المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الدراسات الأفريقية > تقدير موقف > زيارة الرئيس الصومالي إلى مصر.. علاقاتٌ تاريخيةٌ وطيدةٌ ورصيدٌ زاخرٌ من التعاون
زيارة الرئيس الصومالي إلى مصر.. علاقاتٌ تاريخيةٌ وطيدةٌ ورصيدٌ زاخرٌ من التعاون
- أغسطس 15, 2024
- Posted by: Maram Akram
- Category: تقارير وملفات تقدير موقف وحدة الدراسات الأفريقية
لا توجد تعليقات
إعداد: منة صلاح
باحثة في وحدة الشؤون الأفريقية
يجمعُ مصرَ والصومالَ علاقاتٌ تاريخيةٌ، تتسمُ بالقوة والصلابة، وتطوَّرت العلاقاتُ بين البلديْن في الآونة الأخيرة، وفي السياق ذاته، توجَّه الرئيسُ الصوماليُّ “حسن شيخ محمود” إلى القاهرة، في الثالث عشر من أغسطس الجاري، في زيارةٍ رسميةٍ استغرقت يوميْن، ورافَقَهُ وفدٌ رفيعُ المستوى، يضُمُّ وزير الدفاع ورئيسَ جهاز المخابرات والأمن، وتُعَدُّ هذه الزيارة الثانية للرئيس الصومالي إلى القاهرة هذا العام، وخلال هذه الزيارة، عُقِدَتْ محادثاتٌ مع الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي”؛ بهدف بحْث سُبُل تعزيز التعاون والعلاقات التاريخية بين البلديْن، ولتوقيع اتفاقيةِ تعاونٍ عسكريٍّ؛ نظرًا للتحديات الإقليمية والأمنية التي تواجه الصومال.
تطوُّر العلاقات «المصرية – الصومالية»
تُقدِّمُ مصرُ كافَّة أوْجُه الدَّعْم إلى الصومال مُنْذُ القِدَمِ، وحتى حَظِيَتْ تلك الدولة بالتحرُّر من الاحتلال، في عام 1960م، وإعلان دولة الصومال الفيدرالية، وعندما تعرَّضت جمهوريةُ الصومالِ لتحدياتٍ سياسيةٍ، في عام 1991م، إثْر انهيار نظام الرئيس السابق “سياد بري”، دعمتها مصر؛ بحُكْم أنها دولةٌ عربيةٌ وأفريقيةٌ؛ إذ إن هناك مواقفَ تاريخيةً لكلا البلديْن تجاه الآخر، في كافَّةِ الأزمات، ولكن تطوَّرت العلاقاتُ بين البلديْن في السنوات الأخيرة؛ نظرًا لتميُّزها بتعدُّد المجالات، في إطار المصالح المشتركة والأمن المتبادل، وفي السياق ذاته، تعمل مصرُ على تكثيف جهودها؛ من أجل تعزيز استقرار الصومال والحفاظ على وحدة أراضيه، وخلال الأزمة «الصومالية – الإثيوبية»، أكَّدت مصرُ على ضرورة احترام وحدة وسيادة الصومال الفيدرالية على كافَّة أراضيها ومعارضتها لأيِّ تدخُّلٍ في شؤونها الداخلية.
كما تُعَدُّ مصرُ عضوًا فعَّالًا في مجموعةِ الاقتصادِ الدوليةِ المعنيّةِ بالمشكلةِ الصوماليةِ، وتحرص على المشاركة في كُلِّ الاجتماعات المُنْعَقِدَة من جانب المجموعة، وفي السنوات الأخيرة، كثَّفَتْ مصرُ تحرُّكاتها على الصعيد الدُّولي؛ لحشْد الدعم للقضية الصومالية، وحثّ القوى الدولية على المساهمة في إعادة بناء المؤسسات الوطنية الصومالية؛ لِمَا للصومال من دورٍ مهمٍ في تعزيز الأمن القومي المصري، بالإضافة إلى ذلك، تتمتع مصر بعضويةٍ في مجموعةِ الاتصالِ الدوليةِ المعنيّةِ بمكافحة القرصنة، قُبَالَةَ السواحل الصومالية؛ إذ تولَّت رئاسةَ مجموعة العمل الرابعة المنبثقة عن مجموعة الاتصال، وهي تختصُّ بدعم جهود القضاء على تلك الظاهرة ونشْر الوعي بشأنها[1].
السياق الراهن للزيارة
جاءت هذه الزيارةُ في ظلِّ ما يشهدُهُ الإقليم من اضطراباتٍ وتوتُّراتٍ، لا سيما في منطقة القرْن الأفريقي والبحر الأحمر؛ إذ تزامنت مع بعض التحديات التي تواجه الصومال، مِثْل تعثُّر الجولة الثانية من المحادثات بينها وبين إثيوبيا في العاصمة التركية “أنقرة”، واستمرار عمليات وهجمات حركة الشباب الإرهابية، هذا فضلًا عن افتتاح مقرٍّ جديدٍ للسفارة المصرية في مقديشو، وهو ما سنتطرق إليه على النحو الآتي:
تعثُّر المحادثات «الصومالية – الإثيوبية» في أنقرة؛ لقد جاءت الزيارة بعد ساعاتٍ قليلةٍ من إعلان فشل جولةٍ جديدةٍ من المحادثات غيْر المباشرة التي جَرَتْ بين الصومال وإثيوبيا بوساطةٍ تركيةٍ؛ إذ انتهت الجولة دون نتيجةٍ، وتمَّ تحديدُ موْعدِ الجولةِ الثالثة في سبتمبر المقبل؛ نظرًا لموقف الصومال الواضح والمتعلق بعدم قبولِهِ المساس بسيادِتِه ووحْدة أراضيه، هذا فضلًا عن عدم الاتفاقِ حوْل قضية إلغاء الاتفاق الذي أبْرمته إثيوبيا مع أرض الصومال، وقضية تحديد الكيفية التي تريد إثيوبيا من خلالها الوصول إلى البحر[2].
استمرار هجمات حركة الشباب الإرهابية؛ في ظِلِّ انسحاب بعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي “أتميص”، تتزايد هجماتُ وعملياتُ حركة الشباب الإرهابية، ففي يوم الزيارة، شَنَّتْ عناصر من حركة الشباب الإرهابية هجومًا على قاعدةٍ عسكريةٍ للقوات الصومالية في إقليم شبيلي الوسطى بولاية هيرشبيلي؛ إذ بدأ بتفجيراتٍ، ومن ثَمَّ قتالٌ مباشرٌ مع القوات الحكومية؛ ما تسبَّبَ في خسائرَ لم يتم تحديدُها بعْد[3]، وفي مطلع الشهر الجاري أيضًا، شَنَّ مقاتلو حركة الشباب هجومًا على ساحل “ليدو”، في مقديشو؛ ما أدَّى إلى خسائرَ بشريةٍ كبيرةٍ في صفوفِ المدنيين، ويُعتبر هذا الهجومُ الأحدثَ في مجموعةٍ من الهجمات التي شنَّتْها حركة الشباب في منطقة شاطئ “ليدو” خلال السنوات الأخيرة[4].
افتتاح المقرِّ الجديدِ للسفارة المصرية في العاصمة الصومالية “مقديشو”؛ تزامن توقيتُ الزيارة مع إعلان وزارة الخارجية المصرية، عن افتتاح المقرِّ الجديدِ لسفارتها في مقديشو؛ بهدف تعزيز العلاقات التاريخية بين البلديْن؛ إذْ يُعَدُّ هذا الافتتاح بمثابة نُقطة تحوُّلٍ نحْو فتْح آفاق جديدة للتعاون في كافَّة المجالات، ولقد جاء هذا الافتتاح بعد إطلاق رحلات جوية مباشرة لشركة مصر للطيران بين القاهرة ومقديشو؛ وهو ما يعمل على تطوير العلاقات الاقتصادية وفُرص الاستثمار بين البلديْن[5].
أبرز ما حملته الزيارة
جَرَتْ المباحثاتُ بين الرئيسِ المصريِ ونظيرهِ الصوماليِّ في قصْرِ الاتحادية شرقي القاهرة، وتطرَّقا إلى عِدَّة ملفات مع توقيع بروتوكول التعاونِ العسكريِّ بين البلديْن، وهو ما سنُوضِّحُهُ على النحْو الآتي:
توقيع بروتوكول التعاون العسكري بين البلديْن؛ لقد شَهِدَ الرئيسان عقب المباحثاتِ، مراسمَ التوقيعِ على بروتوكول التعاونِ العسكريِ؛ لتعزيزِ التعاونِ بين البلديْن في مجالات الأمن والدفاع؛ بهدفِ مواجهة التهديدات الإرهابية؛ ما يشير إلى أن تعدُّدَ أشكال التعاونِ المصريِّ مع الصومالِ، والتي قد تشملُ إمدَادَه بالأسلحة أو تدريب وتأهيل عناصرهِ العسكريةِ، ولكن لا تُوجدُ معلوماتٌ حول ما إذا كان البروتوكول يشملُ إرسالَ قواتٍ مصريةٍ إلى الصومال أم لا[6].
التأكيد على تاريخية العلاقات «المصرية – الصومالية»؛ أكَّد الرئيس المصري على أن العلاقات بين مصر والصومال تاريخية؛ إذ تمتدُّ منذ سنوات طويلة، وتتسم بالقوة والصلابة؛ لذا تحرص مصرُ على أن تكون داعمًا للتعاونِ والتنميةِ بين البلديْن، وفي السياق ذاته، هنَّأَ الرئيسُ جمهورية الصومال بالنجاح الذي حقَّقته فيما يخُصُّ رفْع العقوبات والحظْر، إضافةً إلى تولِّيها مقْعَدًا في مجلس الأمن، خلال عاميْ “2025 و2026″، كما قدَّم الرئيسُ لنظيرِهِ وللشعبِ الصوماليِّ خالصَ التَّعَازِي في ضحايا الحادث الإرهابي، الذي جرى في مطلع الشهر الجاري، في العاصمة مقديشو، وعلاوةً على ذلك، أكَّد الرئيسُ على الدعمِ المصريِّ لجهود مكافحة الإرهاب، وتأمين البلاد؛ حتى يعُمَّ الاستقرار الصومال، ومن جهةٍ أُخرى، أكَّدَ الرئيسُ الصوماليُّ، أن الصومال كان ولا يزال حليفًا قويًّا لمصرَ مع استمرار التعاون بين البلديْن في كافَّة المجالات[7].
مناقشة تطوُّرات الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي؛ لقد تصدَّرت الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر أجندة المباحثات بين الرئيسيْن؛ إذ أكَّد الرئيسُ المصريُّ، على ضرورة قيام دول الجوار ودول القرن الأفريقي، باحترام سيادة الدول وسلامة أراضيها، والحفاظ على استقلالها؛ حتى يسودَ التعاون فيما بينها، كما أكَّد أيضًا على موقف مصر الداعم لوحدة وسيادة الصومال، ورفْض التدخُّل في شؤونه الداخلية؛ نظرًا للأزمة الدائرة، منذ يناير الماضي، بين الصومال وإثيوبيا، حول مذكرة التفاهُم المُوقَّعة بين إثيوبيا وأرض الصومال.
مشاركةُ مصرَ في بعثة حفْظ السلام في الصومال؛ خلال الزيارة، أكَّدَ الرئيسُ المصريُّ، على أنه من خلال عضوية مصر في الاتحاد الأفريقي، وأنه سيتم تجديدُ بعثة حفظ السلام في الصومال، فسيتمُّ التقدُّم للمشاركة في هذه البعثة، وذلك في حالة قبولِ الدولةِ المُضِيفَةِ التي ستكون بها القوات، وحتى إذا لم ترغب؛ فسيظل يسود التعاونُ فيما بينهما.