المقالات
فيتو أمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة
- أبريل 20, 2024
- Posted by: Maram Akram
- Category: تقدير موقف وحدة الشرق الأوسط
إعداد: إسراء عادل
في ظل ما تشهده المنطقة من حالات التوتر المستمر على خلفية الحرب المحتدمة في قطاع غزة، والتي خلفت دماراً هائلاً في القطاع الذي يعاني معظم سكانه من الجوع ويعيشون ظروف كارثية، تأتي المساعي الفلسطينية والعربية للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة بعد ستة أشهر من الحرب الإسرائيلية على غزة، وفي الوقت الذي تقوم فيه إسرائيل بتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.
اجتماع مجلس الأمن الدولي بشأن عضوية فلسطين في الامم المتحدة
في ظل الحرب المحتدمة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، ومع تطورات المحنة الإنسانية ما بعد طوفان الأقصى وتداعياتها الكارثية، اجتمع مجلس الأمن الدولي، الخميس 18 أبريل الجاري، في جلسة للتصويت على مشروع القرار الجزائري المقدم بشأن قبول دولة فلسطين عضواً كاملاً في الأمم المتحدة، وصوت لصالح مشروع القرار الذي تقدمت به الجزائر نيابة عن المجموعة العربية، 12 عضواً من بين أعضاء المجلس الـ15 في حين امتنعت بريطانيا وسويسرا عن التصويت، واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضده، وبالتالي أخفق مجلس الأمن الدولي في اعتماد مشروع قرار بمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وهي خطوة سلطت الضوء على العزلة الأمريكية؛ نظراً لدعمها المستمر للحرب الإسرائيلية في غزة.
وتجدر الإشارة إلى الطلب الذي قدمته السلطة الفلسطينية عام 2011 لانضمام دولة فلسطين إلى الأمم المتحدة، ورغم أن هذه المبادرة لم تٌثمر، إلا أن الفلسطينيين نالوا صفة دولة “مراقب غير عضو” في نوفمبر 2012، كما جددت السلطة الفلسطينية في مطلع أبريل الجاري دعوتها للنظر في الطلب الذي قدمته في 2011 لنيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ولكن الولايات المتحدة عبرت عن معارضتها لهذا المسعى، ولكي يتم قبول أي دولة عضواً في الأمم المتحدة، لابد من إصدار قرار من الجمعية العامة بأغلبية الثلثين، ولكن بعد توصية إيجابية من مجلس الأمن الدولي، يجب أن يوافق عليها 9 على الأقل من أعضاء المجلس الـ15 وبشرط أن لا تستخدم أي دولة دائمة العضوية حق النقض.
إشادة إسرائيلية لـ الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين
قابلت إسرائيل الفيتو الأمريكي بالترحيب والشكر، حيث أشاد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس باستخدام الولايات المتحدة للفيتو، من أجل رفض عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة والتي وصفها بـ”الاقتراح المخزي”، كما شكر سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، الرئيس الأمريكي جو بايدن على وقوفه إلى جانب إسرائيل من خلال استخدام الفيتو ضد مشروع القرار، الأمر الذي وصفه بـ”الحقيقة في مواجهة النفاق والسياسة”، قائلاً إنه “من المحزن أن معظم أعضاء المجلس قرروا مكافأة الإرهابيين بدولة فلسطينية، مضيفاً أن تصويتهم لن يؤدي سوى إلى تشجيع الرفض الفلسطيني للحلول ويجعل السلام شبه مستحيل”.
انتقادات دولية وإقليمية لـ”الفيتو” الأمريكي بشأن عضوية فلسطين
توالت ردود الفعل الدولية والإقليمية المنددة بفشل مجلس الأمن بتبني قرار بمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وذلك على النحو التالي:
أولًا ردود الفعل الدولية:
الصين
أعربت الصين عن خيبة أملها من الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، إذ وصف السفير الصيني لدى الأمم المتحدة فو تسونج، الفيتو الأميركي بأنه “يوم حزين”؛ وذلك لأن الدولة الفلسطينية تعتبر حلماً لأجيال عدة من الفلسطينيين، قائلاً: “إن حلم الشعب الفلسطيني منذ عقود طويلة، تلاشى في الوقت الذي أصبح فيه قبول فلسطين عضو كامل العضوية في الأمم المتحدة ضرورة ملحّة أكثر من أي وقت مضى”، وأوضح أنه خلال الأعوام الـ13 الماضية، تغير الوضع في فلسطين، بسبب التوسع الاستيطاني المستمر في الضفة الغربية، وبالتالي فإن التشكيك في قدرة فلسطين على الحكم أمر غير مقبول ، مضيفاً أن قبول فلسطين كاملة العضوية في الأمم المتحدة، من شأنه أن يساعد بالفعل في المفاوضات مع إسرائيل بشأن حل الدولتين، كما رفض فو تسونغ ادعاء بعض الدول بأن عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة لا يمكن تحقيقها إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين إسرائيل وفلسطين، وأكد مجدداً أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة حق وطني للشعب الفلسطيني وغير قابل للتصرف ولا يمكن التشكيك فيه أو المتاجرة به.[1]
روسيا
من جانبه أشار السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، إلى أن هذه المرة الخامسة التي تستخدم فيها أمريكا حق النقض منذ بداية التصعيد في غزة، مضيفاً: أن الأمريكيون أظهروا مرة أخرى ما يؤمنون به حقاً تجاه الفلسطينيين، فبالنسبة لواشنطن، “فإنهم الشعب الفلسطيني الذين لا يستحقون أن تكون لهم دولة خاصة بهم، فهم مجرد عائق في طريق تحقيق مصالح إسرائيل”، وأضاف السفير الروسي أن الهدف هو “كسر إرادة الفلسطينيين لإجبارهم دفعة واحدة وإلى الأبد، على الخضوع لقوة الاحتلال، وتحويلهم إلى خدم وأشخاص من الدرجة الثانية”، وربما إجبارهم على الخروج إلى الأبد من أراضيهم الأصلية، كما أشار إلى أن واشنطن نفسها ستخرج نهائيا من قائمة الدول المحبة للسلام والمحترمة بعد أن تقاسمت المسؤولية الكاملة مع حلفائها الإسرائيليين عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين.[2]
فرنسا
من جانبها أكدت نائبة السفير الفرنسي ناتالي برودهيرست أن بلادها تؤيد مبادرة الجزائر برفع مكانة فلسطين في الأمم المتحدة وقبولها عضواً كاملاً، وشددت على ضرورة أن يسمح هذا الاعتراف باستئناف عملية حاسمة ولا رجعة فيها لتنفيذ حل الدولتين وتعزيز السلطة الفلسطينية كي تكون قادرة على ممارسة مسؤولياتها بفعالية وكفاءة في جميع أنحاء الدولة الفلسطينية المستقبلية، وأوضحت المندوبة الفرنسية أن الصراع في غزة يبين مدى أهمية أن يلتزم مجلس الأمن بشكل حازم بالتوصل إلى حل سياسي للصراع، وفي الوقت نفسه تعزيز عمله الإنساني، فضلاً عن مطالبتها بوقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، ووصول المساعدات الإنسانية إلى غزة بشكل كامل ودون عوائق، مؤكدة على أنه “حان الوقت لتحقيق تسوية سياسية شاملة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على أساس حل الدولتين”.[3]
ثانيًا ردود الفعل الإقليمية:
مصر
ومن جانبها أعربت جمهورية مصر العربية عن أسفها البالغ إثر عجز مجلس الأمن عن إصدار قرار يُمكن دولة فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، نظراً لاستخدام الولايات المتحدة لحق الفيتو، مؤكدة على أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية وإقرار عضويتها الكاملة بالأمم المتحدة هو حق أصيل للشعب الفلسطيني الذي عانى من الاحتلال الإسرائيلي على مدار أكثر من ٧٠ عاماً، وخطوة هامة على مسار تنفيذ أحكام القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية المُتعارف عليها لإرساء حل الدولتين، وأكدت حتمية تمكين الشعب الفلسطيني بصورة كاملة من ممارسة كافة حقوقه الشرعية، كما اعتبرت إعاقة إقرار حق الشعب الفلسطيني في الاعتراف بدولته لا يتماشى مع المسؤولية القانونية والتاريخية الملقاة على عاتق المجتمع الدولي تجاه إنهاء الاحتلال، والتوصل إلى حل نهائي وعادل للقضية الفلسطينية، وطالبت مصر الأطراف الدولية الداعمة للسلام بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، والتعامل بالمسئولية المطلوبة مع الظرف الراهن لإعادة الأمل في إحياء عملية السلام، على أسس جادة، تفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.[4]
فلسطين
أدانت الرئاسة الفلسطينية الفيتو الأمريكي، ووصفته بأنه “غير نزيه وغير أخلاقي وغير مبرر” وشددت الرئاسة أيضاً على أن السياسات الأمريكية تجاه فلسطين وشعبها وحقوقها المشروعة تمثل عدواناً صارخاً على القانون الدولي، الأمر الذي يدفع بالمنطقة إلى حافة الهاوية، ويشجع استمرار الإبادة الإسرائيلية ضد المدنيين الأبرياء في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، وأوضحت الرئاسة الفلسطينية أن الفيتو الأمريكي يكشف تناقضات واشنطن التي تدّعي من جانب أنها تدعم حل الدولتين، في حين أنها تمنع المؤسسة الدولية من تنفيذ هذا الحل عبر استخدامها المتكرر للفيتو في مجلس الأمن ضد فلسطين وحقوقها المشروعة، ومن جانبها أكدت حركة حماس على مواصلة النضال لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة الكاملة السيادة وعاصمتها القدس.
الأردن
ومن جهته، أعرب الأردن عن أسفه الشديد لفشل مجلس الأمن في تبني قرار بقبول دولة فلسطين عضواً كاملاً في الأمم المتحدة، نتيجة استخدام الولايات المتحدة حق النقض، وأكدت الخارجية الأردنية على أن المجتمع الدولي يدعم حل الدولتين الذي تقوضه إسرائيل، ما يجعل من الاعتراف بالدولة الفلسطينية واجباً على مجلس الأمن، لمنع إسرائيل من الاستمرار في حرمان الشعب الفلسطيني من حقه في الحرية والدولة، واعتبرت أيضاً أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية وقبول عضويتها في الأمم المتحدة حق ثابت للشعب الفلسطيني، خصوصاً في الوقت الذي تشن فيه إسرائيل عدوانها على غزة وتستمر في إجراءاتها اللاشرعية التي تكرس الاحتلال وتقوض حل الدولتين وكل فرص تحقيق السلام العادل والشامل، كما دعا الأردن كل الدول للاعتراف بالدولة الفلسطينية التي لن يتحقق الأمن والسلام في المنطقة من دون تجسدها على خطوط عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.[5]
الجزائر
من جانبه، أكد السفير الجزائري، عمار بن جامع، أن التأييد الساحق في مجلس الأمن للطلب يبعث برسالة واضحة مفادها أن دولة فلسطين تستحق مكانها المستحق بين أعضاء الأمم المتحدة، كما وعد بأن تعود بلاده إلى مجلس الأمن أقوى وبصوت أعلى بدعم من الأغلبية الساحقة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأعرب عن أمله في أن أولئك الذين لم يتمكنوا من دعم قبول دولة فلسطين اليوم سيضطرون إلى القيام بذلك المرة القادمة.
السعودية
أعربت المملكة العربية السعودية عن أسفها لإخفاق مجلس الأمن الدولي في اعتماد مشروع قرار بقبول العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وأكدت وزارة الخارجية السعودية على أن إعاقة قبول العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة يُسهم في زيادة تعنّت الاحتلال الإسرائيلي ومواصلة انتهاكاته لقواعد القانون الدولي دون رادع، ولن يساعد على تحقيق السلام المنشود، كما جددت الخارجية السعودية مطالبة المملكة باضطلاع المجتمع الدولي بمسؤوليته تجاه وقف اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين في قطاع غزة، ودعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا لمبادرة السلام العربية والقرارات الدولية ذات الصلة.[6]
ختامًا:
يمكن القول إنه على الرغم من التأييد الإقليمي والدولي الكبير لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، إلا أنه كان من المتوقع استخدام الولايات المتحدة للفيتو وعرقلة المشروع، الأمر الذي خيب آمال الفلسطينيين في الحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وبالتالي لابد من ضرورة تضافر المجتمع الدولي ككل، وإبراز موقفه الداعم للحق الفلسطيني من خلال السعي نحو الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، إلى جانب محاولة التوصل إلى تسوية سلمية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والمضي قدماً نحو خفض التوترات المتصاعدة في المنطقة والتي جعلت الشرق الأوسط على حافة الهاوية.
المصادر:
[1] CGTN، الصين تعرب عن خيبة أملها من الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، 19 أبريل 2024، متاح على الرابط: https://2u.pw/6Hg0KjSY
[2] القاهرة الإخبارية، مندوب روسيا بمجلس الأمن: أمريكا تريد كسر الفلسطينيين، 19 أبريل 2024، متاح على الرابط: https://2u.pw/jDSbY9VC
[3] وكالة وطن للأنباء، فرنسا تؤيد رفع مستوى تمثيل فلسطين في الأمم المتحدة واعطائها العضوية الكاملة، 19 أبريل 2024، متاح على الرابط: https://2u.pw/nlOdncla
[4] الهيئة العامة للاستعلامات، مصر تأسف لعجز مجلس الأمن عن منح فلسطين العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، 19 أبريل 2024، متاح على الرابط: https://2u.pw/02zZEnJi
[5] اليوم السابع، الأردن يأسف لفشل مجلس الأمن في تبنى قرار بقبول دولة فلسطين عضوا كاملا، 19 أبريل 2024، متاح على الرابط: https://2u.pw/KaWlPxEJ
[6] فيصل زكي، السعودية تأسف لفشل مجلس الأمن في تبنى قرار بقبول دولة فلسطين عضوا كاملا، الهيئة الوطنية للإعلام، 19 أبريل 2024، متاح على الرابط: https://2u.pw/Zu8UabjS