المقالات
ماذا يعني إصدار مذكرات الاعتقال من “الجنائية الدولية” بحق قيادات إسرائيل وحماس؟
- مايو 22, 2024
- Posted by: hossam ahmed
- Category: تقارير وملفات وحدة الشؤون الدولية
إعداد: ميار هاني
باحثة في الشأن الدولي
تقدم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، “كريم خان”، بطلب من الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة بإصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو” ووزير الدفاع “يوآف جالانت” من الجانب الإسرائيلي، بالإضافة إلى رئيس حركة حماس”يحيى السنوار” والقائد العام لكتائب القسام “محمد دياب إبراهيم” (المعروف بـ “ضيف”) ورئيس المكتب السياسي للحركة “إسماعيل هنية” من الجانب الفلسطيني، وذلك بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ويأتي الطلب بعد دعوات متزايدة للتحرك بعد أكثر من سبعة أشهر من التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي أسفر عن مقتل الآلاف وتسبب في كارثة إنسانية. وبمجرد موافقة قضاة المحكمة، يمكن أن تُصدر الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحقهم. [1]
واتهم “خان” القادة الإسرائيليين ب “التسبب في الإبادة، والتسبب في المجاعة كوسيلة من وسائل الحرب، بما في ذلك منع إمدادات الإغاثة الإنسانية، واستهداف المدنيين عمدا في الصراع”. وشملت التهم المُوجهة إلى السنوار والضيف وهنية “الإبادة والقتل واحتجاز رهائن والاغتصاب والاعتداء الجنسي أثناء الاحتجاز”.[2]
وقد أثار الطلب انتقادات من جانب الأطراف المعنية، إذ قال “نتنياهو” إن قرار المحكمة الجنائية الدولية “إهانة أخلاقية ذات أبعاد تاريخية” و”تشويه كامل للواقع”، كما تعهد بالمضي قدما في حربه بغزة. ورفضت حماس معادلة “الضحية مع الجلاد”. كما وصف الرئيس الأمريكي “جو بايدن” قرار الجنائية الدولية بالـ “مشين”[3]
نبذة عن المحكمة الجنائية الدولية
تم إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، ومقرها لاهاي، بموجب معاهدة “نظام روما الأساسي” في 1 يوليو 2002، وتتمثل سلطتها في “ممارسة ولايتها القضائية على أشخاص فيما يتعلق بأخطر الجرائم التي تثير قلقاً دولياً”، وذلك على النحو الأتي:
أولاً – جريمة الإبادة الجماعية: تتمثل في وجود نية معينة للقضاء على جماعة قومية أو عرقية أو دينية، سواء كانت بشكل كلي أو جزئي، وذلك عبر قتل أفرادها أو باستخدام وسائل أخرى: كالتسبب في أذى بدنياً أو عقليًا لأفراد الجماعة؛ وتعمد إخضاع الجماعة لظروف معيشية تؤدي إلى تدميرها المادي كلياً أو جزئياً؛ فضلاً عن فرض تدابير تهدف إلى منع الإنجاب داخل المجموعة؛ أو نقل أطفالها قسراً إلى مجموعة أخرى.
ثانياً – الجرائم ضد الإنسانية: وهي انتهاكات جسيمة يتم ارتكابها ضمن هجوم واسع النطاق على السكان المدنيين. وتشمل جرائم مثل القتل والاغتصاب والسجن والاختفاء القسري والاستعباد، خاصة تجاه النساء والأطفال، بالإضافة إلى الاستعباد الجنسي والتعذيب والفصل العنصري والترحيل.
ثالثاً – جرائم الحرب: وهى الانتهاكات الجسيمة في سياق النزاع المسلح: وتشمل استخدام الأطفال كجنود؛ وتعذيب الأشخاص مثل المدنيين أو أسرى الحرب؛ وتوجيه هجمات متعمدة ضد المستشفيات أو المواقع التاريخية أو المباني المخصصة للتعليم أو الدين أو الفن أو العلوم أو الأغراض الخيرية.
رابعاً – جريمة العدوان: تتمثل في استخدام القوة المسلحة من قِبل دولة معينة ضد سيادة دولة أخرى أو استقلالها أو سلامتها.[4]
ويمكن للمحكمة الجنائية الدولية إجراء تحقيق عند طلب دولة ما، أو مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أو في حال اتاحت لجنة من قضاة المحكمة بإجراء تحقيق يبدأه المدعي العام لها. وعلى المدعي العام التأكد من كون الأنظمة القانونية، في البلد المعني، لا تطبق العدالة.
وتعتمد المحكمة على التعاون مع بلدان العالم للحصول علي الدعم، ولاسيما لإجراء الاعتقالات، وذلك لعدم توافر هيئة إنفاذ خاصة بها لتنفيذ الأحكام.[5]
ما هي تبعات مذكرات الاعتقال الدولية؟
في حال أصدرت الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق “نتنياهو” و”جالانت”، سينعكس ذلك على تقليص المساحة التي يتحرك فيها المسؤولان الإسرائيليان على الساحة الدولية، وذلك لإمكانية اعتقالهم من قِبل الدول الأطراف في النظام الأساسي، والبالغ عددها 124 دولة، وان ترسلهم بدورها إلى المحكمة ذاتها لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، وذلك بالرغم من عدم اعتراف إسرائيل بسلطة المحكمة، وعدم تقييدها بأي التزامات تجاهها. كما من شأن القرار أن يزيد من الضغوطات الدولية على حكومة “نتنياهو”، وتحقيق قدر من العزلة لإسرائيل.
وعلى الصعيد الفلسطيني، تبدو انعكاسات صدور مذكرات الاعتقال بحق قادة حماس محدودة بالمقارنة مع قادة إسرائيل، مع الإعتقاد بأن “السنوار” و”ضيف” يختبئان في غزة، بينما يقيم “هنية” حالياً في قطر، فضلاً عن كونهم غير مرحب بهم في الدول الغربية. [6]
ومما سبق يمكننا القول، أن قد أعاد طلب المدعي العام بإصدار مذكرات اعتقال لقيادات إسرائيل وحماس، على خلفية حرب غزة، القضية إلى الواجهة. وينطوي على ذلك القرار تبعات قوية، بالرغم من افتقار الجنائية الدولية لآلية فعلية لتنفيذ الأحكام الصادرة عنها، إلا انها تعتمد على الدول الأعضاء في تنفيذ الاعتقالات، وهو الأمر الذي من شأنه تقييد حركة المسؤولين الإسرائيليين، فضلاً عن تعزيز عزلة إسرائيل الدولية، وبالتالي يعد خطوة هامة نحو السعي في تحقيق العدالة الدولية.
المصادر:
[1] Banerjee, Aveek. “Can the International Criminal Court Arrest Someone? List of Persons Named by ICC in the Past.” India TV News, May 21, 2024. https://www.indiatvnews.com/news/world/can-the-international-criminal-court-arrest-someone-list-of-persons-named-by-icc-in-the-past-updates-2024-05-21-932534.
[2] سكاي نيوز عربية، “ما هي آلية إصدار مذكرات الاعتقال من “الجنائية الدولية”؟”، 20 مايو 2024.
[3] Ibid.
[4]International Criminal Court. “How the Court Works.” Accessed May 21, 2024. https://www.icc-cpi.int/about/how-the-court-works.
[5] العين الإخبارية، “نتنياهو والسنوار و«الجنائية الدولية».. كل ما تريد معرفته في 14 سؤالا”، 21 مايو 2024.
https://al-ain.com/article/sinwar-netanyahu-gaza-international-court
[6] أحمد الخطيب، “ماذا لو أصدرت الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق قيادات إسرائيل وحماس التي تشتبه بهم؟”، بي بي سي، 21 مايو 2024.