المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الدراسات الأفريقية > في أعقاب الأزمة السياسية الكونغولية: إحباط محاولة انقلابية في كينشاسا
في أعقاب الأزمة السياسية الكونغولية: إحباط محاولة انقلابية في كينشاسا
- مايو 22, 2024
- Posted by: hossam ahmed
- Category: تقارير وملفات وحدة الدراسات الأفريقية
لا توجد تعليقات
إعداد: منة صلاح
باحثة متخصصة في الشؤون الأفريقية
تعرَّضت العاصمة الكونغولية “كينشاسا” إلى محاولةٍ انقلابيةٍ في شكْل اشتباكاتٍ مسلحةٍ بالقرب من القصر الرئاسي “قصر الأمة” ومقرّ إقامة وزير الاقتصاد “فيتال كاميرهي”، وشارك فيها كونغوليون وأجانب، وتهدف إلى إعادة البلاد إلى اسمها السابق “زائير”، ولكن تمكَّن الجيش من إحباطها، وعملت السلطات على استعادة النظام والتحقيق مع المتورطين، وجاءت تلك المحاولة في ظِلِّ الاضطرابات السياسية داخل الحزب الحاكم للرئيس “فيليكس تشيسيكيدي” وتصاعُد تهديدات المعارضة، إضافةً إلى ما يشْهدُه شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية من قتالٍ بين حركة “إم 23” والقوات المسلحة، كما تمَّت إدانةُ تلك المحاولة من قِبَلِ عِدَّة جهاتٍ دوليةٍ وإقليميةٍ.
الظروف المهيئة للمحاولة الانقلابية في كينشاسا
جاءت المحاولة الانقلابية في ظِلِّ الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد منذ عِدَّة أشهر، والتي بدأت منذ إعادة انتخاب الرئيس تشيسيكيدي لولاية ثانية، في ديسمبر 2023م، ولكن رفضتها المعارضة، ووصفتها بأنها زائفة، وطالبت بإعادتها؛ إذ شابت الانتخابات مشاكل لوجستية، ولكن وفقًا للجنة الانتخابية في البلاد، حصل تشيسيكيدي على 73% من الأصوات؛ ما يمنحه تقدُّمًا كبيرًا على منافسيه الثمانية عشر، وقُدِّرت نسبة المشاركة بأكثر من 43% من الناخبين المؤهلين، البالغ عددهم 18 مليونَ ناخبٍ[1]، كما رفضت المحكمة الدستورية الطعون القانونية على نتائج الانتخابات، وأعلنت أن الرئيس تشيسيكيدي هو الفائز النهائي، بما يمُهِّدُ الطريق أمامه للعمل كرئيس ثاني أكبر دولةٍ أفريقيةٍ، لمدة خمْس سنواتٍ أُخرى.
وفي السياق ذاته، يواجه الحزب الحاكم الذي يقوده الرئيس تشيسيكيدي أزمةً متعلقةً بانتخاب رئيس للبرلمان الجديد، والذي يُهيمن الحزب على أغلبيته الساحقة؛ إذ كان من المفترض انتخاب رئيس البرلمان، في 18 مايو الجاري، ولكن تمَّ تأجيلُه؛ ما يشير إلى مدى ارتباط المحاولة بالانقلابية بالأزمة السياسية السائدة في البلاد؛ لأنها استهدفت في البداية مقرَّ إقامة وزير الاقتصاد ” فيتال كاميرهي”، الذي يُعدُّ المرشح الأبرز لرئاسة البرلمان، هذا فضلًا عما يشهدُه شرق البلاد من أزمةٍ أمنيةٍ متعلقةٍ بالاشتباكات بين حركة “إم 23” والقوات المسلحة، المدعومة من قِبَلِ الميليشيات الموالية للحكومة، بما في ذلك الجيش البوروندي ووازاليندو[2]، والتي تمكَّنت من السيطرة على مدينة روابا المنجمية شرقي البلاد، بعْد معارك عنيفة ضد القوات الحكومية.
قائد المحاولة الانقلابية والمشاركون بها
هاجمت مجموعةٌ مُكوَّنةٌ من حوالي 50 رجلًا مسلحًا مقرَّات إقامة رئيس الوزراء ووزير الدفاع والسياسي المُرشَّح لرئاسة البرلمان، ولوَّحُوا بعَلَمِ زائير “الاسم السابق للبلاد في عهد موبوتي سيسي سيكو”، الذي أُطِيحَ به في عاك 1997م، وهو ما يهدف إلى رغبتهم في عودة البلاد إلى حِقْبة زائير، وشارك في هذه المحاولة الانقلابية مواطنون كونغوليون وأجانبُ، ومن بينهم ثلاثة أمريكيين، وذلك بقيادة السياسي الكونغولي المقيم في الولايات المتحدة “كريستيان مالانجا”، الذي كان قد قام بحملةٍ لتأجيج المعارضة ضد الطبقة السياسية الكونغولية الحالية، التي يتهمها بالفساد وسوء الإدارة، وكان قد حاول القيام بانقلابٍ لأوَّلِ مرَّةٍ في عام 2017م[3].
نتائج المحاولة الانقلابية في الكونغو
تمكَّنت القوات المسلحة في جمهورية الكونغو الديمقراطية من صدِّ المحاولة الانقلابية، ولكن أدَّى الهجوم إلى مقتل قائد الانقلاب “كريستيان مالانجا”، وتمَّ إلقاء القبض على حوالي 50 شخصًا، من بينهم ثلاثة مواطنين أمريكيين، ويخضعون للاستجواب من جانب الخدمات المتخصصة للقوات المسلحة، ومن بين المعتقلين نجل مالانجا[4]، ولكن لا تزال الأوضاع الأمنية غير مستقرة، وهناك تخوُّفٌ من تجدُّدِ الاقتتال في العاصمة، وبعد إحباط تلك المحاولة، نشرت كافَّةُ الأحزاب السياسية بياناتٍ مُندِّدةً بها، ومؤكدةً تمسُّكها بالمؤسسات الدستورية للبلاد، ولكن تظاهر المواطنون الرافضون لكافَّة أشكال العنف لإحداث أيِّ تغييرٍ.
ردود الأفعال الدولية والإقليمية حول المحاولة الانقلابية
أدان زعماء الدول والمنظمات الأفريقية المحاولة الانقلابية، مِثْلَ الاتحاد الأفريقي ومجموعة التنمية للجنوب الأفريقي “سادك”، كما كانت محلَّ تنديدٍ دوليٍّ واسعٍ، وسنتطرق إلى أبرز ردود الأفعال الدولية والإقليمية على النحو التالي:
الولايات المتحدة الأمريكية: تعهَّدت الولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون الكامل مع السلطات في جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد تورُّط ثلاثة أمريكيين في المحاولة الانقلابية.
بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية: أدانت تلك البعثة بقيادة “بينتو كيتا” المحاولة الانقلابية، وعَرَضَتْ الدَّعْم للسلطات الكونغولية.
الاتحاد الأفريقي: أدان رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي “موسى فقي محمد” المحاولةَ الانقلابيةَ بشِدَّةٍ، وأيَّ استخدام للقوة يهدف إلى تغيير النظام الدستوري لأيِّ دولةٍ أفريقيةٍ، ورحَّب بالسيطرة على الوضْع الذي أعلنته قوات الدفاع والأمن في البلاد.
مجموعة التنمية للجنوب الأفريقي “سادك”: أدانت “سادك” المحاولة الانقلابية، التي كانت تهدف إلى زعزعة استقرار المؤسسات الديمقراطية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وأكَّدت معارضتها لأيِّ تغييراتٍ غير دستورية للحكومة، وأعربت عن تقديرها للجيش؛ نظرًا لقُدْرته على وقْف أيِّ تصعيدٍ يمكن أن يحدث نتيجةً لهذا الانقلاب وقيامه باعتقال مرتكبي الهجوم، كما دعت دولها الأعضاء والمجتمع الدولي إلى تعزيز السلام على الصعيد الإقليمي.
مصر: أدانت مصر المحاولة الانقلابية، وأكَّدت دعمها للسلطة الشرعية في جمهورية الكونغو الديمقراطية وتضامنها مع حكومة وشعب البلاد في تحقيق الأمن والاستقرار، ودعت كافَّةَ الأطراف إلى احترام القواعد الديمقراطية والدستورية، والحفاظ على وحدة الدولة ومؤسساتها.