في ظلِ التوتراتِ الدوليةِ المتصاعدةِ ومساعي أوكرانيا لتعزيز علاقاتها مع القوى الإقليمية والدولية، تأتي زيارةُ الرئيسِ الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى المملكة العربية السعودية لتسلطَ الضوءَ على أبعادٍ جديدةٍ في العلاقات بين البلدين، فبينما تسعى كييف إلى الحصول على دعم اقتصادي وسياسي، تلعبُ السعوديةُ دوراً دبلوماسياً متنامياً في القضايا الدولية، حيث استضافت مدينة جدة، الثلاثاء 11 مارس، جلسة مباحثات بين الوفدين الأمريكي والأوكراني بهدف بحث سبل التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب الأوكرانية، مما يطرحُ تساؤلاتٍ جوهريةً حول كيفيةِ تأثيرِ هذه المحادثاتِ على مسار الحرب في أوكرانيا؟ وهل ستتمكن المباحثات من تحقيق تقدم ملموس في الضغط على روسيا؟، وما هي آفاقُ تعزيزِ التعاونِ بين الولايات المتحدة وأوكرانيا في ظل هذه الظروف؟
أولًا: زيارةُ الرئيسِ زيلينسكي إلى السعودية
استقبلَ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الاثنين 10 مارس، في الديوان الملكي بقصر السلام في جدة، الرئيسَ الأوكرانيَ فولوديمير زيلينسكي، وقد أُجريتْ مراسمُ الاستقبال للرئيس الأوكراني، وتلاها عقْدُ جلسةِ مباحثاتٍ رسميةٍ بين الطرفين، وتناولت الجلسة سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين عبر تقوية وتعزيز العلاقات الاستثمارية وإنشاء شراكات استراتيجية واقتصادية شاملة، خاصةً في قطاعاتِ الطاقة والبنية التحتية والصناعات الغذائية والزراعية، كما رحب الجانبان بإعادة إنشاء مجلس الأعمال السعودي الأوكراني المشترك خلال العام الحالي.
واستعرض اللقاء أيضاً آخرَ المُستجداتِ والتطوراتِ المتعلقةِ بالأزمةِ الأوكرانية، وأكد ولي العهد السعودي على دعم المملكة الكامل لكافة الجهود والمساعي الدولية الرامية لحل الأزمة وتحقيق السلام. ومن جانبه، أعرب الرئيس الأوكراني عن شكرهِ وامتنانهِ للمملكة على جهودها المستمرة، مشيداً بالدور المحوري الذي تلعبه السعودية في منطقة الشرق الأوسط وعلى الساحة الدولية.[1]
وعلى الجانب الآخر وصلَ الوفد الأمريكي أيضاً إلى المملكة برئاسة وزير الخارجية ماركو روبيو، وذلك لإجراءِ محادثاتٍ مقررةٍ مع الوفد الأوكراني في إطارِ البحث حول مرحلةٍ جديدةٍ تعززُ فرصَ تحقيق السلام بين موسكو وكييف.
ظروفٌ استثنائيةٌ وتوقيتٌ حساس:
وتأتي هذه الزيارة في توقيتٍ حساسٍ للغاية بالنسبة لأوكرانيا التي تعاني من تراجعِ الدعمِ الدولي في ظلِ تصاعدِ الهجماتِ الروسيةِ وتزايدِ الضغوط السياسية والدبلوماسية، حيث تواجه كييف صعوباتٍ على جبهة القتال خاصة مع إعلان موسكو الأسبوع الماضي عن إحرازِ تقدمٍ في منطقة كورسك الروسية التي تسيطرُ أوكرانيا على جزءٍ منها، فضلاً عن السيطرةِ على قرية في منطقة سومي بشمال أوكرانيا. ففي ظلِّ هذا التصعيدِ تستغلُ موسكو تراجعَ الدعمِ الأمريكي لكييف خاصةً بعد تطبيع العلاقات الأمريكية الروسية، ووقْفِ ترامب للمساعدات العسكرية والمعلومات الاستخباراتية لتي تحتاجها كييف، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الأمنية والعسكرية في أوكرانيا. كما تتزامن الزيارة أيضاً مع توتر العلاقات بين واشنطن وكييف بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض، وقد بلغَ التوترِ ذِروتَه مع المشادةِ الكلاميةِ بين ترامب وزيلنسكي في البيت الأبيض والتي كان من المقرر أن يوقّعَ خلالها اتفاقاً حول المعادن.
وتكتسب زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للمملكة أبعاداً جيوسياسيةً أعمق، إذ تأتي في سياق تحولٍ استراتيجيٍ جوهريٍ في الموقف الأمريكي تجاه الحرب في أوكرانيا، فقرار الرئيس دونالد ترامب بتعليقِ المساعداتِ العسكرية والاستخباراتية لأوكرانيا لم يكنْ مجردَ إجراءٍ إداريٍ روتينيٍ، بل يمثّلُ نقطةَ تحولٍ فارقة في مسار الحرب، وهذا القرار الأمريكي الذي وضع أوكرانيا في موقف عسكري حرج، يعكس تغيراً جذرياً في توجهات واشنطن، من دعم كييف في معركتها العسكرية ضد موسكو، إلى دفعها نحو مسار تفاوضي قد يتطلب منها تقديم تنازلات جوهرية.
وبالتالي يبدو أن زيارةَ زيلينسكي للسعودية كانت أشبه بإشارة أمريكية واضحة له بأن عليه القبول بفكرةِ التفاوضِ مع روسيا، فالرسالةُ الضمنيةُ من واشنطن تبدو واضحةً: إما الانخراطُ في مسارٍ تفاوضيٍ يُفضي إلى تسويةٍ سياسيةٍ، أو مواجهةِ مصير عسكري قاتم في ظل تراجع الدعم الغربي. وربما يكون ترامب قد اختار السعودية تحديداً لهذا الدور لسببين رئيسيين: الأول هو رغبته في تجنّبِ الظهورِ بمظهر من يضغط مباشرة على حليف في أزمة وجودية، والثاني هو إدراكُ قدرةِ الرياض على تقديم حوافز اقتصادية لكييف قد تخفف من وطأة التنازلات السياسية المحتملة.
ثانيًا: المباحثاتُ الأمريكيةُ الأوكرانيةُ في جدة
في إطار مساعي المملكة العربية السعودية لحل الأزمة في أوكرانيا، استناداً إلى علاقاتها المتوازنة مع جميع الأطراف، وضمن جهودها المستمرة لتعزيز الأمن والسلام على مستوى العالم، انطلقت أولى جلساتِ المباحثاتِ بين الوفدين الأمريكي والأوكراني في مدينة جدة، الثلاثاء 11 مارس، بهدف بحثِ سبلِ التوصّلِ إلى اتفاقٍ لإنهاء الحرب الأوكرانية، وذلك بحضور الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمد العيبان، ومثل الجانب الأمريكي في المحادثات وزير الخارجية ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي مايكل والتز، أما الجانب الأوكراني فترأّسهُ مديرُ مكتب الرئيس الأوكراني أندريه يرماك، ووزير الخارجية أندريه سيبيا، ووزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف.[2]
وتوالتْ ردودُ الفعلِ الدولية حول تلك المباحثات بعد نجاحها، حيث هنأ رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، كلاً من ترامب وزيلينسكي على الإنجاز الملحوظ في تلك المباحثات، مشيراً إلى عقْدِ اجتماعٍ مقبلٍ مع القادةِ الأوروبيين لمناقشة الخطوات التالية بشأن أوكرانيا. ومن جانبه، رحّبَ الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بمقترح الهدنة، مؤكداً على التزام بلاده بإحلال سلام دائم وراسخ في أوكرانيا، كما رحبتْ رئيسةُ المفوضيةِ الأوروبيةِ أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، بالاتفاق بين الولايات المتحدة وأوكرانيا.[3]
وشكّلتْ مباحثاتُ جدة بين واشنطن وكييف نقطةَ تحولٍ فارقةٍ في مسارِ الحرب الروسية – الأوكرانية، حيث أسفرت عن نتائج استراتيجية متعددة الأبعاد تتجاوز المظاهر الدبلوماسية المعتادة للزيارات الرسمية، فقد تبلورتْ خلالَ هذه المحادثاتِ ملامحُ مقاربةٍ جديدةٍ للأزمة، تجمع بين الهدنة المؤقتة، وإعادة ضبط الدعم العسكري الأمريكي، وإبرام اتفاقيات اقتصادية ذات أبعاد جيوسياسية عميقة. وتعكسُ هذه النتائج تحولاً جوهرياً في استراتيجيةِ التعاملِ مع الحربِ من منطقِ المواجهةِ العسكريةِ المفتوحة، إلى مقاربة متعددة المسارات تمزج بين التهدئة الميدانية والضغط الدبلوماسي والشراكات الاقتصادية.
الهدنةُ والوقفُ المؤقتُ لإطلاق النار:
بعد المباحثاتِ التي جرتْ في مدينة جدة بين الجانبين الأمريكي والأوكراني، أعلنتْ وزارةُ الخارجية الأميركية أن أوكرانيا وافقتْ على المقترح الأمريكي الذي يقضي بوقفِ إطلاقِ النار الفوري لمدة 30 يوماً على جبهات القتال مع روسيا بحيث يمكن تمديدهُ باتفاقٍ متبادلٍ بين الأطراف، ويخضعُ ذلك لموافقة وتنفيذ متزامن من قبل روسيا، كما كشفت المباحثاتُ أيضاً عن استعداد كييف لإجراءِ مفاوضاتٍ مباشرةٍ مع روسيا إذا تمَّ قبولُ الهدنة. وخلال جلسة المباحثات تمَّ مناقشةُ أهميةِ جهود الإغاثة الإنسانية كجزءٍ من عمليةِ السلام، لا سيَّما في فترة وقف إطلاق النار المذكور، وشملت النقاشات أيضاً مواضيع مثل تبادل الأسرى، والإفراج عن المحتجزين المدنيين، بالإضافة إلى إعادة الأطفال الأوكرانيين الذين تم نقلهم قسراً.
وفي هذا السياقِ أكدَ الجانبُ الأمريكي على ضرورةِ قبولِ موسكو للهدنةِ كشرطٍ لبدءِ مفاوضاتٍ جادةٍ نحو السلام، وهو ما شدد عليه وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو قائلاً: “أنه سينقلُ العرضَ إلى الجانبِ الروسيِ، وأن الكرةَ الآن في ملعب موسكو”.[4]
ويعكسُ توقيتُ طرحِ المبادرة حساباتٍ أمريكيةً دقيقةً، إذ تأتي بعد تراجع الدعم الشعبي الأمريكي للحرب، وارتفاع الأصوات المطالبة بوقف “نزيف الدولارات” في أوكرانيا، كما تعكسُ المبادرةُ إدراكاً أمريكياً بأن استمرارَ الحرب بوتيرتها الحالية لم يعدْ يخدمُ المصالحَ الأمريكيةَ، في ظل تصاعد التوترات مع الصين، والتحديات الداخلية التي تواجه الإدارة الأمريكية. وبالتالي، فإن المقترحَ الأمريكيَ يمثلُ محاولةُ لاختبارِ إمكانيةِ خفضِ حدةِ التوترِ في أوروبا الشرقية، مع الاحتفاظ بهامش للمناورة في حال فشل المسعى.
ومن زاوية أوكرانية، تشكلُ الهدنةُ المقترحةُ فرصةً ثمينةً لإعادة ترتيب الصفوف العسكرية، في وقت تواجه فيه القوات الأوكرانية ضغوطاً متزايدة على جبهات متعددة، فالواقعُ الميدانيُ يشيرُ إلى استنزافٍ حادٍ في القدراتِ العسكريةِ الأوكرانية، مع نقص في الذخيرة والمعدات، وتراجع في معنويات الجنود نتيجة لطول أمد الحرب. وبالتالي، يمكن للهدنة أن توفر فرصة لإعادة تسليح وتدريب القوات الأوكرانية، وإعادة نشرها بطريقة أكثر فاعلية، استعداداً لأي تصعيد محتمل بعد انتهاء فترة الهدنة.
أما من الجانب الروسي، فيبدو أن موسكو ستتعامل مع مقترحِ الهدنةِ بحذرٍ شديدٍ، فعلى الرغم من تصريحات الكرملين المتكررة حول استعداده للحوار، فإن الموقفَ الروسيَ على أرضِ الواقعِ يشيرُ إلى الرغبة في استثمار التفوق العسكري الراهن لتحقيق مكاسب إضافية قبل الدخول في أي مسار تفاوضي. ومن هنا يمكنُ تصورُ ثلاثةِ سيناريوهاتٍ محتملةٍ للرد الروسي: السيناريو الأول هو رفضُ المبادرةِ كلياً، والاستمرار في العمليات العسكرية، وهو ما قد يضع موسكو في موقفٍ دبلوماسيٍ محرجٍ. والسيناريو الثاني هو القبول المشروط بالهدنة، مع طرحِ شروطٍ تعجيزيةٍ، مثل الاعتراف بسيادة روسيا على المناطق المحتلة، وهو ما يمكن أن يمثل مخرجاً دبلوماسياً لموسكو مع علمها بأن كييف سترفض هذه الشروط. أما السيناريو الثالث، فهو قبولُ الهدنةِ دون شروط مسبقة، كخطوة تكتيكية لامتصاص الضغوط الدولية، وإعادة ترتيب الأوراق العسكرية والسياسية.
المساعداتُ العسكريةُ والاستخباراتيةُ الأمريكية:
شكّلَ إعلانُ الرئيس ترامب عن رفع الحظر عن المساعدات العسكرية وتبادل المعلومات الاستخباراتية لأوكرانيا مفاجأة للمراقبين، نظراً لمواقفه السابقة التي كانت تميل إلى تقليص الدعم الأمريكي لكييف، حيث يأتي هذا القرارُ في سياقٍ معقّدِ من الضغوطِ الداخليةِ والخارجيةِ على الإدارة الأمريكية. فداخلياً، واجه ترامب انتقاداتٍ حادةً من قطاعاتٍ واسعةٍ داخل المؤسسة العسكرية والأمنية الأمريكية، التي رأت في تعليق المساعدات إضعافاً للموقف الاستراتيجي الأمريكي في مواجهة روسيا، كما أن حلفاء واشنطن في أوروبا عبروا عن قلقهم من تداعيات هذا القرار على مستقبل الأمن الأوروبي، وعلى مصداقية الالتزامات الأمريكية تجاه حلف الناتو.
ومن زاويةٍ أخرى، يمكنُ قراءةِ قرارِ ترامب برفع الحظر على أنه استجابةٌ للتطوراتِ المقلقةِ على الجبهات، حيث أشارتْ التقاريرُ الاستخباراتية الأمريكية إلى تقدم روسي متسارع في بعض المناطق، مما قد يهدد بانهيار الخطوط الدفاعية الأوكرانية. وفي هذا السياق، يبدو أن الإدارةَ الأمريكيةَ تسعى إلى منْعِ حدوثِ انهيارٍ عسكريٍ أوكراني شامل، قد يُضعفُ موقفَ كييف في أي مفاوضاتٍ مستقبليةٍ، ويمنح روسيا مكاسب استراتيجية غير محسوبة.
وبالتالي يبدو أن هناك علاقةً وثيقةً بين قرار رفع الحظر عن المساعدات وموافقة كييف على مقترح الهدنة، فالتزامنُ بين القرارين ليس محضَ صدفةٍ، بل يعكسُ صفقةً ضمنيةً بين واشنطن وكييف تتضمنُ دعماً عسكرياً أمريكياً محدود مقابل مرونة أوكرانية في المسار الدبلوماسي، حيث تُستخدمُ المساعداتُ العسكريةُ كأداة للضغط والتحفيز في آن واحد، لدفع أوكرانيا نحو المسار الذي تراه واشنطن الأكثر اتساقاً مع مصالحها الاستراتيجية.
اتفاقيةُ المعادنِ بين واشنطن وكييف:
اتفق الجانبان على إبرام صفقةِ المعادنِ في أقربِ وقتٍ ممكنٍ لتطويرِ الموارد المعدنية الحيوية لأوكرانيا، وتوسيع الاقتصاد الأوكراني وضمان أمن البلاد على المدى الطويل، فضلاً عن تحسين العلاقات بين واشنطن وكييف خاصةً بعد أزمة اجتماع ترامب وزيلينسكي الأخيرة.[5]
وتكمنُ أهمية هذه الاتفاقية في أنها تفتحُ البابَ أمامَ استثماراتٍ أمريكيةِ ضخمةٍ في قطاع التعدين الأوكراني، وتضمن للولايات المتحدة إمدادات مستقرة من هذه المعادن، في وقت تسعى فيه لتقليل اعتمادها على الصين في هذا المجال الحيوي. وبالتالي فإنها تعكسُ رؤيةً استراتيجيةّ أمريكيةً مستقبليةً، تتجاوزُ الاعتباراتِ العسكريةَ قصيرة المدى، فواشنطن تدركُ أن المنافسةَ الجيوسياسيةَ مع الصين في العقود المقبلة ستتركز بشكل كبير على السيطرة على موارد الطاقة الجديدة والمعادن الاستراتيجية. وتمثل أوكرانيا، بموقعها الجغرافي وثرواتها المعدنية الهائلة رهاناً استراتيجياً في هذه المنافسة. ولذلك، فإن ضمانَ نفوذٍ أمريكيٍ في قطاع المعادن الأوكراني يمثلُ هدفاً استراتيجياً يتجاوز الاعتبارات العسكرية.
ومن الناحية الأوروبية، تثيرُ هذه الاتفاقيةُ مخاوفَ من احتمال تهميش الدور الأوروبي في إعادة إعمار أوكرانيا بعد الحرب، فالاتحاد الأوروبي، الذي كان يرى في أوكرانيا سوقاً طبيعية له، وجزءاً من استراتيجيتها لتنويع مصادر الطاقة والموارد، يجدُ نفسه في منافسةٍ متزايدةٍ مع واشنطن على النفوذ الاقتصادي في كييف، فقد عبّرتْ بعضُ الدول الأوروبية عن قلقها من أن هذه الاتفاقية قد تمثّلُ بدايةً لسلسلةٍ من الاتفاقياتٍ الأمريكية-الأوكرانية التي تستبق نهاية الحرب، وتضع أوكرانيا في فلكِ النفوذِ الاقتصادي الأمريكي، على حسابِ التطلعاتِ الأوروبيةِ.
ختامًا يمكن القول:
إن زيارةَ الرئيسِ زيلينسكي إلى المملكة العربية السعودية، وما تبعها من مباحثاتٍ بين الوفدين الأمريكي والأوكراني، أسفرت عن نتائجَ محوريةٍ قد تُعيدُ تشكيلَ المشهد السياسي والعسكري، بدءاً من الموافقة على هدنة مؤقتة بوساطة أمريكية وسعودية، مروراً برفعِ الحظرِ الأمريكيِ عن المساعدات العسكرية، وصولاً إلى الاتفاقِ على توقيعِ صفقةِ المعادن التي تضع أوكرانيا في قلب الحسابات الاقتصادية الأمريكية، فهذه التطورات تعكس إعادة تموضع أوكرانيا دبلوماسياً، في وقت تزداد فيه الضغوط الغربية لإيجاد حلول سياسية للحرب.
ولكن رغم المكاسب التي تمّ تحقيُقها، يبقى المشهدُ مفتوحًا أمام قراراتِ روسيا المقبلة فإما تلتزم بالهدنة أو تعتبرها مجردَ استراحةٍ تكتيكيةٍ تسبق موجة جديدة من التصعيد. كما أن رفع الحظر الأمريكي عن المساعدات العسكرية يمثل تحركًا قد يكون استراتيجياً مستداماً أو مجرد تكتيك مؤقت يرتبطُ بحساباتٍ داخليةٍ في واشنطن.
المصادر:
[1] البهي عمرو، انطلاق المباحثات الأمريكية الأوكرانية في السعودية، صدى البلد، 11 مارس 2025، متاح على الرابط: https://2u.pw/vVPKlCAi
[2] Cnn بالعربية، بيان سعودي عن انطلاق المحادثات الأمريكية-الأوكرانية في جدة: الحوار هو الوسيلة الأنجح لحل النزاعات، 11 مارس 2025، متاح على الرابط: https://2u.pw/Hql2AXXG
[3] صحيفة الشرق الأوسط، ترحيب أوروبي باقتراح وقف إطلاق النار في أوكرانيا… وترقب للموقف الروسي، 11 مارس 2025، متاح على الرابط: https://2u.pw/KOmY4P0j
[4] الشرق نيوز، “محادثات جدة”.. أوكرانيا تقبل الهدنة وأميركا تأمل موافقة روسيا، 11 مارس 2025، متاح على الرابط: https://2u.pw/Cvs1DAeo
[5] Cnn بالعربية، بعد محادثات جدة.. أوكرانيا تعلن استعدادها لوقف إطلاق النار مع روسيا، 11 مارس 2025، متاح على الرابط: https://2u.pw/Di81KgPt
