المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > الدراسات الأمنية والإرهاب > ماذا بعد الفراغِ السياسىىِ فى بنغلاديش وعودةِ الجماعةِ الإسلاميةِ إلى المَشهدِ من جديد؟
ماذا بعد الفراغِ السياسىىِ فى بنغلاديش وعودةِ الجماعةِ الإسلاميةِ إلى المَشهدِ من جديد؟
- أغسطس 14, 2024
- Posted by: Maram Akram
- Category: الدراسات الأمنية والإرهاب تقارير وملفات
لا توجد تعليقات
إعداد: جميلة حسين
منسق برنامج الإرهاب والتطرف
فى خِضَمِّ مرحلةٍ ثوريةٍ تعيشُها بنغلاديش عَقِبَ الاحتجاجاتِ الطلابيةِ العنيفةِ التى اجتاحتْ البلادَ منذُ مطلعِ الشهرِ الماضىِ احتجاجاً على جُملةٍ من المظالمِ الاجتماعيةِ والاقتصاديةِ والسياسية، أدت فى نهايةِ الأمرِ إلى استقالةِ رئيسةِ وزراءِ البلادِ “الشيخة حسينة” ومغادرتِها إلى الخارجِ، وحَلِّ البرلمانِ وتشكيلِ حكومةٍ مؤقتةٍ، تواجهُ البلادُ اضطراباً سياسياً وسطَ خُفّوتِ الحزبِ الحاكمِ “حزبِ رابطةِ عوامى” وصعودِ الأحزابِ والجماعاتِ المعارضةِ وعلى رأسهِم “الحزبُ الوطنىُ البنغالىُ” و”الجماعةُ الإسلاميةُ”، ويَحملُ عودةَ الأخيرةِ العديدَ من التساؤلاتِ لاسيَّما مع اتهامهِ بالتحريضِ على الاحتجاجاتِ وإثارةِ العنفِ من قِبَلِ “الشيخة حسينة” وشركائِها السياسين.
نُبْذةٌ عن الجماعةِ الإسلامية:
تُعْتَبرُ الجماعةُ الإسلاميةُ أكبرَ حزبٍ سياسىٍ إسلامىٍ، وثالثَ أكبرِ حزبٍ سياسىٍ فى بنغلاديش، ويَرجِعُ تأسيسُ الفرعِ الأمِّ لها فى باكستان قبل استقلالِ بنغلاديش على يد (السيد أبو الأعلى المودودي) عام 1941، وقد اعتبرَها البعضُ بمثابةِ المركزِ الرئيسىِ للإسلامِ التى تُدافعُ عن السلطةِ السياسةِ وفرضِ. الشريعةِ باعتبارِها الأساسَ القانونيَ لإقامةِ الدولةِ باعتبارِ الإسلامِ “أيديولوجيةً شموليةً”، وبمرورِ الوقتِ أصبحَ للجماعةِ عدةُ فروعٍ فى الهند وسريلانكا وأفغانستان و بنغلاديش “بعد الاستقلال”، وعن تاريخِ الجماعةِ الأخيرِ خاضتْ الجماعةُ دوراً بجانبِ جيشِ باكستان أثناء حربِ التحريرِ عام 1971، حيث شكَّلَ أعضاءُ الجماعةِ قواتٍ مساعدةً مثل “رازاكارس، والبدر، والشمس، ولجنة السلام” الذين تورطوا في فظائعَ ضد مقاتلىِ الحريةِ البنغاليين وأعضاءِ المجتمعِ الهندوسىِ إلى الحدِّ الذى جعلَ مُؤسسَ البلاد (الشيخ مجيب الرحمن) يسعى إلى حظرِ المنظمةِ في البدايةِ والتى عُرِفَ بعد قادتهِا بالوحشيةِ والعنفِ لاسيَّما ضد الأقليةِ الهندوسيةِ فيما بعد، وبعد اغتيالِ الشيخ مجيب الرحمن والانتفاضةِ التى أعقبتهَا فى عام 1975، تَمَّ رفعُ الحظرِ، وعادت المنظمةُ إلى الظهورِ وحاولتْ الجماعةُ الحفاظَ على الحضورِ فى المشهدِ السياسىِ فى البلادِ وتعزيزِ فكرةِ الحكمِ الإسلامىِ داخلَ البلادِ مرتكزةً على هدفِ إنشاءِ “دولةٍ إسلاميةٍ” تحكمهُا الشريعةُ الإسلاميةُ، وفسرتْ مفهومهَا السياسيَ المركزيَ “إقامة الدين” على أنه إقامةُ دولةٍ إسلاميةٍ من خلالِ سلطةِ الدولةِ. وما لبثت أن عَزَّزَتْ روابطَها فى البدايةِ مع التحالفِ المتعددِ الأحزابِ من أجلِ استعادةِ الديمقراطيةِ، ثم الحزبِ الوطنىِ البنغالى، المناهضِ دوماً لحزبِ رابطةِ عوامى، عبر سنواتٍ من الشدِّ والجذبِ بين الحزبين على الحكمِ فى البلاد، نظراً للعديدِ من الاختلافاتِ الايدولوجيةِ والمفارقاتِ بين المبادئِ والأسسِ التى تحكمُ كلا منهما[1].
نجاحاتٌ سابقةٌ:
كما سلفَ الإشارةُ استطاعت القوى الإسلاميةُ ترسيخَ وجودِها أبَانَ اغتيالِ مؤسسِ بنغلاديش وحكمِ البلادِ تحتَ قيادةِ الجيشِ ثم زعامةِ الحزبِ الوطنيِ البنغالى للحكمِ برئاسةِ (خالدة ضياء) مشاركةً فى الانتخاباتِ البرلمانيةِ المتعددةِ، ولكن توقفَ هذا النفوذُ بشكلٍ مؤقتٍ فى انتخاباتِ عام 1996 عندما فازت “رابطة عوامى” برئاسة (الشيخة حسينة)، ابنة الشيخ مجيب الرحمن، وما لبثَ أن عادَ الظهورُ مرةً أخرى فى انتخاباتِ 2001 عبرَ تحالفٍ مُكَونٍ من 4 أحزاب بقيادةِ الحزبِ الوطنىِ ويضمُ الجماعةَ الإسلاميةَ حصلت بموجبهِ الجماعةُ على 17 مقعداً فى البرلمانِ ناهيك عن تعيينِ اثنيين من أعضائهِا كوزراءَ فى الحكومةِ، وفى عام 2008، فازت الجماعةُ الإسلاميةُ بمقعدين من أصلِ 300 مقعدٍ فى البرلمان.
تاريخٌ من الاتهاماتِ والحظرِ:
قرارُ الحكومةِ الأخيرِ بحظرِ الجماعةِ لم يكنْ الحظرَ الأولَ من نوعهِ بل سبقه العديدُ من الاتهاماتِ وإخطاراتِ الحظرِ نظراً لأنشطتِها التى ترأت أنها تثيرُ العنفَ والدمويةَ وتعملُ على إثارةِ الفوضى فى البلاد،ويمكنُ إدراجُ أبرزِها فيما يلى:
عام 1971: أصدرتْ الحكومةُ البنغاليةُ بقيادةِ (مجيب الرحمن) قراراً بحظرِ الجماعةِ الإسلاميةِ بعد حربِ التحريرِ وحصولِ بنغلاديش على استقلالهِا تحت دعوى تعاونهِا مع القواتِ الباكستانيةِ خلالَ حربِ التحريرِ عبر تشكيلِ قواتٍ مواليةٍ للجيشِ الباكستانى ناهيك عن مشاركتها فى جرائمَ ضد كلٍ من أنصارِ الحريةِ البنغاليين والمواطنين الهندوس.
عام 2010: على إثرِ الخلافِ بين الجماعةِ والحزبِ الحاكمِ اتهمت الحكومةُ بقيادةِ رئيسةِ الوزارء (الشيخة حسينة) قياداتٍ بارزةً فى الجماعةِ الإسلاميةِ بتهمةِ ارتكابِ جرائمَ حربٍ خلال حربِ التحريرِ فى عام 1971، وعليه تم إنشاءُ محكمةٍ خاصةٍ لهذه القضيةِ عُرِفَتْ باسمِ “المحكمةِ الدوليةِ لجرائمِ بنغلاديش” من أجلِ محاكمةِ مجرمى الحربِ الذين عارضوا استقلالهَا وعلى رأسهِم أعضاءُ وقادةُ الجماعةِ الإسلاميةِ والعناصرُ المعارضةُ الأخرى، ومن أبرزِ تلك الأعضاء (الشيخ مطيع الرحمن نظامى، غلام أعظم “أمير الجماعة الإسلامية السابق”، على أحسن محمد مجاهد، محمد قمر الزمان، عبد القادر ملا، مير قاسم على). وفيما بعد تمَّ تنفيذُ حكمِ الإعدام فى 5 من كبارِ قادة الجماعةِ شنقًا[2].
عام 2024: بعد مرورِ شهرٍ من احتجاجاتٍ عارمةٍ فى أنحاءِ بنغلاديش حظرتْ حكومةُ الشيخة حسينة الجماعةَ الإسلاميةَ وجناحَها الطلابي”Chhatra Shibir”، وقامت بتصنيفِهما كمنظماتٍ إرهابيةٍ وذلك، بموجبِ المادة 18/1 من قانونِ مكافحةِ الإرهاب لعام 2009، وباستنادِ الحكومةِ على إخطارٍ من قسم الأمنِ العامِ بوزارةِ الداخليةِ البنغالية، بعد أعوامٍ من الاتهاماتِ والإجراءاتِ القانونيةِ ضد الجماعةِ. وعليه قامت أجهزةُ إنفاذِ القانونِ بحملةٍ مشددةٍ على الجماعةِ والمنظماتِ التابعةِ لها مستهدفةً المكاتبَ ودورَ النشرِ المرتبطةَ بها.