المقالات
زيارة الرئيس السوري إلى روسيا: قراءة في الدلالات والأهداف
- أكتوبر 17, 2025
- Posted by: ahmed
- Category: تقارير وملفات وحدة الشرق الأوسط

إعداد: شيماء عبد الحميد
باحثة متخصصة في شؤون الشرق الأوسط
في تحول استراتيجي لافت، وتمهيدًا لإطلاق مرحلة جديدة من بناء العلاقات بين الدولتين، قام الرئيس السوري أحمد الشرع، يوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025، بأولى زياراته الرسمية إلى العاصمة الروسية موسكو، حيث التقى نظيره الروسي فلاديمير بوتين، لبحث كافة القضايا العالقة بين البلدين، ومناقشة التطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفي ضوء ذلك؛ تُثار تساؤلات عدة حول الدلالات والأهداف التي تحملها تلك الزيارة التي وُصفت بـ”التاريخية”:
أولًا؛ حيثيات وفعاليات زيارة الشرع إلى روسيا:
توجه الرئيس الشرع إلى موسكو على رأس وفد رفيع المستوى، ضم كلًا من وزير الخارجية أسعد الشيباني، ووزير الدفاع مرهف أبوقصرة، ورئيس جهاز الاستخبارات حسين السلامة، والسكرتير العام للرئاسة ماهر الشرع.
عقد الرئيسان جلسة مفتوحة أعقبها اجتماعًا مغلقًا استمر لمدة ساعتين ونصف، وحضره وزير الدفاع الروسي أندريه بيلاوسوف، ووزير الخارجية سيرغي لافروف، ونائب رئيس إدارة الرئاسة مكسيم أوريشكين، ومساعد الرئيس لشؤون السياسة الخارجية يوري أوشاكوف، ونائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك، فيما حضر من الجانب السوري؛ وزيرا الخارجية والدفاع.[1]
تطرق الاجتماع إلى عدد من الملفات العالقة بين البلدين، ويأتي على رأسها ملف الوجود العسكري الروسي في سوريا، والمتمثل في قاعدتي حميميم الجوية بمحافظة اللاذقية، وقاعدة طرطوس البحرية على الساحل السوري، وحصول دمشق على ضمانات من موسكو بعدم إعادة تسليح بقايا قوات النظام السابق، إلى جانب ملف الدعم الروسي لإعادة بناء الجيش السوري الجديد.
كما كشف نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، أن المباحثات شملت أيضًا ملفات الطاقة والنقل والصحة والسياحة والأمن الغذائي وإعادة الإعمار، وذلك بما يخدم تعميق الشراكة والتعاون بين البلدين، وقد انتهت المباحثات بالاتفاق على إستئناف عمل الجنة الحكومية المشتركة بين الدولتين في المستقبل القريب.[2]
أ. أبرز تصريحات الرئيسين خلال اللقاء:
– الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ أكد على عمق العلاقات التاريخية التي ربطت روسيا وسوريا على مدى عقود طويلة، مشيرًا إلى أن تلك العلاقات اتسمت دائمًا بطابع ودي استثنائي، مضيفًا الأتي[3]:
حافظ البلدان على علاقات دبلوماسية لأكثر من80 عامًا، دون أن تنحصر تلك العلاقات يومًا في حالة سياسية معينة أو ظروف محيطة، بل لطالما راعت موسكو مصالح الشعب السوري في علاقاتها مع دمشق.
تشيد موسكو بالانتخابات البرلمانية التي جرت أخيرًا في سوريا، فهي تمثل نجاحًا باهرًا للقيادة السورية، مما يسهم في ترسيخ دعائم المجتمع.
روسيا على استعداد لإعادة النظر في الاتفاقات التي أبرمتها مع النظام السوري السابق برئاسة بشار الأسد، كما تؤكد موسكو أيضًا على ضرورة رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا.
هناك أكثر من4000 طالب سوري يدرسون حاليًا في الجامعات الروسية، وتأمل روسيا أن يسهم هؤلاء الشباب في تطوير الدولة السورية مستقبلًا.
– الرئيس السوري أحمد الشرع؛ أكد على أن سوريا ستحاول إعادة ضبط علاقاتها مع روسيا، مشيرًا إلى أهمية إرساء الاستقرار في البلاد والمنطقة بالوقت الراهن، موضحًا التالي[4]:
تحاول سوريا الجديدة اليوم، التعريف عن نفسها في كل دول العالم، من خلال إعادة ربط العلاقات السياسية والاستراتيجية مع كل الدول الإقليمية والعالمية، وعلى رأسها بالتأكيد؛ روسيا الاتحادية.
هناك علاقات تاريخية طويلة تربط ما بين سوريا وروسيا؛ إذ تربطهما مصالح مشتركة، فجزء من الغذاء السوري يعتمد على الإنتاج الروسي، كما أن الكثير من محطات الطاقة تعتمد على الخبرات الروسية.
تحترم سوريا كل ما مضى من اتفاقات، والتي سبق وأن وقعها البلدان، بما في ذلك ما يتعلق بالوجود العسكري الروسي، وخاصةً قاعدة حميميم وميناء طرطوس، لكن مع إمكانية إعادة صياغة بعض التفاهمات، بما يخدم المصالح المشتركة للقيادة السورية الجديدة.
تحاول دمشق إعادة تعريف العلاقات مع موسكو، على أن يكون هناك استقلال للحالة السورية والسيادة السورية، وأيضًا سلامة ووحدة الأراضي واستقرارها الأمني.
ب. لقاء مع الجالية السورية في روسيا؛ بعد إنتهاء جلسة المباحثات التي جمعت بين رئيسي البلدين، التقى الرئيس أحمد الشرع، وفدًا من الجالية السورية في روسيا، بحضور وزير الخارجية أسعد الشيباني.[5]
وقد أكد الرئيس السوري خلال اللقاء على أهمية دور السوريين بالخارج في نقل صورة بلادهم الحقيقية، والمساهمة في مسيرة الإعمار والتنمية التي تستهدفها سوريا الجديدة.
ج. خطوات تمهيدية سبقت زيارة الشرع؛ جدير بالذكر أن هذه الزيارة المهمة التي قام بها الشرع إلى موسكو، أتت نتاجًا لجهود وخطوات دبلوماسية حثيثة سبقتها، حيث[6]:
في أعقاب إسقاط نظام الأسد، زار وفد روسي ضم نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، ومبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف، دمشق في28 يناير 2025.
أجرى الرئيس بوتين، في فبراير الماضي، اتصالًا هاتفيًا مع نظيره السوري، أكد خلاله دعم روسيا لوحدة الأراضي السورية وسيادتها، مشيرًا إلى استعداد موسكو لإعادة تقييم الاتفاقات السابقة التي أبرمتها مع النظام السابق، والدفع باتجاه رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا.
قام وزير الخارجة السوري أسعد الشيباني، في نهاية يوليو الماضي، بزيارة إلى موسكو، إذ أكد الدولتان على الاحترام المتبادل بينهما.
في9 سبتمر الماضي، قام نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، بزيارة إلى دمشق، وخلالها بحث مع المسؤولين السوريين ملفات عدة، أبرزها الطاقة والمساعدات الإنسانية، ومجالات التعاون بين البلدين.
في 2 أكتوبر الجاري، قام وفد عسكري سوري برئاسة رئيس أركان الجيش السوري علي النعسان، بزيارة إلى روسيا، حيث أجرى جولة محادثات مع نائب وزير الدفاع الروسي، تناولت تعزيز العلاقات العسكرية بين الدولتين، وخاصةً في مجال التسليح.
ثانيًا؛ قراءة في دلالات وأهداف الزيارة:
بالنظر إلى السياق الذي أتت به الزيارة، والتطورات الداخلية والإقليمية التي تزامنت معها، وحالة التأزم التي ميزت العلاقات بين الطرفين منذ اندلاع الحرب السورية في العام 2011، يتضح بما لا يدع مجالًا للشك، أن هذه الزيارة تحمل دلالات وأهداف عدة، والتي يمكن إيجاز أهمها على النحو التالي:
لا صديق أو عدو دائم في الحياة السياسية؛ من أهم الدلالات التي تشير إليها حالة التقارب والتفاهم التي تبديها الإدارة السورية الجديدة تجاه روسيا، أن المصالح المشتركة هي الحاكم والمحدد الأبرز لعلاقات الدول، ففي الحياة السياسية؛ صديق اليوم قد يكون عدو الغد، والعكس صحيح؛ حيث[7]:
كانت روسيا هي الحليف الاستراتيجي للنظام السوري السابق، كما كانت الداعم الأبرز والأهم لبشار الأسد خلال فترة الحرب، إذ قامت موسكو بتقديم كل أنواع المساعدة التي احتاجها بشار الأسد، سواء كانت سياسية أو أمنية أو اقتصادية.
بل أصبحت موسكو طرفًا رسميًا في الصراع بشكل مباشر، حيث قررت في العام 2015، التدخل عسكريًا في الأزمة السورية.
كان هذا التدخل فعالًا ومغيرًا لقواعد وموازين القوى، إذ تمكنت الغارات الجوية الصاروخية التي شنتها موسكو، من قلب الدفة لصالح الأسد، وأدت إلى تراجع المعارضة السورية بعدما كانت قد حققت تقدمًا ميدانيًا كبيرًا على حساب قوات النظام السوري السابق.
وقد استمر هذا الدعم حتى بعد أن سقط نظام الأسد في ديسمبر 2024؛ إذ منحت موسكو الرئيس السوري السابق وعائلته، حق اللجوء الإنساني، أي أنه يقيم الآن في روسيا.
وفي ضوء هذه المعطيات؛ يتضح أن المصالح المشتركة التي تسعى إليها دمشق وموسكو في الوقت الراهن، والتي تتطلب أن يتقاربا بعيدًا عما حدث بينهما سابقًا، كانت أقوى وأهم من أي خلافات حكمت علاقة الرئيس بوتين ونظيره الحالي أحمد الشرع، والذي كان يترأس هيئة تحرير الشام، التي قادت المعارضة السورية المسلحة، والتي ظلت طوال سنوات الحرب تتعرض للقصف الروسي الداعم لبشار الأسد.
تدشين صفحة جديدة من العلاقات السورية الروسية؛ استنادًا إلى العلاقة سالفة الذكر بين الطرفين، تؤكد زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى روسيا، أن البلدان يرغبا في تدشين مرحلة جديدة من العلاقات بينهما، تقوم على مباديء الاحترام المتبادل، والشفافية، والاعتراف الكامل بسيادة سوريا ووحدة أراضيها.
ويمكن الاستدلال على الحرص الكبير الذي توليه روسيا لتعزيز العلاقات مع الإدارة السورية الجديدة؛ من خلال عدة مؤشرات؛ من أبرزها:
الاستقبال الحافل الذي حظى به الشرع خلال زيارته لموسكو؛ إذ تم استقباله في “القاعة الخضراء” في الكرملين، وهي قاعة الاستقبال الأهم والأضخم في القصر الرئاسي، والتي لم يكن قد زارها الرئيس السابق بشار الأسد من قبل، رغم العلاقات الاستراتيجية التي جمعت بينه وبين بوتين.[8]
هذا إلى جانب استخدام السجادة الحمراء لدى استقبال الشرع، والتي لا تُعد تقليدًا رسميًا من تقاليد الاستقبال الروسية، بل هي تقليد يُوظف سياسيًا عند الحاجة، ومن ثم؛ وضع السجادة الحمراء عند مجيء الرئيس الشرع، يحمل دلالة ورمزية سياسية كبيرة، تؤكد على الحماس الذي تبديه موسكو تجاه الانفتاح على النظام السوري الجديد.
يُضاف إلى ذلك؛ الإصرار الروسي أن تتم الزيارة في موعدها، رغم أنها كانت ستأتي في إطار القمة العربية الروسية التي كان من المخطط عقدها في موسكو يوم 15 أكتوبر، ولكن تم إرجاءها لظروف خاصة باتفاق حرب غزة، وبالتالي؛ يعكس قرار إتمام الزيارة في موعدها، رغم تأجيل القمة، حرصًا متبادلًا من جانب الدولتين، على تعزيز العلاقات والتعاون بينهما في أقرب وقت ممكن.[9]
مكاسب سورية عدة من وراء التقارب مع روسيا؛ تهدف إدارة الشرع من الانفتاح على تعزيز علاقاتها مع روسيا، رغم الخلافات التاريخية السابقة بينهما، في تحقيق كثير من المكاسب والامتيازات، والتي من المرتقب أن تجنيها دمشق من وراء هذا الانفتاح، وعلى كل المستويات؛ حيث:
سياسيًا؛ تأمل سوريا في أن تحصل على الدعم السياسي الروسي، وخاصةً داخل أروقة الأمم المتحدة، وبالأخص مجلس الأمن الدولي الذي تترأس موسكو دورته الحالية منذ الأول من أكتوبر 2025.[10]
أمنيًا؛ تأمل دمشق في أن تحصل على الدعم العسكري من جانب موسكو، وذلك للمساهمة في إعادة تأهيل الجيش السوري الجديد، من خلال وضع برنامج تسليحي وتدريبي شامل بين البلدين، فضلًا عن الاستعانة بروسيا لمواجهة التوغلات والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة في الجنوب السوري، إذ أشارت بعض المصادر أن الرئيس الشرع طلب خلال لقاءه مع نظيره الروسي، أن يتم إعادة نشر قوات للشرطة العسكرية الروسية في مناطق الجنوب، وخصوصًا درعا والسويداء، لموازنة الخطر الإسرائيلي المتنامي في تلك المنطقة.[11]
اقتصاديًا؛ تأمل سوريا في أن تحصل على مكتسبات اقتصادية عدة من خلال تعاونها مع موسكو، وخصوصًا في ملف إعادة الإعمار، وفي مجال الطاقة، وذلك من خلال الاستعانة بالخبرة الروسية في إعادة تأهيل البنى التحتية لمنشآت الطاقة السورية التي دمرتها الحرب، وكذلك في تطوير حقول النفط، وأيضًا في مجال الأمن الغذائي؛ وخصوصًا فيما يخص إمدادات القمح؛ إذ تحتاج دمشق حاليًا لما يقرب من 2 مليون طن من القمح، نظرًا لموجة الجفاف غير المسبوقة التي تعاني منها سوريا، والتي أدت إلى انخفاض إنتاج القمح هذا العام بشكل كبير للغاية.[12]
براجماتية روسية للإبقاء على قواعدها العسكرية المتواجدة في سوريا؛ على نحو مماثل للجانب السوري، هناك هدفًا هامًا للغاية، هو الذي يدفع موسكو للتقارب مع إدارة الشرع؛ ألا وهو الإبقاء على قاعدتيها طرطوس وحميميم؛ نظرًا لأنهما يمثلان أكبر بكثير من مجرد تواجد عسكري روسي في دمشق فقط؛ حيث:
تمثل تلك القواعد، موطيء القدم الوحيد الذي تحظى به روسيا في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي، تحاول موسكو الحفاظ عليهما، والاتفاق مع إدارة الشرع على إبقائهما من خلال تجديد الاتفاقات بين البلدين.
تسعى روسيا إلى تأمين مصالحها البحرية في شرق المتوسط، وتحديدًا عبر قاعدة طرطوس البحرية على الساحل السوري، والتي من شأنها أن تؤمن الدعم اللوجيستي للقوات الروسية في البحر المتوسط وشمال ووسط وشرق أفريقيا.[13]
كما تسعى موسكو لأن يكون للقاعدتين أدوار مختلفة، بعيدًا عن دورها العسكري الذي سبق وأن قامت به في عهد بشار الأسد، إذ ترغب روسيا في تحويلهما إلى مراكز لوجيستية وإنسانية، وهو ما كان صرح به وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في 14 أكتوبر الجاري، قائلًا “روسيا مهتمة بالحفاظ على القواعد العسكرية الروسية في سوريا، حيث يمكن تحويلها إلى مراكز إنسانية، لإرسال المساعدات الإنسانية إلى منطقة الصحراء والساحل وغيرها من الدول المحتاجة”[14]، أي بمعني أدق؛ استخدامهما لتوسع النفوذ الروسي في أفريقيا، ولكن تحت شعار إنساني واقتصادي، وليس أمني وعسكري.
وفي ضوء ذلك؛ وجدت روسيا أن الحل الأمثل هو التواصل مع النظام السوري الجديد، القادم من رحم المعارضة السورية المسلحة، والتي حاربتها روسيا على مدار سنوات طويلة، وذلك في إطار نهج براجماتي، يعطي الأولوية للمصالح، وليس للاعتبارات السياسية والأيدولوجية.
رغبة سورية في إقامة علاقات متوازنة مع جميع القوى الإقليمية والدولية؛ يبدو أن الرئيس أحمد الشرع قد تعلم الدرس جيدًا، وبات يدرك أنه من الخطر الرهان على طرف واحد، نظرًا للتغيرات المتتالية التي يشهدها الإقليم، ولذلك قرر أن يتبع سياسة متزنة، تقوم على المصالح المشتركة والمنافع الاقتصادية المتبادلة.
ومن ثم؛ تواجد الشرع في نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبعد أقل من شهر واحد فقط، كان في أكبر قاعة استقبال رسمية في الكرملين، أي جاء من قيادة المعسكر الغربي، إلى قيادة المعسكر الشرقي، مما يشير إلى استعداده للإنفتاح ولإقامة علاقات متوازنة مع الجميع.
وبالتالي؛ يمكن قراءة زيارة الرئيس السوري إلى روسيا، في إطار إتباعه لسياسة دبلوماسية جديدة، تقوم على التوازن والمصالح المشتركة، بدلًا من الاصطفافات المنحازة والهيمنة العسكرية والأيدولوجيات المتطرفة، أي تشير هذه الزيارة إلى نهج براجماتي، يقوم على تنوع الشراكات، وتوفير البديل في حال اختلفت الحسابات، ولا شك أن اللجوء لروسيا كان مهمًا للغاية، حتى يحافظ الشرع على مبدأ توازن القوى في مواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل، خوفًا من أي ضغط قد يتعرض له من جانب الأولى، لتقديم تنازلات لصالح الأخيرة.
رغبة الرئيس السوري في اكتساب مزيد من الشرعية الدولية؛ مظاهر الاستقبال الحافل التي حظى بها الشرع في موسكو، وقبلها في الولايات المتحدة، تعزز الشرعية الدولية التي يحاول أن يكتسبها الرئيس السوري، نظرًا لكونه رئيس لإدارة انتقالية مؤقتة، وبالتالي؛ مثل هذه الزيارات، ومن قبل قوى عظمى، تؤكد الاعتراف بالإدارة السورية الجديدة، وبمكانتها الإقليمية والدولية.
وجدير بالذكر في هذا الشأن أن؛ زيارة الرئيس السوري إلى روسيا، تأتي في إطار سلسلة من الزيارات المتتالية التي قام بها الشرع، بغرض الانفتاح على كل دول العالم، والترويج لإدارته الجديدة، ومن ثم كسب شرعية سياسية دولية، وقد شملت تلك السلسلة: أكثر من18 زيارة رسمية إلى عواصم إقليمية ودولية، المشاركة في مؤتمرات ثنائية ومتعددة الأطراف في أنقرة والقاهرة وبروكسل، عقد لقاءات مع أكثر من40 رئيس دولة أو حكومة، وتوقيع ما يزيد على25 مذكرة تفاهم في مجالات الطاقة والتعليم والثقافة والإعلام.[15]
وإجمالًا؛ تُعد زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى روسيا، تحولًا استراتيجيًا لافتًا للنظر، وقد تكون بداية لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين، بحيث تتميز بالتعاون والتنسيق بدلًا من الخلافات والتوترات.
ولكن؛ رغم مؤشرات التقارب بين دمشق وموسكو، هناك عدة تحديات قد تعرقل هذا التقارب وتؤجل ثماره التي ينتظرها البلدين، ومنها: ملف تسليم بشار الأسد إلى سوريا والذي قيل أن الرئيس السوري طالب به خلال لقاء نظيره الروسي بوتين، الانتقادات التي تنال أي تقارب سوري مع موسكو وذلك على خلفية مساعدتها العسكرية لنظام الأسد، والمطالبة بتعويض الضحايا المدنيين الذين تضرروا جراء الغارات الروسية، فيما طالب البعض ألا يكون هناك أي تطور جديد في العلاقات مع موسكو، إلا قبل أن يتم تسليم بشار الأسد ومحاكمته أمام القضاء السوري، هذا إلى جانب انعكاسات حرب النفوذ التي تشهدها دمشق على أي تفاهمات روسية سورية خلال الفترة المقبلة، وخاصةً فيما يخص مواقف الولايات المتحدة وإيران وتركيا، فضلًا عن ردود الفعل الداخلية.
المصادر:
[1] استقبال دافئ للرئيس السوري في الكرملين.. القواعد والمصالح المشتركة أبرز الملفات، صحيفة الشرق الأوسط، 15/10/2025، متاح على الرابط: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9
[2] الشرع في روسيا.. هل تفلح سوريا في ضبط إيقاعها بين الشرق والغرب؟، موقع تلفزيون سوريا، 15/10/2025، متاح على الرابط: https://www.syria.tv/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D8%B9-
[3] زيارة الشرع إلى روسيا تؤسس لشراكة متكافئة، ميدل إيست أونلاين، 15/10/2025، متاح على الرابط: https://www.middle-east-online.com/%D8%B2%D9%8A%D8%A7%
[4] الرئيس الشرع من موسكو: نحترم الاتفاقيات السابقة مع روسيا واستقرار سوريا أولوية، موقع تلفزيون سوريا، 15/10/2025، متاح على الرابط: https://www.syria.tv/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3
[5] الرئيس الشرع يلتقي وفداً من الجالية السورية في روسيا، صحيفة الإخبارية السورية، 15/10/2025، متاح على الرابط: https://alikhbariah.com/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8
[6] الشرع يلتقي بوتين ويشدد على نية بلاده إعادة تعريف العلاقات مع موسكو، موقع فرانس 24، 15/10/2025، متاح على الرابط: https://www.france24.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82-%
[7] دمشق تُعيد رسم خارطة النفوذ.. قراءة في زيارة الشرع إلى روسيا الاتحادية، صحيفة الثورة السورية، 15/10/2025، متاح على الرابط: https://thawra.sy/?p=732516
[8] استقبال دافئ للرئيس السوري في الكرملين.. القواعد والمصالح المشتركة أبرز الملفات، صحيفة الشرق الأوسط، 15/10/2025، مرجع سابق.
[9] الشرع يلتقي بوتين الأربعاء لإطلاق مرحلة جديدة في علاقات دمشق وموسكو، صحيفة الشرق الأوسط، 14/10/2025، متاح على الرابط: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85
[10] تطلُّعات “الشرع” من زيارته إلى موسكو، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 15/10/2025، متاح على الرابط: https://ecssr.ae/ar/research-products/insights/1/203542
[11] ماجدة بوعزة، الشرع يتعهد باحترام الاتفاقات مع روسيا.. ما مصير بشار الأسد؟، دويتشه فيله، 15/10/2025، متاح على الرابط: https://amp.dw.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D8%B9-%
[12] أمين زرواطي، الشرع في موسكو: ما مصالح روسيا وهل تسلم الأسد “قربانا” لتحالف جديد مع سوريا؟، موقع فرانس 24، 15/10/2025، متاح على الرابط: https://www.france24.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%8
[13] وائل علوان، السلاح والقواعد.. كلمتا السر في زيارة الشرع إلى موسكو، الجزيرة القطرية، 16/10/2025، متاح على الرابط: https://www.ajnet.me/opinions/2025/10/16/%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7
[14] الشرع يلتقي بوتين الأربعاء لإطلاق مرحلة جديدة في علاقات دمشق وموسكو، صحيفة الشرق الأوسط، 14/10/2025، مرجع سابق.
[15] دمشق تُعيد رسم خارطة النفوذ.. قراءة في زيارة الشرع إلى روسيا الاتحادية، صحيفة الثورة السورية، 15/10/2025، مرجع سابق.