المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > الدراسات الأمنية والإرهاب > زخم مؤقت: تتبع صعود وتراجع نشاط الإسلاميين المتشددين فى ليبيا منذ ثورة 2011 وحتى الوضع الراهن
زخم مؤقت: تتبع صعود وتراجع نشاط الإسلاميين المتشددين فى ليبيا منذ ثورة 2011 وحتى الوضع الراهن
- يوليو 1, 2024
- Posted by: hossam ahmed
- Category: الدراسات الأمنية والإرهاب تقارير وملفات
لا توجد تعليقات
إعداد: جميلة حسين
منسق برنامج الإرهاب والتطرف[1]
تزامنَ مع الانتفاضةِ العربيةِ تصاعدُ حدةِ الجماعاتِ الإسلاميةِ المتشددةِ فى بعضِ البلدانِ العربيةِ، وفى مقدمتِها ليبيا التى شهدتْ فى السنواتِ الأولى بعدَ سقوطِ نظامِ القذافى عامَ 2011 وتنامىِ الصراعاتِ العنيفةِ ازدهاراً للحركاتِ الإسلاميةِ التى استغلتْ الوضعَ الداخلىَ المضطربَ لإحداثِ نوعٍ من التعبئةِ الإسلاميةِ من خلالِ استقطابِ عناصرَ جديدةٍ إلى صفوفِها أو التحالفِ مع جماعاتٍ مسلحةٍ أخرى أو القاعدةِ الثوريةِ المناهضةِ للنظامِ القديمِ، ولكنْ سرعانَ ما تحولَ هذا الزخمُ وفقدتْ تلكَ الحركاتُ أهميتهَا بعد فترةٍ من الحربِ الأهليةِ الليبيةِ الثانيةِ بحلولِ عام 2016 وكذلك اندلاعُ حربٍ أهليةٍ ثالثةٍ فى عام 2019 بالتزامنِ مع حربِ طرابلس ، الامرُ الذى شكلَ لغزاً استوجبَ تحليلَ سببيةِ الانتشارِ والتراجعِ السريعِ.
وعهدتْ الكثيرُ من المقارباتِ للوقوفِ على تفسيرِ ذلك اللغزِ، فى إطارِ ذلكَ الأمرِ طرحَ المعهدُ الألمانيُ للشؤونِ الدوليةِ والأمنيةِ دراسةً بعنوانِ “Where Have All The Jihadists Gone?” وطرحتْ سؤالاً لماذا فقدتْ الأيديولوجيةُ الإسلاميةُ جاذبيتَها فجأةً؟ لاستكشافِ أسبابِ التغيرِ المفاجئِ فى مكانةِ الإسلاميينَ المتشددينَ فى ليبيا، وذلك بالاعتمادِ على نهجٍ تحليلىٍ يستندُ على مقابلاتٍ أجراها الباحثُ مع أعضاءِ وحلفاءِ الجماعاتِ الإسلاميةِ المتشددةِ، وكذلكَ مع الجهاتِ الفاعلةِ التي تراقبُ هذه الجماعاتٍ في بيئتِها الاجتماعيةِ المباشرةِ، والذى ساعدَ على فهمِ عددٍ من الأفكارِ التى طرحتهَا الدراسةُ والتى سيلىِ عرضُها وتحليلُها فيمَا بعد:
نظرةٌ حولَ صعودِ وسقوطِ الإسلاميينَ المتشددينَ في ليبيا 2011 : 2020 “إشكاليةُ الإسلاميينَ والجهاديينَ”.
دوافعُ الانضمامِ والتحالفِ مع الجماعاتِ الإسلاميةِ المتشددةِ “أسبابُ التعبئةِ الإسلاميةِ المتشددةِ”.
أنواعُ الآلياتِ التي أدتْ إلى صعودِ وسقوطِ الحركاتِ الإسلاميةِ المتشددةِ في ليبيا.
أولًا: نظرةٌ حول صعودِ وسقوطِ الإسلاميينَ المتشددينَ في ليبيا 2011 : 2020
أتاحَ سقوطُ نظامِ معمر القذافى الطريقَ أمامَ الجماعاتِ الإسلاميةِ المتشددةِ التى تطورَ ظهورُها فى الأراضىِ الليبيةِ فى مدينةٍ تِلوَ الأخرىَ وقامتْ طبقاً لما أشارَ إليه الباحثُ بتولى مهامَ أمنيةً وإقامةِ تحالفاتٍ مع ميليشياتٍ مسلحةٍ فى إطارِ الصراعِ المسلحِ والتنافسِ على السلطةِ وإدارةِ الدولةِ الليبيةِ وأصبحتْ بعضُ الجماعاتِ لاسيَّما المنشقةُ تتخذُ منحىً متطرفاً وعنيفاً مثلَ أنصارِ الشريعةِ التى بايعتْ تنظيمَ داعش وأسستْ ولايةً لها فى سرت عام 2015، وفى مجملِها أثارتْ تلكَ الحركاتُ توجهاً تصاعدياً ينذرُ بمستقبلٍ واعدٍ لها فى الدولةِ الليبيةِ ولكن سرعانَ ما اختفتْ تلك الحركاتُ من المشهدِ الليبى ووجدتْ نفسَها معزولةً مع تخلى حلفائِها وأنصارِها عنها بل وكافحَ بعضُ الجماعاتِ المسلحةِ لمحاربتِها ومناهضِتها لتفقدَ فى نهايةِ الأمرِ نفوذهَا شيئاً فشئ، وفى تحليلِ تلك الفكرةِ أشارتْ الدراسةُ إلى عدةِ أمورٍ يمكنُ تناولُها فيما يلى:
جذورُ انتشارِ الإسلامِ السياسى:
أكدَ الباحثُ أن الثقافةَ الإسلاميةَ السياسيةَ او الثقافةَ الجهاديةَ ترجعُ جذورُها منذ مغادرةِ عددٍ كبيرٍ من الليبينَ إلى أفغانستان للقتالِ فى الحربِ الأفغانيةِ السوفيتيةِ فى نهايةِ الثمانيناتِ من القرنِ الماضى، وعندمَا عادَ البعضُ أسسوا “الجماعةَ الإسلاميةَ الليبيةَ المقاتلةَ” فى التسعيناتِ من أجلِ إسقاطِ نظامِ (معمر القذافى) وخاضَ الكثيرُ منهم معاركَ متكررةً مع النظامِ الليبى الأمرُ الذى أسفرَ عن سجنِ البعضِ من أعضائِها وفرارِ البعضُ الآخرِ خارجَ البلادِ. وبعد الغزوِ الأمريكىِ للعراقِ فى عامِ 2003 شكلَ الليبيونَ نسبةً غيرَ متناسبةٍ من المقاتلين الأجانبِ هناك، وحتى ذلكَ الحينِ كما نوهَ الباحثُ تطورتْ ثقافةٌ جهاديةٌ فرعيةٌ فى عددٍ من المدنِ الليبيةِ.
مكانةُ الاسلاميين فى الثورةِ الليبيةِ فبراير 2011:
أشارتْ الدراسةُ إلى إن الإسلاميينَ المتشددينَ كانوا جزءًا من القوى الثوريةِ المناهضةِ للنظامِ الليبىِ أثناءَ ثورةِ فبراير عام 2011 وقاتلوا جنباً إلى جنبٍ مع الثوارِ الغيرِ إسلاميين، مع التأكيدِ على عدمِ تشكيلِهم لجماعاتٍ جهاديةٍ خاصةٍ بهم، واستغلوا سقوطَ النظامِ فى بناءِ وتوطيدِ العلاقاتِ مع القوى الثوريةِ الغيرِ إسلاميةِ لاسيما مع تولىِ بعضهمِ لمناصبَ رسميةٍ فى السلطةِ تمكنهُم من الوصولِ إلى مواردِ الدولةِ حيثُ أصبحَ هذا التيارُ جزءاً رئيسياً فى الحكومةِ الانتقاليةِ الأولى، وبدأَ بعضٌ من الفاعلين الإسلامينَ يسيروا فى اتجاهِ التيارِ الثورىِ واستقرَ تركيزُهم على بناء دولة وفقاً لأفكارِهم حولَ المبادئِ الإسلاميةِ والتى كمَا ظهرَ للباحثِ أنها تتماشى مع التوافقِ الاجتماعىِ المحافظِ فى ليبيا. ولكن توجهتْ الفئاتُ الإسلاميةُ المتشددةُ نحو تمييزِ أنفسِها حيث أسسَ بعضُ الجهاديينَ الذين يتبنوا النهجَ الإيدلوجىَ لتنظيمِ القاعدةِ جماعةَ “أنصار الشريعة” فى عام 2012 والتى انتشرتْ فى عدةِ مدنٍ ليبيةٍ وأصبحَ البعضُ منهم يعرفون من قبلِ خصومهِم السياسين أنهم متطرفونَ وإرهابيون.
تتبعُ الدورِ فى الحربِ الأهلية الثانية:
مع انطلاقِ الحربِ الأهليةِ الثانية فى ليبيا وإطلاقِ المشيرِ( خليفة حفتر) قائدِ الجيشِ الوطنىِ الليبيىِ “عمليةَ الكرامة” لمواجهةِ جحالةِ التهديدِ المتزايدِ من انعدامِ الأمنِ الناجمةِ عن تفشىِ انتشارِ تنظيمِ داعش ولاية ليبيا وتشكيلِ فروعٍ محليةٍ فى كلٍ من “بنغازى” و”درنة” التى فقدَ حفتر السيطرةَ عليها ونجاحِ التنظيمِ فى وضعِ مدينةِ “سرت” تحت سيطرتِه، وكذلك تعددِ الميليشياتِ المسلحةِ لاسيما فى “مصراتة” وسطَ حالةٍ من السخطِ الشعبىِ لمسارِ العمليةِ الانتقاليةِ والتى لم ترضِى الإسلامينَ وتزامنَ معها اندلاعُ أعمالِ عنفٍ بين الشرقِ والغربِ الليبىِ حيث تحالفتْ ميليشياتُ الغربِ مع جماعاتٍ إسلاميةٍ مثل “أنصار الشريعة” من أجلِ شنِ حملةٍ مضادةٍ عرفتْ باسم “عملية فجر ليبيا” فى العاصمةِ “طرابلس”.
مناهضةُ وجودِ الإسلاميينَ المتطرفينَ “تنظيم داعش”:
ولكن واجهَ الدورُ المتصاعدُ نقطةَ تحولٍ كما أشارتْ الدراسةُ عندما أصبحَ تنظيمُ داعش يشكلُ تهديداً غايةً فى الخطورةِ والذى تنبهَ له التيارُ الثورىُ فى درنة وحتى الإسلاميينَ المعتدلينَ وأعلنوا الحربَ على فرعِ تنظيمِ داعش فى سبتمبر عام 2015، والتى انتهتْ فى أبريلَ العامَ التالى بفرارِ مقاتلىِ تنظيمِ داعش فى درنة بعدَ معاركَ داميةٍ استمرتْ بينَ الجانبينِ وتدخلتْ بها غارةٌ جويةٌ أمريكيةٌ فى فبراير عام 2016، وكذلك مصراتة وسرت معقلِ التنظيمِ فى ديسمبر من العامِ ذاتهِ، وعليه انتهَى وجودُ تنظيمِ داعش فى يناير عام 2017 معَ فرارِ عناصرهِ من مدينةِ “بنغازى” وارتبطَ بالأمرِ كما وضحَ الباحثُ دحضُ جماعةِ أنصارِ الشريعةِ كمنظمةٍ جهاديةٍ.
خطرُ احتمالاتِ التعبئةِ الجهاديةِ:
ومع الهزيمةِ العسكريةِ لداعش وبعضِ الجماعاتِ الإسلاميةِ المتشددةِ التى اتبعتْ نهجَه، تضامنَ الباحثُ مع آراءِ المحللينَ الأجانبِ حولَ استمراريةِ الخطرِ المرتبطِ فى تجددِ التعبئةِ الجهاديةِ مع الانقسامِ السياسىِ بين الشرقِ والغربِ واستمراريةِ القمعِ والصراعِ الدائرِ بين قواتِ حفتر من ناحيةٍ وبين المليشياتِ الآخرى من ناحيةٍ أخرى وتزامنَ معها الحربُ الاهليةُ الثالثةُ مع دخولِ قواتِ حفتر طرابلس فى أبريل عام 2019 للسيطرةِ عليها وتخليصِها من الجماعاتِ المسلحةِ، الذى يوفرُ بدورهِ خلقَ مناخٍ متجددٍ للتطرفِ، ولكن المفارقةَ هنا أنه برغمِ من أن الحربَ لم تنتهِ إلا فى منتصفِ عام 2020 إلا أن الإسلاميينَ المتشددينَ لم يلعبوا أىَ دورٍ فى تلك الحربِ وحتى بعد انتهائِها وهزيمةِ حفتر لم يستعيدوا أى نفوذٍ لهم، وقد ذكرَ الباحثُ إلى أن الأفرادَ الذينَ ارتبطوا بتلكَ الحركاتِ المتشددةِ سابقاً قاتلوا ضمنَ ميليشياتٍ ترفضُ الأيديولوجيةَ الإسلاميةَ هذا بجانبِ عدمِ استمراريةِ حتى التعبئةِ السريةِ، وكأن الهزيمةَ طالتْ المستوى الإيدولوجىَ وليس العسكرىَ فقط.
إشكاليةُ الإسلاميين َوالجهاديين:
تفردتْ الدراسةُ فى إطارِ الكشفِ عن التحولِ من الصعودِ إلى التراجعِ للحركاتِ الإسلاميةِ المتشددةِ إلقاءَ الضوءِ على الإشكاليةِ المتعلقةِ بمصطلحِى “الإسلاميين” و”الجهاديين” حينما يتمُ توظيفُهم سياسياً لاسيما على مستوى الخصومِ السياسينَ ووسائلِ الإعلامِ خاصةً الدوليةَ الذين كانوا يستخدمُونها عمداً بطريقةٍ تضخميةٍ ومبالغٍ فيها من أجلِ وصمِ المعارضينَ السياسينَ أنهم إسلاميون تابعونَ للإخوانِ المسلمين أو تنظيمِ القاعدةِ لتشويهِ صورتهِم وتقليلِ الزخمِ المحاطِ بهم كما صرحَ الباحثُ، واستدلَ على ذلكَ من إشارةِ بعضِ المقالاتِ أن “قواتِ درعِ ليبيا” شبهُ العسكريةِ كانت قريبةً من جماعةِ الإخوانِ المسلمين أو أن الجماعاتِ المسلحةَ في “مصراتة كانت إسلامية” وكلاهما فى الحقيقةِ غيرُ صحيحٍ. والملفتُ للنظرِ تراجعُ تلك الدعايةِ منذ هزيمةِ حفتر فى حربِ طرابلس وتضاؤلُ تأثيرِ الإسلاميينَ في ليبيا.
ثانيًا: دوافعُ الانضمامِ والتحالفِ مع الجماعاتِ الإسلاميةِ المتشددةِ “أسباب التعبئة الإسلامية المتشددة”
انتقلتْ الدراسةُ إلى طرحِ تفسيرِ التعبئةِ الإسلاميةِ المتشددةِ بالنظرِ إلى المقارباتِ الأكاديميةِ إلى اختلفتْ فى تناولِ تفسيرِ الانضمامِ والتحالفِ مع الحركاتِ الإسلاميةِ المتشددةِ، وقد أجزمَ الباحثُ أن عاملَ “التنشئةِ الاجتماعيةِ الإيدلوجيةِ والتلقين العقائدى” ربما يجعلُ الأخيرةَ قويةً وفاعلةً من نوعِها، حيثُ يرى بعضُ المحللينَ أن هناك سمةً خاصةً بالمتطرفينَ فى براعةِ توظيفِ الإيدلوجيةِ من أجلِ تعزيزِ الثقةِ فى أجندتهِا لدى الأعضاءِ والحلفاءِ الآخرينَ مما يمنحُ الإسلاميينَ المتشددينَ في ليبيا نوعاً من التماسكِ وتجعلُ منهم قوةً سياسيةً وعسكريةً هائلةً. ولكن التراجعَ المفاجئَ للجماعاتِ الإسلاميةِ المتشددةِ يثيرُ تساؤلاً لدى الباحثِ حولَ الدورِ الذي لعبتهُ الأيديولوجيةُ فعلياً فى هذه الجماعاتِ، وكيفيةِ فقدانِ الحركةِ الجهاديةِ المزدهرةِ شعبيتِها بصورةٍ سريعةٍ.
وعلى صعيدٍ آخرَ أشارَ الباحثُ إلى التحليلاتِ التى تركزُ على الدوافعِ الغيرِ إيدولوجيةِ للتعبئةِ الإسلاميةِ المتشددةِ والتى يقعُ فى مقدمتِها “القمعُ التعسفىُ والظلم” الذى تمارسهُ الأنظمةُ الاستبداديةُ ويؤدى بدورهِ إلى تطرفِ جماعاتِ المعارضةِ، واستعانَ الباحثُ فى هذا الإطارِ بالتحليلاتِ ذاتِ التوجهِ السياسىِ للجماعاتِ الجهاديةِ كأطرافٍ في الحروبِ الأهليةِ والتى تشيرُ أن صعودَ مثلَ هذه الجماعاتِ يمكنُ تفسيرهُ بالتحالفاتِ التكتيكيةِ أو بالبحثِ عن الحمايةِ ضد قواتِ أمنِ الدولةِ وداعميِها من الدولِ الأجنبيةِ بمعنى أخر الدوافعُ الأساسيةُ للصراعاتِ، مثل النتائجِ العكسيةِ التى ارتبطتْ بحملةِ مكافحةِ الإرهابِ التي شنتهَا الولاياتُ المتحدةُ والدولُ الحليفةُ بعدَ عام 2001 والضررِ الذي تسببتْ فيه للمدنيينَ، هو فى حقيقةِ الأمرِ عاملٌ هامٌ لتزويدِ الجهاديينَ بالأفكارِ المتطرفةِ تنامى التجنيدِ والتعبئةِ لدى الحركاتِ الإسلاميةِ.
ومع ذلكَ نوهَ الباحثُ إلى أنه لم تقدمْ كلٌ من الأيديولوجيةِ وديناميكياتِ الصراعِ تفسيراتٍ كافيةً لتراجعَ الحركاتُ الإسلاميةُ المسلحةُ في ليبيا، حيث شهدَ الإسلاميونَ المتشددونَ في ليبيا توسعاً سريعاً في السنواتِ الأولى بعدَ سقوطِ القذافي، حيث اكتسبَ أهميتهم عندما عرضوا أنفسهَم كحلفاءَ لجهاتٍ فاعلةٍ آخرى، عندما لم تكنْ الصراعاتُ قد تفاقمتْ بعد، ومعَ عدمِ خضوعِ الإسلاميينَ للقمعِ أيضاً. ولكن معَ استمرارِ الصراعاتِ في ليبيا في السنواتِ التي تلتْ عامَ 2016، وما تلاها من حربِ طرابلس عام 2019، تزايدَ تهميشُ الحركاتِ الإسلاميةِ المتشددةِ باعتبارِها تهديدٌ للجهاتِ المتحالفةِ معها.
ماهيةُ الحركاتِ الإسلاميةِ المتشددة؟
وقد وجهَ الباحثُ تحليلَه نحو تفسيرِ ماهيةِ تلك الحركاتِ المتشددةِ بالتأكيدِ على عدم حصرِ تلك الفئةِ فكرةَ الإرهابِ كتكتيكٍ من ضمنِ تكتيكاتٍ تستخدمُها تلك الحركاتُ وكذلك الحالُ بالنسبةِ لفكرةِ التطرفِ، بالرغمِ من أن الدراساتِ القليلةَ التى تفسرُ تراجعَ الجماعاتِ الإسلاميةِ المتشددةِ تركزُ بشكلٍ أساسيٍ على الجماعاتِ الإرهابيةِ، ولكن مع إعطاءِ الباحثِ اهتماماٌ بالديناميكاتِ والجوانبِ العسكريةِ الخاصةِ بتلك الحركاتِ التى تمتعتْ بقبولٍ اجتماعىٍ كبيرٍ مع تكورِها بشكلٍ علنٍى بعد الثورة الليبيةِ. وعرضَ الباحثُ فى دراستهِ فريقينِ رئيسينِ لتحليلاتِ الحركاتِ الإسلاميةِ بناءً على تصنيفِها حيثُ سعىَ الفريقُ الأولُ إلى التمييزِ بين الإسلاميينَ العنيفينَ “الجهادية” والحركاتِ المدنيةِ المعتدلةِ “الإسلاموية” أو “الإسلام السياسي”. أما الفريقُ الثانى يستخدمُ “الإسلاميين” و”الإرهابيين” كمصطلحينِ مترادفينِ لجميعِ خصومِها السياسيين، وقد أشارَ الباحثُ إلى أن هذا الاستخدامَ خاطئٌ من الأساسِ حتى وإن كانت مدفوعةً بمصالحَ سياسيةٍ. ولذلك استخدمَ الباحثُ فى هذه الدراسةِ مصطلحَ “الإسلاموية المسلحة” لتمييزِ نفسهِ عن كلا الفريقينِ سالفينِ الذكرِ، والتى عرفهَا على أنها (تعبئةٌ عنيفةٌ تقومُ على لغةٍ إسلاميةٍ وتسعى إلى تحقيقِ الهدفِ المعلنِ المتمثل فى إعادةِ تشكيلِ النظامِ السياسى والاجتماعى)، والذى يعتبرُ أوسعَ نطاقاً بشكلٍ يشملُ الجماعاتِ الجهاديةَ السلفيةَ والجماعات المتحالفة إيدلوجياً مع تنظيمِ القاعدةِ أو تنظيمِ داعش.
ثالثًا: أنواعُ الآلياتِ التي أدتْ إلى صعود وسقوطِ الحركاتِ الإسلاميةِ المتشددةِ في ليبيا
حددتْ تلك الدراسةُ أنواع الأدوات المساعدةِ فى فهمِ الصعودِ والتراجعِ السريعِ الحركاتِ الإسلاميةِ المتشددةِ والتعبئة الإسلامية المسلحة بين عامى 2011 و 2020، وقد تمَ الكشفُ عنها من خلالِ أنماطٍ متكررةٍ لاحظهَا الباحثُ خلالَ منهجيةِ الدراسةِ والمعتمدةِ على 39 مقابلةٍ أجراها الباحثُ تنوعتْ ما بين قادةٍ سابقين وأعضاءٍ وحلفاءٍ للجماعاتِ الإسلاميةِ المتشددةِ بجانبِ جهاتٍ فاعلةٍ ومراقبين آخرينَ تابعوا عن كثبٍ صعودَ هذه الجماعاتِ وتراجعَها في البيئةِ الليبيةِ.
1- الآلياتُ التكتيكيةُ:
بالنسبةِ لصعودِ الإسلامين المتشددينَ: رأىَ الباحثَ أن الاعتباراتِ التكتيكيةَ ساهمتْ فى ظهورِ الإسلاميينَ المتشددينَ والاندفاعِ نحو التحالفِ معهم والتى تشملُ ديناميكياتِ الصراعِ والتطرفِ التكتيكِى وانتهازيةَ تحقيقِ أهدافٍ سياسيةٍ وأعمالِ الانتقامِ من الاضطهادِ لاسيما المرتبطةُ بالتأثيرِ العاطفِى، واستدلَ على ذلك من التحالفِ الذي تشكلَ فى بنغازى فى يونيو عام 2014 بين الجماعاتِ المسلحةِ الثوريةِ الرئيسيةِ وأنصارِ الشريعةِ (مجلس شورى ثوار بنغازى MSTB) والذى كان بمثابةِ ردِ فعلٍ مباشرٍ على الهجماتِ التي تعرضوا لها من قبلِ تحالفِ حفتر فى مايو من نفسِ العامِ كما صرحَ شخصيةٌ قياديةٌ في كتيبة “راف الله السحاتى” فى مقابلةٍ مع الباحثِ حيثُ قالَ “هذه ثورة مضادة! لم يهاجمْ حفتر أنصارَ الشريعةِ فحسبْ، بل الثوارُ أيضًا. بالطبعِ نحن الآن نقاتلُ معًا ضد حفتر”. بمعنى آخرَ ساهمتْ الإمكانياتُ المتنوعةُ والقدراتُ التكتيكةُ لدى تلك الجماعاتِ المتشددةِ فى الوقوفِ فى وجهِ خصومِهم لاسيما قوات حفتر فى شرق ليبيا، حتى وإن كانت تلك الجماعاتُ أكثرَهم تطرفاً وهذا يظهرُ فى العلاقةِ مع فرعِ تنظيمِ داعش فى ليبيا الذى سمحَ له معارضو حفتر بالقتالِ جنباً إلى جنبٍ معهم لحشدِ القوةِ والتأثيرِ تجاهَ الأطرافِ الأخرى المناهضةِ لهم.
ولكن هذا التحالفَ كما ذكرتْ الدراسةُ ارتبطَ بعدةِ أمورٍ تجدرُ الإشارةُ إليها، وترتبطُ باستفادةِ جماعاتٍ مثل أنصارِ الشريعةِ وتنظيمِ الدولةِ الإسلاميةِ التحالفات مع الجماعاتِ الثوريةِ التى أصبحتْ متطرفةً من خلالِ الصراعاتِ. لاسيما مع رفضِ تلك الجماعاتِ الأولى الدولةَ التى دعا إليها بعضُ الجماعاتِ الثوريةِ وكذلك الجماعاتُ الإسلاميةُ المعتدلةُ بعدَ سقوطِ القذافى. ومن ناحيةٍ أخرى جاء انضمامُ البعضِ ودعمهِم للإسلامينَ المتشددينَ انطلاقًا من الميلِ إلى قوةٍ في طريقهِا إلى تحقيقِ النصرِ العسكريِ وظهرَ الأمرُ عندما استولى تنظيمُ داعش فجأةً على محافظةِ الرقةِ بأكملِها تقريبًا فى سوريا وكذلك الأنبارُ في العراقِ فى عام 2014، لذلك مع تمددِه فى سرت وبنغازى ودرنة انضمَ الكثيرونَ إلى تلك الموجةِ الداعشيةِ الجديدة.
بالنسبةِ لانحسارِ الإسلامين المتشددين: ساهمَ التهديدُ الذى شكلهُ تنظيمُ داعش فى درنة مصراتة وبنغازى إداراكَ الجماعاتِ المتحالفةِ أو الأفرادِ التبعاتِ الخطيرةَ لدعمِ الجماعاتِ المتشددةِ والتحولِ نحو المواجهةِ بعد التحالفِ المشتركِ والتى لم تحدثْ المواجهةُ إلا عندما حاولَ فرعُ تنظيمِ داعش فجأةً السيطرةَ على المدينةِ بعد غارةٍ جويةٍ أمريكيةٍ في فبراير 2016 وتمَ طردُه بعد ذلكَ وقد رصدَ الباحثُ عدةَ صورٍ للصراعِ الداخلىِ بين الجماعاتِ المسلحةِ وبين تنظيمِ داعش والجماعاتِ المتحالفةِ معها. حيثُ اشتبكَ تنظيمُ داعش فى درنة بشكلٍ متكررٍ مع “كتيبة أبو سليم” اعتبارًا من منتصفِ عام 2014، وقامتْ هذه الأخيرةُ، جنبًا إلى جنبٍ مع منظماتٍ أخرى، بتشكيلِ “مجلسِ شورى مجاهدى درنة” ولكن لم تندلعْ الحربُ المفتوحةُ بين التنظيمِ ومعارضيهِ إلا عندما اغُتيل قائدٌ بارزٌ في مجلسِ الشورى ـ وتلاه رئيس مجلس الشورى (سليم الدربى) واستمرَ القتالُ في درنة لمدةِ ثمانيةِ أشهرٍ. وعلى صعيدٍ آخرَ مثلَ تهديدُ داعش بالتوسعِ من سرت نحو مصراتة خطورةً بالغةً وحاول مرارًا وتكرارًا الهجومَ على مجموعةٍ مسلحةٍ من مصراتة، وعلى الرغمِ من أن هذا أدى إلى زيادةِ الوعىِ بالتهديدِ في مصراتة، إلا أنه لم يثيرْ التعبئةَ التلقائيةَ للجماعاتِ المسلحةِ فى مصراتة ضد التنظيمِ حتى هاجمَ التنظيمُ نقاطَ التفتيشِ بين سرت ومصراتة في مايو 2016، مما هددَ المدينةَ نفسَها وأسفرَ عنه شنُ هجومٍ واسعِ النطاقِ استمرَ لعدةِ أشهر.
هذا إلى جانبِ تأكيدِ الدراسةِ إلى أن قيامَ بعضِ الجماعاتِ المسلحةِ وكذلك الثوارِ المحليينَ بالنأىِ بأنفسِهم عن هؤلاء الحركاتِ المتطرفةِ كما حاولَ مجلسُ الشورى بشكلٍ متزايدٍ التخلصَ من صورتهِا الجهاديةِ في تصريحاتِها العامةِ واتبعَ تغييرَ اسمهَا إلى “قوة حماية درنة”، وإيجادَ البعضِ الأخرِ لحلفاءٍ جددٍ فى شرقِ ليبيا لاسيما بعد تشكيلِ حكومةِ الوحدةِ الوطنيةِ في أوائلِ عام 2016، الأمرُ الذى تطلبَ منهم إنهاءَ دعمهِم للجماعاتِ في بنغازي. وأخيرا ارتبطَ سعىُ المقاتلينَ الأفرادِ إلى الحصولِ على الحمايةِ من خلالِ إبعادِ أنفسِهم عن الإسلاميينَ المتشددينَ مظهراً من مظاهرِ التراجعِ كما نوهتْ الدراسةُ.
2- الاندماجُ والقبولُ الاجتماعيُ للجهاتِ الإسلاميةِ:
بالنسبةِ لصعودِ الإسلامين المتشددين: من أجلِ فهم تلكَ الاعتبارتِ التكتيكيةِ ربطها الباحثُ بسياقِها الاجتماعىِ عبر النظرِ فى ما كانتْ تلك الحركاتُ المتشددةُ التى تقدمُ بدائلَ تكتيكيةً مقبولةً اجتماعياً، وقد أشارتْ الدراسةُ ذلك
قبل أن يصبحَ الإسلاميون المتشددونَ حلفاءَ جاذبينَ مع تصاعدِ الصراعاتِ في عام 2014 كانوا قادرين على الازدهارِ في بيئةٍ تمتعوا فيها باعترافٍ اجتماعيٍ واسعِ النطاقِ، وحتى مع الإشارةِ إلى فترةِ حكمِ القذافى وممارساتِه المضطهدةِ للمعارضينَ الإسلاميين، تسامحَ النظامُ مع الثقافةِ الجهاديةِ السريةِ في مطلعِ القرنِ الحالي ولفترةٍ وجيزةٍ، شجعتْ الأجهزةُ السريةُ سرًا تجنيدَ الشبابِ للقتالِ في العراق،وفى مدنٍ مثل: درنة وأجدابيا وصبراتة، تطورتْ شبكاتٌ راسخةٌ بعمقٍ في الأفكارِ الجهاديةِ في أجزاءٍ من المجتمعِ المحلىِ والتى كانت مجردَ جانبٍ من جوانبِ القوة. وقد ساهمتْ ثورةُ 2011 بمشاركةِ الإسلاميينَ بفعاليةٍ في النضالِ، ومن ثمً برزوا كقادةٍ بارزين. وبهذه الطريقةِ زادت مكانتهُم الاجتماعيةُ بشكل كبير، وتوطدتْ الروابطُ بين القادةِ الإسلاميين وغيرِ الإسلاميينَ من مجموعاتٍ مختلفةٍ خلالَ الصراعِ المشتركِ واستمرتْ لسنواتٍ وسهلتْ تلك الروابطُ التحالفاتِ بينهما، وقد ألقى الباحثُ الضوءَ على ثلاثةِ عواملَ حاسمةٍ في صعودِ الحركاتِ الإسلاميةِ المتشددةِ بعد عام 2011 وتمكنهِم من الاستمرارِ فى العملِ بشكلٍ علنىٍ فى المجتمعِ عندما فصلوا أنفسَهم عن الثوارِ وشكلوا مجموعاتهِم الخاصةِ ، وشملتْ تلك العواملُ ما يلى:
أولًا: أدتْ الثورةُ إلى ظهورِ العديدِ من القادةِ الكاريزميين للجماعاتِ المسلحةِ الذين استخدموا المصطلحَ الإسلامَي ولكن كان من الصعبِ تحديدُ أيٍ منهم كان إسلاميًا أم جهاديًا أم متدينًا وعليه وكانت الحدودُ غيرُ واضحةٍ.
ثانيًا: التفاعلُ والتضامنُ مع الإسلامين في السنواتِ التي تلت عام 2011، حيث تمكنَ السياسيون والقادةُ الذين كانوا جزءًا من المكونِ الإسلاميِ المتشددِ من الصعودِ والانضمامِ إلى مؤسساتِ الدولةِ بناءً على التضامنِ مع التيارِ الذى قاتلَ معه أثناءَ الثورةِ وهو ما ظهرَ في نتائجِ انتخاباتِ عام 2012، ثم تضاءلتْ بعد ذلك مع انتشارِ الصراعِ وانعدامِ الأمنِ.
ثالثًا: الجماعاتُ التي تقودُها شخصياتٌ تراوحتْ بين المتدينين والجهاديين بعد سقوطِ القذافي غالبًا ما ضمتْ إسلاميين وغيرَ إسلاميين مثل قادةِ “كتيبة أبو سليم” في درنة، “كتيبة راف الله السحاتى” في بنغازى، “كتيبة الفاروق” من مصراتة.
بالنسبةِ لانحسارِ الإسلاميينَ المتشددين: مثلما حظىَ الإسلاميون بنوعٍ من القبولِ الاجتماعىِ تعرضوا بعد إدراكِ خطرِهم إلى النبذ الاجتماعى، وتلك الفكرةُ ساهمتْ فى إجابةِ الباحثِ عن سؤالٍ لماذا لم يدخلْ معارضو حفتر في تحالفٍ تكتيكيٍ جديدٍ مع الإسلاميين المتشددين في عامِ 2019؟، ولكنهم ظلوا على مسافةٍ بعيدةٍ عن كلِ أولئك الذين تم تصنيفُهم على هذا النحوِ وقد أكدَ على ذلك الأمرِ أحدُ القادةِ السابقينَ في الجماعةِ الإسلاميةِ الليبيةِ المقاتلةِ أثناءَ مقابلتهِ مع الباحثِ قائلاً “منذُ ذلك الحين، عرفَ الثوارُ أنهم لا يستطيعون الثقةَ بالجهاديين”، ولم يطلْ ذلك النبذُ الاجتماعُى الإسلاميينَ المتشددين، بل أيضًا الإسلاميينَ الأكثرَ اعتدالًا، وترتبَ عليه تخلى العديدِ من الناشطينَ والسياسيينَ وقادةِ الجماعاتِ المسلحةِ عن تقديمِ الدعمِ أو التحالفِ مع الحركات سالفةِ الذكرِ، وعليه أصبحَ هؤلاء الإسلاميونَ معزولينَ اجتماعياً بشكلٍ متزايدٍ، وفقدوا الكثيرَ من قبولِهم الاجتماعي ولعلَ محاربةَ الإرهابِ المرتبطِ لاسيما بتنظيمِ داعش ووسائلِ الإعلام لعبتْ دورًا مهمًا فى هذا العزوفِ.
3- بحثُ الفردِ عن الاعترافِ الاجتماعيِ والانتماءِ الجماعي” الجذبُ الخطابى والمحاكاة”:
بالنسبةِ لصعودِ الإسلامين المتشددين: سلطتْ الدراسةُ الضوءَ إلى كيفيةِ مساهمةِ العاملِ الخطابىِ والدعائِى الذى تبنتها الحركاتُ الإسلاميةُ المتشددةُ في ليبيا في السنواتِ القليلةِ الأولى بعد عام 2011 فى إحداثِ نوعٍ من الجذبِ والتأثرِ والمحاكاةِ لدى جماهيرِ الثورةِ لاسيَّما وأن تلك الحركاتِ تعتبرُ جزءًا هاماً من التيارِ المجتمعىِ السائدِ الذي أعقبَ روحَ الثورةِ، والتى صورتهم كأبطال ومدافعين عن المجتمعِ الليبى وساعين إلى الوحدةِ والبناءِ. وساعدتْ تلك الآليةُ كما ذكر الباحثُ كذلك فى عمليةِ التعبئةِ من حيثُ رغبةُ البعضِ فى إحداثِ عملٍ بطولىٍ، وكذلك البحثُ عن الهويةِ والانتماءِ المجتمعِى.
بالنسبة لانحسارِ الإسلامينَ المتشددينَ: مع تنامىِ الصراعِ وانفجارِ الحربِ الأهليةِ الثانيةِ وما ترتبطُ عليه من العزوفِ المجتمعىِ عن تلك الحركاتِ المتشددةِ الذين شكلوا تهديداً بالنسبةِ للبعضِ اندثرَ الجذبُ الخطابىُ المرتبطُ بهم وصورتُهم كأبطالٍ وثوارٍ وبدأَ النظرُ إلى بعضِهم وإن لم يكنْ الغالبيةُ منهم إلى إرهابيينَ ومسلحيينَ عنيفيينَ مرتدينَ عباءةَ الإسلاميينَ.