجية طويلة الأمد. إبرام معاهدات تعيين الحدود في ظل حكومة انتقالية قد يواجه اعتراضات سياسية وقانونية إذا اعتُبر تجاوزًا للصلاحيات المؤقتة.
علاوة على ذلك، إذا كان الطرف الآخر في المعاهدة يستغل الظروف الاستثنائية لفرض شروط مجحفة، مثل المعاهدات التي كانت تبرمها الدول الاستعمارية مع الدول المستعمَرة ناقصة السيادة والأهلية لإبرام المعاهدات الدولية، فقد يتم الطعن في شرعية المعاهدة على أساس أنها معاهدة غير متكافئة أو “معاهدة الأسد” (Unequal Treaties). ويعد ذلك شائعًا في التاريخ عندما تفرض دولة قوية شروطًا قاسية على دولة أضعف نتيجة للضغوط العسكرية أو السياسية.
ومن الأمثلة على ذلك معاهدة عام 1936 بين بريطانيا العظمى والمملكة المصرية، التي يمكن اعتبارها إحدى هذه المعاهدات. لذلك، قامت مصر بفسخها من جانب واحد في عام 1951، نظرًا للشروط المجحفة التي تخرج عن مبادئ القانون الدولي.
