المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الشرق الأوسط > عرض نقدي > عرض نقدي لمقال بعنوان: “المعادن المهمة في أفريقيا في مرحلة حرجة”
عرض نقدي لمقال بعنوان: “المعادن المهمة في أفريقيا في مرحلة حرجة”
- مايو 25, 2025
- Posted by: mostafa hussien
- Category: تقارير وملفات عرض نقدي وحدة الدراسات الأفريقية
لا توجد تعليقات

إعداد/ منة صلاح
باحثة متخصصة في الشؤون الإفريقية
يُعد ملف المعادن الاستراتيجية من أبرز القضايا المحورية التي تشغل القارة الأفريقية في الوقت الراهن، في ظل الطلب العالمي المتزايد على هذه الموارد الحيوية، وما يرافقه من تنافس دولي محتدم حول فرص الاستثمار والتأثير في مقدّراتها، وفي هذا الإطار نشر مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية مقالًا تحليليًا بعنوان “Critical Minerals in Africa at a Crossroads” بتاريخ 20 مايو 2025، يستعرض من خلاله التحديات والفرص التي تواجه قطاع المعادن المهمة في القارة، ويضعها ضمن سياق أوسع من التحولات الجيوسياسية والتنموية.
ويُعد المركز مؤسسة أكاديمية تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية أنشأها الكونغرس عام 1999، ويُعنى بدراسة القضايا الأمنية الخاصة بأفريقيا عبر دعم البحث العلمي وتوفير منصة للحوار وتبادل الخبرات بين الفاعلين المدنيين والعسكريين، ويعمل المركز على تعزيز الأمن الأفريقي من خلال توسيع الفهم وبناء الشراكات وتحفيز الحلول الاستراتيجية، انطلاقًا من رؤيته التي تؤمن بأن أمن المواطن الأفريقي يرتكز على مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة، ومن هنا يقدم هذا المقال إطارًا تحليليًا لفهم ديناميكيات قطاع المعادن في أفريقيا وتأثيراتها المحتملة على مستقبل التنمية والاستقرار في القارة.
أبرز المحاور:
-
تصاعد الطلب العالمي على المعادن والفلزات في أفريقيا
يشهد العالم ارتفاعًا كبيرًا في الطلب على المعادن الحيوية، مما يضع أفريقيا الغنية بهذه الموارد في موقع استراتيجي، لكن ضعف البنية التحتية في معظم الدول الأفريقية مثل نقص الكهرباء وتدهور شبكات المياه والنقل والاتصالات، يحد من قدرتها على استغلال هذه الفرصة بشكل فعال، كما هو الحال في جمهورية الكونغو الديمقراطية التي تعاني من نقص حاد في الكهرباء وبنية تحتية متدهورة.
وبالإضافة إلى ذلك تعاني الدول الأفريقية من فجوة كبيرة في بناء القدرات البشرية الفنية المتخصصة في مجالات التعدين، فضلاً عن ضعف الأسواق المحلية للمنتجات النهائية مما يعيق تطوير صناعات تحويلية داخلية، وتواجه السياسات التي تهدف إلى التكرير المحلي تحديات بسبب محدودية القدرات الصناعية مما يؤدي إلى استمرار تصدير المواد الخام دون تعزيز قيمة مضافة، وبالتالي تبقى استفادة أفريقيا من الطلب العالمي رهينة بتطوير بنيتها التحتية وقدراتها الصناعية وكفاءاتها البشرية لضمان مشاركتها المستدامة في سلاسل القيمة العالمية.
-
الدروس المستفادة من تجارب التعدين السابقة في القارة
كشفت تجارب التعدين في أفريقيا عن ثلاث دورات مفرغة أثرت سلبًا على استقرار القارة وقدرتها على استثمار مواردها، بدأت الدورة الأولى بسوء الإدارة المبكر مثل الانقلابات والحروب الأهلية، تلتها دورة ثانية تمثلت في استغلال النخب للثروات الوطنية لتحقيق مكاسب شخصية وتوسيع شبكات المحسوبية، ثم جاءت الدورة الثالثة التي شهدت تواطؤ الشركات الأجنبية مع النخب المحلية لتجاوز اللوائح واستغلال الموارد لصالح الأنظمة الحاكمة، مما أضعف تطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة والمساءلة.
ولتجنب تكرار هذه التجارب السلبية، تبرز الحاجة إلى تحسين الحوكمة بعيدًا عن منطق البقاء السياسي فقط، وإشراك الجمهور في الرقابة على قطاع التعدين عبر أدوات مثل البرلمانات ومبادرات الشفافية، بالإضافة إلى دور فاعل للمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص ومبادرات التقاضي الاستراتيجي ومراقبة حقوق الإنسان لضمان إدارة أفضل وأكثر شفافية واستدامة للثروات المعدنية.
-
الممارسات المثلى لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة عبر قطاع التعدين
يعد الاستقرار السياسي أحد الركائز الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة في قطاع التعدين وينبع هذا الاستقرار من حوكمة ديمقراطية ومسؤولة، ويُفسر هذا النجاح نموذج بوتسوانا في إدارة صناعة الألماس حيث وفرت بيئة مؤسساتية قوية ومستقرة، وفي المقابل تعاني دول أخرى مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية من إخفاقات ناجمة عن ممارسات النخب التي اعتبرت الثروة المعدنية وسيلة لترسيخ سلطتها، مع معارضة متواصلة لأي إجراءات تعزز المساءلة أو تفرض لوائح تنظيمية صارمة، وانعكس هذا الوضع في غياب بناء مؤسسات الدولة الفاعلة والبنية التحتية ورأس المال البشري.
ومن ناحية أخرى تبرز مجموعة من أفضل الممارسات التي يمكن للحكومات وشركات التعدين اتباعها لضمان مساهمة قطاع التعدين في الاستقرار والتنمية الاقتصادية المستدامة، وتشمل هذه الممارسات مراجعة وتفعيل السياسات التنظيمية الحالية التي وضعها الاتحاد الأفريقي للاستفادة من فرص التعدين، والاستثمار في البحث والتطوير لتعزيز القدرات التقنية والعلمية، كما من الضروري إنشاء مراكز تدريب متخصصة قادرة على إنتاج الكفاءات البشرية اللازمة بشكل منتظم ومنهجي، فضلاً عن تحسين مهارات الحكومات في التفاوض مع الشركات الأجنبية وتهيئة مناخ استثماري واضح وقابل للتنبؤ.
-
بناء بيئة تنافسية عادلة لشركات التعدين في أفريقيا
لتوفير بيئة تنافسية عادلة في قطاع التعدين الأفريقي، يجب أن تلتزم الحكومات المحلية بتطبيق قوانينها بشكل متساوٍ وشفاف مع احترام حقوق المواطنين في الرقابة والمشاركة، وفي المقابل تقع على شركات التعدين الأجنبية مسؤولية الالتزام باللوائح المحلية والدولية ومعايير الحوكمة الرشيدة والمواطنة المؤسسية، ويضمن هذا الالتزام المتبادل عدم شعور أي طرف بالظلم أو الخداع مما يحافظ على السلامة والاستقرار، كما يجب أن يركز التنافس على تبني أفضل الممارسات بعيدًا عن التنافس غير الصحي، مع الاستفادة من دروس الماضي لتجنب العواقب السلبية وضمان تنمية مستدامة في القطاع.
-
نماذج وطنية للارتقاء بسلاسل القيمة ودور الاتحاد الأفريقي والتكتلات الإقليمية
يلعب الاتحاد الأفريقي والتجمعات الاقتصادية الإقليمية دورًا مهمًا في تعزيز سلاسل القيمة في قطاع التعدين عبر وضع أطر للاستقرار الديمقراطي ورؤية لتحويل أفريقيا من مورد خام إلى منتج مضاف القيمة، رغم تأخر بدء عمل المركز الأفريقي لتنمية المعادن بسبب نقص التصديق، كما تسهل التجمعات الإقليمية التعاون بين الدول مثل اتفاق زامبيا وجنوب أفريقيا على تصنيع الليثيوم، لكن نجاح ذلك يتطلب بنية تحتية قوية وحوكمة سليمة.
وتم تحقيق بعض الإنجازات مثل التعاون بين الكونغو وزامبيا في صناعة بطاريات المركبات الكهربائية، ودور المغرب المتقدم في هذا القطاع بفضل قاعدته الصناعية، بالإضافة إلى سياسات حظر تصدير المواد الخام في بعض الدول الأفريقية، ومع ذلك لا تزال هناك حاجة لاتخاذ خطوات إضافية لضمان استفادة القارة بشكل كامل من هذه الفرص.
-
الفاعلون الرئيسيون في تنفيذ سياسة أفريقيا للمعادن الاستراتيجية
الفاعلون الرئيسيون في تنفيذ سياسة المعادن الاستراتيجية لأفريقيا هم الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني، بالإضافة إلى الهيئات التنظيمية وهيئات الرقابة والمتقاضين الاستراتيجيين، وتتميز هذه السياسة بتعدد جوانبها وتركيزها على الاستفادة المستقبلية من الموارد المعدنية، كما تجسد غانا نموذجًا ناجحًا عبر إطار عمل شامل يتضمن تطوير سلسلة القيمة وتعزيز المشاركة والملكية المحلية وتقديم الحوافز المالية ووضع إطار تنظيمي متكامل وتحقيق الانسجام الاجتماعي وضمان الحكم الرشيد، إلى جانب دعم عمال المناجم الحرفيين والصغار وتطوير البنية التحتية، مما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة للقطاع المعدني في القارة.
-
إجراءات أساسية لضمان تمثيل المصالح الأفريقية واستدامة الشراكات مع شركات التعدين الأجنبية في أفريقيا