شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت عملية اغتيال غير مسبوقة، يوم الجمعة 27 سبتمبر ، استهدفت الأمين العام لحزب الله “حسن نصر الله”[1]، في غارة جوية نفذتها قوات الجيش الإسرائيلي، حيث أعلن حزب الله رسمياً في بيان له،يوم السبت 28 سبتمبر، عن استشهاد زعيمه “حسن نصر الله”[2]. ويأتي الهجوم الذي استهدف نصر الله في إطار سلسلة من العمليات التي طالت عدة قيادات بارزة في حزب الله، بالإضافة إلى مقتل نصر الله، أسفرت الغارة عن مقتل “علي كركي”، أحد أبرز القيادات العسكرية في حزب الله، والذي كان خليفًا لفؤاد شُكر[3]، حيث كان يشغل دورًا قياديًا مهمًا ضمن هياكل الحزب، تأتي هذه الحادثة لتمثل منعطفًا جوهريًا، وتزيد من تعقيد المشهد الإقليمي في سياق التصعيد المستمر بين إسرائيل وحزب الله.
أولًا: التطورات الأخيرة على الجبهة اللبنانية
شهدت الجبهة اللبنانية تصعيدًا عسكريًا خطيرًا منذ أواخر سبتمبر ، حيث زادت التوترات بين إسرائيل وحزب الله بشكل ملحوظ، بدءًا من هجوم البيجر في ١٧ سبتمبر الذي شنته إسرائيل مستهدفةً بذلك أجهزة الاتصالات اللاسلكية لحزب الله[4]، كما تصاعدت وتيرة الأعمال العسكرية بشكل سريع، حيث بعد ثلاثة أيام من تفجيرات البيجر، جاء رد حزب الله بإطلاق أكثر من ١٥٠ صاروخًا نحو الشمال الإسرائيلي[5]، مستهدفًا عدة مدن ومناطق حدودية إسرائيلية، رغم نجاح نظام القبة الحديدية في اعتراض العديد من الصواريخ، إلا أن رد حزب الله كان بمثابة تطورًا في العمليات العسكرية، وفي نفس اليوم، كثفت إسرائيل غاراتها الجوية على لبنان، مستهدفةً المواقع الرئيسية لحزب الله في وادي البقاع وضاحية بيروت، بالإضافة إلى استهداف أطراف منطقة رومين وزفتا في قضاء النبطية وكونين وأطراف بلدة الزرارية ومنطقة أبو الأسود جنوبي لبنان.[6]
مع استمرار الغارات الجوية، بدأت إسرائيل في حشد قواتها على الحدود مع لبنان استعدادًا لعمليات برية محتملة، حيث أكدت الحكومة الإسرائيلية عزمها على مواصلة العمليات العسكرية حتى تحقق أهدافها الأمنية، حيث قامت في ٢٦ سبتمبر بشن عده غارات جوية استهدفت بلدة النبي شيت في بعلبك شرقي لبنان، إلى جانب غارة على منزل في المدينة الصناعية بقضاء صور جنوبي البلاد، وأخرى على بلدة طير حرفا في القطاع الغربي[7]، وفي الساعات الأولى من ليلة ٢٧ سبتمبر، قامت إسرائيل بإطلاق سلسلة جديدة من الغارات الجوية، مستهدفةً مخازن أسلحة لحزب الله تحت مبانٍ سكنية في الضاحية الجنوبية لبيروت[8]، مما أسفر عن مقتل قائد الوحدة الصاروخية التابعة لحزب الله في الجنوب ونائبه وعدد آخر من القادة العسكريين، وانتهت هذه الغارات الإسرائيلية بتحقيق واحد من أهم عمليات الاغتيال في تاريخ إسرائيل وهو مقتل زعيم حزب الله “حسن نصر الله”، وبالتالي أدت هذه العمليات إلى تصعيد غير مسبوق في التوترات العسكرية بين الطرفين، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي عن استدعاء لواءين من قوة الاحتياط لتنفيذ مهام عملياتية على الجبهة الشمالية.
ثانيًا: ردود الأفعال حول عملية اغتيال “حسن نصر الله”
تنوعت ردود الأفعال حول مقتل حسن نصر الله ما بين العربية والإقليمية والدولية، والتي من أبرزها ما يلي:
1- حزب الله: أصدر الحزب في بيانه: “التحق سماحة السيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله برفاقه الشهداء العظام الخالدين الذين قاد مسيرتهم نحواً من ثلاثين عامًا”. وأضاف أن قيادة الحزب تتعهد بمواصلة “جهادها في مواجهة العدو وإسنادًا لغزة وفلسطين ودفاعًا عن لبنان”.[9]
2- حركة حماس: أدانت بشدة العدوان الهمجي على مبانٍ سكنية في الضاحية الجنوبية لبيروت، مؤكدة أن جريمة اغتيال نصر الله لن تزيد المقاومة في لبنان وفلسطين إلا إصرارًا.[10]
3- الحوثيين:نعت جماعة الحوثي في اليمن حسن نصر الله وقالت الحركة في بيان لها “المقاومة لن تُكسر والروح الجهادية للإخوة المجاهدين في لبنان وفي كل جبهات الإسناد ستقوى وستكبر”، كما أعلن مكتب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الحداد في العارق ثلاثة أيام على وفاة نصر الله.[11]
4- إيران: أدانت إيران الغارات ووصفتها بأنها “جريمة حرب”، وحذرت من تداعياتها على الاستقرار في المنطقة، كما أصدر المرشد الإيراني “علي الخامنئي” بيانًا ولم يظهر في كلمته إشارة إلى مقتل نصر الله، لكنه قال إن “على المجرمين الصهاينة أن يعلموا أنهم صغار جدًا ولا يستطيعون أن يلحقوا ضررًا كبيرًا بالبناء القوي لحزب الله في لبنان” .، وأضاف أن “كل قوى المقاومة في المنطقة تقف إلى جانب حزب الله”.[12] ونقل إعلام رسمي في الجمهورية الإسلامية عن الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان قوله بأن “أمريكا لا يمكنها إنكار التواطؤ” في مقتل نصر الله.
5- لبنان: قالت رئاسة الوزراء اللبنانية إن الحكومة ستعقد جلسة استثنائية مساء السبت 28 سبتمبر لبحث التطورات الراهنة، كما قال رئيس الحكومة اللبنانية السابق “سعد الحريري” في بيان إن اغتيال نصر الله أدخل لبنان والمنطقة في مرحلة عنف جديدة، أضاف في بيان أن اغتيال نصر الله عمل جبان مدان جملة وتفصيلًا، لافتًا إلى أنه اختلف كثيرا مع الراحل وحزبه، ولكن في هذه المرحلة البالغة الصعوبة تبقى وحدة اللبنانيين وتضامنهم الأساس، وأكد الحريري أن المطلوب الآن من الجميع التعالي فوق الخلافات والأنانيات للوصول بلبنان إلى شاطئ الأمان.[13]
6- سوريا:أدانت وزارة الخارجية السورية القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت ووصفتها بأنها “جريمة جديدة بحق الإنسانية”، وحذرت “الخارجية” من أن استمرار الجرائم الإسرائيلية سيؤدي إلى جر المنطقة برمتها نحو تصعيد خطير يصعب التنبؤ بنتائجه.[14]
7- تركيا:ندد الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”السبت بالهجمات الإسرائيلية الأخيرة على لبنان التي قال إنها جزء من سياسة “الإبادة الجماعية والاحتلال والغزو” التي تنتهجها إسرائيل، ودعا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والهيئات الأخرى إلى وقف إسرائيل”،وقال في منشور على إكس دون تسمية نصر الله إن تركيا تقف مع الشعب والحكومة اللبنانيين.[15]
8- الولايات المتحدة الأمريكية:دعا وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى ضبط النفس، مشيرًا إلى أن الشرق الأوسط يمر بـ”لحظة حرجة”، وحث جميع الأطراف على تجنب المزيد من التصعيد.[16]
9- روسبا: أدانت “بشدة” اغتيال إسرائيل للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بغارة جوية على ضاحية بيروت الجنوبية، وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان “ندين بشدة عملية الاغتيال السياسي الجديدة التي ارتكبتها إسرائيل”، واعتبرت أن إسرائيل تتحمل “المسؤولية الكاملة” عن العواقب “المأساوية” التي يمكن أن يؤدي إليها اغتيال زعيم حزب الله في المنطقة، وأضافت الخارجية الروسية “نحث إسرائيل على وقف الأعمال العدائية فورا” من أجل “وضع حد لإراقة الدماء”.[17]
10- الاتحاد الأوروبي:قال ممثل الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، جوزيب بوريل، إن جميع الجهود الدبلوماسية تُبذل للضغط على إسرائيل لوقف التصعيد، وأشار إلى أن الوضع بات خطيرًا للغاية، مع التأكيد على ضرورة تكثيف الجهود الدولية لوقف القتال، إلا أنه أبدى شكوكه حول قدرة المجتمع الدولي على “إيقاف نتنياهو”.[18]
ثالثًا: دوافع إسرائيل من عملية الاغتيال
يُعتبر اغتيال نصرالله خطوة استراتيجية لتغيير المعادلة الأمنية في المنطقة لصالح إسرائيل، من خلال إضعاف حزب الله، تأمل إسرائيل في إعادة تشكيل المشهد الأمني لصالحها، وتتمثل دوافع إسرائيل من اغتيال حسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله، في تحقيق مجموعة من الأهداف والتي من أبرزها:
1- تقوية موقفها على طاولة المفاوضات:تسعى إسرائيل جاهدةً لإنجاز أكبر قدر من الأهداف استراتيجية قبل الانتخابات الأمريكية، حيث يُعتبر دعم واشنطن أمرًا حاسمًا بالنسبة لها، وبالتالي فإن اغتيال حسن نصرالله، وسيلة لتعزيز موقفها في أي مفاوضات مستقبلية، حيث ستتمكن من تقديم نفسها كطرف قوي قادر على تنفيذ عمليات حاسمة ضد التهديدات الأمنية. وسيعطيها ورقة رابحة وثقل استراتيجي أثناء عملية المفاوضات.
2- تقويض النفوذ الإيراني: يعتبر حزب الله أحد أبرز أذرع إيران في المنطقة، واغتيال نصرالله يهدف إلى تقويض النفوذ الإيراني في لبنان والشرق الأوسط، وبإضعاف حزب الله، بات سهلًا على إسرائيل كسر الحلقات التي تعتمد عليها إيران لبسط نفوذها في المنطقة، مما يعزز من الأمن الإسرائيلي ويعزز من دور إسرائيل كقوة إقليمية.
3- تعزيز موقف الحكومة داخل المجتمع الإسرائيلي: في ظل الظروف السياسية الصعبة التي تواجهها حكومة نتنياهو، فإن اغتيال نصرالله وسيلة لامتصاص الغضب الشعبي، وتحسين صورة نتنياهو وحكومته أمام المعارضة الإسرائيلية، وبالتالي كسب مزيد من الشرعية، حيث أن الحكومة الإسرائيلية تعاني من انتقادات بشأن قدراتها على تحقيق أهدافها سواء على الجبهة اللبنانية أو قطاع غزة، واغتيال شخصية مثل نصرالله يمكن أن يُعتبر انتصارًا كبيرًا، مما يعزز من الدعم الشعبي لحكومة نتنياهو، حيث يعكس هذا قدرة الحكومة على حماية مصالح إسرائيل.
4- تهيئة الساحة لمواجهة تهديدات مستقبلية: إسرائيل قد تستهدف أيضًا ضمان عدم ظهور أي زعيم جديد لحزب الله بفعالية كافية لمواجهة إسرائيل. من خلال تصفية القيادة الحالية، حيث تضمن إسرائيل فترة من الاضطراب الداخلي في حزب الله، مما يُمكنها من إعادة تقييم استراتيجياتها الدفاعية والهجومية. بغياب القيادة القوية، يمكن أن يواجه الحزب صعوبات في الحفاظ على هيكله القيادي والسيطرة على أعضائه، مما يؤثر سلبًا على قدراته العملياتية.
رابعًا: تداعيات عملية الاغتيال على المشهد الإقليمي
لا شك أن اغتيال حسن نصرالله سيترك تداعيات كبيرة على المشهد الإقليمي، سواء من حيث توازنات القوة في لبنان أو في سياق العلاقة بين إيران وحلفائها. الفجوة القيادية التي سيخلقها غيابه ستؤثر على قدرة حزب الله على تنفيذ استراتيجياته المستقبلية، في حين أن إسرائيل قد تستغل هذا الحدث لإعادة تشكيل خريطة المواجهة الأمنية، ويظهر ذلك من خلال ما يلي:
1- الفراغ القيادي وتأثيره على حزب الله:اغتيال حسن نصرالله، الزعيم الأيديولوجي لحزب الله، سيترك فراغًا كبيرًا في قيادة حزب الله، في حين أن الهيكل التنظيمي لتلك الجماعة يتمتع بالاستمرارية المؤسسية، إلا أن غياب نصرالله سيؤثر على قدرة حزب الله على اتخاذ قرارات حاسمة وتنفيذ عمليات معقدة في المرحلة المباشرة التي تلي الاغتيال، بالتالي فإن غياب شخصية مثل نصر الله ستضعف قدرة حزب الله على تعبئة أنصاره وحتى الدعم الشعبي له، خاصة في ظل تعقيدات الحرب المستمرة.
2- التأثير على النفوذ الإيراني في المنطقة: سيشكل اغتيال نصرالله ضربة معنوية واستراتيجية لإيران، هذا الحدث قد يفرض على طهران إعادة تقييم دور حزب الله ووظيفته في المرحلة المقبلة، ورغم أن إيران لن تتخلى عنه، إلا أن هناك تساؤلات حول ما إذا كانت ستعيد توجيه حزب الله نحو مواجهة إسرائيل كما كان في السابق، أم ستحاول إيران تقليص دوره العسكري لتجنب التصعيد المباشر الذي قد يهدد مصالحها الإقليمية. كذلك، قد تؤدي هذه العملية إلى تقليص دور حزب الله في لبنان وتحجيم نفوذه الإقليمي، وهو ما قد يعيد توزيع النفوذ بين الفاعلين المحليين والإقليميين في لبنان وسوريا.
3- انعكاسات على العلاقات الإيرانية – اللبنانية:إن الدور الإيراني في لبنان كان يعتمد بشكل كبير على حزب الله كأداة لبسط نفوذها، واغتيال نصرالله قد يُعقّد العلاقة بين إيران وحزب الله، حيث قد تجد طهران نفسها أمام تحدٍ يتمثل في كيفية الحفاظ على دور حزب الله كقوة مؤثرة في الداخل اللبناني، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه لبنان، من ناحية أخرى، قد يشكل اغتيال نصرالله فرصة لإيران لإعادة التفكير في علاقتها مع حزب الله وتحجيم نشاطاته العسكرية، لتفادي استنزاف المزيد من مواردها في صراع مفتوح قد لا يتناسب مع أولوياتها الاستراتيجية الأوسع.
4- الغموض حول مستقبل حزب الله وأهدافه: في ظل غياب نصرالله، قد يتغير مستقبل حزب الله كمنظمة مقاومة، حيث يمكن أن يشهد الحزب تحولًا في توجهاته من دوره التقليدي بمواجهة إسرائيل إلى تركيز أكبر على السياسة اللبنانية والشؤون الداخلية. هذا الاغتيال قد يدفع حزب الله إلى إعادة تقييم استراتيجياته وتحديد أولوياته، خاصة في ظل الضغوط الداخلية والخارجية. من المتوقع أن يمر الحزب بفترة من عدم الاستقرار المؤقت حتى يتم تحديد هوية القيادة الجديدة وتوجهاتها المستقبلية.
وفي هذا السياق، فإن التساؤل الذي سوف يطرح نفسه بقوة في الفترة القادمة يدور حول من سيتولى قيادة حزب الله خلفًا لحسن نصر الله، وفيما يلي أبرز المرشحين لخلافة حزب الله:
1- هاشم صفي الدين: يُعد هاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله، أبرز المرشحين لتولي منصب الأمين العام للحزب خلفًا لحسن نصر الله. يتمتع صفي الدين بمكانة قيادية مرموقة[19]، حيث يُعتبر الرجل الثاني في الحزب، في عام ١٩٩٤، تم استدعاؤه إلى لبنان ليتولى رئاسة المجلس التنفيذي في الحزب، بعد عامين من تعيين نصر الله أمينًا عامًا عقب اغتيال عباس الموسوي، على مدى ٣٠ عامًا، تولى صفي الدين إدارة الملفات الحساسة داخل الحزب، بينما ترك الملفات الاستراتيجية لحسن نصر الله. يجمع صفي الدين بين روابط عائلية وسياسية قوية، إذ إنه ابن خالة نصر الله وصهر القائد الإيراني الراحل قاسم سليماني، مما يعزز من احتمالية تسلمه القيادة.
2- نعيم قاسم:المرشح الثاني المحتمل هو نعيم قاسم، الذي يشغل منصب نائب الأمين العام لحزب الله منذ عام [20]١٩٩٢، ويُعتبر من الشخصيات البارزة في هيكلية الحزب. يتمتع قاسم بخبرة طويلة في العمل التنظيمي والسياسي، ما يجعله مرشحًا قويًا لخلافة نصر الله.
خامسًا: سيناريوهات الفترة القادمة
وبالنظر لهذا السياق، يمكن طرح عدد من السيناريوهات المحتملة على الجبهة اللبنانية، والتي منها ما يلي:
السيناريو الأول: حرب إقليمية شاملة:
في هذا السيناريو ستواصل إسرائيل هجماتها العنيفة على حزب الله، مستهدفة باقي قياداته العليا والبنية التحتية في الضاحية الجنوبية لبيروت، هذه العمليات قد تؤدي إلى ردود فعل قوية من حزب الله، عن طريق استهداف العمق الإسرائيلي، بما في ذلك مدن حيوية مثل تل أبيب وحيفا، الأمر الذي قد يجعل الصراع يتحول إلى حرب شاملة بين الطرفين، هذا التصعيد قد يمتد إلى ساحات إقليمية أخرى، ويشمل انخراط قوى إقليمية مثل إيران، مما يزيد من تعقيد الوضع في المنطقة. ولكن يصعب تحقيق هذا السيناريو في القريب العاجل لأنه مرهون بنتيجة الانتخابات الأمريكية التي من المتوقع بأن تشكل منعطفاً هاما في مسار عدد من القضايا في الشرق الأوسط على رأسها الاتفاق النووي الإيراني، حيث تتجنب إيران اي محاولة استفزازية من جانب اسرائيل للإنجرار الى حرب شاملة معها حتى تحسم أمر برنامجها النووي .
السيناريو الثاني: لا حرب شاملة ولا سلام كامل:
في هذا السيناريو وهو الأكثر ترجيحاً في الفترة القادمة، قد يحاول حزب الله الحفاظ على وجود درجة متوازنة من الرد الرادع ضد إسرائيل دون الانجرار إلى مواجهة شاملة؛ فعلى الرغم من الضربات الإسرائيلية القاسية، يركز حزب الله على الردود المحسوبة التي تضمن استمرار الردع دون التصعيد إلى مستوى يجر المنطقة إلى حرب واسعة، خاصة أنه سيكون من أكثر الأطراف الخاسرة إذا انجر الى حرب مباشرة ضد إسرائيل.
السيناريو الثالث: معركة استنزاف طويلة الأمد:
في هذا السيناريو، قد يلجأ حزب الله إلى استراتيجية استنزاف طويلة، حيث يستمر في ضرب الجبهة الداخلية الإسرائيلية بشكل تدريجي ومنظم، هذه العمليات قد تشمل هجمات صاروخية مستمرة تستهدف مناطق حساسة في إسرائيل، مما يضع ضغطًا متزايدًا على القيادة الإسرائيلية، في المقابل، تواصل إسرائيل هجماتها المكثفة بهدف تدمير القدرات العسكرية لحزب الله، ولكنها قد تجد نفسها في مواجهة تراجع دعم شعبي داخلي مع استمرار الاستنزاف، هذا السيناريو قد يؤدي إلى وضع مستدام من الاشتباكات المتقطعة التي تزيد من تآكل الجانبين دون تحقيق نصر حاسم.
ختامًا:
يمكن القول بأنه، في ظل التحولات الكبرى التي سوف تطرأ على حزب الله عقب رحيل حسن نصر الله، فإنه من المتوقع أن يمر الحزب بمرحلة انتقالية دقيقة ومعقدة على مستوى القيادة والاستراتيجية، وبالتالي سواء كان هاشم صفي الدين أو نعيم قاسم، فإن غياب نصر الله قد يفتح الباب أمام تحديات جديدة تتعلق بقدرة حزب الله على الحفاظ على تماسكه الداخلي، خاصة في ظل الضغوط الإقليمية والدولية المتزايدة، كما أن التوجيه الاستراتيجي للحزب، الذي طالما كان يتمحور حول الردع العسكري ومقاومة النفوذ الإسرائيلي، قد يحتاج إلى إعادة ضبط أو تطوير في ضوء المتغيرات الجديدة، القيادة الجديدة ستواجه تحديات هائلة للحفاظ على مكانة الحزب في المشهد الإقليمي، خاصة في ظل التهديدات المستمرة من إسرائيل، التي تسعى إلى استغلال هذه المرحلة الانتقالية لتحقيق مكاسب استراتيجية، هذه المرحلة قد تشهد إعادة تقييم شاملة لاستراتيجيات الحزب، مع احتمالية تعزيز التحالفات الإقليمية والاستمرار في التركيز على الردع العسكري، ولكن مع مرونة أكبر في التعامل مع الضغوط السياسية المتزايدة.
المصادر:
[1] إعلان الجيش الإسرائيلي عن مقتل حسن نصر الله، سكاي نيوز العربية، تاريخ النشر: ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤، متاح على الرابط: https://linksshortcut.com/CxdFj
[3] الرجل الثالث في “حزب الله”.. من هو علي كركي الذي استهدفته إسرائيل؟، RT العربية، تاريخ النشر: ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤، متاح على الرابط: https://linksshortcut.com/DfhBp
[4] تفجيرات البيجر…هل تمهد إسرائيل لعملية واسعة النطاق، سكاي نيوز العربية، تاريخ النشر: ١٧ سبتمبر ٢٠٢٤، متاح على الرابط: https://linksshortcut.com/BDzmQ
[5] بـ150 صاروخا.. حزب الله يشن هجوما واسعا على إسرائيل، سكاي نيوز العربية، تاريخ النشر: ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٤، متاح على الرابط: https://linksshortcut.com/jFuIk
[15] أردوغان يندد بالهجمات الإسرائيلية على لبنان ويطالب الأمم المتحدة بالتدخل لوقفها، صوت بيروت إنترناشيونال، تاريخ النشر: ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤، متاح على الرابط: https://linksshortcut.com/QTMhA
[16] حزب الله يعلن “رسمياً” مقتل نصر الله وإسرائيل تواصل غاراتها على لبنان، Syria ، تاريخ النشر: ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤، متاح على الرابط: https://linksshortcut.com/ICgJu
