المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > الدراسات الأمنية والإرهاب > قلبُ تلِ أبيب في مرمى نيرانِ الحوثيينَ (تداعياتُ التصعيدِ الحوثيِ الإسرائيليِ الأخيرِ)
قلبُ تلِ أبيب في مرمى نيرانِ الحوثيينَ (تداعياتُ التصعيدِ الحوثيِ الإسرائيليِ الأخيرِ)
- يوليو 23, 2024
- Posted by: hossam ahmed
- Category: الدراسات الأمنية والإرهاب تقارير وملفات
لا توجد تعليقات
إعداد: آية أشرف
باحث مساعد في برنامج الإرهاب والتطرف
تشهدُ المنطقةُ حالياً فصلاً جديداً من فصولِ التصعيدِ الذي مازالَ يسيطرُ عليها منذ السابعِ من أكتوبر 2023م أعقابَ طوفانِ الأقصى، فقد بدأتْ جماعةُ “انصارِ اللهِ الحوثيين” في تنفيذِ مرحلةٍ جديدةٍ من التصعيدِ ضدَ الأهدافِ الإسرائيليةِ في قلبِ ” يافا” تل أبيب _على هامشِ الانتهاكاتِ الإسرائيليةِ في الأرضيِ الفلسطينيةِ_ التي أعلنتَها الجماعةُ كمنطقةِ غيرِ آمنةِ، هذا التصعيدُ يضعُ المنطقةَ أمامَ نقطةٍ أخرى من نقاطِ الاشتعالِ التي قد توديِ بمستقبلِ المنطقةِ ككلٍ وتمهدُ لحربٍ شبهِ إقليميةٓ خاصةً في ظلِ تعقدِ وتشابكِ المشهدِ في المنطقةِ وعلى المستوى الدوليِ.
وعليه يحاولُ هذا التقريرُ تسليطَ الضوءِ على التصعيدِ الأخيرِ الذي تشهدهُ المنطقةُ بين جماعةِ “أنصارِ اللهِ الحوثيين” وإسرائيلَ وتحليلَ ردودِ الأفعالِ الإقليميةِ والدوليةِ في إطارِ هذا التصعيدِ، فضلاً عن تحليلِ خطورةِ وتداعياتِ هذا التصعيدِ على المستوىَ الإقليميِ والعالميِ.
بوادرُ الاشتعالِ: الحوثي يطلقُ المرحلةَ الخامسةَ من التصعيدِ ضد إسرائيلَ
أعلنتْ جماعةُ “أنصارِ اللهِ الحوثيين” على لسانِ زعيمِها “عبد لملك الحوثي” أنها بدأتٰ في تنفيذِ المرحلةِ الخامسةِ من التصعيدِ ضدَ إسرائيلَ لتبدأَ بذلكَ حقبةٌ جديدةٌ بمعادلةٍ وملامحَ مختلفةٍ لشكلِ الصراعِ في المنطقةِ، كانت بدايةَ شرارةِ هذه الحقبةِ “الجمعة الماضية” بإطلاقِ جماعةِ الحوثيِ مسيرةً استهدفَ مقراً مدنياً في قلبِ “تل أبيب” بالقربِ من مجمعِ المكاتبِ التابعِ للسفارةِ الأمريكيةِ، ووفقاً للتحقيقاتِ الأوليةِ الصادرةِ عن الهيئاتِ الإسرائيليةِ المختصةِ فقد اتبعتْ الجماعةُ أسلوباً جديداً في المناورةِ والاشتباكِ فقد أرسلتْ ست طائرات مسيرة من بينهم المسيرة الأساسية “يافا” من نوع (Samad 3) التي نفذت الهجوم، أربعة من هذه المسيرات تم اسقاطها من قبل الدفاعات الجوية الأمريكية في البحر الأحمر وواحدة اتخذت مساراً مختلفاً بهدف المراوغة في حين أن المسيرة “يافا” اتبعت مسارات الطائرات المدنية بدقة مما أدى لعدم قدرة الدفاعات الجوية الاسرائيلية لتتبعها وبالتالي تصنفيها كهدف معادي يجب مهاجمته وحلقت في مستويات مختلفة من حيث الارتفاع والانخفاض مما عمل على تضليل الدفاع الجوي الإسرائيلي واختراقها العمق الإسرائيلي واصابتها لهدفها بدقة، الأمر الذي أسفر عن مقتل إسرائيلي واصابة عشرة أخرين. ([1])
المرحلة الخامسة (معركة بدون قواعد اشتباك)
خطورةُ الانتقالِ لهذه المرحلةِ تتمثلُ في أنها نقلتْ الحربَ إلى نقطةِ المواجهاتِ المباشرة ِبين الحوثيينََ في اليمنِِ وبين إسرائيلََ ورفعِ كافةِ قواعدِ الاشتباكِ المتعارفِ عليها فقد تجاوزتْ مرحلةَ التهديدِ غيرِ المباشرِ من خلالِ تهديدِ السفنِ والمصالحِ الإسرائيليةِ في البحرِ الأحمرِ، فضلاً عن أنها وضعتْ لها بنكَ أهدافٍ من قلبِ إسرائيلَ وهو الأمرُ الذي أحدثَ خللاً كبيراً في مفهومِ الردعِ الإسرائيليِ الذي اصبحَ متاحاً للاختراقِ بشكلٍ كبيرٓ من كافةِ الجهاتِ وبالتاليِ انقلابُ ميزانِ الأمنِ في إسرائيلَ رأساً على عقبِ، وقد ينتجُ عن هذه المرحلةِ عدداً من التداعياتِ الخطيرةِ بالنسبةِ لكافةِ الأطرافِ الفاعلةِ في المنطقةِ ([2])، ويمكنُ تحليلُ ذلك كالآتيِ:
بالنسبةِ لإسرائيلَ فإن هذا الطورَ الجديدَ من الاشتباكاتِ يؤديِ إلي
تشتيتِ قدراتِ الجيشِ الاسرائيليِ الذي يعانيِ من حالةِ تآكلٍ وإنهاكٍ شديدةٍ على هامشِ القتالِ على خمسِ جبهاتٍ مختلفةٍ ( غزة وجنوب لبنان والعراق والضفة الغربية واليمن)
فشلِ الاعتقادِ الاسرائيليِ بإمكانيةِ عزلِ الإقليمِ عن ما يحدثُ في غزة، فضلاً عن فشلِ نظريةِ الردعِ الإسرائيليةِ التي ظنتْ إسرائيلُ أنها ستكونُ حصناً منيعاً لها أمامَ كافةِ قوىَ المنطقةِ.
تراجعِ شعورِ الأمانِ بالنسبةِ للداخلِ الإسرائيليِ بعد فشلِ القدراتِ العسكريةِ والاستخباراتيةِ الاسرائيليةِ في توقعِ الهجومِ أو التصديِ له على أقلِ تقديرٍ.
الخسائرِ الإقتصاديةِ التي تكبدهَا الجانبُ الإسرائيليُ في كافةِ المجالاتِ وخاصةً اللوجستيةَ منها فقد أخرجتْ الهجماتُ الحوثيةُ المتكررةُ ميناءَ ” إيلات” عن الخدمةِ بشكلٍ كاملٍ ، فضلاً النفقاتِ العسكريةَ للتعاملِ مع جبهةِ اليمنِ.
على الجانبِ الاجتماعيِ قد تؤديِ مثلُ هذه الهجماتِ إلى تغييرٍ في التركيبِ الديموغرافيِ الداخليِ الإسرائيليِ حيثُ تنذرُ بوجودِ موجاتٍ من الهجرةِ الداخليةِ في إسرائيلَ مما يعمقُ من صعوبةِ الوضعِ الداخليِ الذي يؤثرُ بشكلٍ حتميٍ على الموقفِ السياسيِِ العسكريِ لإسرائيلَ.
بالنسبةِ للحوثين، يعدُ الحوثيونَ الطرفَ الأقلَ خسارةً في هذهِ المواجهاتِ خاصةً حيثُ أن أيَ ردٍ من إسرائيلَ فيما عدا استهدافِ “عبد الملك الحوثي” لن يكونَ ذوُ قيمةٍ بالنسبةِ للحوثيين، إلا أن الشعبَ اليمنيَ هو من سيتحملُ تبعاتِ الردِ الإسرائيلي الذي سيستدف منشأة يمنيةً لا محالةَ حتى وإن كان تحتَ سيطرةِ الحوثيينَ، فضلاً عن الضحايا المدينينَ من أبناءِ الشعبِ اليمنيِ.
بالنسبةِ للمنطقةِ والعالمِ، يعدُ هذا الحدثُ مفترقَ طرقٍ بالنسبةِ لأمنِ الشرقِ الأوسطِ والأمنِ العالميِ بشكلٍ عامٍ فعلى أقلِ تقديرٍ قد تؤديِ مخرجاتُ هذه المرحلةِ إلى شبهِ حربٍ إقليميةٍ مباشرةٍ بين الأطرافِ الفاعلةِ ويعززُ من ذلكَ:
تعميقُ مشكلةِ أمنِ البحرِ الأحمرِ وأمنِ الملاحةِ الدوليةِ وسلاسلِ الإمدادِ.
زيادةُ حدةِ الأزماتِ الإقتصاديةِ الإقليميةِ والدوليةِ خاصةً أزماتِ الطاقةِ والغذاءِ.
عرقلةُ جهودِ السلامِ والتسويةِ التي تسعىَ دولُ المنطقةِ الوصولَ إليها بشأنِ الحربِ في غزة.
إمكانيةُ فتحِ المجالِ أمامَ دخولِ أطرافٍ أخرى داخلَ وخارجَ المنطقةِ في إطارِ هذا التصعيدِ.
تهديدُ أمنِ دولِ الخليجِ العربيِ وعرقلةِ مسارِ السلامِ فيما بينَها وبين إيرانِ.
زيادةُ مستوياتِ الإنفاقِ العسكريِ لدولِ المنطقةِ لتعزيزِ أمنِها والحفاظِ على سيادتِها.
الردُ الإسرائيليُ (لماذا الحديدة؟)
نفذتْ إسرائيلُ عمليةً عسكريةً نوعيةً استهدفتْ بها ميناءَ ” الحديدة” في اليمنِ الذي تسيطرُ على جماعةِ ” الحوثي” رداً على هجومِ “يافا” تل أبيب وأطلقتْ على هذه العمليةِ اسمَ “اليد الطولى” لتكونَ رمزاً على القدرةِ الإسرائيليةِ في الوصلِ لكلِ مصدرِ تهديدٍ لها حتى وإن كانَ يبعدُ عنها ما يقاربُ من ألفيِ كم، نفذتْ إسرائيلُ هذه العمليةَ في اليومِ التالي للهجومِ لضمانِ الردِ السريعِ على هذا الاختراقِ الواضحِ وترميمِ الردعِ الإسرائيليِ الذي ظهرَ فشلهُ بشكلٍ كبير واستخدمتْ فيها 12 طائرةً من طرازِ (F_35) استهدفتْ المنطقةَ اللوجستيةَ للميناءِ بما يشملُ 20 منشأةً خاصةً بالبنيةِ التحتيةِ الطاقويةِ من ضمنِها مخازنُ الوقودِ وفضلاً عن مخازنِ ورافعاتِ تفريغِ الطبائعِ مما نتجَ عنه تعطيلُ نظامِ استقبالِ البضائعِ في الميناءِ بشكلٍ شبهِ كاملِ، أسفرتْ هذه الضرباتُ عن مقتلِ ما يزيدُ عن ستةِ أشخاصٍ فضلاً عن اصابةِ أكثرِ من ثمانينَ آخريين جميعُهم من المدينينَ من أبناءِ الشعبِ اليمنِي. ([3])
تتمثلُ أهميةُ هذا الردِ الإسرائيليِ في أنه يعدُ رسالةً واضحةً تحملُ معانيَ مختلفةً للأطرافِ المرسلةِ إليها، فقد عمدتْ بها إسرائيلُ في المقامِ الأولِ طمأنةَ الداخلِ الإسرائيليِ بعد حالةِ الخوفِ والتوجسِ التي أصابتُه تجاهَ قدراتِ جيشهِ وحكومتهِ على المستوى السياسيِ والعسكريِ والاستخباراتي، وفي اتجاهٍ آخرَ عمدتْ إسرائيلُ إلى الردِ بهذهِ الطريقةِ التي يعدُّها الكثيرُ من المحللينَ “هوليودية” بشكلٍ كبيرٍ لردعِ كافةِ الفواعلِ المؤثرةِ في الشرقِ الأوسطِ وخاصةً الفاعلَ الإيرانيَ وكافةَ الأذرعِ المتعلقةِ به واستعراضَ القدرةِ والقوةِ الإسرائيليةِ هو ما أكدهُ “جالانت” في تصريحه بأن” الشرقَ الأوسطَ كلهُ يشاهدُ نيرانَ الحديدة ” ([4])، وبالرغمِ من الرسائلِ الإسرائيليةِ المتعددةِ إلا أنه لا يخفَى للعيانِ القلقُ الإسرائيليُ على المستوىَ الشعبيِ السياسيِ من الردِ الحوثيِ على هجماتِ الحديدةِ وهو أمرٌ يعدُ الهاجسَ الأكبَرَ لإسرائيلَ والمنطقةِ.
وبشأنِ الإجابةِ عن تساؤلٍ (لماذا ميناء الحديدة) بشكلٍ خاصٍ دونَ أي هدفٍ آخرَ، ولعلَّ الإجابةَ غيرَ خفيةٍ فميناءُ الحديدةِ يمثلُ قيمةً اقتصاديةً ولوجستيةً كبيرةً بالنسبةِ لليمن وبالنسبةِ للحوثيينَ فضلاً عن كونهِ رئةَ الاتصالِ بينَ الجماعةِ وبين إيران، وعليه فإن هذا الاستهدافَ سيعملُ بشكلٍ كبيرٍ على تعميقِ حدةِ الأزمةِ الإقتصاديةِ التي تعدُ الهاجسَ الأولَ أمامَ الحوثيينَ في اليمنِ.
قلقٌ إقليميٌ وحذرٌ دوليٌ (التفاعلاتُ الدوليةُ والإقليميةُ)
ما بينَ الهجومِ بالمسيرةِ يافا والردِ باليدِ الطولى رسائلُ عدةٌ مثلتْ مصدرَ قلقٍ وحذرٍ دوليٍ وإقليميٍ كبيرٍ على هامشِ التصعيدِ الذي بدأَ يأخذُ منحنًى خطيراً وغيرَ مرغوبٍ فيه من كافةِ الأطرافِ على المستوى الدوليِ والإقليميِ، لذلكَ نجدُ أن القوىَ المؤثرةَ سارعتْ بشكلٍ كبيرٍ للدعوةِ لضبطِ النفسِ والتفكيرِ الجيدِ قبل اتخاذِ قراراتٍ قد تودي بمستقبلٍ المنطقةِ وتهددُ الأمنَ والاستقرارَ العالميينِ، نجدُ أن الولاياتِ المتحدةَ قامتْ بالإعلانِ على الفورِ بالتنديدِ بالعمليةِ الحوثيةِ على إسرائيلَ ونفتْ مشاركتهَا بأي شكلٍ من الأشكالِ في عمليةِ “اليد الطولى” التي نفذتهَا إسرائيلُ، كما أصدرتْ المملكةُ العربيةُ السعوديةُ بياناً تنفي فيه استخدامَ أجواءَها من قِبلِ أيِ طرفٍ من الأطرافِ وأكدتْ أنه أمرٌ غيرٌ مسموحٍ به على الإطلاقِ ، كما دعتْ مصرُ إلى ضرورةِ الحذرِ وضبطِ النفسِ، وعلى المستوىَ اليمنيِ نددتْ الحكومةُ اليمنيةُ المعترفُ بها دولياً بالهجومِ على إسرائيلَ متهمةً إياها بتعميقِ الأزمةِ الإنسانيةِ التي يشهدُها اليمنُ، كما نقلتْ وكالةُ الأنباءِ الرسميةِ عن وزارةِ الخارجيةِ الإيرانيةِ إدانتَها الشديدةَ للهجماتِ الإسرائيليةِ محذرةً من تصاعدِ حدةِ التوتراتِ واتساعِ دائرةِ الحربِ في المنطقةِ، كما رحبتْ كلٌ من حركةِ حماسِ وحزبِ اللهِ اللبناني والعراقيِ والمقاومةِ الاسلاميةِ العراقيةِ بالتحركِ الحوثيِ وأكدتْ أن هذا التصعيدَ يعد إيذاناً ببدءِ مرحلةٍ جديدةٍ من المواجهةِ فد تشملُ المنطقةَ برمتِها. ([5])
وبالرغمِ من خطورةِ هذه التطوراتِ على كافةِ الأطرافِ إلا أن هذه الحلقةَ الجديدةَ من التصعيدِ تمثلُ مبرراً كبيراً بالنسبةِ لكلٍ الطرفينِ، بالنسبةِ لإسرائيلَ يعدُ هذا الهجومُ الحوثيُ مبرراً كافياً لرئيسِ الوزراءِ الإسرائيليِ لخداعِ الداخلِ الإسرائيليِ و لاستكمالِ روايةِ المظلوميةِ الإسرائيليةِ التي تدورُ حولَ الخطرِ الذي يحدقُ بإسرائيل من كلِ اتجاهٍ وبالتاليِ ضرورةُ اكمالِ طريقِ الحربِ الذي بدأهُ مع اليمينِ المتطرفِ مما يوفرُ له مزيداً من الوقتِ والشرعيةِ في السلطةِ واستخدامِ هذا الحدثِ لحشدِ الدعمِ الدوليِ خاصةً أنه يأتِي قبل زيارتهِ المرتقبةِ للولاياتِ المتحدةِ وخطابهِ أمامَ الكونجرس، بالنسبةِ للحوثيين فإنَ الهجومَ على “يافا” تل أبيب والردَ الإسرائيليِ يوفرُ المزيدَ من الشرعيةِ للحوثيينَ للردِ على إسرائيلَ بشكلٍ مباشرٍ تحتَ مبررٍ الردِ المشروعِ على القصفِ الإسرائيليِ ليس فقط لغزةَ بل للحديدةِ إيضاً.
التئامُ الجبهاتِ وخيطُ اللعبةِ في يدِ الحرسِ الثوريِ
بناءً على التقاريرِ التي أصدرتهَا قيادةُ الجيشِ الإسرائيليِ فإن مسيرةً من الشرقِ _ تابعةٌ للمقاومةِ الإسلاميةِ العراقيةِ_ تزامنَ وصولُها إلى تل أبيب مع المسيرةِ “يافا” القادمةِ من اليمنِ ذلك فضلاً عن هجماتِ الشمالِ المتكررةِ من “حزبِ الله” اللبنانيِ الأمرُ الذي يمكنُ تفسيرهُ بأن جبهاتِ ومحاورَ المقاومةِ الإيرانيةِ في المنطقةِ قد اتحدتْ بشكلٍ واضحٍ ضد الأهدافِ الإسرائيليةِ، فقد أعلنتْ المقاومةُ الإسلاميةُ إطلاقَها مسيرةً باتجاهِ مدينةِ ” أم الرشراش” إيلات أمس الأحدَ رداً على القصفِ لميناءِ الحديدةِ، ([6] ) علاوةً على ذلكَ التعاونُ المعلوماتيُ والاستخباراتيُ بين هذه الأذرعِ فنجدُ على سبيلِ المثالِ أن “حزبَ الله” هو من يمتلكُ المعلوماتِ الاستخباراتيةَ عن بنكِ الأهدافِ في العمقِ الإسرائيليِ إلا أن التنفيذَ جاءَ حوثياً ، ولا يبدو خفياً عملياتُ التصويرِ الاستخباراتيِ التي ينفذُها “حزبُ الله” للأهدافِ الإسرائيليةِ التي زادتْ بشكلٍ كبيرٍ في الفترةِ الأخيرةِ و أخرُها عمليةُ “الهدهد” ، الأمرُ الذي يدقُ ناقوسَ خطرٍ بالنسبةِ لإسرائيلَ التي مازالتٰ عالقةً في “غزة” والمنطقةِ التي تحاولُ بكلِ ما أوتيتْ من جهدٍ لتجنبِ اندلاعِ حربٍ إقليميةٍ ومواجهاتٍ مباشرةٍ بين الأطرافِ الإقليميةِ.
بناءً على ما سبقَ نجدُ أن خطورةَ هذا التصعيدِ تكمنُ في نقاطٍ عدةٍ أهمُها، أنها تعمقُ من حدةِ التوتراتِ في المنطقةِ وخاصةً في غزة وتهددُ أمنَ الملاحةِ البحريةِ في شريانِ التجارةِ الدوليةِ ” البحر الأحمر” ولعلَّ الخطورةَ الأكثرَ محوريةٍ هي أن دورَ الحوثيينَ في المنطقةِ لا يتوقفُ عند انتهاءِ الحربِ في غزة بل يبدأُ من حيثُ ستنتهِي مآلاتُ الأمورِ في غزةَ ولذلك لسببينِ:
الأولُ يتعلقُ بتطلعاتِ الحركةِ في تبوءِ دورٍ إقليميٍ ودوليٍ فعالٍ على حسابِ دولِ المنطقةِ حيثُ أن جماعةَ الحوثي لا تقومُ بهذا الدورِ فقط لنصرةِ حلفائِها في المقاومةِ الفلسطينيةِ وحركةِ حماس بل هي ترمي إلى لَعبِ دورٍ إقليميٍ واسعٍ في المنطقةِ يمكنُها من تحقيقِ أهدافِها.
ثانياً أن جماعةَ الحوثي تنفذُ الأجندةَ والأهدافَ الإيرانيةَ التي دائماً ما تتسمُ بالطابعِ العدوانيِ التوسعيِ الراغبِ في إلحاقِ الضررِ بمصالحِ المنطقةِ وزعزعةِ أمنِها وسيادتِها.