المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الدراسات الأفريقية > عرضٌ نقديٌّ لمقالٍ بعنوان: وعود ومخاطر الذكاء الاصطناعي في أفريقيا
عرضٌ نقديٌّ لمقالٍ بعنوان: وعود ومخاطر الذكاء الاصطناعي في أفريقيا
- نوفمبر 17, 2024
- Posted by: hossam ahmed
- Category: تقارير وملفات وحدة الدراسات الأفريقية
لا توجد تعليقات
إعداد: دينا لملوم
منسق وحدة الشؤون الأفريقية
تُعدُّ تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي سلاحًا ذا حدَّيْن، فبالرَّغْم من أنها تلعب دوْرًا مهمًّا في استغلال الإمكانات البشرية، وتوظيفها لصالح تنمية القارة الأفريقية، والمساعدة على الحدِّ من تفشِّي الفقر والأمراض، وتقليل نِسَبِ الفساد، إلَّا أنها قد تتسبَّبُ في تداعيات كارثية إذا ما أُسِيءَ استخدامها، إضافةً إلى كوْنها تتطلب قدْرًا كافيًا من المعرفة والإمكانيات التي تساعدها على الانتشار والقيام بوظائفها على أعلى مستوى، وفي هذا المقال[1] الذي صدر تحت عنوان « A goldmine at our fingertips: the promise and perils of AI In Africa»، للكاتب «Jason Burke»، على موقع الجارديان، ٣٠ أكتوبر ٢٠٢٣، يتناول خلاله الكاتب فُرَص وتحديات الذكاء الاصطناعي في أفريقيا.
التعريف بالكاتب:
جيسون بيرك، هو مراسل الأمن الدولي لصحيفة الجارديان، فقد عمل لمدة 25 عامًا كمراسلٍ أجنبيٍّ، قام خلالها بتغطية العديد من الأحداث في الشرق الأوسط وأوروبا وجنوب آسيا، فضلًا عن القارة الأفريقية، كما أنه تناول في كتاباته العشرات من الصراعات، فضلًا عن الكثير من الأزمات الأُخرى، وهو مؤلف لأربعة كتب، آخرها كتاب التهديد الجديد.
أبرز المحاور:
أهمية توظيف تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في أفريقيا:
تكْمُنُ أهمية الذكاء الاصطناعي في كوْنها المستقبل القادم، وتشير بعض الكتابات إلى أنه ليس بغير المألوف على القارة الأفريقية؛ إذ يستخدم مزارعو الكاجو في غانا الطائرات بدون طيار للكشف عن الأمراض، عبْر جمْع البيانات من أوراق وسيقان وجذوع أشجار الكاجو؛ الأمر الذي يساعد على معرفة الأعراض مبكرًا، قبْل أن تصبح مرئيةً، وتؤدي إلى أضرارٍ جسيمةٍ للمحاصيل.
وفي كيب تاون، تقوم شركة ناشئة برقْمَنة اللغات الأفريقية؛ للتمكُّن من ترجمتها عبْر برامج تعمل بالذكاء الاصطناعي، مِثْل برنامج «google translate»، وبناء عليه؛ المساعدة في تعزيز الاتصال والتواصُل بين متحدثِّي اللغات المختلفة.
أمَّا عن أماكن أخرى مثل رواندا، فيتمُّ توظيف الذكاء الاصطناعي للمساعدة في توصيل الأدوية للمرضى في المناطق النائية بكفاءةٍ عاليةٍ، وذلك من خلال طائراتٍ بدون طيار.
وفي ناميبيا، تعمل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على توجيه الألواح الشمسية؛ لزيادة قدرتها على توليد الطاقة.
وعود ومخاطر الذكاء الاصطناعي:
لقد كان انتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي في أفريقيا؛ نتيجة للحاجة المُلِحَّة؛ لإيجاد حلولٍ لمشاكلَ جِذْريةٍ يُعاني منها الأفارقة، وبالرغم من التقدُّم الذي أحرزته القارة في السنوات الأخيرة، إلَّا أنها لم تَكَدْ تعاني من الديون وعدم الاستقرار السياسي وتفاقُم مُعدَّلات العنف والجريمة، مع افتقاد معظم الدول للموارد اللازمة لاستغلال إمكانات السكان وتوظيفها بشكلٍ صحيحٍ، ويشير الخبراء إلى أن الذكاء الاصطناعي يأتي دوره في هذه الحالة للتعامُل مع مِثْل هذه التحدِّيات.
والجدير بالذكر في هذا الصدد، أن مؤشرًا أعدته شركة أوكسفورد إنسايتس ببريطانيا، صنَّف “موريشيوس” باعتبارها الدولة الأكثر تقدُّمًا في أفريقيا جنوب الصحراء، إلَّا أنها جاءت في المرتبة ٥٧ عالميًّا، تلتها جنوب أفريقيا، التي تعتبر الدولة الوحيدة في المنطقة التي يتوفر لديها البِنْية التحتيَّة الأساسية لشبكة الجيل الخامس تجاريًّا.
ويمكن تناول أبرز فُرَص وتحدِّيات انتشار الذكاء الاصطناعي في القارَّة السمراء على النحو الآتي:
الفُرَص:
فهْم سُبُل التعامُل مع “كوفيد ١٩”:
لقد كشف تفشِّي فيروس كورونا عن مدى ضعْف البِنْية الأساسية والاقتصاد في دول، مِثْل جنوب أفريقيا؛ ما دفع العلماء في جامعة جوهانسبرج، عبْر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، من وضْع نموذجٍ لانتشار الموجة الأولى من المرض؛ ما ساعد السلطات المعنيَّة على فهْم سُبُل التعامُل مع هذا الوباء وكيفية التصرُّف حِيَالَه.
توظيف الذكاء الاصطناعي لمراقبة التغييرات المناخية:
يُلاحظ مع التغييرات المناخية التي بات العالم يشهدها، وبصفةٍ خاصَّةٍ القارَّة الأفريقية، والتي تدفع نحْو حدوث موجاتٍ من الجفاف ونقْصٍ حادٍّ في المياه، أنه بدا لصُنَّاع القرار والجهات المعنيَّة، توظيف هذه التكنولوجيا للحفاظ على الموارد المائية، علاوةً على استخدام جوجل للتنبؤ بالفيضانات في القارة، بجانب استباق عمليات غزْو الجراد الذي يمكن أن يُدَمِّرَ مناطق بأسْرها.
تتبُّع الأفراد والجماعات المسلحة:
يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي عبْر أدواته التحليلية المتطورة في تحديد هوية الأفراد، والبحْث وتتبُّع الإرهابيِّين، عبْر منصَّات المراقبة والأقمار الصناعية، وفي إشارةٍ لافتةٍ لبعض الخبراء إلى أن هذه التكنولوجيا قد يتمُّ استغلالها في المستقبل القريب؛ للتنبؤ بالحرب والاضطرابات المدنيَّة؛ بما يتيح الفُرْصة للتدخُّلات الاستباقية، التي تحُول دون وقوع حربٍ أو صراعٍ جديدٍ، وبالتالي للحفاظ على الأمن والاستقرار أو على الأقلِّ تخفيف وطْأة الأنشطة العنيفة، مع اعتقادات بأنَّ الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا تقوم بدمج الذكاء الاصطناعي في مثل هذه النماذج التنبؤية، عن طريق المعلومات الاستخباراتية التي يتمُّ جمْعها من خلال أعضائها.
التحدِّيات:
مُعوِّقَات فنيَّة:
ثمَّةَ حاجةٌ ماسَّةٌ للحلول التي يمكن أن يُقدِّمُها الذكاء الاصطناعي، ولكن هناك العديد من التحدِّيات التي تواجه التطبيق الأمثل لهذه التقنية على الأراضي الأفريقية، منها نقْص الخبرة الكافية والبِنْية الأساسية الرقمية، إضافةً إلى صعوبة الحصول على بياناتٍ عالية الدِّقة للسماح لبرامج الذكاء الاصطناعي بالعمل بشكلٍ فعَّال.
نشْر المعلومات المُضَلِّلَة:
هناك مخاوف من تأثير المعلومات المُضَلِّلَة التي يتمُّ إنشاؤُها بواسطة الذكاء الاصطناعي؛ ما يؤثر على مسار عمل الأجهزة التنظيمية الهشَّة في كثيرٍ من الأحيان، ولعلَّ الشاهد على ذلك هو روسيا، التي تُعدُّ مصدرًا لبثِّ المعلومات المُضَلِّلَة في القارَّة؛ لتحقيق أهداف سياسية وخلافه.
نماذج مزيفة:
يمكن استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي الجديدة، مثل تقنية شات “جي بي تي”، والتي يتمُّ توظيفها لإنشاء مقاطع فيديو مزيفة، يصْعُبُ التمييز بينها وبين الصور والصوت والنصّ الأصليين؛ ما قد يؤدي إلى إحداث حالةٍ من الفوضى مع انتشار الشائعات والأكاذيب، ومن ثمَّ التأثير على صُنَّاع القرار والقيادات المهمة في الدولة.
تحليلٌ نقديٌّ:
سلَّط هذا المقال الضوْء على قضيةٍ مهمةٍ ومِحْوَرِيَّةٍ وذات خطورةٍ عاليةٍ في الوقت نفسه، ألا وهي تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، والتي تحمل في طيَّاتها الكثير من المميزات والعيوب، وهذا المجال واسع المدى، لن يقتصر على ما تمَّ ذكره في المقال فحسب، بل يمتدُّ لأُفُقٍ أشمل وأعمق، وعلى أية حال فإن استخدامات الذكاء الاصطناعي في أفريقيا والفوائد والأضرار التي يمكن أن تنْجُمَ عنه ستتوقف على استخدامات البشر له، فإذا تمَّ توظيفه بشكلٍ سِلْمِيٍّ؛ بهدف خدمة البشرية، فستعُمُّ الفائدة على الجميع، أمَّا إذا ما استُغِلَّ بشكلٍ غير سِلْمِيٍّ وغير آدميٍّ ستكون نتائجه كارثية قد تُفْضِي في نهاية الأمر إلى هلاك العالم أجمع.
المصادر:
[1] Jason Burke, A goldmine at our fingertips’: the promise and perils of AI in Africa, guardian, 30 October 2023, URL: