المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الدراسات الأفريقية > رؤية مستقبلية: كيف سيؤثر فوز ترامب على القارة الأفريقية؟
رؤية مستقبلية: كيف سيؤثر فوز ترامب على القارة الأفريقية؟
- أغسطس 28, 2024
- Posted by: Maram Akram
- Category: تقارير وملفات وحدة الدراسات الأفريقية وحدة الشؤون الدولية
لا توجد تعليقات
إعداد: منة صلاح
باحثة في وحدة الشؤون الأفريقية
سيشسهد الخامس من نوفمبر لعام 2024م إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وبرز الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” باعتباره المرشح الأوفر حظًا عن الحزب الجمهوري، وفي خضم محاولة اغتيال ترامب وقرار الرئيس جو بايدن بعدم الترشح يظل ترامب في الصدارة وذلك على الرغم من استطلاعات الرأي التي تشير إلى احتمالية فوز كامالا هاريس “نائبة الرئيس الأمريكي”، ولكن قد تؤدي ولاية ترامب الثانية إلى تغييرات في السياسة الأمريكية إزاء القارة الأفريقية وذلك على اعتبار أنه لم يزر القارة خلال فترته الرئاسية الأولى، وهو ما أثار القلق بشأن الأوضاع في القارة الأفريقية ولاسيما سياسات الهجرة وتراجع التعاون مع الدول الأفريقية.
سياسات ترامب خلال فترته الأولى إزاء القارة الأفريقية
لم تقتصر تداعيات الفترة الرئاسية الأولى للرئيس السابق “دونالد ترامب” على بلاده فقط بل ألقت بظلالها على القارة الأفريقية، إذ لم يزر القارة إطلاقًا ولم يستقبل في البيت الأبيض إلا ثلاث رؤساء أفارقة، وخلال فترة ولايته أيضًا انخفضت التجارة بين الولايات المتحدة والقارة الأفريقية إلى حوالي 41 مليار دولار عام 2018م وذلك مقارنة بـ100 مليار دولار في عام 2008م، كما انخفضت الاستثمارات الأمريكية في القارة بين عامي 2017م و2019م إلى 43.2 مليار دولار من 50.4 مليار دولار، وفي السياق ذاته سنتطرق إلى أبرز سياسات ترامب الأفريقية كما يلي:
استراتيجية أفريقيا لعام 2018م؛ تشكل استراتيجية 2018م ملامح سياسات ترامب نحو القارة الأفريقية، ولقد قامت على ثلاث ركائز أساسية تتداخل فيها العوامل الجيوسياسية والأمنية والاقتصادية، ألا وهي:
معالجة التحديات الأمنية المتمثلة في الجماعات الإرهابية المسلحة التي تستهدف الولايات المتحدة وحلفائها.
تعزيز الروابط التجارية بين الولايات المتحدة ودول القارة الأفريقية للحد من النفوذ الصيني وتطوير الشركاء الأفارقة.
إعادة ضبط الأولويات فيمل يتعلق بالمساعات الأمريكية وذلك لضمان توظيفها بالشكل الأمثل.
مبادرة ازدهار أفريقيا 2019م؛ تم إطلاق هذه المبادرة من جانب إدارة ترامب عام 2019م بهدف تعزيز التجارة والاستثمار مع دول القارة الأفريقية، وذلك من خلال الاستفادة من مشاركة القطاع الخاص لتعزيز التنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل في كل من أفريقيا والولايات المتحدة[1].
تداعيات فوز ترامب على القارة الأفريقية
تميل سياسات ترامب إلى الانعزالية والاستبداد والنزعة القومية ومن ثم سيكون لعودته تداعيات خطيرة على أفريقيا على كافة الأصعدة وذلك ما سنوضحه على النحو التالي:
على الصعيد الجيوسياسي
التغييرات في منطقة القرن الأفريقي وجنوب أفريقيا؛ قد تحث تغييرات في منطقة القرن الأفريقي وجنوب أفريقيا إذا فاز ترامب بولاية ثانية، إذ أنه اعترف في فترته الرئاسية الأولى بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية المتنازع عليها في مقابل تطبيع الرباط للعلاقات مع إسرائيل كجزء من اتفاقيات ابراهام، وفي ولايته الثانية قد يعترف أيضًا بمنطقة أرض الصومال الانفصالية وذلك على الرغم من معارضة الصومال ومخاوف الاتحاد الأفريقي المتعلقة بفتح صندوق باندورا من خلال إعادة النظر في حدود الحقبة الاستعمارية، كما قد تشمل سياسات ترامب لمواجهة الصين الاعتراف بأرض الصومال، والجدير بالذكر أنه أيد العديد من الجمهوريين في إدارة ترامب الأولى تلك القضية بشكل علني، وأن سحب ترامب للقوات الأمريكية من الصومال في نهاية ولايته كان دليل على أن الاعتراف بأرض الصومال كان مطروحًا وقد يحدث إذا فاز بإعادة انتخابه.
أما في جنوب أفريقيا نجد أن الرئيس جو بايدن بذل قصاري جهده لتعزيز العلاقات مع جنوب أفريقيا نظرًا لأنها كانت تتسم بالفتور لفترة من الزمن، وذلك بعد أن اتهمت بتزويد روسيا بالأسلحة والذخيرة لاستخدامها في حربها ضد أوكرانيا ولكن لم تتخذ الولايات المتحدة إجراءات عقابية ضدها، وامتنعت إدارة بايدن أيضًا عن مهاجمة تلك الدولة بشأن موقفها المناهض لإسرائيل في محكمة العدل الدولية، ولكن إذا قرر ترامب تضييق الخناق على جنوب أفريقيا فقد يعتمد على الكونجرس الداعم له، وبشكل عام يجب على الإدارة القادمة حتى إذا كانت إدارة ترامب أن تركز على الدول التي يمكن للولايات المتحدة أن تقيم معها علاقة متبادلة المنفعة، وأن تحافظ على قدر من التواصل مع الدول التي تربطها بها علاقات أقل[2].
تصاعد التنافس بين الولايات المتحدة والصين؛ للتنافس المتصاعد بين الولايات المتحدة والصين تداعيات سلبية على الدول الأفريقية ولاسيما مع تزايد التوترات الجيوسياسية وسياسات الاستقطاب الدولي، وهو ما قد يؤدي إلى حروب باردة وساخنة حول موارد القارة خاصة على الدول التي بها معادن مرتبطة بالتحول نحو الطاقة النظيفة مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية، وبالإضافة إلى ذلك تدعو وثيقة مشروع 2025 إلى تعزيز التعاون مع الحلفاء الأوروبيين وخاصة فرنسا في شمال أفريقيا لمواجهة التدخل الروسي من خلال مجموعة فاغنر.
قضية تغير المناخ؛ قد ينسحب ترامب كما في فترته الرئاسية الأولى من اتفاقية باريس وهو القرار الذي ألغته إدارة بايدن، وبعد أشهر من توليه الرئاسة قام أيضًا بإلغاء تمويل المناخ لبرامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية المخصصة في أفريقيا، وهي البرامج التي بدأت في عهد أوباما وكانت تهدف إلى تعزيز القدرة على التكيف المناخي ومكافحة التغيرات المناخية من خلال تسليح الحكومات الأفريقيا بالأموال والتكنولوجيا، مما ساهم في تعميق الأزمة الإنسانية والبيئية التي تؤثر على أكثر من 110 ملايين أفريقي في عام 2022م طبقًا لتقرير صادر عن المنظمة العالمة للأرصاد الجوية.
وقد يؤدي انخفاض الدعم الأمريكي المُقدم إلى المبادرات المناخية والتراجع عن السياسات الخضراء إلى تفاقم التدهور البيئي في المناطق المُعرضة للخطر وتقويض أهداف المناخ العالمية، ووفقًا لمعهد الاقتصاد والسلام ستؤدي سياسات ترامب إلى 1.2 مليار لاجئ مناخي بقدوم عام 2050م، فعلى الرغم من أن سكان القارة البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة يواجهون كارثة مناخية إلا أنهم يساهموا بأقل من 3% في الانبعاثات العالمية، وفي الوقت ذاته تحافظ الولايات المتحدة على الوضع الراهن للوقود الأحفوري[3].
على الصعيد الاقتصادي
لقد تغيرت الأوضاع العالمية عن الفترة الرئاسية الأولى لترامب عام 2017م إذ لا يزال هناك آثار اقتصادية ناجمة عن الحرب الروسية-الأوكرانية وكوفيد-19، هذا فضلًا عن تراكم الديون والتضخم، وتقوم اقتصاديات ترامب على عدة مبادئ أساسية ولكنها متناقضة بما قد يؤثر على أفريقيا بشكل كبير، وسنتطرق إلى أبرز تلك المبادئ على النحو التالي:
وفقًا لشعار ترامب “أمريكا أولًا” سيكون هناك تداعيات خطيرة على التجارة العالمية، إذ طرح ترامب فكرة فرض ضريبة بنسبة 10% على كافة الواردات من كل الدول، وضريبة تصل إلى 60% على كل الصادرات الصينية، فإذا فاز ترامب في هذا السباق الانتخابي ستقوم حرب تجارية أخرى، وبالإضافة إلى ذلك ستصبح هناك استراتيجيات رئيسية مثل نقل سلاسل التوريد إلى دول متحالفة مع الولايات المتحدة أو ذات قيم مشتركة معها، ونقل الإنتاج بالقرب من الولايات المتحدة، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف التصدير إلى الولايات المتحدة وتعطيل سلاسل التوريد العالمية.
يتبنى ترامب اقتصاد عدم التدخل، إذ كانت التخفيضات الضريبية وإلغاء القيود التنظيمية من أبرز سمات فترته الرئاسية الأولى ولقد ازدهرت الأسواق في تلك الفترة، ولكن تكرار هذه السياسة مثير الجدل نظرًا لاختلاف وضع ديون البلاد حاليًا.
سيخضع استقلال السياسة النقدية للتدقيق وذلك نظرًا لوصف ترامب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي “جيروم باول” بأنه عدو للأمريكيين بسبب استمراره في رفع سعر الفائدة، وهو ما قد يعمل على تقويض مصداقية البنك ومكافحته للتضخم[4].