المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الدراسات الأفريقية > تقدير موقف > في إطار جولاته الخارجية: الرئيس الصومالي في زيارة إلى ليبيا
في إطار جولاته الخارجية: الرئيس الصومالي في زيارة إلى ليبيا
- فبراير 25, 2025
- Posted by: Maram Akram
- Category: تقارير وملفات تقدير موقف وحدة الدراسات الأفريقية
لا توجد تعليقات

إعداد: منة صلاح
باحث في وحدة الشؤون الأفريقية
وصل الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، إلى العاصمة الليبية طرابلس في 23 فبراير، على رأس وفد رفيع المستوى في زيارة رسمية استقبله خلالها كبار المسؤولين في الحكومة الليبية، وتأتي هذه الزيارة في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين ومناقشة سُبل التعاون في القضايا ذات الاهتمام المشترك، كما شهدت الزيارة توقيع عدة اتفاقيات تعاون مما يعكس التزام الجانبين بتوسيع آفاق الشراكة، وتبرز هذه الزيارة عمق الروابط التاريخية بين مقديشو وطرابلس، كما تؤكد على الالتزام المشترك بتوطيد العلاقات في ظل التحديات المستمرة في القرن الأفريقي وشمال أفريقيا.
التحديات التي تواجه البلدين:
تواجه ليبيا والصومال تحديات سياسية وأمنية متشابهة، حيث يعاني البلدان من انقسام سياسي عميق، إلى جانب هشاشة في الأوضاع الأمنية والعسكرية مما يعوق جهود تحقيق الاستقرار والتنمية، وتشير التحليلات إلى أن الانقسامات الداخلية في كلا البلدين تخلق مشهدًا متقاربًا، حيث يعاني الصومال من حالة انقسام منذ 1991 دون أن تتمكن أي حكومة من فرض سيطرتها الكاملة على جميع الأقاليم، وهو وضع يوازي إلى حد كبير المشهد السياسي في ليبيا اليوم.
كما أن بعض القوى الإقليمية والدولية تسعى للتأثير على الأوضاع الداخلية في كلا البلدين، ما يجعل التنسيق بينهما ضرورة لمواجهة هذه التدخلات وحماية المصالح الوطنية، وفي هذا السياق تلعب مقديشو دورًا محوريًا في مواجهة التدخلات الخارجية، مما يجعل التعاون الأمني بين البلدين أمرًا بالغ الأهمية، ويساهم تبادل الخبرات الأمنية في وضع استراتيجيات مشتركة للتعامل مع التحديات الأمنية، ما يعزز الاستقرار ويدعم جهود التنمية المستدامة[1].
السياق الراهن للزيارة:
تأتي هذه الزيارة عقب اجتماع سابق عُقد في 22 يناير 2025 في دافوس بسويسرا، حيث ناقش الجانبان سُبل تعزيز التعاون الدبلوماسي والاقتصادي بين البلدين، ووفقًا لوسائل الإعلام الرسمية تؤكد هذه الزيارة على التزام الصومال بتوسيع أنشطتها الدبلوماسية وتعزيز شراكاتها في مختلف أنحاء أفريقيا، وقد أولت القيادة الصومالية أولوية لتوطيد العلاقات الإقليمية والدولية بهدف تحقيق التنمية الاقتصادية وتعزيز التعاون الأمني وتوسيع المشاركة السياسية، وتأتي هذه الخطوة أيضًا في وقت تواجه فيه كل من الصومال وليبيا تحديات داخلية وإقليمية معقدة، ففي حين يواصل الصومال جهوده لتعزيز الاستقرار السياسي والإصلاحات الأمنية، تسعى ليبيا إلى تعزيز الحكم واستعادة الاستقرار بعد سنوات من الصراع[2].
كما تأتي هذه الزيارة عقب زيارة رسمية إلى أذربيجان، حيث تم توقيع عدة اتفاقيات تعاون لتعزيز الشراكة بين البلدين، ويرى محللون أن هذه التحركات تأتي في إطار استراتيجية أوسع مدعومة من تركيا، التي تسعى إلى تعزيز علاقاتها مع حلفائها وتوسيع نفوذها عبر المناطق الجيوسياسية الاستراتيجية، كما يعكس اللقاء في ليبيا استمرار التعاون مع أنقرة، حيث تمتد شبكتها الدبلوماسية لتشمل حلفاءها في أفريقيا وخارجها، ويسلط هذا التطور الضوء على الدور المتنامي لتركيا في رسم ملامح التحالفات الإقليمية وتعزيز التعاون متعدد الأطراف[3].
دلالات هامة للزيارة:
شهد الصومال مؤخرًا تقدمًا ملحوظًا نحو تحقيق الاستقرار والنمو في المجالات السياسية والاقتصادية، ما يجعل التعاون مع ليبيا فرصة لتعزيز المصالح المشتركة والاستفادة من الخبرات المتبادلة، وفيما يتعلق بالتحديات تشكل التدخلات الخارجية أحد العوائق الرئيسية أمام استقرار البلدين، رغم الفرص الاستثمارية الواعدة التي يمتلكها الصومال والتي تحتاج إلى استثمارات داخلية لدفع عجلة التنمية.
وتمثل هذه الزيارة أيضًا دفعة نحو تعزيز التعاون الاقتصادي خصوصًا في قطاع الطاقة، إذ يعمل الصومال حاليًا على استشكاف مواره النفطية ويأمل في بدء عمليات الحفر ريبًا، وباعتبار ليبيا تمتلك أكبر احتياطات نفطية في أفريقيا، تُقدر بنحو 48.4 مليار برميل، فإن الصومال يسعى للاستفادة من الخبرة الليبية في مجالات التنقيب والإنتاج النفطي، هذا فضلًا عما تشكله هذه الزيارة من أهمية حول إيجاد حلول لقضية المهاجرين الصوماليين المحتجزين في ليبيا، حيث تسعى الحكومة الصومالية إلى إعادتهم إلى وطنهم مع ضمان توفير الدعم اللازم لهم[4].
أبرز مخرجات الزيارة:
أبرمت ليبيا والصومال أمس الاثنين عددًا من مذكرات التعاون في المجالات الدبلوماسية والأمنية والاقتصادية والتنموية، في خطوة تُعد الأولى من نوعها منذ سنوات ما يفتح آفاقًا جديدة لتعزيز الشراكة بين البلدين، كما تهدف هذه الاتفاقيات إلى تمكين الصومال من الاستفادة من الخبرات الليبية في قطاع الطاقة، حيث تعد ليبيا ثاني أكبر منتج للنفط في أفريقيا وعضوًا في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وتضمنت الاتفاقيات الموقعة ما يلي:
-
الإعفاء المتبادل من تأشيرات الدخول لحاملي الجوازات الدبلوماسية والخاصة والخدمة، بهدف تسهيل التنقل بين البلدين.
-
تشكيل لجنة مشتركة رفيعة المستوى لمراجعى الاتفاقيات السابة، وبحث الاستثمارات الليبية في الصومال، وتعزيز التعاون الاقتصادي والتنموي.
-
اتفاقية للتشاور السياسي بين وزارتي الخارجية، لتعزيز التنسيق الدبلوماسي في القضايا ذات الاهتمام المشترك.
-
مذكرة تعاون بين بلدية طرابلس وبلدية مقديشو لدعم الشراكة في مجالات الإدارة المحلية والتنمية الحضرية[5].