المقالات
قراءة في جولة رئيس الوزراء الإسباني إلى الشرق الأوسط
- أبريل 4, 2024
- Posted by: mohamed mabrouk
- Category: تقارير وملفات وحدة الشؤون الدولية
إعداد: إسراء عادل
مقدمة
منْذُ بَدءِ الحَربِ الإسرائيلِيةِ المحتدِمةِ في قطاعِ غزةَ، وَجَرَائِمِ الإِبَادَةِ الجمَاعِيةِ التِي تقومُ بِهَا إسرَائِيلُ، وَالتي خلفتْ دمَاراً هَائلاً في القِطَاعِ الَّذِي يُعَانِي معظمَ سُكانهِ مِنْ الجوعِ وَيَعيشونَ ظروفاً كارثيةً، تبنتْ إسبانيَا موَاقفَ داعمَةً للحَقِ الْفِلَسْطِينِيِّ تَسببتْ فِي أزمةٍ سياسيةٍ غَيْرِ مسبوقةٍ بَيْنَ مَدْرِيدْ وَتَلِ أبِيب، وأَبرزتْ مديَ وُضوحِ وصلَابَةِ الموقِفِ الْإِسْبَانِيِّ تجَاهَ المَأْساةِ الإِنسَانِيةِ فِي غزةَ، وَفِي هَذَا السيَاقِ، مَا زَالَ رئيسُ الوزراءِ الإِسبانِيِ بيدرو سانشِيز يَغردُ خارِجَ السربِ الأوروبي فِيما يَخُصُّ الْقَضِيَّةَ الفلسطينيةَ، مِنْ خِلَالِ جَولتِهِ فِي الشرقِ الْأَوْسَطِ وزيارتهِ لكلٍ من الأردن والسعُدودِيةِ وقطرَ، وذلِكَ لمتَابعةِ التطورَاتِ الأَخيرَةِ فِي غزةَ ومحاولةِ حَلِ الصراعِ.
زيارةُ رئيسِ وزراءِ إسبانيا إلى الأردن والسعوديةِ وقطر:
بدأََ رئيسُ حكومةِ إسبانيَا، بِيدرو سانشيز، في مَطلعِ أبريلَ الجاري، جولتهُ في الشرقِ الأَوسَطِ وَالَّتِي استغرَقتْ ثلاثةَ أيامٍ، زارَ خِلالهَا الأردن والسعُودِيةُ وقَطر؛ لبحثِ آخرِ تَطوراتِ الأَوضاعِ في قِطَاعِ غزةَ، وَالاعترافِ بفلسطينَ، والْمُضِيِ قدُماً نحوَ وَقفِ إطلَاقِ النَّارِ الَّذِي يَسْمَحُ بِوصولِ المساعَداتِ الْإِنْسَانِيةِ إلَى غزةَ، وَجَاءَ ذَلِكَ فِي الاجتِماعَاتِ التي عقدتْ في عَمَّانَ مَعَ العاهِلِ الأردنيِ الملكِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّانِي، وَفِي الرياضِ مَعَ وليِ العهدِ السعوديِ محمدِ بنِ سلمان، وفي الدوحةِ مَعَ أميرِ قطر تميمِ بنِ حمد آلِ ثَاني، وقَدْ جَاءتْ زيارةُ بيدرو سانشيز لِلدولِ الثلاثَةِ بَعدَ أسبوعٍ واحدٍ مِنْ التزامهِ مَعَ رؤساءِ وزَراءِ أيرلندَا ومَالطَا وسلوفينيَا، بِالِاعتِرافِ بِالدولةِ الفِلسطينيةِ،
حَيْثُ استَغَلَّ سَانشِيز اجْتِمَاعَ المَجلِسِ الأُوروبِّيِّ الْأَخِيرِ الَّذِي انعَقَدَ في بُروكْسِلْ لِجَذْبِ الْقَادَةِ إِلَى اقْتِرَاحِهِ الْخَاصِّ بحَلِّ الصرَعِ بَين إِسْرَائِيلَ وَفِلَسْطِينَ، كمَا أَصَر الرئِيسُ الإِسبَانِيُّ أَيضًاً عَلَى أَن تَسْتَضِيفَ إِسبَانيا مؤتَمَراً للسلامِ يَسمَحُ لَهُ بِترْسِيخِ حلٍ لِصرَاعِ الحَربِ، وفي هذَا السيَاقِ تَوَقعَ سَنشِيز أَن تعْترِفَ إسبَانْيَا بِالدولَةِ الْفِلَسْطِينِيةِ بِحلولِ يوليو المُقبِلِ، بنَاءً علَى اتفَاقِهِ مَعَ زعَمَاءِ كلٍّ مِنْ أَيِرلَندَا ومالطَا وسلوفِينيَا عَلَى اتِّخَاذِ الْخُطوَاتِ الْأُولَى نَحْوَ الاعْتِرَافِ بِالدوْلةِ الْفِلَسْطِينِيَّةِ، ورداً عَلَى ذَلِكَ، أَبلغتْ إسرائِيلُ الدُّوَلَ الْأَربَعَ أَن خططَهَا بِمَثَابَةِ “مكَافَأةٍ للْإِرهَابِ” ومِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُقَللَ مِنْ فُرَصِ التوَصلِ إلَى حَل تفاوضيٍ للصراعِ في غَزةَ.
أولًا: زيارةُ رئيسِ الوزراءِ الإسباني إلى الأردن
استقبلَ الملكُ عبد الله الثاني، في قصرِِ الحسينيةِ بالعاصمةِ عمانِ، يوم الثلاثاء 2 إبريل، رئيسَ الوزراءُ الإسباني بيدرو سانشيز، في إطارِ جهود التوصل لوقفٍ فوريٍ ودائمٍ لإطلاقِِ النارِ في غزة، وتعدُ هذه الزيارةُ الأولى لرئيسِ وزراءِ إسبانيا إلى الأردنِ منذُ خمسةَ عشرَ عاماً، وقد جاءتْ تلكَ الزيارةُ بالتزامنِ معَ التوتراتِ الأمنيةِ وخروجِ الشعبِ الأردني في فعالياتِ حصارِ السفارةِ الإسرائيلية دفاعاً عن فلسطين وتنديداً بالمجازرِ الإسرائيليةِ بحقِ أهاليِ قطاع غزة. وتناول اللقاءُ الأوضاعَ الخطيرةَ في غزة، إذ ثمن الملكُ، موقفَ إسبانيا الداعمَ لوقفِ إطلاقِ النارِ في غزةَ، ودورهِا الفعالِ في الاستجابة الإنسانية في القطاعِ ومساهمتِها في الإنزالات الجوية للمساعداتِ، ودعمِ جهودِ تحقيقِ السلامِ وفقَ حلِ الدولتينِ، وشددَ العاهلُ الأردني على ضرورةِ وقفِ الحربِ وحمايةِ المدنيينَ، ومضاعفةِ توفيرِ المساعداتِ الإنسانيةِ والإغاثية والطبيةِ للقطاعِ واستدامتِها، كما جددَ الملكُ عبدالله الثاني التأكيدَ على أنه لا سلامَ ولا استقرار في المنطقةِ دونَ حلٍ عادلٍ للقضيةِ الفلسطينيةِ، على أساسِ حلِ الدولتينِ، مشدداً على ضرورةِ مواصلةِ دعمِ (الأونروا) لتمكينِها من تقديمِ خدماتِها وفقَ تكليفِها الأمميِ، خصوصاً في ظلِ الوضعِ المأساوي في غزةَ.[1]
ثانيًا: زيارةُ رئيسِ الوزراءِ الإسبانيِ إلى السعوديةِ
استَقبَلَ ولِيُ العَهدِ، الأَمِير محمد بن سلمان آل سعود، فِي الديوَانِ الملَكِيِ بقصرِ السلامِ في جَدةَ، الثلَاثَاءَ 2 أبريل، رئِيسُ وزَرَاءِ مَملَكَةِ إسْبَانْيَا، وتُعَدُّ هذهِ الزيَارةُ الأولَى لرَئِيسِ وُزَرَاءِ إسبَانْيَا إِلى المَملَكَةِ العَرَبِيةِ السعودِيةِ منذُ خَمسَةَ عَشَرَ عَامًاً، وَجَاءَتْ تِلكَ الزيَارةُ على هامِشِ التطَورَاتِ والأَحْدَاثِ الأَخيرَةِ فِي قِطَاعِ غزةَ، وَبِالتَّزَامُنِ مَعَ إدانَةِ وَاستنكارِ المَملَكَةِ العَرَبِيةِ السعودِيةِ استهدَافَ قافلَةِ مُنَظمَةِ الْمَطْبَخِ الْمَرْكَزِيِّ الْعَالَمِيِ في قطاعِ غزةَ، وَاستِمرَارِ الجَرَائِمِ والِانتِهَاكَاتِ الإِسرَائيلِيَّةِ للقَانونِ الدولِي الْإِنسَانِي، وخِلَالَ الزيارَةِ تَمَّ استعرَاضُ عَلَاقَاتِ الصَّدَاقَةِ بَينَ البَلَدَينِ، وَبَحْثُ سبلِ تَعزِيزِ أوجهِ التعَاونِ الثنَائِيِ في مختَلِفِ المجَالَاتِ، بالإِضَافَةِ إلى بَحْثِ مُستَجِداتِ الأوضاعِ الإِقلِيميةِ والدولِيةِ ذَاتِ الاهتِمَامِ المشتركِ، كمَا ناقَشَ الجانِبَانِ التطورَاتِ الخَطِيرَةَ في قطَاعِ غَزةَ ومحيطِهَا، والجُهودِ الدولِيةِ المبذولَةِ لوَقفِ الْعَمَلِيّاتِ العَسكرِيةِ الإِسرائِيلِيةِ،
والتعاملِ مع تداعياتهِا الأمنيةِ والإنسانيةِ، والدفعِ بعمليةِ السلامِ وفقاً لقرَاراتِ مَجلِسِ الْأَمنِ والْجَمْعِيَّةِ الْعَامَّةِ لِلْأُمَمِ المُتحِدَةِ، ومُبَادَرَةِ السلَامِ العَرَبِيةِ الرامِيَةِ إِلَى إِيجادِ حلِ عادلٍ وشَامِلٍ، وَإِقَامَةِ دَوْلَةٍ فِلَسطِينِيَّةٍ مُسْتَقِلَّةٍ على حدودِ عَامِ 1967م، وَعَاصِمَتُهَا القدسُ الشرقِيةُ، وأَكدًا عَلَى أَهَمِّيةِ قِيَامِ الْمُجْتَمَعِ الدولِيِّ بِدَورِهِ فِي الضغْطِ عَلَى إِسرَائِيلَ لوَقْفِ حَربِهَا عَلَى غَزَّةَ وَالِالْتِزَامِ بِالْقَوَانِينِ الدولِيةِ وَالسمَاحِ بدُخُولِ الْمُسَاعَدَاتِ الْإِنْسَانِيةِ لِغَزةَ دونَ تَأخِيرٍ.
ثالثًا: زيارةُ رئيسِ الوزراءِ الإسبانيِ إلى قطر
اختَتمَ بِيدرو سَانشِيز جَولَتَهُ في الشَّرْقِ الأَوسَطِ بِزِيَارَتِهِ لِدَوْلَةِ قطرَ، والتي تُعَد الزيَارَةَ الأُولَى لرَئِيسِ وزَرَاءِ إِسبَانيَا إِلَى قطَرَ منْذُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ عَامًاً، حَيْثُ عَقَدَ مَعَالِي الشيخِ محَمد بن عبدالرحمنِ بنِ جاسم آلِ ثانِي، رَئِيسِ مَجْلِسِ الوُزَرَاءِ وَزِيرِ الخَارِجِيةِ، الأَربِعَاءَ 3 أَبْرِيلَ، جَلسَةَ مبَاحَثَاتٍ رَسمِيَّةً فِي الدَّوْحَةِ، مَعَ رَئِيسِ وُزَرَاءِ مَملكَةِ إسبانْيَا، بيدرو سَانشِيز، عَلَى خَلْفِيةِ الْحَربِ في غَزةَ، واسْتَعْرَضَ الجَانِبَانِ عَلَاقَاتِ التعَاونِ بَينَ البَلَدينِ وَسبُلَ دَعْمِهَا وَتَطْوِيرِهَا، إلَى جَانِبِ منَاقَشَةِ تَطَورَاتِ الأَوْضَاعِ فِي قِطَاعِ غزةَ وَالأرَاضِي الفِلَسطِينِيَّةِ المُحتلَّةِ، وَالتأْكِيدِ عَلَى أَهَميةِ تَعْزِيزِ الجهُودِ الْإِقْلِيمِيَّةِ وَالدوْلِيَّةِ للتوَصّلِ لوقفٍ فَورِيٍّ لِإِطْلَاقِ النارِ فِي غَزةَ،
وتسهيلِ دخول ِالمساعداتِ الإنسانيةِ إلى القطاعِ دونَ عوائقَ، كما أعربَ معالي الشيخُ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني عنْ تقديرِ دولةِ قطرَ للموقفِ الإسباني الداعمِ للمساعيِ الهادفةِ لتحقيقِ السلامِ والأمنِ والاستقرارِ في المنطقةِ، وعقب الجلسةِ جرىَ التوقيعُ على مذكرةِ تفاهمٍ بشأنِ إقامةِ حوارٍ استراتيجيِ بينَ دولةِ قطرَ ومملكةِ إسبانيا.[2]
موقفُ إسبانيا من القضيةِ الفلسطينيةِ:
في الوقتِ الذي تتغاضَى فيه الغالبيةُ العظمى من الدولِ الأوروبيةِ عن الجرائمِ الإسرائيليةِ، وحربِ الإبادةِ الجماعيةُ التي تشنهُا الحكومةُ الإسرائيليةُ ضدَ الفلسطينيينَ منذُ السابعِ منْ أكتوبرِ الماضي بعدَ عمليةِ طوفانِ الأقصَى، جاءَ الموقفُ الإسبانيُ داعماً لفلسطينَ وشعبِها ضدَّ ما تقترفهُ إسرائيلُ منْ جرائمَ بحقهِم، حيثُ اتخذتْ إسبانيا موقفاً يدعمُ القضيةَ الفلسطينيةَ، ويرفضُ الممارساتِ والانتهاكاتِ الإسرائيليةَ الغاشمةَ، ويقرُ بأن السلامَ في الشرقِ الأوسطِ لا يمكنُ تحقيقهُ إلا من خلالِ إنشاءِ دولةٍ فلسطينيةٍ، وظهرَ ذلكَ جلياً عندمَا أعلنتْ الخارجيةُ الإسبانيةُ في 19 فبراير الماضي أنها ستفرضُ عقوباتٍ على المستوطنينَ الإسرائيليينَ الذين يمارسونَ العنفَ في الضفةِ الغربيةِ، إذا لمْ تتوصل الدولُ الأعضاءُ في الاتحادِ الأوروبيِ إلى اتفاقٍ حولَ هذا الأمرِ، وفي الوقتِ الذي تخلتْ فيه العديدُ من الدولِ عن دعمِها المالِي لوكالةِ غوث وتشغيلِ اللاجئينَ الفلسطينيينَ (الأونروا) بعدَ مزاعمِ إسرائيلَ بشأنِ ضلوعِ بعضِ موظفيِها في عمليةِ طوفان الأقصى، أرسلتْ مدريدُ مساعداتٍ إضافيةً بقيمةِ 3.5 مليونِ يورو للأونروا، وقدمتٍ إسبانيا تبرعاتٍ للأونروا في 2023 بقيمةِ 18.5 مليون يورو تمتْ الموافقةُ عليهَا في ديسمبر الماضي بعدَ قرارِ مضاعفةِ التعاونِ والمساعداتِ الإنسانيةِ الفلسطينيينَ بثلاث أمثال، وتبنتْ مدريدُ مواقفَ داعمةً للحقِ الفلسطيني وطالبتْ بوقفٍ فوريٍ لإطلاقِ النارِ، وكانتْ إسبانيا الدولةُ الاولى التي عارضتْ مناقشاتِ الاتحادِ الأوروبيِ لتعليقِ المساعداتِ للفلسطينيين، كما تقدمتْ إسبانيا أيضاً باقتراحٍ لعقدِ مؤتمرٍ للسلامِ في غضونِ ستة أشهر، ولم يقتصر الدعم الإسباني للقضية الفلسطينية على المستوىَ السياسِي فقط، وإنما وصل إلى المستوى الشعبيِ أيضاً، ففي 24 يناير الماضي، رفعَ نشطاءُ معنيونَ بحقوقِ الإنسانِ والحفاظِ على البيئةِ، لافتاتٍ كبيرةً يطالبونَ فيها بوقفِ إطلاقِ النارِ في قطاع غزة. كما اتخذَ رئيسُ وزراءِ إسبانيا، بيدرو سانشيز، العديد منَ المواقفِ المؤيدةِ للحقِ الفلسطينيِ، ولعلَّ اعلانَه الأخيرَ عن اتفاقِ بلادهِ مع زعماءً كلٍ من أيرلندا ومالطا وسلوفينيا بشأنِ الاعترافِ بدولة فلسطينية، أكبرُ دليلٍ على الإجراءاتِ العمليةِ التي اتخذتهَا مدريدُ في هذا الاتجاهِ غيرِ مهتمةٍ بالانتقاداتِ الإسرائيليةِ.[3]
تَوترُ العَلاقاتِ الإسبانيةِ – الإسرائيليةِ:
تَوَترَتْ العَلَاقَاتُ بَينَ إسبَانيَا وإسرائِيلَ منْذُ الحَربِ العَالَمِيَّةِ الثّانِيَةِ، وَمَرتْ بعِدةِ مَحطاتٍ مِنْ التصعِيدِ كَانَ أَبرَزُهَا مُعَارَضَةَ إسرَائِيلَ انضمَامَ إسبَانيَا للأُمَمِ المتحِدَةِ فِي نِهايَةِ الحَربِ العَالمِيةِ الثانِيَةِ بسبَبِ عَلَاقَاتِ مدرِيد بِأَلمَانيَا النازِيةِ، وَبِالتالِي لَمْ تَقمْ اسْبَانْيَا علاقَاتٍ رَسْمِيَّةً مَعَ إِسرَائِيلَ إِلا فِي عَامِ 1986، وفِي هَذَا السِّيَاقِ، مَرتْ العَلَاقَاتُ الإِسبَانِيةُ الإِسرائِيلِيةُ بأزمَةٍ حادةٍ مُنْذُ بَدْءِ الْحَرْبِ عَلَى غَزةَ، إِذْ تَفَاقمتْ الأَزمَةُ بَيْنَ إسرَائِيلَ وإسبَانْيَا بَعْدَ دعمِ مدرِيد لغَزةَ وَتَشكيكِهَا فِي احتِرَامِ تَلِّ أَبِيبْ لِلقَانُونِ الإِنسَانِيِّ الدوْلِيِّ فِي حَرْبِهَا عَلَى الْقِطَاعِ المُحَاصَرِ، إِلَى جَانِبِ مُطَالَبَةِ وَزِيرَةِ الْحُقُوقِ الاجْتِمَاعِيةِ الإسبانِيَّةِ إيونِي بيلارَا، فِي 26 أكتوبرَ المَاضِي، الدوَلِ الاوروبّيّةُ بِقَطْعِ الْعَلَاقَاتِ الدبلومَاسِيَّةِ مَعَ إِسْرَائِيلَ وَمُعَاقَبَتِهَا بِسَبَبِ قَتْلِ المَدَنِيِّينَ، وَفِي 25 نوفمبِرَ الْمَاضِي أَعْلَنَتْ بَلَدِيَّةُ بَرشلونةْ قَطْعَ الْعَلَاقَاتِ الإِسرائِيلِيَّةِ بِشَكلٍ كَامِلٍ حَتَّى وَقَفِ إِطْلَاقِ النَّارِ، كَمَا أَثَارَتْ مَوَاقِفُ بيدرو سَانشِيز، الَّذِي يَرَى أَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَةِ الِاتِّحَادِ الْأُورُوبِّيِّ الِاعْتِرَافُ بِالدَّوْلَةِ الفِلَسطِينِيَّةِ، تَوَترَاتٌ مَعَ حُكُومَةِ نَتَنْيَاهُو التِي اتَّهَمَتْهُ بِدَعْمِ الْإِرْهَابِ، وَتَصَاعُدِ التَّوَتُّرِ بَيْنَ إِسبَانْيَا وَإِسرَائِيلَ بَعْدَ زِيَارَةٍ قَامَ بِهَا سَانشِيز بِرُفقَةِ نَظِيرِهِ البلجِيكِيِّ أَلِكْسَنْدَرْ دِي كُرُو إِلَى الْجَانِبِ الْمِصْرِيِّ مِنْ مَعْبَرِ رَفَحَ الحُدودِيِّ بَيْنَ مِصْرَ وغَزةَ فِي نوفمبِر الْمَاضِي، وَمِنْ هُنَا تَصَدعَتْ العَلَاقَاتُ الدِّبْلُومَاسِيَّةُ بَيْنَ تَلِّ أَبِيبْ وَمَدرِيدْ عَلَى خَلفِيَّةِ مَوْقِفِ الْأَخِيرَةِ حِيَالَ النِّزَاعِ، إِذ اسْتَدْعَتْ إسرَائِيلُ سَفِيرَتَهَا لَدَى مَدريد فِي نُوفَمْبِر الْمَاضِي، بَعدمَا شَككَ سَانْشِيزْ فِي شَرعِيةِ الحَربِ الإِسرَائِيلِيةِ فِي غَزَّةَ، لَكِنَّ السَّفِيرَةَ عَادَتْ فِي يَنَايِرَ المَاضِي، كَمَا أَبْدَتْ مَدْرِيدْ مُؤَخَّرًاً اعْتِرَاضَهَا علَى عِدَّةِ تَحَرُّكَاتٍ إِسْرَائِيلِيَّةٍ، فَقَد أَدانَتْ خطَطُ تل أَبِيبْ لِتَوْسِيعِ المُستَوْطَنَاتِ فِي الضَّفةِ الغَرْبِيَّةِ المُحتَلةِ وَمَا تَشْمَلُهُ مِنْ بِنَاءٍ لوَحَدَاتٍ سَكَنِيةٍ جَدِيدَةٍ، مُطالِبَةً إِسْرَائِيلَ بِالترَاجعِ عَنْ هَذَا القَرَارِ.
أبرزُ مُخرجاتِ زيارةِ رئيسِ وزراءِ إسبانيا للدولِ الثلاثةِ:
أثارتْ زيارةُ رئيسِ الوزراءِ الإسبانيِ اهتماماً كبيراً من قِبلِ الدولِ الثلاثةِ، وتمحورتْ حولَ تطوراتِ الوضعِ في المنطقةِ والأحداثِ الأخيرةِ بعد عمليةِ طوفانِ الأقصى والعدوان الإسرائيلي على غزة، وفيما يلي أبرزُ مخرجاتِ تلكَ الزيارةِ:
- التأكيدُ على أهميةِ قيامِ المجتمعِ الدوليِ بالضغطِ على إسرائيلَ لوقفِ حربِها على غزةَ والالتزامِ بالقوانينِ الدوليةِ والسماحِ بدخولِ المساعداتِ الإنسانيةِ لغزةَ.
- ضرورةُ مواصلةِ دعمِ الأونروا بما يمكنهَا من تقديمِ خدماتِها في ظلِ الوضع المأساوي في غزةَ.
- التأكيدُ على أهميةِ تعزيزِ الجهودِ الإقليميةِ والدولية لوقف إطلاق النارِ في غزةَ، وتسهيلِ دخولِ المساعداتِ الإنسانيةِ إلى القطاعِ.
- التوقيعُ على مذكرةِ تفاهمِ بشأنِ إقامةِ حوارٍ استراتيجيٍ بينَ دولةِ قطر ومملكةِ إسبانيا.
- دعمُ وتطويرُ علاقاتِ التعاونِ في مختلفِ المجالاتِ بينَ إسبانيا وكلاً منْ قطر والسعوديةِِ والأردن.
ختامًا:
يمكنُ القولُ أنّ الاعترافَ بالدولةِ الفلسطينيةِ قد يعززُ من مسارِ الأمنِ والسلامِ في المنطقة ككل، ويبدو أن الحكومةَ الإسبانيةَ تسعىَ جاهدةً لوقفِ إطلاقِ النارِ على غزةَ والاعترافِ بدولةِ فلسطين، فضلاً عنْ سعيِها المتواصلِ نحوَ إيجادِ حلٍ فعالٍ للصراعِ الفلسطينيِ الإسرائيليِ، لذلك من المتوقعِ أن يكونَ هناكَ كتلةٌ محركةٌ داخلَ الاتحادِ الأوروبي تدفعُ العديدَ من الدولِ الأعضاءِ للاعترافِ بالدولةِ الفلسطينية، ولكنْ في الوقتِ ذاتهِ لا تزالُ حكومةُ نتنياهو ترفضُ سيناريو الاعترافِ بالدولةِ الفلسطينيةِ ومسارَ حلِ الدولتينِ، رغمَ أنّ شعبيةَ هذهِ الحكومةِ في الداخلِ الإسرائيليِ تتراجعُ، وبالتاليِ لابدَ منْ تكاتفِ المجتمعِ الدوليِ ككلٍ، وإبرازِ موقفهِ الداعمِ للحقِ الفلسطينيِ ورفضِ جرائمِ الإبادةِ الجماعيةِ ضدّ المدنيينَ الأبرياءِ، فضلاً عنْ ضرورةِ إقناعِ الأطرافِ الفلسطينيةِ المختلفةِ بمَا فيها السلطةُ الحاكمةُ بعدمِ الانزلاقِ في أيِ ممارساتٍ متطرفةٍ، ومحاولةِ حشدِ المجتمعِ الدوليِ للاعترافِ بدولتهِم.
المصادر:
[1] وكالة أنباء البحرين، العاهل الأردني يستقبل رئيس وزراء إسبانيا، 2 أبريل 2024، متاح على الرابط: https://2u.pw/fX4ZuvnK
[2] وزارة خارجية دولة قطر، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية يعقد جلسة مباحثات مع رئيس وزراء إسبانيا، 3 أبريل 2024، متاح على الرابط: https://2u.pw/GpzZNnti
[3] إسبانيا .. مواقف ثابتة إزاء القضية الفلسطينية، حدث كم، جريدة الكترونية مغربية، متاح على الرابط: https://hadatcom.com/277230/